الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَرْضَ ذَلِكَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ وَأَقَرَّهَا فِي أَيْدِي أَرْبَابِهَا بِالْخَرَاجِ الَّذِي ضَرَبَهُ أُجْرَةً لَهَا كُلَّ عَامٍ وَلَمْ يُقَدِّرْ مُدَّتَهَا لِعُمُومِ الْمَصْلَحَةِ فِيهَا.
[أَرْكَانُ الْإِجَارَةِ]
وَأَرْكَانُ الْإِجَارَةِ خَمْسَةٌ: الْمُتَعَاقِدَانِ وَالْعِوَضَانِ وَالصِّيغَةُ (وَهِيَ) أَيْ الْإِجَارَةُ (وَالْمُسَاقَاةُ وَالْمُزَارَعَةُ وَالْعَرَايَا وَالشُّفْعَةُ وَالْكِتَابَةُ وَنَحْوُهَا) كَالسَّلَمِ (مِنْ الرُّخَصِ الْمُبَاحَةِ الْمُسْتَقِرِّ حُكْمُهَا عَلَى وَفْقِ الْقِيَاسِ) قَالَ فِي الْفُرُوعِ:؛ لِأَنَّ مَنْ لَمْ يُخَصِّصْ الْعِلَّةَ لَا يُتَصَوَّرُ عِنْدَهُ مُخَالَفَةُ قِيَاسٍ صَحِيحٍ وَمَنْ خَصَّصَهَا، فَإِنَّمَا يَكُونُ الشَّيْءُ خِلَافَ الْقِيَاسِ إذَا كَانَ الْمُقْتَضَى لِلْحُكْمِ مَوْجُودًا فِيهِ، وَتَخَلَّفَ الْحُكْمُ عَنْهُ.
(وَلَا تَصِحُّ) الْإِجَارَةُ (إلَّا مِنْ جَائِزِ التَّصَرُّفِ) ؛ لِأَنَّهَا عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ كَالْبَيْعِ.
(وَتَنْعَقِدُ) الْإِجَارَةُ (بِلَفْظِ: آجَرْتُ وَمَا فِي مَعْنَاهَا) كَالْكِرَاءِ، سَوَاءٌ (أَضَافَهُ إلَى الْعَيْنِ نَحْوَ: آجَرْتُكَهَا أَوْ أَكْرَيْتُكَهَا، أَوْ) أَضَافَهُ (إلَى النَّفْعِ نَحْوُ) قَوْلِهِ (آجَرْتُكَ) نَفْعَ هَذَا الدَّارِ (أَوْ أَكْرَيْتُكَ) نَفْعَ هَذِهِ الدَّارِ (أَوْ مَلَّكْتُكَ نَفْعَهَا وَ) تَنْعَقِدُ أَيْضًا (بِلَفْظِ بَيْعٍ أَضَافَهُ إلَى النَّفْعِ نَحْوُ) قَوْلِ:(بِعْتُكَ نَفْعَهَا أَوْ) بِعْتُكَ (سُكْنَى الدَّارِ وَنَحْوِهِ، أَوْ أَطْلَقَ) ؛ لِأَنَّهَا بَيْعٌ فَانْعَقَدَتْ بِلَفْظِهِ كَالصَّرْفِ، قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: التَّحْقِيقُ أَنَّ الْمُتَعَاقِدَيْنِ إنْ عَرَفَا الْمَقْصُودَ انْعَقَدَتْ بِأَيِّ لَفْظٍ كَانَ مِنْ الْأَلْفَاظِ الَّتِي عَرَفَ بِهَا الْمُتَعَاقِدَانِ مَقْصُودَهُمَا وَهَذَا عَامٌّ فِي جَمِيعِ الْعُقُودِ فَإِنَّ الشَّارِعَ لَمْ يَحُدَّ حَدًّا لِأَلْفَاظِ الْعُقُودِ، بَلْ ذَكَرَهَا مُطْلَقَةً وَكَذَا قَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ فِي إعْلَامِ الْمُوَقِّعِينَ، وَصَحَّحَهُ فِي تَصْحِيحِ الْفُرُوعِ وَالنَّظْمِ.
وَقَالَ فِي الْمُنْتَهَى: وَبِلَفْظِ: بَيْعٍ إنْ لَمْ يُضَفْ إلَى الْعَيْنِ وَمَعْنَاهُ فِي التَّلْخِيصِ قَالَ: مُضَافًا إلَى النَّفْعِ، كَ بِعْتُكَ نَفْعَ هَذِهِ الدَّارِ شَهْرًا وَإِلَّا لَمْ يَصِحَّ، نَحْوَ بِعْتُكَ شَهْرًا.
(وَلَا تَصِحُّ) الْإِجَارَةُ (إلَّا بِشُرُوطٍ ثَلَاثَةٍ أَحَدُهَا: مَعْرِفَةُ الْمَنْفَعَةِ) .
؛ لِأَنَّهَا هِيَ الْمَعْقُودُ عَلَيْهَا فَاشْتُرِطَ الْعِلْمُ بِهَا كَالْمَبِيعِ وَمَعْرِفَتُهَا (إمَّا بِالْعُرْفِ) وَهُوَ مَا يَتَعَارَفُهُ النَّاسُ بَيْنَهُمْ (كَسُكْنَى الدَّارِ شَهْرًا) السُّكْنَى مُتَعَارَفَةٌ بَيْنَ النَّاسِ وَالتَّفَاوُتُ فِيهَا يَسِيرٌ فَلَمْ تَحْتَجْ إلَى ضَبْطِهِ.
(وَ) كَ (خِدْمَةِ الْآدَمِيِّ سَنَةً) ؛ لِأَنَّ الْخِدْمَةَ أَيْضًا مَعْلُومَةٌ بِالْعُرْفِ فَلَمْ تَحْتَجْ إلَى ضَبْطٍ كَالسُّكْنَى (فَيَخْدُمُهُ فِي الزَّمَنِ الَّذِي يَقْتَضِيه الْعُرْفُ) قَالَ فِي النَّوَادِرِ وَالرِّعَايَةِ: إنْ اسْتَأْجَرَهُ شَهْرًا يَخْدُمُ لَيْلًا وَنَهَارًا، فَإِنْ اسْتَأْجَرَهُ لِلْعَمَلِ اسْتَحَقَّهُ لَيْلًا انْتَهَى وَالْمُرَادُ مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ مِنْ اللَّيْلِ.
قَالَ فِي الْهِدَايَةِ: يَخْدُمُ مِنْ طُلُوعِ الشَّمْسِ إلَى غُرُوبِهَا، وَبِاللَّيْلِ مَا يَكُونُ مِنْ خِدْمَةِ أَوْسَاطِ النَّاسِ (فَإِذَا كَانَ لَهُمَا عُرْفٌ أَغْنَى عَنْ تَعْيِينِ النَّفْعِ وَ) عَنْ تَعْيِينِ (صِفَتِهِ وَيَنْصَرِفُ الْإِطْلَاقُ إلَيْهِ) أَيْ
إلَى الْعُرْفِ لِتَبَادُرِهِ إلَى الذِّهْنِ، (فَإِذَا كَانَ عُرْفُ الدَّارِ لِلسُّكْنَى) وَاكْتَرَاهَا فَلَهُ السُّكْنَى وَ (لَهُ وَضْعُ مَتَاعِهِ فِيهَا، وَيَتْرُكُ فِيهَا مِنْ الطَّعَامِ مَا جَرَتْ عَادَةُ السَّاكِنِ بِهِ) قَالَ فِي الْمُبْدِعِ: وَيَسْتَحِقُّ مَاءَ الْبِئْرِ تَبَعًا لِلدَّارِ فِي الْأَصَحِّ.
(وَلَهُ) أَيْ الْمُسْتَأْجِرِ (أَنْ يَأْذَنَ لِأَصْحَابِهِ وَأَضْيَافِهِ فِي الدُّخُولِ) بِهَا (وَالْمَبِيتِ فِيهَا) ؛ لِأَنَّهُ الْعَادَةُ.
وَقِيلَ لِأَحْمَدَ يَجِيءُ زُوَّارٌ عَلَيْهِ أَنْ يُخْبِرَ صَاحِبَ الْبَيْتِ بِهِمْ؟ قَالَ: رُبَّمَا كَثُرُوا أَرَى أَنْ يُخْبِرَ وَقَالَ إذَا كَانَ يَجِيئُهُ الْفَرْدُ لَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يُخْبِرَهُ.
(وَلَيْسَ لَهُ) أَيْ لِلسَّاكِنِ (أَنْ يَعْمَلَ فِيهَا حِدَادَةً وَلَا قِصَارَةً) ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ الْعُرْفَ وَأَيْضًا يَضُرُّ بِجُدْرَانِهَا (وَلَا) يَجْعَلُهَا (مَخْزَنًا لِلطَّعَامِ) ؛؛ لِأَنَّهُ يَضُرُّ بِهَا وَالْعُرْفُ لَا يَقْتَضِيهِ.
(وَلَا أَنْ يُسْكِنَهَا دَابَّةً) لِمَا تَقَدَّمَ قُلْتُ: إنْ لَمْ تَكُنْ قَرِينَةً كَالدَّارِ الْوَاسِعَةِ الَّتِي فِيهَا إسْطَبْلٌ مُعَدٌّ لِلدَّوَابِّ، عَمَلًا بِالْعُرْفِ (وَلَا يَدَعُ) الْمُسْتَأْجِرُ (فِيهَا رَمَادًا وَلَا تُرَابًا وَلَا زِبَالَةً وَنَحْوَهَا) مِمَّا يَضُرُّ بِهَا لِحَدِيثِ «لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ» (وَلَهُ) أَيْ الْمُسْتَأْجِرِ (إسْكَانُ ضَيْفٍ وَزَائِرٍ) ؛؛ لِأَنَّهُ مَلَكَ السُّكْنَى فَلَهُ اسْتِيفَاؤُهَا بِنَفْسِهِ وَبِمَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ.
(وَأَمَّا بِالْوَصْفِ، كَحَمْلِ زُبْرَةِ حَدِيدٍ وَزْنُهَا كَذَا إلَى مَوْضِعٍ مُعَيَّنٍ) فَلَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ الْوَزْنِ وَالْمَكَانِ الَّذِي يَحْمِلُ إلَيْهِ؛؛ لِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ إنَّمَا تُعْرَفُ بِذَلِكَ وَكَذَا كُلُّ مَحْمُولٍ.
(وَلَوْ كَانَ الْمَحْمُولُ كِتَابًا فَوَجَدَ) الْأَجِيرُ (الْمَحْمُولَ إلَيْهِ غَائِبًا) وَلَا وَكِيلَ لَهُ (فَلَهُ) أَيْ الْأَجِيرِ (الْأُجْرَةُ) الْمُسَمَّاةُ (لِذَهَابِهِ وَ) لَهُ أُجْرَةُ مِثْلِ (رَدِّهِ) ؛؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ سِوَى رَدِّهِ إلَّا تَضْيِيعَهُ.
وَقَدْ عَلِمَ أَنَّهُ لَا يَرْضَى تَضْيِيعَهُ فَيَتَعَيَّنَ رَدُّهُ.
(وَإِنْ وَجَدَهُ) أَيْ وَجَدَ الْأَجِيرُ الْمَحْمُولَ إلَيْهِ (مَيِّتًا فَفِي الرِّعَايَةِ وَهُوَ ظَاهِرُ التَّرْغِيبِ: لَهُ الْمُسَمَّى فَقَطْ وَيَرُدُّهُ) ؛ لِأَنَّهُ أَمَانَةٌ بِيَدِهِ وَلَعَلَّ الْفَرْقَ أَنَّ الْمَوْتَ لَيْسَ مِنْ فِعْلِ الْمَيِّتِ، بِخِلَافِ الْغَيْبَةِ، فَكَانَ الْبَاعِثُ مُفَرِّطًا بِعَدَمِ الِاحْتِيَاطِ.
(قَالَ أَحْمَدُ يَجُوزُ أَنْ يَسْتَأْجِرَ) الْأَجْنَبِيُّ (الْأَمَةَ وَالْحُرَّةَ لِلْخِدْمَةِ) ؛ لِأَنَّهَا مَنْفَعَةٌ مُبَاحَةٌ وَلَكِنْ يَصْرِفُ الْمُسْتَأْجِرُ وَجْهَهُ عَنْ النَّظَرِ لِلْحُرَّةِ (لَيْسَتْ الْأَمَةُ مِثْلَ الْحُرَّةِ) فَلَا يُبَاحُ لِلْمُسْتَأْجِرِ النَّظَرُ لِشَيْءٍ مِنْ الْحُرَّةِ بِخِلَافِ الْأَمَةِ، فَيَنْظُرُ مِنْهَا إلَى الْأَعْضَاءِ السِّتَّةِ، أَوْ إلَى مَا عَدَا عَوْرَةِ الصَّلَاةِ عَلَى مَا يَأْتِي فِي النِّكَاحِ، وَالْحَاصِلُ: أَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ لَهُمَا كَالْأَجْنَبِيِّ.
(وَلَا يَخْلُو) الْمُسْتَأْجِرُ (مَعَهَا) أَيْ الْحُرَّةِ (فِي بَيْتٍ) بَلْ وَلَا مَعَ الْأَمَةِ، كَمَا يَأْتِي فِي النِّكَاحِ (وَلَا يَنْظُرُ إلَيْهَا مُتَجَرِّدَةً، وَلَا إلَى شَعْرِهَا) الْمُتَّصِلِ؛ لِأَنَّهُ عَوْرَةٌ مِنْ الْحُرَّةِ بِخِلَافِ الْأَمَةِ.
(وَ) تَصِحُّ الْإِجَارَةُ (لِبِنَاءِ) دَارٍ وَنَحْوِهَا؛ لِأَنَّهُ نَفْعٌ مُبَاحٌ (وَيُقَدَّرُ) الْبِنَاءُ (بِالزَّمَانِ) (
كَيَوْمٍ أَوْ شَهْرٍ (وَإِنْ قُدِّرَ بِالْعَمَلِ) بِأَنْ اسْتَأْجَرَ لِبِنَاءِ حَائِطٍ (فَلَا بُدَّ مِنْ مَعْرِفَةِ مَوْضِعِهِ) أَيْ الْبِنَاءِ؛ (؛ لِأَنَّهُ يَخْتَلِفُ بِقُرْبِ الْمَاءِ وَسُهُولَةِ التُّرَابِ وَلَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ طُولِ الْحَائِطِ وَعَرْضِهِ وَسَمْكِهِ) بِفَتْحِ السِّينِ وَسُكُونِ الْمِيمِ أَيْ ثَخَانَتِهِ، وَهُوَ فِي الْحَائِطِ بِمَنْزِلَةِ الْعُمْقِ فِي غَيْرِ الْمُنْتَصِبِ ذَكَرَهُ فِي الْحَاشِيَةِ.
(وَآلَتِهِ) أَيْ الْبِنَاءِ (مِنْ طِينٍ وَلَبِنٍ وَآجُرٍّ، وَشِيدٍ) أَيْ جِيرٍ (وَغَيْرِ ذَلِكَ) كَالْجِصِّ؛؛ لِأَنَّ مَعْرِفَةَ الْمَنْفَعَةِ لَا تَحْصُلُ إلَّا بِذَلِكَ وَالْغَرَضُ يَخْتَلِفُ فَلَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِهِ.
(وَلَوْ اُسْتُؤْجِرَ لِحَفْرِ بِئْرٍ عَشَرَةُ أَذْرُعٍ طُولًا وَعَشَرَةُ أَذْرُعٍ عَرْضًا وَعَشَرَةُ أَذْرُعٍ عُمْقًا فَحَفَرَ) الْأَجِيرُ (خَمْسَةً طُولًا فِي خَمْسَةٍ عَرْضًا فِي خَمْسَةٍ عُمْقًا) وَأَرَدْتَ أَنْ تَعْرِفَ مَا يَسْتَحِقُّهُ مِنْ الْأُجْرَةِ الْمُسَمَّاةِ لَهُ (فَاضْرِبْ عَشَرَةً فِي عَشَرَةٍ تَبْلُغْ مِائَةً ثُمَّ اضْرِبْ الْمِائَةَ فِي عَشَرَةٍ تَبْلُغْ أَلْفًا) فَهِيَ الَّتِي اُسْتُؤْجِرَ لِحَفْرِهَا.
(وَاضْرِبْ خَمْسَةً فِي خَمْسَةٍ بِخَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ ثُمَّ اضْرِبْهَا فِي خَمْسَةٍ بِمِائَةٍ وَخَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ وَذَلِكَ) الَّذِي حَفَرَهُ وَإِذَا نَسَبْتَ ذَلِكَ إلَى الْأَلْفِ وَجَدْتَهُ (ثُمُنَ الْأَلْفِ فَلَهُ ثُمُنُ الْأَجْرِ هـ) .
؛ لِأَنَّهُ وَفَّى بِثُمُنِ الْعَمَلِ (إنْ وَجَبَ لَهُ شَيْءٌ) مِنْ الْأُجْرَةِ، بِأَنْ تَرَكَ الْعَمَلَ لِنَحْوِ صَخْرَةٍ مَنَعَتْهُ مِنْ الْحَفْرِ هَذَا قَوْلُ صَاحِبِ الرِّعَايَةِ وَيَأْتِي فِي الْبَابِ مَا يُقَابِلُهُ وَالْآتِي هُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ.
(وَإِنْ اسْتَأْجَرَهُ لِيَبْنِيَ لَهُ بِنَاءً مَعْلُومًا) كَحَائِطٍ مَوْصُوفَةٍ بِمَا تَقَدَّمَ (أَوْ) لِيَبْنِيَ لَهُ (فِي زَمَنٍ مَعْلُومٍ) كَيَوْمٍ أَوْ أُسْبُوعٍ (فَبَنَاهُ) الْأَجِيرُ (ثُمَّ سَقَطَ الْبِنَاءُ فَقَدْ وَفَّى) الْأَجِيرُ (مَا عَلَيْهِ وَاسْتَحَقَّ الْأُجْرَةَ) كَامِلَةً؛؛ لِأَنَّ سُقُوطَهُ لَيْسَ مِنْ فِعْلِهِ وَلَا تَفْرِيطِهِ هَذَا (إنْ لَمْ يَكُنْ سُقُوطُهُ مِنْ جِهَةِ الْعَامِلِ فَأَمَّا إنْ) كَانَ سُقُوطُهُ مِنْ جِهَتِهِ بِأَنْ (فَرَّطَ أَوْ بَنَاهُ مَحْلُولًا أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ فَسَقَطَ فَعَلَيْهِ إعَادَتُهُ وَغَرَامَةُ مَا تَلِفَ مِنْهُ) لِتَفْرِيطِهِ (وَإِنْ اسْتَأْجَرَهُ لِبِنَاءِ أَذْرُعٍ مَعْلُومَةٍ فَبَنَى بَعْضَهَا، ثُمَّ سَقَطَ) عَلَى أَيْ وَجْهٍ كَانَ (فَعَلَيْهِ إعَادَةُ مَا سَقَطَ وَ) عَلَيْهِ (تَمَامُ مَا وَقَعَتْ عَلَيْهِ الْإِجَارَةُ مِنْ الْأَذْرُعِ) مُطْلَقَا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُوَفِّ بِالْعَمَلِ، وَعَلَيْهِ غُرْمُ مَا تَلِفَ إنْ فَرَّطَ.
(وَيَصِحُّ الِاسْتِئْجَارُ لِتَطْيِينِ الْأَرْضِ وَالسُّطُوحِ وَالْحِيطَانِ وَ) الِاسْتِئْجَارُ (لِتَجْصِيصِهَا) وَنَحْوِهِ؛ لِأَنَّهُ مُبَاحٌ وَيُقَدَّرُ بِالزَّمَنِ (وَلَا يَصِحُّ الِاسْتِئْجَارُ عَلَى) ذَلِكَ إذَا قُدِّرَ بِ (عَمَلٍ مُعَيَّنٍ) بِأَنْ يَقُولَ: اسْتَأْجَرْتُكَ لِتَطْيِينِ هَذَا الْحَائِطِ، أَوْ تَجْصِيصِهَا (؛ لِأَنَّ الطِّينَ) أَوْ الْجِصَّ (يَخْتَلِفُ فِي الرِّقَّةِ وَالْغِلَظِ وَ) كَذَلِكَ (الْأَرْضُ مِنْهَا الْعَالِي وَالنَّازِلُ، وَكَذَلِكَ الْحِيطَانُ وَالسُّطُوحُ) مِنْهَا الْعَالِي وَالنَّازِلُ (فَلِذَلِكَ لَمْ يَصِحَّ) الِاسْتِئْجَارُ لِذَلِكَ (إلَّا عَلَى مُدَّةٍ) مَعْلُومَةٍ، كَيَوْمٍ (
أَوْ شَهْرٍ.
(وَ) تَصِحُّ (إجَارَةُ أَرْضٍ مُعَيَّنَةٍ) بِرُؤْيَةٍ؛ لِأَنَّ الْأَرْضَ لَا تَنْضَبِطُ بِالصِّفَةِ (لِزَرْعِ كَذَا) مِنْ بُرٍّ أَوْ قُطْنٍ وَنَحْوِهِمَا (أَوْ غَرْسٍ) مَعْلُومٍ كَمِشْمِشٍ (أَوْ بِنَاءٍ مَعْلُومٍ) كَدَارٍ وَصَفَهَا بِلَا خِلَافٍ (أَوْ) إجَارَتُهَا (لِزَرْعِ مَا شَاءَ أَوْ لِغَرْسِ مَا شَاءَ أَوْ لِبِنَاءِ مَا شَاءَ كَ آجَرْتُكَ لِتَزْرَعَ مَا شِئْتَ أَوْ) أَجَرَهَا (لِغَرْسٍ وَيَسْكُتُ) أَوْ لِبِنَاءٍ أَوْ زَرْعٍ وَيَسْكُتُ (أَوْ آجَرَهُ الْأَرْضَ وَأَطْلَقَ) بِأَنْ لَمْ يُعَيِّنْ زَرْعًا وَلَا غَرْسًا وَلَا بِنَاءً (وَهِيَ تَصْلُحُ لِلزَّرْعِ وَغَيْرِهِ) فَتَصِحُّ الْإِجَارَةُ فِي جَمِيعِ هَذِهِ الصُّوَرِ، لِلْعِلْمِ بِالْمَعْقُودِ عَلَيْهِ قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: إنْ أَطْلَقَ، أَوْ قَالَ: انْتَفِعْ بِهَا مَا شِئْتَ فَلَهُ زَرْعٌ وَغَرْسٌ وَبِنَاءٌ (وَيَأْتِي لَهُ تَتِمَّةٌ) فِي الْبَابِ.
(وَيَجُوزُ الِاسْتِئْجَارِ لَضَرْبِ اللَّبِنِ عَلَى مُدَّةٍ) كَيَوْمٍ أَوْ شَهْرٍ (أَوْ) عَلَى (عَمَلٍ) مَعْلُومٍ (فَإِنْ قَدَّرَهُ بِالْعَمَلِ احْتَاجَ إلَى تَعْيِينِ عَدَدِهِ، وَ) إلَى (ذِكْرِ قَالَبِهِ وَمَوْضِعِ الضَّرْبِ) ؛؛ لِأَنَّهُ يَخْتَلِفُ بِاعْتِبَارِ التَّرْكِيبِ وَالْمَاءِ (فَإِنْ كَانَ هُنَاكَ قَالَبٌ مَعْرُوفٌ لَا يَخْتَلِفُ، جَازَ) كَمَا لَوْ كَانَ الْمِكْيَالُ مَعْرُوفًا.
(وَإِنْ قَدَّرَهُ بِالطُّولِ وَالْعَرْضِ وَالسَّمْكِ جَازَ) ؛ لِانْتِفَاءِ الْغَرَرِ (وَلَا يُكْتَفَى بِمُشَاهَدَةِ قَالَبِ الضَّرْبِ إذَا لَمْ يَكُنْ مَعْرُوفًا) ؛؛ لِأَنَّ فِيهِ غَرَرًا وَقَدْ يَتْلَفُ كَالسَّلَمِ، (وَلَا يَلْزَمُهُ) أَيْ الْأَجِيرَ (إقَامَةُ اللَّبِنِ لِيَجِفَّ) ؛؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا اُسْتُؤْجِرَ لِلضَّرْبِ لَا لِلْإِقَامَةِ (مَا لَمْ يَكُنْ شَرْطٌ أَوْ عُرْفٌ) فَيُرْجَعَ إلَيْهِ وَظَاهِرُ مَا قَدَّمَهُ فِي الْمُبْدِعِ وَشَرْحِ الْمُنْتَهَى: لَا يَلْزَمُهُ مَعَ عُرْفٍ (وَمِثْلُهُ) أَيْ إقَامَةُ اللَّبِنِ (إخْرَاجُ الْآجُرِّ مِنْ التَّنُّورِ الَّذِي اُسْتُؤْجِرَ لِشَيِّهِ) ، فَلَا يَلْزَمُهُ إنْ لَمْ يَكُنْ شَرْطٌ أَوْ عُرْفٌ لِمَا تَقَدَّمَ.
(وَإِنْ اُسْتُؤْجِرَ لِحَفْرِ قَبْرٍ لَزِمَهُ رَدُّ تُرَابِهِ) أَيْ الْقَبْرِ (عَلَى الْمَيِّتِ؛؛ لِأَنَّهُ الْعُرْفُ، وَلَا) يَلْزَمُهُ (تَطْيِينُهُ) ؛ (؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَشْرُوعٍ) وَظَاهِرُهُ، وَلَوْ كَانَ الْعُرْفُ.
(وَإِنْ اسْتَأْجَرَ لِلرُّكُوبِ ذَكَرَ) الْمُسْتَأْجِرُ (الْمَرْكُوبَ فَرَسًا أَوْ بَعِيرًا وَنَحْوَهُ) كَحِمَارٍ (كَمَبِيعٍ) إنْ لَمْ يَكُنْ مَرْئِيًّا (وَ) ذَكَرَ (مَا يُرْكَبُ بِهِ مِنْ سَرْجٍ وَغَيْرِهِ) ؛؛ لِأَنَّ ضَرَرَ الْمَرْكُوبِ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِهِ.
(وَ) ذَكَرَ (كَيْفِيَّةَ سَيْرِهِ مِنْ هِمْلَاجٍ وَغَيْرِهِ) ؛؛ لِأَنَّ الْغَرَضَ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِهِ وَالْهِمْلَاجُ بِكَسْرِ الْهَاءِ مِنْ الْهَمْلَجَةِ مِشْيَةٌ مَعْرُوفَةٌ (وَلَا يُشْتَرَطُ ذِكْرُ ذُكُورِيَّتِهِ) أَيْ الْمَرْكُوبِ (وَأُنُوثِيَّتِهِ وَنَوْعِهِ) فَلَا يُشْتَرَطُ فِي الْفَرَسِ أَنْ يَقُولَ: حَجَرٌ أَوْ حِصَانٌ، وَلَا عَرَبِيٌّ أَوْ بِرْذَوْنُ وَنَحْوُهُ؛ لِأَنَّ التَّفَاوُتَ بَيْنَ ذَلِكَ يَسِيرٌ (وَلَا بُدَّ مِنْ مَعْرِفَةِ رَاكِبٍ بِرُؤْيَةٍ أَوْ صِفَةٍ كَمَبِيعٍ) ؛ لِاخْتِلَافِهِ بِالطُّولِ وَالسِّمَنِ وَضِدِّهِمَا.
(وَيُشْتَرَطُ) أَيْضًا (مَعْرِفَةُ تَوَابِعِهِ) أَيْ الرَّاكِبِ (الْعُرْفِيَّةِ، كَزَادٍ وَأَثَاثٍ مِنْ الْأَغْطِيَةِ (