الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَتَقْوِيَةً لِلْكُفَّارِ.
(وَإِنْ كَانَ) الْمَرِيضُ (مَأْيُوسًا مِنْ بُرْئِهِ فَكَزَمِنٍ) لِعَدَمِ النِّكَايَةِ بِقَتْلِهِ (فَإِنْ تَتَرَّسُوا) أَيْ: الْكُفَّارُ (بِهِمْ) أَيْ: بِالصَّبِيِّ وَالْمَرْأَةِ وَالْخُنْثَى وَنَحْوِهِمْ مِمَّنْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ لَا يُقْتَلُ (جَازَ رَمْيُهُمْ) ؛ لِأَنَّ كَفَّ الْمُسْلِمِينَ عَنْهُمْ حِينَئِذٍ يُفْضِي إلَى تَعْطِيلِ الْجِهَادِ، وَسَوَاءٌ كَانَتْ الْحَرْبُ قَائِمَةً أَوْ لَا.
(وَيَقْصِدُ) الرَّامِي لَهُمْ (الْمُقَاتِلَةَ) ؛ لِأَنَّهُمْ الْمَقْصُودُونَ بِالذَّاتِ (وَلَوْ وَقَفَتْ امْرَأَةٌ فِي صَفٍّ الْكُفَّارِ أَوْ عَلَى حِصْنِهِمْ فَشَتَمَتْ الْمُسْلِمِينَ أَوْ تَكَشَّفَتْ لَهُمْ جَازَ رَمْيُهَا وَالنَّظَرُ إلَى فَرْجِهَا لِلْحَاجَةِ إلَى رَمْيِهَا) ذَكَرَهُ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ قَالَ فِي الْمُبْدِعِ: وَظَاهِرُ نَصِّ الْإِمَامِ وَالْأَصْحَابِ: خِلَافُهُ،، وَيَتَوَجَّهُ أَنَّ حُكْمَ غَيْرِهَا مِمَّنْ مَنَعْنَا قَتْلَهُ كَهِيَ (وَكَذَلِكَ يَجُوزُ لَهُمْ رَمْيُهَا إذَا كَانَتْ تَلْتَقِطُ لَهُمْ السِّهَامَ، أَوْ تَسْقِيهِمْ الْمَاءَ) كَاَلَّتِي تُحَرِّضُ عَلَى الْقِتَالِ وَفِيهِ شَيْءٌ.
(وَإِنْ تَتَرَّسُوا) أَيْ: أَهْلُ الْحَرْبِ (بِمُسْلِمِينَ لَمْ يَجُزْ رَمْيُهُمْ) ؛ لِأَنَّهُ يَئُولُ إلَى قَتْلِ الْمُسْلِمِينَ، مَعَ أَنَّ لَهُمْ مَنْدُوحَةً عَنْهُ (فَإِنْ رَمَاهُمْ فَأَصَابَ مُسْلِمًا فَعَلَيْهِ ضَمَانُهُ) لِعُدْوَانِهِ (إلَّا أَنْ يُخَافَ عَلَيْنَا) مِنْ تَرْكِ رَمْيِهِمْ (فَقَطْ، فَيَرْمِيهِمْ) نَصَّ عَلَيْهِ لِلضَّرُورَةِ (وَيَقْصِدُ الْكُفَّارَ) بِالرَّمْيِ؛ لِأَنَّهُمْ هُمْ الْمَقْصُودُونَ بِالذَّاتِ فَلَوْ لَمْ يُخَفْ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، لَكِنْ لَا يُقْدَرُ عَلَيْهِمْ إلَّا بِالرَّمْيِ لَمْ يَجُزْ رَمْيُهُمْ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلَوْلا رِجَالٌ مُؤْمِنُونَ وَنِسَاءٌ مُؤْمِنَاتٌ} [الفتح: 25] الْآيَةَ، قَالَ اللَّيْثُ: تَرْكُ فَتْحِ حِصْنٍ يُقْدَرُ عَلَى فَتْحِهِ أَفْضَلُ مِنْ قَتْلِ مُسْلِمٍ بِغَيْرِ حَقٍّ.
[فَصْلٌ مَنْ أَسَرَ أَسِيرًا لَمْ يَجُزْ قَتْلُهُ]
(فَصْلٌ وَمَنْ أَسَرَ أَسِيرًا لَمْ يَجُزْ قَتْلُهُ حَتَّى يَأْتِيَ بِهِ الْإِمَامَ)، فَيَرَى فِيهِ رَأْيَهُ:؛ لِأَنَّ الْخِيرَةَ فِي أَمْرِ الْأَسِيرِ إلَيْهِ (إلَّا أَنْ يَمْتَنِعَ) الْأَسِيرُ (مِنْ الْمَسِيرِ مَعَهُ وَلَا يُمْكِنُهُ إكْرَاهُهُ بِضَرْبٍ أَوْ غَيْرِهِ أَوْ يَهْرُبُ مِنْهُ أَوْ يَخَافُ هَرَبَهُ، أَوْ يَخَافُ مِنْهُ أَوْ يُقَاتِلُهُ، أَوْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ مَرِضَ مَعَهُ) أَوْ كَانَ جَرِيحًا فَلَهُ قَتْلُهُ؛ لِأَنَّ تَرْكَهُ حَيًّا ضَرَرٌ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، وَتَقْوِيَةٌ لِلْكُفَّارِ، وَكَجَرِيحِهِمْ إذَا لَمْ يَأْسِرْهُ (وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ قَتْلُ أَسِيرِ غَيْرِهِ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَ الْإِمَامَ) لِيَرَى فِيهِ رَأْيَهُ؛ لِأَنَّهُ افْتِيَاتٌ عَلَى الْإِمَامِ (إلَّا أَنْ يَصِيرَ) الْأَسِيرُ (فِي حَالَةٍ يَجُوزُ فِيهَا قَتْلُهُ لِمَنْ أَسَرَهُ) بِأَنْ يَمْتَنِعَ مِنْ الْمَسِيرِ، وَلَا يُمْكِنُ إكْرَاهُهُ بِضَرْبٍ أَوْ غَيْرِهِ أَوْ بِهَرَبٍ وَنَحْوِهِ مِمَّا مَرَّ (فَإِنْ قَتَلَ أَسِيرَهُ، أَوْ) قَتَلَ (أَسِيرَ غَيْرِهِ
قَبْلَ ذَلِكَ) أَيْ: قَبْلَ أَنْ يَصِيرَ فِي حَالَةٍ يَجُوزُ فِيهَا قَتْلُهُ وَكَانَ الْأَسِيرُ (الْمَقْتُولُ رَجُلًا فَقَدْ أَسَاءَ) الْقَاتِلُ لِافْتِيَاتِهِ عَلَى الْإِمَامِ.
(وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ) أَيْ: الْقَاتِلِ نَصَّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ أَسَرَ أُمَيَّةَ بْنَ خَلَفٍ وَابْنَهُ عَلِيًّا يَوْمَ بَدْرٍ فَرَآهُمَا بِلَالٌ فَاسْتَصْرَخَ الْأَنْصَارَ عَلَيْهِمَا، حَتَّى قَتَلُوهُمَا، وَلَمْ يَغْرَمُوا شَيْئًا؛ وَلِأَنَّهُ أَتْلَفَ مَا لَيْسَ بِمَالٍ.
(وَإِنْ كَانَ) الْأَسِيرُ (صَغِيرًا أَوْ امْرَأَةً)، وَلَوْ رَاهِبَةً (عَاقَبَهُ) أَيْ: الْقَاتِلَ (الْأَمِيرُ) لِافْتِيَاتِهِ (وَغَرَّمَهُ قِيمَةَ غَنِيمَةٍ؛ لِأَنَّهُ صَارَ رَقِيقًا بِنَفْسِ السَّبْيِ) بِخِلَافِ الْحُرِّ الْمُقَاتِلِ.
(وَمَنْ أُسِرَ فَادَّعَى أَنَّهُ كَانَ مُسْلِمًا لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ) ؛ لِأَنَّهُ خِلَافُ الظَّاهِرِ (فَإِنْ شَهِدَ لَهُ) أَيْ: لِلْأَسِيرِ رَجُلٌ.
(وَاحِدٌ وَحَلَفَ مَعَهُ، خَلَّى سَبِيلَهُ) فَيَثْبُتُ بِمَا يَثْبُتُ بِهِ الْمَالُ كَالْعِتْقِ وَالْكِتَابَةِ وَالتَّدْبِيرِ وَاسْتَدَلَّ الْأَصْحَابُ بِحَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم «قَالَ يَوْمَ بَدْرٍ لَا يَبْقَى مِنْهُمْ أَحَدٌ إلَّا أَنْ يَفْدِيَ أَوْ يُضْرَبَ عُنُقُهُ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ: إلَّا سُهَيْلَ ابْنَ بَيْضَاءَ فَإِنِّي سَمِعْته يَذْكُرُ الْإِسْلَامَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: إلَّا سُهَيْلَ ابْنَ بَيْضَاءَ فَقَبِلَ شَهَادَةَ عَبْدِ اللَّهِ وَحْدَهُ» قُلْت: هَذَا يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ كَهِلَالِ رَمَضَانَ فَيُقْبَلُ فِيهِ خَبَرُ عَدْلٍ وَاحِدٍ إذْ لَمْ يُذْكَرْ فِي الْخَبَرِ تَحْلِيفٌ.
(قَالَ جَمَاعَةٌ وَيَقْتُلُ الْمُسْلِمُ أَبَاهُ وَابْنَهُ وَنَحْوَهُمَا مِنْ ذَوِي الْقَرَابَةِ فِي الْمُعْتَرَكِ) ؛ لِأَنَّ أَبَا عُبَيْدَةَ قَتَلَ أَبَاهُ فِي الْجِهَادِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى {لا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} [المجادلة: 22] الْآيَةَ.
(وَيُخَيَّرُ الْأَمِيرُ تَخْيِيرَ مَصْلَحَةٍ وَاجْتِهَادٍ) فِي الْأَصْلَحِ (لَا تَخْيِيرَ شَهْوَةٍ فِي الْأَسْرَى الْأَحْرَارِ الْمُقَاتِلِينَ وَالْجَاسُوسِ -، وَيَأْتِي - بَيْنَ قَتْلٍ) لِعُمُومِ قَوْله تَعَالَى {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ} [التوبة: 5] ؛ وَلِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم «قَتَلَ رِجَالَ قُرَيْظَةَ وَهُمْ بَيْنَ السِّتِّمِائَةِ وَالسَّبْعِمِائَةِ» وَ «قَتَلَ يَوْمَ بَدْرٍ عُقْبَةَ بْنَ أَبِي مُعَيْطٍ وَالنَّضْرَ بْنَ الْحَارِثِ وَفِيهِ تَقُولُ أُخْتُهُ
مَا كَانَ ضَرُّك لَوْ مَنَنْت فَرُبَّمَا
…
مَنَّ الْفَتَى وَهُوَ الْمُغِيظُ الْمُحْنِقُ
فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: لَوْ سَمِعْته مَا قَتَلْته» (وَاسْتِرْقَاقٍ) لِقَوْلِ أَبِي هُرَيْرَةَ «لَا أَزَالُ أُحِبُّ بَنِي تَمِيمٍ بَعْدَ ثَلَاثٍ سَمِعْتُهُنَّ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم -
سَمِعْته يَقُولُ: هُمْ أَشَدُّ أُمَّتِي عَلَى الدَّجَّالِ، وَجَاءَتْ صَدَقَاتُهُمْ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: هَذِهِ صَدَقَاتُ قَوْمِنَا، قَالَ وَكَانَتْ سَبِيَّةٌ مِنْهُمْ عِنْدَ عَائِشَةَ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَعْتِقِيهَا فَإِنَّهَا مِنْ وَلَدِ إسْمَاعِيلَ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
؛ وَلِأَنَّهُ يَجُوزُ إقْرَارُهُمْ عَلَى كُفْرِهِمْ بِالْجِزْيَةِ، فَبِالرِّقِّ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ أَبْلَغُ فِي صِغَارِهِمْ (وَمَنٍّ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً} [محمد: 4] ؛ وَلِأَنَّ «النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم مَنَّ عَلَى أَبِي عَزَّةَ الشَّاعِرِ، يَوْمَ بَدْرٍ وَعَلَى أَبِي الْعَاصِ بْنِ الرَّبِيعِ وَعَلَى ثُمَامَةَ بْنِ أُثَالٍ» .
(وَفِدَاءٍ بِمُسْلِمٍ) لِلْآيَةِ وَلِمَا رَوَى عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَدَى رَجُلَيْنِ مِنْ أَصْحَابِهِ بِرَجُلٍ مِنْ الْمُشْرِكِينَ مِنْ بَنِي عَقِيلٍ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ (أَوْ) فِدَاءٍ (بِمَالٍ) لِلْآيَةِ؛ وَلِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم «فَادَى أَهْلَ بَدْرٍ بِالْمَالِ» (فَمَا فَعَلَهُ) الْأَمِيرُ مِنْ هَذِهِ الْأَرْبَعَةِ تَعَيَّنَ وَلَمْ يَكُنْ لِأَحَدٍ نَقْضُهُ.
(وَيَجِبُ عَلَيْهِ اخْتِيَارُ الْأَصْلَحِ لِلْمُسْلِمِينَ) ؛ لِأَنَّهُ يَتَصَرَّفُ لَهُمْ عَلَى سَبِيلِ النَّظَرِ فَلَمْ يَجُزْ لَهُ مَا فِيهِ الْحَظُّ كَوَلِيِّ الْيَتِيمِ؛ لِأَنَّ كُلَّ خَصْلَةٍ مِنْ هَذِهِ الْخِصَالِ قَدْ تَكُونُ أَصْلَحَ فِي بَعْضِ الْأَسْرَى فَإِنَّ مِنْهُمْ مَنْ لَهُ نَخْوَةٌ وَنِكَايَةٌ فِي الْمُسْلِمِينَ فَقَتْلُهُ أَصْلَحُ، وَمِنْهُمْ الضَّعِيفُ ذُو الْمَالِ الْكَثِيرِ فَفِدَاؤُهُ أَصْلَحُ وَمِنْهُمْ حَسَنُ الرَّأْيِ فِي الْمُسْلِمِينَ يُرْجَى إسْلَامُهُ، فَالْمَنُّ عَلَيْهِ أَوْلَى، وَمَنْ يُنْتَفَعُ بِخِدْمَتِهِ وَيُؤْمَنُ شَرُّهُ، اسْتِرْقَاقُهُ أَصْلَحُ (فَمَتَى رَأَى الْمَصْلَحَةَ فِي خَصْلَةٍ لَمْ يَجُزْ اخْتِيَارُ غَيْرِهَا) لِمَا سَبَقَ.
(وَمَتَى رَأَى قَتْلَهُ ضَرَبَ عُنُقَهُ بِالسَّيْفِ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَضَرْبَ الرِّقَابِ} [محمد: 4](وَلَا يَجُوزُ التَّمْثِيلُ بِهِ، وَلَا التَّعْذِيبُ) لِقَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي حَدِيثِ بُرَيْدَةَ «وَلَا تُعَذِّبُوا وَلَا تُمَثِّلُوا» (وَإِنْ تَرَدَّدَ رَأْيُهُ وَنَظَرُهُ) فِي الْأَسْرَى (فَالْقَتْلُ أَوْلَى) لِكِفَايَةِ الشَّرِّ.
(وَالْجَاسُوسُ الْمُسْلِمُ: يُعَاقَبُ، وَيَأْتِي) حُكْمُ الْجَاسُوسِ (الذِّمِّيِّ) فِي أَحْكَامِ الذِّمَّةِ.
(وَمَنْ اُسْتُرِقَّ مِنْهُمْ) أَيْ: الْكُفَّارِ (أَوْ فُدِيَ بِمَالٍ، كَالرَّقِيقِ وَالْمَالُ لِلْغَانِمِينَ حُكْمُهُ حُكْمُ الْغَنِيمَةِ) عَلَى مَا يَأْتِي قَالَ فِي الْمُبْدِعِ وَالشَّرْحِ بِغَيْرِ خِلَافٍ نَعْلَمُهُ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم «قَسَمَ فِدَاءَ أُسَارَى بَدْرٍ بَيْنَ الْغَانِمِينَ» .
(وَإِنْ سَأَلَ الْأُسَارَى مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ) أَوْ الْمَجُوسِ (تَخْلِيَتَهُمْ عَلَى إعْطَاءِ الْجِزْيَةِ لَمْ يَجُزْ) ذَلِكَ (فِي نِسَائِهِمْ
وَصِبْيَانِهِمْ) ؛ لِأَنَّهُمْ صَارُوا أَرِقَّاءَ بِنَفْسِ السَّبْيِ.
(وَيَجُوزُ فِي الرِّجَالِ) وَلَا تَجِبُ إجَابَتُهُمْ إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُمْ صَارُوا فِي يَدِ الْمُسْلِمِينَ بِغَيْرِ أَمَانٍ (وَلَا يَجُوزُ التَّخْيِيرُ الثَّابِتُ فِيهِمْ) بِمُجَرَّدِ بَذْلِ الْمَالِ قَبْلَ إجَابَتِهِمْ لِعَدَمِ لُزُومِهَا لِمَا سَبَقَ.
(وَلَا يُبْطِلُ الِاسْتِرْقَاقُ حَقًّا لِمُسْلِمٍ) قَالَهُ ابْنُ عَقِيلٍ.
وَفِي الِانْتِصَارِ: لَا يُسْقِطُ حَقَّ قَوَدٍ لَهُ أَوْ عَلَيْهِ، وَفِي سُقُوطِ دَيْنٍ فِي ذِمَّتِهِ لِضَعْفِهَا بِرِقِّهِ، كَذِمَّةِ مَرِيضٍ احْتِمَالَانِ.
وَفِي الْبُلْغَةِ: يُتْبَعُ بِهِ بَعْدَ عِتْقِهِ، إلَّا أَنْ يَغْنَمَ بَعْدَ إرْقَاقِهِ، فَيَقْضِيَ مِنْهُ دَيْنَهُ، فَيَكُونُ رِقُّهُ كَمَوْتِهِ وَعَلَيْهِ يَخْرُجُ حُلُولُهُ بِرِقِّهِ وَإِنْ غَنِمَا مَعًا فَهُمَا لِلْغَانِمِ وَدَيْنُهُ فِي ذِمَّتِهِ.
(وَالصِّبْيَانُ وَالْمَجَانِينُ مِنْ كِتَابِيٍّ وَغَيْرِهِ وَالنِّسَاءُ وَمَنْ فِيهِ نَفْعٌ مِمَّنْ لَا يُقْتَلُ كَأَعْمَى، وَنَحْوِهِ: رَقِيقٌ بِنَفْسِ السَّبْيِ) ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم «نَهَى عَنْ قَتْلِ النِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَكَانَ يَسْتَرِقُّهُمْ إذَا سَبَاهُمْ.
(وَيَضْمَنُهُمْ قَاتِلُهُمْ بَعْدَ السَّبْيِ) بِالْقِيمَةِ، وَتَكُونُ غَنِيمَةً وَ (لَا) يَضْمَنُهُمْ قَاتِلُهُمْ (قَبْلَهُ) أَيْ: قَبْلَ السَّبْيِ؛ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَصِيرُوا مَالًا (وَقِنُّ) أَهْلِ الْحَرْبِ (غَنِيمَةٌ) ؛ لِأَنَّهُ مَالُ كُفَّارٍ، اسْتَوْلَى عَلَيْهِ، فَكَانَ لِلْغَانِمِينَ كَالْبَهِيمَةِ (وَلَهُ) أَيْ: الْأَمِيرِ (قَتْلُهُ) أَيْ: الْقِنِّ (لِمَصْلَحَةٍ) كَالْمُرْتَدِّ.
(وَيَجُوزُ اسْتِرْقَاقُ مَنْ تُقْبَلُ مِنْهُ الْجِزْيَةُ) وَهُمْ أَهْلُ الْكِتَابِ وَالْمَجُوسُ لِمَا تَقَدَّمَ.
(وَ) يَجُوزُ اسْتِرْقَاقُ (غَيْرِهِ) أَيْ: غَيْرِ مَنْ تُقْبَلُ مِنْهُ الْجِزْيَةُ كَعَبَدَةِ الْأَوْثَانِ وَبَنِي تَغْلِبَ وَنَحْوِهِمْ؛ لِأَنَّهُ كَافِرٌ أَصْلِيٌّ أَشْبَهَ أَهْلَ الْكِتَابِ (وَلَوْ كَانَ عَلَيْهِ وَلَاءٌ لِمُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ) ؛ لِأَنَّهُ يَجُوزُ قَتْلُهُ، فَيَجُوزُ اسْتِرْقَاقُهُ كَغَيْرِهِ.
(وَإِنْ أَسْلَمُوا) أَيْ: الْأَسْرَى الْأَحْرَارُ الْمُقَاتِلُونَ (تَعَيَّنَ رِقُّهُمْ فِي الْحَالِ، وَزَالَ التَّخْيِيرُ) فِيهِمْ (وَصَارَ حُكْمُهُمْ حُكْمَ النِّسَاءِ وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ) نَصَّ عَلَيْهِ لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «لَا يَحِلُّ دَمِ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إلَّا بِإِحْدَى ثَلَاثٍ» وَهَذَا مُسْلِمٌ؛ وَلِأَنَّهُ أَسِيرٌ يَحْرُمُ قَتْلُهُ، فَيَجُوزُ اسْتِرْقَاقُهُ فَصَارَ رَقِيقًا كَالْمَرْأَةِ.
(وَقِيلَ: يَحْرُمُ الْقَتْلُ وَيُخَيَّرُ) فِيهِمْ الْأَمِيرُ (بَيْنَ رِقٍّ، وَمَنٍّ، وَفِدَاءٍ، صَحَّحَهُ الْمُوَفَّقُ وَجَمْعٌ) مِنْهُمْ الشَّارِحُ وَصَاحِبُ الْبُلْغَةِ وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْكَافِي قَالَ فِي التَّنْقِيحِ: وَهُوَ الْمَذْهَبُ اهـ؛ لِأَنَّهُ جَازَ ذَلِكَ فِي حَالِ كُفْرِهِ فَفِي إسْلَامِهِ أَوْلَى (فَيَجُوزُ الْفِدَاءُ لِيَخْلُصَ مِنْ الرِّقِّ) وَلَهُ أَنْ يُمَنَّ عَلَيْهِ لِمَا سَبَقَ.
(وَيَحْرُمُ رَدُّهُ) أَيْ: الْأَسِيرِ الْمُسْلِمِ (إلَى الْكُفَّارِ قَالَهُ الْمُوَفَّقُ) وَالشَّارِحُ (إلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ) أَيْ: الْأَسِيرِ الْمُسْلِمِ (مَنْ يَمْنَعُهُ) مِنْ الْكُفَّارِ (مِنْ عَشِيرَةٍ وَنَحْوِهَا) ، فَلَا يُمْنَعُ رَدُّهُ لِأَمْنِهِ.
(وَمَنْ أَسْلَمَ مِنْ الْكُفَّارِ قَبْلَ أَسْرِهِ لِخَوْفٍ أَوْ غَيْرِهِ، فَلَا تَخْيِيرَ فِيهِ وَهُوَ كَمُسْلِمٍ أَصْلِيٍّ) ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُحَصَّلْ
فِي أَيْدِي الْغَانِمِينَ.
(وَمَتَى صَارَ لَنَا رَقِيقًا مَحْكُومًا بِكُفْرِهِ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى) وَخُنْثَى (وَبَالِغٍ وَصَغِيرٍ) مُمَيِّزٍ أَوْ دُونَهُ (حَرُمَ مُفَادَاتُهُ بِمَالٍ وَبَيْعُهُ لِكَافِرٍ ذِمِّيٍّ وَ) كَافِرٍ (غَيْرَهُ) أَيْ: غَيْرِ ذِمِّيٍّ كَمُسْتَأْمَنٍ وَمُعَاهَدٍ (وَلَمْ يَصِحَّ) بَيْعُهُ لَهُمْ قَالَ أَحْمَدُ: لَيْسَ لِأَهْلِ الذِّمَّةِ أَنْ يَشْتَرُوا مِمَّا سَبَى الْمُسْلِمُونَ قَالَ وَكَتَبَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يَنْهَى عَنْهُ أُمَرَاءَ الْأَمْصَارِ هَكَذَا حَكَى أَهْلُ الشَّامِ اهـ وَلِأَنَّ فِيهِ تَفْوِيتًا لِلْإِسْلَامِ الَّذِي يُظْهِرُ وُجُودَهُ إذَا بَقِيَ مُخَالِطًا لِلْمُسْلِمِينَ، بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ رَقِيقًا لِكَافِرٍ.
(وَتَجُوزُ مُفَادَاتُهُ) أَيْ: الْمُسْتَرَقِّ مِنْهُمْ (بِمُسْلِمٍ) لِدُعَاءِ الْحَاجَةِ لِتَخْلِيصِ الْمُسْلِمِ (وَيُفْدَى الْأَسِيرُ الْمُسْلِمُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ) لِمَا رَوَى سَعِيدٌ بِإِسْنَادِهِ عَنْ حِبَّانَ بْنِ أَبِي جَبَلَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ «إنَّ عَلَى الْمُسْلِمِينَ فِي فَيْئِهِمْ أَنْ يُفَادُوا أَسِيرَهُمْ وَيُؤَدُّوا عَنْ غَارِمِهِمْ» ؛ وَلِأَنَّهُ مَوْضُوعٌ لِمَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ وَهَذَا مِنْ أَهَمِّهَا.
(وَإِنْ تَعَذَّرَ) فِدَاؤُهُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ لِمَنْعٍ أَوْ نَحْوِهِ (فَمِنْ مَالِ الْمُسْلِمِينَ) فَهُوَ فَرْضُ كِفَايَةٍ لِحَدِيثِ «أَطْعِمُوا الْجَائِعَ وَعُودُوا الْمَرِيضَ، وَفُكُّوا الْعَانِيَ» .
(وَلَا يُرَدُّ) الْأَسِيرُ الْمُسْلِمُ (إلَى بِلَادِ الْعَدُوِّ بِحَالٍ) ؛ لِأَنَّهُ تَسْلِيطٌ لَهُمْ عَلَيْهِ.
(وَلَا يُفْدَى) الْأَسِيرُ (بِخَيْلٍ وَلَا سِلَاحٍ) ؛ لِأَنَّهُ إعَانَةٌ عَلَيْنَا (وَلَا بِمُكَاتَبٍ وَأُمِّ وَلَدٍ) لِانْعِقَادِ سَبَبِ الْحُرِّيَّةِ فِيهِمَا (بَلْ) يُفَادَى (بِثِيَابٍ وَنَحْوِهَا) مِنْ الْعُرُوضِ، وَالنُّقُودِ.
(وَلَيْسَ لِلْإِمَامِ قَتْلُ مَنْ حَكَمَ حَاكِمٌ بِرِقِّهِ) ؛ لِأَنَّ الْقَتْلَ أَشَدُّ مِنْ الرِّقِّ وَفِيهِ إتْلَافُ الْغَنِيمَةِ عَلَى الْغَانِمِينَ وَكَمَا لَوْ حَكَمَ الْإِمَامُ بِرِقِّ إنْسَانٍ لَيْسَ لَهُ قَتْلُهُ بَعْدُ.
(وَلَا رِقُّ مَنْ حَكَمَ بِقَتْلِهِ) أَيْ: لَيْسَ لِلْإِمَامِ رِقُّ مَنْ حَكَمَ حَاكِمٌ بِقَتْلِهِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ مِمَّنْ يُخَافُ مِنْ بَقَائِهِ النِّكَايَةُ فِي الْمُسْلِمِينَ وَدُخُولُ الضَّرَرِ عَلَيْهِمْ (وَلَا رِقُّ وَلَا قَتْلُ مَنْ حَكَمَ بِفِدَائِهِ) أَيْ: لَيْسَ لِلْإِمَامِ أَنْ يَسْتَرِقَّ، وَلَا أَنْ يَقْتُلَ مَنْ حَكَمَ حَاكِمٌ بِفِدَائِهِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ فِيمَنْ حَكَمَ هُوَ بِفِدَائِهِ؛ لِأَنَّ الْقَتْلَ وَالرِّقَّ أَشَدُّ مِنْ الْفِدَاءِ، وَيَكُونُ نَقْضًا لِلْحُكْمِ بَعْدَ لُزُومِهِ.
(وَلَهُ) أَيْ: الْإِمَامِ (الْمَنُّ عَلَى الثَّلَاثَةِ الْمَذْكُورِينَ) أَيْ: مَنْ حَكَمَ بِقَتْلِهِ وَرِقِّهِ وَمُفَادَاتِهِ؛ لِأَنَّ الْمَنَّ أَخَفُّ مِنْ الثَّلَاثَةِ فَإِذَا رَآهُ الْإِمَامُ مَصْلَحَةً جَازَ لَهُ فِعْلُهُ؛ لِأَنَّهُ أَتَمُّ نَظَرًا، وَكَمَا لَوْ رَآهُ ابْتِدَاءً (وَلَهُ) أَيْ: لِلْإِمَامِ (قَبُولُ الْفِدَاءِ مِمَّنْ حَكَمَ) هُوَ أَوْ غَيْرُهُ (بِقَتْلِهِ أَوْ رِقِّهِ) ؛ لِأَنَّهُ أَخَفُّ مِنْهُمَا؛ وَلِأَنَّهُ نَقْضٌ لِلْحُكْمِ بِرِضَا الْمَحْكُومِ لَهُ؛ وَلِأَنَّهُمَا حَقُّ الْإِمَامِ فَإِذَا رَضِيَ بِتَرْكِهِمَا إلَى غَيْرِهِمَا جَازَ.
(وَمَتَى حَكَمَ) إمَامٌ وَغَيْرُهُ (بِرِقٍّ أَوْ فِدَاءٍ ثُمَّ أَسْلَمَ) مَحْكُومٌ عَلَيْهِ (فَحُكْمُهُ بِحَالِهِ لَا يُنْقَضُ) لِوُقُوعِهِ لَازِمًا.
(وَلَوْ اشْتَرَاهُ) أَيْ: الْأَسِيرَ (أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ دَارِ الْحَرْبِ ثُمَّ
أَطْلَقَهُ وَأَخْرَجَهُ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ فَلَهُ) أَيْ: الْمُشْتَرِي (الرُّجُوعُ عَلَيْهِ بِمَا اشْتَرَاهُ) أَيْ: بِبَدَلِهِ، إنْ كَانَ دَفْعُهُ عَنْهُ (بِنِيَّةِ الرُّجُوعِ) عَلَى الْأَسِيرِ (إذَا كَانَ) الْأَسِيرُ (حُرًّا أَذِنَ) الْأَسِيرُ (فِي ذَلِكَ أَوْ لَمْ يَأْذَنْ) لِمَا رَوَى سَعِيدٌ بِإِسْنَادِهِ عَنْ الشَّعْبِيِّ قَالَ " أَغَارَ أَهْلُ مَاهَ وَأَهْلُ جَلُولَاءَ عَلَى الْعَرَبِ فَأَصَابُوا سَبَايَا مِنْ سَبَايَا الْعَرَبِ فَكَتَبَ السَّائِبُ إلَى عُمَرَ فِي سَبَايَا الْمُسْلِمِينَ وَرَقِيقِهِمْ وَمَتَاعِهِمْ، فَكَتَبَ عُمَرُ أَيُّمَا رَجُلٍ أَصَابَ رَقِيقَهُ وَمَتَاعَهُ بِعَيْنِهِ، فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ مِنْ غَيْرِهِ وَإِنْ أَصَابَهُ فِي أَيْدِي التُّجَّارِ بَعْدَ مَا انْقَسَمَ، فَلَا سَبِيلَ إلَيْهِ وَأَيُّمَا حُرٍّ اشْتَرَاهُ التُّجَّارُ فَإِنَّهُ يَرُدُّ إلَيْهِمْ رُءُوسَ أَمْوَالِهِمْ فَإِنَّ الْحُرَّ لَا يُبَاعُ وَلَا يُشْتَرَى "؛ وَلِأَنَّ الْأَسِيرَ يَجِبُ عَلَيْهِ فِدَاءُ نَفْسِهِ لِيَتَخَلَّصَ مِنْ حُكْمِ الْكُفَّارِ فَإِذَا أَنَابَ عَنْهُ غَيْرَهُ فِي ذَلِكَ كَانَ لَهُ الرُّجُوعُ، كَمَا لَوْ أَدَّى عَنْهُ دَيْنًا وَاجِبًا عَلَيْهِ فَإِنْ لَمْ يَنْوِ الرُّجُوعَ لَمْ يَرْجِعْ؛ لِأَنَّهُ مُتَبَرِّعٌ (وَيَأْتِي) ذَلِكَ (فِي الْبَابِ بَعْدَهُ) .
(وَمَنْ سُبِيَ مِنْ أَطْفَالِهِمْ) أَيْ: الْكُفَّارِ (أَوْ مُمَيَّزِيهِمْ مُنْفَرِدًا) عَنْ أَبَوَيْهِ فَمُسْلِمٌ؛ لِأَنَّ التَّبَعِيَّةَ انْقَطَعَتْ، فَيَصِيرُ تَابِعًا لِسَابِيهِ الْمُسْلِمِ فِي دَيْنِهِ (أَوْ) سُبِيَ (مَعَ أَحَدِ أَبَوَيْهِ فَمُسْلِمٌ) لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا «مَا مِنْ مَوْلُودٍ إلَّا يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ أَوْ يُنَصِّرَانِهِ أَوْ يُمَجِّسَانِهِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ فَجَعَلَ التَّبَعِيَّةَ لِأَبَوَيْهِ فَإِذَا لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ انْقَطَعَتْ التَّبَعِيَّةُ، وَوَجَبَ بَقَاؤُهُ عَلَى حُكْمِ الْفِطْرَةِ قَالَ أَحْمَدُ الْفِطْرَةُ الَّتِي فُطِرَ النَّاسُ عَلَيْهَا شَقِيٌّ أَوْ سَعِيدٌ وَذَكَرَ الْأَثْرَمُ مَعْنَى الْفِطْرَةِ عَلَى الْإِقْرَارِ بِالْوَحْدَانِيَّةِ حِينَ أَخَذَهُمْ مِنْ صُلْبِ آدَمَ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ: أَلَسْت بِرَبِّكُمْ؟ قَالُوا بَلَى وَبِأَنَّ لَهُ صَانِعًا وَمُدَبِّرًا وَإِنْ عَبَدَ شَيْئًا غَيْرَهُ وَسَمَّاهُ بِغَيْرِ اسْمِهِ، وَإِنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ عَلَى الْإِسْلَامِ؛ لِأَنَّ الْيَهُودِيَّ يَرِثُهُ وَلَدُهُ الطِّفْلُ إجْمَاعًا.
(وَإِنْ كَانَ السَّابِي) لِغَيْرِ الْبَالِغِ مُنْفَرِدًا أَوْ مَعَ أَحَدِ أَبَوَيْهِ (ذِمِّيًّا تَبِعَهُ) الْمَسْبِيُّ عَلَى دِينِهِ (كَ) مَسْبِيٍّ (مُسْلِمٍ) لِانْقِطَاعِ تَبَعِيَّتِهِ لِأَبَوَيْهِ (وَإِنْ سُبِيَ) غَيْرُ الْبَالِغِ (مَعَ أَبَوَيْهِ فَهُوَ عَلَى دِينِهِمَا) لِبَقَاءِ التَّبَعِيَّةِ.
(وَإِنْ أَسْلَمَ أَبُو حَمْلٍ أَوْ طِفْلٍ أَوْ مُمَيِّزٍ) فَمُسْلِمٌ (لَا) إنْ أَسْلَمَ (جَدٌّ وَجَدَّةٌ)، فَلَا يُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ بِذَلِكَ الْخَبَرِ السَّابِقِ (أَوْ) أَسْلَمَ (أَحَدُهُمَا) أَيْ: أَحَدِ أَبَوَيْ الْحَمْلِ أَوْ الطِّفْلِ أَوْ الْمُمَيِّزِ فَمُسْلِمٌ (أَوْ مَاتَا) أَيْ: أَبَوَيْ غَيْرِ بَالِغٍ (أَوْ) مَاتَ (أَحَدُهُمَا فِي دَارِنَا أَوْ عُدِمَا) أَيْ: الْأَبَوَانِ (أَوْ) عُدِمَ (أَحَدُهُمَا بِلَا مَوْتٍ كَزِنَا ذِمِّيَّةٍ، وَلَوْ بِكَافِرٍ، أَوْ اشْتَبَهَ، وَلَوْ مُسْلِمٍ بِكَافِرٍ، فَمُسْلِمٌ فِي الْجَمِيعِ) لِلْخَبَرِ السَّابِقِ وَانْقِطَاعِ التَّبَعِيَّةِ وَلَا يُقْرَعُ فِيمَا إذَا اشْتَبَهَ، خَشْيَةَ أَنْ