الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب صلاة الاستسقاء
هو لغة طلب السقيا، وشرعًا طلب سقيا العباد من الله عند حاجتهم إليها، وهو ثلاثة أنواع: أدناها أن يكون بالدعاء، وأوسطها بالدعاء خلف الصلوات، وفي خطبة الجمعة ونحوها، وأفضلها أن يكون بصلاة وخطبة وهو ما يأتي على الأثر.
1/ 194 - (عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: خَرَجَ النبي صلى الله عليه وسلم مُتَوَاضِعًا) -أي متذللًا خاضعًا- (مُتَبَذّلًا) بذال معجمة أي لابسًا ثياب بذلة أي مهنة، قال في المجموع: وثياب البذلة هي التي تليس في حال الشغل ومباشرة الخدمة، وتصرف الإِنسان في بيته (مُتَخَشِّعًا) أي خاضعًا (مُتَرَسِّلًا) أي منبدأ بهيئة (مُتَضَرِّعًا) أي خاضعًا متذللًا "والمراد سائلًا من الله غاية السؤال المقرون بخضوع وذلة كشف ما نزل بالناس، (فَصَلَّى رَكعَتَين كما يُصَلِّي في الْعِيدِ لَمْ يَخْطُبْ خُطبَكُم هَذه) أي لم يقصر عليها، بل يأتي معها بالصلاة (رواه الترمذي (5) وغيره (6) وصححه).
وفيه أن صلاة الاستسقاء ركعتان كصلاة العيد، أي في التكبير والجهر،
وفي الخطبة الآتية في الحديث الآتي لا في توقيتها بوقت ولا في تعين خطبتها بعد الصلاة.
وفيه أنه يسن الخروج لها بالصفات المذكورة فيه.
2/ 195 - (وعن أنس رضي الله عنه أنَّ رجلًا) أعرابيًّا (دَخَل
المَسْجِدَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، والنبي صلى الله عليه وسلم قَائِمًا) وروي قائمًا بنصبه على الحال من
ضمير (يَخْطُبُ فقال: يا رسولَ اللهِ هَلَكتِ) بفتح اللام، ويجوز على قلة
كسرها، أي أشرفت (الأمْوَال) -أي على الهلاك بسبب انقطاع الغيث- وهو
المطر، والأموال جمع مال وهو ما يتملك وينتفع به، وقيل والمراد هنا ما
يتضرر بعدم المطر من حيوان ونبات (وانْقَطَعَتِ) وروي وتقطعت (السُّبلُ)
جمع سبيل أي طريق يذكر ويؤنث (فادْعُ اللَّه يُغِثنَا) بالجزم جوابًا للطلب -أي
ينزل علينا الغيث- (فَرَفَعَ يَدَيهِ ثم قال: اللهُم أغِثْنَا، اللهم أغِثْنَا، اللهم
أغثنا) فذكر -أي أنس- الحديث (فقال: فلا والله مَا نرى في السَّماءِ من
سَحَابِ ولا قزعة وما بيننا وبين سلع من بيتٍ ولا دارٍ، قال فطلعت من ورَائِه
سَحابةَ مثْل الترسِ، فلمَّا توسطتِ السماءَ انْتَشَرتْ ثم أمطَرتْ، قال: فلا
والله ما رَأينا الشمس سَبْتًا، قال فَدَخَل رجلٌ منِ ذلك الباب في الجمعة المقبلة ورسول الله صلى الله عليه وسلم قَائِمٌ يَخطبُ، فاسْتَقبلهُ قائمًا ثمَّ قال يا رسول الله هَلَكَت الأمْوال وانْقَطَعتِ السّبل، فادْعُ اللَّه يُمْسِكهَا عَنَّا، قَال: فَرَفَعَ رسول الله صلى الله عليه وسلم يَدَيه ثم قَال: اللهَّمَ حَوَالينَا ولا عَلَينَا، اللهمَّ على الإِكَامِ والظرابِ وبطُونِ الأوْديةِ ومنَابتِ الشجرِ، قَال: فانقطعت وخرجنا نمْشِي في الشمِس، رواه الشيخان).
وفيه استجابة دعائه صلى الله عليه وسلم في الاستسقاء والاستصحاء وعظيم قدره وحرمته عند ربه، ويسن في الاستسقاء في خطبة الجمعة، وهو أحد الأنواع فيه كما مر.
ويسن تكرير الدعاء ثلاثًا، وتسن الاستغاثة فيما هو من المهمات ورفع اليدين في الدعاء وسيأتي.
وقزعة في الحديث بفتح القاف والزاي قطعة من السحاب وسلع بفتح المهملة وإسكان اللام جبل بالمدينة، والإِكام بكسر الهمزة جمع أكمة
بفتح الهمزة والكاف وهي ما غلظ من الأرض ولم يكن جبلًا، وروي الأكام بفتح الهمزة وحدها، والأُكم بضم الهمزة والكاف جمع آكام ككتاب وكتب، والظراب جمع ظرب بفتح الظاء وكسر الراء، وهو الرابية واحدة الروابي، وقوله سبتًا يعني جمعة، كما جاءه كذلك في رواية أخرى ومبدؤها من صلاة الجمعة إلى مثلها من أخرى.
3/ 196 - (وعنه) أي عن أنس (أن النبي صلى الله عليه وسلم استَسْقَى بالنَّاسِ فَأشَار بظَهْرِ كفَّيه إلى السَّمَاءِ "رواه مسلم").
وفيه سن رفع ظهور اليدين في الدعاء في الاستسقاء.
قال النووي: قال جماعة من أصحابنا وغيرهم السنة في كل دعاء يرفع بلاء كالقحط وغيره أن يرفع يديه ويجعل ظهر كفيه إلى السماء، وفي كل دعاء لتحصيل شيء أن يجعل بطن كفيه إلى السماء، واحتجوا بهذا الحديث.