المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

رُجُوعِهَا تَسْلِيطًا لَهُمْ عَلَى وَطْئِهَا حَرَامًا.   (وَيَجُوزُ نَبْذُ الْأَمَانِ إلَيْهِمْ إنْ - كشاف القناع عن متن الإقناع - ت مصيلحي - جـ ٣

[البهوتي]

فهرس الكتاب

- ‌[فَصْلٌ لَا يُجْزِئُ فِي الْهَدْيِ وَالْأُضْحِيَّةِ الْعَوْرَاءُ]

- ‌[فَصْلٌ السُّنَّةُ نَحْرُ الْإِبِلِ قَائِمَةً مَعْقُولَةً يَدُهَا الْيُسْرَى]

- ‌[فَصْلٌ يَتَعَيَّنُ الْهَدْيُ بِقَوْلِهِ هَذَا هَدْيٌ]

- ‌[فَصْلٌ سَوْقُ الْهَدْيِ مِنْ الْحِلِّ مَسْنُونٌ]

- ‌[فَصْلٌ الْأُضْحِيَّةُ مَشْرُوعَةٌ إجْمَاعًا]

- ‌[فَصْلٌ الْعَقِيقَةُ]

- ‌[كِتَابُ الْجِهَادِ]

- ‌[فَصْلٌ يَحْرُمُ فِرَارُ مُسْلِمٍ مِنْ كَافِرَيْنِ]

- ‌[فَصْلٌ تَبْيِيتُ الْكُفَّارِ]

- ‌[فَصْلٌ مَنْ أَسَرَ أَسِيرًا لَمْ يَجُزْ قَتْلُهُ]

- ‌[فَصْلٌ لَا يَصِحُّ أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَ ذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ]

- ‌[بَابٌ مَا يَلْزَمُ الْإِمَامَ وَالْجَيْشَ]

- ‌[فَصْلٌ يُقَاتِلُ أَهْلَ الْكِتَابِ وَالْمَجُوسَ حَتَّى يُسْلِمُوا أَوْ يُعْطُوا الْجِزْيَةَ]

- ‌[فَصْلٌ يَلْزَمُ الْجَيْشَ طَاعَةُ الْأَمِيرِ]

- ‌[بَابُ قِسْمَةِ الْغَنِيمَةِ]

- ‌[فَصْلٌ إذَا أَرَادَ الْقِسْمَةَ بَدَأَ بِالْأَسْلَابِ]

- ‌[فَصْلٌ قِسْمَة بَاقِي الْغَنِيمَةِ]

- ‌[بَابُ حُكْمِ الْأَرَضِينَ الْمَغْنُومَةِ]

- ‌[فَصْلٌ الْمَرْجِعُ فِي الْخَرَاجِ وَالْجِزْيَةِ]

- ‌[بَابُ الْفَيْءِ]

- ‌[بَابُ الْأَمَانِ]

- ‌[بَابُ الْهُدْنَةِ]

- ‌[فَصْلٌ يَجِبُ عَلَى الْإِمَامِ حِمَايَةُ مَنْ هَادَنَهُ]

- ‌[بَابُ عَقْدِ الذِّمَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ أَخَذُ الْجِزْيَةُ مِنْ نَصَارَى بَنِي تَغْلِبَ]

- ‌[فَصْلٌ يَجُوزُ أَنْ يَشْرِطَ عَلَيْهِمْ فِي عَقْدِ الذِّمَّةِ]

- ‌[بَابُ أَحْكَامِ الذِّمَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ إنْ اتَّجَرَ ذِمِّيٌّ وَلَوْ صَغِيرًا أَوْ أُنْثَى أَوْ تَغْلِبِيًّا إلَى غَيْرِ بَلَدِهِ ثُمَّ عَادَ]

- ‌[فَصْلٌ فِي نَقْضِ الْعَهْدِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ]

- ‌[كِتَابِ الْبَيْعِ]

- ‌[فَصْلٌ مِنْ شُرُوطِ الْبَيْعِ أَنْ يَكُونَ الْعَاقِدُ جَائِزَ التَّصَرُّفِ]

- ‌[فَصْلٌ مِنْ شُرُوط الْبَيْع أَنْ يَكُونَ الْمَبِيعُ وَالثَّمَنُ مَالًا]

- ‌[فَصْلٌ مِنْ شُرُوط الْبَيْع أَنْ يَكُونَ الْمَبِيعُ مَمْلُوكًا لِبَائِعِهِ]

- ‌[فَصْلٌ مِنْ شُرُوط الْمَبِيع أَنْ يَكُونَ الْمَبِيعُ مَقْدُورًا عَلَى تَسْلِيمِهِ]

- ‌[فَصْلٌ مِنْ شُرُوط الْبَيْع أَنْ يَكُونَ الْمَبِيعُ مَعْلُومًا لَهُمَا]

- ‌[فَصْلٌ بَاعَهُ قَفِيزًا مِنْ هَذِهِ الصُّبْرَة هَذِهِ الصُّبْرَةِ مِنْ طَعَامٍ وَغَيْرِهِ]

- ‌[فَصْلٌ مِنْ شُرُوطِ الْبَيْعِ أَنْ يَكُونَ الثَّمَنُ مَعْلُومًا]

- ‌[فَصْلٌ فِي تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ]

- ‌[فَصْلٌ الْبَيْعُ وَالشِّرَاءُ لِمَنْ تَلْزَمهُ الْجُمُعَةَ]

- ‌[فَصْلٌ مِنْ بَاعَ سِلْعَةً بِنَسِيئَةٍ لَمْ يَقْبِضْهُ]

- ‌[بَابُ الشُّرُوطِ فِي الْبَيْعِ]

- ‌[فَصْلٌ مَا يحرم اشتراطه فِي الْبَيْعِ]

- ‌[فَصْلٌ إنْ قَالَ الْبَائِعُ إنْ بِعْتُكَ تَنْقُدُنِي الثَّمَنَ]

- ‌[بَابٌ أَقْسَامُ الْخِيَارِ فِي الْبَيْعِ وَالتَّصَرُّفُ فِي الْمَبِيعِ]

- ‌[خِيَار الْمَجْلِس]

- ‌[فَصْلٌ خِيَارِ الشَّرْطِ]

- ‌[فَصْلٌ يَحْرُمُ تَصَرُّفُ البائعين والمشترى فِي مُدَّةِ الْخِيَارَيْنِ]

- ‌[فَصْلٌ خِيَارُ الْغَبْنِ]

- ‌[فَصْلٌ خِيَارُ التَّدْلِيسِ]

- ‌[فَصْلٌ خِيَارُ الْعَيْبِ]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَنْ اشْتَرَى مَعِيبًا لَمْ يَعْلَمْ حَالَ الْعَقْدِ]

- ‌[فَصْلٌ أَعْتَقَ الْمُشْتَرِي الْعَبْدَ الْمَبِيعَ ثُمَّ عَلِمَ عَيْبَهُ]

- ‌[فَصْلٌ الْخِيَار الَّذِي يَثْبُتُ فِي التَّوْلِيَةِ وَالشَّرِكَةِ وَالْمُرَابَحَةِ وَالْمُوَاضَعَةِ]

- ‌[فَصْلٌ الْخِيَارِ الَّذِي يَثْبُتُ لِاخْتِلَافِ الْمُتَبَايِعَيْنِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي التَّصَرُّفِ فِي الْمَبِيعِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي قَبْضِ الْمَبِيعِ]

- ‌[فَصْلٌ الْإِقَالَةُ لِلنَّادِمِ مَشْرُوعَةٌ]

- ‌[بَابٌ الرِّبَا وَالصَّرْفُ وَتَحْرِيمُ الْحِيَلِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي رِبَا النَّسِيئَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْمُصَارَفَةِ وَهِيَ بَيْعُ نَقْدٍ بِنَقْدٍ]

- ‌[كِتَابُ بَيْعِ الْأُصُولِ وَالثِّمَارِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ]

- ‌[فَصْلٌ بَاعَ نَخْلًا قَدْ تَشَقَّقَ طِلْعُهُ]

- ‌[فَصْلٌ بَيْعُ الثَّمَرَةِ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا]

- ‌[فَصْلٌ إذَا بَدَا صَلَاحُ الثَّمَرَةِ وَاشْتَدَّ الْحَبُّ جَازَ بَيْعُهُ]

- ‌[فَصْلٌ مَنْ بَاعَ رَقِيقًا عَبْدًا أَوْ أَمَةً لَهُ مَالٌ مَلَّكَهُ]

- ‌[بَابُ السَّلَمِ وَالتَّصَرُّفِ فِي الدَّيْنِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ]

- ‌[فَصْلٌ مِنْ شُرُوط السَّلَم أَنْ يَصِفَهُ بِمَا يَخْتَلِفُ بِهِ الثَّمَنُ]

- ‌[فَصْلٌ مِنْ شُرُوط السَّلَم أَنْ يَذْكُرَ قَدْرَهُ]

- ‌[فَصْلٌ مِنْ شُرُوط السَّلَم أَنْ يَشْتَرِطَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ أَجَلًا مَعْلُومًا]

- ‌[فَصْلٌ مِنْ شُرُوط السَّلَم أَنْ يَكُونَ الْمُسْلَمُ فِيهِ عَامَ الْوُجُودِ فِي مَحَلِّهِ]

- ‌[فَصْلٌ مِنْ شُرُوط السَّلَم أَنْ يَقْبِضَ رَأْسَ مَالِهِ]

- ‌[فَصْلٌ مِنْ شُرُوط السَّلَم أَنْ يُسْلِمَ فِي الذِّمَّةِ]

- ‌[بَابُ الْقَرْضِ]

- ‌[بَابُ الرَّهْنِ]

- ‌[فَصْلٌ تَصَرُّفُ رَاهِنٍ فِي رَهْنٍ لَازِمٍ]

- ‌[فَصْلٌ فِي مُؤْنَةُ الرَّهْنِ]

- ‌[فَصْلٌ إذَا قَبَضَ الرَّهْنَ مَنْ تَرَاضَى الْمُتَرَاهِنَانِ أَنْ يَكُونَ الرَّهْنُ عَلَى يَدِهِ]

- ‌[فَصْلٌ إنْ اُسْتُحِقَّ الرَّهْنُ الْمَبِيعُ]

- ‌[فَصْلٌ إذَا اخْتَلَفَا الرَّاهِنُ وَالْمُرْتَهِنُ فِي قَدْرِ الدَّيْنِ الَّذِي بِهِ الرَّهْنُ]

- ‌[فَصْلٌ إذَا كَانَ الرَّهْنُ مَرْكُوبًا أَوْ مَحْلُوبًا]

- ‌[فَصْلٌ فِي جِنَايَة الرَّهْنُ]

- ‌[بَابُ الضَّمَانِ وَالْكَفَالَةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِمَا]

- ‌[فَصْلٌ ضَمَانُ دَيْنِ الضَّامِنِ]

- ‌[فَصْلٌ إنْ قَضَى الضَّامِنُ الدَّيْنَ]

- ‌[فَصْلٌ الْكَفَالَةُ صَحِيحَةٌ]

- ‌[بَابُ الْحَوَالَةِ]

- ‌[بَابُ الصُّلْحِ وَأَحْكَامِ الْجِوَارِ]

- ‌[فَصْلٌ الصُّلْحِ عَلَى إقْرَارٍ]

- ‌[فَصْلٌ الصُّلْحُ عَلَى إنْكَارٍ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الصُّلْحِ عَمَّا لَيْسَ بِمَالٍ]

- ‌[فَصْلٌ فِي أَحْكَامِ الْجِوَارِ]

- ‌[فَصْلٌ يَلْزَمُ أَعْلَا الْجَارَيْنِ بِنَاءُ سُتْرَةٍ تَمْنَعُ مُشَارَفَةَ الْأَسْفَلِ]

- ‌[بَابُ الْحَجْرِ]

- ‌[الْحَجْرُ عَلَى ضَرْبَيْنِ]

- ‌[فَصْلٌ يَتَعَلَّق بِالْحَجْرِ عَلَى الْمُفْلِسِ أَرْبَعَةُ أَحْكَامٍ]

- ‌[فَصْلٌ مِنْ الْأَحْكَامِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْحَجْرِ أَنَّ مَنْ وَجَدَ عِنْدَهُ عينا بَاعَهَا]

- ‌[فَصْلٌ مِنْ الْأَحْكَامِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْحَجْرِ بَيْعُ الْحَاكِمِ مَالَهُ وَقَسْمُ ثَمَنِهِ بَيْنَ الْغُرَمَاءِ بِالْمُحَاصَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ مِنْ أَحْكَامِ الْحَجْرِ عَلَى الْمُفْلِسِ انْقِطَاعُ الْمُطَالَبَةِ عَنْ الْمُفْلِس]

- ‌[فَصْلٌ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ لِحَظِّهِ]

- ‌[فَصْلٌ تَثْبُتُ الْوِلَايَةُ عَلَى صَغِيرٍ وَمَجْنُونٍ]

- ‌[فَصْلٌ مَنْ بَلَغَ سَفِيهًا وَاسْتَمَرَّ]

- ‌[فَصْلٌ لِلْوَلِيِّ الْمُحْتَاجِ غَيْرِ الْحَاكِمِ وَأَمِينِهِ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ مَالِ الْمُوَلَّى عَلَيْهِ]

- ‌[فَصْلٌ لِوَلِيٍّ مُمَيِّزٍ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى وَلِسَيِّدِ عَبْدٍ مُمَيِّزٍ أَوْ بَالِغٍ الْإِذْنُ لَهُمَا فِي التِّجَارَةِ]

- ‌[بَابُ الْوَكَالَةِ]

- ‌[فَصْلٌ الْوَكَالَةُ عَقْدٌ جَائِزٌ مِنْ الطَّرَفَيْنِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي حُقُوق عَقْدِ الْوَكَالَة]

- ‌[فَصْلٌ لَا يَصِحُّ أَنْ يَبِيعَ الْوَكِيلُ نَسَاءً]

- ‌[فَصْلٌ وَكَّلَهُ فِي شِرَاءِ شَيْءٍ مُعَيَّنٍ]

- ‌[فَصْلٌ الْوَكِيلُ أَمِينٌ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ]

- ‌[فَصْلٌ إنْ كَانَ عَلَى إنْسَان حَقٌّ مِنْ دِين أوغيره]

- ‌[كِتَابُ الشَّرِكَةِ]

- ‌[الشَّرِكَةٌ فِي الْمَالِ]

- ‌[شَرِكَةُ الْعُقُودِ]

- ‌[شَرِكَةُ الْعَنَانِ]

- ‌[فَصْلٌ يَجُوز لِكُلٍّ مِنْ الشَّرِيكَيْنِ أَنْ يَبِيعَ وَيَشْتَرِي]

- ‌[فَصْلٌ الشُّرُوطُ فِي الشَّرِكَةِ ضَرْبَانِ]

- ‌[فَصْل الْمُضَارَبَةُ]

- ‌[فَصْلٌ لَيْسَ لِلْعَامِلِ شِرَاءُ مَنْ يُعْتَقُ عَلَى رَبِّ الْمَالِ بِغَيْرِ إذْنِهِ]

- ‌[فَصْلٌ تَلِفَ رَأْسُ الْمَالِ فِي الْمُضَارَبَة]

- ‌[فَصْلٌ الْعَامِلُ أَمِينٌ فِي مَالِ الْمُضَارَبَةِ]

- ‌[فَصْلٌ شَرِكَةُ الْوُجُوهِ]

- ‌[فَصْلٌ شَرِكَةٌ الْأَبَدَانِ]

- ‌[فَصْلٌ شَرِكَةُ الْمُفَاوَضَةِ]

- ‌[بَابُ الْمُسَاقَاةِ وَالْمُنَاصَبَةِ وَالْمُزَارَعَةِ]

- ‌[فَصْلٌ الْمُسَاقَاةُ وَالْمُزَارَعَةُ عَقْدَانِ جَائِزَانِ]

- ‌[فَصْلٌ يَلْزَمُ الْعَامِلَ مَا فِيهِ صَلَاحُ الثَّمَرَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْمُزَارَعَةِ]

- ‌[بَابُ الْإِجَارَةِ]

- ‌[أَرْكَانُ الْإِجَارَةِ]

- ‌[فَصْلٌ مَعْرِفَةُ الْأُجْرَةِ]

- ‌[فَصْلٌ إنْ دَفَعَ إنْسَانٌ ثَوْبَهُ إلَى قَصَّارٍ أَوْ خَيَّاطٍ]

- ‌[فَصْلٌ مِنْ شُرُوط الْإِجَارَةِ أَنْ تَكُونَ الْمَنْفَعَةُ مُبَاحَةً لِغَيْرِ ضَرُورَة]

- ‌[فَصْلٌ الْإِجَارَةُ عَلَى ضَرْبَيْنِ]

الفصل: رُجُوعِهَا تَسْلِيطًا لَهُمْ عَلَى وَطْئِهَا حَرَامًا.   (وَيَجُوزُ نَبْذُ الْأَمَانِ إلَيْهِمْ إنْ

رُجُوعِهَا تَسْلِيطًا لَهُمْ عَلَى وَطْئِهَا حَرَامًا.

(وَيَجُوزُ نَبْذُ الْأَمَانِ إلَيْهِمْ إنْ تَوَقَّعَ شَرَّهُمْ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ} [الأنفال: 58] .

(وَإِذَا أُمِّنَ الْعَدُوُّ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ إلَى مُدَّةٍ) مَعْلُومَةٍ (صَحَّ) أَمَانُهُ بِشَرْطِهِ السَّابِقِ (فَإِذَا بَلَغَهَا وَاخْتَارَ الْبَقَاءَ فِي دَارِنَا أَدَّى الْجِزْيَةَ) إنْ كَانَ مِمَّنْ تُعْقَدُ لَهُ الذِّمَّةُ (وَإِنْ لَمْ يَخْتَرْ) الْبَقَاءَ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ أَوْ كَانَ مِمَّنْ لَا تُقْبَلُ مِنْهُ الْجِزْيَةُ (فَهُوَ عَلَى أَمَانِهِ حَتَّى يَخْرُجَ إلَى مَأْمَنِهِ) أَيْ: حَتَّى يُفَارِقَ الْمَحَلَّ الَّذِي أَمَّنَّاهُ فِيهِ لِبَقَاءِ أَمَانِهِ.

[بَابُ الْهُدْنَةِ]

ُ (وَهِيَ) لُغَةً السُّكُونُ وَشَرْعًا (الْعَقْدُ عَلَى تَرْكِ الْقِتَالِ مُدَّةً مَعْلُومَةً) بِقَدْرِ الْحَاجَةِ فَإِنْ زَادَتْ بَطَلَتْ فِي الزِّيَادَةِ فَقَطْ وَالْأَصْلُ فِيهَا قَوْله تَعَالَى {وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا} [الأنفال: 61] وَمِنْ السُّنَّةِ مَا رَوَى مَرْوَانُ بْنُ الْحَكَمِ وَالْمِسْوَرُ بْنُ مَخْرَمَةَ «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم صَالَحَ قُرَيْشًا عَلَى وَضْعِ الْقِتَالِ عَشْرَ سِنِينَ» وَالْمَعْنَى يَقْتَضِي ذَلِكَ.

؛ لِأَنَّهُ يَكُونُ بِالْمُسْلِمِينَ ضَعْفٌ، فَيُهَادِنُونَهُمْ حَتَّى يَقْوَوْا بِعِوَضٍ مِنْهُمْ أَوْ مِنًّا عِنْدَ الضَّرُورَةِ كَمَا يَأْتِي (وَبِغَيْرِ عِوَضٍ) بِحَسَبِ الْمَصْلَحَةِ لِفِعْلِهِ صلى الله عليه وسلم (وَتُسَمَّى مُهَادَنَةً وَمُوَادَعَةً) مِنْ الدَّعَةِ وَهِيَ التَّرْكُ.

(وَمُعَاهَدَةً) مِنْ الْعَهْدِ بِمَعْنَى الْأَمَانِ (وَمُسَالَمَةً) مِنْ السِّلْمِ بِمَعْنَى الصُّلْحِ (وَلَا يَصِحُّ عَقْدُهَا إلَّا مِنْ إمَامٍ أَوْ نَائِبِهِ) ؛ لِأَنَّهُ يَتَعَلَّقُ بِنَظَرٍ وَاجْتِهَادٍ وَلَيْسَ غَيْرُهُمَا مَحَلًّا لِذَلِكَ لِعَدَمِ وِلَايَتِهِ.

وَلَوْ جُوِّزَ ذَلِكَ لِلْآحَادِ لَزِمَ تَعْطِيلُ الْجِهَادِ (وَيَكُونُ الْعَقْدُ) أَيْ: عَقْدُ الْهُدْنَةِ (لَازِمًا) لَا يَبْطُلُ بِمَوْتِ الْإِمَامِ أَوْ نَائِبِهِ وَلَا عَزْلِهِ، بَلْ يَلْزَمُ الثَّانِيَ إمْضَاؤُهُ لِئَلَّا يَنْقُضَ الِاجْتِهَادَ بِالِاجْتِهَادِ وَيَسْتَمِرُّ مَا لَمْ يَنْقُضْهُ الْكُفَّارُ بِقِتَالٍ أَوْ غَيْرِهِ.

(وَيَلْزَمُهُ) أَيْ: الْإِمَامَ أَوْ نَائِبَهُ (الْوَفَاءُ بِهَا) أَيْ: بِالْهُدْنَةِ لِلُزُومِهَا (فَإِنْ هَادَنَهُمْ) أَيْ: الْكُفَّارَ (غَيْرُهُمَا) أَيْ: غَيْرُ الْإِمَامِ أَوْ نَائِبِهِ (لَمْ تَصِحَّ) الْهُدْنَةُ لِمَا سَبَقَ.

(وَلَا تَصِحُّ) الْهُدْنَةُ (إلَّا حَيْثُ جَازَ

ص: 111

تَأْخِيرُ الْجِهَادِ) لِمَصْلَحَةٍ (فَمَتَى رَأَى) الْإِمَامُ أَوْ نَائِبُهُ (الْمَصْلَحَةَ فِي عَقْدِهَا لِضَعْفٍ فِي الْمُسْلِمِينَ عَنْ الْقِتَالِ، أَوْ لِمَشَقَّةِ الْغَزْوِ أَوْ لِطَمَعِهِ فِي إسْلَامِهِمْ، أَوْ فِي أَدَائِهِمْ الْجِزْيَةَ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ) مِنْ الْمَصَالِحِ (جَازَ) لَهُ عَقْدُهَا؛ لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم " هَادَنَ قُرَيْشًا لَكِنْ قَوْلُهُ: لِطَمَعِهِ فِي إسْلَامِهِمْ رِوَايَةٌ قَطَعَ بِهَا فِي شَرْحِ الْمُنْتَهَى وَغَيْرِهِ وَالثَّانِيَةُ لَا يَجُوزُ عَقْدُهَا لِذَلِكَ وَيَقْتَضِي كَلَامُهُ فِي الْإِنْصَافِ أَنَّهَا صَحِيحَةٌ؛ لِأَنَّهُ صَحَّحَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ عَقْدُهَا إلَّا حَيْثُ يَجُوزُ تَأْخِيرُ الْجِهَادِ، كَمَا هُوَ صَدْرُ عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ تَأْخِيرُ الْجِهَادِ لِذَلِكَ عَلَى الصَّحِيحِ.

وَيَجُوزُ عَقْدُ الْهُدْنَةِ عِنْدَ الْمَصْلَحَةِ (وَلَوْ بِمَالٍ مِنَّا ضَرُورَةً) مِثْلَ أَنْ يَخَافَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ الْهَلَاكَ أَوْ الْأَسْرَ،؛ لِأَنَّهُ يَجُوزُ لِلْأَسِيرِ فِدَاءُ نَفْسِهِ بِالْمَالِ فَكَذَا هُنَا وَجَازَ تَحَمُّلُ صَغَارٍ دَفَعَهُ لِدَفْعِ صَغَارٍ أَعْظَمَ مِنْهُ وَهُوَ الْقَتْلُ أَوْ الْأَسْرُ، وَسَبْيُ الذُّرِّيَّةِ الْمُفْضِي إلَى كُفْرِهِمْ وَقَدْ رَوَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي الْمَغَازِي عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ:«أَرْسَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إلَى عُيَيْنَةَ بْنِ حِصْنٍ وَهُوَ مَعَ أَبِي سُفْيَانَ يَعْنِي يَوْمَ الْأَحْزَابِ أَرَأَيْت إنْ جَعَلْتُ لَك ثُلُثَ ثَمَرِ الْأَنْصَارِ أَتَرْجِعُ بِمَنْ مَعَك مِنْ غَطَفَانَ أَوْ تُخَذِّلُ بَيْنَ الْأَحْزَابِ؟ فَأَرْسَلَ إلَيْهِ عُيَيْنَةُ إنْ جَعَلْتَ الشِّطْرَ فَعَلْتُ» وَلَوْلَا أَنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ لَمَا بَذَلَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم (مُدَّةً مَعْلُومَةً) ؛ لِأَنَّ مَا وَجَبَ تَقْدِيرُهُ وَجَبَ أَنْ يَكُونَ مَعْلُومًا كَخِيَارِ الشَّرْطِ (وَلَوْ فَوْقَ عَشْرِ سِنِينَ) لِأَنَّهَا تَجُوزُ فِي أَقَلَّ مِنْ عَشْرٍ فَجَازَتْ فِي أَكْثَرَ مِنْهَا كَمُدَّةِ الْإِجَارَةِ، وَلِأَنَّهُ إنَّمَا جَازَ عَقْدُهَا لِلْمَصْلَحَةِ فَحَيْثُ وُجِدَتْ جَازَتْ تَحْصِيلًا لِلْمَصْلَحَةِ.

(وَإِنْ هَادَنَهُمْ مُطْلَقًا) بِأَنْ لَمْ يُقَيِّدْ بِمُدَّةٍ لَمْ يَصِحَّ؛ لِأَنَّ الْإِطْلَاقَ يَقْتَضِي التَّأْيِيدَ وَذَلِكَ يُفْضِي إلَى تَرْكِ الْجِهَادِ بِالْكُلِّيَّةِ وَهُوَ غَيْرُ جَائِزٍ (أَوْ) هَادَنَهُمْ (مُعَلِّقًا بِمَشِيئَةٍ كَمَا شِئْنَا أَوْ شِئْتُمْ أَوْ شَاءَ فُلَانٌ أَوْ مَا أَقَرَّكُمْ اللَّهُ) عَلَيْهِ (لَمْ يَصِحَّ) كَالْإِجَارَةِ وَلِجَهَالَةِ الْمُدَّةِ.

(وَإِنْ نَقَضُوا) أَيْ: الْمُهَادَنُونَ (الْعَهْدَ بِقِتَالٍ أَوْ مُظَاهَرَةٍ) أَيْ: مُعَاوَنَةِ عَدُوِّنَا عَلَيْنَا (أَوْ قَتْلِ مُسْلِمٍ أَوْ أَخْذِ مَالٍ انْتَقَضَ عَهْدُهُمْ وَحَلَّتْ دِمَاؤُهُمْ وَأَمْوَالُهُمْ وَسَبْيُ ذَرَارِيِّهِمْ) ؛ لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم " قَتَلَ رِجَالَ بَنِي قُرَيْظَةَ حِينَ نَقَضُوا عَهْدَهُ وَسَبَى ذَرَارِيَّهُمْ وَأَخَذَ أَمْوَالَهُمْ " وَلَمَّا هَادَنَ قُرَيْشًا فَنَقَضُوا عَهْدَهُ حَلَّ لَهُ مِنْهُمْ مَا كَانَ حَرُمَ عَلَيْهِ مِنْهُمْ.

(وَإِنْ نَقَضَ بَعْضُهُمْ) الْعَهْدَ (دُونَ بَعْضٍ فَسَكَتَ بَاقِيهِمْ عَنْ النَّاقِضِ) لِلْعَهْدِ (وَلَمْ يُوجَدْ مِنْهُمْ إنْكَارٌ) عَلَى النَّاقِضِ (وَلَا مُرَاسِلَةُ الْإِمَامِ) فِي شَأْنِهِ

ص: 112

(وَلَا تَبَرُّؤٌ) مِنْهُ (فَالْكُلُّ نَاقِضُونَ) لِلْعَهْدِ لِرِضَاهُمْ بِفِعْلِ أُولَئِكَ، وَإِقْرَارِهِمْ لَهُمْ.

(وَإِنْ أَنْكَرَ مَنْ لَمْ يُنْقِضْ عَلَى الْبَاقِينَ) أَيْ: النَّاقِضِينَ (بِقَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ ظَاهِرٍ أَوْ اعْتِزَالٍ) بِأَنْ اعْتَزَلُوا النَّاقِضِينَ (أَوْ رَاسَلَ الْإِمَامَ بِأَنِّي مُنْكِرٌ مَا فَعَلَهُ النَّاقِضُ مُقِيمٌ عَلَى الْعَهْدِ لَمْ يُنْتَقَضْ فِي حَقِّهِ) أَيْ: حَقِّ مَنْ أَنْكَرَ وَفَعَلَ مَا سَبَقَ، لِعَدَمِ مَا يَقْتَضِي نَقْضَهُ مِنْهُ (وَيَأْمُرُهُ الْإِمَامُ بِالتَّمْيِيزِ لِيَأْخُذَ النَّاقِضُ وَحْدَهُ) لِنَقْضِ عَهْدِهِ (فَإِنْ امْتَنَعَ مِنْ التَّمْيِيزِ لَمْ يُنْتَقَضْ عَهْدُهُ) أَيْ: عَهْدُ الْمُنْكِرِ لِمَا فَعَلَهُ النَّاقِضُ.

وَفِي الشَّرْحِ: فَإِنْ امْتَنَعَ مِنْ التَّمْيِيزِ أَوْ إسْلَامِ النَّاقِضِ صَارَ نَاقِضًا؛ لِأَنَّهُ مَنَعَ مِنْ أَخْذِ النَّاقِضِ، فَصَارَ بِمَنْزِلَتِهِ، وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ التَّمْيِيزُ لَمْ يُنْتَقَضْ عَهْدُهُ؛ لِأَنَّهُ كَالْأَسِيرِ.

وَفِي الْإِنْصَافِ فِي آخِرِ أَحْكَامِ الذِّمَّةِ: وَكَذَا أَيْ: فِي نَقْضِ الْعَهْدِ مَنْ لَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِمْ أَوْ لَمْ يَعْتَزِلْهُمْ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ بِهِمْ الْإِمَامُ.

وَفِي الْمُنْتَهَى، وَشَرْحِهِ: فَإِنْ أَبَوْهُمَا أَيْ: التَّسْلِيمَ وَالتَّمْيِيزَ حَالَ كَوْنِهِمْ قَادِرِينَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا انْتَقَضَ عَهْدُ الْكُلِّ بِذَلِكَ (فَإِنْ أَسَرَ الْإِمَامُ مِنْهُمْ) أَيْ: مِمَّنْ وَقَعَ النَّقْضُ مِنْ بَعْضِهِمْ (قَوْمًا فَادَّعَى الْأَسِيرُ أَنَّهُ لَمْ يَنْقُضْ) الْعَهْدَ (وَأُشْكِلَ ذَلِكَ عَلَيْهِ) أَيْ: الْإِمَامِ (قُبِلَ قَوْلُ الْأَسِيرِ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يُتَوَصَّلُ إلَى ذَلِكَ إلَّا مِنْهُمْ.

(وَإِنْ شَرَطَ) الْعَاقِدُ لِلْهُدْنَةِ (فِيهَا شَرْطًا فَاسِدًا كَنَقْضِهَا مَتَى شَاءَ، أَوْ رَدِّ النِّسَاءَ الْمُسْلِمَاتِ) إلَيْهِمْ بَطَلَ الشَّرْطُ فَقَطْ لِمُنَافَاتِهِ لِمُقْتَضَى الْعَقْدِ وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ} [الممتحنة: 10] وَقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «إنَّ اللَّهَ قَدْ مَنَعَ الصُّلْحَ فِي النِّسَاءِ» ، وَلِأَنَّهُ لَا يُؤْمَنُ أَنْ تُفْتَنَ فِي دِينِهَا وَلَا يُمْكِنُهَا أَنْ تَفِرَّ (أَوْ) رَدَّ (صَدَاقَتِهِنَّ) بَطَلَ الشَّرْطُ لِمُنَافَاتِهِ مُقْتَضَى الْعَقْدِ وَأَمَّا قَوْله تَعَالَى {وَآتُوهُمْ مَا أَنْفَقُوا} [الممتحنة: 10] فَقَالَ قَتَادَةَ نُسِخَ.

وَقَالَ عَطَاءُ وَالزُّهْرِيُّ وَالثَّوْرِيُّ لَا يُعْمَلُ بِهَا الْيَوْمَ إنَّمَا نَزَلَتْ فِي قَضِيَّةِ الْحُدَيْبِيَةِ حِينَ كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم شَرَطَ رَدَّ مَنْ جَاءَهُ مُسْلِمًا (أَوْ رَدَّ صَبِيٍّ عَاقِلٍ) ؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْمَرْأَةِ فِي ضَعْفِ الْعَقْلِ وَالْعَجْزِ عَنْ التَّخَلُّصِ وَالْهَرَبِ (أَوْ رَدَّ الرِّجَالِ) الْمُسْلِمِينَ (مَعَ عَدَمِ الْحَاجَةِ إلَيْهِ أَوْ رَدَّ سِلَاحِهِمْ، أَوْ إعْطَائِهِمْ شَيْئًا مِنْ سِلَاحِنَا أَوْ مِنْ آلَاتِ الْحَرْبِ أَوْ شَرَطَ لَهُمْ مَالًا) مِنَّا (فِي مَوْضِعٍ لَا يَجُوزُ بَذْلُهُ أَوْ إدْخَالُهُمْ الْحَرَمَ بَطَلَ الشَّرْطُ) فِي الْكُلِّ لِمُنَافَاتِهِ مُقْتَضَى الْعَقْدِ وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا} [التوبة: 28](فَقَطْ) أَيْ: دُونَ الْعَقْدِ فَيَصِحُّ، وَكَذَا عَقْدُ الذِّمَّةِ كَالشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ فِي الْبَيْعِ، لَكِنْ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ:

ص: 113

إذَا شَرَطَ أَنَّ لِكُلِّ وَاحِدٍ نَقْضَهَا مَتَى شَاءَ، فَإِنَّهُ يَنْبُ غِي أَنَّ لَا تَصِحَّ وَجْهًا وَاحِدًا لِأَنَّ طَائِفَةَ الْكُفَّارِ يَبْنُونَ عَلَى هَذَا الشَّرْطِ فَلَا يَحْصُلُ إلَّا مِنْ الْجِهَتَيْنِ فَيَفُوتُ مَعْنَى الْهُدْنَةِ (فَلَا يَجِبُ الْوَفَاءُ بِهِ) أَيْ: بِالشَّرْطِ الْفَاسِدِ.

(وَلَا يَجُوزُ) الْوَفَاءُ بِهِ لِمَا تَقَدَّمَ (وَأَمَّا الطِّفْلُ الَّذِي لَا يَصِحُّ إسْلَامُهُ) وَهُوَ مَنْ دُونَ التَّمْيِيزِ (فَيَجُوزُ شَرْطُ رَدِّهِ) ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمُسْلِمٍ شَرْعًا.

(وَمَتَى وَقَعَ الْعَقْدُ) لِلْهُدْنَةِ (بَاطِلًا، فَدَخَلَ نَاسٌ مِنْ الْكُفَّارِ) الْعَاقِدِينَ لَهُ (دَارَ الْإِسْلَامِ مُعْتَقِدِينَ الْأَمَانَ، كَانُوا آمَنِينَ وَيُرَدُّونَ إلَى دَارِ الْحَرْبِ وَلَا يُقَرُّونَ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ) لِبُطْلَانِ الْأَمَانِ.

(وَإِنْ شَرَطَ رَدَّ مَنْ جَاءَ مِنْ الرِّجَالِ مُسْلِمًا جَازَ لِحَاجَةٍ) ؛ لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم فَعَلَ ذَلِكَ فِي صُلْحِ الْحُدَيْبِيَةِ قَالَ فِي الْمُبْدِعِ: وَظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ عَشِيرَةٌ تَحْمِيهِ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ حَاجَةٌ كَظُهُورِ الْمُسْلِمِينَ وَقُوَّتِهِمْ فَلَا يَصِحُّ اشْتِرَاطُهُ (فَلَا يَمْنَعُهُمْ) أَيْ: الْكُفَّارَ الْإِمَامُ (أَخْذَهُ) أَيْ: أَخْذَ الرَّجُلِ الَّذِي جَاءَ مِنْهُمْ مُسْلِمًا.

(وَلَا يُجْبِرُهُ عَلَى ذَلِكَ) أَيْ: عَلَى الْعَوْدِ مَعَهُمْ «؛ لِأَنَّ أَبَا بَصِيرٍ جَاءَ إلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بَعْدَ صُلْحِ الْحُدَيْبِيَةِ فَجَاءُوا فِي طَلَبِهِ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إنَّا لَا يَصْلُحُ فِي دِينِنَا الْغَدْرُ، وَقَدْ عَلِمْتَ مَا عَاهَدْنَاهُمْ عَلَيْهِ وَلَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَ لَك فَرَجًا وَمَخْرَجًا فَرَجَعَ مَعَ الرَّجُلَيْنِ فَقُتِلَ أَحَدُهُمَا وَرَجَعَ فَلَمْ يَلُمْهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم» (وَلَهُ) أَيْ: الْإِمَامِ (أَنْ يَأْمُرَهُ سِرًّا بِقِتَالِهِمْ وَبِالْهَرَبِ مِنْهُمْ) ؛ لِأَنَّهُ رُجُوعٌ إلَى بَاطِلٍ فَكَانَ لَهُ الْأَمْرُ بِعَدَمِهِ كَالْمَرْأَةِ إذَا سَمِعَتْ طَلَاقَهَا.

وَفِي التَّرْغِيبِ يَعْرِضُ لَهُ أَنْ لَا يَرْجِعَ (وَلَهُ) أَيْ: لِمَنْ جَاءَنَا مِنْهُمْ مُسْلِمًا (وَلِمَنْ أَسْلَمَ مَعَهُ أَنْ يَتَحَيَّزُوا نَاحِيَةً، وَيَقْتُلُوا مَنْ قَدَرُوا عَلَيْهِ مِنْ الْكُفَّارِ وَيَأْخُذُوا أَمْوَالَهُمْ وَلَا يَدْخُلُونَ فِي الصُّلْحِ فَإِنْ ضَمَّهُمْ الْإِمَامُ إلَيْهِ بِإِذْنِ الْكُفَّارِ دَخَلُوا فِي الصُّلْحِ) وَحَرُمَ عَلَيْهِمْ قِتَالُ الْكُفَّارِ وَأَخْذُ أَمْوَالِهِمْ «؛ لِأَنَّ أَبَا بَصِيرٍ لَمَّا رَجَعَ إلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ لَهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ أَوْفَى اللَّهُ ذِمَّتَكَ، قَدْ رَدَدْتَنِي إلَيْهِمْ وَأَنْجَانِي اللَّهُ مِنْهُمْ فَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَلَمْ يَلُمْهُ، بَلْ قَالَ: وَيْلُ أُمِّهِ مِسْعَرَ حَرْبٍ لَوْ كَانَ مَعَهُ رِجَالٌ» فَلَمَّا سَمِعَ بِذَلِكَ أَبُو بَصِيرٍ لَحِقَ بِسَاحِلِ الْبَحْر وَانْحَازَ إلَيْهِ أَبُو جَنْدَلِ بْنِ سُهَيْلٍ وَمَنْ مَعَهُ مِنْ الْمُسْتَضْعَفِينَ بِمَكَّةَ فَجَعَلُوا لَا يَمُرُّ عَلَيْهِمْ عِيرٌ لِقُرَيْشٍ إلَّا عَرَضُوا لَهَا وَأَخَذُوهَا وَقَتَلُوا مَنْ مَعَهَا فَأَرْسَلَتْ قُرَيْشٌ إلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم تُنَاشِدُهُ اللَّهَ وَالرَّحِمَ أَنْ يَضُمَّهُمْ إلَيْهِ وَلَا يَرُدَّ إلَيْهِمْ

ص: 114