الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(لَا يَلْزَمُهُ قِيمَتُهُ) بِخِلَافِ الْمَغْرُورِ؛ لِأَنَّهُ حَدَثَ مِنْ وَطْءٍ مَأْذُونٍ فِيهِ كَالْمَهْرِ.
(وَإِنْ كَانَ) الْمُرْتَهِنُ (عَالِمًا بِتَحْرِيمِهِ) أَيْ: الْوَطْءِ الْمَأْذُونِ لَهُ فِيهِ مِنْ الرَّاهِنِ (فَلَا مَهْرَ) لِمَا تَقَدَّمَ (وَعَلَيْهِ الْحَدُّ وَوَلَدُهُ رَقِيقٌ) ؛ لِانْتِفَاءِ الشُّبْهَةِ.
(وَإِنْ وَطِئَهَا) الْمُرْتَهِنُ (مِنْ غَيْرِ إذْنِ رَاهِنٍ جَاهِلًا التَّحْرِيمَ فَلَا حَدَّ) عَلَيْهِ (وَوَلَدُهُ حُرٌّ) لِلشُّبْهَةِ (وَعَلَيْهِ) أَيْ: الْمُرْتَهِنِ (الْفِدَاءُ) فَيَفْدِيه بِقِيمَتِهِ يَوْمَ الْوِلَادَةِ؛ لِأَنَّهُ فَوَّتَهُ عَلَى الرَّاهِنِ بِاعْتِقَادِهِ الْحُرِّيَّةَ (وَ) عَلَيْهِ (الْمَهْرُ) أَيْضًا لِمَا تَقَدَّمَ.
(وَلَهُ) أَيْ: لِلْمُرْتَهِنِ (بَيْعُ رَهْنٍ جَهِلَ رَبَّهُ إنْ أَيِسَ مِنْ مَعْرِفَتِهِ وَالصَّدَقَةُ بِثَمَنِهِ بِشَرْطِ ضَمَانِهِ) لِرَبِّهِ أَوْ وَارِثِهِ إذَا عَرَّفَهُ فَإِذَا عَرَّفَهُمْ خَيَّرَهُمْ بَيْنَ الْأَجْرِ أَوْ يَغْرَمُ لَهُمْ قَالَ فِي الِاخْتِيَارَاتِ: وَلَيْسَ لِصَاحِبِهِ إذَا عَرَفَ رَدُّ الْمُعَاوَضَةِ؛ لِثُبُوتِ الْوِلَايَةِ عَلَيْهَا شَرْعًا انْتَهَى وَظَاهِرُ كَلَامِهِ: بَيْعُهُ وَلَوْ بِلَا إذْنِ حَاكِمٍ وَهُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ الْحَارِثِيِّ وَقُدِّمَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: لَيْسَ لَهُ بَيْعُهُ بِغَيْرِ إذْنِ حَاكِمٍ قَالَ فِي تَصْحِيحِ الْفُرُوعِ: الصَّوَابُ اسْتِئْذَانُ الْحَاكِمِ فِي بَيْعِهِ إنْ كَانَ أَمِينًا.
(وَلَا يَسْتَوْفِي) الْمُرْتَهِنُ (حَقَّهُ) مِنْ الثَّمَنِ الَّذِي بَاعَ بِهِ الرَّهْنَ (نَصًّا) وَظَاهِرُهُ: وَلَوْ عَجَزَ عَنْ إذْنِ الْحَاكِمِ وَهُوَ أَحَدُ وَجْهَيْنِ أَطْلَقَهُمَا فِي الْفُرُوعِ قَالَ فِي تَصْحِيحِ الْفُرُوعِ: وَالصَّوَابُ أَنَّ الْحَاكِمَ إذَا عُدِمَ، يَجُوزُ لَهُ أَخْذُ قَدْرِ حَقِّهِ مِنْ ثَمَنِهِ.
(وَعَنْهُ: بَلَى) أَيْ: لَهُ أَخْذُ حَقِّهِ مِنْ ثَمَنِهِ (وَلَوْ بَاعَهَا) أَيْ: الْعَيْنَ الْمَرْهُونَةَ (الْحَاكِمُ وَوَفَّاهُ) مِنْ ثَمَنِهَا (جَازَ) ؛ لِأَنَّ الْحَاكِمَ لَهُ وِلَايَةُ مَالِ الْغَائِبِ (وَيَأْتِي فِي) بَابِ (الْغَصْبِ: لَوْ بَقِيَتْ فِي يَدِهِ غُصُوبٌ وَنَحْوُهَا) كَعَوَارٍ أَوْ أَمَانَاتٍ (لَا يُعْرَفُ أَرْبَابُهَا) فَيَدْفَعُهَا إلَى الْحَاكِمِ أَوْ يَبِيعُهَا وَيَتَصَدَّقُ بِثَمَنِهَا.
[بَابُ الضَّمَانِ وَالْكَفَالَةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِمَا]
(الضَّمَانُ) مُشْتَقٌّ مِنْ الضَّمِّ قَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهَا وَرُدَّ بِأَنَّ لَامَ الْكَلِمَةِ فِي الضَّمِّ مِيمٌ وَفِي الضَّمَانِ نُونٌ وَأُجِيبَ: بِأَنَّهُ مِنْ الِاشْتِقَاقِ الْأَكْبَرِ وَهُوَ الْمُشَارَكَةُ فِي أَكْثَرِ الْأُصُولِ مَعَ مُلَاحَظَةِ الْمَعْنَى وَقَالَ الْقَاضِي: مُشْتَقٌّ مِنْ التَّضَمُّنِ؛ لِأَنَّ ذِمَّةَ الضَّامِنِ تَتَضَمَّنُ الْحَقَّ وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: مِنْ الضِّمْنِ: فَذِمَّةُ الضَّامِنِ فِي ضِمْنِ ذِمَّةِ الْمَضْمُونِ عَنْهُ وَشَرْعًا (الْتِزَامُ مَنْ يَصِحُّ تَبَرُّعُهُ) وَهُوَ الْحُرُّ غَيْرُ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ (أَوْ) الْتِزَامُ (مُفْلِسٍ بِرِضَاهُمَا) أَيْ: مَنْ يَصِحُّ تَبَرُّعُهُ وَالْمُفْلِسُ (مَا) أَيْ: دَيْنًا (وَجَبَ)
عَلَى غَيْرِهِ (أَوْ) مَا (يَجِبُ عَلَى غَيْرِهِ مَعَ بَقَائِهِ) أَيْ: مَا وَجَبَ أَوْ يَجِبُ (عَلَيْهِ) أَيْ: عَلَى الْغَيْرِ وَهُوَ ثَابِتٌ بِإِجْمَاعٍ وَسَنَدُهُ: قَوْله تَعَالَى: {وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ} [يوسف: 72] قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: الزَّعِيمُ الْكَفِيلُ وَقَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم «الزَّعِيمُ غَارِمٌ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ غَيْرُ ضَمَانِ مُسْلِمٍ أَوْ كَافِرٍ جِزْيَةً فَلَا يَصِحُّ وَلَوْ بَعْدَ الْحَوْلِ؛ لِأَنَّهَا إذَا أُخِذَتْ مِنْ الضَّامِنِ فَاتَ الصَّغَارَ الْمَضْمُونُ عَنْهُ.
(وَ) غَيْرُ (كَفَالَتِهِ) أَيْ: كَفَالَةِ مُسْلِمٍ وَكَذَا كَفَالَةُ كَافِرٍ (مَنْ هِيَ) أَيْ: الْجِزْيَةُ (عَلَيْهِ) فَلَا تَصِحُّ الْكَفَالَةُ وَلَوْ بَعْدَ الْحَوْلِ، لِفَوَاتِ الصَّغَارِ إذَا اُسْتُوْفِيَتْ مِنْ الْكَفِيلِ (فَلَا يَصِحُّ) أَيْ: الضَّمَانُ وَلَا الْكَفَالَةُ (فِيهِمَا) أَيْ: فِي جِزْيَةٍ وَجَبَتْ وَلَا جِزْيَةٍ سَتَجِبُ كَمَا تَقَدَّمَ.
(وَيَصِحُّ) الضَّمَانُ (بِلَفْظِ) أَنَا (ضَمِينٌ وَكَفِيلٌ، وَقَبِيلٌ، وَحَمِيلٌ، وَصَبِيرٌ، وَزَعِيمٌ) بِمَا عَلَيْهِ يُقَالُ: قَبِلَ بِهِ، بِكَسْرِ الْبَاءِ فَهُوَ قَبِيلٌ، وَحَمَلَ بِهِ حَمَالَةً فَهُوَ حَمِيلٌ وَزَعَمَ بِهِ يَزْعُمُ بِالضَّمِّ - زَعْمًا وَصَبَرَ يَصْبِرُ - بِالضَّمِّ - صَبْرًا وَصِبَارَةً: بِمَعْنًى وَاحِدٍ وَهُوَ مَعْنَى كَفِيلٍ.
(وَ) يَصِحُّ الضَّمَانُ أَيْضًا بِلَفْظِ (ضَمِنْت دَيْنَك أَوْ تَحَمَّلْته، وَضَمِنْت إيصَالَهُ أَوْ هُوَ) أَيْ: دَيْنُك (عَلَيَّ وَنَحْوُهُ) مِنْ كُلِّ مَا يُؤَدِّي مَعْنَى الْتِزَامِهِ مَا عَلَيْهِ (فَإِنْ قَالَ) شَخْصٌ: (أَنَا أُؤَدِّي) مَا عَلَيْهِ (أَوْ) أَنَا (أُحْضِرُ) مَا عَلَيْهِ (لَمْ يَصِرْ ضَامِنًا) بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ وَعْدٌ وَلَيْسَ بِالْتِزَامٍ (وَقَالَ الشَّيْخُ: قِيَاسُ الْمَذْهَبِ يَصِحُّ) الضَّمَانُ (بِكُلِّ لَفْظٍ فُهِمَ مِنْهُ الضَّمَانُ عُرْفًا مِثْلَ) قَوْلِهِ: (زَوِّجْهُ، وَأَنَا أُؤَدِّي الصَّدَاقَ أَوْ) قَوْلِهِ: (بِعْهُ وَأَنَا أُعْطِيك الثَّمَنَ أَوْ) قَوْلِهِ: اُتْرُكْهُ وَلَا تُطَالِبْهُ وَأَنَا أُعْطِيك مَا عَلَيْهِ (وَنَحْوَ ذَلِكَ) مِمَّا يُؤَدِّي هَذَا الْمَعْنَى؛ لِأَنَّ الشَّرْعَ لَمْ يَحُدَّ ذَلِكَ بِحَدٍّ فَرُجِعَ إلَى الْعُرْفِ كَالْحِرْزِ وَالْقَبْضِ.
(وَإِنْ ضَمِنَ) إنْسَانٌ (وَهُوَ) أَيْ: الضَّامِنُ (مَرِيضٌ مَرَضًا غَيْرَ مَخُوفٍ) كَصُدَاعٍ وَحُمَّى يَسِيرَيْنِ وَلَوْ صَارَ مُخَرِّفًا وَمَاتَ بِهِ، أَوْ وَهُوَ مَرِيضٌ مَرَضًا (مَخُوفًا وَلَمْ يَتَّصِلْ بِهِ الْمَوْتُ ف) هُوَ (كَالصَّحِيحِ) كَسَائِرِ تَبَرُّعَاتِهِ.
(وَإِنْ كَانَ) الضَّامِنُ وَقْتَ الضَّمَانِ مَرِيضًا (مَرَضَ الْمَوْتِ الْمَخُوفَ حَسْبَ مَا ضَمِنَهُ مِنْ ثُلُثِهِ) ؛ لِأَنَّهُ تَبَرُّعٌ فَهُوَ كَسَائِرِ تَبَرُّعَاتِهِ وَكَالْوَصِيَّةِ وَقِيَاسُ الْمَرِيضِ كَذَلِكَ: مَنْ بِاللُّجَّةِ عِنْدَ الْهَيَجَانِ، أَوْ وَقَعَ الطَّاعُونُ بِبَلْدَةٍ وَنَحْوِهِمَا مِمَّنْ أُلْحِقَ بِالْمَرِيضِ مَرَضَ الْمَوْتِ الْمَخُوفَ كَمَا سَيَأْتِي فِي عَطِيَّةِ الْمَرِيضِ.
(وَيَصِحُّ الضَّمَانُ مِنْ أَخْرَسَ بِإِشَارَةٍ
مَفْهُومَةٍ) كَسَائِرِ تَصَرُّفَاتِهِ؛ لِأَنَّهَا كَاللَّفْظِ فِي الدَّلَالَةِ عَلَى الْمُرَادِ (وَلَا يَثْبُتُ) الضَّمَانُ (بِكِتَابَتِهِ) أَيْ: الْأَخْرَسِ حَالَ كَوْنهَا (مُنْفَرِدَةً عَنْ إشَارَةٍ يُفْهَمُ بِهَا عَنْهُ أَنَّهُ قَصَدَ الضَّمَانَ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَكْتُبُ عَبَثًا أَوْ تَجْرِبَةَ قَلَمٍ) فَلَا يَكُونُ ضَامِنًا بِالِاحْتِمَالِ.
(وَمَنْ لَا تُفْهَمُ إشَارَتُهُ) مِنْ الْخُرْسِ (وَلَا يَصِحُّ ضَمَانُهُ) أَيْ: أَنْ يَضْمَنَ غَيْرُهُ وَلَوْ بِكِتَابَةٍ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهُ قَدْ يَكْتُبُ عَبَثًا أَوْ تَجْرِبَةَ قَلَمٍ فَلَيْسَتْ صَرِيحَةً (وَكَذَلِكَ) أَيْ: كَالضَّمَانِ (سَائِرُ تَصَرُّفَاتِهِ) فَتَصِحُّ بِإِشَارَةٍ مَفْهُومَةٍ، لَا بِكِتَابَةٍ مُفْرَدَةٍ عَنْ إشَارَةٍ يُفْهَمُ بِهَا الْمَقْصُودُ، وَلَا مِمَّنْ لَيْسَ لَهُ إشَارَةٌ مَفْهُومَةٌ وَتَأْتِي صِحَّةُ الْوَصِيَّةِ وَالطَّلَاقِ وَالْإِقْرَارِ بِالْكِتَابَةِ.
(وَلِصَاحِبِ الْحَقِّ: مُطَالَبَةُ مَنْ شَاءَ مِنْهُمَا) أَيْ: مِنْ الْمَضْمُونِ عَنْهُ وَالضَّامِنِ (لِثُبُوتِهِ) أَيْ: الْحَقِّ (فِي ذِمَّتَيْهِمَا جَمِيعًا) فَلَا يَبْرَأ الْمَضْمُونُ عَنْهُ بِمُجَرَّدِ الضَّمَانِ كَمَا يَبْرَأُ الْمُحِيلُ بَلْ يَثْبُتُ الْحَقُّ فِي ذِمَّتَيْهِمَا جَمِيعًا لِصِحَّةِ هِبَتِهِ لَهُمَا؛ وَلِأَنَّ الْكَفِيلَ لَوْ قَالَ: تَكَفَّلْت بِالْمُطَالَبَةِ دُونَ أَصْلِ الدَّيْنِ لَمْ يَصِحَّ اتِّفَاقًا ذَكَرَهُ فِي الْمُبْدِعِ.
(وَ) لِصَاحِبِ الْحَقِّ أَيْضًا (مُطَالَبَتُهُمَا) أَيْ: الْمَضْمُونِ عَنْهُ وَالضَّامِنِ (مَعًا فِي الْحَيَاةِ وَالْمَوْتِ وَلَوْ كَانَ الْمَضْمُونُ عَنْهُ) مَلِيئًا (بَازِلًا) لِلدَّيْنِ لِمَا تَقَدَّمَ وَقَوْلُهُ: صلى الله عليه وسلم «الزَّعِيمُ غَارِمٌ» .
(فَإِنْ أَحَالَ رَبُّ الْحَقِّ) عَلَى الْمَضْمُونِ عَنْهُ بِدَيْنِهِ، بَرِئَ الضَّامِنُ (أَوْ أُحِيلَ) أَيْ: أَحَالَهُ الْمَضْمُونُ عَنْهُ بِدَيْنِهِ بَرِئَ الضَّامِنُ (أَوْ زَالَ الْعَقْدُ) بِأَنْ انْفَسَخَ الْبَيْعُ الَّذِي ضَمِنَ فِيهِ الثَّمَنَ، أَوْ انْفَسَخَتْ الْإِجَارَةُ وَقَدْ ضَمِنَ الْأُجْرَةَ (بَرِئَ الضَّامِنُ) بِغَيْرِ خِلَافٍ نَعْلَمُهُ؛ لِأَنَّهُ تَبَعٌ لَهُ، وَالضَّمَانُ وَثِيقَةٌ فَإِذَا بَرِئَ الْأَصْلُ زَالَتْ الْوَثِيقَةُ قَالَهُ الْمُبْدِعُ (وَ) بَرِئَ (الْكَفِيلُ وَبَطَلَ الرَّهْنُ إنْ كَانَ) هُنَاكَ رَهْنٌ لِمَا تَقَدَّمَ.
وَإِنْ وَرِثَ الدَّيْنَ لَمْ يَبْرَأْ ضَامِنٌ وَلَا كَفِيلٌ وَلَمْ يَبْطُلْ رَهْنٌ.
(فَإِنْ بَرِئَ الْمَضْمُونُ عَنْهُ) بِأَدَاءٍ أَوْ إبْرَاءٍ حَوَالَةٍ (بَرِئَ الضَّامِنُ) ؛ لِأَنَّهُ فَرْعُهُ كَمَا سَبَقَ.
(وَإِنْ بَرِئَ الضَّامِنُ لَمْ يَبْرَأْ الْمَضْمُونُ عَنْهُ) ؛ لِأَنَّهُ أَصْلٌ فَلَا يَبْرَأُ بِبَرَاءَةِ التَّبَعِ (أَوْ أَقَرَّ) الْمَضْمُونُ لَهُ (بِبَرَاءَتِهِ) أَيْ: الضَّامِنِ (كَقَوْلِهِ) أَيْ: رَبِّ الْحَقِّ لِلضَّامِنِ (بَرِئْت مِنْ الدَّيْنِ، أَوْ أَبْرَأْتُك) مِنْهُ (لَمْ يَكُنْ) رَبُّ الْحَقِّ (مُقِرًّا بِالْقَبْضِ) لِلدَّيْنِ وَلَمْ يَبْرَأْ مَضْمُونٌ عَنْهُ لِأَصَالَتِهِ فَلَا يَبْرَأُ بِبَرَاءَةِ تَبَعُهُ.
(وَ) الْقَائِلُ لِلضَّامِنِ (بَرِئْت إلَيَّ مِنْ الدَّيْنِ: مُقِرٌّ بِقَبْضِهِ) ؛ لِأَنَّهُ أَقَرَّ بِبَرَاءَتِهِ بِفِعْلٍ وَاصِلٍ إلَيْهِ وَذَلِكَ لَا يَكُونُ إلَّا بِقَبْضِهِ (وَ) قَوْلُ رَبِّ الْحَقِّ لِلضَّامِنِ: (وَهَبْتُك الْحَقَّ: تَمْلِيكٌ لَهُ فَيَرْجِعُ) الضَّامِنُ بِالدَّيْنِ (عَلَى مَضْمُونٍ) وَيَأْخُذهُ مِنْهُ؛ لِأَنَّ رَبَّهُ مَلَّكَهُ لَهُ.
(وَيَصِحُّ أَنْ يَضْمَنَ الْحَقَّ عَنْ)
الْمَدِينِ (الْوَاحِدِ اثْنَانِ فَأَكْثَرَ، سَوَاءٌ ضَمِنَ كُلُّ وَاحِدٍ جَمِيعَهُ) أَيْ: الدَّيْنِ (أَوْ جُزْءًا) مَعْلُومًا مِنْهُ؛ لِأَنَّ مَا جَازَ ثُبُوتُهُ فِي ذِمَّةِ اثْنَيْنِ جَازَ ثُبُوتُهُ فِي ذِمَّةِ أَكْثَرَ مِنْهُمَا (فَإِنْ قَالَا: كُلُّ وَاحِدٍ مِنَّا ضَامِنٌ لَك الْأَلْفَ) الَّذِي عَلَيْهِ (فَهُوَ) أَيْ: قَوْلُهُمَا ضَمَانُ اشْتِرَاكٍ فِي انْفِرَادٍ؛ لِأَنَّهُمَا اشْتَرَكَا فِي الضَّمَانِ وَكُلُّ وَاحِدٍ ضَامِنٌ مِنْ الدَّيْنِ مُنْفَرِدٌ بِضَمَانِهِ (لَهُ) أَيْ: لِرَبِّ الْحَقِّ (مُطَالَبَتُهُمَا مَعًا بِالْأَلْفِ وَ) لَهُ (مُطَالَبَةُ أَحَدِهِمَا بِهِ) ؛ لِثُبُوتِهِ فِي ذِمَّةِ كُلِّ مِنْهُمَا كَامِلًا (فَإِنْ قَضَاهُ) أَيْ: الْأَلْفَ (أَحَدُهُمَا لَمْ يَرْجِعْ) الْقَاضِي بِالْأَلْفِ (إلَّا عَلَى الْمَضْمُونِ عَنْهُ) ؛ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ.
(فَإِنْ أَبْرَأْ) رَبُّ الْحَقِّ (الْمَضْمُونَ عَنْهُ بَرِئَ الْجَمِيعُ) ؛ لِأَنَّهُمْ تَبَعُهُ.
(وَإِنْ أَبْرَأَ) رَبُّ الْحَقِّ (أَحَدَ الضَّامِنَيْنِ بَرِئَ وَحْدَهُ) دُونَ الْمَضْمُونِ عَنْهُ؛ لِأَنَّهُ أَصْلُهُ، وَدُونَ الضَّامِنِ الثَّانِي؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ تَبَعًا لِرَفِيقِهِ (وَإِنْ ضَمِنَ أَحَدُهُمَا أَيْ: أَحَدُ الضَّامِنَيْنِ صَاحِبَهُ لَمْ يَصِحَّ) ضَمَانُهُ لَهُ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ ثَبَتَ فِي ذِمَّتِهِ بِضَمَانِهِ الْأَصْلَ فَهُوَ أَصْلٌ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَصِيرَ فَرْعًا (وَإِنْ قَالَا: ضَمِنَّا لَك الْأَلْفَ، فَهُوَ بَيْنَهُمَا بِالْحِصَصِ) أَيْ: نِصْفَيْنِ (فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ضَامِنٌ لِحِصَّتِهِ) وَهِيَ النِّصْفُ مِنْ الْأَلْفِ؛ لِأَنَّ مُقْتَضَى الشَّرِكَةِ التَّسْوِيَةُ.
(وَلَوْ تَكَفَّلَ بِبَدَنِ) الْمَدِينِ (الْوَاحِدِ اثْنَانِ) فَأَكْثَرَ (صَحَّ) ذَلِكَ كَالضَّمَانِ (وَيَصِحُّ أَنْ يَتَكَفَّلَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الْكَفِيلَيْنِ) بِبَدَنِ الْكَفِيلِ الْآخَرِ؛ لِأَنَّ الْكَفَالَةَ بِالْبَدَنِ لَا بِمَا فِي ذِمَّتِهِ، بِخِلَافِ الضَّمَانِ (فَلَوْ سَلَّمَهُ أَحَدُهُمَا) أَيْ: الْكَفِيلَيْنِ (بَرِئَ) الَّذِي سَلَّمَهُ مِنْهُ.
(وَبَرِيء كَفِيلُهُ بِهِ) مِنْ كَفَالَتِهِ بِرَفِيقِهِ لِبَرَاءَةِ الْفَرْعِ بِبَرَاءَةِ أَصْلِهِ وَ (لَا) يَبْرَأُ كَفِيلُهُ (مِنْ إحْضَارِ الْمَكْفُولِ) ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُسَلِّمْهُ وَلَمْ يُبْرِئْهُ رَبُّ الْحَقِّ، وَلَا بَرِئَ أَصْلُهُ.
(وَإِنْ كَفَلَ الْمَكْفُولُ بِهِ) وَهُوَ الْمَدِينُ (الْكَفِيلَ لَمْ يَصِحَّ) ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ أَصْلٌ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَصِيرَ فَرْعًا.
(وَإِنْ كَفَلَ) الْمَكْفُولُ (بِهِ) أَيْ: بِالْكَفِيلِ (فِي غَيْرِهِ) أَيْ: غَيْرِ مَا كَفَلَهُ فِيهِ بِأَنْ كَانَ عَلَى الْكَفِيلِ دَيْنٌ فَكَفَلَهُ الْمَكْفُولُ بِهِ لِرَبِّهِ (صَحَّ) ذَلِكَ؛ لِعَدَمِ الْمَانِعِ.
(وَلَوْ ضَمِنَ ذِمِّيٌّ عَنْ ذِمِّيٍّ خَمْرًا فَأَسْلَمَ الْمَضْمُونُ لَهُ أَوْ الْمَضْمُونُ عَنْهُ بَرِئَ) الْمَضْمُونُ عَنْهُ (هُوَ وَالضَّامِنُ) مَعًا؛ لِأَنَّ مَالِيَّةَ الْخَمْرِ بَطَلَتْ فِي حَقِّ مَنْ أَسْلَمَ فَإِنْ كَانَ هُوَ الْمَضْمُونُ لَهُ لَمْ يَمْلِكْ مُطَالَبَةَ الْمَضْمُونِ عَنْهُ وَلَا الضَّامِنِ؛ لِأَنَّهُ تَبَعٌ لِأَصْلِهِ وَإِنْ كَانَ الَّذِي أَسْلَمَ هُوَ الْمَضْمُونُ عَنْهُ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ وُجُوبُ خَمْرٍ عَلَى مُسْلِمٍ وَالضَّامِنُ فَرْعُهُ.
(وَإِنْ أَسْلَمَ الضَّامِنُ) فِي خَمْرٍ (بَرِئَ وَحْدَهُ) لِمَا تَقَدَّمَ.
(وَلَا يَصِحُّ الضَّمَانُ)(إلَّا مِنْ جَائِزِ التَّصَرُّفِ) أَيْ: مِمَّنْ يَصِحُّ تَصَرُّفُهُ فِي مَالِهِ؛ لِأَنَّهُ إيجَابُ مَالٍ
بِعَقْدٍ فَلَمْ يَصِحَّ مِنْ غَيْرِ جَائِزِ التَّصَرُّفِ كَالْبَيْعِ رَجُلًا كَانَ أَوْ امْرَأَةً (إلَّا الْمَحْجُورَ عَلَيْهِ لِفَلَسٍ فَيَصِحُّ ضَمَانُهُ) ؛ لِأَنَّهُ تَصَرَّفَ فِي ذِمَّتِهِ وَهُوَ أَهْلٌ لَهُ (وَيُتَّبَعُ) بِهِ بَعْدَ فَكِّ الْحَجْرِ عَنْهُ كَسَائِرِ دُيُونِهِ الَّتِي فِي ذِمَّتِهِ الثَّابِتَةِ بَعْدَ الْحَجْرِ إذَا تَقَرَّرَ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ إلَّا مِنْ جَائِزِ التَّصَرُّفِ (فَلَا يَصِحُّ) ضَمَانٌ (مِنْ مَجْنُونٍ وَلَا مُبَرْسَمٍ وَلَا صَبِيٍّ وَلَوْ مُمَيِّزًا) ؛ لِعَدَمِ صِحَّةِ تَصَرُّفِهِمْ.
(فَلَوْ ضَمِنَ) شَخْصٌ شَخْصًا (وَقَالَ) الضَّامِنُ (كَانَ) الضَّمَانُ (قَبْلَ بُلُوغِي وَقَالَ خَصْمُهُ) وَهُوَ الْمَضْمُونُ لَهُ (بَلْ) كَانَ الضَّمَانُ (بَعْدَهُ) أَيْ: بَعْدَ الْبُلُوغِ (فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَضْمُونِ لَهُ) ؛ لِأَنَّهُ يَدَّعِي سَلَامَةَ الْعَقْدِ، وَهِيَ الْأَصْلُ (وَتَقَدَّمَ مِثْلُهُ فِي الْخِيَارِ فِي الْبَيْعِ) فِيمَا إذَا ادَّعَى أَحَدُ الْمُتَبَايِعَيْنِ مَا يُفْسِدُ الْعَقْدَ، وَأَنْكَرَهُ الْآخَرُ الْقَوْلُ قَوْلُ الْمُنْكِرِ.
(وَكَذَا لَوْ ادَّعَى) الضَّامِنُ (الْجُنُونَ) وَقْتَ الضَّمَانِ وَأَنْكَرَهُ خَصْمُهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ (وَلَوْ عُرِفَ لَهُ حَالُ جُنُونٍ) ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ سَلَامَةُ الْعَقْدِ.
(وَلَا يَصِحُّ) الضَّمَانُ (مِنْ سَفِيهٍ) لِعَدَمِ صِحَّةِ تَصَرُّفِهِ.
(وَلَا) يَصِحُّ الضَّمَانُ (مِنْ عَبْدٍ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ وَلَوْ كَانَ مَأْذُونًا لَهُ فِي التِّجَارَةِ) ؛ لِأَنَّهُ عَقْدٌ تَضَمَّنَ إيجَابَ مَالٍ فَلَمْ يَصِحَّ بِغَيْرِ إذْنِ السَّيِّدِ كَالنِّكَاحِ (وَيَصِحُّ) ضَمَانُ الْعَبْدِ (بِإِذْنِهِ) أَيْ: إذْنِ سَيِّدِهِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ أَذِنَ لَهُ فِي التَّصَرُّفِ لَصَحَّ فَكَذَا هُنَا (وَيَتَعَلَّقُ) مَا ضَمِنَهُ الْعَبْدُ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ (بِذِمَّةِ السَّيِّدِ) كَاسْتِدَانَةٍ (فَإِنْ أَذِنَ) السَّيِّدُ (لَهُ فِي الضَّمَانِ لِيَكُونَ الْقَضَاءُ مِنْ الْمَالِ الَّذِي فِي يَدِهِ صَحَّ) ذَلِكَ وَيَكُونُ (مَا فِي ذِمَّتِهِ مُتَعَلِّقًا بِالْمَالِ الَّذِي فِي يَدِ الْعَبْدِ، كَتَعَلُّقِ حَقِّ الْجِنَايَةِ بِرَقَبَةِ) الْعَبْدِ (الْجَانِي) ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا الْتَزَمَهُ كَذَلِكَ (كَمَا لَوْ قَالَ الْحُرُّ: ضَمِنْت لَك هَذَا الدَّيْنَ عَلَى أَنْ تَأْخُذَ) مَا ضَمِنْته (مِنْ مَالِي هَذَا صَحَّ) ذَلِكَ وَيَكُونُ مُتَعَلِّقًا بِالْمَالِ الَّذِي عَيَّنَهُ كَتَعَلُّقِ أَرْشِ الْجِنَايَةِ بِرَقَبَةِ الْجَانِي فَعَلَى هَذَا: إذَا تَلِفَ الْمَالُ سَقَطَ الضَّمَانُ وَإِنْ أَتْلَفَهُ مُتْلِفٌ تَعَلَّقَ الضَّمَانُ بِبَدَلِهِ (وَلَا يَصِحُّ ضَمَانُ الْمُكَاتَبِ) بِأَنْ يَضْمَنَ إنْسَانًا (لِغَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ) ؛ لِأَنَّهُ تَبَرُّعٌ (كَالْقِنِّ) إذَا ضَمِنَ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ فَإِذَا أَذِنَ لَهُ صَحَّ وَيُؤْخَذُ مِمَّا بِيَدِ مُكَاتَبٍ.
(وَلَا يَصِحُّ) الضَّمَانُ (إلَّا بِرِضَا الضَّامِنِ) فَلَا يَصِحُّ ضَمَانُ الْمُكْرَهِ؛ لِأَنَّهُ الْتِزَامُ مَالٍ فَلَمْ يَصِحَّ بِغَيْرِ رِضَا الْمُلْتَزِمِ كَالنَّذْرِ (وَلَا يُعْتَبَرُ) لِصِحَّةِ الضَّمَانِ (رِضَا الْمَضْمُونِ لَهُ) ؛ لِأَنَّ أَبَا قَتَادَةَ ضَمَّنَ الْمَيِّتَ بِغَيْرِ رِضَا الْمَضْمُونِ لَهُ وَأَقَرَّهُ الشَّارِعُ صلى الله عليه وسلم عَلَيْهِ (وَلَا) رِضَا (الْمَضْمُونِ عَنْهُ) قَالَ فِي الْمُبْدِعِ: بِغَيْرِ خِلَافٍ نَعْلَمُهُ لِحَدِيثِ أَبِي قَتَادَةَ؛ وَلِأَنَّهُ لَوْ قُضِيَ الدَّيْنُ عَنْهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَرِضَاهُ صَحَّ فَكَذَا إذَا ضَمِنَ عَنْهُ وَلَا يُعْتَبَرُ أَيْضًا (مَعْرِفَةُ الضَّامِنِ
لَهُمَا) أَيْ: لِلْمَضْمُونِ لَهُ وَالْمَضْمُونِ عَنْهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ رِضَاهُمَا فَكَذَا مَعْرِفَتُهُمَا.
(وَلَا) يُعْتَبَرُ (كَوْنُ الْحَقِّ مَعْلُومًا) ؛ لِأَنَّهُ الْتِزَامُ حَقٍّ فِي الذِّمَّةِ مِنْ غَيْرِ مُعَاوَضَةٍ فَصَحَّ فِي الْمَجْهُولِ كَالْإِقْرَارِ (وَلَا) كَوْنُ الْحَقِّ (وَاجِبًا إذَا كَانَ مَآلُهُ) أَيْ: الْحَقِّ (إلَى الْعِلْمِ وَالْوُجُوبِ) فَيَصِحُّ ضَمَانُ مَا لَمْ يَجِبْ إذَا آلَ إلَى الْوُجُوبِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ} [يوسف: 72] فَدَلَّتْ الْآيَةُ عَلَى ضَمَانِ حِمْلِ الْبَعِيرِ مَعَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ وَجَبَ لَا يُقَالُ: الضَّمَانُ ضَمُّ ذِمَّةٍ إلَى ذِمَّةٍ فَإِذَا لَمْ يَكُنْ عَلَى الْمَضْمُونِ عَنْهُ شَيْءٌ فَلَا ضَمَّ؛ لِأَنَّهُ قَدْ ضَمَّ ذِمَّتَهُ إلَى ذِمَّةِ الْمَضْمُونِ عَنْهُ فِي أَنَّهُ يَلْزَمُهُ مَا يَلْزَمُهُ وَيَثْبُتُ فِي ذِمَّتِهِ مَا يَثْبُتُ وَهَذَا كَافٍ.
(فَلَوْ قَالَ: ضَمِنْت لَك مَا عَلَى فُلَانٍ) صَحَّ (أَوْ) قَالَ: (مَا عَلَى فُلَانٍ عَلَيَّ) أَوْ عِنْدِي وَنَحْوَهُ صَحَّ، وَهَذِهِ مِنْ أَمْثِلَةِ الْمَجْهُولِ فِيهَا (أَوْ) قَالَ: ضَمِنْت لَك (مَا تُدَايِنُهُ بِهِ) صَحَّ وَهُوَ مِنْ أَمْثِلَةِ مَا يَئُولُ إلَى الْوُجُوبِ (أَوْ) قَالَ: ضَمِنْت لَك (مَا يُقِرُّ لَك بِهِ) فُلَانٌ صَحَّ (أَوْ مَا تَقُومُ) لَك (بِهِ الْبَيِّنَةُ) عَلَيْهِ (أَوْ مَا يُخْرِجُهُ الْحِسَابُ بَيْنَكُمَا وَنَحْوِهِ) كَضَمِنْتُ لَكَ مَا يُقْضَى بِهِ عَلَيْهِ (صَحَّ) ذَلِكَ وَهَذِهِ مِنْ أَمْثِلَةِ الْمَجْهُولِ أَيْضًا.
(وَمِنْهُ) أَيْ: مِنْ ضَمَانِ مَا يَجِبُ ضَمَانُ السُّوقِ وَهُوَ أَنْ يَضْمَنَ مَا يَلْزَمُ التَّاجِرَ مِنْ دَيْنٍ وَمَا يَقْبِضُهُ مِنْ عَيْنِ مَضْمُونِهِ قَالَهُ الشَّيْخُ وَقَالَ الشَّيْخُ: (تَجُوزُ كِتَابَتُهُ وَالشَّهَادَةُ بِهِ لِمَنْ لَمْ يَرَ جَوَازَهُ؛ لِأَنَّهُ مَحَلُّ اجْتِهَادٍ) قَالَ: وَأَمَّا الشَّهَادَةُ عَلَى الْعُقُودِ الْمُحَرَّمَةِ عَلَى وَجْهِ الْإِعَانَةِ عَلَيْهَا فَحَرَامٌ (وَاخْتَارَ) الشَّيْخُ صِحَّةَ ضَمَانِ حَارِسٍ وَنَحْوِهِ وَتُجَّارِ حَرْبٍ مَا يَذْهَبُ مِنْ الْبَلَدِ أَوْ الْبَحْرِ وَأَنَّ غَايَتَهُ ضَمَانُ مَا لَمْ يَجِبْ وَضَمَانُ الْمَجْهُولِ، كَضَمَانِ السُّوقِ وَهُوَ أَنْ يَضْمَنَ الضَّامِنُ مَا يَجِبُ عَلَى التُّجَّارِ لِلنَّاسِ مِنْ الدُّيُونِ، وَهُوَ جَائِزٌ عِنْدَ أَكْثَرَ الْعُلَمَاءِ كَمَالِكٍ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَدَ.
وَقَالَ الشَّيْخُ: أَيْضًا الطَّائِفَةُ الْوَاحِدَةُ الْمُمْتَنِعَةُ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ الَّتِي يَنْصُرُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا: تَجْرِي مَجْرَى الشَّخْصِ الْوَاحِدِ فِي مُعَاهَدَاتِهِمْ وَإِذَا شَرَطُوا عَلَى أَنَّ تُجَّارَهُمْ يَدْخُلُونَ دَارَ الْإِسْلَامِ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَأْخُذُوا لِلْمُسْلِمِينَ شَيْئًا، وَمَا أَخَذُوهُ كَانُوا ضَامِنِينَ لَهُ، وَالْمَضْمُونُ يُؤْخَذُ مِنْ أَمْوَالِ التُّجَّارِ جَازَ ذَلِكَ وَيَجِبُ عَلَى وَلِيِّ الْأَمْرِ إذَا أَخَذُوا مَالًا لِلتُّجَّارِ الْمُسْلِمِينَ أَنْ يُطَالِبَهُمْ بِمَا ضَمِنُوهُ وَيَحْبِسَهُمْ عَلَى ذَلِكَ ك (سَائِرِ) الْحُقُوقِ الْوَاجِبَةِ انْتَهَى (وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي الْمُبْدِعِ وَغَيْرِهِ) .
وَلَا تَصِحُّ الْكَفَالَةُ بِبَعْضِ الدَّيْنِ مُبْهَمًا كَجُزْءٍ مِنْهُ أَوْ حَظٍّ، أَوْ شَيْءٍ؛ لِأَنَّهُ مَجْهُولٌ لَا