الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب سترة المصلي
1/ 75 - (وعن عائشة رضي الله تعالى عنها قَالتْ: سُئِلَ النَّبي صلى الله عليه وسلم عَنْ سُتْرَةِ المُصلِّي فَقَال: مِثْلُ مُؤْخِرَةِ الرّجل) بضم الميم وكسر الخاء وهمزة ساكنة بينهما ويقال بفتح الخاء مشددة مع فتح الهمزة، ويقال بفتحها مخففة مع إسكان الهمزة. ويقال: آخر همزة ممدودة وكسر الخاء وهي الخشبة التي يستند إليها الراكب من كور البعير. (والحديث رواه مسلم).
وفيه ندب السترة بين يدي المصلي وبيان أقلها وهو قدر مؤخرة الرجل وهي نحو ثلثي ذراع.
قال أئمتنا: وينبغي أن يكون بينهما وبين المصلي ثلاثة أذرع فأقل، ويحصل بأي شيء أقامه بين يديه، فإن لم يجد ما يقيمه بسط مصلى كسجادة - بفتح السين فإن لم يجده خط خطًّا طولًا ويكونان بالصفة السابقة.
والحكمة في السترة كف بصر المصلي عن ما وراءها، ومنع المار من مروره بينها وبين المصلي، والمراد بها في المصلى والخط أعلاهما.
ويسن جعلها عن يمينه أو يساره ولا يصمد لها.
2/ 76 - (وعن أبي جهيم) بالتصغير عبد الله بن (الحارث) بن
الصمة رضي الله عنه قَال: قَال النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم لَوْ يَعْلَمُ) أي علم. (المَارُّ بَينَ يَدَيِ المُصَلِّي) وسترته التي مر بيانها آنفًا وخص اليدين بالذكر لأنه بهما غالبًا دفع المار المأمور به فيما يأتي (مَاذَا عَلَيهِ). ما استفهامية وذا إما موصول أو ملغاة إما بتركيبها مع ما، أو بزيادتها، والمجموع على التركيب اسم استفهام، ومحل ما بتقدير موصولية ذا، والمجموع بتقدير إلغائها رفع بالابتداء، أو يعلم معلق عن العمل بالاستفهام على التقديرين. (مِنَ الإِثْمِ) بيان لما قبله (لَكَان أنْ يَقِفَ) -أي وقوفه- (أرْبَعِينَ خَرِيفًا خَيرًا) خبر كان وروي بالرفع اسمها وما قبله خبرها، قيل: الخيرية حاصلة ولو لم يعلم المار مقدار ما عليه من الإِثم فما فائدة جعل علمه شرطًا لها. وأجيب بأن في الكلام حذفًا وتقديره لعلم أن وقوفه يكون خيرًا أو لاختار أن يقف لكونه خيرًا (لَهُ، مِنْ أنْ يَمُرَّ بَينَ يَدَيه، رواة الشيخان، إلا من الإِثم فالبخاري وإلا خريفًا فالبزار في رواية).
وروى ابن أبي شيبة لكان أن يقف مائة عام خيرًا له.
وفي ذلك تحريم المرور بين يدي المصلي، ومحله إذا جعل له سترة للحديث السابق، وما إذا لم يقصر المصلي، فإن قصر كان وقف بقارعة الطريق فلا تحريم، بل ولا كراهة كما في الكفاية أخذًا من قولهم: إذا وجد فرجة في الصف الأول فله المرور بين يدي الثاني ليسدها لتقصيرهم، ولو صلى بلا سترة أو تباعد عنها إذ لم تكن السترة بالصفة السابقة في الكلام على الحديث السابق فلا تحريم لتقصيره.
قال في الروضة: لكنه خلاف الأولى فقوله في غيرها لكنه مكروه محمول على الكراهة غير الشديدة.
قال بعضهم: ثم للمار مع المصلي أربعة أحوال:
أحدها: أن يكون له مندوحة عن المرور ولم يتعرض المصلي لمرور الناس عليه فالإِثم خاص بالمار.
ثانيها: أن لا يكون له مندوحة عنه ويتعرض له المصلي فالإِثم خاص بالمصلي.
ثالثها: أن يكون له مندوحة عنه ويتعرض له المصلي فيأثمان.
رابعها: أن لا يكون له مندوحة عنه ولا يتعرض له المصلي فلا إثم على واحد منهما انتهى.
وما ذكره من إثم المصلي فيما قاله ممنوع غايته أنه مكروه أو خلاف الأولى فلا يأثم.
3/ 77 - (وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال قال النبي صلى الله عليه وسلم إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ إلى شَيءٍ يَسْتُرُهُ مِن النَّاسِ) ولو أدق من الرمح وخص منه ما نهى عن استقبال المصلي له من آدمي أو شبيه بالصنم المصمود إليه (فَأرَادَ أحَدٌ) من آدمي أو بهيمة (أنْ يَجْتَازَ بَينَ يَدَيهِ) وسترته (فَلْيَدْفَعْهُ) ندبًا للاتفاق على عدم الوجوب، ومحل دفعه له إذا لم يقصر بشيء مما مر في الكلام على الحديث السابق.
(فَإِنْ أبَى) أي امتنع (فَلْيُقَاتِلْهُ) ندبًا بأسهل ما يمكن رده بل كما في الصائل، فإن انتهى الحال إلى قتله فلا ضمان كما في المجموع وغيره. (فَإِنَّمَا هُو شَيطَان) أي معه شيطان حمله على ذلك وهو شيطان الإِنس، وهو من شطن أي بعد أو من شاط إذا احترق وعليهما بني العرف وعدمه فينصرف على الأول دون الثاني، (والحديث رواه الشيخان). وفي رواية فإن معه القرين وهو يؤيد القول الأول.
وفيه التنبيه على عظم الصلاة واحترام المصلي لأنه مناجٍ ربه وفيه جواز
العمل في الصلاة لمصلحتها بلا كراهة، وجواز إطلاق لفظ الشيطان في مثل ما ذكر.
4/ 78 - (وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال النَّبيّ صلى الله عليه وسلم إذَا صلّى أَحَدُكُمْ فَلْيَجْعَلْ تِلْقَاءَ وَجْهِهِ شَيئًا) ثابتًا كجدار وسارية (فَإِنْ لَمْ يَجِدْ) ذَلِكَ (فَلْينصِبْ. عَصًا، فَإِنْ لم تكنْ) أي توجد العصاة أي ونحوها كجمع متاعه (فَلْيَخُطَّ خَطًّا، ثمً لَا يَضُرُهُ مَنْ مَرَّ بَينَ يَدَيهِ) أي وراء السترة (رواه أبو داود وغيره وصححه ابن حبان).
قال شيخنا حافظ عصره الشهاب بن حجر بعد ذكره هذا ولم يصب من زعم اضطرابه بل هو حسن، . وأجاب النووي عن الاستدلال به مع نقله ضعفه عن البغوي وغيره بأن فيه تحصيل حريم المصلي.
وقد اتفق العلماء على العمل بالحديث الضعيف في فضائل الأعمال وهذا من نحوها.
وبالجملة ففيه أنه يسن للمصلي جعل شيء يصلي إليه. وقوله فيه فإن لم يجد فلينصب عصا جرى على الغالب وإلا فهو وما قبله في رتبة واحدة.