الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إذَا خُلِعَتْ) عَنْهَا (وَتَقَدَّمَ) ذَلِكَ.
(وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ الْحُرِّ) لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «ثَلَاثَةٌ أَنَا خَصْمُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ذَكَرَ مِنْهُمْ رَجُلًا بَاعَ حُرًّا وَأَكَلَ ثَمَنَهُ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
(وَلَا) بَيْعُ (مَا لَيْسَ بِمَمْلُوكٍ كَالْمُبَاحَاتِ) مِنْ نَحْوِ كَلَأٍ وَمَاءٍ وَمَعْدِنٍ (قَبْلَ حِيَازَتِهَا وَتَمَلُّكِهَا) لِفَقْدِ الشَّرْطِ الرَّابِعِ.
(وَلَوْ بَاعَ أَمَةً حَامِلًا بِحُرٍّ قَبْلَ وَضْعِهِ صَحَّ) الْبَيْعُ (فِيهَا) لِأَنَّهَا مَعْلُومَةٌ، وَجَهَالَةُ الْحَمْلِ لَا تَضُرُّ وَقَدْ يُسْتَثْنَى بِالشَّرْعِ مَا لَا يَصِحُّ اسْتِثْنَاؤُهُ بِاللَّفْظِ كَبَيْعِ الْأَمَةِ الْمُزَوَّجَةِ يَصِحُّ وَمَنْفَعَةُ الْبُضْعِ مُسْتَثْنَاةٌ بِالشَّرْعِ وَلَا يَصِحُّ اسْتِثْنَاؤُهَا بِاللَّفْظِ.
[فَصْلٌ مِنْ شُرُوط الْبَيْع أَنْ يَكُونَ الْمَبِيعُ مَمْلُوكًا لِبَائِعِهِ]
فَصْلٌ الشَّرْطُ الرَّابِعُ (أَنْ يَكُونَ) الْمَبِيعُ (مَمْلُوكًا لِبَائِعِهِ) وَقْتَ الْعَقْدِ وَكَذَا الثَّمَنُ (مِلْكًا تَامًّا) لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم لِحَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ «لَا تَبِعْ مَا لَيْسَ عِنْدَكَ» رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ، وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ: مِلْكًا تَامًّا الْوُقُوفُ عَلَى مُعَيَّنٍ، وَالْمَبِيعُ زَمَنَ الْخِيَارَيْنِ، عَلَى مَا يَأْتِي بَيَانُهُ (حَتَّى أَسِيرٌ) فَيَصِحُّ بَيْعُهُ لِمِلْكِهِ، إذْ الْأَسْرُ لَا يُزِيلُ مِلْكَهُ (أَوْ) أَنْ يَكُونَ (مَأْذُونًا لَهُ فِي بَيْعِهِ وَقْتَ إيجَابٍ وَقَبُولٍ) لَفْظِيَّيْنِ أَوْ فِعْلِيَّيْنِ، أَوْ مُخْتَلِفَيْنِ، لِقِيَامِ الْمَأْذُونِ لَهُ مَقَامَ الْمَالِكِ؛ لِأَنَّهُ نَزَّلَهُ مَنْزِلَةَ نَفْسِهِ (وَلَوْ لَمْ يَعْلَمْ) الْمَالِكُ أَنَّ الْمَبِيعَ مِلْكَهُ (بِأَنْ ظَنَّهُ) أَيْ ظَنَّ الْبَائِعُ الْمَبِيعَ (لِغَيْرِهِ، فَبَانَ) أَنَّهُ (قَدْ وَرِثَهُ)، أَوْ لَمْ يَعْلَمْ الْمَأْذُونُ لَهُ الْإِذْنَ بِأَنْ ظَنَّ عَدَمَ الْإِذْنِ فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ (قَدْ وُكِّلَ فِيهِ) وَقَوْلُهُ (كَمَوْتِ أَبِيهِ وَهُوَ) أَيْ: الْبَائِعُ (وَارِثُهُ) مِثَالٌ لِلْأَوَّلِ (أَوْ تَوْكِيلُهُ) وَالْوَكِيلُ لَا يَعْلَمُ: مِثَالٌ لِلثَّانِي، وَإِنَّمَا صَحَّ الْبَيْعُ فِيهِمَا؛ لِأَنَّ الِاعْتِبَارَ فِي الْمُعَامَلَاتِ بِمَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ، لَا بِمَا فِي ظَنِّ الْمُكَلَّفِ إذَا تَقَرَّرَ أَنَّ الْمِلْكَ وَالْإِذْنَ شَرْطٌ.
(فَإِنْ بَاعَ مِلْكَ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَلَوْ بِحَضْرَتِهِ وَسُكُوتِهِ) لَمْ يَصِحَّ الْبَيْعُ وَلَوْ أَجَازَهُ الْمَالِكُ بَعْدُ لِفَوَاتِ شَرْطِهِ وَحَدِيثُ عُرْوَةَ بْنِ الْجَعْدِ «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَعْطَاهُ دِينَارًا لِيَشْتَرِيَ بِهِ شَاةً فَاشْتَرَى بِهِ شَاتَيْنِ فَبَاعَ إحْدَاهُمَا بِدِينَارٍ ثُمَّ عَادَ بِالدِّينَارِ وَالشَّاةِ فَدَعَاهُ بِالْبَرَكَةِ فِي بَيْعِهِ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالْبُخَارِيُّ، مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ وَكِيلٌ مُطْلَقٌ بِدَلِيلِ أَنَّهُ سَلَّمَ وَتَسَلَّمَ وَلَيْسَ ذَلِكَ لِغَيْرِ الْمَالِكِ وَالْوَكِيلِ الْمُطْلَقِ بِاتِّفَاقٍ ذَكَرَهُ فِي الشَّرْحِ وَالْمُبْدِعِ (أَوْ اشْتَرَى لَهُ) أَيْ: لِغَيْرِهِ (بِعَيْنِ مَالِهِ شَيْئًا بِغَيْرِ إذْنِهِ لَمْ يَصِحَّ)
الشِّرَاءُ وَلَوْ أُجِيزَ بَعْدُ لِمَا تَقَدَّمَ.
(وَإِنْ اشْتَرَى لَهُ) أَيْ لِغَيْرِهِ شَيْئًا (فِي ذِمَّتِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ) صَحَّ (إنْ لَمْ يُسَمِّهِ) أَيْ: لَمْ يُسَمِّ الْمُشْتَرِي مَنْ اشْتَرَى لَهُ (فِي الْعَقْدِ) بِأَنْ قَالَ: اشْتَرَيْتُ هَذَا وَلَمْ يَقُلْ لِفُلَانٍ فَيَصِحُّ الْعَقْدُ (سَوَاءٌ نَقَدَ) الْمُشْتَرِي (الثَّمَنَ مِنْ مَالِ الْغَيْرِ) الَّذِي اشْتَرَى لَهُ (أَوْ لَا) بِأَنْ نَقَدَهُ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ أَوْ لَمْ يَنْقُدْهُ بِالْكُلِّيَّةِ؛ لِأَنَّهُ مُتَصَرِّفٌ فِي ذِمَّتِهِ وَهِيَ قَابِلَةٌ لِلتَّصَرُّفِ وَاَلَّذِي نَقَدَهُ إنَّمَا هُوَ عِوَضٌ عَمَّا فِي الذِّمَّةِ فَإِنْ سَمَّاهُ فِي الْعَقْدِ لَمْ يَصِحَّ إنْ لَمْ يَكُنْ أَذِنَ (فَإِنْ أَجَازَهُ) أَيْ: الْمُشْتَرِي (مَنْ اشْتَرَى لَهُ) وَلَمْ يُسَمِّ (مِلْكَهُ مِنْ حِينِ الْعَقْدِ) فَمَنَافِعُهُ وَنَمَاؤُهُ لَهُ؛ لِأَنَّهُ اشْتَرَى لِأَجْلِهِ وَنَزَّلَ الْمُشْتَرِي نَفْسَهُ مَنْزِلَةَ الْوَكِيلِ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يُجِزْهُ مَنْ اشْتَرَى لَهُ (لَزِمَ مَنْ اشْتَرَاهُ فَيَقَعُ الشِّرَاءُ لَهُ) لِأَنَّ الْغَيْرَ لَمْ يَأْذَنْ فِيهِ فَتَعَيَّنَ كَوْنُهُ لِلْمُشْتَرِي، كَمَا لَوْ لَمْ يَنْوِ غَيْرَهُ (وَإِنْ حُكِمَ بِصِحَّةِ مُخْتَلَفٍ فِيهِ) مِمَّنْ يَرَاهُ (كَتَصَرُّفِ فُضُولِيٍّ بَعْدَ إجَازَتِهِ صَحَّ) الْعَقْدُ وَاعْتُبِرَتْ آثَارُهُ (مِنْ الْحُكْمِ لَا مِنْ حِينِ الْعَقْدِ) ذَكَرَهُ الْقَاضِي فَالْمُخْتَلَفُ فِيهِ بَاطِلٌ مِنْ حِينِ الْعَقْدِ إلَى الْحُكْمِ.
وَقَالَ فِي الْفُرُوعِ وَيُتَوَجَّهُ كَالْإِجَازَةِ.
وَقَالَ فِي الْفُصُولِ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ: إنَّهُ يَقْبَلُ الِانْبِرَامَ وَالْإِلْزَامَ بِالْحُكْمِ وَالْحُكْمُ لَا يُنْشِئُ الْمِلْكَ بَلْ يُحَقِّقُهُ (وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ) شَيْءٍ (مُعَيَّنٍ لَا يَمْلِكُهُ لِيَشْتَرِيَهُ وَيُسَلِّمَهُ) لِحَدِيثِ حَكِيمٍ السَّابِقِ.
(بَلْ) يَصِحُّ بَيْعُ (مَوْصُوفٍ) بِمَا يَكْفِي فِي السَّلَمِ (غَيْرِ مُعَيَّنٍ) وَلَوْ لَمْ يُوجَدْ فِي مِلْكِهِ مِثْلُهُ (بِشَرْطِ قَبْضِهِ) أَيْ: الْمَوْصُوفِ (أَوْ قَبْضِ ثَمَنِهِ فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ) وَإِلَّا لَمْ يَصِحَّ السَّلَمُ (وَيَأْتِي) الْبَيْعُ بِالْوَصْفِ (قَرِيبًا) فِي الشَّرْطِ السَّادِسِ.
(وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ مَا فُتِحَ عَنْوَةً وَلَمْ يُقَسَّمْ، وَتَصِحُّ إجَارَتُهُ) وَكَذَا الْأَرْضُ الَّتِي جَلَا عَنْهَا أَهْلُهَا خَوْفًا مِنَّا أَوْ صُولِحُوا عَلَى أَنَّهَا لَنَا، وَلَنَا الْخَرَاجُ عَنْهَا بِخِلَافِ مَا فُتِحَتْ صُلْحًا عَلَى أَنَّهَا لَهُمْ، أَوْ فُتِحَتْ عَنْوَةً - وَقُسِّمَتْ بَيْنَ الْغَانِمِينَ كَنِصْفِ خَيْبَرَ أَوْ أَسْلَمَ أَهْلُهَا عَلَيْهَا كَالْمَدِينَةِ فَيَصِحُّ بَيْعُهَا وَاَلَّذِي فُتِحَ عَنْوَةً وَلَمْ يُقَسَّمْ (كَأَرْضِ الشَّامِ وَالْعِرَاقِ وَمِصْرَ وَنَحْوِهَا) فَتَصِحُّ إجَارَتُهَا مِمَّنْ هِيَ بِيَدِهِ دُونَ بَيْعِهَا (؛ لِأَنَّ عُمَرَ رضي الله عنه وَقَفَهَا عَلَى الْمُسْلِمِينَ وَأَقَرَّهَا فِي أَيْدِي أَرْبَابِهَا بِالْخَرَاجِ الَّذِي ضَرَبَهُ أُجْرَةً لَهَا فِي كُلِّ عَامٍ وَلَمْ يُقَدِّرْ) عُمَرُ (مُدَّتَهَا) أَيْ: مُدَّةَ الْإِجَارَةِ (لِعُمُومِ
الْمَصْلَحَةِ
فِيهَا) قَالَهُ فِي الْكَافِي وَغَيْرِهِ، قَالَ وَقَدْ اشْتَهَرَ ذَلِكَ فِي قِصَصٍ نُقِلَتْ عَنْهُ.
(وَيَصِحُّ بَيْعُ الْمَسَاكِنِ) مِنْ أَرْضِ الْعَنْوَةِ (الْمَوْجُودَةِ حَالَ الْفَتْحِ، أَوْ حَدَثَتْ بَعْدَهُ وَآلَتِهَا) أَيْ الْمَسَاكِنِ (مِنْهَا) أَيْ: مِنْ أَرْضِ الْعَنْوَةِ (أَوْ مِنْ غَيْرِهَا) ؛ لِأَنَّ الصَّحَابَةَ اقْتَطَعُوا الْخِطَطَ فِي الْكُوفَةِ وَالْبَصْرَةِ فِي زَمَنِ عُمَرَ
وَبَنَوْا مَسَاكِنَ وَتُبَايِعُوهَا مِنْ غَيْرِ نَكِيرٍ فَكَانَ كَالْإِجْمَاعِ وَقَدَّمَ فِي الْفُرُوعِ: أَنَّهُ يَجُوزُ بَيْعُ بِنَاءٍ لَيْسَ مِنْهَا (كَبَيْعِ غَرْسٍ مُحْدَثٍ) فِيهَا فَإِنَّهُ يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ مَمْلُوكٌ لِغَارِسِهِ وَكَلَامُهُ هُنَا كَالْفُرُوعِ يَقْتَضِي أَنَّ الْغَرْسَ الْمَوْجُودَ حَالَ الْفَتْحِ لَا يَصِحُّ بَيْعُهُ وَإِنَّهُ يَتْبَعُ الْأَرْضَ فِي الْوَقْفِ لَكِنْ تَقَدَّمَ فِي الْأَرَضِينَ الْمَغْنُومَةِ أَنَّهُ أَوْجَبَ الزَّكَاةَ فِي ثَمَرَتِهَا عَلَى مَنْ تَقَرُّ بِيَدِهِ كَالْمُتَجَدِّدِ فَعَلَيْهِ تَكُونُ مِلْكًا لَهُ فَيَصِحُّ بَيْعُهَا.
(وَكَذَا إنْ رَأَى الْإِمَامُ
الْمَصْلَحَةَ
فِي بَيْعِ شَيْءٍ مِنْهَا) مِثْلَ أَنْ يَكُونَ فِي الْأَرْضِ مَا يَحْتَاجُ إلَى عِمَارَةٍ وَلَا يَعْمُرُهَا إلَّا مَنْ يَشْتَرِيهَا (فَبَاعَهُ أَوْ وَقَفَهُ أَوْ أَقْطَعَهُ إقْطَاعَ تَمْلِيكٍ) فَيَصِحُّ ذَلِكَ كُلُّهُ؛ لِأَنَّ فِعْلَ الْإِمَامِ كَحُكْمِهِ بِذَلِكَ يَصِحُّ كَبَقِيَّةِ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ هَذَا مَعْنَى مَا عَلَّلَ بِهِ فِي الْمُغْنِي صِحَّةَ الْبَيْعِ مِنْهُ وَهُوَ يَقْتَضِي أَنَّ مَحِلَّ ذَلِكَ إذَا كَانَ الْإِمَامُ يَرَى صِحَّةَ بَيْعِهِ أَوْ وَقْفِهِ، وَإِلَّا يَنْفُذُ حُكْمُ حَاكِمٍ بِمَا يَعْتَقِدُ خِلَافَهُ وَفِي صِحَّةِ الْوَقْفِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْأَرْضَ إمَّا مَوْقُوفَةٌ فَلَا يَصِحُّ وَقْفُهَا ثَانِيًا أَوْ فَيْءٌ لِبَيْتِ الْمَالِ وَالْوَقْفُ شَرْطُهُ أَنْ يَكُونَ مِنْ مَالِكٍ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ الْوَقْفَ هُنَا مِنْ قَبِيلِ الْإِرْصَادِ وَالْإِفْرَازِ لِشَيْءٍ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ عَلَى بَعْضِ مُسْتَحِقِّيهِ، لِيَصِلُوا إلَيْهِ بِسُهُولَةٍ كَمَا أَوْضَحْتُهُ فِي الْحَاشِيَةِ.
(وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ فِي حُكْمِ الْأَرَاضِي الْمَغْنُومَةِ: وَلَهُ) أَيْ: الْإِمَامِ (إقْطَاعُ هَذِهِ الْأَرْضِ) أَيْ الَّتِي فُتِحَتْ عَنْوَةً وَلَمْ تُقَسَّمْ (وَالدُّورِ وَالْمَعَادِنِ إرْفَاقًا لَا تَمْلِيكًا وَيَأْتِي) .
وَقَالَ فِي الْمُغْنِي فِي بَابِ زَكَاةِ الْخَارِجِ مِنْ الْأَرْضِ: وَحُكْمُ إقْطَاعِ هَذِهِ الْأَرْضِ حُكْمُ بَيْعِهَا وَقَدَّمَ فِي الْبَيْعِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ وَقَالَ أَيْضًا وَلَا يُخَصُّ أَحَدٌ بِمِلْكِ شَيْءٍ مِنْهَا، وَلَوْ جَازَ تَخْصِيصُ قَوْمٍ بِأَصْلِهَا لَكَانَ الَّذِينَ فَتَحُوهَا أَحَقَّ بِهَا.
(وَمِثْلُهُ) أَيْ: مِثْلُ الْإِمَامِ لَهَا فِي صِحَّتِهِ (لَوْ بِيعَتْ وَحَكَمَ بِصِحَّتِهِ حَاكِمٌ يَرَاهُ قَالَهُ الْمُوَفَّقُ وَغَيْرُهُ) كَبَقِيَّةِ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ (إلَّا أَرْضًا مِنْ الْعِرَاقِ فُتِحَتْ صُلْحًا عَلَى أَنَّهَا لَهُمْ) أَيْ: لِأَهْلِهَا فَيَصِحُّ بَيْعُهُمْ لَهَا لِمِلْكِهِمْ إيَّاهَا وَسُمِّيَ عِرَاقًا لِامْتِدَادِ أَرْضِهِ وَخُلُوِّهَا مِنْ جِبَالٍ مُرْتَفِعَةٍ وَأَوْدِيَةٍ مُنْخَفِضَةٍ.
قَالَ السَّامِرِيُّ: (وَهِيَ) أَيْ الْأَرْضُ الْمَذْكُورَةُ (الْحِيرَةُ) بِكَسْرِ الْحَاءِ مَدِينَةٌ بِقُرْبِ الْكُوفَةِ وَالنِّسْبَةُ إلَيْهَا حَيْرِيٌّ وَحَارِيٌّ عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ قَالَهُ الْجَوْهَرِيُّ (وَأُلَّيْسُ) بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَتَشْدِيدِ اللَّامِ بَعْدَهَا يَاءٌ سَاكِنَةٌ ثُمَّ سِينٌ مُهْمَلَةٌ مَدِينَةٌ بِالْجَزِيرَةِ (وَبَانِقْيَا) بِزِيَادَةِ أَلْفٍ بَيْنَ الْبَاءِ وَالنُّونِ الْمَكْسُورَةِ، ثُمَّ قَافٍ سَاكِنَةٍ تَلِيهَا يَاءٌ مُثَنَّاةٌ تَحْتُ، نَاحِيَةٌ بِالنَّجَفِ دُونَ الْكُوفَةِ (وَأَرْضُ بَنِي صَلُوبَا) بِفَتْحِ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ وَضَمِّ اللَّامِ بَعْدَهَا وَاوٌ سَاكِنَةٌ تَلِيهَا بَاءٌ مُوَحَّدَةٌ فَهَذِهِ الْأَمَاكِنُ فُتِحَتْ صُلْحًا لَا عَنْوَةً
فَيَصِحُّ بَيْعُهَا وَمِثْلُهَا الْأَرْضُ الَّتِي لَوْ أَسْلَمَ أَهْلُهَا عَلَيْهَا كَأَرْضِ الْمَدِينَةِ فَإِنَّهَا مِلْكُ أَرْبَابِهَا (وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ وَقْفِ غَيْرِهِ) أَيْ: غَيْرِ مَا فُتِحَ عَنْوَةً وَلَمْ يُقَسَّمْ (وَنَفْعُهُ وَالْمُرَادُ مِنْهُ بَاقٍ) جُمْلَةٌ حَالِيَّةٌ أَيْ: فِي حَالِ بَقَاءِ نَفْعِهِ الْمَقْصُودِ، فَإِنْ تَعَطَّلَ جَازَ بَيْعُهُ (وَيَأْتِي فِي الْوَقْفِ) بِأَتَمَّ مِنْ هَذَا.
(وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ رِبَاعِ مَكَّةَ) بِكَسْرِ الرَّاءِ جَمْعُ رَبْعٍ (وَهِيَ الْمَنَازِلُ وَدَارُ الْإِقَامَةِ، وَلَا الْحَرَمِ كُلِّهِ وَكَذَا بِقَاعِ الْمَنَاسِكِ) كَالْمَسْعَى وَالْمَرْمَى، وَالْمَوْقِفِ وَنَحْوِهَا.
(وَ) الْقَوْلُ بِعَدَمِ صِحَّةِ بَيْعِ الْمَنَاسِكِ (أَوْلَى) مِنْ الْقَوْلِ بِعَدَمِ صِحَّةِ بَيْعِ رِبَاعِ مَكَّةَ (إذْ هِيَ) أَيْ: بِقَاعُ الْمَنَاسِكِ (كَالْمَسَاجِدِ) لِعُمُومِ نَفْعِهَا وَإِنَّمَا لَمْ يَصِحَّ بَيْعُ رِبَاعِ مَكَّةَ (لِأَنَّهَا فُتِحَتْ عَنْوَةً) بِدَلِيلِ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم " أَمَرَ بِقَتْلِ أَرْبَعَةٍ فَقَتَلَ مِنْهُمْ ابْنَ خَطَلٍ وَمَقِيسَ بْنَ صَبَابَةَ " وَلَوْ فُتِحَتْ صُلْحًا لَمْ يَجُزْ قَتْلُ أَهْلِهَا وَلَمْ تُقَسَّمْ بَيْنَ الْغَانِمِينَ فَصَارَتْ وَقْفًا عَلَى الْمُسْلِمِينَ.
(وَلَا) تَصِحُّ (إجَارَةُ ذَلِكَ) أَيْ رِبَاعِ مَكَّةَ وَالْحَرَمِ وَبِقَاعِ الْمَنَاسِكِ، لِمَا رَوَى سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ عَنْ مُجَاهِدٍ مَرْفُوعًا «مَكَّةُ حَرَامٌ بَيْعُهَا، حَرَامٌ إجَارَتُهَا» وَعَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ مَرْفُوعًا «مَكَّةُ لَا تُبَاعُ رِبَاعُهَا وَلَا تُكْرَى بُيُوتُهَا» رَوَاهُ الْأَثْرَمُ (فَإِنْ سَكَنَ بِأُجْرَةٍ) فِي رِبَاعِ مَكَّةَ (لَمْ يَأْثَمْ بِدَفْعِهَا) صَحَّحَهُ فِي الْإِنْصَافِ.
وَقَالَ الشَّيْخُ التَّقِيُّ: هِيَ سَاقِطَةٌ يَحْرُمُ بَذْلُهَا (وَلَا يَمْلِكُ مَاءَ عِدٍّ) بِكَسْرِ الْعَيْنِ وَتَشْدِيدِ الدَّالِ قَبْلَ حِيَازَتِهِ (وَهُوَ الَّذِي لَهُ مَادَّةٌ لَا تَنْقَطِعُ كَمِيَاهِ الْعُيُونِ وَ) كَ (نَقْعِ الْبِئْرِ) لِقَوْلِهِ «عليه السلام الْمُسْلِمُونَ شُرَكَاءُ فِي ثَلَاثٍ: فِي الْمَاءِ وَالْكَلَأِ وَالنَّارِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَهْ.
(وَلَا) يُمْلَكُ (مَا فِي مَعْدِنِ جَارٍ) إذَا أُخِذَ مِنْهُ شَيْءٌ خَلَّفَهُ غَيْرُهُ (كَمِلْحٍ وَقَارٍ وَنِفْطٍ وَنَحْوِهَا) قَبْلَ حِيَازَتِهِ لِعُمُومِ نَفْعِهِ فَهُوَ كَالْمَاءِ (وَلَا) يُمْلَكُ (كَلَأٌ) قَبْلَ حِيَازَتِهِ لِلْحَدِيثِ السَّابِقِ (وَلَا) يُمْلَكُ (شَوْكٌ نَبَتَ فِي أَرْضِهِ قَبْلَ حِيَازَتِهِ) ؛ لِأَنَّ الشَّوْكَ كَالْكَلَأِ وَقَوْلُهُ (يُمْلَكُ أَرْضٌ) مُتَعَلِّقٌ بِلَا يُمْلَكُ، أَيْ: لَا تُمْلَكُ هَذِهِ الْأَشْيَاءُ بِمِلْكِ الْأَرْضِ بِالْحِيَازَةِ (فَلَا يَصِحُّ بَيْعُهُ) أَيْ: بَيْعُ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ قَبْلَ حِيَازَتِهِ.
(وَلَا يَدْخُلُ) مَا فِي الْأَرْضِ مِنْ ذَلِكَ (فِي بَيْعِهَا) ؛ لِأَنَّ الْبَائِعَ لَمْ يَمْلِكْهُ فَلَمْ يَتَنَاوَلْهُ الْبَيْعُ (كَ) مَا لَوْ كَانَ فِي (أَرْضٍ مُبَاحَةٍ) غَيْرِ مَمْلُوكَةٍ (وَلَكِنْ صَاحِبُ الْأَرْضِ أَحَقُّ بِهِ، لِكَوْنِهِ فِي أَرْضِهِ قَالَهُ الْمُوَفَّقُ وَغَيْرُهُ، وَمَنْ حَازَ مِنْ ذَلِكَ) أَيْ: مِنْ الْمَاءِ الْعِدِّ وَالْكَلَأِ وَالشَّوْكِ وَالْمَعْدِنِ الْجَارِي (شَيْئًا مَلَكَهُ) وَجَازَ بَيْعُهُ لِمَا رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم «نَهَى عَنْ بَيْعِ الْمَاءِ إلَّا مَا حُمِلَ مِنْهُ» رَوَاهُ أَبُو عُبَيْدٍ فِي
الْأَمْوَالِ وَعَلَى ذَلِكَ مَضَتْ الْعَادَةُ مِنْ غَيْرِ نَكِيرٍ.
(إلَّا أَنَّهُ يَحْرُمُ دُخُولُ مِلْكِ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ لِأَجْلِ أَخْذِ ذَلِكَ إنْ كَانَ) رَبُّ الْأَرْضِ (مُحَوِّطًا عَلَيْهَا) ؛ لِأَنَّهُ تَصَرَّفَ فِي مِلْكِ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يُحَوِّطْ عَلَيْهَا (جَازَ) الدُّخُولُ بِلَا إذْنِهِ (بِلَا ضَرَرٍ) لِدَلَالَةِ الْقَرِينَةِ عَلَى رِضَاهُ حَيْثُ لَمْ يُحَوِّطْ (وَلَوْ اسْتَأْذَنَهُ) أَحَدٌ فِي الدُّخُولِ (حَرُمَ) عَلَى رَبِّ الْأَرْضِ (مَنْعُهُ إنْ لَمْ يَحْصُلْ) ضَرَرٌ بِدُخُولِهِ لِمَا تَقَدَّمَ (وَسَوَاءٌ) فِيمَا تَقَدَّمَ (كَانَ ذَلِكَ) أَيْ: الْمَاءُ الْعِدُّ وَالْمَعْدِنُ الْجَارِي، وَالْكَلَأُ وَالشَّوْكُ (مَوْجُودًا فِي الْأَرْضِ خَفِيًّا أَوْ حَدَثَ بِهَا بَعْدَ مِلْكِهَا) وَسَوَاءٌ مَلَكَهَا بِشِرَاءٍ أَوْ إحْيَاءٍ أَوْ إرْثٍ أَوْ غَيْرِهَا.
(وَلَوْ حَصَلَ فِي أَرْضِهِ) أَيْ فِي أَرْضِ إنْسَانٍ (سَمَكٌ) لَمْ يَمْلِكْهُ بِذَلِكَ (أَوْ عَشَّشَ فِيهَا طَائِرٌ لَمْ يَمْلِكْهُ) بِذَلِكَ فَلَا يَصِحُّ بَيْعُهُ قَبْلَ حِيَازَتِهِ (وَيَأْتِي) ذَلِكَ (فِي الصَّيْدِ) مُوَضَّحًا.
(وَالْمَصَانِعُ الْمُعَدَّةُ لِمِيَاهِ الْأَمْطَارِ) يَمْلِكُ رَبُّهَا مَا يَحْصُلُ فِيهَا مِنْهَا، وَالْمَصَانِعُ الْمُعَدَّةُ لَهَا إذَا (إذَا جَرَى إلَيْهَا مَاءُ نَهْرٍ غَيْرُ مَمْلُوكٍ) كَالنِّيلِ (يُمْلَكُ مَاؤُهَا) الْحَاصِلُ فِيهَا (بِحُصُولِهِ فِيهَا) ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ حِيَازَةٌ لَهُ (وَيَجُوزُ) لِمَالِكِهِ (بَيْعُهُ إذَا كَانَ مَعْلُومًا) وَهِبَتُهُ وَالتَّصَرُّفُ فِيهِ بِمَا شَاءَ لِعَدَمِ الْمَانِعِ.
(وَلَا يَحِلُّ) لِأَحَدٍ (أَخْذُ شَيْءٍ مِنْهُ بِغَيْرِ إذْنِ مَالِكِهِ) لِجَرَيَانِ مِلْكِهِ عَلَيْهِ كَسَائِرِ أَمْلَاكِهِ (وَالطُّلُولُ الَّتِي تَجْتَنِي مِنْهَا النَّحْلُ) إذَا كَانَتْ عَلَى نَبْتٍ مَمْلُوكٍ (كَكَلَأٍ) فِي الْإِبَاحَةِ.
(وَأَوْلَى) بِالْإِبَاحَةِ مِنْ الْكَلَأِ لِمَا يَأْتِي (وَلَا حَقَّ) أَيْ: لَا عِوَضَ (عَلَى أَهْلِ النَّحْلِ لِأَهْلِ الْأَرْضِ الَّتِي يَجْنِي مِنْهَا قَالَ الشَّيْخُ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُنْقِصُ مِنْ مِلْكِهِمْ شَيْئًا) وَلَا يَكَادُ يَجْتَمِعُ مِنْهَا مَا يُعَدُّ شَيْئًا إلَّا بِمَشَقَّةٍ ذَكَرَ ابْنُ عَادِلٍ فِي تَفْسِيرِهِ عَنْ الْفَخْرِ الرَّازِيِّ: فِي كُتُبِ الطِّبِّ أَنَّ الطِّلَالَ هِيَ الَّتِي يَتَغَذَّى مِنْهَا النَّحْلُ إذَا تَسَاقَطَتْ عَلَى أَوْرَاقِ الْأَشْجَارِ وَالْأَزْهَارِ، فَيَلْتَقِطُهَا النَّحْلُ وَيَتَغَذَّى مِنْهَا وَيُكَوِّنُ مِنْهَا الْعَسَلُ انْتَهَى وَالطَّلُّ نَوْعٌ مِنْ الْقَطْرِ وَنَحْلُ رَبِّ الْأَرْضِ أَحَقُّ بِهِ فَلَهُ مَنْعُ غَيْرِهِ إنْ أَضَرَّ بِهِ ذَكَرُهُ الشَّيْخُ التَّقِيُّ.
(فَأَمَّا الْمَعَادِنُ الْجَامِدَةُ كَمَعَادِنِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، وَالصُّفْرِ وَالرَّصَاصِ وَالْكُحْلِ، وَسَائِرِ الْجَوَاهِرِ كَالْيَاقُوتِ وَالزُّمُرُّدِ وَالْفَيْرُوزَجِ وَنَحْوِهَا فَتُمْلَكُ بِمِلْكِ الْأَرْضِ عَلَى مَا يَأْتِي) فِي إحْيَاءِ الْمَوَاتِ؛ لِأَنَّهَا مِنْ أَجْزَاءِ الْأَرْضِ.
(وَيَجُوزُ لِرَبِّهَا) أَيْ: رَبِّ الْأَرْضِ (بَيْعُهُ) أَيْ: بَيْعُ مَا بِهَا مِنْ مَعْدِنٍ جَامِدٍ، وَلَوْ قَبْلَ حِيَازَتِهِ؛ لِأَنَّهُ مِلْكُهُ (وَلَا تُؤْخَذُ) الْمَعَادِنُ الْجَامِدَةُ (بِغَيْرِ إذْنِهِ) أَيْ: إذْنِ رَبِّ الْأَرْضِ لِمَا تَقَدَّمَ (وَيَسْتَوِي) فِي ذَلِكَ (الْمَوْجُودُ) مِنْ تِلْكَ الْمَعَادِنِ (فِيهَا) أَيْ فِي الْأَرْضِ (قَبْلَ