الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحوالة والضمان
باب الحوالة هي -بفتح الحاء أفصح من كسرها، لغة التحول والانتقال، وشرعًا عقد يقتضي نقل دين من ذمة إلى ذمة والضمان وهو لغة الالتزام، وشرعًا يقال لالتزام دين ثابت في ذمة الغير أو إحضار عين مضمونة أو بدن من يستحق حضوره، ويقال: العقد الذي يحصل به ذلك.
والأصل في البابين الإِجماع، وفي الأول خبر "مطل الغني ظلم" الآتي وفي الثاني أخبار كخبر المتوفى الآتي "الزعيم غارم" رواه الترمذي وحسنه وابن حبان وصححه.
1/ 379 - (عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم مَطْلُ الغَنِيِّ) هو المتمكن من أداء الدين (ظُلْمٌ) وهو وضع الشيء في غير محله، وهو حرام، والمطل لغة المدّ من مطلت الحديدة إذا ضربتها ومددتها لتطول، وشرعًا منع أداء ما استحق أداؤه.
فمعنى مطله بحقه منعه منه بأن مدَّ له في الأجل زيادة على ما اتفقا عليه، (وَإذَا) وفي رواية "فإذا"(أتْبعَ) بضم الهمزة وسكون الفوقية وكسر الموحدة بمعنى أحيل كما في رواية أخرى (أَحَدُكُمْ عَلَى مَلِيءٍ) بالمد والهمز أي غني كما في رواية أخرى (فَلْيُتْبَعْ) بفتح الباء وسكون الفوقية وفتح الموحدة أي فليحتل كما في رواية على المليء بخفه (رواه الشيخان).
والأمر فيه للندب عند الشافعي والجمهور وللإِباحة عند قوم.
قالوا: لوروده بعد الحظر وهو النهي عن بيع الكالئ بالكالئ أي الدين بالدين، وللوجوب عند آخرين لظاهر الحديث والصارف له عن الوجوب على غير الأخير، قيل رجوعه إلى مصلحة دنيوية فيكون الأمر فيه للإرشاد، وقيل وروده بعد الحظر كما مر فيكون للندب أو للإِباحة على الخلاف فيه، وخرج بالغني الفقير فمطله ليس بظلم لعذره، والمطل يشعر بتقدم الطلب، وقضيته أيضًا أنه لا يكون ظلمًا إلا إذا كان للدائن طلب- بأن يكون دينه حالًا ولا عذر شرعي للمدين وإلا فلا يكون ظلمًا وهو ظاهر.
واستنبط أصحابنا من الحديث أنه إذا تعذر بعد الحوالة الأخذ بفلس أو جحد أو نحوهما كموت البينة أو امتناع المحال عليه لا يرجع على المحيل،
ووجهه أنه لو كان له الرجوع لما كان لاشتراط الملأة -بالمد- فائدة لأنه إن لم يصل إلى حقه رجع به فلما شرطها علم أنه انتقل انتقالًا لا رجوع بعده.
2/ 380 - (وعنه أي عن أبي هريرة قال: كَانَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم يُؤْتى بِالرَّجُلِ المُتَوَفَّى عَلَيهِ الدَّينُ، يُسْألُ: هَلْ تَرَكَ لِدَينِهِ مِنْ قَضَاءٍ؟ ) بمعنى مقضي منه أي مال يقضي منه دينه (فإِنْ حُدِّثَ) بضم الحاء أي أخبر (أَنَّهُ تَرَكَ وَفَاءً) بمعنى موفى منه أي مالًا يوفى منه دينه (صَلَّى عَلَيهِ، وَإلَّا) بأن حدث أنه لم يترك ذلك (قَال صَلُّوا عَلَى صَاحِبِكُمْ فَلَمَّا فَتَحَ الله عَلَيهِ الفُتُوح قَال: أَنَا أَوْلَى بِالمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ، فَمَنْ تُوُفِّيَ) بالبناء للمفعول (وَعَلَيهِ دَينٌ ولَمْ يَتْرُكْ لَهُ وَفَاءً) بالمعنى السابق (فَعَلَيَّ قَضَاؤُهُ) أي أداؤه (رواه الشيخان، إلا "ولم يترك له وفاء" فالبخاري)، وفي رواية وفي آخره ومن ترك مالًا فلورثته وفيه الأمر بصلاة الجنازة، وهي فرض كفاية، وجواز الضمان قال النووي في شرح مسلم: وقضاؤه صلى الله عليه وسلم دين من توفي ولم يخلف وفاء، قيل كان من مال مصالح المسلمين، وقيل من ماله، قيل وكان ذلك واجبًا عليه، وقيل تبرعًا منه، واختلف أصحابنا في قضاء دين من ذكر، فقيل: يجب قضاؤه من بيت المال، وقيل: لا يجب، ومعنى الحديث أنه صلى الله عليه وسلم قال أنا قائم بمصالحكم في حياة أحدكم وموتة وأنا وليه في الحالين فإن كان عليه أي بعد موته دين، قضيته من عندي إن لم يخلف وفاء، وإلا بأن كان له وفاء فلورثته. انتهى.
وقوله في الآخر من عندي يدل بظاهر على ترجيح القول بأن قضاءه صلى الله عليه وسلم دين من ذكر كان من ماله وتبع في قوله فلورثته الحديث، وظاهر أن محله بعد وفاء الدين.