الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[فَصْلٌ فِي قَبْضِ الْمَبِيعِ]
ِ (وَيَحْصُلُ الْقَبْضُ فِيمَا بِيعَ بِكَيْلٍ أَوْ وَزْنٍ أَوْ عَدٍّ أَوْ ذَرْعٍ: بِذَلِكَ) أَيْ بِالْكَيْلِ أَوْ الْوَزْنِ أَوْ الْعَدِّ أَوْ الذَّرْعِ لِمَا رَوَى عُثْمَانُ مَرْفُوعًا «إذَا بِعْتَ فَكِلْ، وَإِذَا ابْتَعْتَ فَاكْتَلْ» رَوَاهُ أَحْمَدُ فَلَا يُشْتَرَطُ نَقْلُهُ (بِشَرْطِ حُضُورِ مُسْتَحِقٍّ أَوْ نَائِبِهِ) كَكَيْلِهِ أَوْ وَزْنِهِ أَوْ عَدِّهِ أَوْ ذَرْعِهِ لِلْخَبَرِ السَّابِقِ (فَإِذَا ادَّعَى) الْقَابِضُ (بَعْدَ ذَلِكَ) أَيْ بَعْدَ أَنْ كَالَهُ، أَوْ وَزَنَهُ أَوْ عَدَّهُ أَوْ ذَرَعَهُ بِحُضُورِهِ أَوْ حُضُورِ نَائِبِهِ (نُقْصَانَ مَا اكْتَالَهُ أَوْ اتَّزَنَهُ وَنَحْوَهُ) كَاَلَّذِي عَدَّهُ أَوْ ذَرَعَهُ لَمْ يُقْبَلْ (أَوْ) ادَّعَى الْقَابِضُ (أَنَّهُمَا غَلِطَا فِيهِ) أَيْ فِي الْكَيْلِ وَنَحْوِهِ (أَوْ ادَّعَى الْبَائِعُ زِيَادَةً) فِي الْمَقْبُوضِ (لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُمَا) أَيْ قَوْلُ الْقَابِضِ فِي الْأُولَى، وَلَا قَوْلُ الْبَائِعِ فِي الْأَخِيرَةِ، لِأَنَّ الظَّاهِرَ خِلَافُهُ (وَيَأْتِي ذَلِكَ آخِرَ السَّلَمِ) مَعَ زِيَادَةٍ.
(وَتُكْرَهُ زَلْزَلَةُ الْكَيْلِ) عِنْدَ الْقَبْضِ لِاحْتِمَالِ زِيَادَةِ الْوَاجِبِ قَالَ فِي شَرْحِ الْمُنْتَهَى: وَلِأَنَّ الرُّجُوعَ فِي كَيْفِيَّةِ الِاكْتِيَالِ إلَى عُرْفِ النَّاسِ فِي أَسْوَاقِهِمْ وَلَمْ تُعْهَدْ فِيهَا اهـ وَفِيهِ نَظَرٌ بَلْ عُهِدَ ذَلِكَ فِي بَعْضِ الْأَشْيَاءِ فَعَلَيْهِ لَا تُكْرَهُ فِيهَا كَالْكِشْكِ.
(وَلَوْ اشْتَرَى جَوْزًا عَدَدًا مَعْلُومًا فَعَدَّ فِي وِعَاءٍ أَلْفَ جَوْزَةٍ فَكَانَتْ مِلْئَهُ، ثُمَّ اكْتَالَ) بَاقِيَ (الْجَوْزِ بِذَلِكَ الْوِعَاءِ بِالْحِسَابِ فَلَيْسَ بِقَبْضٍ) لِلْبَاقِي لِعَدَمِ عَدِّهِ (وَتَقَدَّمَ) ذَلِكَ (فِي كِتَابِ الْبَيْعِ) .
(وَيَصِحُّ قَبْضُ وَكِيلٍ مِنْ نَفْسِهِ لِنَفْسِهِ) فَمَنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ فَدَفَعَ لِرَبِّهِ شَيْئًا، وَقَالَ بِعْهُ وَاسْتَوْفِ حَقَّكَ مِنْ ثَمَنِهِ فَفَعَلَ جَازَ (إلَّا مَا كَانَ مِنْ غَيْرِ جِنْسِ مَالِهِ) بِأَنْ بَاعَهُ بِغَيْرِ جِنْسِ دَيْنِهِ فَلَا يَصِحُّ أَنْ يَسْتَوْفِيَ مِنْ نَفْسِهِ عِوَضَ دَيْنِهِ لِأَنَّهَا مُعَاوَضَةٌ لَمْ يُوَكَّلْ فِيهَا وَيَأْتِي.
(وَيَصِحُّ اسْتِنَابَةُ مَنْ عَلَيْهِ الْحَقُّ لِلْمُسْتَحِقِّ فِي الْقَبْضِ) لِنَفْسِهِ فَلَوْ اشْتَرَيَا قَفِيزًا مِنْ صُبْرَةٍ فَدَفَعَ رَبُّهَا الْمَكِيلَ لِلْمُشْتَرِي، وَأَذِنَهُ أَنْ يَكْتَالَهُ فَفَعَلَ، جَازَ لِقِيَامِ الْوَكِيلِ قِيَامَ مُوَكِّلِهِ.
(وَوِعَاؤُهُ كَيْلُهُ) فَلَوْ اشْتَرَى مِنْهُ مَكِيلًا بِعَيْنِهِ، وَدَفَعَ إلَيْهِ الْوِعَاءَ وَقَالَ: كِلْهُ فَإِنَّهُ يَصِيرُ مَقْبُوضًا قَالَ فِي التَّلْخِيصِ: وَفِيهِ نَظَرٌ (وَلَوْ قَالَ) الْبَائِعُ لِلْمُشْتَرِي (اكْتَلْ مِنْ هَذِهِ الصُّبْرَةِ) قَدْرَ حَقِّكَ (فَفَعَلَ) الْمُشْتَرِي، بِأَنْ اكْتَالَ مِنْهَا قَدْرَ حَقِّهِ (صَحَّ) الْقَبْضُ لِصِحَّةِ اسْتِنَابَةِ مَنْ عَلَيْهِ الْحَقُّ لِلْمُسْتَحَقِّ كَمَا تَقَدَّمَ (وَيَأْتِي لِذَلِكَ تَتِمَّةٌ آخِرَ السَّلَمِ) مُفَصَّلَةٌ.
(وَلَوْ أَذِنَ لِغَرِيمِهِ فِي الصَّدَقَةِ عَنْهُ بِدَيْنِهِ، أَوْ) فِي (صَرْفِهِ، أَوْ)
فِي (الْمُضَارَبَةِ بِهِ) أَوْ شِرَاءِ سِلْعَةٍ (لَمْ يَصِحَّ) الْإِذْنُ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُهُ حَتَّى يَقْبِضَهُ.
(وَلَمْ يَبْرَأْ) الْغَرِيمُ إذَا تَصَدَّقَ بِهِ أَوْ صَرَفَهُ أَوْ ضَارَبَ بِهِ وَنَحْوُهُ لِعَدَمِ أَدَائِهِ لِرَبِّهِ وَيَأْتِي فِي آخِرِ السَّلَمِ تَتِمَّةٌ.
(وَمُؤْنَةُ تَوْفِيَةِ الْمَبِيعِ) ، وَالثَّمَنُ وَنَحْوُهُمَا (مِنْ أُجْرَةِ كَيْلٍ وَ) أُجْرَةِ (وَزْنٍ، وَ) أُجْرَةِ (عَدٍّ وَذَرْعٍ، وَ) أُجْرَةِ (نَقْدٍ عَلَى بَاذِلِهِ) أَيْ بَاذِلِ الْمَبِيعِ أَوْ الثَّمَنِ (مِنْ بَائِعٍ وَمُشْتَرٍ) وَنَحْوِهِمَا، لِأَنَّ تَوْفِيَتَهُ وَاجِبَةٌ عَلَيْهِ فَوَجَبَ عَلَيْهِ مُؤْنَةُ ذَلِكَ (كَمَا أَنَّ عَلَى بَائِعِ الثَّمَرَةِ) حَيْثُ يَصِحُّ بَيْعُهَا (سَقْيُهَا) لِأَنَّ تَسْلِيمَهَا إنَّمَا يَتِمُّ بِهِ وَمَا لَا يَتِمُّ الْوَاجِبُ إلَّا بِهِ فَهُوَ وَاجِبٌ (وَالْمُرَادُ بِالنِّقَادِ) الَّذِي تَجِبُ أُجْرَتُهُ عَلَى الْبَاذِلِ نِقَادُ الثَّمَنِ وَنَحْوِهِ (قَبْلَ قَبْضِ الْبَائِعِ) وَنَحْوِهِ (لَهُ لِأَنَّ عَلَيْهِ) أَيْ الْمُشْتَرِي (تَسْلِيمَ الثَّمَنِ صَحِيحًا) وَهَذِهِ طَرِيقَةٌ (أَمَّا) أُجْرَةُ النَّقْدِ (بَعْدَ قَبْضِهِ) أَيْ قَبْضِ الْبَائِعِ الثَّمَنَ (فَ) هِيَ (عَلَى الْبَائِعِ لِأَنَّهُ مَلَكَهُ بِقَبْضِهِ، فَعَلَيْهِ أَنْ يُبَيِّنَ أَنَّهُ مَعِيبٌ لِيَرُدَّهُ) وَلَا غَرَضَ لِلْمُشْتَرِي فِي ذَلِكَ.
(وَأُجْرَةُ نَقْلِهِ) أَيْ الْمَبِيعِ (عَلَى مُشْتَرٍ) لِأَنَّ التَّسْلِيمَ قَدْ تَمَّ وَكَذَا غَيْرُ الْمَبِيعِ أُجْرَةُ نَقْلِهِ عَلَى قَابِضِهِ لِأَنَّهُ مِلْكُهُ فَمُؤْنَتُهُ عَلَيْهِ (وَمَا كَانَ مِنْ الْعِوَضَيْنِ) أَيْ الْمَبِيعِ وَالثَّمَنِ (مُتَمَيِّزًا لَا يَحْتَاجُ إلَى كَيْلٍ وَوَزْنٍ وَنَحْوِهِمَا) كَعَدٍّ وَذَرْعٍ، كَهَذَا الْعَبْدِ، أَوْ هَذِهِ الصُّبْرَةِ (فَعَلَى الْمُشْتَرِي مُؤْنَتُهُ) لِأَنَّهُ كَمَقْبُوضٍ كَمَا تَقَدَّمَ (وَيَتَمَيَّزُ الثَّمَنُ عَنْ الْمُثَمَّنِ بِدُخُولِ بَاءِ الْبَدَلِيَّةِ) فَإِذَا بَاعَهُ عَبْدًا بِثَوْبٍ فَالثَّمَنُ الثَّوْبُ (وَلَوْ كَانَ الْمُثَمَّنُ أَحَدَ النَّقْدَيْنِ) بِأَنْ بَاعَهُ دِينَارًا بِثَوْبٍ فَالثَّمَنُ الثَّوْبُ أَيْضًا.
(وَلَوْ غَصَبَ الْبَائِعُ الثَّمَنَ) غَيْرَ الْمُعَيَّنِ (أَوْ أَخَذَهُ بِلَا إذْنِ) الْمُشْتَرِي (لَمْ يَكُنْ قَبْضًا) لِأَنَّهُ غَصْبٌ لِأَنَّ حَقَّهُ لَمْ يَتَعَيَّنْ فِي هَذَا بِعَيْنِهِ (إلَّا مَعَ الْمُقَاصَّةِ) بِأَنْ أَتْلَفَهُ، أَوْ تَلِفَ بِيَدِهِ، وَكَانَ مُوَافِقًا لِمَا لَهُ عَلَى الْمُشْتَرِي نَوْعًا وَقَدْرًا فَيَتَسَاقَطَانِ (وَلَا ضَمَانَ عَلَى نِقَادِ حَاذِقٍ أَمِينٍ فِي خَطَئِهِ) مُتَبَرِّعًا كَانَ أَوْ بِأُجْرَةٍ إذَا لَمْ يُقَصِّرْ لِأَنَّهُ أَمِينٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ حَاذِقًا أَوْ كَانَ غَيْرَ أَمِينٍ فَهُوَ ضَامِنٌ لِتَغْرِيرِهِ.
(وَيَحْصُلُ الْقَبْضُ فِي صُبْرَةٍ) بِنَقْلِهَا لِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ «كُنَّا نَشْتَرِي الطَّعَامَ مِنْ الرُّكْبَانِ جِزَافًا، فَنَهَانَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنْ نَبِيعَهُ حَتَّى نَنْقُلَهُ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
(وَ) يَحْصُلُ الْقَبْضُ (فِيمَا يُنْقَلُ) كَالثِّيَابِ وَالْحَيَوَانِ (بِنَقْلِهِ) كَالصُّبْرَةِ قَالَ فِي الشَّرْحِ وَالْمُبْدِعِ، فَإِنْ كَانَ حَيَوَانًا فَقَبْضُهُ تَمْشِيَتُهُ مِنْ مَكَانِهِ.
(وَ) يَحْصُلُ الْقَبْضُ (فِيمَا يُتَنَاوَلُ وَ) كَالْأَثْمَانِ وَالْجَوَاهِرِ (بِتَنَاوُلِهِ) إذْ الْعُرْفُ فِيهِ ذَلِكَ.
(وَ) يَحْصُلُ الْقَبْضُ (فِيمَا عَدَا ذَلِكَ) الْمُتَقَدِّمِ ذِكْرُهُ مِنْ عَقَارٍ وَهُوَ الضَّيْعَةُ وَالْأَرْضُ وَالْبِنَاءُ وَالْغِرَاسُ (وَنَحْوُهُ) كَالثَّمَرِ عَلَى الشَّجَرِ بِتَخْلِيَتِهِ مَعَ عَدَمِ مَانِعٍ أَيْ حَائِلٍ بِأَنْ