الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب فضلهما وبيان من فرضا عليه
1/ 287 - (عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم العمرةُ إلى) أي مع (العمرة كَفَّارَةٌ لما بَينَهُمَا، والحج المبرور) وهو الذي لا يخالطه إثم مأخوذ من البر وهو الطاعة، وقيل هو القبول، ومن علامته أن يرجع خيرًا مما كان، وقيل هو الذي لا رياء فيه (لَيسَ لَهُ جَزاءٌ إلا الجنَّة).
قال النووي: معناه أنه لا يقتصر لصاحبه من الجزاء على تكفير بعض ذنوبه بل لا بد أن يدخل الجنة، (والحديث رواه الشيخان).
وفيه تكفير الذنوب الواقعة بين العمرتين والمراد الصغائر.
2/ 288 - (وعن عائشة رضي الله عنها قالت: قلت يا رسول الله عَلَى النِّسَاءِ جهَادٌ؟ قال نعم عليهنَّ جِهَادٌ لا قِتال فيهِ الحجُّ والعمرةُ رواه ابن ماجة وغيره بإسناد صحيح، وأصله في البخاري).
وفيه وجوب الحج والعمرة على النساء كالرجال، ويشملهما قوله تعالى:{وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيهِ سَبِيلًا} مع قوله {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} أي ائتوا بهما تامّين.
3/ 289 - (وعن ابن عباس رضي الله عنهما رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم لقي ركبًا) هم أصحاب الإبل خاصة (بالرَّوْحاء) هي مكان على ستة وثلاثين ميلًا من المدينة (فقال: مَنِ القْومُ؟ قالوا: نحن المسلمون فقالوا: من أَنْتَ؟ قال رسول الله فَرَفَعَتْ إليه امْرأةٌ صَبِيًّا فَقَالتْ أَلِهَذَا حَجٌ) إنْ حَجَجْتُ به (قال نَعَمْ وَلَكِ أَجْرٌ، رواه مسلم).
وفيه أن حج الصبي منعقد صحيح يثاب عليه، وإن كان لا يجزيه عن حجة الإِسلام بل يقع تطوعًا.
4/ 290 - (وعنه أي عن ابن عباس أن امرأة من خَثْعَم قالت يا رسول الله إن فريضةَ اللهِ عَلَى عبادهِ فيِ الحجِ أدْرَكَتْ أبِي شَيخًا كَبِيرًا لَا يَثْبتُ عَلَى الراحلةِ أفَأَحجَّ عَنْه قال: نَعَمْ) وذلك في حجة الوداع (رواه الشيخان) واللفظ للبخاري.
وفيه جواز النيابة في الحج عمن عجز عنه، وجواز حج المرأة عن الرجل وجواز حجها بلا محرم إذا أمنت على نفسها، ووجوب الحج على من هو عاجز بنفسه مستطيع بغيره كولده، وبر الوالدين بالقيام بمصالحهما من قضاء حج وغيره.
5/ 291 - (وعنه أي عن ابن عباس أن امرأة من جهينة جَاءَتْ إلى النبي صلى الله عليه وسلم فَقَالتَ إِنَّ أُمِّي نَذَرَتْ أنْ تُحُجَّ فَلَمْ تَحُجَّ حَتَّى مَاتَتْ أَفَأَحُجَّ عَنْهَا؟ قَال نَعَمْ حجِّي عَنْهَا أَرَأَيتِ لَوْ كَانَ على أُمِّكِ دَينٌ أَكُنْتِ قَاضِيَته؟ قَالتْ نَعَمْ. قال: فَدَينُ اللهِ أَحَقُّ بالقَضَاءِ، رواه البخاري).
وفيه جواز القياس وأن الحج الواجب يقضى كالدين وإن لم يرض به.
6/ 292 - (وعنه) أي عن ابن عباس (قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يَخْلُوَنَّ رجلٌ بامْرأةٍ إلا وَمَعَها ذو محرمٍ) أي صاحب حرمة من نسب أو رضاع أو مصاهرة كأبي زوجها وابن زوجها (وَلا تسافر المرأة إلَّا مَعَ ذِي محرمٍ) وفي رواية مع محرم، (فَقَامَ رجلٌ فَقَال يا رسول الله إِنَّ امْرَأتِي خَرَجْت حاجَّة، وإنِّي اكتتبت في عزوة كذا وكذا، قال انطلق فحجَّ مَعَ امْرَأَتك رواه الشيخان واللفظ لمسلم).
وفيه تحريم خلوة الرجل بالمرأة بدون محرم ومسافرتها بدونه، ومحرم في رواية ذو، وذي محرم مصدر ميمي بمعنى حرمة كما مرت الإشارة إليه، وفي الثانية اسم مكان بمعنى محل حرمة وهو المشهور، والمحرم من الرجال يعرف من ضابط المحرم من النساء وهو كل امرأة حرم نكاحها على التأبيد بسبب مباح لحرمتها، فخرج بالتأبيد نحو أخت المرأة وبالمباح أم الموطوءة بشبهة وبنتها
فليسا بمحرمين وإن حرما على التأبيد لأن وطء الشبهة لا يوصف بالإِباحة لأنه ليس بفعل مكلف والمراد شبهة الفاعل لا شبهة المحل ولا شبهة الطريق كالوطء بفساد نكاح أو شراء والكلام على ذلك مبسوط في كتب الفقه، وفي معنى المحرم الزوج، وقد صرح به في رواية في البخاري ولا فرق في السفر بين الطويل والقصير، وأما تقييده في رواية بثلاث ليال، وفي أخرى بفوق ثلاث وفي أخرى بثلاثة أي من الأيام وفي أخرى بيومين وفي أخرى بليلة، وفي أخرى بيوم، وفي أخرى بيوم وليلة، وفي أخرى ببرد -البرد مسيرة نصف يوم فيحسب اختلاف السائلين واختلاف
المواطن كأنه صلى الله عليه وسلم سئل عن المرأة تسافر ثلاثًا فقال: لا، وعن سفرها يومين بلا محرم فقال: لا وهكذا، والمراد بالرجل في الحديث الجنس فيحرم على الرجال الخلوة بامرأة بلا محرم وأما عكسه وهو خلوة النساء برجل لا محرم معه فلا تحرم على الأصح لضعف التهمة هنا وقوتها في الأول والمختار تحريم الخلوة بالأمرد الأجنبي الحسن.
ويستثنى مما ذكر مواضع الضرورة كأن يجد امرأة أجنبية منقطعة في الطريق فيباح له استصحابها بل يلزمه إذا خاف عليها لو تركها.
7/ 293 - (وعنه أي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: خَطَبَنَا رسُول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إن الله كتَبَ) أي فرض (عَلَيكُمُ الحَجَّ -فَقَامَ الأَقْرَع بن حَابِسِ فَقَال) أكتب علينا (في كُلِّ عامٍ يا رسول الله قَال لو قُلْتها) أي الكلمة المذكورة وهي أنه كتب في كل عام (لَوَ جَبَتْ) أي تلك الكلمة أي معناها (الحج) يجب (مرة) لا في كل عام (فما زَادَ فَهُو تَطَوَّع رواه أبو داود وغيره) وأصله في مسلم من رواية أبي هريرة ولفظه "أيها الناس قد فرض عليكم الحج فحجوا فقال رجل أكل عام يا رسول الله؟ فسكت حتى قالها ثلاثًا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لو قلت نعم لوجبت ولما استطعتم ثم قال ذروني ما تركتكم فإنما هلك من
كان قبلكم بكثرة سؤالهم واختلافهم على أنبيائهم فإذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم وإذا نهيتكم عن شيء فدعوه - أي اتركوه وفيه وجوب الحج وأنه واجب في العمر مرة، وكراهة كثرة السؤال.