الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لَزِمَهُ) أَيْ الْحَاكِمَ (إجَابَتُهُمْ) إلَى الْحَجْرِ عَلَيْهِ لِمَا رَوَى كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «حَجَرَ عَلَى مُعَاذٍ وَبَاعَ مَالَهُ» رَوَاهُ الْخَلَّالُ فَإِنْ لَمْ يَسْأَلْ أَحَدٌ مِنْ غُرَمَائِهِ الْحَاكِمَ الْحَجْرَ عَلَيْهِ لَمْ يُحْجَرْ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَا يُحْكَمُ بِغَيْرِ طَلَبِ رَبِّ الْحَقِّ وَ (لَا) يَلْزَمُ الْحَاكِمَ (إجَابَةُ الْمُعْسِرِ) إلَى الْحَجْرِ عَلَيْهِ (إذَا طَلَبَ) الْمُعْسِرُ (مِنْ الْحَاكِمِ الْحَجْرَ عَلَى نَفْسِهِ) لِأَنَّ الْحَجْرَ عَلَيْهِ حَقٌّ لِغُرَمَائِهِ لَا لَهُ.
(وَيُسْتَحَبُّ) لِلْحَاكِمِ (إظْهَارُهُ الْحَجْرَ عَلَيْهِ، لِتُجْتَنَبَ مُعَامَلَتُهُ وَ) يُسْتَحَبُّ (الْإِشْهَادُ عَلَيْهِ لِيَنْتَشِرَ ذَلِكَ وَرُبَّمَا عُزِلَ الْحَاكِمُ أَوْ مَاتَ فَيَثْبُتُ الْحَجْرُ عَلَيْهِ عِنْدَ) الْحَاكِمِ (الْآخَرِ فَلَا يُحْتَاجُ إلَى ابْتِدَاءِ حَجْرٍ ثَانٍ) بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يُشْهِدْ (وَكُلُّ مَا فَعَلَهُ الْمُفْلِسُ فِي مَالِهِ قَبْلَ الْحَجْرِ عَلَيْهِ: مِنْ الْبَيْعِ، وَالْهِبَةِ، وَالْإِقْرَارِ، وَقَضَاءِ بَعْضِ الْغُرَمَاءِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ فَهُوَ نَافِذٌ) لِأَنَّهُ مِنْ مَالِكٍ جَائِزِ التَّصَرُّفِ (وَلَوْ اسْتَغْرَقَ) التَّصَرُّفُ (جَمِيعَ مَالِهِ مَعَ أَنَّهُ يَحْرُمُ) عَلَى الْمَدِينِ التَّصَرُّفُ (إنْ أَضَرَّ) تَصَرُّفُهُ (بِغَرِيمِهِ) وَتَقَدَّمَ.
[فَصْلٌ يَتَعَلَّق بِالْحَجْرِ عَلَى الْمُفْلِسِ أَرْبَعَةُ أَحْكَامٍ]
فَصْلٌ: وَيَتَعَلَّق بِالْحَجْرِ عَلَيْهِ أَيْ الْمُفْلِسِ (أَرْبَعَةُ أَحْكَامٍ)(أَحَدُهَا: تَعَلُّقُ حَقِّ الْغُرَمَاءِ بِمَالِهِ) لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ لَمْ يَكُنْ فِي الْحَجْرِ عَلَيْهِ فَائِدَةٌ وَلِأَنَّهُ يُبَاعُ فِي دُيُونِهِمْ فَكَانَتْ حُقُوقُهُمْ مُتَعَلِّقَةً بِهِ، كَالرَّهْنِ (فَلَا يُقْبَلُ إقْرَارُهُ) أَيْ الْمُفْلِسِ (عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى مَالِهِ لِأَنَّ حُقُوقَ الْغُرَمَاءِ مُتَعَلِّقَةٌ بِأَعْيَانِ مَالِهِ فَلَمْ يُقْبَلْ الْإِقْرَارُ عَلَيْهِ كَالْعَيْنِ الْمَرْهُونَةِ، حَتَّى وَلَوْ أَقَرَّ بِعِتْقِ عَبْدِهِ لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ مِنْهُ فَلَمْ يُقْبَلْ إقْرَارُهُ بِهِ، بِخِلَافِ الرَّاهِنِ.
(وَلَا يَصِحُّ تَصَرُّفُهُ فِيهِ) أَيْ فِي مَالِهِ بِبَيْعٍ وَلَا غَيْرِهِ (حَتَّى مَا يَتَجَدَّدُ لَهُ) أَيْ لِلْمُفْلِسِ (مِنْ مَالٍ) بَعْدَ الْحَجْرِ فَحُكْمُهُ كَالْمَوْجُودِ حَالَ الْحَجْرِ (مِنْ أَرْشِ جِنَايَةٍ) عَلَيْهِ، أَوْ عَلَى قِنِّهِ.
(وَإِرْثٍ وَنَحْوِهِمَا) كَوَصِيَّةٍ وَصَدَقَةٍ وَهِبَةٍ (وَلَوْ) كَانَ تَصَرُّفُهُ (عِتْقًا أَوْ صَدَقَةً بِشَيْءٍ، كَثِيرٍ أَوْ يَسِيرٍ) فَلَا يَنْفُذُ لِأَنَّهُ مَمْنُوعٌ مِنْ التَّبَرُّعِ لِحَقِّ الْغُرَمَاءِ فَلَمْ يَنْفُذْ عِتْقُهُ، كَالْمَرِيضِ الَّذِي يَسْتَغْرِقُ دَيْنُهُ مَالَهُ (إلَّا بِتَدْبِيرٍ) وَوَصِيَّةٍ لِأَنَّ تَأْثِيرَهُمَا بَعْدَ زَوَالِ الْحَجْرِ بِالْمَوْتِ وَإِنَّمَا يَظْهَرُ أَثَرُ ذَلِكَ إذَا مَاتَ عَنْ مَالٍ يَخْرُجُ الْمُدَبَّرُ أَوْ الْمُوصَى بِهِ مِنْ ثُلُثِهِ بَعْدَ وَفَاءِ دَيْنِهِ.
(وَلَهُ) أَيْ
لِلْمُفْلِسِ (رَدُّ مَا كَانَ اشْتَرَاهُ قَبْلَ الْحَجْرِ) عَلَيْهِ (بِعَيْبٍ أَوْ خِيَارِ) شَرْطٍ أَوْ غَبْنٍ أَوْ تَدْلِيسٍ وَنَحْوِهِ (غَيْرَ مُتَقَيِّدٍ بِالْأَحَظِّ) لِأَنَّ ذَلِكَ إتْمَامٌ لِتَصَرُّفٍ سَابِقٍ حَجْرَهُ فَلَمْ يُمْنَعْ مِنْهُ كَاسْتِرْدَادِ وَدِيعَةٍ أَوْدَعَهَا قَبْلَ الْحَجْرِ.
(وَيُكَفِّرُ هُوَ) أَيْ الْمُفْلِسُ (وَ) يُكَفِّرُ (سَفِيهٌ بِصَوْمٍ) لِأَنَّ إخْرَاجَ الْكَفَّارَةِ مِنْ مَالِ الْمُفْلِسِ يَضُرُّ بِغُرَمَائِهِ، وَمِنْ مَالِ السَّفِيهِ يَضُرُّ بِهِ وَلِلْمَالِ الْمُكَفَّرِ بِهِ بَدَلٌ وَهُوَ الصَّوْمُ فَرَجَعَ إلَيْهِ كَمَا لَوْ وَجَبَتْ الْكَفَّارَةُ عَلَى مَنْ لَا مَالَ لَهُ (فَإِنْ فُكَّ حَجْرُهُ قَبْلَ تَكْفِيرِهِ، وَقَدِرَ) عَلَى الْمَالِ (كَفَّرَ بِغَيْرِهِ) أَيْ غَيْرِ الصَّوْمِ، وَهُوَ الْعِتْقُ فِي كَفَّارَةِ التَّرْتِيبِ، كَمُوسِرٍ لَمْ يُحْجَرْ عَلَيْهِ قَبْلَ ذَلِكَ وَلَعَلَّ الْمُرَادَ: أَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ التَّكْفِيرُ بِغَيْرِ الصَّوْمِ، لِأَنَّهُ يَجِبُ، لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي الْكَفَّارَاتِ وَقْتُ الْوُجُوبِ عَلَى الْمَذْهَبِ، كَمَا يَأْتِي فِي الظِّهَارِ.
(فَإِنْ كَانَ الْمُفْلِسُ صَانِعًا، كَالْقَصَّارِ وَالْحَائِكِ فِي يَدِهِ مَتَاعٌ فَأَقَرَّ) الْمُفْلِسُ (بِهِ لِأَرْبَابِهِ لَمْ يُقْبَلْ) إقْرَارُهُ لِأَنَّهُ مُتَّهَمٌ (وَتُبَاعُ الْعَيْنُ الَّتِي فِي يَدِهِ وَتُقَسَّمُ بَيْنَ الْغُرَمَاءِ) كَسَائِرِ مَالِهِ (وَتَكُونُ قِيمَتُهَا) أَيْ الْعَيْنِ الْمُقَرِّ بِهَا (وَاجِبَةً عَلَى الْمُفْلِسِ إذَا قَدِرَ عَلَيْهَا) بَعْدَ فَكِّ الْحَجْرِ عَنْهُ مُؤَاخَذَةً لَهُ بِإِقْرَارِهِ.
وَإِنْ بَاعَ مَالَهُ لِغُرَمَائِهِ أَوْ بَعْضِهِمْ وَلَوْ بِكُلِّ الدَّيْنِ لَمْ يَصِحَّ.
(فَإِنْ تَوَجَّهَتْ عَلَى الْمُفْلِسِ يَمِينٌ) بِأَنْ ادَّعَى عَلَيْهِ بِشَيْءٍ فَأَنْكَرَ، فَطَلَبَ الْخَصْمُ يَمِينَهُ (فَنَكَلَ عَنْهَا فَقُضِيَ عَلَيْهِ) بِالنُّكُولِ (فَكَإِقْرَارِهِ، يَلْزَمُ فِي حَقِّهِ) فَيُتْبَعُ بِهِ بَعْدَ فَكِّ الْحَجْرِ عَنْهُ (دُونَ الْغُرَمَاءِ) فَلَا يُشَارِكُهُمْ، لِلتُّهْمَةِ.
(وَإِنْ تَصَرَّفَ) الْمُفْلِسُ (فِي ذِمَّتِهِ بِشِرَاءٍ أَوْ ضَمَانٍ أَوْ إقْرَارٍ صَحَّ) تَصَرُّفُهُ (وَيُتْبَعُ بِهِ) أَيْ بِمَا لَزِمَهُ مِنْ ثَمَنِ مَبِيعٍ، أَوْ ضَمَانٍ أَوْ إقْرَارٍ (بَعْدَ فَكِّ الْحَجْرِ عَنْهُ لِأَنَّ الْحَجْرَ مُتَعَلِّقٌ بِمَالِهِ) لِحَقِّ الْغُرَمَاءِ (لَا بِذِمَّتِهِ) بِخِلَافِ السَّفِيهِ وَنَحْوِهِ.
(وَلَا يُشَارِكُونَ) أَيْ غُرَمَاءُ الدَّيْنِ الَّذِي تَعَلَّقَ بِذِمَّتِهِ، مِنْ ثَمَنِ مَبِيعٍ أَوْ قَرْضٍ أَوْ ضَمَانٍ وَنَحْوِهِ أَوْ إقْرَارٍ (غُرَمَاءَهُ قَبْلَ الْحَجْرِ عَلَيْهِ سَوَاءٌ نُسِبَ مَا أَقَرَّ بِهِ إلَى مَا قَبْلَ الْحَجْرِ أَوْ بَعْدَهُ) بِأَنْ قَالَ أَخَذْتُ مِنْهُ كَذَا قَبْلَ الْحَجْرِ أَوْ بَعْدَهُ، أَوْ أَطْلَقَ (وَسَوَاءٌ عَلِمَ مَنْ عَامَلَهُ بَعْدَ الْحَجْرِ أَنَّهُ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ أَمْ لَا) لِأَنَّ مَنْ عَلِمَ فَلَسَهُ ثُمَّ عَامَلَهُ فَقَدْ رَضِيَ بِالتَّأْخِيرِ وَمَنْ لَمْ يَعْلَمْ فَقَدْ فَرَّطَ.
(وَإِنْ ثَبَتَ عَلَيْهِ) أَيْ الْمُفْلِسِ (حَقٌّ) لَزِمَهُ قَبْلَ الْحَجْرِ (بِبَيِّنَةٍ شَارَكَ صَاحِبُهُ الْغُرَمَاءَ) كَمَا لَوْ شَهِدَتْ بِهِ قَبْلَ الْحَجْرِ.
(وَإِنْ جَنَى) الْمُفْلِسُ (جِنَايَةً مُوجِبَةً لِلْمَالِ شَارَكَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ الْغُرَمَاءَ) بِأَرْشِ الْجِنَايَةِ لِأَنَّهُ حَقٌّ ثَبَتَ عَلَى الْجَانِي بِغَيْرِ اخْتِيَارِ مَنْ لَهُ الْحَقُّ وَلَمْ يَرْضَ بِتَأْخِيرِهِ كَمَا قَبْلَ الْحَجْرِ.
(وَإِنْ كَانَتْ) الْجِنَايَةُ (مُوجِبَةً لِلْقِصَاصِ) كَالْعَمْدِ (فَعَفَا صَاحِبُهَا إلَى مَالٍ أَوْ صَالَحَهُ