الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَالْأَوْطِيَةِ وَالْمَعَالِيقِ، كَالْقِدْرِ وَالْقِرْبَةِ وَنَحْوِهِمَا، إمَّا بِرُؤْيَةٍ أَوْ صِفَةٍ أَوْ وَزْنٍ) ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يَخْتَلِفُ.
(وَلَهُ) أَيْ الرَّاكِبِ (حَمْلُ مَا نَقَصَ مِنْ مَعْلُومِهِ) أَيْ مِنْ الَّذِي قَدَّرَهُ لِلْمُؤْجِرِ (وَلَوْ بِأَكْلٍ مُعْتَادٍ، وَيَأْتِي فِي الْبَابِ) مُوَضَّحًا (وَإِنْ كَانَ اسْتَأْجَرَ لِلْحَمْلِ لَمْ يَحْتَجْ إلَى ذِكْرِ مَا تَقَدَّمَ) مِنْ ذِكْرِ مَا يَحْمِلُ عَلَيْهِ وَآلَتِهِ (إنْ لَمْ يَتَضَرَّرْ الْمَحْمُولُ بِكَثْرَةِ الْحَرَكَةِ، أَوْ يَفُوتُ غَرَضُ الْمُسْتَأْجِرِ) بِاخْتِلَافِ مَا يُحْمَلُ عَلَيْهِ (وَإِلَّا) بِأَنْ تَضَرَّرَ الْمَحْمُولُ أَوْ فَاتَ غَرَضُ الْمُسْتَأْجِرِ بِاخْتِلَافِهِ (اُشْتُرِطَ كَحَامِلِ زُجَاجٍ وَخَزَفٍ) أَيْ فَخَّارٍ.
(وَفَاكِهَةٍ وَنَحْوِهِ) أَيْ نَحْوِ مَا ذُكِرَ؛؛ لِأَنَّ فِيهِ غَرَضًا (وَيُشْتَرَطُ مَعْرِفَةُ الْمَتَاعِ الْمَحْمُولِ بِرُؤْيَةٍ أَوْ صِفَةٍ وَذِكْرُ جِنْسِهِ مِنْ حَدِيدٍ أَوْ قُطْنٍ أَوْ غَيْرِهِ وَ) مَعْرِفَةُ (قَدْرِهِ بِالْكَيْلِ أَوْ بِالْوَزْنِ، فَلَا يَكْفِي ذِكْرُ وَزْنِهِ فَقَطْ) لِاخْتِلَافِ الْغَرَضِ، خِلَافًا لِابْنِ عَقِيلٍ (وَيُشْتَرَطُ مَعْرِفَةُ أَرْضٍ) إذَا اُسْتُؤْجِرَ (لِحَرْثٍ) بِرُؤْيَةٍ؛ لِأَنَّهَا لَا تَنْضَبِطُ بِالصِّفَةِ فَيَخْتَلِفَ الْعَمَلُ بِاخْتِلَافِهَا.
[فَصْلٌ مَعْرِفَةُ الْأُجْرَةِ]
(فَصْلٌ) الشَّرْطُ (الثَّانِي) لِلْإِجَارَةِ (مَعْرِفَةُ الْأُجْرَةِ) ؛.
؛ لِأَنَّهُ عِوَضٌ فِي عَقْدِ مُعَاوَضَةٍ فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ مَعْلُومًا كَالثَّمَنِ وَقَدْ رُوِيَ عَنْهُ صلى الله عليه وسلم «مَنْ اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا فَلْيُعْلِمْهُ أَجْرَهُ» وَيَصِحُّ أَنْ تَكُونَ فِي الذِّمَّةِ وَأَنْ تَكُونَ مُعَيَّنَةً (فَمَا فِي الذِّمَّةِ) حُكْمُهُ (كَثَمَنٍ) فَمَا صَحَّ أَنْ يَكُونَ ثَمَنًا فِي الذِّمَّةِ، صَحَّ أَنْ يَكُونَ أُجْرَةً (وَ) الْأُجْرَةُ (الْمُعَيَّنَةُ كَمَبِيعٍ) مُعَيَّنٍ.
(وَلَوْ جَعَلَ الْأُجْرَةَ صُبْرَةَ دَرَاهِمَ، أَوْ) صُبْرَةً (غَيْرَهَا) صَحَّتْ الْإِجَارَةُ (كَبَيْعٍ) بِخِلَافِ السَّلَمِ؛ لِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ هُنَا أُجْرِيَتْ مَجْرَى الْأَعْيَانِ؛؛ لِأَنَّهَا مُتَعَلِّقَةٌ بِعَيْنٍ حَاضِرَةٍ، وَالسَّلَمُ مُتَعَلِّقٌ بِمَعْدُومٍ، فَافْتَرَقَا.
(وَتَجُوزُ إجَارَةُ الْأَرْضِ بِجِنْسِ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا) بِأَنْ أَجَّرَهَا لِمَنْ يَزْرَعُهَا بُرًّا بِقَفِيزٍ بُرٍّ إنْ لَمْ يَقُلْ مِمَّا يَخْرُجُ مِنْهَا، وَإِلَّا لَمْ يَصِحَّ (وَتَقَدَّمَ فِي الْبَابِ قَبْلَهُ) مُفَصَّلًا.
(وَيَصِحُّ اسْتِئْجَارُ أَجِيرٍ وَظِئْرٍ) أَيْ مُرْضِعَةٍ وَلَوْ أُمًّا (بِطَعَامِهِمَا وَكِسْوَتِهِمَا) وَإِنْ لَمْ يَصِفْ الطَّعَامَ وَالْكِسْوَةَ (أَوْ بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ وَطَعَامِهِمَا وَكُسْوَتِهِمَا)، أَمَّا الْمُرْضِعَةُ فَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة: 233] فَأَوْجَبَ لَهُنَّ النَّفَقَةَ وَالْكِسْوَةَ عَلَى
الرَّضَاعِ وَلَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ الْمُطَلَّقَةِ وَغَيْرِهَا، بَلْ فِي الْآيَةِ قَرِينَةٌ تَدُلُّ عَلَى طَلَاقِهَا؛ لِأَنَّ الزَّوْجَةَ تَجِبُ نَفَقَتُهَا وَكِسْوَتُهَا بِالزَّوْجِيَّةِ، وَإِنْ لَمْ تُرْضِعْ، وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ} [البقرة: 233] وَالْوَارِثُ لَيْسَ بِزَوْجٍ وَأَمَّا الْأَجِيرُ فَلِمَا رُوِيَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَأَبِي مُوسَى - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ -: أَنَّهُمْ اسْتَأْجَرُوا الْأُجَرَاءَ بِطَعَامِهِمْ وَكِسْوَتِهِمْ، وَلَمْ يَظْهَرْ لَهُ نَكِيرٌ، فَكَانَ كَالْإِجْمَاعِ.
(وَكَمَا لَوْ شَرَطَا) أَيْ الْمُرْضِعَةُ وَالْأَجِيرُ (كِسْوَةً وَنَفَقَةً مَعْلُومَتَيْنِ مَوْصُوفَتَيْنِ، كَصِفَتِهِمَا فِي السَّلَمِ) بِأَنْ يُوصَفَا بِمَا لَا يَخْتَلِفَانِ مَعَهُ غَالِبًا (وَهُمَا) أَيْ الْمُرْضِعَةُ وَالْأَجِيرُ (عِنْدَ التَّنَازُعِ) فِي صِفَةِ الْكِسْوَةِ وَالنَّفَقَةِ أَوْ قَدْرِهِمَا (كَزَوْجَةٍ)، قَالَ فِي الشَّرْحِ:؛ لِأَنَّ الْكِسْوَةَ عُرْفًا وَهِيَ كِسْوَةُ الزَّوْجَاتِ، وَالْإِطْعَامُ عُرْفًا وَهُوَ الْإِطْعَامُ فِي الْكَفَّارَاتِ، وَفِي الْمَلْبُوسِ إلَى أَقَلِّ مَلْبُوسٍ مِثْلِهِ؛؛ لِأَنَّ الْإِطْلَاقَ يُجْزِئُ فِيهِ أَقَلُّ مَا يَتَنَاوَلُهُ اللَّفْظُ، كَالْوَصِيَّةِ.
(وَيُسَنُّ إعْطَاءُ ظِئْرٍ حُرَّةٍ عِنْدَ الْفِطَامِ عَبْدًا أَوْ أَمَةً إنْ كَانَ الْمُسْتَرْضِعُ مُوسِرًا) لِمَا رَوَى أَبُو دَاوُد بِإِسْنَادِهِ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ حَجَّاجٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: «قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا يُذْهِبُ عَنِّي مَذَمَّةَ الرَّضَاعِ؟ قَالَ: الْغُرَّةُ، الْعَبْدُ أَوْ الْأَمَةُ» قَالَ التِّرْمِذِيُّ حَسَنٌ صَحِيحٌ، قَالَ الشَّيْخُ لَعَلَّ هَذَا فِي الْمُتَبَرِّعَةِ بِالرَّضَاعَةِ انْتَهَى.
(وَإِنْ كَانَتْ الظِّئْرُ أَمَةً اُسْتُحِبَّ) لِمُسْتَرْضِعٍ مُوسِرٍ (إعْتَاقُهَا) ؛؛ لِأَنَّهُ يُحَصِّلُ أَخَصَّ الرِّقَابِ بِهَا لَهَا، وَتَحْصُلُ بِهِ الْمُجَازَاةُ الَّتِي جَعَلَهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مُجَازَاةً لِلْوَالِدِ مِنْ النَّسَبِ.
(وَلَوْ اُسْتُؤْجِرَتْ) الْمَرْأَةُ (لِلرَّضَاعِ وَالْحَضَانَةِ لَزِمَتْهَا) أَيْ الرَّضَاعُ وَالْحَضَانَةُ؛؛ لِأَنَّهُ مُقْتَضَى الْعَقْدِ.
(وَإِنْ اُسْتُؤْجِرَتْ لِلرَّضَاعِ وَأُطْلِقَ) الرَّضَاعُ (لَزِمَهَا الْحَضَانَةُ تَبَعًا) عَمَلًا بِالْعُرْفِ (وَإِنْ اُسْتُؤْجِرَتْ لِلْحَضَّانَةِ وَأُطْلِقَ) الْعَقْدُ (لَمْ يَلْزَمْهَا الرَّضَاعُ) ؛؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ دَاخِلًا فِي الْحَضَانَةِ.
وَقَالَ فِي الْمُنْتَهَى: وَإِنْ أُطْلِقَتْ أَوْ خُصِّصَ رَضَاعٌ لَمْ يَشْمَلْ الْآخَرَ، (وَالْمَعْقُودُ عَلَيْهِ فِي الرَّضَاعِ: الْحَضَانَةُ وَاللَّبَنُ) ؛؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مَقْصُودٌ، وَ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ لَوْ كَانَ عَلَى الْخِدْمَةِ وَحْدَهَا لَمَا لَزِمَهَا سَقْيُ لَبَنِهَا وَأَمَّا كَوْنُهُ عَيْنًا فَلَا يَمْنَعُ لِلضَّرُورَةِ لِحِفْظِ الْآدَمِيِّ؛ لِأَنَّ غَيْرَهُ لَا يَقُومُ مَقَامَهُ.
(وَلَوْ وَقَعَتْ الْإِجَارَةُ عَلَى الْحَضَانَةِ وَالرَّضَاعِ، وَانْقَطَعَ اللَّبَنُ بَطَلَا) أَيْ بَطَلَتْ الْإِجَارَةُ فِيهِمَا؛ لِتَعَذُّرِ الْمَقْصُودِ مِنْهَا.
(وَيَجِبُ عَلَى الْمُرْضِعَةِ أَنْ تَأْكُلَ وَتَشْرَبَ مَا يُدِرُّ لَبَنَهَا وَيَصْلُحُ بِهِ وَلِلْمُكْتَرِي مُطَالَبَتُهَا بِذَلِكَ) ؛؛ لِأَنَّهُ مِنْ تَمَامِ التَّمْكِينِ مِنْ الرَّضَاعِ، وَفِي تَرْكِهِ إضْرَارٌ (
بِالصَّبِيِّ (فَإِنْ لَمْ تُرْضِعْهُ لَكِنْ سَقَتْهُ لَبَنَ الْغَنَمِ) أَوْ غَيْرِهَا (أَوْ أَطْعَمَتْهُ أَوْ دَفَعَتْهُ إلَى خَادِمِهَا) أَوْ غَيْرِهَا (فَأَرْضَعَتْهُ فَلَا أُجْرَةَ لَهَا) ؛؛ لِأَنَّهَا لَمْ تُوَفِّ بِالْمَعْقُودِ عَلَيْهِ (وَإِنْ) اخْتَلَفَا فَ (قَالَتْ: أَرْضَعْتُهُ فَأَنْكَرَ الْمُسْتَرْضِعُ، فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا) بِيَمِينِهَا؛ لِأَنَّهَا مُؤْتَمَنَةٌ.
(وَيُشْتَرَطُ) لِصِحَّةِ الْإِجَارَةِ لِلرَّضَاعِ (رُؤْيَةُ الْمُرْتَضِعِ) وَلَا يَكْفِي وَصْفُهُ؛ لِأَنَّ الرَّضَاعَ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ كِبَرِهِ وَصِغَرِهِ، وَنَهْمَتِهِ وَقَنَاعَتِهِ.
(وَ) يُشْتَرَطُ أَيْضًا (مَعْرِفَةُ مُدَّةِ الرَّضَاعِ) ؛؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ تَقْدِيرُ الرَّضَاعِ إلَّا بِهَا فَإِنَّ السَّقْيَ وَالْعَمَلَ فِيهَا يَخْتَلِفُ.
(وَ) يُشْتَرَطُ أَيْضًا مَعْرِفَةُ (مَكَانِهِ) أَيْ الرَّضَاعِ (هَلْ هُوَ عِنْدَ الْمُرْضِعَةِ أَوْ عِنْدَ وَلِيِّهِ؟) ؛ لِأَنَّهُ يَخْتَلِف، فَيَشُقُّ عَلَيْهَا فِي بَيْتِ الْمُسْتَأْجِرِ، وَيَسْهُلُ فِي بَيْتِهَا.
(وَلَا بَأْسَ أَنْ تُرْضِعَ الْمُسْلِمَةُ طِفْلًا لِلْكِتَابِيِّ بِأُجْرَةٍ لَا طِفْلًا لِمَجُوسِيٍّ) وَنَحْوِهِ مِمَّنْ يَعْبُدُ غَيْرَ اللَّهِ قَالَ فِي الْفُرُوعِ: رَخَّصَ أَحْمَدُ فِي مُسْلِمَةٍ تُرْضِعُ طِفْلًا لِنَصَارَى بِأُجْرَةٍ لَا لِمَجُوسِيٍّ وَسَوَّى أَبُو بَكْرٍ وَغَيْرُهُ بَيْنَهُمَا؛ لِاسْتِوَاءِ الْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ.
(وَلَا يَصِحُّ اسْتِئْجَارُ دَابَّةٍ بِعَلَفِهَا أَوْ بِأَجْرٍ مُسَمًّى وَعَلَفِهَا) ؛؛ لِأَنَّهُ مَجْهُولٌ، وَلَا عُرْفَ لَهُ يُرْجَعُ إلَيْهِ (إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَهُ) أَيْ الْعَلَفَ (مَوْصُوفًا) كَشَعِيرٍ وَنَحْوِهِ وَقَدَّرَهُ، بِمَعْلُومٍ فَيَجُوزُ (وَعَنْهُ يَصِحُّ) مُطْلَقًا (اخْتَارَهُ الشَّيْخُ وَجَمْعٌ) كَاسْتِئْجَارِ الْأَجِيرِ بِطَعَامِهِ.
(وَإِنْ شَرَطَ لِلْأَجِيرِ) لِخِدْمَةٍ أَوْ رَضَاعٍ (طَعَامَ غَيْرِهِ وَكِسْوَتُهُ) أَيْ الْغَيْرِ (مَوْصُوفًا) مَا ذُكِرَ مِنْ الطَّعَامِ وَالْكِسْوَةِ (جَازَ) ؛ لِأَنَّهُ مَعْلُومٌ (كَ) مَا لَوْ شَرَطَ لَهُ طَعَامَ (نَفْسِهِ) وَكِسْوَةَ نَفْسِهِ.
(وَيَكُونُ ذَلِكَ لِلْأَجِيرِ إنْ شَاءَ أَطْعَمَهُ) لَهُ (وَإِنْ شَاءَ تَرَكَهُ) ؛؛ لِأَنَّهُ فِي مُقَابَلَةِ مَنَافِعِهِ، (وَإِنْ لَمْ يَكُنْ) مَا شَرَطَهُ لِلْأَجِيرِ مِنْ طَعَامِ غَيْرِهِ وَكِسْوَتِهِ (مَوْصُوفًا لَمْ يَصِحَّ) ؛؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مَجْهُولٌ (وَإِنَّمَا جَازَ) ذَلِكَ إذَا شَرَطَ (لِلْأَجِيرِ) نَفْسِهِ (لِلْحَاجَةِ إلَيْهِ) وَجَرْيِ الْعَادَةِ بِهِ، فَلَا يَلْزَمُ احْتِمَالُهَا مَعَ عَدَمِ ذَلِكَ.
(وَلَيْسَ لَهُ) أَيْ الْمُسْتَأْجِرِ (إطْعَامُهُ) أَيْ الْأَجِيرِ (إلَّا مَا يُوَافِقُهُ مِنْ الْأَغْذِيَةِ) ؛؛ لِأَنَّ عَلَيْهِ ضَرَرًا وَلَا يُمْكِنُهُ اسْتِيفَاءُ الْوَاجِبِ لَهُ مِنْهُ (وَإِنْ اسْتَغْنَى الْأَجِيرُ عَنْ طَعَامِ الْمُسْتَأْجِرِ) بِطَعَامِ نَفْسِهِ أَوْ غَيْرِهِ (أَوْ عَجَزَ عَنْ الْأَكْلِ لِمَرَضٍ أَوْ غَيْرِهِ لَمْ تَسْقُطْ نَفَقَتُهُ، وَكَانَ لَهُ الْمُطَالَبَةُ بِهَا) ؛؛ لِأَنَّهَا عِوَضٌ، فَلَا تَسْقُطُ بِالْغِنَى عَنْهُ كَالدَّرَاهِمِ (وَإِنْ احْتَاجَ) الْأَجِيرُ (إلَى دَوَاءٍ لِمَرَضٍ لَمْ يَلْزَمْ الْمُسْتَأْجِرَ) ؛؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ النَّفَقَةِ كَالزَّوْجَةِ (لَكِنْ يَلْزَمُهُ) أَيْ الْمُسْتَأْجِرَ (بِقَدْرِ طَعَامِ الصَّحِيحِ) يَدْفَعُهُ لَهُ، فَيَصْرِفُهُ فِيمَا أَحَبَّ مِنْ دَوَاءٍ أَوْ غَيْرِهِ.
(وَإِنْ قَبَضَ الْأَجِيرُ طَعَامَهُ فَأَحَبَّ) الْأَجِيرُ (أَنْ يَسْتَفْضِلَ بَعْضَهُ لِنَفْسِهِ، وَكَانَ الْمُسْتَأْجِرُ دَفَعَ إلَيْهِ أَكْثَرَ مِنْ الْوَاجِبِ لَهُ (
لِيَأْكُلَ مِنْهُ قَدْرَ حَاجَتِهِ وَيَفْضُلُ الْبَاقِي) مُنِعَ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُمَلِّكْهُ إيَّاهُ وَإِنَّمَا أَبَاحَهُ أَكْلَ قَدْرِ حَاجَتِهِ (أَوْ كَانَ فِي تَرْكِهِ لِأَكْلِهِ كُلِّهِ ضَرَرٌ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ، بِأَنْ يَضْعُفَ الْأَجِيرُ عَنْ الْعَمَلِ، أَوْ يَقِلَّ لَبَنُ الظِّئْرِ، مُنِعَ مِنْهُ) ؛؛ لِأَنَّ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ ضَرَرًا بِتَفْوِيتِ بَعْضِ مَا لَهُ مِنْ مَنْفَعَتِهِ، فَمُنِعَ مِنْهُ كَالْجَمَّالِ إذَا امْتَنَعَ عَنْ عَلْفِ الْجِمَالِ.
(وَإِنْ دَفَعَ) الْمُسْتَأْجِرُ إلَيْهِ (قَدْرَ الْوَاجِبِ فَقَطْ) مِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ (أَوْ) دَفَعَ إلَيْهِ (أَكْثَرَ مِنْهُ) أَيْ الْوَاجِبِ (وَمَلَّكَهُ إيَّاهُ وَلَمْ يَكُنْ فِي تَفْضِيلِهِ لِبَعْضِهِ ضَرَرٌ بِالْمُسْتَأْجِرِ، جَازَ) لِلْأَجِيرِ أَنْ يَسْتَفْضِلَ بَعْضَهُ لِنَفْسِهِ؛؛ لِأَنَّهُ لَا حَقَّ لِلْمُسْتَأْجِرِ فِيهِ وَلَا ضَرَرَ عَلَيْهِ؛ أَشْبَهَ الدَّرَاهِمَ.
(فَإِنْ قَدَّمَ) الْمُسْتَأْجِرُ (إلَيْهِ) أَيْ الْأَجِيرِ (طَعَامًا فَنُهِبَ أَوْ تَلِفَ قَبْلَ أَكْلِهِ وَكَانَ الطَّعَامُ عَلَى مَائِدَةٍ لَا يَخُصُّهُ) الْمُسْتَأْجِرُ (فِيهَا بِطَعَامِهِ فَ) الطَّعَامُ (مِنْ ضَمَانِ الْمُسْتَأْجِرِ) ؛؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُسَلِّمْهُ إلَيْهِ (وَإِنْ خَصَّهُ) الْمُسْتَأْجِرُ (بِذَلِكَ) الطَّعَامِ (وَسَلَّمَهُ إلَيْهِ) ثُمَّ نُهِبَ أَوْ تَلِفَ (فَمِنْ مَالِ الْأَجِيرِ) ؛؛ لِأَنَّهُ تَسْلِيمُ عِوَضٍ عَلَى وَجْهِ التَّمْلِيكِ، أَشْبَهَ الْبَيْعَ.
(وَالدَّايَةُ الَّتِي تَقْبَلُ) الْوَلَدَ فِي (الْوِلَادَةِ يَجُوزُ لَهَا أَخْذُ الْأُجْرَةِ عَلَى ذَلِكَ وَ) يَجُوزُ لَهَا (أَنْ تَأْخُذَ) عَلَى ذَلِكَ (بِلَا شَرْطٍ) ؛؛ لِأَنَّهُ عَمَلٌ لَا يَخْتَصُّ فَاعِلُهُ أَنْ يَكُونَ مِنْ أَهْلِ الْقُرْبَةِ.
(وَلَا بَأْسَ أَنْ) يَسْتَأْجِرَ مَنْ (يَحْصُدُ الزَّرْعَ) بِجُزْءٍ مُشَاعٍ مِنْهُ.
(وَ) أَنْ يَسْتَأْجِرَ مَنْ (يَصْرُمُ) أَيْ يَجُذُّ ثَمَرَ (النَّخْلِ بِسُدُسِ مَا يَخْرُجُ مِنْهُ) أَوْ بِرُبْعِهِ وَنَحْوِهِ، (قَالَ) الْإِمَامُ (أَحْمَدُ هُوَ أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ الْمُقَاطَعَةِ، يَعْنِي مَعَ جَوَازِهَا) أَيْ الْمُقَاطَعَةِ.
(وَلَا يَجُوزُ نَفْضُ الزَّيْتُونِ وَنَحْوِهِ بِبَعْضِ مَا يَسْقُطُ مِنْهُ) أَيْ بِآصُعٍ مَعْلُومَةٍ مِنْهُ لِلْجَهَالَةِ؛؛ لِأَنَّهُ لَا يَدْرِي الْبَاقِيَ بَعْدَهَا (وَلَهُ) أَيْ الْأَجِيرِ (أُجْرَةُ مِثْلِهِ) ؛؛ لِأَنَّهُ عَمِلَ بِعِوَضٍ لَمْ يُسَلَّمْ لَهُ (وَيَجُوزُ نَفْضُ كُلِّهِ) أَيْ الزَّيْتُونِ وَنَحْوِهِ (وَلَقْطِهِ بِبَعْضِهِ مُشَاعًا) كَالثُّلُثِ وَالسُّدُس، كَمَا سَبَقَ فِي الزَّرْعِ وَالنَّخْلِ، وَتَقَدَّمَ ذَلِكَ فِي آخِرِ الْمُضَارَبَةِ.
(وَيَجُوزُ لِلرَّجُلِ) وَلِلْمَرْأَةِ (أَنْ يُؤَجِّرَ أَمَتَهُ) وَلَوْ أُمَّ وَلَدٍ (لِلْإِرْضَاعِ) ؛؛ لِأَنَّهَا مِلْكُهُ، وَمَنَافِعُهَا لَهُ (وَلَيْسَ لَهَا إجَارَةُ نَفْسِهَا) لِرَضَاعٍ وَلَا غَيْرِهِ؛ لِأَنَّهَا لَا تَمْلِكُ مَنَافِعَهَا إلَّا بِإِذْنِ سَيِّدِهَا، (فَإِنْ كَانَ لَهَا وَلَدٌ لَمْ يَجُزْ) لِسَيِّدِهَا (إجَارَتُهَا) لِذَلِكَ أَيْ (لِلْإِرْضَاعِ إلَّا أَنْ يَكُونَ فِيهَا) أَيْ الْأَمَةِ (فَضْلٌ عَنْ رَبِّهِ) أَيْ وَلَدِهَا؛ (؛ لِأَنَّ الْحَقَّ) فِي اللَّبَنِ (لِلْوَلَدِ، وَلَيْسَ لِلسَّيِّدِ إلَّا الْفَاضِلُ عَنْهُ) أَيْ عَنْ الْوَلَدِ مِنْ اللَّبَنِ، (فَإِنْ كَانَتْ) الْأَمَةُ (مُتَزَوِّجَةً بِغَيْرِ عَبْدِهِ لَمْ يَجُزْ) لِلسَّيِّدِ (إجَارَتُهَا لِذَلِكَ) أَيْ لِلرَّضَاعِ (إلَّا بِإِذْنِ الزَّوْجِ) ؛؛ لِأَنَّ فِيهِ تَفْوِيتًا لِحَقِّهِ.
(وَإِنْ أَجَّرَهَا) السَّيِّدُ لِلرَّضَاعِ (ثُمَّ زَوَّجَهَا،