الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(فَإِنْ لَمْ يُقَدِّرْهَا) أَيْ النَّفَقَةَ.
(وَاخْتَلَفَا) أَيْ تَشَاحَّا فِي قَدْرِ النَّفَقَةِ (فَلَهُ نَفَقَةُ مِثْلِهِ عُرْفًا مِنْ طَعَامٍ وَكِسْوَةٍ) كَالزَّوْجَةِ؛ لِأَنَّ إطْلَاقَ النَّفَقَةِ يَقْتَضِي جَمِيعَ مَا هُوَ ضَرُورَاتُهُ الْمُعْتَادَةُ فَكَانَ لَهُ النَّفَقَةُ وَالْكِسْوَةُ، وَهِيَ إبَاحَةٌ فَلَا يُنَافِي مَا تَقَدَّمَ إنْ شَرَطَا دَرَاهِمَ مَعْلُومَةً يُبْطِلُهَا.
وَتَرَدَّدَ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ، هَلْ هِيَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ أَوْ الرِّبْحِ؟ قُلْتُ بَلْ الظَّاهِرُ أَنَّهَا مِنْ الرِّبْحِ (وَإِنْ كَانَ مَعَهُ) أَيْ الْمُضَارِبِ (مَالٌ لِنَفْسِهِ يَتَّجِرُ فِيهِ، أَوْ) مَعَهُ (مُضَارَبَةٌ أُخْرَى، أَوْ) مَعَهُ (بِضَاعَةٌ لِآخَرَ فَالنَّفَقَةُ عَلَى قَدْرِ الْمَالَيْنِ) ؛ لِأَنَّ النَّفَقَةَ لِلْعَمَلِ فِي الْمَالِ فَكَانَتْ عَلَى قَدْرٍ مِمَّا لِكُلٍّ فِيهِ (إلَّا أَنْ يَكُونَ رَبُّ الْمَالِ قَدْ شَرَطَ لَهُ) أَيْ الْعَامِلِ (النَّفَقَةَ مِنْ مَالِهِ، مَعَ عِلْمِهِ بِذَلِكَ) أَيْ بِمَا مَعَهُ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ، أَوْ مُضَارَبَةٍ أَوْ بِضَاعَةٍ لِغَيْرِهِ (وَإِنْ لَقِيَهُ) أَيْ الْعَامِلَ (رَبُّ الْمَالِ بِبَلَدٍ أَذْن لَهُ فِي سَفَرِهِ إلَيْهِ وَقَدْ نَضَّ) الْمَالُ (فَأَخَذَهُ) رَبُّهُ مِنْهُ (فَلَا نَفَقَةَ لِرُجُوعِهِ) إلَى الْبَلَدِ الَّذِي سَافَرَ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا اسْتَحَقَّ النَّفَقَةَ مَا دَامَا فِي الْقِرَاضِ وَقَدْ زَالَ فَزَالَتْ النَّفَقَةُ.
(وَإِنْ مَاتَ) الْعَامِلُ (لَمْ يَجِبْ تَكْفِينُهُ) ؛ لِأَنَّ الْقِرَاضَ انْقَطَعَ بِمَوْتِهِ فَانْقَطَعَتْ النَّفَقَةُ.
(وَلَهُ) أَيْ لِلْعَامِلِ (التَّسَرِّي) أَيْ شِرَاءُ أَمَةٍ مِنْ مَالِ الْمُضَارَبَةِ لِيَطَأهَا (بِإِذْنٍ) مِنْ رَبِّ الْمَالِ (فَإِذَا اشْتَرَى) الْمُضَارِبُ لِنَفْسِهِ (جَارِيَةً) مِنْ مَالِ الْمُضَارَبَةِ بِإِذْنِ رَبِّهِ (مُلِّكَهَا وَصَارَ ثَمَنُهَا قَرْضًا) فِي ذِمَّتِهِ؛ لِأَنَّ رَبَّ الْمَالِ قَدْ أَذِنَ لَهُ فِي التَّسَرِّي وَالْإِذْنُ فِيهِ يَسْتَدْعِي الْإِذْنَ فِي الْوَطْءِ؛ لِأَنَّ الْبُضْعَ لَا يُبَاحُ إلَّا بِمِلْكٍ، أَوْ نِكَاحٍ، وَرَبُّ الْمَالِ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ مَا يَدُلُّ عَلَى تَبَرُّعِهِ بِالثَّمَنِ، فَوَجَبَ كَوْنُهُ قَرْضًا؛ لِأَنَّهُ الْمُتَيَقِّنُ.
(وَلَيْسَ لِلْمُضَارِبِ رِبْحٌ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ رَأْسَ الْمَالِ) قَالَ فِي الْمُبْدِعِ: بِغَيْرِ خِلَافٍ نَعْلَمُهُ يَعْنِي أَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ أَخْذَ شَيْءٍ مِنْ الرِّبْحِ حَتَّى يُسَلِّمَ رَأْسَ الْمَالِ إلَى رَبِّهِ (فَإِنْ اشْتَرَى) الْمُضَارِبُ (سِلْعَتَيْنِ فَرَبِحَ فِي إحْدَاهُمَا) وَخَسِرَ فِي الْأُخْرَى (أَوْ) رَبِحَ (فِي إحْدَى السَّفْرَتَيْنِ وَخَسِرَ فِي الْأُخْرَى جُبِرَتْ الْوَضِيعَةُ مِنْ الرِّبْحِ كَمَا يَأْتِي) ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الْفَاضِلُ عَنْ رَأْسِ الْمَالِ وَمَا لَمْ يَفْضُلْ فَلَيْسَ بِرِبْحٍ (وَالْمُضَارَبَةُ بِحَالِهَا) فَلَا تَنْفَسِخُ فِي الْوَضِيعَةِ.
[فَصْلٌ تَلِفَ رَأْسُ الْمَالِ فِي الْمُضَارَبَة]
(فَصْلٌ وَإِنْ تَلِفَ رَأْسُ الْمَالِ أَوْ) تَلِفَ (بَعْضُهُ) بَعْدَ تَصَرُّفِهِ (أَوْ تَعَيَّبَ) رَأْسُ الْمَالِ (أَوْ خَسِرَ) رَأْسُ الْمَالِ (بِسَبَبِ مَرَضِ) عَبْدِ التِّجَارَةِ، أَوْ دَابَّتِهَا (أَوْ) خَسِرَ بِسَبَبِ (تَغَيُّرِ صِفَةٍ) كَعَبْدٍ عَمِيَ
أَوْ حِنْطَةٍ ابْتَلَّتْ (أَوْ نَزَلَ السِّعْرُ بَعْدَ تَصَرُّفِهِ) أَيْ الْمُضَارِبِ (فِيهِ) أَيْ فِي رَأْسِ الْمَالِ (جُبِرَتْ الْوَضِيعَةُ مِنْ رِبْحِ بَاقِيهِ قَبْلَ قِسْمَتِهِ، نَاضًّا أَوْ تَنْضِيضِهِ مَعَ الْمُحَاسَبَةِ) ؛ لِأَنَّهَا مُضَارَبَةٌ وَاحِدَةٌ فَلَا شَيْءَ لِلْعَامِلِ إلَّا بَعْدَ كَمَالِ رَأْسِ الْمَالِ.
(وَإِنْ تَلِفَ بَعْضُ رَأْسِ الْمَالِ قَبْلَ تَصَرُّفِهِ) أَيْ الْعَامِلِ (فِيهِ انْفَسَخَتْ فِيهِ) أَيْ التَّالِفِ (الْمُضَارَبَةُ وَكَانَ رَأْسُ الْمَالِ) هُوَ (الْبَاقِي خَاصَّةً) ؛ لِأَنَّهُ مَالٌ هَلَكَ عَلَى جِهَتِهِ قَبْلَ التَّصَرُّفِ أَشْبَهَ التَّالِفَ قَبْلَ الْقَبْضِ وَفَارَقَ مَا بَعْدَ التَّصَرُّفِ؛ لِأَنَّهُ دَارَ فِي التِّجَارَةِ وَشَرَعَ فِيمَا قَصَدَ بِالْعَقْدِ مِنْ التَّصَرُّفَاتِ الْمُؤَدِّيَةِ لِلرِّبْحِ.
(وَإِنْ تَلِفَ الْمَالُ) قَبْلَ التَّصَرُّفِ (ثُمَّ اشْتَرَى) الْمُضَارِبُ (سِلْعَةً فِي ذِمَّتِهِ لِلْمُضَارَبَةِ فَهِيَ) أَيْ السِّلْعَةُ (لَهُ) أَيْ لِلْمُضَارِبِ.
(وَثَمَنُهَا عَلَيْهِ) سَوَاءٌ (عَلِمَ) الْمُضَارِبُ (تَلَفَ الْمَالِ قَبْلَ نَقْدِ الثَّمَنِ أَوْ جَهِلَهُ) ؛ لِأَنَّهُ اشْتَرَاهَا فِي ذِمَّتِهِ وَلَيْسَتْ مِنْ الْمُضَارَبَةِ لِانْفِسَاخِهَا بِالتَّلَفِ فَاخْتَصَّتْ بِهِ وَلَوْ كَانَتْ لِلْمُضَارَبَةِ لَكَانَ مُسْتَدِينًا عَلَى غَيْرِهِ وَالِاسْتِدَانَةُ عَلَى الْغَيْرِ بِغَيْرِ إذْنِهِ لَا تَجُوزُ (إلَّا أَنْ يُجِيزَهُ رَبُّ الْمَالِ) فَيَكُونَ لَهُ كَمَا تَقَدَّمَ فِيمَنْ اشْتَرَى لِغَيْرِهِ سِلْعَةً فِي ذِمَّتِهِ وَلَمْ يُسَمِّهِ.
(وَإِنْ تَلِفَ) مَالُ الْمُضَارَبَةِ (بَعْدَ الشِّرَاءِ قَبْلَ نَقْدِ ثَمَنِهَا) أَيْ السِّلْعَةِ (بِأَنْ اشْتَرَى فِي الذِّمَّةِ) لِلْمُضَارَبَةِ سِلْعَةً فِي ذِمَّتِهِ ثُمَّ تَلِفَ مَالُ الْمُضَارَبَةِ قَبْلَ إقْبَاضِهِ (أَوْ تَلِفَ هُوَ) أَيْ مَالُ الْمُضَارَبَةِ.
(وَالسِّلْعَةُ فَالْمُضَارَبَةُ) بَاقِيَةٌ (بِحَالِهَا) ؛ لِأَنَّ الْمُوجِبَ لِفَسْخِهَا هُوَ التَّلَفُ، وَلَمْ يُوجَدْ حِينَ الشِّرَاءِ وَلَا قَبْلَهُ (وَالثَّمَنُ عَلَى رَبِّ الْمَالِ) ؛ لِأَنَّ حُقُوقَ الْعَقْدِ مُتَعَلِّقَةٌ بِهِ كَالْمُوَكِّلِ (وَيَصِيرُ رَأْسُ الثَّمَنِ دُونَ التَّالِفِ) لِفَوَاتِهِ (وَلِصَاحِبِ السِّلْعَةِ مُطَالَبَةُ كُلٍّ مِنْهُمَا) أَيْ مِنْ رَبِّ الْمَالِ وَالْعَامِلِ (بِالثَّمَنِ) لِبَقَاءِ الْإِذْنِ مِنْ رَبِّ الْمَالِ، وَلِمُبَاشَرَةِ الْعَامِلِ فَإِنْ غَرِمَهُ رَبُّ الْمَالِ لَمْ يَرْجِعْ عَلَى أَحَدٍ؛ لِأَنَّ حُقُوقَ الْعَقْدِ مُتَعَلِّقَةٌ بِهِ (وَيَرْجِعُ بِهِ الْعَامِلُ) إنْ غَرِمَهُ عَلَى رَبِّ الْمَالِ لِمَا تَقَدَّمَ.
(فَلَوْ كَانَ) رَأْسُ (الْمَالِ مِائَةً فَخَسِرَ عَشَرَةً ثُمَّ أَخَذَ رَبُّهُ عَشَرَةً لَا يَنْقُصُ رَأْسُ الْمَالِ بِالْخُسْرَانِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَرْبَحُ فَيُجْبَرُ الْخُسْرَانُ) مِنْ الرِّبْحِ (لَكِنَّهُ) أَيْ رَأْسَ الْمَالِ (يَنْقُصُ بِمَا أَخَذَهُ رَبُّ الْمَالِ وَهُوَ الْعَشَرَةُ وَقِسْطُهَا مِنْ الْخُسْرَانِ، وَهُوَ دِرْهَمٌ وَتُسْعُ) دِرْهَمٍ (وَيَبْقَى رَأْسُ الْمَالِ ثَمَانِيَةً وَثَمَانِينَ وَثَمَانِيَةَ أَتْسَاعِ دِرْهَمٍ فَإِنْ كَانَ) رَبُّ الْمَالِ (أَخَذَ نِصْفَ التِّسْعِينَ الْبَاقِيَةِ) وَهُوَ خَمْسَةٌ وَأَرْبَعُونَ (بَقِيَ رَأْسُ الْمَالِ خَمْسِينَ) دِرْهَمًا؛ لِأَنَّهُ أَيْ رَبَّ الْمَالِ (أَخَذَ نِصْفَ الْمَالِ، فَسَقَطَ نِصْفُ الْخُسْرَانِ وَإِنْ كَانَ) رَبُّ الْمَالِ (أَخَذَ خَمْسِينَ بَقِيَ أَرْبَعَةٌ وَأَرْبَعُونَ وَأَرْبَعَةُ أَتْسَاعِ) ؛ لِأَنَّهُ أَخَذَ خَمْسَةَ أَتْسَاعِ الْمَالِ
فَسَقَطَ خَمْسَةُ أَتْسَاعٍ الْخُسْرَانِ وَهُوَ خَمْسَةٌ وَخَمْسَةُ أَتْسَاعِ دِرْهَمٍ يَبْقَى مَا ذَكَر.
(وَكَذَلِكَ إذَا رِبْحَ الْمَالُ، ثُمَّ أَخَذَ رَبُّ الْمَالِ بَعْضَهُ) أَيْ الْمَالِ (كَانَ مَا أَخَذَهُ) رَبُّ الْمَالِ (مِنْ الرِّبْحِ وَرَأْسِ الْمَالِ فَلَوْ كَانَ رَأْس الْمَالِ مِائَةً فَرَبِحَ عِشْرِينَ فَأَخَذَهَا) رَبُّ الْمَالِ (فَقَدْ أَخَذَ سُدُسَهُ فَيَنْقُصُ الْمَالُ) وَهُوَ مِائَةٌ (سُدُسَهُ: سِتَّةَ عَشَرَ وَثُلُثَيْنِ وَقِسْطُهَا) مِنْ الرِّبْحِ (ثَلَاثَةٌ وَثُلُثٌ، بَقِيَ رَأْسُ الْمَالِ ثَلَاثَةً وَثَمَانِينَ وَثُلُثًا) وَلَوْ كَانَ أَخَذَ سِتِّينَ بَقِيَ رَأْسُ الْمَالِ خَمْسِينَ؛ لِأَنَّهُ أَخَذَ نِصْفُ الْمَالِ فَبَقِيَ نِصْفُ الْمَالِ وَإِنْ أَخَذَ خَمْسِينَ بَقِيَ ثَمَانِيَةٌ وَخَمْسُونَ وَثُلُث؛ لِأَنَّهُ أَخَذَ رُبْعَ الْمَالِ وَسُدُسَهُ، فَيَبْقَى ثُلُثُهُ وَرُبْعُهُ، وَهُوَ مَا ذَكَرْنَا.
(وَلَوْ اشْتَرَى) الْعَامِلُ (عَبْدَيْنِ بِمِائَةٍ فَتَلِفَ أَحَدُهُمَا وَبَاعَ) الْعَامِلُ (الْآخَرَ بِخَمْسِينَ فَأَخَذَ مِنْهَا رَبُّ الْمَالِ خَمْسَةً وَعِشْرِينَ بَقِيَ رَأْسُ الْمَالِ خَمْسِينَ؛ لِأَنَّ رَبَّ الْمَالِ أَخَذَ نِصْفَ الْمَالِ الْمَوْجُودِ فَسَقَطَ نِصْفُ الْخُسْرَانِ وَلَمْ يَتْلَفْ الْعَبْدُ وَبَاعَهُمَا) أَيْ الْعَبْدَيْنِ الْعَامِلُ (بِمِائَةٍ وَعِشْرِينَ فَأَخَذَ رَبُّ الْمَالِ سِتِّينَ ثُمَّ خَسِرَ الْعَامِلُ فِيمَا مَعَهُ) مِنْ الْمَالِ (عِشْرِينَ فَلَهُ مِنْ الرِّبْحِ خَمْسَةٌ؛ لِأَنَّ سُدُسَ مَا أَخَذَهُ رَبُّ الْمَالِ رِبْحٌ) وَسُدُسُهُ عَشَرَةٌ (لِلْعَامِلِ نِصْفُهُ) خَمْسَةٌ إذَا كَانَتْ الْمُضَارَبَةُ عَلَى أَنَّ الرِّبْحَ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ.
(وَقَدْ انْفَسَخَتْ الْمُضَارَبَةُ فِيهِ) بِأَخْذِ رَبِّ الْمَالِ لَهُ (فَلَا يُجْبَرُ بِهِ خُسْرَانُ الْبَاقِي) لِمُفَارَقَتِهِ إيَّاهُ (وَإِنْ اقْتَسَمَا) أَيْ الْمُتَقَارِضَانِ (الْعِشْرِينَ مِنْ الرِّبْحِ خَاصَّةً ثُمَّ خَسِرَ) الْمَالُ (عِشْرِينَ فَعَلَى الْعَامِلِ رَدُّ مَا أَخَذَهُ وَبَقِيَ رَأْسُ الْمَالِ تِسْعِينَ؛ لِأَنَّ الْعَشَرَةَ الْبَاقِيَةَ مَعَ رَبِّ الْمَالِ تُحْسَبُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَمَهْمَا بَقِيَ الْعَقْدُ عَلَى رَأْسِ الْمَالِ وَجَبَ جَبْرُ خُسْرَانِهِ مِنْ رِبْحِهِ وَإِنْ اقْتَسَمَا الرِّبْحَ) ؛ لِأَنَّهَا مُضَارَبَةٌ وَاحِدَةٌ.
(وَتَحْرُمُ قِسْمَتُهُ) أَيْ الرِّبْحِ (وَالْعَقْدُ بَاقٍ إلَّا بِاتِّفَاقِهِمَا) عَلَى قِسْمَتِهِ؛ لِأَنَّهُ مَعَ امْتِنَاعِ رَبِّ الْمَالِ وِقَايَةٌ لِرَأْسِ مَالِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَأْمَنُ الْخُسْرَانَ فَيَجْبُرُهُ بِالرِّبْحِ وَمَعَ امْتِنَاعِ الْعَامِلِ لَا يَأْمَنُ أَنْ يَلْزَمَهُ رَدُّ مَا أَخَذَ فِي وَقْتٍ لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ فَلَا يُجْبَرُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا.
(قَالَ) الْإِمَامُ (أَحْمَدُ) وَقَدْ سُئِلَ عَنْ الْمُضَارِبِ يَرْبَحُ وَيَضَعُ مِرَارًا: يَرُدُّ الْوَضِيعَةَ عَلَى الرِّبْحِ (إلَّا أَنْ يَقْبِضَ رَأْسَ الْمَالِ صَاحِبُهُ ثُمَّ يَرُدَّهُ إلَيْهِ فَيَقُولُ: اعْمَلْ بِهِ ثَانِيَةً فَمَا رَبِحَ بَعْدَ ذَلِكَ لَا يُجْبَرُ بِهِ وَضَيْعَةُ الْأَوَّلِ) ؛ لِأَنَّهُ مُضَارَبَةٌ ثَانِيَةٌ قَالَ فَهَذَا لَيْسَ فِي نَفْسِي مِنْهُ شَيْءٌ (وَأَمَّا مَا لَا يَدْفَعُ) إلَيْهِ (فَحَتَّى يَحْتَسِبَا حِسَابًا كَالْقَبْضِ) كَمَا قَالَ ابْنُ سِيرِينَ (قِيلَ وَكَيْفَ يَكُونُ حِسَابًا كَالْقَبْضِ؟ قَالَ يَظْهَرُ الْمَالُ يَعْنِي يَنِضُّ وَيَجِيءُ، فَيَحْتَسِبَانِ عَلَيْهِ وَإِنْ شَاءَ صَاحِبُهُ قَبَضَهُ قِيلَ
لَهُ) أَيْ الْإِمَامِ (فَيَحْتَسِبَانِ عَلَى الْمَتَاعِ؟ قَالَ لَا يَحْتَسِبَانِ إلَّا عَلَى النَّاضِّ؛ لِأَنَّ الْمَتَاعَ قَدْ يَنْحَطُّ سِعْرُهُ وَيَرْتَفِعُ انْتَهَى) مَا رَوَاهُ الْأَثْرَمُ عَنْهُ رحمه الله.
(وَأَمَّا قَبْلَ ذَلِكَ) أَيْ قَبْلَ قَبْضِ رَبِّ الْمَالِ رَأْسَ مَالِهِ وَتَنْضِيضِهِ مَعَ الْمُحَاسَبَةِ (فَالْوَضِيعَةُ) إذَا حَصَلَتْ (تُحْسَبُ مِنْ الرِّبْحِ) لِبَقَاءِ الْمُضَارَبَةِ.
(وَكَذَلِكَ لَوْ طَلَبَ أَحَدُهُمَا قِسْمَةَ الرِّبْحِ دُونَ رَأْسِ الْمَالِ لَمْ تَجِبْ إجَابَتُهُ؛ لِأَنَّهُ) أَيْ الْمُمْتَنِعِ (لَا يَأْمَنُ الْخُسْرَانَ فِي الثَّانِي) أَيْ ثَانِي الْحَالِ فَإِنْ كَانَ الْمُمْتَنِعُ الْمَالِكَ فَهُوَ يَجْبُرُ الْخُسْرَانَ بِالرِّبْحِ وَإِنْ كَانَ الْعَامِلَ فَإِنَّهُ لَا يَأْمَنُ أَنْ يَلْزَمَهُ الرَّدُّ فِي وَقْتٍ لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ وَتَقَدَّمَ.
(وَإِنْ اتَّفَقَا) أَيْ الْمُتَقَارِضَانِ (عَلَى قَسْمِهِ) أَيْ الرِّبْحِ (أَوْ) عَلَى (قَسْمِ بَعْضِهِ، أَوْ) اتَّفَقَا (عَلَى أَنْ يَأْخُذَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كُلَّ يَوْمٍ قَدْرًا مَعْلُومًا جَازَ) ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُمَا لَا يَعْدُوهُمَا.
(وَإِتْلَافُ الْمَالِكِ لِلْمَالِ كَقِسْمَةِ) الرِّبْحِ (فَيَغْرَمُ حِصَّةَ عَامِلٍ) مِنْ الرِّبْحِ (ك) مَا لَوْ أَتْلَفَهُ (أَجْنَبِيٌّ) فَإِنَّهُ يَغْرَمُ لِلْعَامِلِ حِصَّتَهُ وَلِرَبِّ الْمَالِ رَأْسُ مَالِهِ وَحِصَّتُهُ.
وَإِنْ قُتِلَ قِنُّ الْمُضَارَبَةِ فَلِرَبِّ الْمَالِ الْقِصَاصُ بِشَرْطِهِ وَتَبْطُلُ الْمُضَارَبَةُ فِيهِ إذَنْ لِذَهَابِهِ وَلَهُ الْعَفْوُ عَلَى مَالٍ وَيَكُونُ كَبَدَلِ الْمَبِيعِ وَالزِّيَادَةُ عَلَى ثَمَنِهِ رِبْحٌ وَمَعَ رِبْحِ الْقَوَدِ إلَيْهِمَا لِاشْتِرَاكِهِمَا فِيهِ.
(وَمِنْ الرِّبْحِ: مَهْرُ) وَجَبَ بِوَطْءِ أَمَةٍ مِنْ مَالِ الْمُضَارَبَةِ أَوْ بِتَزْوِيجِهَا بِاتِّفَاقِهِمَا (وَثَمَرَةٌ) ظَهَرَتْ مِنْ شَجَرٍ اُشْتُرِيَ مِنْ مَالِهَا (وَأُجْرَةٌ) وَجَبَتْ بِعَقْدٍ عَلَى شَيْءٍ مِنْ مَالِ الْمُضَارَبَةِ أَوْ بِتَعَدٍّ عَلَيْهِ (وَأَرْشُ عَيْبٍ) وَأَرْشُ جِنَايَةٍ (وَنِتَاجٌ) نَتَجَتْهُ بَهِيمَتُهَا.
(وَإِذَا ظَهَرَ رِبْحٌ) فِي الْمَالِ (لَمْ يَكُنْ لَهُ) أَيْ الْعَامِلِ (أَخْذُ شَيْءٍ مِنْهُ إلَّا بِإِذْنِ رَبِّ الْمَالِ) ؛ لِأَنَّ نَصِيبَهُ مُشَاعٌ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُقَاسِمَ نَفْسَهُ وَلِأَنَّ مُلْكَهُ عَلَيْهِ غَيْرُ مُسْتَقِرٍّ وَلِأَنَّهُ وِقَايَةٌ لِرَأْسِ الْمَالِ وَلَا يُؤْمَنُ الْخُسْرَانُ.
(وَيَمْلِكُ الْعَامِلُ حِصَّتَهُ مِنْ الرِّبْحِ بِالظُّهُورِ قَبْلَ الْقِسْمَةِ، كَرَبِّ الْمَالِ وَكَمُسَاقَاةٍ) ؛ لِأَنَّ هَذَا الْجُزْءَ مَمْلُوكٌ وَلَا بُدَّ لَهُ مِنْ مَالِكٍ وَرَبُّ الْمَالِ لَا يَمْلِكُهُ اتِّفَاقًا فَلَزِمَ أَنْ يَكُونَ لِلْمُضَارِبِ وَلِأَنَّهُ يَمْلِكُ الْمُطَالَبَةَ بِالْقِسْمَةِ وَلَا يَمْتَنِعُ أَنْ يَمْلِكَهُ وَيَكُونُ وِقَايَةً لِرَأْسِ الْمَالِ (وَيَسْتَقِرُّ الْمِلْكُ فِيهَا) أَيْ مِلْكُ الْعَامِلِ فِي حِصَّتِهِ (بِالْمُقَاسَمَةِ وَبِالْمُحَاسِبَةِ التَّامَّةِ) ؛ لِأَنَّهُ قَبْلَ ذَلِكَ عُرْضَةٌ لَأَنْ يَخْرُجَ عَنْ يَدِهِ لِجُبْرَانِ خُسْرَانٍ (وَتَقَدَّمَ نَصُّ أَحْمَدَ فِيهِ قَرِيبًا) .
(وَإِنْ طَلَبَ الْعَامِلُ الْبَيْعَ) أَيْ بَيْعَ مَالِ الْمُضَارَبَةِ (مَعَ بَقَاءِ قِرَاضِهِ أَوْ فَسْخِهِ، فَأَبَى رَبُّ الْمَالِ) الْبَيْعَ (أُجْبِرَ) عَلَيْهِ رَبُّ الْمَالِ (إنْ كَانَ فِيهِ) أَيْ الْمَالِ (رِبْحٌ) ؛ لِأَنَّ حَقَّ الْعَامِلِ فِي الرِّبْحِ لَا يَظْهَرُ إلَّا بِالْبَيْعِ فَأُجْبِرَ الْمُمْتَنِعُ عَلَى تَوْفِيَتِهِ كَسَائِرِ الْحُقُوقِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ رِبْحٌ ظَاهِرٌ لَمْ يُجْبَرْ الْمَالِكُ عَلَى الْبَيْعِ؛ لِأَنَّ
الْعَامِلَ لَا حَقَّ لَهُ فِيهِ وَقَدْ رَضِيَهُ مَالِكُهُ عَرْضًا.
(وَإِنْ انْفَسَخَ الْقِرَاضُ وَالْمَالُ عَرْضٌ فَرَضِيَ رَبُّ الْمَالِ أَنْ يَأْخُذَ بِمَالِهِ مِنْ الْعَرْضِ فَلَهُ ذَلِكَ، فَيُقَوَّمُ) الْعَرْضُ (عَلَيْهِ وَيَدْفَعُ حِصَّةَ الْعَامِلِ) ؛ لِأَنَّهُ أَسْقَطَ مِنْ الْعَامِلِ الْبَيْعَ، وَقَدْ صَدَّقَهُ عَلَى الرِّبْحِ فَلَا يُجْبَرُ عَلَى بَيْعِ مَالِهِ مِنْ غَيْرِ حَظٍّ يَكُونُ لِلْعَامِلِ فِي بَيْعِهِ إنْ لَمْ يَكُنْ حِيلَةً عَلَى قَطْعِ رِبْحِ عَامِلٍ كَشِرَائِهِ خَزًّا فِي الصَّيْفِ لِيَرْبَحَ فِي الشِّتَاءِ وَنَحْوِهِ فَيَبْقَى حَقُّهُ فِي رِبْحِهِ (ثُمَّ إنْ ارْتَفَعَ السِّعْرُ بَعْدَ ذَلِكَ) أَيْ بَعْدَ التَّقْوِيمِ عَلَى الْمَالِكِ وَدَفْعِهِ حِصَّةَ الْعَامِلِ (لَمْ يُطَالِبْهُ الْعَامِلُ بِشَيْءٍ) كَمَا لَوْ ارْتَفَعَ بَعْدَ بَيْعِهِ لِأَجْنَبِيٍّ.
(وَإِنْ لَمْ يَرْضَ) رَبُّ الْمَالِ (بِأَخْذِهِ) أَيْ الْمَالِ (مِنْ ذَلِكَ) الْعَرْضِ (وَطَلَبَ الْبَيْعَ، أَوْ طَلَبَهُ) أَيْ الْبَيْعَ ابْتِدَاءً مِنْ غَيْرِ فَسْخِ الْمُضَارَبَةِ فَلَهُ ذَلِكَ (وَيَلْزَمُ الْمُضَارِبَ بَيْعُهُ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ فِي الْمَالِ رِبْحٌ) وَقَبْضُ ثَمَنِهِ؛ لِأَنَّ عَلَيْهِ رَدَّ الْمَالِ نَاضًّا كَمَا أَخَذَهُ.
(وَإِنْ نَضَّ) الْعَامِلُ (رَأْسَ الْمَالِ جَمِيعَهُ) وَطَلَبَ رَبُّ الْمَالِ أَنْ يَنِضَّ الْبَاقِي (لَزِمَ الْعَامِلَ أَنْ يَنِضَّ لَهُ الْبَاقِي) كَرَأْسِ الْمَالِ.
(وَإِنْ كَانَ رَأْسُ الْمَالِ دَرَاهِمَ فَصَارَ دَنَانِيرَ وَعَكْسُهُ) بِأَنْ كَانَ دَنَانِيرَ فَصَارَ دَرَاهِمَ (فَكَعَرْضٍ) إنْ رَضِيَهُ رَبُّ الْمَالِ وَإِلَّا لَزِمَ الْعَامِلَ إعَادَتُهُ كَمَا كَانَ وَكَذَا لَوْ كَانَ رَأْسٌ صِحَاحًا فَنَضَّهُ قِرَاضَةً أَوْ مُكَسَّرَةً.
(وَإِنْ انْفَسَخَ) الْقِرَاضُ (وَالْمَالُ دَيْنٌ لَزِمَ الْعَامِلُ تَقَاضِيهِ، سَوَاءٌ كَانَ فِيهِ رِبْحٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ) فِيهِ رِبْحٌ؛ لِأَنَّ الْمُضَارَبَةَ تَقْتَضِي رَدَّ رَأْسِ الْمَالِ عَلَى صِفَتِهِ وَالدُّيُونُ لَا تَجْرِي مَجْرَى النَّاضِّ فَلَزِمَهُ أَنْ يَنِضَّهُ وَلَا يَقْتَصِرَ فِي التَّقَاضِي عَلَى رَأْسِ الْمَالِ (فَإِنْ اقْتَضَى) الْعَامِلُ (مِنْهُ قَدْرَ رَأْسِ الْمَالِ أَوْ كَانَ الدَّيْنُ قَدْرَ الرِّبْحِ أَوْ دُونَهُ) أَيْ الرِّبْحِ (لَزِمَ الْعَامِلَ تَقَاضِيهِ أَيْضًا) ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَسْتَحِقُّ نَصِيبَهُ مِنْ الرِّبْحِ عِنْدَ وُصُولِهِ إلَيْهِمَا عَلَى وَجْهٍ يُمْكِنُ قِسْمَتُهُ، وَوُصُولُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إلَى حَقِّهِ مِنْهُ وَلَا يَحْصُلُ ذَلِكَ إلَّا بَعْدَ تَقَاضِيهِ (وَلَا يَلْزَمُ الْوَكِيلَ تَقَاضِي الدَّيْنَ) ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مُقْتَضَى عَقْدِ الْوَكَالَةِ.
(وَإِنْ قَارَضَ) الْمَرِيضُ (فِي الْمَرَضِ) الْمَخُوفِ وَمَاتَ فِيهِ (فَالرِّبْحُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَإِنْ زَادَ عَلَى تَسْمِيَةِ الْمِثْلِ) أَيْ مَا يُسَمَّى لِمِثْلِهِ (وَلَا يُحْتَسَبُ مِنْ ثُلُثِهِ وَيُقَدَّمُ بِهِ عَلَى سَائِرِ الْغُرَمَاءِ) ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يَأْخُذُهُ مِنْ مَالِهِ، وَإِنَّمَا يَسْتَحِقُّهُ بِعَمَلِهِ مِنْ الرِّبْحِ الْحَادِثِ وَيَحْدُثُ عَلَى مُلْكِ الْمُضَارِبِ دُونَ الْمَالِكِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ حَابَى الْأَجِيرَ فِي الْأَجْرِ فَإِنَّهُ يُحْتَسَبُ بِمَا حَابَاهُ مِنْ ثُلُثِهِ؛ لِأَنَّ الْأَجْرَ يُؤْخَذُ مِنْ مَالِهِ.
(وَإِنْ سَاقَى) الْمَرِيضُ (أَوْ زَارَعَ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ) الْمَخُوفِ (حُسِبَ) الزَّائِدُ (مِنْ الثُّلُثِ) ؛ لِأَنَّهُ مِنْ عَيْنِ الْمَالِ، بِخِلَافِ الرِّبْحِ فِي الْمُضَارَبَةِ.
(وَإِنْ مَاتَ الْمُضَارِبُ فَجْأَةً أَوْ لَا) أَيْ غَيْرَ