الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب الآنية
جمع إناء وجمعها الأواني فاستعمال الآنية في المفرد والأزاني في أقل من تسعة مجاز.
1/ 8 - (عَنْ أبِي عبد الله حذيفة اليماني) الكوفي رضي الله عنهما واليماني بالياء على الفصيح وبحذفها على لغة قليلة وهو الأشهر عند المحدثين وغيرهم وهو لقب أبو حذيفة، واسمه حُسيل بضم الحاء وفتح السين المهملتين ثم مثناة تحت، تصغير حسل بكسر الحاء وإسكان السين ويقال فيه حسيل بلا تصغير.
(قَال: قَال النَّبي صلى الله عليه وسلم لَا تَشْرَبُوا في آنِيَةِ الذهَبِ وَالْفِضةِ وَلَا تَأْكُلُوا فِي صِحَافِهِمَا) أي صحاف آنية الذهب والفضة وهي بكسر الصاد جمع صحفة بفتحها وهي دون القصعة (فَإِنَّهَا) أي آنية الذهب والفضة وصِحَافها (لَهُمْ) أي للكفار (فِي الدُّنْيَا) لا بمعنى حلها لهم لأنهم مكلفون
بفروع الشريعة على الصحيح. بل بمعنى أنهم المستعملون لها في الدنيا عادة وهي نعيمهم الذي قدره الله لهم فيها.
وما لهم في الآخرة من نصيب (وَلَكم) أيها المؤمنون) (فِي الآخِرَةِ) يعني الجنة. (رواه مسلم وغيره).
وفيه تحريم استعمال آنية الذهب والفضة وصحافهما على الرجال وغيرهم
من النساء والخناثى بإدراج النساء في ضمير الذكور تغليبًا على قول المحققين، وحقيقة على قول غيرهم، إذ علة الحرمة استعمال غير الذهب والفضة مع الخيلاء وهي مشتركة بين الرجال وغيرهم.
ويحرم اتخاذها أيضًا لأن ما حرم استعماله حرم اتخاذه كالطنبور. وفيه المجازاة على الصبر عن الزائل الفاني بالدائم الباقي، وخص فيه الشرب والأكل بالذكر لغلبتهما في الاستعمال لا للتقييد وخص الإِناء بالشرب والصحفة بالأكل لأنهما تعدان لهما غالبًا.
2/ 9 - (وعَنْ) أبي العباس عبد الله (بن عَباس) هو ابن عبد المطلب الهاشمي رضي الله عنهما قَال: قَال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذَا دبغ الإِهَاب) بما ينزع فضوله ولو نجسًا كزرق حمام (فقدْ طَهَرَ) بفتح الهاء أفصج وأشهر من ضمها، والإِهاب بكسر الهمزة الجلد قبل أن يدبغ. وقال الأزهري الجلد والمراد هنا الأول وجمعه أهب بضم الهمزة والهاء وبفتحها.) والحديث رواه مسلم وغيره).
ومحله في جلد تنجس بالموت ولو جلد غير مأكول، فلا يطهر بذلك جلد الكلب ونحوه لأن الدبغ كالحياة يحفظ صحة الجلد ويصلحه للانتفاع كالحياة والحياة في غير الكلب ونحوه تدفع نجاسة الجلد فكذلك المدبغ بخلاف حياة الكلب ونحوه.
وخرج بالإِهاب الشعر ونحوه لعدم تأثرهما بالدبغ وعلم من الحديث أن الدبغ كافٍ في تطهير الجلد لأنه إحالة لا إزالة. وأما خبر "يطهرها الماء والقرظ" فمحمول على الندب أو على الطهارة المطلقة والخلاف في ذلك وفي غيره بين الأئمة مذكور في كتب الفقه.
3/ 10 (وعن) أبي نجيد بنون مضمومة) عِمْرَانَ بْنِ حصَينٍ رضي الله عنهما أنَّ النَّبي صلى الله عليه وسلم وَأصْحَابَه تَوَضئوا مِنْ مَزَادَةٍ مشْرِكةٍ) وهي التي تسميها الناس الرواية مجازًا عن الرواية المسمى بها البعير الذي يستقى عليه (روى ذلك الشيخان في حديثٍ طَويلٍ) وفيه جواز استعمال أواني الكفار لما تضمنه من جواز الوضوء منها، ولأن الأصل فيها الطهارة لكنه يكره إن لم يتيقن طهارتها فإن قلت: خبر الصحيحين عن أبي ثعلبة قلت يا رسول الله "إنا بأرض قوم أهل كتاب أفنأكل في آنيتهم؟ فقال: إن وجدتم غيرها فلا تأكلوا فيها وإن لم تجدوا فاغسلوها وكلوا فيها" تقتضي كراهتها إذا وجد غيرها وإن تيقن طهارتها.
قلنا المراد النهي عن الأكل في آنيتهم التي كانوا يطبخون فيها لحم الخنزير، ويشربون فيها الخمر كما دل على ذلك رواية لأبي داود وإنما نهى عن الأكل فيها للاستقذار كما يكره في المحجمة المغسولة.
4/ 11 - (وَعَنْ أنَسِ بنِ مَالِكٍ رضي الله عنه أن قَدَح النبي صلى الله عليه وسلم انْكَسَرَ (أي انشق (فَاتَّخَذَ مَكانَ الشعْبِ) بفتح الشين وإسكان العين أي الشق (سِلْسِلَةً مِنْ فضةٍ: رواه البخاري وغيره) والمراد أنه يسد الشق بخيط فضة فصارت صورته صورة سلسلة. وفي رواية للبخاري "فسلسلة بفضة". وقوله: "فاتخذ" يوهم أن النبي صلى الله عليه وسلم هو المتخذ وليس كذلك بل أنس هو المتخذ. ففي رواية قال أنس "فجعلت مكان الشعب سلسلة" وفي رواية عن عاصم الأحول قال: رأيت قدح النبي صلى الله عليه وسلم عند أنس بن مالك قد انصدع فسلسله بفضة.
نبه على ذلك النووي تبعًا لابن الصلاح وغيره.
وفي الحديث جواز استعمال المضبب للحاجة بفضة ضبة صغيرة بلا كراهة وإن كانت كبيرة لحاجة أو صغيرة لزينة فمكروه، أو كبيرة لزينة فحرام لكبر في الأول وللزينة في الثاني ولهما في الثالث، ومرجع الكبيرة والصغيرة العرف، وخرج بالفضة ما ضبب بالذهب فحرام مطلقًا، لأن الخيلاء فيه أشد منه في الفضة خلافًا للرافعي في تسويته بينهما فيما ذكر. وقد بسطت الكلام على ذلك شروح الروض وغيره.