الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْوَصِيُّ (نَصِيبَهُ) أَيْ نَصِيبَ الْمَيِّتِ (وَيُفَرِّقُهُ عَلَيْهِمْ) أَيْ عَلَى الْمُوصَى لَهُمْ، عَمَلًا بِالْوَصِيَّةِ.
(فَإِنْ كَانَ عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ تَعَلَّقَ) الدَّيْنُ (بِتَرِكَتِهِ فَلَيْسَ لِلْوَارِثِ إمْضَاءُ الشَّرِكَةِ حَتَّى يُقْضَى دَيْنُهُ فَإِنْ قَضَاهُ) أَيْ الْوَارِثُ (مِنْ غَيْرِ مَالِ الشَّرِكَةِ، فَلَهُ الْإِتْمَامُ) أَيْ إتْمَامُ الشَّرِكَةِ.
(وَإِنْ قَضَاهُ مِنْهُ بَطُلَتْ الشَّرِكَةُ فِي قَدْرِ مَا قُضِيَ) ذَكَرَهُ فِي الْمُغْنِي وَالْمُبْدِعِ وَغَيْرِهِمَا لَكِنْ مُقْتَضَى مَا تَقَدَّمَ: أَنَّ الْوَارِثَ لَا يَمْنَعُ مِنْ إتْمَامِ الشَّرِكَةِ قَبْلَ الْقَضَاءِ، لَكِنْ يَكُونُ مَوْقُوفًا إنْ قَضَاهُ نَفَذَتْ الشَّرِكَةُ كَسَائِرِ تَصَرُّفَاتِهِ، وَإِلَّا نُقِضَتْ وَوَفَّى الدَّيْنَ مِنْ حِصَّةِ الْمَيِّتِ (وَيَأْتِي فِي الْمُضَارَبَةِ: لَوْ مَاتَ أَحَدُ الْمُتَضَارِبِينَ) مُفَصَّلًا.
[فَصْل الْمُضَارَبَةُ]
فَصْل الْقِسْمُ (الثَّانِي الْمُضَارَبَةُ وَهِيَ) .
تَسْمِيَةُ أَهْلِ الْعِرَاقِ مَأْخُوذَةٌ مِنْ الضَّرْبِ فِي الْأَرْضِ وَهُوَ السَّفَرُ فِيهَا لِلتِّجَارَةِ قَالَ تَعَالَى {وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ} [المزمل: 20] وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مِنْ ضَرْبِ كُلٍّ مِنْهُمَا بِسَهْمٍ فِي الرِّبْحِ، وَسَمَّاهَا أَهْلُ الْحِجَازِ قِرَاضًا فَقِيلَ: هُوَ مِنْ الْقَرْضِ بِمَعْنَى الْقَطْعِ يُقَالُ: قَرَضَ الْفَأْرُ الثَّوْبَ إذَا قَطَعَهُ فَكَأَنَّ رَبَّ الْمَالِ اقْتَطَعَ مِنْ مَالِهِ قِطْعَةً وَسَلَّمَهَا إلَى الْعَامِلِ، وَاقْتَطَعَ لَهُ قِطْعَةً مِنْ رِبْحِهَا وَقِيلَ: مِنْ الْمُسَاوَاةِ وَالْمُوَازَنَةِ يُقَالُ: تَقَارَضَ الشَّاعِرَانِ إذَا تَوَازَنَا وَهِيَ جَائِزَةٌ بِالْإِجْمَاعِ حَكَاهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ وَرُوِيَتْ عَنْ عُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَحَكِيمِ بْن حِزَامٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - وَلَمْ يُعْرَفْ لَهُمْ مُخَالِفٌ وَالْحِكْمَةُ تَقْتَضِيهَا،؛ لِأَنَّ بِالنَّاسِ حَاجَةً إلَيْهَا فَإِنَّ النَّقْدَيْنِ لَا تُنَمَّى إلَّا بِالتِّجَارَةِ وَلَيْسَ كُلُّ مَنْ يَمْلِكُهَا يُحْسِنُ التِّجَارَةَ، وَلَا كُلُّ مَنْ يُحْسِنُهَا لَهُ مَالٌ فَشُرِعَتْ لِدَفْعِ الْحَاجَةِ وَالْمُضَارَبَةُ (دَفْعُ مَالٍ) أَيْ نَقْدٍ مَضْرُوبٍ خَالٍ مِنْ الْغِشِّ الْكَثِيرِ.
وَتَقَدَّمَ (وَمَا فِي مَعْنَاهُ) أَيْ مَعْنَى الدَّفْعِ، بِأَنْ كَانَ لَهُ عِنْدَ إنْسَانٍ نَقْدٌ مَضْرُوبٌ مِنْ نَحْوِ وَدِيعَةٍ (مُعَيَّنٌ مَعْلُومٌ قَدْرُهُ) فَ (لَا) تَصِحُّ عَلَى (صُبْرَةِ نَقْدٍ) لِجَهَالَتِهَا.
(وَلَا) عَلَى (أَحَدِ كِيسَيْنِ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَالٌ مَعْلُومٌ تَسَاوَى مَا فِيهِمَا) أَيْ الْكِيسَيْنِ (أَوْ اخْتَلَفَ) مَا فِيهِمَا لِلْإِيهَامِ، وَقَوْلُهُ (إلَى مَنْ يَتَّجِرُ فِيهِ) أَيْ الْمَالِ مُتَعَلِّقٌ بِدَفْعٍ،
وَسَوَاءٌ كَانَ الْمَدْفُوعُ إلَيْهِ وَاحِدًا أَوْ أَكْثَرَ وَلِذَلِكَ عَبَّرَ بِمَنْ وَقَوْلُهُ (بِجُزْءٍ) مُشَاعٍ (مَعْلُومٍ مِنْ رِبْحِهِ) أَيْ الْمَالِ، مُتَعَلِّقٌ بِيَتَّجِرُ فَإِنْ سَمَّى لَهُ كُلَّ الرِّبْحِ أَوْ دَرَاهِمَ وَلَوْ مَعْلُومَةً أَوْ جُزْءًا مَجْهُولًا، كَحَظٍّ أَوْ قِسْطٍ، أَوْ نَصِيبٍ فَسَدَتْ وَتَقَدَّمَ.
وَكَذَا لَوْ جَعَلَ لَهُ جُزْءًا مِنْ نَفْسِ الْمَالِ الْمَدْفُوعِ (لَهُ) أَيْ لِلْعَامِلِ (أَوْ لِعَبْدِهِ) أَيْ عَبْدِ الْعَامِلِ إذْ الْمَشْرُوطُ لِلْعَبْدِ لِسَيِّدِهِ (أَوْ) شَرَطَ الْجُزْءَ لِلْعَامِلِ، وَ (لِأَجْنَبِيٍّ مَعَ عَمَلٍ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ بِأَنْ يَقُولَ: اعْمَلْ فِي هَذَا الْمَالِ بِثُلُثِ الرِّبْحِ لَكَ وَلِزَيْدٍ، عَلَى أَنْ يَعْمَلَ مَعَكَ؛ لِأَنَّهُ فِي قُوَّةِ قَوْلِهِ: اعْمَلَا فِي هَذَا الْمَالِ بِالثُّلُثِ (وَيُسَمَّى أَيْضًا) دَفْعُ الْمَالِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ (قِرَاضًا) وَتَقَدَّمَ (وَمُعَامَلَةً) مِنْ الْعَمَلِ.
(وَتَنْعَقِدُ) الْمُضَارَبَةُ (بِمَا يُؤَدِّي مَعْنَى ذَلِكَ) أَيْ مَعْنَى الْمُضَارَبَةِ وَالْقِرَاضِ مِنْ كُلِّ قَوْلٍ دَلَّ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ الْمَعْنَى فَجَازَ بِكُلِّ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ (وَهِيَ) أَيْ الْمُضَارَبَةُ (أَمَانَةٌ وَوَكَالَةٌ) ؛ لِأَنَّهُ مُتَصَرِّفٌ لِغَيْرِهِ بِإِذْنِهِ وَالْمَالُ تَحْتَ يَدِهِ عَلَى وَجْهٍ لَا يَخْتَصُّ بِنَفْعِهِ (فَإِنْ رَبِحَ) الْعَامِلُ فِي الْمَالِ (فَشَرِكَةٌ) لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي الرِّبْحِ (وَإِنْ فَسَدَتْ) الْمُضَارَبَةُ (فَإِجَارَةٌ) ؛ لِأَنَّ الْعَامِلَ يَأْخُذُ أُجْرَةَ عَمَلِهِ.
(وَإِنْ تَعَدَّى) الْعَامِلُ مَا أَمَرَ بِهِ رَبُّ الْمَالِ (فَغَضِبَ) يَرُدُّ الْمَالَ وَرِبْحَهُ وَلَا شَيْءَ لَهُ فِي نَظِيرِ عَمَلِهِ كَالْغَاصِبِ.
(قَالَ) ابْنُ الْقَيِّمِ (فِي الْهَدْيِ) النَّبَوِيِّ (الْمُضَارِبُ أَمِينٌ وَأَجِيرٌ وَوَكِيلٌ وَشَرِيكٌ فَأَمِينٌ إذَا قَبَضَ الْمَالَ، وَوَكِيلٌ إذَا تَصَرَّفَ فِيهِ) أَيْ الْمَالِ (وَأَجِيرٌ فِيمَا يُبَاشِرُهُ مِنْ الْعَمَل بِنَفْسِهِ) ؛ لِأَنَّهُ يَعْمَلُ لِغَيْرِهِ بِعِوَضٍ وَهُوَ الْجُزْءُ الْمُسَمَّى لَهُ مِنْ الرِّبْحِ وَإِنْ كَانَتْ الْمُضَارَبَةُ صَحِيحَةً وَلَعَلَّ مُرَادَهُ: أَنَّهُ فِي حُكْمِ الْأَجِيرِ، وَإِلَّا فَتَعْرِيفُ الْإِجَارَةِ الْآتِي لَا يَنْطَبِقُ عَلَيْهِ وَلِذَلِكَ لَمْ يَجْعَلْ الْمُصَنِّفُ قَوْلَهُ " مُقَابِلًا " لِمَا قَدَّمَهُ مِنْ أَنَّهُ أَجِيرٌ إذَا فَسَدَتْ.
(وَشَرِيكٌ إذَا ظَهَرَ فِيهِ) أَيْ الْمَالِ (الرِّبْحُ) لِمَا تَقَدَّمَ.
(وَمِنْ شَرْطِ صِحَّتِهَا) أَيْ الْمُضَارَبَةِ (تَقْدِيرُ نَصِيبِ الْعَامِلِ) مِنْ الرِّبْحِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّهُ إلَّا بِالشَّرْطِ (فَإِنْ قَالَ) رَبُّ الْمَالِ (خُذْ هَذَا الْمَالَ مُضَارَبَةً وَلَمْ يَذْكُرْ سَهْمَ الْعَامِلِ) لَمْ تَصِحَّ (أَوْ قَالَ) خُذْ هَذَا الْمَالَ مُضَارَبَةً (وَلَكَ جُزْءٌ) أَوْ حَظٌّ أَوْ نَصِيبٌ (مِنْ الرِّبْحِ فَ) الْمُضَارَبَةُ فَاسِدَةٌ، لِجَهَالَةِ نَصِيبِ الْعَامِلِ وَ (الرِّبْحُ كُلُّهُ لِرَبِّ الْمَالِ) ؛ لِأَنَّهُ نَمَاءُ مَالِهِ.
(وَالْوَضِيعَةُ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى رَبِّ الْمَالِ وَحْدَهُ،؛ لِأَنَّ الْعَامِلَ أَمِينٌ (وَلِلْعَامِلِ أَجْرُ مِثْلِهِ) وَإِنْ لَمْ يُحَصَّلْ رِبْحٌ؛ لِأَنَّهُ عَمِلَ بِعِوَضٍ لَمْ يُسَلَّمْ لَهُ (وَتَكْفِي مُبَاشَرَتُهُ) أَيْ الْعَمَلِ قَبُولًا (فَلَا يُعْتَبَرُ نُطْقُ) الْعَامِلِ بِالْقَبُولِ كَالْوَكَالَةِ.
(فَإِنْ قَالَ) رَبُّ الْمَالِ (خُذْهُ فَاتَّجِرْ فِيهِ وَالرِّبْحُ كُلُّهُ لِي، فَ) هُوَ (إبْضَاعٌ) أَيْ يَصِيرُ جَمِيعُ الرِّبْحِ لِرَبِّ
الْمَالِ (لَا حَقَّ لِلْعَامِلِ فِيهِ) فَيَصِيرُ وَكِيلًا مُتَبَرِّعًا؛ لِأَنَّهُ قَرَنَ بِهِ حُكْمَ الْإِبْضَاعِ فَلَوْ قَالَ مَعَ ذَلِكَ: وَعَلَيْكَ ضَمَانُهُ لَمْ يَضْمَنْهُ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ يَقْتَضِي كَوْنَهُ أَمَانَةً غَيْرَ مَضْمُونَةٍ، مَا لَمْ يَتَعَدَّ أَوْ يُفَرِّطْ فَلَا يَزُولُ ذَلِكَ بِشَرْطِهِ.
(وَإِنْ قَالَ) خُذْهُ فَاتَّجِرْ بِهِ وَ (الرِّبْحُ كُلُّهُ لَكَ، فَ) الْمَالُ الْمَدْفُوعُ (قَرْضٌ) لَا قِرَاضٌ؛ لِأَنَّ اللَّفْظ يَصْلُحُ لَهُ وَقَدْ قَرَنَ بِهِ حُكْمَهُ فَانْصَرَفَ إلَيْهِ كَالتَّمْلِيكِ وَالرِّبْحُ كُلُّهُ لِلْعَامِلِ (لَا حَقَّ لِرَبِّ الْمَالِ فِيهِ) أَيْ الرِّبْحِ، وَإِنَّمَا يَرْجِعُ بِمِثْلِ مَا دَفَعَهُ.
(وَلَيْسَا) أَيْ الْإِبْضَاعُ وَالْقَرْضُ (بِشَرِكَةٍ) وَلَا مُضَارَبَةٍ لِعَدَمِ تَحَقُّقِ مَعْنَاهَا فِيهِمَا (فَإِنْ زَادَ) رَبُّ الْمَالِ (مَعَ قَوْلِهِ: وَالرِّبْحُ كُلُّهُ لَكَ: فَلَا ضَمَانَ عَلَيْك فَهُوَ قَرْضٌ شُرِطَ فِيهِ نَفْيُ الضَّمَانِ فَلَا يَنْتَفِي بِشَرْطِهِ) ؛ لِأَنَّهُ شَرْطٌ فَاسِدٌ لِمُنَافَاتِهِ مُقْتَضَى الْعَقْدِ.
(وَإِنْ قَالَ) رَبُّ الْمَالِ اتَّجَرَ بِهِ وَ (الرِّبْحُ بَيْنَنَا فَ) الرِّبْحُ (بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ) ؛ لِأَنَّهُ أَضَافَهُ إلَيْهِمَا إضَافَةً وَاحِدَةً وَلَمْ يَتَرَجَّحْ فِيهَا أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ فَاقْتَضَى التَّسْوِيَةَ، كَهَذِهِ الدَّارِ بَيْنِي وَبَيْنِكَ.
(وَإِنْ قَالَ) رَبُّ الْمَالِ (خُذْهُ مُضَارَبَةً وَالرِّبْحُ كُلُّهُ لَكَ) فَسَدَتْ (أَوْ قَالَ) خُذْهُ مُضَارَبَةً (وَالرِّبْحُ كُلُّهُ لِي فَسَدَتْ) الْمُضَارَبَةُ،؛ لِأَنَّهَا تَقْتَضِي كَوْنَ الرِّبْحِ بَيْنَهُمَا فَإِذَا شَرَطَ اخْتِصَاصَ أَحَدِهِمَا بِالرِّبْحِ، فَقَدْ شُرِطَ مَا يُنَافِي مُقْتَضَى الْعَقْدِ فَفَسَدَ، كَمَا لَوْ شَرَطَ الرِّبْحَ فِي شَرِكَةِ الْعَنَانِ لِأَحَدِهِمَا وَيُفَارِقُ إذَا لَمْ يَقُلْ مُضَارَبَةً؛ لِأَنَّ اللَّفْظَ يَصْلُحُ لِمَا ثَبَتَ حُكْمُهُ مِنْ الْإِبْضَاعِ وَالْقَرْضِ وَيَنْفُذُ تَصَرُّفُ الْعَامِلِ؛ لِأَنَّ الْإِذْنَ بَاقٍ.
(وَلَهُ) أَيْ الْعَامِلِ (أُجْرَةُ الْمِثْلِ فِي الْأُولَى) وَهِيَ قَوْلُهُ: خُذْهُ مُضَارَبَةً وَالرِّبْحُ كُلُّهُ لَكَ؛ لِأَنَّهُ عَمِلَ عَلَى عِوَضٍ لَمْ يُسَلَّمْ لَهُ (وَلَا شَيْءَ لَهُ) أَيْ لِلْعَامِلِ (فِي الثَّانِيَةِ) وَهِيَ قَوْلُهُ: خُذْهُ مُضَارَبَةً وَالرِّبْحُ كُلُّهُ لِي؛ لِأَنَّهُ تَبَرَّعَ بِعَمَلِهِ.
(وَإِنْ قَالَ) خُذْهُ مُضَارَبَةً (وَلَكَ) ثُلُثُ الرِّبْحِ صَحَّ وَالْمَسْكُوتُ عَنْهُ حِينَئِذٍ لِرَبِّ الْمَالِ (أَوْ) قَالَ خُذْهُ مُضَارَبَةً وَ (لِي ثُلُثُ الرِّبْحِ، وَلَمْ يَذْكُرْ نَصِيبَ الْآخَرِ صَحَّ) الْقِرَاضُ.
(وَالْبَاقِي) مِنْ الرِّبْحِ (لِلْآخَرِ) الْمَسْكُوتِ عَنْهُ؛ لِأَنَّ الرِّبْحَ لَهُمَا فَإِذَا قُدِّرَ نَصِيبُ أَحَدِهِمَا مِنْهُ فَالْبَاقِي لِلْآخَرِ بِمَفْهُومِ اللَّفْظِ، كَمَا عُلِمَ أَنَّ ثُلُثَيْ الْمِيرَاثِ لِلْأَبِ مِنْ قَوْله تَعَالَى {وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلأُمِّهِ الثُّلُثُ} [النساء: 11] (وَإِنْ أَتَى مَعَهُ) أَيْ مَعَ الْجُزْءِ الْمُسَمَّى (بِرُبْعِ عُشْرِ الْبَاقِي وَنَحْوِهِ) كَرُبْعِ خُمْسِ جُزْءٍ مِنْ سَبْعَةَ عَشَرَ (صَحَّ) ؛ لِأَنَّ جَهَالَتَهُ تَزُولُ بِالْحِسَابِ.
(وَإِنْ قَالَ) رَبُّ الْمَالِ خُذْهُ مُضَارَبَةً (لِي النِّصْفُ وَلَكَ الثُّلُثُ وَسَكَتَ عَنْ) السُّدُسِ (الْبَاقِي صَحَّ وَكَانَ
لِرَبِّ الْمَالِ) ؛ لِأَنَّهُ يَسْتَحِقُّ الرِّبْحَ بِمَالِهِ، لِكَوْنِهِ نَمَاءَهُ وَفَرْعَهُ، وَالْعَامِلُ يَأْخُذُ بِالشَّرْطِ، فَمَا شُرِطَ لَهُ اسْتَحَقَّهُ وَمَا بَقِيَ فَلِرَبِّ الْمَالِ بِحُكْمِ الْأَصْلِ.
(وَإِنْ قَالَ) رَبُّ الْمَالِ (خُذْهُ مُضَارَبَةً عَلَى الثُّلُثِ، أَوْ قَالَ) خُذْهُ مُضَارَبَةً (بِالثُّلُثِ، أَوْ عَلَى الثُّلُثَيْنِ أَوْ بِالثُّلُثَيْنِ وَنَحْوِهِ) كَقَوْلِهِ: خُذْهُ مُضَارَبَةً بِالرُّبْعِ، أَوْ عَلَى خُمْسَيْنِ وَنَحْوِهِ (صَحَّ) ذَلِكَ (وَكَانَ تَقْدِيرُ النَّصِيبِ لِلْعَامِلِ) ؛ لِأَنَّ حِصَّتَهُ إنَّمَا تَتَقَدَّرُ بِالشَّرْطِ، بِخِلَافِ رَبِّ الْمَالِ فَإِنَّهُ يَسْتَحِقُّ الرِّبْحَ بِمَالِهِ.
(وَإِنْ اخْتَلَفَا) أَيْ رَبُّ الْمَالِ وَالْعَامِلُ (لِمَنْ الْجُزْءُ الْمَشْرُوطُ فَ) هُوَ (لِلْعَامِلِ، قَلِيلًا كَانَ) الْجُزْءُ الْمَشْرُوطُ (أَوْ كَثِيرًا) ؛ لِأَنَّهُ يَسْتَحِقُّهُ بِالْعَمَلِ، وَهُوَ يَقِلُّ وَيَكْثُرُ، وَإِنَّمَا تَتَقَدَّرُ حِصَّتُهُ بِالشَّرْطِ، بِخِلَافِ رَبِّ الْمَالِ فَإِنَّهُ يَسْتَحِقُّ الرِّبْحَ بِمَالِهِ وَيَحْلِفُ مُدَّعِيهِ،؛ لِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ خِلَافُ مَا قَالَهُ فَيَجِبُ لِنَفْيِ الِاحْتِمَالِ، وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي قَدْرِ الْجُزْءِ بَعْدَ الرِّبْحِ، فَقَالَ الْعَامِلُ: شَرَطْتَ لِي النِّصْفَ، وَقَالَ الْمَالِكُ: الثُّلُثَ قُدِّمَ قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ مُنْكِرٌ لِلزِّيَادَةِ فَإِنْ أَقَامَ كُلٌّ مِنْهُمَا بَيِّنَهً قُدِّمَتْ بَيِّنَةُ الْعَامِلِ ذَكَرَهُ فِي الْمُبْدِعِ.
(وَإِنْ قَالَ) رَبُّ الْمَالِ (خُذْهُ مُضَارَبَةً وَلَكَ ثُلُثُ الرِّبْحِ، وَثُلُثُ مَا بَقِيَ صَحَّ وَلَهُ) أَيْ الْعَامِلِ (خُمْسُ أَتْسَاعِ الرِّبْحِ) ؛ لِأَنَّ مَخْرَجَ الثُّلُثِ وَثُلُثَ الْبَاقِي تِسْعَةٌ، وَثُلُثَهَا ثَلَاثَةٌ وَثُلُثَ مَا بَقِيَ اثْنَانِ وَنِسْبَتُهَا إلَى التِّسْعَةِ مَا ذَكَرَ.
(وَإِنْ قَالَ) خُذْهُ مُضَارَبَةً (وَلَكَ ثُلُثُ الرِّبْحِ وَرُبْعُ مَا بَقِيَ فَلَهُ النِّصْفُ) ؛ لِأَنَّ مَخْرَجَ الثُّلُثِ وَرُبْعَ الْبَاقِي مِنْ سِتَّةٍ وَثُلُثَهَا اثْنَانِ، وَرُبْعَ الْبَاقِي وَاحِدٌ وَالثَّلَاثَةَ نِصْفُ السِّتَّةِ ".
(وَإِنْ قَالَ) خُذْهُ مُضَارَبَةً وَ (لَكَ رُبْعُ الرِّبْحِ وَرُبْعُ مَا بَقِيَ فَلَهُ ثَلَاثَةُ أَثْمَانٍ وَنِصْفُ ثُمُنٍ) ؛ لِأَنَّ مَخْرَجَ الرُّبْعِ وَرُبْعَ الْبَاقِي مِنْ سِتَّةَ عَشَرَ وَرُبْعَهَا أَرْبَعَةٌ وَرُبْعَ الْبَاقِي ثَلَاثَةٌ وَالتِّسْعَةُ نِسْبَتُهَا إلَى السِّتَّةَ عَشَرَ مَا ذَكَرَ (وَسَوَاءٌ عَرَفَا) أَيْ الْمُتَقَارِضَانِ (الْحِسَابَ أَوْ جَهِلَاهُ) ؛ لِأَنَّ إزَالَتَهُ مُمْكِنَةٌ بِالرُّجُوعِ إلَى غَيْرِهِمَا مِمَّنْ يَعْرِفُ الْحِسَابَ.
(وَيَجُوزُ أَنْ يَدْفَعَ) وَاحِدٌ (إلَى اثْنَيْنِ مُضَارَبَةً فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ) كَمَا يَجُوزُ فِي عَقْدَيْنِ (فَإِنْ شَرَطَ) رَبُّ الْمَالِ (لَهُمَا جُزْءًا) مَعْلُومًا (مِنْ الرِّبْحِ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ صَحَّ) قَلِيلًا كَانَ أَوْ كَثِيرًا (وَإِنْ قَالَ) رَبُّ الْمَالِ (لَكُمَا كَذَا وَكَذَا) كَالنِّصْفِ أَوْ الثُّلُثِ (مِنْ الرِّبْحِ، وَلَمْ يُبَيِّنْ كَيْفَ هُوَ؟) أَيْ كَيْفِيَّةَ قِسْمَتِهِ بَيْنَهُمَا مِنْ تَسَاوٍ، أَوْ تَفَاضُلٍ (فَهُوَ) أَيْ: الْجُزْءُ الْمَشْرُوطُ (بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ) ؛ لِأَنَّ مُطْلَقَ الْإِضَافَةِ يَقْتَضِي التَّسْوِيَةَ.
(وَإِنْ شَرَطَ) رَبُّ الْمَالِ (لِأَحَدِهِمَا) أَيْ أَحَدِ الْعَامِلَيْنِ (ثُلُثَ الرِّبْحِ، وَ) شَرَطَ (لِلْآخَرِ رُبْعَهُ) أَيْ الرِّبْحِ (وَالْبَاقِي لَهُ) أَيْ لِرَبِّ الْمَالِ (جَازَ) ذَلِكَ وَكَانَ الرِّبْحُ عَلَى مَا شَرَطُوا؛ لِأَنَّ الْحَقَّ
لَا يَعْدُوهُمْ فَجَازَ مَا تَرَاضَوْا عَلَيْهِ.
(وَإِنْ قَارَضَ اثْنَانِ وَاحِدًا بِأَلْفٍ لَهُمَا جَازَ) كَمَا لَوْ قَارَضَهُ كُلٌّ مِنْهُمَا مُنْفَرِدًا بِخَمْسِمِائَةٍ (فَإِنْ شَرَطَا) أَيْ صَاحِبَا الْمَالِ (لَهُ) أَيْ لِلْعَامِلِ فِي مَالِهِمَا (رِبْحًا مُتَسَاوِيًا مِنْهُمَا) بِأَنْ شَرَطَ لَهُ كُلٌّ مِنْهُمَا نِصْفَ الرِّبْحِ أَوْ ثُلُثَهُ (جَازَ وَكَذَلِكَ إنْ) شَرَطَاهُ مُتَفَاضِلًا، بِأَنْ (شَرَطَ أَحَدُهُمَا لَهُ النِّصْفَ، وَ) شَرَطَ (الْآخَرُ) لَهُ (الثُّلُثَ) كَمَا لَوْ انْفَرَدَ كُلٌّ مِنْهُمَا بِعَقْدِهِ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ يَتَعَدَّدُ بِتَعَدُّدِ الْعَاقِدِ.
(وَيَكُونُ بَاقِي رِبْحِ مَالِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لَهُ) أَيْ لِصَاحِبِ ذَلِكَ الْمَالِ؛ لِأَنَّهُ نَمَاءُ مَالِهِ (وَإِنْ شَرَطَا كَوْنَ الْبَاقِي مِنْ الرِّبْحِ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ لَمْ يَجُزْ) ؛ لِأَنَّهُ شَرْطٌ يُنَافِي مُقْتَضَى الْعَقْدِ وَكُلٌّ مِنْهُمَا لَا حَقَّ لَهُ فِي مَالِ الْآخَرِ وَلَا عَمَلَ لَهُ فِيهِ فَلَا يَسْتَحِقُّ مِنْ رِبْحِهِ شَيْئًا (وَإِذَا شَرَطَا) أَيْ الْمُتَقَارِضَانِ (جُزْءًا) مَعْلُومًا (مِنْ الرِّبْحِ لِغَيْرِ الْعَامِلِ فَإِنْ كَانَ) .
شَرَطَا (لِعَبْدِ أَحَدِهِمَا أَوْ) كَانَ شَرَطَا (لِعَبْدَيْهِمَا صَحَّ) وَكَانَ فِي الْحَقِيقَةِ (مَشْرُوطًا لِسَيِّدِهِ) ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ لَا يَمْلِكُ وَمَالُهُ لِسَيِّدِهِ.
(وَإِنْ جَعَلَاهُ) أَيْ جَعَلَ الْمُتَقَارِضَانِ الرِّبْحَ (بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ عَبْدِ أَحَدِهِمَا أَثْلَاثًا فَلِصَاحِبِ الْعَبْدِ الثُّلُثَانِ) أَيْ الثُّلُثُ الْمَشْرُوطُ لَهُ وَالثُّلُثُ الْمَشْرُوطُ لِعَبْدِهِ (وَلِلْآخَرِ الثُّلُثُ) ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي شَرَطَ لَهُ.
(وَإِنْ شَرَطَاهُ) أَيْ شَرَطَا الْمُتَقَارِضَانِ الْجُزْءَ مِنْ الرِّبْحِ (لِأَجْنَبِيٍّ، أَوْ لِوَلَدِ أَحَدِهِمَا) كَبِيرًا كَانَ، أَوْ صَغِيرًا (أَوْ امْرَأَتِهِ، أَوْ قَرِيبِهِ) كَأَبِيهِ وَأَخِيهِ (وَشَرَطَا عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْمَشْرُوطِ لَهُ الْجُزْءَ (عَمَلًا مَعَ الْعَامِلِ صَحَّ) الشَّرْطُ (وَكَانَا عَامِلَيْنِ) بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ قَالَ اعْمَلَا فِي هَذَا الْمَالِ وَلِكُلٍّ مِنْكُمَا كَذَا (وَإِنْ لَمْ يَشْرِطَا عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْمَشْرُوطِ لَهُ الْجُزْءَ غَيْرِ عَبْدِ أَحَدِهِمَا (عَمَلًا) مَعَ الْعَامِلِ (لَمْ تَصِحَّ الْمُضَارَبَةُ) ؛ لِأَنَّهُ شَرْطٌ فَاسِدٌ يَعُودُ إلَى الرِّبْحِ.
فَفَسَدَ بِهِ الْعَقْدُ، كَمَا لَوْ شَرَطَا دَرَاهِمَ مَعْلُومَةً (وَكَذَلِكَ حُكْمُ الْمُسَاقَاةِ وَالْمُزَارَعَةِ فِي) جَمِيعِ (مَا تَقَدَّمَ) فِي الْمُضَارَبَةِ قِيَاسًا عَلَيْهَا؛ لِأَنَّ الْعَامِلَ فِي كُلٍّ مِنْهَا إنَّمَا يَسْتَحِقُّ بِالْعَمَلِ.
(وَحُكْمُ الْمُضَارَبَةِ: حُكْمُ الشَّرِكَةِ فِيمَا لِلْعَامِلِ أَنْ يَفْعَلَهُ) مِنْ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ، أَوْ الْقَبْضِ وَالْإِقْبَاضِ وَغَيْرِهَا (أَوْ لَا يَفْعَلُهُ) كَالْقَرْضِ، وَكِتَابَةِ الرَّقِيقِ وَتَزْوِيجِهِ وَنَحْوِهِ (وَ) فِي (مَا يَلْزَمُهُ فِعْلُهُ) كَنَشْرِ الثَّوْبِ وَطَيِّهِ، وَخَتْمِ الْكِيسِ وَالْإِحْرَازِ وَنَحْوِهِ.
(وَفِي الشُّرُوطِ) صَحِيحَةً كَانَتْ أَوْ فَاسِدَةً، مُفْسِدَةً أَوْ غَيْرَ مُفْسِدَةٍ (؛ لِأَنَّ) كُلَّ (مَا جَازَ فِي إحْدَاهُمَا جَازَ فِي الْأُخْرَى) لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي التَّصَرُّفِ بِلَا إذْنٍ (وَكَذَا الْمَنْعُ) أَيْ مَا امْتَنَعَ فِي إحْدَاهُمَا امْتَنَعَ فِي الْأُخْرَى.
(وَإِنْ فَسَدَتْ) الْمُضَارَبَةُ (فَالرِّبْحُ لِرَبِّ الْمَالِ) ؛ لِأَنَّهُ نَمَاءُ مَالِهِ، وَالْعَامِلُ إنَّمَا يَسْتَحِقُّ بِالشَّرْطِ فَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ
الشَّرْطُ فَلَمْ يَسْتَحِقَّ شَيْئًا (وَلِلْعَامِلِ) إذَا فَسَدَتْ (أُجْرَةُ مِثْلِهِ، خَسِرَ الْمَالُ أَوْ رَبِحَ) ؛ لِأَنَّ عَمَلَهُ إنَّمَا كَانَ فِي مُقَابِلَةِ الْمُسَمَّى فَإِذَا لَمْ تَصِحَّ التَّسْمِيَةُ وَجَبَ رَدُّ عَمَلِهِ عَلَيْهِ وَذَلِكَ مُتَعَذِّرٌ فَوَجَبَ لَهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ (فِيمَا تَصَرُّفُهُ) لِلْعَامِلِ فِي الْمُضَارَبَةِ الْفَاسِدَةِ مِنْ التَّصَرُّفَاتِ (نَافِذٌ) لِإِذْنِ رَبِّ الْمَالِ لَهُ فِي التَّصَرُّفِ.
(وَلَوْ لَمْ يَعْمَلْ الْعَامِلُ) فِي الْمُضَارَبَةِ (شَيْئًا إلَّا أَنَّهُ صَرَفَ الذَّهَبَ بِالْوَرِقِ فَارْتَفَعَ الصَّرْفُ اسْتَحَقَّ الْعَامِلُ حِصَّتَهُ) مِنْ الرِّبْحِ؛ لِأَنَّهُ مُقْتَضَى ذَلِكَ الْعَقْدُ الصَّحِيحِ.
(وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ) أَيْ الْعَامِلِ (فِيهَا) أَيْ فِي الْمُضَارَبَةِ الْفَاسِدَةِ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ مَا لَا ضَمَانَ فِي صَحِيحِهِ لَا ضَمَانَ فِي فَاسِدِهِ وَلَوْ قُدِّمَ ذَلِكَ عَلَى مَسْأَلَةِ الصَّرْفِ لَكَانَ أُنْسَبَ، وَحَمْلُ كَلَامَهُ هُنَا عَلَى الْمُضَارَبَةِ الصَّحِيحَةِ مُمْكِنٌ لَكِنَّهُ يَأْتِي فِي كَلَامِهِ.
(وَيَصِحُّ تَعْلِيقُهَا) أَيْ الْمُضَارَبَةِ وَلَوْ عَلَى شَرْطٍ مُسْتَقْبَلٍ كَإِذَا جَاءَ رَأْسُ الشَّهْرِ فَضَارِبَ بِهَذَا عَلَى كَذَا؛ لِأَنَّهُ إذْنٌ فِي التَّصَرُّفِ فَجَازَ تَعْلِيقُهُ كَالْوَكَالَةِ (وَالْمَنْصُوصُ) عَنْ الْإِمَامِ.
(وَ) يَصِحُّ (بِعْ هَذَا) الْعَرْضَ (وَمَا حَصَلَ مِنْ ثَمَنِهِ فَقَدْ ضَارَبْتُك بِهِ) ؛ لِأَنَّهُ وَكِيلٌ فِي بَيْعِ الْعَرْضِ فَإِذَا بَاعَهُ صَارَ الثَّمَنُ فِي يَدِهِ أَمَانَةً أَشْبَهَ مَا لَوْ كَانَ الْمَالُ عِنْدَهُ وَدِيعَةً.
(وَيَصِحُّ تَأْقِيتُهَا) أَيْ الْمُضَارَبَةِ بِ (أَنْ يَقُولَ) رَبُّ الْمَالِ (ضَارَبْتُكَ عَلَى هَذِهِ الدَّرَاهِمِ) أَوْ الدَّنَانِيرِ (سَنَةً فَإِذَا مَضَتْ السَّنَةُ فَلَا تَبِعْ وَلَا تَشْتَرِ) ؛ لِأَنَّهُ تَصَرُّفٌ يَتَوَقَّتُ بِنَوْعٍ مِنْ الْمَتَاعِ، فَجَازَ تَوْقِيتُهُ بِالزَّمَانِ كَالْوَكَالَةِ.
(وَلَوْ قَالَ) رَبُّ الْمَالِ ضَارِبْ بِهَذَا الْمَالِ شَهْرًا (وَمَتَى مَضَى الْأَجَلُ فَهُوَ) أَيْ مَالُ - الْمُضَارَبَةِ (قَرْضٌ) صَحَّ ذَلِكَ (فَ) إنْ (مَضَى) الْأَجَلُ.
(وَهُوَ) أَيْ الْمَالُ (نَاضٌّ صَارَ) الْمَالُ (قَرْضًا وَإِنْ مَضَى) الْأَجَلُ (وَهُوَ مَتَاعٌ) فَعَلَى الْعَامِلِ تَنْضِيضُهُ (فَإِذَا بَاعَهُ) وَنَضَّضَهُ (صَارَ قَرْضًا) ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ لِرَبِّ الْمَالِ فِيهِ غَرَضٌ نَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ مُهَنَّا.
(وَإِنْ قَالَ) رَبُّ عَرْضٍ (بِعْ هَذَا الْعَرْضَ وَضَارِبْ بِثَمَنِهِ) صَحَّ لِمَا تَقَدَّمَ.
(أَوْ) قَالَ رَبُّ وَدِيعَةٍ (اقْبِضْ وَدِيعَتِي) مِنْ زَيْدٍ أَوْ مِنْكَ وَضَارِبْ بِهَا (أَوْ) قَالَ رَبُّ دَيْنٍ اقْبِضْ (دَيْنِي) مِنْ فُلَانٍ (وَضَارِبْ بِهِ) صَحَّ؛ لِأَنَّهُ وَكَّلَهُ فِي قَبْضِ الدَّيْنِ أَوْ الْوَدِيعَةِ وَعَلَّقَ الْمُضَارَبَةَ عَلَى الْقَبْضِ وَتَعْلِيقُهَا صَحِيحٌ.
(أَوْ) قَالَ ضَارِبْ (بِعَيْنِ مَالِيَ الَّذِي غَصَبْتَهُ مِنِّي صَحَّ) ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الدَّفْعِ (وَزَالَ ضَمَانُ الْغَصْبِ) بِمُجَرَّدِ عَقْدِ الْمُضَارَبَةِ وَصَارَ الْمَالُ أَمَانَةً بِيَدِهِ لَإِذْنِ رَبِّهِ فِي بَقَائِهِ بِيَدِهِ (وَيَصِحُّ قَوْلُهُ) أَيْ قَوْلُ رَبِّ وَدِيعَةٍ وَنَحْوِهَا (إذَا قَدِمَ الْحَاجُّ فَضَارِبْ بِوَدِيعَتِي أَوْ غَيْرِهَا) ؛ لِأَنَّ تَعْلِيقَ الْمُضَارَبَةِ صَحِيحٌ لِمَا تَقَدَّمَ.
(وَإِنْ قَالَ) رَبُّ دَيْنٍ (ضَارِبْ بِالدَّيْنِ الَّذِي عَلَيْك) لَمْ تَصِحَّ لِعَدَمِ حُضُورِ