الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[فَصْلٌ يَلْزَمُ الْعَامِلَ مَا فِيهِ صَلَاحُ الثَّمَرَةِ]
(فَصْلٌ وَيَلْزَمُ الْعَامِلَ) فِي مُسَاقَاةٍ وَمُزَارَعَةٍ (مَا فِيهِ صَلَاحُ الثَّمَرَةِ وَالزَّرْعِ وَرِيَادَتُهُمَا مِنْ السَّقْيِ) .
بِمَاءٍ حَاصِلٍ لَا يَحْتَاجُ إلَى حَفْرِ بِئْرٍ وَلَا إلَى إدَارَةِ دُولَابٍ وَقَوْلُهُ (وَالِاسْتِقَاءِ) أَيْ إخْرَاجِ الْمَاءِ مِنْ بِئْرٍ أَوْ نَحْوِهَا بِإِدَارَةِ الدُّولَابِ لِذَلِكَ، لَا حَفْرِ الْبِئْرِ أَوْ تَحْصِيلِ الْمَاءِ بِنَحْوِ شِرَاءٍ فَإِنَّهُ عَلَى الْمَالِكِ كَمَا يَأْتِي.
(وَالْحَرْثِ وَآلَتِهِ وَبَقَرِهِ وَالزِّبَالِ) بِكَسْرِ الزَّايِ: تَخْفِيفِ الْكَرْمِ مِنْ الْأَغْصَانِ وَكَأَنَّهُ مُوَلَّدٌ قَالَهُ فِي الْحَاشِيَةِ (وَقَطْعُ مَا يَحْتَاجُ إلَى قَطْعِهِ) مِنْ نَحْوِ جَرِيدِ النَّخْلِ (وَتَسْوِيَةِ الثَّمَرَةِ وَإِصْلَاحِ الْحُفَرِ الَّتِي يَجْتَمِعُ فِيهَا الْمَاءُ عَلَى أُصُولِ النَّخْلِ وَإِدَارَةِ الدُّولَابِ، وَالتَّلْقِيحِ وَالتَّشْمِيسِ، وَإِصْلَاحِ طُرُقِ الْمَاءِ وَ) إصْلَاحِ.
(مَوْضِعِ التَّشْمِيسِ، وَقَطْعِ الْحَشِيشِ الْمُضِرِّ) بِالشَّجَرِ أَوْ الزَّرْعِ (مِنْ شَوْكٍ وَغَيْرِهِ وَقَطْعِ الشَّجَرِ الْيَابِسِ، وَآلَةُ ذَلِكَ كَالْفَأْسِ وَنَحْوِهِ) كَالْمِنْجَلِ (وَتَفْرِيقِ الزِّبْلِ) وَالسِّبَاخِ.
(وَنَقْلِ الثَّمَرِ وَنَحْوِهِ إلَى جَرِينٍ وَتَجْفِيفِهِ وَحِفْظِهِ) أَيْ الثَّمَرِ (فِي الشَّجَرَةِ وَفِي الْجَرِينِ إلَى قَسْمِهِ) ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ فِيهِ صَلَاحُ الزَّرْعِ وَزِيَادَتُهُمَا فَهُوَ لَازِمٌ لِلْعَامِلِ بِإِطْلَاقِ الْعَقْدِ (وَكَذَا الْجُذَاذُ إنْ شَرَطَ عَلَيْهِ) وَصَحَّ شَرْطُهُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُخِلُّ بِمَصْلَحَةِ الْعَقْدِ فَصَحَّ كَتَأْجِيلِ الثَّمَنِ، وَشَرْطِ الرَّهْنِ وَالضَّمِينِ فِي الْبَيْعِ.
(وَأَلَّا) يَشْتَرِطَهُ الْعَامِلُ (فَ) هُوَ (عَلَيْهِمَا بِقَدْرِ حِصَّتَيْهِمَا) ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَكُونُ بَعْدَ تَكَامُلِ الثَّمَرَةِ وَانْقِضَاءِ الْمُعَامَلَةِ فَكَانَ عَلَيْهِمَا، كَنَقْلِ الثَّمَرَةِ إلَى الْمَنْزِلِ وَهَكَذَا عَلَّلُوهُ وَفِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّ نَقْلَ الثَّمَرَةِ إلَى الْجَرِينِ وَالتَّشْمِيسَ وَالْحِفْظَ وَنَحْوَهُ، تَقَدَّمَ أَنَّهُ عَلَى الْعَامِلِ مَعَ أَنَّهُ بَعْدَ الْجُذَاذِ.
(فَإِنْ شَرَطَ الْعَامِلُ أَنَّ أَجْرَ الْأُجَرَاءِ الَّذِينَ يَحْتَاجُ إلَى الِاسْتِعَانَةِ بِهِمْ) يُؤْخَذُ مِنْ ثَمَنِ (الثَّمَرَةِ، وَقَدَّرَ) الْعَامِلُ (الْأُجْرَةَ أَوْ لَمْ يُقَدِّرْهَا لَمْ يَصِحَّ) ذَلِكَ (كَمَا لَوْ شَرَطَ لِنَفْسِهِ أَجْرَ عَمَلِهِ؛ لِأَنَّ الْعَامِلَ عَلَيْهِ) فَلَا يَصِحُّ شَرْطُ أَخْذِ عِوَضِهِ.
(وَ) يَجِبُ (عَلَى رَبِّ الْمَالِ مَا فِيهِ حِفْظُ الْأَصْلِ مِنْ شَدِّ الْحِيطَانِ وَمِثْلِهِ) أَيْ مِثْلِ مَا يَحْفَظُ الْأَصْلَ كَتَحْصِيلِ (السِّبَاخِ قَالَهُ الشَّيْخُ وَإِجْرَاءِ الْأَنْهَارِ، وَحَفَرِ الْبِئْر وَالدُّولَابِ وَمَا يُدِيرُهُ) أَيْ الدُّولَابَ (مِنْ آلَةٍ وَدَابَّةٍ وَشِرَاءِ الْمَاءِ، وَ) شِرَاءِ (مَا يُلَقِّحُ بِهِ وَتَحْصِيلِ الزِّبْلِ.
وَقَالَ الْمُوَفَّقُ وَغَيْرُهُ وَالْأَوْلَى أَنَّ الْبَقَرَ الَّتِي تُدِيرُ الدُّولَابَ عَلَى الْعَامِلِ، كَبَقَرِ الْحَرْثِ) .
وَهُوَ قَوْلُ ابْنُ أَبِي مُوسَى (فَإِنْ شَرَطَ) فِي مُسَاقَاةٍ أَوْ مُزَارَعَةٍ (عَلَى أَحَدِهِمَا) أَيْ الْمَالِكِ أَوْ الْعَامِلِ (مَا يَلْزَمُ الْآخَرَ وَبَعْضَهُ
فَسَدَ الشَّرْطُ وَالْعَقْدُ) ؛ لِأَنَّهُ شَرْطٌ يُخَالِفُ مُقْتَضَى الْعَقْدِ فَأَفْسَدَهُ، كَالْمُضَارَبَةِ إذَا شُرِطَ الْعَمَلُ فِيهَا عَلَى رَبِّ الْمَالِ.
(وَحُكْمُ الْعَامِلِ) فِي مُسَاقَاةٍ وَمُزَارَعَةٍ (حُكْمُ الْمُضَارِبِ فِيمَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ وَ) فِي (مَا يُرَدُّ) قَوْلُهُ فِيهِ؛ لِأَنَّ رَبَّ الْمَالِ ائْتَمَنَهُ بِدَفْعِ مَالِهِ (فَإِنْ اتَّهَمَ) رَبُّ الْمَالِ الْعَامِلَ بِخِيَانَةٍ (حَلَفَ) الْعَامِلُ، لِاحْتِمَالِ صِدْقِ الْمُدَّعِي (وَإِنْ ثَبَتَتْ خِيَانَتُهُ) قَبْلَ تَمَامِ الْعَمَلِ بِإِقْرَارِهِ أَوْ بِبَيِّنَةٍ أَوْ نُكُولِهِ (ضُمَّ إلَيْهِ مَنْ يُشَارِكُهُ كَالْوَصِيِّ إذَا ثَبَتَتْ خِيَانَتُهُ) تَحْصِيلًا لِلْغَرَضَيْنِ.
(فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ حِفْظُهُ) أَيْ الْمَالِ مِنْ الْعَامِلِ (اُسْتُؤْجِرَ مِنْ مَالِهِ مَنْ يَعْمَلُ الْعَمَلَ وَيَقُومُ مَقَامَهُ وَيُزِيلُ يَدَهُ) لِخِيَانَتِهِ (فَإِنْ عَجَزَ) الْعَامِلُ (عَنْ الْعَمَلِ لِضَعْفِهِ مَعَ أَمَانَتِهِ ضُمَّ إلَيْهِ قَوِيٌّ) أَمِينٌ (وَلَا تُنْزَعُ يَدُهُ) ؛ لِأَنَّ الْعَمَل مُسْتَحَقٌّ عَلَيْهِ، وَلَا ضَرَرَ فِي بَقَاءِ يَدِهِ (فَإِنْ عَجَزَ) الْعَامِلُ (بِالْكُلِّيَّةِ أَقَامَ) الْعَامِلُ (مَقَامَهُ مَنْ يَعْمَلُ، وَالْأُجْرَةُ عَلَيْهِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ) ؛ لِأَنَّ عَلَيْهِ تَوْفِيَةَ الْعَمَلِ، وَهَذَا مِنْ تَوْفِيَتِهِ.
(وَإِذَا ظَهَرَتْ الثَّمَرَةُ ثُمَّ تَلِفَتْ إلَّا وَاحِدَةً فَهِيَ بَيْنَهُمَا) عَلَى مَا شَرَطَا كَالْكُلِّ (وَيَلْزَمُ مَنْ بَلَغَتْ حِصَّتُهُ مِنْهُمَا نِصَابًا زَكَاةٌ) ؛ لِأَنَّ الْعَامِلَ يَمْلِكُ حِصَّتَهُ بِالظُّهُورِ، كَرَبِّ الْمَالِ.
(وَإِنْ سَاقَاهُ عَلَى أَرْضٍ خَرَاجِيَّةً فَالْخَرَاجُ عَلَى رَبِّ الْمَالِ) ؛ لِأَنَّهُ يَجِبُ عَلَى رَقَبَةِ الْأَرْضِ سَوَاءٌ أَثْمَرَتْ الشَّجَرُ أَوْ لَمْ تُثْمِرْ، زَرَعَ الْأَرْض أَوْ لَمْ يَزْرَعْهَا.
(وَإِذَا سَاقَى) رَبُّ الْمَالِ (رَجُلًا أَوْ زَارَعَهُ فَعَامَلَ الْعَامِلُ غَيْرَهُ عَلَى الْأَرْضِ أَوْ الشَّجَرِ بِغَيْرِ إذْنِ رَبِّهِ لَمْ يَجُزْ) كَالْمُضَارِبِ لَا يُضَارِبُ بِالْمَالِ (فَإِنْ اسْتَأْجَرَ أَرْضًا فَلَهُ أَنْ يُزَارِعَ فِيهَا) ؛ لِأَنَّ مَنَافِعَهَا صَارَتْ مُسْتَحَقَّةً لَهُ فَمَلَكَ الْمُزَارَعَةَ فِيهِ كَالْمَالِكِ.
(وَالْأُجْرَةُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ دُونَ الْمُزَارِعِ) لِمَا تَقَدَّمَ فِي الْخَرَاجِ (وَكَذَلِكَ يَجُوزُ لِمَنْ فِي يَدِهِ أَرْضٌ خَرَاجِيَّةٌ أَنْ يُزَارِعَ فِيهَا وَالْخَرَاجُ عَلَيْهِ دُونَ الْمُزَارِعُ) كَمَا مَرَّ فِي الْمُسَاقَاةِ.
(وَلِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ أَنْ يُزَارِعَ فِي الْوَقْفِ وَيُسَاقِيَ عَلَى شَجَرِهِ) كَالْمَالِكِ وَكَذَلِكَ يَنْبَغِي فِي نَاظِرِ الْوَقْفِ إذَا رَآهُ مَصْلَحَةً.
(وَيُتَّبَعُ فِي الْكُلَفِ السُّلْطَانِيَّةِ) أَيْ الَّتِي يَطْلُبُهَا السُّلْطَانُ (الْعُرْفُ مَا لَمْ يَكُنْ شَرْطٌ) فَيُعْمَلُ بِمُقْتَضَاهُ فَمَا عُرِفَ أَخْذُهُ مِنْ رَبِّ الْمَالِ كَانَ عَلَيْهِ وَمَا عُرِفَ أَخْذُهُ مِنْ الْعَامِلِ كَانَ عَلَيْهِ (وَمَا طُلِبَ مِنْ قَرْيَةٍ مِنْ كُلَفٍ سُلْطَانِيَّةٍ وَنَحْوِهَا فَعَلَى قَدْرِ الْأَمْوَالِ فَإِنْ وُضِعَ عَلَى الزَّرْعِ فَعَلَى رَبِّهِ أَوْ) وُضِعَ (عَلَى الْعَقَارِ فَعَلَى رَبِّهِ، مَا لَمْ يَشْرِطْ عَلَى مُسْتَأْجِرٍ، وَإِنْ وُضِعَ مُطْلَقًا فَالْعَادَةُ) قَالَهُ الشَّيْخُ وَقَالَ: وَلِمَنْ لَهُ الْوِلَايَةُ عَلَى الْمَالِ أَنْ يَصْرِفَ فِيمَا يَخُصُّهُ مِنْ الْكُلَفِ، كَنَاظِرِ الْوَقْفِ وَالْوَصِيِّ وَالْمُضَارِبِ وَالْوَكِيلِ قَالَ وَمَنْ لَمْ يَخْلُصْ مَالُ غَيْرِهِ مِنْ التَّلَفِ إلَّا بِمَا أَدَّى عَنْهُ رَجَعَ بِهِ فِي أَظْهَرِ قَوْلَيْ الْعُلَمَاءِ.
(وَيُعْتَبَرُ) فِي مُزَارَعَةٍ (مَعْرِفَةُ