المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب صلاة الجماعة والإمامة - فتح العلام بشرح الإعلام بأحاديث الأحكام

[زكريا الأنصاري]

فهرس الكتاب

- ‌الكتاب

- ‌حجِّيته:

- ‌السنة

- ‌ماهيتها:

- ‌حجّيتُهَا ووجوب اتباعها والتحذير من مخالفتها

- ‌(إنكار حجية السنة موجب للردة)

- ‌العلاقة بين الكتاب والسنة

- ‌ أحاديث الأحكام والكتب المصنفة فيه

- ‌‌‌الكلام عن المخطوطو‌‌منهجنا في التحقيق

- ‌الكلام عن المخطوط

- ‌منهجنا في التحقيق

- ‌البخاري

- ‌مسلم

- ‌أبو داود

- ‌الترمذي

- ‌النسائي

- ‌ترجمة شيخ الإِسلام الشيخ زكريا الأنصاري

- ‌نَسَبُهُ

- ‌مولده

- ‌نشأته

- ‌طلبه للعلم

- ‌ شيوخه

- ‌تلاميذه

- ‌ومن أعيان من أخذ عنه:

- ‌مصنفاته

- ‌وَفَاتُه

- ‌(كِتاب الطهَارَة)

- ‌(باب المياة)

- ‌باب الآنية

- ‌بابُ إزالة الْخبَثِ

- ‌بابُ الوضوء

- ‌باب المسح عَلى الْخُفينِ

- ‌بابُ أسْبَاب الحَدَثِ

- ‌باب قَضَاء الحَاجَةِ هو كناية عن إخراج البول أو الغائط من الفرج

- ‌بَاب الغسل

- ‌باب التيمم

- ‌باب الحيض وما يذكر معه من الاستحاضة

- ‌كتابُ الصلاة

- ‌باب أوقاتها

- ‌بابُ الأذَانُ

- ‌باب شروط الصلاة

- ‌باب سترة المصلي

- ‌باب الخشوع في الصلاة

- ‌باب المساجد

- ‌بابُ صفَةِ الصلاةِ

- ‌باب سجود السهو وغيره من سجود التلاوة والشكر

- ‌باب صلاة التطوع

- ‌باب صلاةِ الجمَاعَةِ والإمَامَةِ

- ‌باب كيفية صلاة المسافرين من حيث القصر والجمع

- ‌بابُ الجُمُعَةِ

- ‌باب صلاة الخوف

- ‌بابُ صَلاةِ العِيدَينِ

- ‌باب صلاة الكسوف

- ‌باب صلاة الاستسقاء

- ‌باب اللباس

- ‌كتاب الجنائز

- ‌كتاب الزكاةِ

- ‌باب صدقة الفطر

- ‌باب صدقة التطوع

- ‌باب قَسْمِ الصدَقَاتِ

- ‌كتاب الصيام

- ‌باب صوم التطوع وما نهي عن صومه

- ‌باب الاعتكاف وقيام رمضان

- ‌كتاب الحج

- ‌باب فضلهما وبيان من فرضا عليه

- ‌باب المواقيت المكانية للحج والعمرة

- ‌باب وجوب الإحرام من تمتع وقران وإفراد

- ‌باب الإحرام

- ‌باب صفة الحج ودخول مكة

- ‌بَابُ الْفَوات والإحصار للحج

- ‌كتاب البيع

- ‌بَابُ شروطه والمراد بعضها وما نهى عنه منه

- ‌بَاب الْخِيار في البيع والإقالة مِنه

- ‌بَاب الربا

- ‌بابُ العرايا وبيع الأصول والثمار

- ‌أبواب السلم والإقراض والرهن

- ‌التفليس وَالْحَجر

- ‌بَاب الصُّلح

- ‌الحوالة والضمان

- ‌الشِّرِكةِ والوَكالةِ

- ‌بابُ الإقْرارِ

- ‌بابُ العَارِيةِ

- ‌بابُ الغَصْبِ

- ‌بَابُ الشُّفْعَةِ

- ‌المُسَاقَاة والإجارة

- ‌بابُ إحياء المَوَاتِ

- ‌بَابُ الْوَقفِ

- ‌كتابُ الهِبَةِ

- ‌بَابُ اللقطة

- ‌بَابُ الفرائض

- ‌بَاب الوصايا

- ‌كتَاب النِّكاح

- ‌بابُ الكفاءة بين الزوجين والخيار لأحدهما بعيب في الآخر

- ‌بابُ عشرة النساء

- ‌بَاب الصداق

- ‌بَاب الوليمة

- ‌بَابُ الْقَسْمَ بَينَ الزوجات

- ‌بَابُ الخُلْع

- ‌كتاب الطلاق

- ‌كتاب الرجعة

- ‌الإيلاء والظهار

- ‌باب اللعان وَمَا يُذْكر مَعهُ

- ‌أبواب العدة والإحداد والاستبراء

- ‌بَاب الرضاع

- ‌باب النفقات

- ‌بَابُ الحَضَانة

- ‌كتاب الجنايات

- ‌باب الديَات

- ‌بَابُ دَعْوَى الدم

- ‌بَاب قتال البغاة

- ‌باب قتال الجاني عمدًا

- ‌كتاب الحدود

- ‌باب حد الزاني

- ‌بَابُ حَد القذف

- ‌بَاب حَد السرقة

- ‌باب حد الشارب للمسكر وبيان المسكر

- ‌التعزير والصيال

- ‌كتاب الجهاد

- ‌الجزية والهدنة

- ‌كتاب المسابقة على الخيل والسهام ونحوهما

- ‌كتاب الأطْعِمَة

- ‌باب الصيد

- ‌بابُ الأضَاحِي

- ‌بابُ العقيقة

- ‌كتابُ الأيمان والنذور

- ‌كتابُ القضاء

- ‌كتابُ الشهادات

- ‌الدعوى والبينات

- ‌كتاب الإعتاق

- ‌المدبر والمكاتب وأم الولد

- ‌ثبت المراجع

- ‌أولًا: القرآن الكريم

- ‌ثانيًا: كتب الحديث

- ‌ثالثًا: كتب التفسير

- ‌رابعًا: كتب الفقه

- ‌خامسًا: كتب أصول الفقه

- ‌سادسًا: كتب اللغة والتاريخ والتراجم

- ‌سابعًا: كتب العقيدة

- ‌فهرس الكتب الواردة في النص

الفصل: ‌باب صلاة الجماعة والإمامة

‌باب صلاةِ الجمَاعَةِ والإمَامَةِ

1/ 146 - (عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم صَلاةُ الجَمَاعَةِ) أي الصلاة فيها (أفْضَلُ مِنْ صَلَاةِ الفَذِّ) -بالمعجمة أي المنفرد (بِسَبْعٍ وَعِشْرِينَ دَرَجَةً) أي مرتبة، والمعنى أن صلاة الواحد في جماعة يزيد ثوابها على ثواب صلاته وحده سبعًا وعشرين ضعفًا.

وقيل: المعنى أن صلاة الجماعة بمثابة سبع وعشرين صلاة.

وعلى الأول: فكأن الصلاتين انتهتا إلى درجة من الثواب فوقفت صلاة الفذ عندها، وتجاوزتها صلاة الجماعة بسبع وعشرين درجة (والحديث رواه الشيخان)، وروي أيضًا حديث صلاة الرجل في الجماعة تضعف على

ص: 240

صلاته في بيته وفي سوقه خمسة وعشرين ضعفًا، وفي رواية لهما جزاءً، وفي رواية لمسلم درجة.

وجمع بين الحديثين بوجوه:

منها: أن القليل لا ينفي الكثير ومفهوم العدد غير معتبر حيث لا قرينة كما هنا.

ومنها: أنه أخبر بالقليل ثم أعلمه الله بزيادة الفضل فأخبر بهما، ومثل ذلك لا يتوقف على معرفة التاريخ، فإن الفضائل لا تنسخ.

ومنها: أن ذلك يختلف باختلاف المصلين والصلاة، فتكون الزيادة لبعضهم خمسًا وعشرين، ولبعضهم سبعًا وعشرين بحسب كمال الصلاة من المحافظة على هيئاتها وخشوعها وكثرة جماعتها وفضلهم وشرف البقعة ونحو ذلك.

ومنها: أن الأول للصلاة الجهرية، والثاني للسرية لنقصها عنها باعتبار سماع قراءة الإِمام والتأمين لتأمينه.

ومنها: أن الأول لمن أدرك الصلاة كلها في الجماعة، والثاني لمن أدرك بعضها.

ص: 241

وفي كل من الحديثين الحث على الصلاة في الجماعة المشروعة لها وهي فرض كفاية في المكتوبات على الأصح، والكلام عليها مبسوط في كتب الفقه.

2/ 147 - (وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم أثْقَلُ الصَلاةِ عَلَى المُنَافِقِينَ) -جمع منافق وهو من يظهر الإيمان ويخفي الكفر- (صَلاةُ العِشَاءِ) -لأنها وقت الإيواء والراحة- (وَصَلاةُ الفَجْرِ) أي الصبح لأنها وقت لذة النوم، أما المؤمن فلا يصرفه عن ابتغاء الأجر شيء من ذلك، وأفاد قوله أثقل أن الصلوات كلها ثقيلة على المنافقين، قال تعالى:{وَلَا يَأْتُونَ الصَّلَاةَ إلا وَهُمْ كُسَالى} [التوبة: 54]. وأن بعضها أثقل من بعض (وَلَوْ يَعْلَمُونَ) أي المنافقون (مَا فِيهمَا) أي في العشاء والفجر من الثواب المرتب عليهما (لأتَوْهُمَا): ولو كان إتيانهم إليهما (حَبْوًا) -بفتح الحاء وإسكان الباء- مصدر حبا يحبو إذا زحف على إليتيه أو على يديه ورجليه كحبو الصغير، (وَلَقَدْ هَمَمْتُ) أي عرفت (أنْ آمُرَ) أصله أَأْمر بهمزتين مفتوحة فساكنة قلبت الثانية ألفًا من جنس حركة ما قبلها، (بالصَّلاةِ) أل فيها للعهد أو للجنس

ص: 242

الصادق بكل صلاة، وعلى الأول تحتمل العشاء لرواية جاءت فيها، وتحتمل الجمعة لذلك، ويحتمل العشاء والفجر، وهو الظاهر من السياق فتقام بنصبه مع الأفعال الأربعة، بعده عطفًا على آمر (ثُم آمُرَ رَجُلًا فَيُصَلِّي بالنَّاسِ ثم أنْطَلق) معي برجال معهم حزم من حطب، (إِلَى قَوْمٍ لَا يَشْهَدُونَ الصَّلاة فأُحرّق) -بضم الهمزة وتشديد الراء ويروى بتخفيفها مع إسكان الحاء (عَلَيهِمْ بُيُوتَهُمْ) كناية عن تحريقهم بالنار. (رواه الشيخان).

وفيه أن العقوبة كانت في أول الأمر بالنار وإن أجمع العلماء بعد على المنع من ذلك.

وفيه أيضًا أن الإِمام إذا عرض له شغل يستخلف من يصلي بالناس.

وفيه تقديم الوعيد والتهديد على العقوبة، واحتج بعضهم به على أن الجماعة فرض عين في غير الجمعة.

وأجاب القائل بأنها فرض كفاية بأن المتخلفين كانوا منافقين، وسياق الحديث يقتضيه، فهمه بتحريقهم إنما كان لنفاقهم لا لتركهم الجماعة، وبأنه

ص: 243

لم يحرقهم بل هَمَّ بتحريقهم وتركه، ولو كانت فرض عين لما تركه، ذكره النووي.

3/ 148 - (وعنه) أي (عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قَال النبي صلى الله عليه وسلم إِنَّمَا جُعِلَ الإِمَامُ) إمامًا (لِيُؤْتَمَّ) -أي يقتدى (بِهِ) فلا تختلفوا عليه (فَإذَا كَبَّرَ) - أي فرغ من تكبيرة الإِحرام (فَكَبِّروا، وإذَا رَكَعَ فَارْكعُوا، وإذَا قَال سَمِعَ الله لِمَنْ حَمِدَهُ، فَقُولُوا) بعد قولكم ذلك (رَبَّنَا ولَكَ الحَمْدُ) بإثبات الواو، وفي رواية بحذفها، وإنما سكت عن قوله فقولوا سمع الله لمن حمده لأنه كان معلومًا لهم، لأن الإِمام يجهر به بخلاف ربنا ولك الحمد لأنه يسر به، وهو صلى الله عليه وسلم إنما علمهم ما جهلوه من ذلك، فالتسميع ذكر للرفع من الركوع، والتحميد ذكر للاعتدال، وتقدم في باب صفة الصلاة، (وإِذَا سَجَدَ فاسْجُدُوا، وإِذَا صَلَّى قَائِمًا فَصَلُّوا قِيَامًا، وإذَا صَلَّى جَالِسًا فَصَلُّوا جُلُوسًا أجْمَعُونَ) بالرفع توكيدًا للضمير في فصلوا، أو في جلوسًا، وروي بالنصب حالًا من أحد الضميرين أو من مقدر تقديره أعنيكم أجمعين (والحديث رواه الشيخان).

وفيه وجوب متابعة الإِمام وتحريم الاختلاف عليه، والمراد في الأفعال وتكبيرة التحرم دون بقية الأقوال، نعم يحرم مقارنة تكبير المأموم للتحرم تكبير الإمام، وتقديم سلامه على سلامه، وقوله فيه: وإذا صلى جالسًا فصلوا جلوسًا عند الشافعية منسوخ بحديث الصحيحين أنه صلى الله عليه وسلم جالسًا، وأبو بكر

ص: 244

والناس قيامًا، وكان هذا في مرض موته صلى الله عليه وسلم، فإنها كانت صلاة الظهر يوم السبت أو الأحد وتوفي صلى الله عليه وسلم يوم الإِثنين كما رواه البيهقي، ولولا أنه منسوخ لأتوا بالجلوس لتقدم أمره لهم به.

4/ 149 - (وعن جابر رضي الله عنه قال: صلى معاذ بأصْحَابِه العِشَاءَ فَطَوَّلَ عليهم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم) وقد شُكِيَ له تطويله (أتُرِيدُ أن تَكُونَ يا مُعَاذُ فَتَّانًا، إِذَا أمَمْتَ الناسَ فاقْرَأ بالشمْسِ وضُحَاهَا، وسَبِّح اسمَ رَبّكَ الأعْلَى، واقرأ باسمِ رَبِّكَ، واللَّيلِ إِذَا يَغْشَى) أي ونحوها والواو في ذلك بمعنى أو، (رواه الشيخان).

وفيه طلب تخفيف الصلاة من الإِمام بحيث لا يخل بسنتها ومقاصدها، والرفق بالضعفاء في أمورهم.

ص: 245

تنبيه: اختلفت الروايات في أن القصة في العشاء أو المغرب وأن القراءة كانت بالبقرة أو باقتربت الساعة، وقد جمع بينهما في المجموع بأنهما قضيتان لشخصين، ثم قال: وجمع بعضهم بين روايتي قراءة البقرة واقتربت بأنه قرأ هذه في ركعة، وهذه في ركعة، وقد بسطت الكلام على ذلك في شرح الروض.

5/ 150 - (وعن أبي هريرة رضي الله عنه قَال: قَال النبي صلى الله عليه وسلم: إذَا أمَّ أحَدُكُم النَّاسَ فَلْيُخففْ، فَإِن فِيهِمُ الصَّغِيرَ والْكَبِيرَ وَالضعِيفَ وذا الحاجَةِ. رواه الشيخان إلا الصغير، فمسلم).

وفيه ما في الذي قبله بالاهتمام بتعليل الأحكام، وتقدم إيضاحه في باب الوضوء.

6/ 151 - (وعن عائشة رضي الله عنها في قصة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم بالناس وهو مريض -قَالتْ: فَجَاءَ حَتَّى جَلَسَ عَنْ يَسَارِ أبِي بَكْرٍ فَكَانَ يُصَلِّي

ص: 246

بِالنَّاسِ جَالِسًا وَأبُو بَكْرٍ) يصلي (قَائِمًا يَقْتَدِي) به (أبُو بَكْرٍ بِصَلاةِ النبي صلى الله عليه وسلم وَيَقْتَدِي النَّاسُ بِصَلاةِ أبيِ بَكْرٍ، رواه الشيخان).

وفيه أن الإِمام في هذه الصلاة هو النبي صلى الله عليه وسلم، وقد يروي البيهقي وغيره أنه صلى الله عليه وسلم صلى في مرض وفاته خلف أبي بكر.

قال في المجموع: إن صح هذا كان مرتين كما أجاب به الشافعي والأصحاب. وظاهر حديث عائشة أن الناس اقتدوا بأبي بكر مع أنه مأموم لا يصح الاقتداء به لامتناع اجتماع وصفي الاستقلال والتبعية، وهو محمول على أنهم كانوا مقتدين به صلى الله عليه وسلم، وأبو بكر يسمعهم التكبير كما رواه الشيخان أيضًا، ولهذا قال فيه:"ويقتدي الناس بصلاة أبي بكر"، ولم يقل بأبي بكر.

7/ 152 - (وعن أبي مسعود عقبة بن عمرو الأنصاري البدري رضي الله عنه قال: قَال النبي صلى الله عليه وسلم: يَؤُمُ الْقَوْمُ اقْرَؤُهُم لِكِتَابِ اللهِ) أي أكثرهم قرآنًا (فَإنْ كانُوا فِي الْقِرَاءَةِ سَوَاءً فَأعْلَمُهُمْ بِالسُّنَّةِ، فَإِنْ كَانُوا فِي السُّنَّةِ سَوَاءً فَأقْدَمُهُم هِجْرَةً) إلى النبي صلى الله عليه وسلم، أو إلى دار الإِسلام، (فَإنْ كَانُوا فِي الهُجْرَةِ سَوَاء، فَأقْدَمُهُمْ سِلْمًا) أي إسلامًا، (وفي رواية سنًّا) أي في الإسلام، (وَلَا

ص: 247

يَؤُمَّنَّ الرَّجُلَ) الرجل مثلًا (في سُلْطَانِهِ) - أي سلطنته (إلّا بِإذْنِه، وَلَا يقْعُدْ في بَيته عَلَى تَكْرِمَتِهِ) بفتح التاء وكسر الراء، وهي ما يختص به الإِنسان من فراش ووسادة ونحوهما.

وقيل: المائدة (إِلّا بِإذْنِهِ) فيجوز ذلك (رواه مسلم).

وفيه أن الأقرأ أولى من الأفقه المعبر عنه بأعلمهم بالسنة، وهو عكس ما نص عليه الشافعي لأن افتقار الصلاة للفقه لا ينحصر، بخلاف القرآن.

وأجاب عن الخبر بأن الصدر الأول كانوا يتفقهون مع القراءة، فلا يوجد قارئ إلا وهو فقيه، فلو اجتمع الوالي وقوم بمحل ولايته، قدم عليهم حتى على الأفقه والأقرأ وإمام المسجد وصاحب البيت أو نحوه إذا أذن في إقامة الصلاة فيه، فإن لم يتقدم الوالي، تقدم هو أو قدم من يصلح للإمامة، وإن كان غيره أصلح منه، لأن الحق فيها له، ويراعى في الولاة تفاوت الدرجة، ولو اجتمع قوم لا والي فيهم بمحل، فإن كانوا بمسجد له إمام قدم إمامه، أو بغيره، فإن كان يملك قدم ساكنه بحق، لكن المعير مقدم على المستعير، والسيد على رقيقه غير المكاتب، أو بمباح أو مسجد لا إمام له قدم الأفقه، فالأقرأ فالأورع فأقدمهم هجرة فأكبرهم إسلامًا، فأنظفهم ثوبًا وبدنًا وصنعة، فأحسنهم صوتًا فصورة وقد أوضحت ذلك وبسطت الكلام عليه في شرح المنهج وغيره.

ص: 248

8/ 153 - (وعن أنس رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: سوُّوا صُفُوفَكُمْ) بأن تعتدلوا فيها وتسدوا فُرجَهَا (فَإن تَسْوَيَةَ الصَّفِّ مِنْ تَمَامِ، وفي رواية من حسن (الصَّلاةِ، رواه الشيخان).

وصرف الأمر عن الوجوب أن تمام الشيء أمر زائد على حقيقته غالبًا والمسوِّي لها هو الإِمام، وكذا غيره لكنه أولى، والسر في تسويتها مبالغة المتابعة، فقد روى مسلم من حديث جابر بن سمرة: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ألا تصفون كما تصف الملائكة عند ربها، قلنا يا رسول الله وكيف تُصف الملائكة عند ربها، قال: يُتمون الصفوف الأول، ويتراصون في الصف، والمطلوب من تسويتها محبة الله لعباده.

9/ 154 - (وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: خَيرُ صُفُوفِ الرِّجَالِ أوَّلُها، وَشَرُّهَا آخِرُها، وَخَيرُ صُفُوفِ النِّسَاءِ آخِرُها، وشَرُّهَا أوَّلُهَا، رواه مسلم).

ص: 249

وفيه أن السنة تقديم الرجال وتأخير النساء إذا حضروا جميعًا، وصفوف الرجال على عمومها، فخيرها أولها وشرها آخرها أبدًا، وأما صفوف النساء فالمراد صفوف الحاضرات مع الرجال، فلو صلين وحدهن فهن كالرجال خير صفوفهن أولها وشرها آخرها.

والمراد بشر الصفوف في الرجال والنساء أقلها ثوابًا وفضلًا وأبعدها من مطلوب الشرع، وخيرها بعكسه، وإنما فضل آخر صفوف النساء الحاضرات مع الرجال لبعدهن من مخالطة الرجال ورؤيتهم وتعلق القلب بهم عند رؤية حركاتهم وسماع كلامهم ونحو ذلك، وذم أول صفوفهن بعكس ذلك.

واعلم أن الصف الأول الممدوح الذي وردت الأحاديث بفضله والحث عليه هو الصف الذي يلي الإمام سواء جاء صاحبه متقدمًا أم متأخرًا وسواء تخلله مقصودة ونحوها كمنبر وعمود أم لا.

وقيل شرطه أن يأتي صاحبه متقدمًا، وأن لا يتخلله شيء من ذلك وكل منهما غلط صريح، نبه على ذلك النووي في شرح مسلم.

10/ 155 - (وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: صَلَّيتُ مع النبي صلى الله عليه وسلم ذَاتَ لَيلَةٍ) بزيادة ذات للتأكيد (فَقُمتُ عَنْ يَسَارِه، فَأخَذَ بَرأسِي مَنْ وَرَائِي) وفي أخرى فأخذ برأسي وفي أخرى بذؤابتي أي ناحيتي، وفي أخرى بيدي،

ص: 250

وفي أخرى بعضوي، وفي أخرى فتناولني من خلف ظهري وفي أخرى فأخذ بيدي أو عضدي، وفي أخرى بأذني، وفي أخرى فوضع يده اليمنى على رأسي وأخذ بأذني اليمنى يفتلها، وهذه الرواية مع الأولى جامعتان للروايات كلها (فَجَعَلَنِي عَنْ يَمِينهِ، رواه الشيخان).

وفيه أنه يجوز نوم محرم المرأة في بيت زوجها إذا لم يتضرر الزوج، وأن أقل الجماعة اثنان وأنها تحصل بالصبي المميز، وكان سن ابن عباس إذ ذاك عشر سنين كما رواه أحمد، وأن موقف الصبي موقف الرجل في الصف عن يمين الإمام، وأن الجماعة تجوز في النفل في صلاة الليل، وأن الإِمام إذا اطلع على مخالفة من المأموم يرشده إليها بالفعل وهو في الصلاة، وأن العمل اليسير لا يبطل الصلاة ولا يسجد لسهوه، وأن المأموم إذا وقف بغير موقفه تحول إلى موقفه إذا لم تتكرر الأفعال ثلاثًا متوالية، وأن مبيته عند النبي صلى الله عليه وسلم ليراقب أفعاله فيستفاد منه.

ص: 251

مسألة وهي طلب علو السند في الرواية، فإنه كان يكتفي بأخبار خالته ميمونة.

وفيه فضل قيام الليل، وكان واجبًا عليه صلى الله عليه وسلم ثم نسخ وجوبه عليه على الأصح.

11/ 156 - (وعن أنس رضي الله عنه قال: صلى النبي صلى الله عليه وسلم) نافلة مطلقة بالنهار (فَقُمْتُ أنَا وَيَتيمٌ خَلْفَهُ، وَأمُّ سُلَيمٍ) وهي أم أنس (خَلْفَنَا) واليتيم فعيل لغير مبالغة على غير القياس، يقال فيه يتم الصبي بالكسر ييتم بالفتح يتمًا ويتمًا بالإِسكان فيهما، (والحديث رواه الشيخان واللفظ للبخاري).

ص: 252

وفيه صحة صلاة الصبي المميز، وأن له موقف في الصف كالرجل وهو ما عليه الجمهور، وأن الإِثنين يكونان صفًّا، وقيل: لا بل يكون أحدهما عن يمين الإِمام والآخر عن يساره، وأن موقف المرأة في الصلاة خلف الصبي وإن لم يكن معها أخرى.

12/ 157 - (وعن أبي بكر نفيع بن الحارث رضي الله عنه أنه انْتَهَى إلى النبي صلى الله عليه وسلم وَهُوَ رَاكِعٌ فَرَكَعَ قَبْلَ أنْ يَصِلَ إِلَى الصَّفِ) وفي رواية لأبي داود ثم مشى إلى الصف (فقال له النبي صلى الله عليه وسلم زَادَكَ الله حِرْصًا ولا تعُدْ، رواه البخاري).

وفيه أن صلاة المنفرد خلف الصف منعقدة وأنها مكروهة، وأنه يسن الدعاء لمن بادر بالخير وحرص عليه.

ص: 253

13/ 158 - (وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم إذَا سَمِعْتُم الإِقَامَة فامْشُوا إِلى الصَّلاةِ وَعَلَيكُمُ السَّكِينَةُ وَالْوَقَارُ) عطفه على السكينة عطف تفسير، ولتأكد طلبها إليه مع زيادة بقوله (وَلَا تُسْرِعُوا فَمَا أدْرَكتُم فَصَلُّوا، ومَا فَاتَكُمْ فَأتِمُّوا) وفي رواية فاقضوا، وهي بمعنى أتموا وأدوا (رواه الشيخان).

وفيه أنه يسن لقاصد الجماعة أن يمشي إليها بسكينة ووقار سواء خاف فوت التحرم وغيره أم لا، ويسن أن لا يعبث في طريقه إلى الصلاة ولا يتعاطى ما لا يليق بالصلاة لخبر مسلم، فإن أحدكم في صلاة ما دام لم يعمد إلى الصلاة.

14/ 159 - (وعن أبي بن كعب) هو ابن قيس بن عبيد بن زيد بن

ص: 254

معاوية الأنصاري الخزرجي المدني رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم صَلاة الرَّجُلِ مَعَ الرجلِ) مثلًا (أزْكَى مِنْ صَلاتِهِ وَحْدَهُ، وَصَلاته مَعَ الرَّجُلَينِ أزْكَى مِنْ صَلاتِهِ مَعَ الرَّجُلِ، وَمَا كَانَ أكْثَر فَهُوَ أحَبّ إلى الله عز وجل، رواه أبو داود وغيره وصححه ابن حبان).

وفيه أن صلاة الشخص في جماعة أفضل من صلاته وحده، وصلاته في جمع كثير أفضل منها في جمع قليل ما لم يعارضه ما يمنع من ذلك كفسق إمام الأكثر جماعة أو بدعته كما هو مبسوط في كتب الفقه.

ص: 255