الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
طَالَبَ بِهِ قَبْلَهُ وُرِثَ كَشُفْعَةٍ وَحَدِّ قَذْفٍ) قَالَ أَحْمَدُ الْمَوْتُ يَبْطُلُ بِهِ ثَلَاثَةُ أَشْيَاءَ الشُّفْعَةُ وَالْحَدُّ إذَا مَاتَ الْمَقْذُوفُ وَالْخِيَارُ إذَا مَاتَ الَّذِي اشْتَرَطَ الْخِيَارَ لَمْ تَكُنْ لِلْوَرَثَةِ هَذِهِ الثَّلَاثَةُ الْأَشْيَاءِ إنَّمَا هِيَ بِالطَّلَبِ فَإِذَا لَمْ يَطْلُبْ فَلَيْسَ يَجِبُ إلَّا أَنْ يَشْهَدَ: أَنِّي عَلَى حَقٍّ مِنْ كَذَا وَكَذَا وَأَنِّي قَدْ طَلَبْتُهُ فَإِنْ مَاتَ بَعْدَهُ كَانَ لِوَارِثِهِ الطَّلَبُ بِهِ وَلَا يُشْتَرَطُ ذَلِكَ فِي إرْثِ خِيَارٍ غَيْرِ خِيَارِ الشَّرْطِ (وَإِنْ جُنَّ) مَنْ اشْتَرَطَ الْخِيَارَ (أَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ قَامَ وَلِيُّهُ مَقَامَهُ) لِخِيَارِ الْمَجْلِسِ وَفِيهِ مَا تَقَدَّمَ وَأَيْضًا فَالْمُغْمَى عَلَيْهِ لَا تَثْبُتُ عَلَيْهِ الْوِلَايَةُ لِأَحَدٍ (وَإِنْ خَرِسَ فَلَمْ تُفْهَمْ إشَارَتُهُ فَ) هُوَ (كَمَجْنُونٍ) عَلَى مَا تَقَدَّمَ وَإِنْ فُهِمَتْ إشَارَتُهُ قَامَتْ مَقَامَ نُطْقِهِ.
(وَإِنْ مَاتَ) أَحَدُهُمَا (فِي خِيَارِ الْمَجْلِس بَطَلَ خِيَارُهُ وَخِيَارُ صَاحِبِهِ كَمَا تَقَدَّمَ وَلَمْ يُورَثْ) خِيَارُ الْمَجْلِسِ.
[فَصْلٌ خِيَارُ الْغَبْنِ]
فَصْلٌ الْقِسْمُ الثَّالِثُ مِنْ أَقْسَامِ الْخِيَارِ خِيَارُ الْغَبْنِ بِسُكُونِ الْبَاءِ، مَصْدَرُ غَبَنَهُ مِنْ بَابِ ضَرَبَ إذَا خَدَعَهُ (وَيَثْبُتُ) خِيَارُ الْغَبْنِ (فِي ثَلَاثِ صُوَرٍ إحْدَاهَا إذَا تَلَقَّى الرُّكْبَانَ) وَهُمْ جَمْعُ رَاكِبٍ وَهُوَ فِي الْأَصْلِ رَاكِبُ الْبَعِيرِ ثُمَّ اتُّسِعَ فِيهِ فَأُطْلِقَ عَلَى كُلِّ رَاكِبٍ وَالْمُرَادُ بِهِمْ هُنَا (الْقَادِمُونَ مِنْ السَّفَرِ بِجَلُوبَةٍ، وَهِيَ مَا يُجْلَبُ لِلْبَيْعِ وَإِنْ كَانُوا مُشَاةً) قَالَ فِي الرِّعَايَةِ يُكْرَهُ تَلَقِّي الرُّكْبَانِ وَقِيلَ يَحْرُمُ وَهُوَ أَوْلَى.
(وَلَوْ) كَانَ تَلَقِّيهِمْ (بِغَيْرِ قَصْدِ التَّلَقِّي) لَهُمْ (وَاشْتَرَى مِنْهُمْ أَوْ بَاعَهُمْ، شَيْئًا فَلَهُمْ الْخِيَارُ إذَا هَبَطُوا السُّوقَ وَعَلِمُوا أَنَّهُمْ قَدْ غُبِنُوا غَبْنًا يَخْرُجُ عَنْ الْعَادَةِ) لِقَوْلِهِ عليه السلام «لَا تَلَقَّوْا الْجَلَبَ فَمَنْ تَلَقَّاهُ فَاشْتَرَى مِنْهُ فَإِذَا أَتَى السُّوقَ فَهُوَ بِالْخِيَارِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَثُبُوتُ الْخِيَارِ لَا يَكُونُ إلَّا فِي صَحِيحٍ، وَالنَّهْيُ لَا يَرْجِعُ لِمَعْنَى فِي الْبَيْعِ وَإِنَّمَا لِضَرَبٍ مِنْ الْخَدِيعَةِ يُمْكِنُ اسْتِدْرَاكُهُ بِالْخِيَارِ أَشْبَهَ الْمُصَرَّاةَ.
(الثَّانِيَةُ: فِي النَّجْشِ وَهُوَ أَنْ يَزِيدَ فِي السِّلْعَةِ مَنْ لَا يُرِيدُ شِرَاءَهَا) مِنْ نَجَشْتُ الصَّيْدَ إذَا أَثَرْتُهُ كَأَنَّ النَّاجِشَ يُثِيرُ كَثْرَةَ الثَّمَنِ بِنَجْشِهِ.
(وَهُوَ) أَيْ النَّجْشُ (حَرَامٌ لِمَا فِيهِ مِنْ تَغْرِيرِ الْمُشْتَرِي وَخَدِيعَتِهِ) فَهُوَ فِي مَعْنَى الْغِشِّ (وَيَثْبُتُ لَهُ) أَيْ لِلْمُشْتَرِي بِالنَّجْشِ
(الْخِيَارُ إذَا غُبِنَ الْغَبْنَ الْمَذْكُورَ) كَالصُّورَةِ الْأُولَى قَالَ فِي الْمُبْدِعِ: وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ حِذْقِ الَّذِي زَادَ فِيهَا لِأَنَّ تَغْرِيرَ الْمُشْتَرِي لَا يَحْصُلُ إلَّا بِذَلِكَ وَأَنْ يَكُونَ الْمُشْتَرِي جَاهِلًا فَلَوْ كَانَ عَارِفًا وَاغْتَرَّ بِذَلِكَ فَلَا خِيَارَ لَهُ لِعَجَلَتِهِ وَعَدَمِ تَأَمُّلِهِ.
(وَلَوْ) كَانَتْ زِيَادَةُ مَنْ لَا يُرِيدُ شِرَاءً (بِغَيْرِ مُوَاطَأَةٍ مِنْ الْبَائِعِ) لِمَنْ يَزِيدُ فِيهَا (أَوْ) كَانَ الْبَائِعُ (زَادَ) فِي الثَّمَنِ (بِنَفْسِهِ) وَالْمُشْتَرِي لَا يَعْلَمُ ذَلِكَ لِوُجُودِ التَّغْرِيرِ (فَيُخَيَّرُ) الْمُشْتَرِي (بَيْنَ رَدِّ) الْمَبِيعِ (وَإِمْسَاكِ) هـ.
(قَالَ ابْنُ رَجَبٍ فِي شَرْحِ) الْأَرْبَعِينَ (النَّوَوِيَّةِ: وَيُحَطُّ مَا غُبِنَ بِهِ مِنْ الثَّمَنِ) أَيْ يَسْقُطُ عَنْهُ وَيَرْجِعُ بِهِ إنْ كَانَ دَفَعَهُ (ذَكَرَهُ الْأَصْحَابُ قَالَ الْمُنَقِّحَ: وَلَمْ نَرَهُ لِغَيْرِهِ وَهُوَ قِيَاسُ خِيَارِ الْعَيْبِ وَالتَّدْلِيسِ عَلَى قَوْلٍ انْتَهَى) كَلَامُ الْمُنَقِّحِ (اخْتَارَهُ) أَيْ الْقَوْلَ فِي التَّدْلِيسِ (جَمْعٌ) مِنْهُمْ أَبُو بَكْرٍ فِي التَّنْبِيهِ، وَصَاحِبُ الْمُبْهِجِ وَالتَّلْخِيصِ وَالتَّرْغِيبِ وَالْبُلْغَةِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ (وَمِنْ النَّجْشِ) قَوْلُ بَائِعٍ سِلْعَةٍ (أُعْطِيتُ فِيهَا كَذَا، وَهُوَ كَاذِبٌ) فَيَثْبُتُ لِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ لِتَغْرِيرِهِ وَكَذَا: لَوْ أَخْبَرَ أَنَّهُ اشْتَرَى السِّلْعَةَ بِكَذَا وَهُوَ زَائِدٌ عَمَّا اشْتَرَاهَا بِهِ فَلَا يَبْطُلُ الْبَيْعُ وَلِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ عَلَى الصَّحِيحِ ذَكَرَهُ فِي الْإِنْصَافِ.
(الثَّالِثُ الْمُسْتَرْسِلُ وَهُوَ) اسْمُ فَاعِلٍ مِنْ اسْتَرْسَلَ إذَا اطْمَأَنَّ وَاسْتَأْنَسَ وَالْمُرَادُ هُنَا (الْجَاهِلُ بِالْقِيمَةِ مِنْ بَائِعٍ وَمُشْتَرٍ وَلَا يَحْسُنُ أَنْ يُمَاكِسَ فَلَهُ الْخِيَارُ إذَا غُبِنَ الْغَبْنَ الْمَذْكُورَ) أَيْ الَّذِي يَخْرُجُ عَنْ الْعَادَةِ لِأَنَّهُ حَصَلَ لِجَهْلِهِ الْخِيَارَ فَثَبَتَ لَهُ الْخِيَارُ كَمَا ثَبَتَ.
(وَيُقْبَلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ أَنَّهُ جَاهِلٌ بِالْقِيمَةِ) لِأَنَّهُ الْأَصْلُ (مَا لَمْ تَكُنْ قَرِينَةٌ تُكَذِّبُهُ) فِي دَعْوَى الْجَهْلِ فَلَا تُقْبَلُ مِنْهُ وَقَالَ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ: الْأَظْهَرُ احْتِيَاجُهُ يَعْنِي فِي دَعْوَى الْجَهْلِ بِالْقِيمَةِ إلَى بَيِّنَة لِأَنَّهُ لَيْسَ مِمَّا تَتَعَذَّرُ إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ بِهِ.
(وَأَمَّا مَنْ لَهُ خِبْرَةٌ بِسِعْرِ الْمَبِيعِ وَيَدْخُلُ عَلَى بَصِيرَةٍ بِالْغَبْنِ، وَمَنْ غُبِنَ لِاسْتِعْجَالِهِ فِي الْبَيْعِ، وَلَوْ تَوَقَّفَ فِيهِ وَلَمْ يَسْتَعْجِلْ لَمْ يُغْبَنْ، فَلَا خِيَارَ لَهُمَا) لِعَدَمِ التَّغْرِيرِ.
(وَكَذَا إجَارَةٌ) يَثْبُتُ فِيهَا خِيَارُ الْغَبْنِ إذَا جَهِلَ أُجْرَةَ الْمِثْلِ، وَلَمْ يُحْسِنْ الْمُمَاسَكَةَ فِيهَا (فَإِنْ فَسَخَ) الْمَغْبُونُ (فِي أَثْنَائِهَا) أَيْ أَثْنَاءِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ (كَانَ الْفَسْخُ رَافِعًا لِلْعَقْدِ مِنْ أَصْلِهِ) وَسَيَأْتِي أَنَّ الْفَسْخَ رَافِعٌ لِلْعَقْدِ مِنْ حِينِ الْفَسْخِ، لَا مِنْ أَصْلِهِ.
(وَيَرْجِعُ الْمُؤَجِّرُ) إنْ كَانَ هُوَ الْفَاسِخُ (عَلَى الْمُسْتَأْجَرِ بِالْقِسْطِ مِنْ أُجْرَةِ الْمِثْلِ، لَا) بِالْقِسْطِ (مِنْ الْمُسَمَّى) فِي الْإِجَارَةِ لِأَنَّهُ لَوْ رَجَعَ عَلَيْهِ بِذَلِكَ لَمْ يَسْتَدْرِكْ ظُلَامَةَ الْغَبْنِ لِأَنَّهُ يَلْحَقُهُ فِيمَا يَلْزَمُهُ مِنْ ذَلِكَ لِمُدَّتِهِ وَيُفَارِقُ مَا لَوْ ظَهَرَ عَلَى عَيْبٍ فِي الْإِجَارَةِ،