الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَخْذُ دُونَ مَا وَصَفَ، وَلَا أَخْذُ نَوْعٍ آخَرَ لِأَنَّهُ غَيْرُ الْمُسْلَمِ فِيهِ وَلَا يُجْبَرُ عَلَى إسْقَاطِ حَقِّهِ.
(وَإِنْ جَاءَهُ) الْمُسْلَمُ إلَيْهِ (بِجِنْسٍ آخَرَ) بِأَنْ أَسْلَمَ فِي بُرٍّ فَجَاءَهُ بِأُرْزٍ، أَوْ شَعِيرٍ (لَمْ يَجُزْ لَهُ أَخْذُهُ) لِحَدِيثِ «مَنْ أَسْلَمَ فِي شَيْءٍ فَلَا يَصْرِفْهُ إلَى غَيْرِهِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَهْ.
(وَ) إنْ جَاءَهُ ب (أَجْوَدَ) مِمَّا وَصَفَ لَهُ (مُنْهُ مِنْ نَوْعِهِ) أَيْ نَوْعِ مَا أَسْلَمَ فِيهِ (لَزِمَهُ قَبُولُهُ) لِأَنَّهُ جَاءَهُ بِمَا تَنَاوَلَهُ الْعَقْدُ وَزِيَادَةً تَنْفَعُهُ قَالَ فِي الْمُبْدِعِ: وَظَاهِرُهُ وَلَوْ تَضَرَّرَ انْتَهَى فَإِنْ كَانَ مِنْ نَوْعٍ آخَرَ لَمْ يَلْزَمْهُ (فَإِنْ قَالَ خُذْهُ) أَيْ الْأَجْوَدَ (وَزِدْنِي دِرْهَمًا لَمْ يَجُزْ) لِأَنَّ الْجَوْدَةَ صِفَةٌ فَلَا يَجُوزُ إفْرَادُهَا بِالْعَقْدِ (وَإِنْ جَاءَهُ بِزِيَادَةٍ فِي الْقَدْرِ، فَقَالَ ذَلِكَ) أَيْ خُذْهُ وَزِدْنِي دِرْهَمًا (صَحَّ) ذَلِكَ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ هُنَا يَصِحُّ إفْرَادُهَا بِالْبَيْعِ.
(وَإِنْ) قَبَضَ الْمُسْلَمَ فِيهِ وَ (وَجَدَ) بِهِ (عَيْبًا فَلَهُ إمْسَاكُهُ مَعَ أَرْشِهِ أَوْ رَدُّهُ) كَسَائِرِ الْمَعِيبَاتِ.
(وَيَضْبِطُ الثِّيَابَ) إذَا أَسْلَمَ فِيهَا (فَيَقُولُ: كَتَّانٌ أَوْ قُطْنٌ) أَوْ إبْرَيْسِمَ (وَالْبَلَدُ وَالطُّولُ وَالْعَرْضُ وَالصَّفَاقَةُ وَالرِّقَّةُ وَالْغِلَظَةُ وَالنُّعُومَةُ وَالْخُشُونَةُ وَلَا يَذْكُرُ الْوَزْنَ فَإِنْ ذَكَرَهُ لَمْ يَصِحَّ) السَّلَمُ لِنُدْرَةِ جَمْعِ الْأَوْصَافِ مَعَ الْوَزْنِ.
(وَإِنْ ذَكَرَ) فِي الْوَصْفِ (الْخَامَ وَالْمَقْصُورَ فَلَهُ شَرْطُهُ وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْهُ جَازَ) لِأَنَّ الثَّمَنَ لَا يَخْتَلِفُ بِذَلِكَ اخْتِلَافًا ظَاهِرًا (وَلَهُ خَامٌ) لِأَنَّهُ الْأَصْلُ.
(وَإِنْ ذَكَرَ) فِي وَصْفِ الثَّوْبِ (مَغْسُولًا أَوْ لَبِيسًا لَمْ يَصِحَّ) السَّلَمُ لِأَنَّ اللِّبْسَ مُخْتَلِفٌ وَلَا يَنْضَبِطُ (وَإِنْ أَسْلَمَ فِي مَصْبُوغٍ مِمَّا يُصْبَغُ غَزْلُهُ صَحَّ) السَّلَمُ لِأَنَّهُ مَضْبُوطٌ (وَإِنْ كَانَ) الْمَصْبُوغُ (مِمَّا يُصْبَغُ بَعْدَ نَسْجِهِ لَمْ يَصِحَّ) السَّلَمُ فِيهِ لِأَنَّ الصَّبْغَ لَا يَنْضَبِطُ وَلِأَنَّ صَبْغَ الثَّوْبِ يَمْنَعُ الْوُقُوفَ عَلَى نُعُومَتِهِ وَخُشُونَتِهِ.
(وَإِنْ أَسْلَمَ فِي ثَوْبٍ مُخْتَلِفِ الْغَزْلِ) أَيْ مِنْ نَوْعَيْنِ فَأَكْثَرَ (كَقُطْنٍ وَكَتَّانٍ، أَوْ قُطْنٍ وَإِبْرَيْسَمٍ، وَكَانَتْ الْغُزُولُ) مِنْ كُلِّ نَوْعٍ (مَضْبُوطَةً بِأَنْ يَقُولَ: السُّدَى إبْرَيْسِمَ وَاللُّحْمَةُ كَتَّانٌ، أَوْ نَحْوُهُ) كَقُطْنٍ (صَحَّ) السَّلَمُ لِلْعِلْمِ بِالْمُسْلَمِ فِيهِ وَإِلَّا لَمْ يَصِحَّ.
(وَيَصِحُّ السَّلَمُ فِي الْكَاغَدِ وَيَضْبِطُهُ بِذِكْرِ الطُّولِ وَالْعَرْضِ وَالرِّقَّةِ وَالْغِلَظِ وَاسْتِوَاءِ الصَّنْعَةِ) .
[فَصْلٌ مِنْ شُرُوط السَّلَم أَنْ يَذْكُرَ قَدْرَهُ]
فَصْلٌ الشَّرْطُ الثَّالِثُ لِلسَّلَمِ أَنْ يَذْكُرَ قَدْرَهُ أَيْ الْمُسْلَمَ فِيهِ (بِالْكَيْلِ فِي الْمَكِيلِ وَالْوَزْنِ فِي الْمَوْزُونِ) لِمَا رَوَى ابْنُ عَبَّاسٍ أَنَّ
النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ «مَنْ أَسْلَفَ فِي شَيْءٍ فَلْيُسْلِفْ فِي كَيْلٍ مَعْلُومٍ وَوَزْنٍ مَعْلُومٍ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَلَفْظُهُ لِمُسْلِمٍ (وَ) أَنْ يَذْكُرَ قَدْرَهُ ب (الذَّرْعِ فِي الْمَذْرُوعِ وَالْعَدِّ فِي الْمَعْدُودِ يَصِحُّ السَّلَمُ فِيهِ) لِأَنَّهُ عِوَضٌ غَائِبٌ فَيَثْبُتُ فِي الذِّمَّةِ فَاشْتَرَطَ مَعْرِفَةَ قَدْرِهِ كَالثَّمَنِ.
(فَإِنْ أَسْلَمَ فِي مَكِيلٍ وَزْنًا أَوْ) أَسْلَمَ (فِي مَوْزُونٍ كَيْلًا لَمْ يَصِحَّ) السَّلَمُ لِأَنَّهُ قَدَّرَهُ بِغَيْرِ مَا هُوَ مُقَدَّرٌ بِهِ فَلَمْ يُجْزِئْ كَمَا لَوْ أَسْلَمَ فِي الْمَذْرُوعِ وَزْنًا وَبِالْعَكْسِ.
(وَعَنْهُ يَصِحُّ) نَقَلَهَا الْمَرْوَزِيُّ لِأَنَّ الْغَرَضَ مَعْرِفَةُ قَدْرِهِ وَإِمْكَانُ تَسْلِيمِهِ مِنْ غَيْرِ تَنَازُعٍ، فَبِأَيِّ قَدْرٍ قَدَّرَهُ جَازَ (اخْتَارَهُ الْمُوَفَّقُ وَجَمْعٌ) مِنْهُمْ الشَّارِحُ وَابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ وَجَزَمَ بِهَا فِي الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الْأَزَجِيِّ.
(وَلَا يَصِحُّ) السَّلَمُ (فِي الْمَذْرُوعِ إلَّا بِالذَّرْعِ) لِمَا تَقَدَّمَ.
(وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْمِكْيَالُ وَنَحْوُهُ) كَالصَّنْجَةِ وَالذِّرَاعِ (مَعْلُومًا عِنْدَ الْعَامَّةِ) لِأَنَّهُ إذَا كَانَ مَجْهُولًا تَعَذَّرَ الِاسْتِيفَاءُ بِهِ عِنْدَ التَّلَفِ وَذَلِكَ مُخِلٌّ بِالْحِكْمَةِ الَّتِي اُشْتُرِطَ مَعْرِفَةُ الْقَدْرِ لِأَجْلِهَا (فَإِنْ شَرَط مِكْيَالًا) بِعَيْنِهِ (أَوْ مِيزَانًا) بِعَيْنِهِ (أَوْ ذِرَاعًا بِعَيْنِهِ أَوْ صَنْجَةً بِعَيْنِهَا غَيْرَ مَعْلُومَاتٍ أَوْ أَسْلَمَ فِي مِثْلِ هَذَا الثَّوْبِ وَنَحْوِهِ لَمْ يَصِحَّ) السَّلَمُ لِأَنَّهُ قَدْ يَهْلِكُ فَتَتَعَذَّرُ مَعْرِفَةُ الْمُسْلَمِ فِيهِ، وَهُوَ غَرَرٌ (لَكِنْ لَوْ عَيَّنَ مِكْيَالَ رَجُلٍ أَوْ مِيزَانَهُ أَوْ صَنْجَتَهُ أَوْ ذِرَاعَهُ صَحَّ) السَّلَمُ (وَلَمْ يَتَعَيَّنْ) فَلَهُ أَنْ يُسْلِمَ بِأَيْ مِكْيَالٍ أَوْ مِيزَانٍ أَوْ صَنْجَةٍ أَوْ ذِرَاعٍ لِعَدَمِ الْخُصُوصِيَّةِ.
وَمَا لَا يُمْكِنُ وَزْنُهُ بِمِيزَانٍ كَالْأَحْجَارِ الْكِبَارِ يُحَطُّ فِي سَفِينَةٍ وَيُنْظَرُ إلَى أَيْ مَوْضِعٍ تَغُوصُ ثُمَّ يُرْفَعُ وَيَحُطُّ مَكَانَهُ رَمْلٌ أَوْ أَحْجَارٌ صِغَارٌ إلَى أَنْ يَبْلُغَ الْمَاءُ الْمَوْضِعَ الَّذِي كَانَ بَلَغَهُ ثُمَّ يُوزَنُ فَمَا بَلَغَ فَهُوَ زِنَةُ ذَلِكَ الشَّيْءِ (وَيُسْلِمُ فِي مَعْدُودٍ مُخْتَلِفٍ يَتَقَارَبُ غَيْرِ حَيَوَانٍ) كَالْجَوْزِ وَالْبَيْضِ (عَدَدًا) لِأَنَّ التَّفَاوُتَ فِيهِ يَسِيرٌ وَلِهَذَا لَا تَكَادُ الْقِيمَةُ تَخْتَلِفُ بَيْنَ الْبَيْضَتَيْنِ وَالْجَوْزَتَيْنِ بِخِلَافِ الْبِطِّيخِ فَإِنَّهُ يَتَفَاوَتُ كَثِيرًا.
(وَفِي غَيْرِهِ) أَيْ يُسْلِمُ فِي الْمَعْدُودِ الَّذِي لَا يَتَقَارَبُ، كَالْبِطِّيخِ وَالْفَوَاكِهِ الْمَعْدُودَةِ مِنْ الرُّمَّانِ وَنَحْوِهِ (وَزْنًا) لِأَنَّهُ يَخْتَلِفُ كَثِيرًا وَيَتَبَايَنُ جِدًّا فَلَا يَنْضَبِطُ إلَّا بِالْوَزْنِ وَمَا ذَكَرَ مِنْ السَّلَمِ فِي الْمَعْدُودِ غَيْرِ الْحَيَوَانِ: مَحَلُّهُ (إنْ صَحَّ السَّلَمُ فِيهِ وَتَقَدَّمَ قَرِيبًا) فِي الشَّرْطِ الْأَوَّلِ حِكَايَةُ الْخِلَافِ فِي ذَلِكَ وَقَدَّمَ الْمُصَنِّفُ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ.