الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
آباءهم وسفه عقولهم وسخر من أوثانهم واحتج عليهم بأن القرآن من عند الله عز وجل فما كان أحوجهم وأشد حرصهم على أن يأتوا بمثله أو بعضه ليبطلوا أنه من عند الله.
وأما انتفاء ما يمنعهم من المعارضة فلأن القرآن بلسان عربي وألفاظه من أحرف العرب الهجائية وعبارته على أسلوب العرب وهم أهل البيان والفصاحة وفيهم ملوك الفصاحة وقادة البلاغة وميدان سباقهم مملوء بالشعر والخطباء وهذا من الناحية اللفظية.
أما المعنوية فقد نطقت أشعارهم وخطبهم وحكمهم ومناظراتهم بأنهم ناضجو العقول ذوو بصيرة بالأمور وخبرة بالتجارب وقد دعاهم القرآن بالاستعانة بما شاءوا كما بينا آنفًا.
وأما من الناحية الزمنية فالقرآن لم ينزل جملة واحدة حتى لا يحتجوا بأن زمنهم لا يتسع للمعارضة بل نزل منجما في ثلاث وعشرين سنة تقريبًا وبذلك ثبت إعجازه على أبلغ وجه وإذا ثبت عجز العرب فغيرهم بالعجز أولى وأحرى وبهذا ثبتت حجيته فوجب العمل به.
السنة
ماهيتها:
في اللغة (1) السيرة والطريقة حسنة كانت أو قبيحة. أنشد خالد بن زهير فقال:
فلا تَجْزَعَنْ عَنْ سيرةٍ أنت سرْتَها
…
فأولُ راضٍ سنةً من يسيرُها
وسننتها سنا واستننتها سرتها، وسننت لكم سنة فاتبعوها وقال ابن فارس في معجمه (2) السين والنون أصل واحد مطَّرد وهو جريان الشيء واطراده في سهول.
(1) الصحاح 5/ 139 م لسان العرب 3/ 2124 ترتيب القاموس 2/ 656 المصباح المنير 1/ 396 - 397.
(2)
معجم مقياس اللغة 7/ 60 لسان العرب 3/ 2123.
والأصل قولهم سننت الماء على وجهي أسنّه سنّا إذا أرسلته إرسالًا. قال ابن الأعرابي السَّنّ مصدر سنَّ الحديد سنّا وسن للقوم سنة وسننا وسن عليه الدرع يسنها سنا إذا صبَّها وسن الإِبل يسنها سنا إذا أحسن رعيتها وسنة النبي صلى الله عليه وسلم تحمل هذه المعاني لما فيها من جريان الأحكام الشرعية واطرادها اصطلاحا.
تختلف السنة عند أهل العلم حسب اختلاف الأغراض التي اتجهوا إليها من أبحاثهم فمثلا عند علماء الأصول عنوا بالبحث عن الأدلة الشرعية وعند علماء الحديث عنوا بنقل ما نسب إلى النبي صلى الله عليه وسلم وعند علماء الفقه عنوا بالبحث عن الأحكام الشرعية من فرض ومندوب وحرام ومكروه فالسنة عند علماء الأصول (1):
تطلق على ما أثر عن النبي صلى الله عليه وسلم من قول أو فعل أو تقرير والسنة عند الفقهاء (2):
تطلق السنة عند أكثر علماء الشافعية وجمهور الأصوليين بالنسبة إلى معناها الفقهي ترادف المندوب والمستحب والتطوع والنافلة والمرغب فيه.
قالوا هو الفعل الذي طلبه الشارع طلبا غير جازم أو ما يثاب الإِنسان على فعلها ولا يعاقب على تركها.
وعند علماء الحديث (3):
تطلق على أقوال النبي صلى الله عليه وسلم وأفعاله وتقريراته وصفاته الخِلقية والخُلقية وسيره ومغازيه وأخباره قبل البعثة - فالسنة بهذا المعنى ترادف الحديث الشريف.
(1) نهاية الوصول 3/ 3 البدخشي 2/ 269 البناني على جمع الجوامع 2/ 99 تيسير التحرير 3/ 19 الأحكام في أصول الأحكام 1/ 156.
(2)
البيجرمي على المنهج 1/ 246 حجية السنة (51).
(3)
الحديث والمحدثون لأبي زهو (8) وما بعدها.