الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لَا يُمْكِنُ ضَبْطُهُ بِصِفَةٍ كَجَوْهَرٍ وَنَحْوِهِ فَإِنْ فَعَلَا) أَيْ: عَقَدَاهُ بِذَلِكَ (فَبَاطِلٌ) لِفَوَاتِ شَرْطِهِ (وَيُرْجَعُ) أَيْ: يُرَدُّ الْمَقْبُوضُ إذَنْ (إنْ كَانَ بَاقِيًا وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَكُنْ بَاقِيًا (فَقِيمَتُهُ) إنْ كَانَ مُتَقَوِّمًا، أَوْ مِثْلُهُ إنْ كَانَ مِثْلِيًّا، كَصُبْرَةٍ مِنْ نَحْوِ حُبُوبٍ.
(فَإِنْ اخْتَلَفَا فِيهَا) أَيْ: فِي قِيمَةِ رَأْسِ مَالِ السَّلَمِ الْبَاطِلِ أَوْ فِي قَدْرِ الصُّبْرَةِ الْمَجْعُولَةِ رَأْسَ مَالِ سَلَمٍ (فَقَوْلُ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ) بِيَمِينِهِ؛ لِأَنَّهُ غَارِمٌ (فَإِنْ تَعَذَّرَ) عِلْمُ قَدْرِ الْقِيمَةِ أَوْ الصُّبْرَةِ، بِأَنْ قَالَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ: لَا أَعْلَمُ قَدْرَ ذَلِكَ (فَقِيمَةُ مُسْلَمٍ فِيهِ مُؤَجَّلًا) إلَى الْأَجَلِ الَّذِي عَيَّنَّاهُ لِأَنَّ الْغَالِبَ فِي الْأَشْيَاءِ أَنْ تُبَاعَ بِقِيمَتِهَا.
(وَلَوْ قَبَضَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ رَأْسَ مَالِ السَّلَمِ الْمُعَيَّنِ ثُمَّ افْتَرَقَا فَوَجَدَهُ) الْمُسْلَمُ إلَيْهِ (مَعِيبًا مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ) كَالنُّحَاسِ فِي الْفِضَّةِ وَالْمَسِّ فِي الذَّهَبِ (أَوْ ظَهَرَ) رَأْسُ مَالِ السَّلَمِ الْمُعَيَّنِ (مُسْتَحَقًّا بِغَصْبٍ أَوْ غَيْرِهِ بَطَلَ الْعَقْدُ) كَمَا لَوْ ظَهَرَ ثَمَنُ الْمَبِيعِ الْمُعَيَّنِ كَذَلِكَ.
(وَإِنْ كَانَ الْعَيْبُ مِنْ جِنْسِهِ) أَيْ: جِنْسِ رَأْسِ الْمَالِ كَالسَّوَادِ فِي الْفِضَّةِ وَالْوُضُوحِ فِي الذَّهَبِ (فَلَهُ) أَيْ: الْمُسْلَمِ إلَيْهِ (إمْسَاكُهُ وَأَخْذُ أَرْشِ عَيْبِهِ، أَوْ رَدُّهُ وَأَخْذُ بَدَلِهِ فِي مَجْلِسِ الرَّدِّ) هَكَذَا فِي الْإِنْصَافِ وَهُوَ غَيْرُ ظَاهِرٍ بَلْ مَتَى رَدَّهُ بَطَلَ الْعَقْدُ، كَمَا فِي الْمُغْنِي لِوُقُوعِهِ عَلَى عَيْنِهِ بِخِلَافِ مَا فِي الذِّمَّةِ كَمَا تَقَدَّمَ وَقَدْ ذَكَرْتُ كَلَامَ الْمُسْتَوْعِبِ فِي الْحَاشِيَةِ.
(وَإِنْ كَانَ الْعَقْدُ وَقَعَ عَلَى مَالٍ فِي الذِّمَّةِ) وَقَبَضَهُ ثُمَّ ظَهَرَ بِهِ عَيْبٌ مِنْ جِنْسِهِ (فَلَهُ الْمُطَالَبَةُ بِبَدَلِهِ فِي الْمَجْلِسِ وَلَا يَبْطُلُ الْعَقْدُ بِرَدِّهِ) ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَعَيَّنْ فَإِنْ كَانَ الْعَيْبُ مِنْ غَيْرِ الْجِنْسِ بَطَلَ الْعَقْدُ بِالتَّفَرُّقِ عَلَى الصَّحِيحِ كَمَا فِي الْإِنْصَافِ.
(وَإِنْ تَفَرَّقَا) عَنْ الْمَجْلِسِ بَعْدَ قَبْضِهِ (ثُمَّ عَلِمَ) الْمُسْلَمُ إلَيْهِ (عَيْبَهُ فَرَدَّهُ لَمْ يَبْطُلْ) السَّلَمُ (إنْ قَبَضَ) الْمُسْلَمُ إلَيْهِ (الْبَدَلَ فِي مَجْلِسِ الرَّدِّ) إقَامَةً لِمَجْلِسِ الرَّدِّ مَقَامَ مَجْلِسِ الْعَقْدِ.
(وَإِنْ تَفَرَّقَا عَنْ مَجْلِسِ الرَّدِّ قَبْلَ قَبْضِ الْبَدَلِ بَطَلَ) السَّلَمُ لِفَوَاتِ شَرْطِهِ وَهُوَ الْقَبْضُ قَبْلَ التَّفَرُّقِ وَإِنْ كَانَ الْعَيْبُ مِنْ غَيْرُ جِنْسِهِ وَتَفَرَّقَا قَبْلَ أَخْذِ بَدَلِهِ بَطَلَ الْعَقْدُ وَتَقَدَّمَ نَظِيرُ ذَلِكَ فِي الصَّرْفِ (وَإِنْ وَجَدَ) الْمُسْلَمُ إلَيْهِ (بَعْضَ الثَّمَنِ رَدِيئًا فَرَدَّهُ فَفِي الْمَرْدُودِ مَا ذَكَرنَا مِنْ التَّفْصِيلِ) الْمَذْكُورِ.
[فَصْلٌ مِنْ شُرُوط السَّلَم أَنْ يُسْلِمَ فِي الذِّمَّةِ]
فَصْلٌ الشَّرْطُ (السَّابِعُ) لِلسَّلَمِ (أَنْ يُسْلِمَ فِي الذِّمَّةِ فَإِنْ أَسْلَمَ فِي عَيْنٍ) كَدَارٍ وَشَجَرٍ نَابِتَةٍ (لَمْ يَصِحَّ) السَّلَمُ (لِأَنَّهُ
رُبَّمَا تَلَفَ) أَيْ: الْمُعَيَّنُ (قَبْلَ أَوَانِ تَسْلِيمِهِ) وَلِأَنَّ الْمُعَيَّنَ يُمْكِنُ بَيْعُهُ فِي الْحَالِ فَلَا حَاجَةَ إلَى السَّلَمِ فِيهِ.
وَتَقَدَّمَ.
(وَلَا يُشْتَرَطُ) لِلسَّلَمِ (ذِكْرُ مَكَانِ الْإِيفَاءِ) لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَذْكُرْهُ وَلِأَنَّهُ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ أَشْبَهَ بُيُوعَ الْأَعْيَانِ (إلَّا أَنْ يَكُونَ مَوْضِعُ الْعَقْدِ لَا يُمْكِنُ الْوَفَاءِ فِيهِ كَبَرِّيَّةٍ وَبَحْرٍ وَدَارٍ وَحَرْبٍ) فَيُشْتَرَطُ ذِكْرُهُ لِتَعَذُّرِ الْوَفَاءِ فِي مَوْضِعِ الْعَقْدِ وَلَيْسَ الْبَعْضُ أَوْلَى مِنْ الْبَعْضِ فَاشْتُرِطَ تَعْيِينُهُ بِالْقَوْلِ كَالْكَيْلِ.
(وَيَجِبُ) إيفَاءُ (مَكَانَ الْعَقْدِ) إنْ عَقَدَا فِي مَحَلٍّ يَصْلُحُ لِلْإِقَامَةِ (مَعَ الْمُشَاحَةِ) لِأَنَّ الْعَقْدَ يَقْتَضِي التَّسْلِيمَ فِي مَكَانِهِ فَاكْتَفَى بِذَلِكَ عَنْ ذِكْرِهِ (وَلَهُ) أَيْ: الْمُسْلَمِ (أَخْذُهُ) أَيْ: الْمُسْلَمِ فِيهِ (فِي غَيْرِهِ) أَيْ: غَيْرِ مَكَانِ الْعَقْدِ (إنْ رَضِيَا) لِأَنَّ الْحَقَّ لَا يَعْدُوهُمَا وَ (لَا) يَجُوزُ أَخْذُهُ (مَعَ أُجْرَةِ حَمْلِهِ إلَيْهِ) أَيْ: إلَى مَكَانِ الْعَقْدِ قَالَ الْقَاضِي: (كَأَخْذِ بَدَلِ السَّلَمِ وَيَصِحُّ شَرْطُهُ) أَيْ: الْإِيفَاءِ (فِيهِ) أَيْ: فِي مَكَانِ الْعَقْدِ (وَيَكُونُ) ذَلِكَ الشَّرْطُ (تَأْكِيدًا) لِمُقْتَضَى الْعَقْدِ (وَ) يَصِحُّ شَرْطُ الْإِيفَاءِ (فِي غَيْرِهِ) أَيْ: غَيْرِ مَكَانِ الْعَقْدِ كَبُيُوعِ الْأَعْيَانِ.
(وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ الْمُسْلَمِ فِيهِ قَبْلَ قَبْضِهِ) قَالَ فِي الْمُغْنِي وَالْمُبْدِعِ: بِغَيْرِ خِلَافٍ نَعْلَمُهُ لِنَهْيِهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ بَيْعِ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ؛ وَلِأَنَّهُ مَبِيعٌ لَمْ يَدْخُلْ فِي ضَمَانِهِ فَلَمْ يَجُزْ بَيْعُهُ قَبْلَ قَبْضِهِ كَالْمَكِيلِ (وَلَوْ) كَانَ بَيْعُ الْمُسْلَمِ فِيهِ (لِمَنْ هُوَ فِي ذِمَّتِهِ) لِعُمُومِ مَا سَبَقَ.
(وَلَا) تَصِحُّ (هِبَتُهُ) أَيْ: هِبَةُ الْمُسْلَمِ فِيهِ قَبْلَ قَبْضِهِ لِغَيْرِ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ لِأَنَّهَا تَنْقُلُ الْمِلْكَ كَالْبَيْعِ (وَلَا هِبَةُ دَيْنِ غَيْرِهِ) أَيْ: غَيْرِ السَّلَمِ (لِغَيْرِ مَنْ هُوَ فِي ذِمَّتِهِ) لِأَنَّ الْهِبَةَ تَقْتَضِي وُجُودَ مُعَيَّنٍ وَهُوَ مُنْتَفٍ هُنَا (وَيَأْتِي) ذَلِكَ (فِي الْهِبَةِ) مُفَصَّلًا.
(وَلَا) يَصِحُّ (أَخْذُ غَيْرِهِ) أَيْ: الْمُسْلَمِ فِيهِ (مَكَانَهُ)«لِقَوْلِهِ: صلى الله عليه وسلم مَنْ أَسْلَفَ فِي شَيْءٍ فَلَا يَصْرِفْهُ إلَى غَيْرِهِ» وَلِأَنَّ أَخْذَ الْعِوَضِ عَنْهُ بَيْعٌ فَلَمْ يَجُزْ كَبَيْعِهِ، وَسَوَاءٌ كَانَ الْمُسْلَمُ فِيهِ مَوْجُودًا أَوْ مَعْدُومًا، وَسَوَاءٌ كَانَ الْعِوَضُ مِثْلَهُ فِي الْقِيمَةِ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ.
(وَلَا) تَصِحُّ (الْحَوَالَةُ بِهِ) أَيْ: بِثَمَنِ السَّلَمِ لِأَنَّهَا مُعَاوَضَةٌ بِالْمُسْلَمِ فِيهِ قَبْلَ قَبْضِهِ فَلَمْ تَجُزْ كَالْبَيْعِ (وَلَا) الْحَوَالَةُ (عَلَيْهِ) ؛ لِأَنَّهَا لَا تَصِحُّ إلَّا عَلَى دَيْنٍ مُسْتَقِرٍّ، وَالسَّلَمُ عُرْضَةٌ لِلْفَسْخِ (وَلَا) تَصِحُّ الْحَوَالَةِ (بِرَأْسِ مَالِ سَلَمٍ بَعْدَ فَسْخِهِ وَيَأْتِي) ذَلِكَ (فِي) بَابِ (الْحَوَالَةِ) مُوَضَّحًا (وَيَأْتِي فِي الْهِبَةِ الْبَرَاءَةُ مِنْ الدَّيْنِ وَ) مِنْ (الْمَجْهُولِ) وَيَأْتِي (فِي) بَابِ (الشَّرِكَةِ الْقَبْضُ مِنْ الدَّيْنِ الْمُشْتَرَكِ) مُفَصَّلًا.
(وَيَصِحُّ بَيْعُ دَيْنٍ مُسْتَقِرٍّ مِنْ ثَمَنِ) مَبِيعٍ (وَقَرْضٍ وَمَهْرٍ بَعْدَ دُخُولِهِ وَأُجْرَةٍ اسْتَوْفَى نَفْعَهَا) إنْ كَانَتْ الْإِجَارَةُ عَلَى عَمَلٍ كَخِيَاطَةِ ثَوْبٍ (أَوْ فَرَغَتْ مُدَّتُهَا) إنْ
كَانَتْ عَلَى مُدَّةٍ كَإِجَارَةِ دَارٍ شَهْرًا (وَأَرْشِ جِنَايَةٍ وَقِيمَةِ مُتْلَفٍ وَنَحْوِهِ) كَجُعْلٍ بَعْدَ عَمَلٍ (لِمَنْ هُوَ) أَيْ: الدَّيْنُ (فِي ذِمَّتِهِ) لِخَبَرِ «ابْنِ عُمَرَ كُنَّا نَبِيعُ الْإِبِلَ بِالْبَقِيعِ بِالدَّنَانِيرِ وَنَأْخُذُ عَنْهَا الدَّرَاهِمَ، وَبِالدَّرَاهِمِ وَنَأْخُذُ عَنْهَا الدَّنَانِيرَ فَسَأَلْنَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْهُ فَقَالَ: لَا بَأْسَ إنْ أَخَذْتَهَا بِسِعْرِ يَوْمِهَا مَا لَمْ تَتَفَرَّقَا وَبَيْنكُمَا شَيْءٌ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَابْن مَاجَهْ فَدَلَّ عَلَى جَوَازِ بَيْعِ مَا فِي الذِّمَّةِ مِنْ أَحَدِ النَّقْدَيْنِ بِالْآخَرِ وَغَيْرُهُ يُقَاسُ عَلَيْهِ.
(وَ) يَجُوزُ (رَهْنُهُ) أَيْ: رَهْنُ الدَّيْنِ الْمُسْتَقِرِّ (عِنْدَهُ) أَيْ: عِنْدَ مَنْ هُوَ فِي ذِمَّتِهِ (بِحَقٍّ لَهُ) أَيْ: لِمَنْ هُوَ فِي ذِمَّتِهِ هَذَا أَحَدُ رِوَايَتَيْنِ ذَكَرَهُمَا فِي الِانْتِصَارِ قَالَ فِي الْإِنْصَافِ: الْأَوْلَى الْجَوَازُ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ حَيْثُ قَالُوا: يَجُوزُ رَهْنُ مَا يَصِحُّ بَيْعُهُ انْتَهَى قُلْتُ بَلْ يَكَادُ صَرِيحُ كَلَامِهِمْ أَنْ يَكُونَ بِخِلَافِهِ، حَيْثُ قَالُوا: الرَّهْنُ تَوْثِقَةُ دَيْنٍ بِعَيْنٍ بَلْ صَرَّحَ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ بِعَدَمِ صِحَّتِهِ (إلَّا رَأْسَ مَالِ سَلَمٍ بَعْدَ فَسْخِ) السَّلَمِ (وَقَبْلَ قَبْضِ) رَأْسِ مَالِهِ، فَلَا يَصِحُّ بَيْعُهُ وَلَوْ لِمَنْ هُوَ عَلَيْهِ وَلَا رَهْنُهُ عِنْدَهُ لِمَا تَقَدَّمَ (لَكِنْ إنْ كَانَ) الدَّيْنُ (مِنْ ثَمَنِ مَكِيلٍ أَوْ مَوْزُونٍ بَاعَهُ بِالنَّسِيئَةِ) أَوْ بِثَمَنٍ لَمْ يُقْبَضْ (فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ أَنْ يَأْخُذَ عِوَضَهُ مَا يُشَارِكُ الْبَيْعَ فِي عِلَّةِ رِبَا فَضْلٍ أَوْ نَسِيئَةٍ) فَلَا يُعْتَاضُ عَنْ ثَمَنِ مَكِيلٍ مَكِيلًا، وَلَا عَنْ ثَمَنِ مَوْزُونٍ مَوْزُونًا (حَسْمًا لِمَادَّةِ رِبَا النَّسِيئَةِ وَتَقَدَّمَ) ذَلِكَ (آخِرَ كِتَابِ الْبَيْعِ) مُبَيَّنًا.
(وَيُشْتَرَطُ) لِصِحَّةِ بَيْعِ الدَّيْنِ الثَّابِتِ فِي الذِّمَّةِ لِمَنْ هُوَ عَلَيْهِ (أَنْ يَقْبِضَ عِوَضَهُ فِي الْمَجْلِسِ إنْ بَاعَهُ بِمَا لَا يُبَاعُ بِهِ نَسِيئَةً) كَأَنْ بَاعَ الذَّهَبَ بِفِضَّةٍ أَوْ عَكْسُهُ (أَوْ) بَاعَهُ ب (مَوْصُوفٍ فِي الذِّمَّةِ) فَيُعْتَبَرُ قَبْضُهُ قَبْلَ التَّفْرِيقِ لِئَلَّا يَصِيرَ بَيْعَ دَيْنٍ بِدَيْنٍ وَهُوَ مَنْهِيٌّ عَنْهُ كَمَا تَقَدَّمَ (وَإِلَّا) بِأَنَّ بَاعَهُ بِمُعَيَّنٍ يُبَاعُ بِهِ نَسِيئَةً كَمَا لَوْ كَانَ الدَّيْنُ ذَهَبًا وَبَاعَهُ بِبُرٍّ مُعَيَّنٍ (فَلَا) يُشْتَرَطُ قَبْضُهُ فِي الْمَجْلِسِ.
(وَلَا يَصِحُّ بَيْعُهُ) أَيْ: الدَّيْنِ (لِغَيْرِهِ) أَيْ: غَيْرِ مَنْ هُوَ فِي ذِمَّتِهِ مُطْلَقًا لِأَنَّهُ غَيْرُ قَادِرٍ عَلَى تَسْلِيمِهِ أَشْبَهَ بَيْعَ الْآبِقِ.
(وَلَا) يَصِحُّ (بَيْعُ دَيْنِ الْكِتَابَةِ) وَلَوْ لِمَنْ هُوَ فِي ذِمَّتِهِ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُسْتَقِرٍّ (وَلَا) بَيْعُ (غَيْرِهِ) أَيْ: غَيْرِ دَيْنِ الْكِتَابَةِ حَالَ كَوْنِهِ (غَيْرَ مُسْتَقِرٍّ) كَصَدَاقٍ قَبْلَ دُخُولٍ وَجُعْلٍ قَبْلَ عَمَلٍ وَأُجْرَةٍ قَبْلَ فَرَاغِ مُدَّةٍ.
(وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ الدَّيْنِ مِنْ الْغَرِيمِ) الَّذِي هُوَ عَلَيْهِ (بِمِثْلِهِ) بِأَنْ كَانَ لَهُ عَلَيْهِ دَيْنًا فَبَاعَهُ لَهُ بِدِينَارٍ (؛ لِأَنَّهُ نَفْسُ حَقِّهِ) الْوَاجِبِ لَهُ فَلَا أَثَرَ لِلتَّعْوِيضِ.
(وَلَوْ قَالَ) الْمُسْلَمُ إلَيْهِ لِلْمُسْلِمِ (فِي دَيْنِ السَّلَمِ: صَالِحْنِي مِنْهُ أَيْ: مِنْ أَجْلِهِ عَلَى مِثْلِ الثَّمَنِ) الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ (صَحَّ) ذَلِكَ.
(وَكَانَ إقَالَةً) بِلَفْظِ الصُّلْحِ لِأَنَّهَا تَصِحُّ بِكُلِّ مَا أَدَّى مَعْنَاهَا (وَتَصِحُّ الْإِقَالَةُ فِي الْمُسْلَمِ فِيهِ)
حَكَاهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ إجْمَاعًا مَنْ يُحْفَظُ عَنْهُ؛ وَلِأَنَّهَا فَسْخٌ لِلْعَقْدِ وَلَيْسَتْ بَيْعًا.
(وَ) تَصِحُّ الْإِقَالَةُ أَيْضًا (فِي بَعْضِهِ) أَيْ: بَعْضِ الْمُسْلَمِ فِيهِ؛ لِأَنَّ الْإِقَالَةَ مَنْدُوبٌ إلَيْهَا، وَكُلُّ مَنْدُوبٍ إلَيْهِ جَازَ فِي الْجَمِيعِ جَازَ فِي الْبَعْضِ كَالْإِبْرَاءِ وَالْإِنْظَارِ (وَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ) أَيْ: فِي التَّقَايُلِ (قَبْضُ رَأْسِ مَالِ السَّلَمِ) فِي مَجْلِسِ الْإِقَالَةِ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بَيْعًا (وَلَا) قَبْضَ (عِوَضِهِ) أَيْ: عِوَضِ رَأْسِ مَالِ السَّلَمِ (إنْ تَعَذَّرَ) رَأْسُ مَالِ السَّلَمِ بِأَنْ عُدِمَ (فِي مَجْلِسِ الْإِقَالَةِ) مُتَعَلِّقٌ بِ " قَبْضُ " أَيْ: لَا يُشْتَرَطُ الْقَبْضُ فِي مَجْلِسِهَا لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بَيْعًا كَمَا تَقَدَّمَ.
(وَمَتَى انْفَسَخَ عَقْدُهُ) أَيْ: عَقْدُ السَّلَمِ (بِإِقَالَةٍ أَوْ غَيْرِهَا) كَعَيْبٍ فِي الثَّمَنِ (لَزِمَهُ) أَيْ: الْمُسْلَمَ إلَيْهِ (رَدُّ الثَّمَنِ الْمَوْجُودِ) ؛ لِأَنَّهُ عَيْنُ مَالِ السَّلَمِ عَادَ إلَيْهِ بِالْفَسْخِ (وَإِلَّا) أَيْ: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الثَّمَنُ مَوْجُودًا رُدَّ (مِثْلُهُ) إنْ كَانَ مِثْلِيًّا (ثُمَّ قِيمَتُهُ) إنْ كَانَ مُتَقَوِّمًا لِأَنَّ مَا تَعَذَّرَ رَدُّهُ رَجَعَ بِعِوَضِهِ.
(وَإِنْ أَخَذَ بَدَلَهُ) أَيْ: بَدَلَ رَأْسِ مَالِ السَّلَمِ بَعْدَ الْفَسْخِ (ثَمَنًا وَهُوَ ثَمَنٌ فَصُرِفَ يُشْتَرَطُ فِيهِ التَّقَابُضُ) قَبْلَ التَّفَرُّقِ (وَإِنْ كَانَ) رَأْسُ مَالِ السَّلَمِ (عَرَضًا فَأَخَذَ) الْمُسْلَمَ (عَنْهُ عَرَضًا أَوْ ثَمَنًا) بَعْدَ الْفَسْخِ (فَبَيْعَ يَجُوزُ فِيهِ التَّفَرُّقُ قَبْلَ الْقَبْضِ) لَكِنْ إنْ عَوَّضَهُ مَكِيلًا عَنْ مَكِيلٍ أَوْ مَوْزُونًا عَنْ مَوْزُونٍ اُعْتُبِرَ الْقَبْضُ قَبْلَ التَّفَرُّقِ كَالصَّرْفِ.
(وَإِنْ كَانَ لِرَجُلٍ سَلَمٌ وَعَلَيْهِ سَلَمٌ مِنْ جِنْسِهِ فَقَالَ) الرَّجُلُ (لِغَرِيمِهِ: اقْبِضْ سَلَمِي لِنَفْسِكَ، فَفَعَلَ لَمْ يَصِحَّ قَبْضُهُ لِنَفْسِهِ إذْ هُوَ حَوَالَةٌ بِسَلَمٍ) وَتَقَدَّمَ أَنَّهَا لَا تَصِحُّ بِهِ (وَلَا) يَصِحُّ أَيْضًا قَبْضُهُ (لِلْآمِرِ لِأَنَّهُ) أَيْ: الْآمِرَ (لَمْ يَجْعَلْهُ) أَيْ: الْقَابِضَ (وَكِيلًا) عَنْهُ فِي الْقَبْضِ.
(وَالْمَقْبُوضُ بَاقٍ عَلَى مِلْكِ الدَّافِعِ) لِعَدَمِ الْقَبْضِ الصَّحِيحِ (وَإِنْ قَالَ) الرَّجُلُ (اقْبِضْهُ) أَيْ: السَّلَمَ ((لِي ثُمَّ اقْبِضْهُ لِنَفْسِكَ) وَفَعَلَ (صَحَّ) الْقَبْضُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا؛ لِأَنَّهُ اسْتَنَابَهُ فِي قَبْضِهِ لَهُ إذَا قَبَضَهُ لِمُوَكِّلِهِ جَازَ أَنْ يَقْبِضَهُ لِنَفْسِهِ، كَمَا لَوْ كَانَ لَهُ وَدِيعَةٌ عِنْدَ مَنْ لَهُ عَلَيْهِ دَيْنٌ وَأَذِنَهُ فِي قَبْضِهَا عَنْ دَيْنِهِ (فَيَصِحُّ قَبْضُ وَكِيلٍ مِنْ نَفْسِهِ لِنَفْسِهِ نَصًّا، إلَّا مَا كَانَ مِنْ غَيْرِ جِنْسِ مَالِهِ) أَيْ: دَيْنِهِ فَلَا يَصِحُّ قَبْضُهُ مِنْ نَفْسِهِ لِنَفْسِهِ لِأَنَّهَا مُعَاوَضَةٌ لَمْ يَأْذَنْ فِيهَا.
(وَ) يَصِحُّ (عَكْسُهُ) أَيْ: عَكْسُ قَبْضِ الْوَكِيلِ مِنْ نَفْسِهِ (وَهُوَ) أَيْ: عَكْسُ قَبْضِ الْوَكِيلِ مِنْ نَفْسِهِ لِنَفْسِهِ اسْتِنَابَةُ مَنْ عَلَيْهِ الْحَقُّ لِلْمُسْتَحِقِّ) فِي أَخْذِ حَقِّهِ بِأَنْ يُوَكِّلَ الْمَدِينُ رَبَّ الدَّيْنِ فِي قَبْضِهِ (وَتَقَدَّمَ) ذَلِكَ (آخِرَ) بَابِ (خِيَارِ الْبَيْعِ) .
(وَلَوْ قَالَ الْأَوَّلُ) وَهُوَ مَنْ لَهُ سَلَمٌ وَعَلَيْهِ سَلَمٌ (لِلثَّانِي) الَّذِي لَهُ عَلَيْهِ السَّلَمُ (أَحْضِرْ اكْتِيَالِي مِنْهُ) أَيْ: مِمَّنْ لِي عَلَيْهِ السَّلَمُ (لِأَقْبِضَهُ لَكَ فَفَعَلَهُ) أَيْ: حَضَرَ اكْتِيَالَهُ مِنْهُ وَسَلَّمَهُ لَهُ بِغَيْرِ كَيْلٍ (لَمْ يَصِحَّ قَبْضُهُ
لِلثَّانِي) لِعَدَمِ كَيْلِهِ (وَيَكُونُ) الْأَوَّلُ (قَابِضًا لِنَفْسِهِ) لِاكْتِيَالِهِ إيَّاهُ (وَإِنْ قَالَ) الْأَوَّلُ: لِلثَّانِي (أَنَا أَقْبِضُهُ لِنَفْسِي وَخُذْهُ بِالْكَيْلِ الَّذِي تُشَاهِدُهُ صَحَّ) ذَلِكَ.
(وَكَانَ) ذَلِكَ (قَبْضًا لِنَفْسِهِ وَلَمْ يَكُنْ قَبْضًا لِلْغَرِيمِ الْمَقُولِ لَهُ ذَلِكَ) لِعَدَمِ كَيْلِهِ إيَّاهُ أَشْبَهَ مَا لَوْ قَبَضَهُ جِزَافًا وَتَقَدَّمَ فِي الْبَيْعِ إنَّهُ يَجُوزُ قَبْضُ الْمَبِيعِ جِزَافًا إنْ عَلِمَاهُ، فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ كُلُّ مِنْ الْقَوْلَيْنِ عَلَى رِوَايَةٍ لِأَنَّ الْمَسْأَلَةَ ذَاتَ رِوَايَتَيْنِ؛ وَإِمَّا أَنْ يُقَالَ: مَا هُنَا خَاصٌّ بِالسَّلَمِ لِأَنَّهُ أَضْيَقُ، وَالْأَوَّلُ مُقْتَضَى كَلَامِهِ فِي تَصْحِيحِ الْفُرُوعِ فَإِنَّهُ جَعَلَ مَا هُنَا فَرْدًا مِنْ أَفْرَادِ الْمَسْأَلَةِ السَّابِقَةِ وَقَالَ: ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ أَنَّهُ لَا يَكْفِي ذَلِكَ أَيْ: قَبْضِ الْمَكِيلِ جِزَافًا وَلَا بُدَّ مِنْ كَيْلٍ ثَانٍ فَيُحْمَلُ مَا تَقَدَّمَ عَلَى غَيْرِ الْمَكِيلِ (وَمَعْنَى الْقَوْلِ أَنَّهُ لَيْسَ بِقَبْضٍ) لِلْغَرِيمِ (أَنَّهُ لَا يُبَاحُ لَهُ التَّصَرُّفُ بِدُونِ كَيْلٍ ثَانٍ فِيهِ لَا بِمَعْنَى أَنَّهُ لَا تَبْرَأُ ذِمَّةُ الدَّافِعِ) مِنْهُ.
(وَإِنْ اكْتَالَهُ) الْأَوَّلُ (ثُمَّ تَرَكَهُ فِي الْمِكْيَالِ وَسَلَّمَهُ إلَى غَرِيمِهِ فَقَبَضَهُ صَحَّ الْقَبْضُ لَهُمَا) مَعًا؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ قَدْ اكْتَالَهُ حَقِيقَةً وَالثَّانِيَ حَصَلَ لَهُ اسْتِمْرَارُ الْكَيْلِ، وَاسْتِدَامَتُهُ كَابْتِدَائِهِ مَعَ إنَّهُ لَا تَحْصُلُ زِيَادَةُ عِلْمٍ بِابْتِدَائِهِ فَلَا مَعْنَى لَهُ.
(وَإِنْ دَفَعَ زَيْدٌ لِعَمْرٍو دَرَاهِمَ) وَعَلَى زَيْدٍ طَعَامٌ لِعَمْرٍو (فَقَالَ) زَيْدٌ لِعَمْرٍو (اشْتَرِ لَكَ بِهَا مِثْلَ الطَّعَامِ الَّذِي عَلَيَّ فَفَعَلَ لَمْ يَصِحَّ) الشِّرَاءُ قَالَ فِي الْفُرُوعِ: لِأَنَّهُ فُضُولِيٌّ؛ لِأَنَّهُ اشْتَرَى لِنَفْسِهِ بِمَالِ غَيْرِهِ.
(وَإِنْ قَالَ) زَيْدٌ لِعَمْرٍو (اشْتَرِ لِي بِهَا) أَيْ: بِالدَّرَاهِمِ (طَعَامًا ثُمَّ اقْبِضْهُ لِنَفْسِكَ فَفَعَلَ صَحَّ الشِّرَاءُ) لِأَنَّهُ وَكِيلٌ عَنْهُ فِيهِ (وَلَمْ يَصِحَّ الْقَبْضُ لِنَفْسِهِ) ؛ لِأَنَّ قَبْضَهُ لِنَفْسِهِ فَرْعٌ عَنْ قَبْضِ مُوَكِّلِهِ وَلَمْ يُوجَدْ.
(وَإِنْ قَالَ) زَيْدٌ لِعَمْرٍو اشْتَرِ لِي بِدَرَاهِمَ مِثْلَ الطَّعَامِ الَّذِي عَلَيَّ وَ (اقْبِضْهُ لِي ثُمَّ اقْبِضْهُ لِنَفْسِكَ فَفَعَلَ) بِأَنْ اشْتَرَى بِهَا طَعَامًا لَهُ ثُمَّ قَبَضَهُ لَهُ ثُمَّ قَبَضَهُ لِنَفْسِهِ (صَحَّ) ذَلِكَ كُلُّهُ لِأَنَّهُ وَكَّلَهُ فِي الشِّرَاءِ وَالْقَبْضِ ثُمَّ الِاسْتِيفَاءِ مِنْ نَفْسِهِ لِنَفْسِهِ؛ وَذَلِكَ صَحِيحٌ كَمَا تَقَدَّمَ (وَلَوْ دَفَعَ إلَيْهِ كِيسًا وَقَالَ: اسْتَوْفِ مِنْهُ قَدْرَ حَقِّكَ فَفَعَلَ صَحَّ) كَمَا تَقَدَّمَ لِأَنَّهُ مِنْ اسْتِنَابَةِ مَنْ عَلَيْهِ الْحَقُّ لِلْمُسْتَحِقِّ وَالزَّائِدُ أَمَانَةٌ.
(وَلَوْ أَذِنَ لِغَرِيمِهِ فِي الصَّدَقَةِ عَنْهُ بِدَيْنِهِ الَّذِي لَهُ عَلَيْهِ أَوْ فِي صَرْفِهِ أَوْ) فِي (الْمُضَارَبَةِ بِهِ) وَنَحْوِهِ (أَوْ قَالَ اعْزِلْهُ وَضَارِبْ بِهِ) فَفَعَلَ (لَمْ يَصِحَّ) ذَلِكَ (وَلَمْ يَبْرَأ) الْغَرِيمُ مِنْ الدَّيْنِ بِذَلِكَ لِأَنَّ رَبَّ الدَّيْنِ لَا يَمْلِكُهُ حَتَّى يَقْبِضَهُ (وَلَوْ قَالَ) رَبُّ الدَّيْنِ: (لَهُ) لِغَرِيمِهِ (تَصَدَّقْ عَنِّي بِكَذَا) وَلَمْ يَقُلْ مِنْ دَيْنِي (أَوْ) قَالَ: (أَعْطِ فُلَانًا كَذَا وَلَمْ يَقُلْ: مِنْ دَيْنِي صَحَّ) ذَلِكَ.
(وَكَانَ اقْتِرَاضًا) لَا تَصَرُّفًا فِي الدَّيْنِ قَبْلَ قَبْضِهِ (كَمَا لَوْ قَالَهُ لِغَيْرِ غَرِيمِهِ) فَإِنَّهُ يَكُونُ اقْتِرَاضًا (وَيَسْقُطُ مِنْ الدَّيْنِ) الَّذِي لِلْقَائِلِ عَلَى
الْغَرِيمِ (بِمِقْدَارِهِ) أَيْ: مِقْدَارِ مَا قَالَ لَهُ: تَصَدَّقْ بِهِ أَوْ أَعْطِهِ فُلَانًا عَنِّي (لِلْمُقَاصَّةِ) الْآتِيَةِ وَكَذَا لَوْ قَالَ اشْتَرِ لِي كَذَا بِكَذَا وَلَمْ يَقُلْ مِنْ دَيْنِي.
(وَمَنْ ثَبَتَ لَهُ عَلَى غَرِيمِهِ مِثْلُ مَا لَهُ عَلَيْهِ) مِنْ الدَّيْنِ (قَدْرًا وَصِفَةً حَالًا أَوْ مُؤَجَّلًا أَجَلًا وَاحِدًا، لَا حَالًا وَمُؤَجَّلًا تَسَاقَطَا) إنْ اتَّفَقَ الدَّيْنَانِ قَدْرًا (أَوْ بِقَدْرِ الْأَقَلِّ) إنْ كَانَ أَحَدُ الدَّيْنَيْنِ أَكْثَرَ مِنْ الْآخَرِ (وَلَوْ بِغَيْرِ رِضَاهُمَا) لِأَنَّهُ لَا فَائِدَةَ فِي اقْتِضَاءِ الدَّيْنِ مِنْ أَحَدِهِمَا وَدَفْعِهِ إلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ لِشَبَهِهِ بِالْعَبَثِ (إلَّا إذَا كَانَا) أَيْ: الدَّيْنَانِ (أَوْ) كَانَ (أَحَدُهُمَا دَيْنَ سَلَمٍ) فَلَا مُقَاصَّةَ (وَلَوْ تَرَاضَيَا) ؛ لِأَنَّهُ تَصَرَّفَ فِي دَيْنِ السَّلَمِ قَبْلَ قَبْضِهِ وَهُوَ غَيْرُ صَحِيحٍ وَكَذَا لَوْ تَعَلَّقَ بِأَحَدِ الدَّيْنَيْنِ حَقٌّ كَمَا لَوْ بَاعَ الرَّاهِنُ الرَّهْنَ لِتَوْفِيَةِ دَيْنِ الْمُرْتَهِنِ مِمَّنْ لَهُ عَلَيْهِ حَقٌّ مِثْلُ الثَّمَنِ الَّذِي بَاعَهُ بِهِ فَلَا مُقَاصَّةَ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْمُرْتَهِنِ بِهِ وَكَمَا لَوْ بِيعَ بَعْضُ مَالِ الْمُفْلِسِ عَلَى بَعْضِ غُرَمَائِهِ بِثَمَنٍ فِي الذِّمَّةِ مِنْ جِنْسِ مَا لَهُ عَلَى الْمُفْلِسِ فَلَا مُقَاصَّةَ لِتَعَلُّقِ حَقِّ بَاقِي الْغُرَمَاءِ بِذَلِكَ.
(وَمَنْ عَلَيْهَا دَيْنٌ مِنْ جِنْسِ وَاجِبِ نَفَقَتِهَا لَمْ يُحْتَسَبْ بِهِ) عَلَيْهَا مِنْ نَفَقَتِهَا (مَعَ عُسْرَتِهَا) ؛ لِأَنَّ قَضَاءَ الدَّيْنِ بِمَا فَضَلَ عَنْ النَّفَقَةِ وَنَحْوِهَا (وَيَأْتِي) ذَلِكَ (فِي النَّفَقَاتِ) مُوَضَّحًا.
(وَمَتَى نَوَى مَدْيُونٌ بِأَدَاءِ دَيْنِهِ) إلَى غَرِيمِهِ (وَفَاءَ دَيْنِهِ بَرِئَ) مِنْهُ (وَإِلَّا) يَنْوِ قَضَاءَهُ (فَمُتَبَرِّعٌ) هَكَذَا ذَكَرُوهُ هُنَا وَفِي كُتُبِ الْأُصُولِ: مِنْ الْوَاجِبِ مَا لَا يُفْتَقَرُ إلَى نِيَّةٍ كَأَدَاءِ الدَّيْنِ وَرَدِّ الْوَدِيعَةِ وَنَحْوِهِمَا وَيُمْكِنُ حَمْلُ مَا هُنَا عَلَى مَا إذَا نَوَى التَّبَرُّعَ لَا عَلَى مَا إذَا غَفَلَ، جَمْعًا بَيْنَ الْكَلَامَيْنِ كَمَا أَوْضَحْتُهُ فِي الْحَاشِيَةِ.
(وَإِنْ وَفَّاهُ أَيْ: الدَّيْنَ حَاكِمٌ قَهْرًا) عَلَى مَدِينٍ؛ لِامْتِنَاعِهِ (كَفَتْ نِيَّتُهُ) أَيْ: الْحَاكِمِ (إنْ قَضَاهُ مِنْ) مَالِ (مَدْيُونٍ) وَكَذَا إنْ وَفَّاهُ عَنْ غَائِبٍ لِقِيَامِهِ مَقَامَهُ وَكَذَا لَوْ قَضَاهُ غَيْرُ حَاكِمٍ عَنْ مَدْيُونٍ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ (وَيَجِبُ أَدَاءُ دُيُونِ الْآدَمِيِّينَ عَلَى الْفَوْرِ عِنْدَ الْمُطَالَبَةِ ") لِحَدِيثِ «مَطْلُ الْغَنِيِّ ظُلْمٌ» .
(وَلَا يَجِبُ) أَدَاءُ دُيُونِ الْآدَمِيِّينَ (بِدُونِهَا) أَيْ: بِدُونِ الْمُطَالَبَةِ (عَلَى الْفَوْرِ) بَلْ يَجِبُ مُوَسَّعًا.
(قَالَ ابْنُ رَجَبٍ: إذَا لَمْ يَكُنْ) الْمَدِينُ (عَيَّنَ لَهُ) أَيْ: لِرَبِّ الدَّيْنِ (وَقْتَ الْوَفَاءِ) فَيَقُومُ تَعْيِينُهُ مَقَامَ الْمُطَالَبَةِ عِنْدَهُ (وَيَأْتِي) ذَلِكَ (أَوَّلَ الْحَجْرِ) بِأَتَمَّ مِنْ هَذَا.
(وَإِذَا كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ صَاحِبُهُ وَجَبَ عَلَيْهِ) أَيْ: الْمَدِينِ (إعْلَامُهُ) أَيْ: رَبِّ الدَّيْنِ بِدَيْنِهِ لِئَلَّا يَكُونَ خَائِنًا لَهُ.
(وَلَا يَقْبِضُ) رَبُّ السَّلَمِ (الْمُسْلَمَ فِيهِ إلَّا بِمَا قُدِّرَ بِهِ مِنْ كَيْلٍ وَغَيْرِهِ) كَوَزْنٍ وَذَرْعٍ وَعَدٍّ (فَإِنْ قَبَضَهُ) أَيْ: الْمُسْلَمَ فِيهِ (جِزَافًا) اعْتَبَرَهُ بِمَا قُدِّرَ بِهِ أَوَّلًا لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم «نَهَى عَنْ بَيْعِ الطَّعَامِ حَتَّى يَجْرِيَ فِيهِ الصَّاعَانِ» (وَمِثْلُهُ)
أَيْ: مِثْلُ قَبْضِهِ جِزَافًا فِي عَدَمِ الصِّحَّةِ (لَوْ قَبَضَ الْمَكِيلَ وَزْنًا أَوْ) قَبَضَ (الْمَوْزُونَ كَيْلًا) فَلَا يَصِحُّ الْقَبْضُ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ قَبْضَ مَا يُكَالُ بِالْكَيْلِ وَمَا يُوزَنُ بِالْوَزْنِ.
(أَوْ اكْتَالَ) مَنْ عَلَيْهِ الْحَقُّ (لَهُ) أَيْ: لِلْمُسْتَحِقِّ (مَا عَلَيْهِ فِي غَيْبَتِهِ ثُمَّ قَالَ لَهُ) بَعْدَ حُضُورِهِ (خُذْ هَذَا قَدْرَ حَقِّكَ فَقَبَضَهُ بِذَلِكَ) الْكَيْلِ السَّابِقِ لَمْ يَكُنْ قَبْضًا؛ لِعَدَمِ مُشَاهَدَتِهِ كَيْلَهُ، (وَاعْتَبَرَهُ) قَبْلَ التَّصَرُّفِ فِيهِ (بِمَا قُدِّرَ) أَيْ: كِيلَ (بِهِ أَوَّلًا) وَكَذَا حُكْمُ مَوْزُونٍ وَمَذْرُوعٍ وَمُعَدٍّ.
(وَلَا يَتَصَرَّفُ فِي حَقِّهِ) إذَا قَبَضَهُ بِغَيْرِ مِعْيَارِهِ الشَّرْعِيِّ (قَبْلَ اعْتِبَارِهِ) لِفَسَادِ الْقَبْضِ (ثُمَّ يَأْخُذُ) الْمُسْتَحِقُّ (قَدْرَ حَقِّهِ مِنْهُ) أَيْ: مِنْ الْمَقْبُوضِ جِزَافًا وَنَحْوِهِ (فَإِنْ زَادَ فَالزَّائِدُ فِي يَدِهِ أَمَانَةٌ) لَا مَضْمُونَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ قَبَضَهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ (يَجِبُ رَدُّهُ) لِرَبِّهِ (وَإِنْ كَانَ نَاقِصًا طَالَبَ بِالنَّقْصِ) وَأَخَذَهُ (وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ) أَيْ: الْقَابِضِ (فِي قَدْرِهِ) أَيْ: النَّقْصِ (مَعَ يَمِينِهِ) ؛ لِأَنَّهُ مُنْكِرٌ لِقَبْضِ الزَّائِدِ وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ.
(وَيُسْلِمُ) الْمُسْلَمُ (إلَيْهِ) أَيْ: إلَى رَبِّ السَّلَمِ (مِلْءَ الْمِكْيَالِ وَمَا يَحْمِلهُ) لِأَنَّهُ الْمُتَعَارَفُ (وَلَا يَكُونُ) الْمِكْيَالُ (مَمْسُوحًا مَا لَمْ تَكُنْ عَادَةً) فَيُعْمَلُ بِهَا؛ لِأَنَّ الْمُطْلَقَ فِي الشَّرْعُ يُحْمَلُ عَلَى الْعُرْفِ (وَلَا يَدُقُّ) الْمِكْيَالَ (وَلَا يَهُزُّهُ) فَتُكْرَهُ زَلْزَلَةُ الْكَيْلِ كَمَا تَقَدَّمَ لِأَنَّهُ قَدْ يُؤَدِّي إلَى أَنْ يَأْخُذَ فَوْقَ حَقِّهِ وَلِأَنَّهُ غَيْرُ مُتَعَارَفٍ.
(وَإِنْ قَبَضَهُ) أَيْ: الْمُسْلَمَ فِيهِ (كَيْلًا) إنْ كَانَ مَكِيلًا (أَوْ وَزْنًا) إنْ كَانَ مَوْزُونًا (ثُمَّ ادَّعَى غَلَطًا وَنَحْوَهُ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ) ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْغَلَطِ (وَكَذَا حُكْمُ مَا قَبَضَهُ مِنْ مَبِيعٍ أَوْ دَيْنٍ آخَرَ) غَيْرِ السَّلَمِ إنْ قَبَضَهُ جِزَافًا قُبِلَ قَوْلُهُ: فِي قَدْرِهِ وَإِنْ قَبَضَهُ بِكَيْلٍ أَوْ وَزْنٍ لَمْ تُقْبَلْ دَعْوَاهُ الْغَلَطَ وَتَقَدَّمَ.
وَمَنْ قَبَضَ دَيْنَهُ ثُمَّ بَانَ لَا دَيْنَ لَهُ ضَمِنَ مَا قَبَضَهُ وَلَوْ أَقَرَّ بِأَخْذِ مَالِ غَيْرِهِ لَمْ يُبَادِرْ إلَى إيجَابِ ضَمَانِهِ حَتَّى يُفَسِّرَ أَنَّهُ عُدْوَانٌ.
(وَلَا يَصِحُّ أَخْذُ رَهْنٍ وَلَا كَفِيلٍ، وَهُوَ الضَّمِينُ بِمُسْلَمٍ فِيهِ) رُوِيَتْ كَرَاهَتُهُ عَنْ عَلِيٍّ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ عُمَرَ إذْ وَضَعَ الرَّهْنَ لِلِاسْتِيفَاءِ مِنْ ثَمَنِهِ عِنْدَ تَعَذُّرِ الِاسْتِيفَاءِ مِنْ الْغَرِيمِ وَلَا يُمْكِنُ اسْتِيفَاءُ الْمُسْلَمِ فِيهِ مِنْ ثَمَنِ الرَّهْنِ، وَلَا مِنْ ذِمَّةِ الضَّامِنِ، حَذَرًا مِنْ أَنْ يَصْرِفَهُ إلَى غَيْرِهِ قَالَ فِي الْمُبْدِعِ: وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ الضَّمِيرَ فِي " لَا يَصْرِفَهُ " رَاجِعٌ إلَى الْمُسْلَمِ فِيهِ وَلَكِنْ، يَشْتَرِي ذَلِكَ مِنْ ثَمَنِ الرَّهْنِ وَيُسْلِمهُ وَيَشْتَرِيه الضَّامِنُ وَيُسَلِّمهُ، لِئَلَّا يَصْرِفهُ إلَى غَيْرِهِ وَلِهَذَا اخْتَارَ الْمُوَفَّقُ وَجَمْعٌ: الصِّحَّةَ (وَلَا) يَصِحُّ أَخْذُ الرَّهْنِ وَالضَّمِينِ أَيْضًا (بِثَمَنِهِ) أَيْ: رَأْسِ مَالِ السَّلَمِ بَعْدَ فَسْخِهِ، لِمَا تَقَدَّمَ وَفِيهِ مَا سَبَقَ.