الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
صَحَّ النِّكَاحُ وَلَا تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ) بِالنِّكَاحِ كَالْبَيْعِ (وَلِلزَّوْجِ الِاسْتِمْتَاعُ بِهَا وَقْتَ فَرَاغِهَا مِنْ الرَّضَاعِ وَالْحَضَانَةِ) ؛ لِسَبْقِ حَقِّ الْمُسْتَأْجِرِ، (وَتَأْتِي إجَارَةُ الْحُرَّةِ) نَفْسَهَا (فِي) بَابِ (عِشْرَةِ النِّسَاءِ) مُفَصَّلَةً (وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهَا) أَيْ الَّتِي أَجَّرَتْ نَفْسَهَا ثُمَّ ادَّعَتْ (أَنَّهَا ذَاتُ زَوْجٍ) لِتُسْقِطَ حَقَّ الْمُسْتَأْجِرِ مِنْ الْإِجَارَةِ إلَّا بِبَيِّنَةٍ (أَوْ مُؤَجَّرَةٌ) أَيْ إذَا تَزَوَّجَتْ ثُمَّ ادَّعَتْ أَنَّهَا كَانَتْ مُؤَجَّرَةً (قَبْلَ نِكَاحٍ) لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهَا (بِلَا بَيِّنَةٍ؛) ؛ لِأَنَّهُ يَتَضَمَّنُ إسْقَاطَ حَقِّ الزَّوْجِ فِي مُدَّةِ الْإِجَارَةِ.
[فَصْلٌ إنْ دَفَعَ إنْسَانٌ ثَوْبَهُ إلَى قَصَّارٍ أَوْ خَيَّاطٍ]
(وَإِنْ دَفَعَ) إنْسَانٌ (ثَوْبَهُ إلَى قَصَّارٍ أَوْ خَيَّاطٍ وَنَحْوِهِمَا) كَصَبَّاغٍ (لِيَعْمَلَهُ) أَيْ لِيَقْصُرَهُ أَوْ يَخِيطَهُ أَوْ يَصْبُغَهُ وَنَحْوِهِ (وَلَوْ لَمْ تَكُنْ لَهُ) أَيْ لِلْقَصَّارِ وَنَحْوِهِ عَادَةٌ (بِأَخْذِ أُجْرَةٍ وَلَمْ يَعْقِدَا) أَيْ الْقَصَّارُ وَالْخَيَّاطُ عَقْدَ إجَارَةٍ صَحَّ، وَلَهُ أُجْرَةُ مِثْلِهِ حَيْثُ كَانَا مُنْتَصِبَيْنِ لِذَلِكَ وَإِلَّا لَمْ يَسْتَحِقَّا أَجْرًا إلَّا بِشَرْطٍ أَوْ عَقْدٍ أَوْ تَعْرِيضٍ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ عُرْفٌ يَقُومُ مَقَامَ الْعَقْدِ، فَهُوَ كَمَا لَوْ عَمِلَ بِغَيْرِ إذْنِ مَالِكِهِ.
(أَوْ اسْتَعْمَلَ) إنْسَانٌ (حَمَّالًا وَنَحْوَهُ، أَوْ) اسْتَعْمَلَ (شَاهِدًا إنْ جَازَ لَهُ) أَيْ الشَّاهِدِ (أَخْذُ أُجْرَةٍ) بِأَنْ عَجَزَ عَنْ الْمَشْيِ، أَوْ تَأَذَّى بِهِ فَلَهُ أَخْذُ أُجْرَةِ مَرْكُوبٍ، كَمَا يَأْتِي فِي الشَّهَادَاتِ (صَحَّ وَلَهُ أُجْرَةُ مِثْلِهِ) ؛؛ لِأَنَّ الْعُرْفَ الْجَارِيَ بِذَلِكَ يَقُومُ مَقَامَ الْقَوْلِ وَقَالَ شَيْخُ مَشَايِخِنَا الْفَارِضِيُّ: فَإِنْ قِيلَ يَحْرُمُ الْأَخْذُ عَلَى الشَّهَادَةِ فَالْجَوَابُ أَنَّ الَّذِي يَحْرُمُ إنَّمَا هُوَ فِي نَحْوِ مَا إذَا تَحَمَّلَ الشَّهَادَةَ وَأَبَى أَنْ يُؤَدِّيَهَا إلَّا بِجُعْلٍ، أَوْ سُئِلَ فِي أَنْ يَشْهَدَ، فَأَبَى أَنْ يَشْهَدَ إلَّا بِجُعْلٍ، أَمَّا لَوْ دَعَا زَيْدًا مَثَلًا فَذَهَبَ مَعَهُ وَشَهِدَ وَتَكَلَّفَ زَيْدٌ لِدَابَّةٍ مَثَلًا، أَوْ مَضَى زَمَنٌ لِمِثْلِهِ أُجْرَةٌ لَا سِيَّمَا مَعَ بُعْدِ الْمَكَانِ، فَلَهُ أُجْرَةُ مِثْلِهِ، نَقَلْتُهُ مِنْ خَطِّ شَيْخِي وَلَدِ الْعَمِّ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْبُهُوتِيِّ عَلَى حَاشِيَةِ الْفُرُوعِ (كَتَعْرِيضِهِ) أَيْ الدَّافِعِ (بِهَا) أَيْ بِالْأُجْرَةِ (أَيْ نَحْوِ: خُذْهُ، وَأَنَا أَعْلَمُ أَنَّكَ مُتَعَيِّشٌ، أَوْ) خُذْهُ (وَأَنَا أُرْضِيكَ وَنَحْوَهُ) مِمَّا يَدُلُّ عَلَى إعْطَاءِ الْأُجْرَةِ.
(وَكَذَا دُخُولُ حَمَّامٍ وَرُكُوبُ سَفِينَةِ مَلَّاحٍ وَحَلْقُ رَأْسِهِ وَتَغْسِيلُهُ، وَغَسْلُ ثَوْبِهِ وَبَيْعُهُ لَهُ) شَيْئًا (وَشُرْبُهُ مِنْهُ مَاءً) أَوْ قَهْوَةً وَنَحْوَهَا مِنْ الْمُبَاحَاتِ، وَمَا يَأْخُذُهُ الْبَائِعُ عَنْ الْمَاءِ أَوْ الْقَهْوَةِ وَنَحْوِهَا، وَأُجْرَةُ الْآنِيَةِ وَالسَّاقِي وَالْمَكَانِ، قِيَاسًا عَلَى الْمَسْأَلَةِ بَعْدَهَا.
(وَقَالَ فِي التَّلْخِيصِ: مَا يَأْخُذُهُ الْحَمَّامِيُّ أُجْرَةُ الْمَكَانِ وَالسَّطْلِ
وَالْمِئْزَرِ وَيَدْخُلُ الْمَاءُ تَبَعًا) ؛؛ لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ عَقْدُ الْإِجَارَةِ عَلَيْهِ، وَهَذَا بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ الشُّرْبِ؛ فَإِنَّ الْمَاءَ مَبِيعٌ، وَلَا يَنْبَغِي لِمَنْ دَخَلَ الْحَمَّامَ أَنْ يَسْتَعْمِلَ فَوْقَ الْمُعْتَادِ؛؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَأْذُونٍ فِيهِ لَفْظًا وَلَا عُرْفًا بَلْ يَحْرُمُ عَلَيْهِ كَاسْتِعْمَالِهِ مِنْ الْمَوْقُوفِ فَوْقَ الْقَدْرِ الْمَشْرُوعِ، أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِمْ: يَجِبُ صَرْفُ الْوَقْفُ لِلْجِهَةِ الَّتِي عَيَّنَهَا الْوَاقِفُ.
(وَيَجُوزُ إجَارَةُ دَارٍ بِسُكْنَى دَارٍ) أُخْرَى (وَ) بِ (خِدْمَةِ عَبْدٍ وَ) بِ (تَزْوِيجِ امْرَأَةٍ) لِقِصَّةِ شُعَيْبٍ؛ صلى الله عليه وسلم؛ لِأَنَّهُ جَعَلَ النِّكَاحَ عِوَضَ الْأُجْرَةِ، وَ؛ لِأَنَّ كُلَّ مَا جَازَ أَنْ يَكُونَ ثَمَنًا فِي الْبَيْعِ جَازَ عِوَضًا فِي الْإِجَارَةِ، فَكَمَا جَازَ أَنْ يَكُونَ الْعِوَضُ عَيْنًا جَازَ أَنْ يَكُونَ مَنْفَعَةً سَوَاءٌ كَانَ الْجِنْسُ وَاحِدًا كَالْأَوَّلِ، أَوْ مُخْتَلِفًا كَالثَّانِي قَالَ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ: فَإِذَا دَفَعْتَ عَبْدَكَ إلَى خَيَّاطٍ أَوْ قَصَّارٍ أَوْ نَحْوِهِمَا لِيُعَلِّمَهُ ذَلِكَ الْعَمَلَ بِعَمَلِ الْغُلَامِ سَنَةً جَازَ ذَلِكَ فِي مَذْهَبُ مَالِكٍ وَعِنْدَنَا.
(وَتَصِحُّ إجَارَةُ حُلِيٍّ بِأُجْرَةٍ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ وَكَذَا) بِأُجْرَةٍ (مِنْ جِنْسِهِ؛) ؛ لِأَنَّهُ عَيْنٌ يُنْتَفَعُ بِهَا مَنْفَعَةً مَقْصُودَةً مَعَ بَقَائِهَا، فَجَازَتْ إجَارَتُهُ كَالْأَرَاضِيِ (مَعَ الْكَرَاهَةِ) أَيْ يُكْرَهُ إجَارَةُ الْحُلِيِّ بِنَقْدٍ مِنْ جِنْسِهِ، خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ قَالَ: لَا تَصِحُّ؛ لِأَنَّهَا تَحْتَكُّ بِالِاسْتِعْمَالِ فَيَذْهَبُ مِنْهُ جُزْءٌ وَإِنْ كَانَتْ يَسِيرَةً لِيَحْصُلَ الْأَجْرُ فِي مُقَابَلَتِهَا وَمُقَابَلَةِ الِانْتِفَاعِ بِهَا فَيُفْضِي إلَى بَيْعِ ذَهَبٍ بِذَهَبٍ وَشَيْءٍ آخَرَ، وَرُدَّ بِأَنَّ الْأُجْرَةَ فِي مُقَابَلَةِ الِانْتِفَاعِ، لَا فِي مُقَابَلَةِ الذَّاهِبِ وَإِلَّا لَمَا جَازَ إجَارَةُ أَحَدِ النَّقْدَيْنِ بِالْآخَرِ؛ لِإِفْضَائِهِ إلَى التَّفَرُّقِ قَبْلَ الْقَبْضِ.
(وَإِنْ قَالَ) صَاحِبُ الثَّوْبِ لِخَيَّاطٍ: (إنْ خِطْتَ هَذَا الثَّوْبَ الْيَوْمَ) فَلَكَ دِرْهَمٌ (أَوْ) إنْ خِطْتَهُ (رُومِيًّا فَلَكَ دِرْهَمٌ وَ) إنْ خِطْتَهُ (غَدًا أَوْ فَارِسِيًّا فَ) لَكَ (نِصْفُهُ) أَيْ نِصْفُ دِرْهَمٍ لَمْ يَصِحَّ، (أَوْ) قَالَ رَبُّ أَرْضٍ:(إنْ زَرَعْتَهَا بُرًّا) فَبِخَمْسَةٍ (أَوْ) قَالَ رَبُّ حَانُوتٍ: (إنْ فَتَحْتَ خَيَّاطًا فَبِخَمْسَةٍ، وَ) إنْ زَرَعْتَ (ذُرَةً أَوْ) فَتَحْتَ (حَدَّادًا فَبِعَشَرَةٍ وَنَحْوَهُ) مِمَّا لَمْ يَقَعْ فِيهِ جَزْمٌ (لَمْ يَصِحَّ) الْعَقْدُ؛؛ لِأَنَّهُ عَقْدٌ وَاحِدٌ اخْتَلَفَ فِيهِ الْعِوَضُ بِالتَّقْدِيمِ وَالتَّأْخِيرِ وَنَحْوِهِمَا، فَلَمْ يَصِحَّ، كَبِعْتُكَ بِعَشَرَةٍ نَقْدًا، أَوْ إحْدَى عَشَرَ نَسِيئَةً مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا، عَلَى أَحَدِهِمَا كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْبَيْعِ.
(وَإِنْ أَكْرَاهُ دَابَّةً وَقَالَ: إنْ رَدَدْتَهَا الْيَوْمَ فَبِخَمْسَةٍ وَغَدًا فَبِعَشَرَةٍ، أَوْ أَكْرَاهُ عَشَرَةَ أَيَّامٍ بِعَشَرَةِ) دَرَاهِمَ (وَمَا زَادَ فَلِكُلِّ يَوْمٍ كَذَا، صَحَّ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يُؤَدِّي إلَى التَّنَازُعِ؛؛ لِأَنَّهُ عَيَّنَ لِكُلِّ زَمَنٍ عِوَضًا مَعْلُومًا فَصَحَّ (وَلَا يَصِحُّ أَنْ يَكْتَرِيَ مُدَّةً مَجْهُولَةً كَ) اكْتِرَائِهِ فَرَسًا (مُدَّةَ غَزَاتِهِ أَوْ غَيْرَهَا؛) ؛ لِأَنَّهُ لَا يَدْرِي مَتَى تَنْقَضِي وَقَدْ تَطُولُ وَتَقْصُرُ، فَيُؤَدِّي إلَى التَّنَازُعِ (وَإِنْ سَمَّى لِكُلِّ يَوْمٍ شَيْئًا مَعْلُومًا جَازَ) وَصَحَّ الْعَقْدُ؛ لِمَا تَقَدَّمَ.
(وَإِنْ أَكْرَاهُ) (
الدَّارَ وَنَحْوَهَا (كُلُّ شَهْرٍ بِدِرْهَمٍ، أَوْ) اكْتَرَاهُ لِلسَّقْيِ (كُلَّ دَلْوٍ بِتَمْرَةٍ، صَحَّ) الْعَقْدُ؛ لِمَا رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: «جُعْتُ مَرَّةً جُوعًا شَدِيدًا، فَخَرَجْتُ أَطْلُبُ الْعَمَلَ فِي عَوَالِي الْمَدِينَةِ فَإِذَا أَنَا بِامْرَأَةٍ قَدْ جَمَعَتْ بَذْرًا، فَظَنَنْتُ أَنَّهَا تُرِيدُ بَلَّهُ، فَقَاطَعْتُهَا كُلَّ ذُنُوبٍ بِتَمْرَةٍ، فَمَدَدْتُ سِتَّةَ عَشَرَ ذَنُوبًا، فَعَدَّتْ لِي سِتَّ عَشْرَةَ تَمْرَةً، فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَأَخْبَرْتُهُ فَأَكَلَ مَعِي مِنْهَا» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَمِثْلُهُ مَا تَقَدَّمَ إذَا بَاعَهُ الصُّبْرَةَ كُلَّ قَفِيزٍ بِدِرْهَمٍ، فَعَلَى هَذَا تَلْزَمُ الْإِجَارَةُ فِي الشَّهْرِ الْأَوَّلِ بِإِطْلَاقِ الْعَقْدِ قَالَهُ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ، وَمَا بَعْدَهُ يَكُونُ مُرَاعًى وَنَبَّهَ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ.
(وَكُلَّمَا دَخَلَ شَهْرٌ لَزِمَهُمَا حُكْمُ الْإِجَارَةِ إنْ لَمْ يَفْسَخَا) الْإِجَارَةَ أَوَّلَهُ؛ لِأَنَّ دُخُولَهُ بِمَنْزِلَةِ إيقَاعِ الْعَقْدِ عَلَى عَيْنِهِ ابْتِدَاءً؛ لِأَنَّ شُرُوعَهُ فِي كُلِّ شَهْرٍ مَعَ مَا تَقَدَّمَ فِي الْعَقْدِ مِنْ الِاتِّفَاقِ عَلَى تَقْدِيرِ أَجْرِهِ، وَالرِّضَا بِبَذْلِهِ بِهِ جَرَى ابْتِدَاءُ الْعَقْدِ عَلَيْهِ، وَصَارَ كَالْبَيْعِ بِالْمُعَاطَاةِ إذَا جَرَى مِنْ الْمُسَاوَمَةِ مَا دَلَّ عَلَى الرِّضَا بِهَا قَالَهُ فِي الْمُغْنِي.
(وَلِكُلِّ) وَاحِدٍ (مِنْهُمَا) أَيْ مِنْ الْمُؤَجِّرِ وَالْمُسْتَأْجِرِ (الْفَسْخُ عَقِبَ تَقَضِّي كُلِّ شَهْرٍ عَلَى الْفَوْرِ فِي أَوَّلِ الشَّهْرِ) بِأَنْ يَقُولَ: فَسَخْتُ الْإِجَارَةَ فِي الشَّهْرِ الْآخَرِ وَلَيْسَ بِفَسْخٍ عَلَى الْحَقِيقَةِ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ الثَّانِيَ لَمْ يَثْبُتْ، قَالَهُ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَفِي الرِّعَايَةِ: قُلْتُ: أَوْ يَقُولَ إذَا مَضَى هَذَا الشَّهْرُ فَقَدْ فَسَخْتُ انْتَهَى.
وَهُوَ ظَاهِرٌ لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّهُ يَصِحُّ تَعْلِيقُ فَسْخٍ بِشَرْطٍ قَالَ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ: إذَا تَرَكَ التَّلْبِيسَ بِهِ فَهُوَ كَالْفَسْخِ لَا تَلْزَمُهُ أُجْرَةٌ؛ لِعَدَمِ الْعَقْدِ.
(وَلَوْ آجَرَهُ) دَارًا أَوْ نَحْوَهَا (شَهْرًا غَيْرَ مُعَيَّنٍ، لَمْ يَصِحَّ) الْعَقْدُ لِلْجَهَالَةِ.
(وَلَوْ قَالَ) الْمُؤَجِّرُ: (آجَرْتُك هَذَا الشَّهْرَ بِكَذَا وَمَا زَادَ فَبِحُسْبَانِهِ، صَحَّ) الْعَقْدُ (فِي الشَّهْرِ الْأَوَّلِ) فَقَطْ؛؛ لِأَنَّهُ مَعْلُومٌ دُونَ مَا بَعْدَهُ.
(وَ) إنْ قَالَ: (آجَرْتُك دَارِي عِشْرِينَ شَهْرًا) مِنْ وَقْتِ كَذَا (كُلَّ شَهْرٍ بِدِرْهَمٍ صَحَّ) الْعَقْدُ قَالَ فِي الْمُبْدِعِ: بِغَيْرِ خِلَافٍ نَعْلَمُهُ؛؛ لِأَنَّ الْمُدَّةَ وَالْأُجْرَةَ مَعْلُومَانِ وَلَيْسَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا الْفَسْخُ؛؛ لِأَنَّهَا مُدَّةٌ وَاحِدَةٌ، أَشْبَهَ مَا لَوْ قَالَ: آجَرْتُكَ عِشْرِينَ شَهْرًا بِعِشْرِينَ دِرْهَمًا.
(وَ) إنْ قَالَ رَبُّ صُبْرَةٍ: (اسْتَأْجَرْتُكَ لِحَمْلِ هَذِهِ الصُّبْرَةِ إلَى مِصْرَ بِعَشَرَةٍ) صَحَّ؛ لِأَنَّهُ عَيَّنَ الْمَحْمُولَ وَالْمَحْمُولَ إلَيْهِ (أَوْ) قَالَ: اسْتَأْجَرْتُكَ (لِحَمْلِهَا) لِي كَذَا (كُلَّ قَفِيزٍ بِدِرْهَمٍ) صَحَّ؛ لِأَنَّ الْقَفِيزَ مَعْلُومٌ وَأَجْرُهُ مَعْلُومٌ، وَجَهَالَةُ عَدَدِ قُفْزَانِهَا تَزُولُ بِاكْتِيَالِهَا (أَوْ) قَالَ: اسْتَأْجَرْتُكَ (لِتَحْمِلَهَا لِي) إلَى كَذَا (كُلَّ قَفِيزٍ بِدِرْهَمٍ، وَمَا زَادَ) عَلَى الْقَفِيزِ (فَبِحِسَابِ ذَلِكَ صَحَّ) الْعَقْدُ؛ لِأَنَّهُ فِي قُوَّةِ قَوْلِهِ: كُلَّ قَفِيزٍ بِدِرْهَمٍ.
(وَكَذَلِكَ (
كُلُّ لَفْظٍ يَدُلُّ عَلَى إرَادَةِ حَمْلِ جَمِيعِهَا، كَقَوْلِهِ: لِتَحْمِلَ قَفِيزًا مِنْهَا بِدِرْهَمٍ وَسَائِرُهَا بِحِسَابِ ذَلِكَ، أَوْ قَالَ: وَمَا زَادَ فَبِحِسَابِ ذَلِكَ، يُرِيدُ بَاقِيَهَا كُلَّهُ إذَا فَهِمَا) أَيْ الْعَاقِدَانِ (ذَلِكَ مِنْ اللَّفْظِ؛ لِدَلَالَتِهِ) أَيْ اللَّفْظِ (عِنْدَهُمَا عَلَيْهِ، أَوْ لِقَرِينَةٍ صَرَفَتْ إلَيْهِ) ؛؛ لِأَنَّ الْغَرَضَ يَحْصُلُ بِهِ.
(وَإِنْ قَالَ) : اسْتَأْجَرْتُكَ (لِتَحْمِلَ مِنْهَا قَفِيزًا بِدِرْهَمٍ وَمَا زَادَ فَبِحِسَابِ ذَلِكَ، يُرِيدُ) الْمُسْتَأْجِرُ (بِذَلِكَ) الْقَوْلِ (مَهْمَا حَمَلْتَهُ مِنْ بَاقِيهَا) فَلَكَ بِكُلِّ قَفِيزٍ دِرْهَمٌ لَمْ يَصِحَّ لِلْجَهَالَةِ (أَوْ) قَالَ: اسْتَأْجَرْتُكَ (لِتَنْقِلَ لِي مِنْهَا قَفِيزًا بِدِرْهَمٍ) لَمْ يَصِحَّ؛ لِأَنَّ مِنْ لِلتَّبْعِيضِ، وَكُلَّ لِلْعَدَدِ، فَكَأَنَّهُ قَالَ: لِتَحْمِلَ مِنْهَا عَدَدًا، فَلَمْ يَصِحَّ لِلْجَهَالَةِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ أَسْقَطَ " مِنْهَا " (أَوْ) قَالَ: اسْتَأْجَرْتُكَ (عَلَى أَنْ تَحْمِلَ لِي مِنْهَا قَفِيزًا بِدِرْهَمٍ، وَعَلَى أَنْ تَحْمِلَ الْبَاقِيَ بِحِسَابِ ذَلِكَ، لَمْ يَصِحَّ) الْعَقْدُ؛ لِأَنَّهُ مِنْ قَبِيلِ بَيْعَتَيْنِ فِي بَيْعَةٍ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ.
(وَإِنْ قَالَ) : اسْتَأْجَرْتُكَ (لِتَحْمِلَ لِي هَذِهِ الصُّبْرَةَ كُلَّ قَفِيزٍ بِدِرْهَمٍ وَتَنْقِلَ لِي صُبْرَةً أُخْرَى فِي الْبَيْتِ بِحِسَابِ ذَلِكَ، فَإِنْ كَانَا يَعْلَمَانِ الصُّبْرَةَ الَّتِي فِي الْبَيْتِ بِالْمُشَاهَدَةِ) أَوْ وَصَفَاهَا (صَحَّ) الْعَقْدُ فِيهِمَا لِلْعِلْمِ بِهِمَا، (وَإِنْ جَهِلَهَا أَحَدُهُمَا صَحَّ) الْعَقْدُ (فِي الْأُولَى) لِلْعِلْمِ بِهَا (وَبَطَلَ فِي الثَّانِيَةِ) لِلْجَهْلِ بِهَا.
(وَإِنْ قَالَ) : اسْتَأْجَرْتُكَ (لِتَحْمِلَ لِي هَذِهِ الصُّبْرَةَ وَاَلَّتِي فِي الْبَيْتِ بِعَشَرَةٍ، فَإِنْ كَانَا يَعْلَمَانِ الَّتِي فِي الْبَيْتِ صَحَّ فِيهِمَا) بِالْعَشَرَةِ، وَإِنْ جَهِلَاهَا أَوْ أَحَدُهُمَا، فَقِيَاسُ مَا تَقَدَّمَ فِي الْبَيْعِ: إذَا جَمَعَ بَيْنَ مَعْلُومٍ وَمَجْهُولٍ لَا يَتَعَذَّرُ عِلْمُهُ، يَصِحُّ فِي الْمَعْلُومِ بِقِسْطِهِ أَنَّهُ يَصِحُّ فِي الْمَعْلُومَةِ بِقِسْطِهَا مِنْ الْعَشَرَةِ وَيَبْطُلُ فِي الْأُخْرَى.
(وَإِنْ قَالَ: اسْتَأْجَرْتُكَ لِتَحْمِلَ لِي هَذِهِ الصُّبْرَةَ، وَهِيَ عَشَرَةُ أَقْفِزَةٍ بِدِرْهَمٍ، فَإِنْ زَادَ عَلَى ذَلِكَ فَالزَّائِدُ بِحِسَابِ ذَلِكَ صَحَّ) الْعَقْدُ (فِي الْعَشَرَةِ فَقَطْ) لِلْعِلْمِ بِهَا دُونَ مَا زَادَ، فَإِنَّهُ مَجْهُولٌ، وَأَيْضًا عَقْدُهُ مُعَلَّقٌ، وَلَا يَصِحُّ تَعْلِيقُ الْإِجَارَةِ.
وَقَالَ فِي الْمُنْتَهَى: أَوْ عَلَى حَمْلِ زُبْرَةٍ إلَى مَحَلِّ كَذَا عَلَى أَنَّهَا عَشَرَةُ أَرْطَالٍ، وَإِنْ زَادَتْ فَلِكُلِّ رِطْلٍ دِرْهَمٌ صَحَّ انْتَهَى وَيُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى مَا هُنَا، أَيْ صَحَّ فِي الزُّبَرِ فَقَطْ.
(وَإِنْ قَالَ) : اسْتَأْجَرْتُكَ (لِتَحْمِلَهَا كُلَّ قَفِيزٍ بِدِرْهَمٍ فَإِنْ قَدِمَ لِي طَعَامٌ فَحَمَلْتُهُ فَبِحِسَابِ ذَلِكَ صَحَّ أَيْضًا فِي الصُّبْرَةِ فَقَطْ) ؛ لِمَا تَقَدَّمَ دُونَ مَا زَادَ.