الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مُتَمَيِّزَيْنِ لَمْ يَكُنْ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَقْبَلَ أَحَدَهُمَا بِعِوَضِهِ.
(وَإِنْ جَمَعَ بَيْنَ كِتَابَةٍ وَبَيْعٍ، فَكَاتَبَ عَبْدَهُ وَبَاعَهُ شَيْئًا صَفْقَةً وَاحِدَةً مِثْلَ أَنْ يَقُولَ) لِعَبْدِهِ (بِعْتُكَ عَبْدِي هَذَا وَكَاتَبْتُكَ بِمِائَةٍ كُلُّ شَهْرٍ عَشَرَةٌ بَطَلَ الْبَيْعُ) ؛ لِأَنَّهُ بَاعَ مَالَهُ لِعَبْدِهِ الْقِنِّ كَمَا لَوْ بَاعَهُ مِنْ غَيْرِ كِتَابَةٍ.
(وَصَحَّتْ الْكِتَابَةُ بِقِسْطِهَا) ؛ لِأَنَّ الْبُطْلَانَ وُجِدَ فِي الْمَبِيعِ فَاخْتُصَّ بِهِ فَيُقَسِّطُ الْعِوَضَ عَلَى قِيمَتَيْ الْعَبْدَيْنِ (كَمَا تَقَدَّمَ) وَإِنْ بَاعَ عَبْدَهُ لِزَيْدٍ وَكَاتَبَ عَبْدًا آخَرَ بِعِوَضٍ وَاحِدٍ صَحَّ وَقَسَّطَ الْعِوَضَ عَلَى قِيمَتَيْ الْعَبْدَيْنِ.
[فَصْلٌ الْبَيْعُ وَالشِّرَاءُ لِمَنْ تَلْزَمهُ الْجُمُعَةَ]
فَصْلٌ وَيَحْرُمُ الْبَيْعُ وَالشِّرَاءُ (وَلَا يَصِحُّ الْبَيْعُ وَلَا الشِّرَاءُ قَلِيلُهُ وَكَثِيرُهُ) قَالَ فِي الْمُبْدِعِ: حَتَّى شُرْبُ الْمَاءِ إلَّا لِحَاجَةٍ كَمُضْطَرٍّ (مِمَّنْ تَلْزَمُهُ الْجُمُعَةُ وَلَوْ كَانَ) الَّذِي تَلْزَمُهُ الْجُمُعَةُ (أَحَدَ الْعَاقِدَيْنِ) وَالْآخَرُ لَا تَلْزَمُهُ (وَكُرِهَ) الْبَيْعُ وَالشِّرَاءُ (لِلْآخَرِ) الَّذِي لَا تَلْزَمُهُ، لِمَا فِيهِ مِنْ الْإِعَانَةِ عَلَى الْإِثْمِ (أَوْ) كَانَ (وُجِدَ أَحَدُ شِقَّيْ الْبَيْعِ) مِنْ إيجَابٍ أَوْ قَبُولٍ مِمَّنْ تَلْزَمُهُ (بَعْدَ الشُّرُوعِ فِي نِدَائِهَا) أَيْ آذَانِ الْجُمُعَةِ (الثَّانِي الَّذِي عِنْدَ الْخُطْبَةِ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ} [الجمعة: 9] فَنَهَى عَنْ الْبَيْعِ بَعْدَ النِّدَاءِ وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي التَّحْرِيمِ؛ لِأَنَّهُ يَشْغَلُ عَنْ الصَّلَاةِ، وَيَكُونُ ذَرِيعَةً إلَى فَوَاتِهَا أَوْ فَوَاتِ بَعْضِهَا فَلَمْ يَنْعَقِدْ.
وَخَصَّ النِّدَاءَ بِالثَّانِي الَّذِي بَيْنَ يَدَيْ الْمِنْبَرِ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي كَانَ عَلَى عَهْدِهِ صلى الله عليه وسلم فَتَعَلَّقَ الْحُكْمُ بِهِ وَأَمَّا الْأَوَّلُ فَحَدَثَ فِي زَمَنِ عُثْمَانَ وَقَوْلُهُ: مِمَّنْ تَلْزَمُهُ: يُحْتَرَزُ بِهِ عَنْ الْمُسَافِرِ وَالْمُقِيمِ فِي قَرْيَةٍ لَا جُمُعَةَ فِيهَا عَلَيْهِمْ، الْعَبْدِ وَالْمَرْأَةِ وَنَحْوِهِمْ؛ لِأَنَّ غَيْرَ الْمُخَاطَبِ بِالسَّعْيِ لَا يَتَنَاوَلُهُ النَّهْيُ.
(قَالَ الْمُنَقِّحُ: أَوْ قَبْلَهُ) أَيْ لَا يَصِحُّ الْبَيْعُ وَلَا الشِّرَاءُ مِمَّنْ تَلْزَمُهُ الْجُمُعَةُ قَبْلَ نِدَائِهَا (لِمَنْ مَنْزِلُهُ بَعِيدٌ) إذَا كَانَ فِي وَقْتٍ (بِحَيْثُ إنَّهُ يُدْرِكُهَا) أَيْ: يُدْرِكُ الْجُمُعَةَ بَعْدَ النِّدَاءِ الثَّانِي إذَا سَعْي فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ، وَمَا ذَكَرَهُ الْمُنَقِّحُ مَعْنَى كَلَامِ الْمُسْتَوْعِبِ.
قَالَ وَلَا يَصِحُّ الْبَيْعُ فِي وَقْتِ لُزُومِ السَّعْيِ إلَى الْجُمُعَةِ (فَإِنْ كَانَ فِي الْبَلَدِ جَامِعَانِ) فَأَكْثَرُ (تَصِحُّ الْجُمُعَةُ فِيهِمَا) لِسَعَةِ الْبَلَدِ وَنَحْوِهَا
(فَسَبَقَ نِدَاءُ أَحَدِهِمَا) أَيْ أَحَدِ الْجَامِعَيْنِ (لَمْ يَجُزْ الْبَيْعُ قَبْلَ نِدَاءِ الْجَامِعِ الْآخَرِ صَحَّحَهُ فِي الْفُصُولِ) لِعُمُومِ الْآيَةِ.
(وَتَحْرُمُ الصِّنَاعَاتُ كُلُّهَا) مِمَّنْ تَلْزَمُهُ الْجُمُعَةُ بَعْدَ الشُّرُوعِ فِي النِّدَاءِ الثَّانِي لِلْجُمُعَةِ؛ لِأَنَّهَا تَشْغَلُ عَنْ الصَّلَاةِ وَتَكُونُ ذَرِيعَةً لِفَوَاتِهَا (وَيَسْتَمِرُّ التَّحْرِيمُ) أَيْ تَحْرِيمُ الْبَيْعِ وَالصِّنَاعَاتِ مِنْ الشُّرُوعِ فِي الْآذَانِ الثَّانِي أَوْ مِنْ الْوَقْتِ الَّذِي إذَا سَعَى فِيهِ أَدْرَكَهَا مِنْ مَنْزِلٍ بَعِيدٍ (إلَى انْقِضَاءِ الصَّلَاةِ) أَيْ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ مِمَّنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ.
(وَمَحَلُّهُ) أَيْ مَحَلُّ تَحْرِيمِ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ إذَنْ (إنْ لَمْ تَكُنْ ضَرُورَةٌ أَوْ حَاجَةٌ) فَإِنْ كَانَتْ لَمْ يَحْرُمْ (كَمُضْطَرٍّ إلَى طَعَامٍ أَوْ شَرَابٍ إذَا وَجَدَهُ يُبَاعُ) فَاشْتَرَاهُ (أَوْ) كَ (عُرْيَانَ وَجَدَ سُتْرَةً تُبَاعُ، أَوْ) كَعَادِمِ (مَاءٍ) وَجَدَ مَاءً (لِلطَّهَارَةِ وَكَذَا) شِرَاءُ (كَفَنِ مَيِّتٍ وَمُؤْنَةِ تَجْهِيزِهِ إذَا خِيفَ عَلَيْهِ الْفَسَادُ بِالتَّأْخِيرِ وَ) كَذَا (وُجُودُ أَبِيهِ وَنَحْوِهِ) كَأُمِّهِ وَأَخِيهِ " يُبَاعُ مَعَ مَنْ لَوْ - تَرَكَهُ مَعَهُ ذَهَبَ بِهِ.
(وَ) كَذَا (شِرَاءُ مَرْكُوبٍ لِعَاجِزٍ، وَ) كَذَا (ضَرِيرٌ لَا يَجِدُ قَائِدًا وَنَحْوُهُ) أَيْ: نَحْوُ مَا ذَكَرَ مِنْ كُلِّ مَا دَعَتْ إلَيْهِ ضَرُورَةٌ أَوْ حَاجَةٌ (وَوَجَدَ ذَلِكَ يُبَاعُ) بَعْدَ النِّدَاءِ فَلَهُ شِرَاؤُهُ دَفْعًا لِضَرُورَتِهِ أَوْ حَاجَتِهِ.
(وَكَذَا) يَحْرُمُ الْبَيْعُ وَالشِّرَاءُ عَلَى مِنْ تَجِبُ عَلَيْهِ الْخَمْسُ الْمَكْتُوبَاتُ (لَوْ تَضَايَقَ وَقْتُ مَكْتُوبَةٍ غَيْرِهَا) أَيْ غَيْرِ الْجُمُعَةِ قَبْلَ فِعْلِهَا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ الْوَقْتَ تَعَيَّنَ لِلْمَكْتُوبَةِ فَإِنْ كَانَ الْوَقْتُ، مُتَّسِعًا لَمْ يَحْرُمْ الْبَيْعُ قَالَ فِي الْإِنْصَافِ: قُلْتُ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَحْرُمَ إذَا فَاتَتْهُ الْجَمَاعَةُ بِذَلِكَ وَتَعَذَّرَ عَلَيْهِ جَمَاعَةٌ أُخْرَى حَيْثُ قُلْنَا بِوُجُوبِهَا انْتَهَى فَإِنْ لَمْ يُؤَذَّنْ لِلْجُمُعَةِ حَرُمَ الْبَيْعُ إذَا تَضَايَقَ وَقْتُهَا.
(وَلَوْ أَمْضَى) مَنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ الْجُمُعَةُ بَعْدَ نِدَائِهَا (بَيْعَ خِيَارٍ أَوْ فَسَخَهُ صَحَّ) الْإِمْضَاءُ أَوْ الْفَسْخُ (كَ) صِحَّةِ (سَائِرِ الْعُقُودِ مِنْ النِّكَاحِ وَالْإِجَارَةِ وَالصُّلْحِ وَغَيْرِهَا) مِنْ الْقَرْضِ وَالرَّهْنِ وَالضَّمَانِ وَنَحْوِهَا؛ لِأَنَّ النَّهْيَ وَرَدَ فِي الْبَيْعِ وَحْدَهُ وَغَيْرُهُ لَا يُسَاوِيهِ لِقِلَّةِ وُقُوعِهِ فَلَا تَكُونُ إبَاحَتُهُ ذَرِيعَةً لِفَوَاتِ الْجُمُعَةِ.
(وَتَحْرُمُ مُسَاوِمَةٌ وَمُنَادَاةٌ مِمَّا يَشْغَلُ) عَنْ الْجُمُعَةِ بَعْدَ نِدَائِهَا الثَّانِي (كَالْبَيْعِ) بَعْدَهُ.
(وَيُكْرَهُ) بَعْدَ النِّدَاءِ (شُرْبُ الْمَاءِ بِثَمَنٍ حَاضِرٍ أَوْ فِي الذِّمَّةِ) مُقْتَضَى مَا سَبَقَ: تَحْرِيمُهُ كَمَا تَقَدَّمَ عَنْ الْمُبْدِعِ، وَخُصُوصًا إذَا كَانَ فِي الْمَسْجِدِ إلَّا أَنْ يُقَالَ: لَيْسَ هَذَا بَيْعًا حَقِيقَةً، بَلْ إبَاحَةً ثُمَّ تَقَعُ الْإِثَابَةُ عَلَيْهَا.
(وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ مَا قُصِدَ بِهِ الْحَرَامُ كَعِنَبٍ، وَ) كَ (عَصِيرٍ لِمُتَّخِذِهِمَا خَمْرًا) وَكَذَا زَبِيبٌ وَنَحْوُهُ (وَلَوْ) كَانَ بَيْعُ ذَلِكَ (لِذِمِّيٍّ) يَتَّخِذُهُ خَمْرًا لِأَنَّهُمْ مُخَاطَبُونَ بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ (وَلَا) بَيْعُ (سِلَاحٍ وَنَحْوِهِ فِي فِتْنَةٍ أَوْ لِأَهْلِ حَرْبٍ أَوْ لِقُطَّاعِ طَرِيقٍ
إذَا عَلِمَ) الْبَائِعُ (ذَلِكَ) مِنْ مُشْتَرِيهِ (وَلَوْ بِقَرَائِنَ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} [المائدة: 2] .
(وَيَصِحُّ بَيْعُ السِّلَاحِ لِأَهْلِ الْعَدْلِ لِقِتَالِ الْبُغَاةِ، وَ) قِتَالِ (قُطَّاعِ الطَّرِيقِ) لِأَنَّ ذَلِكَ مَعُونَةٌ عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى (وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ مَأْكُولٍ وَمَشْرُوبٍ وَمَشْمُومٍ لِمَنْ يَشْرَبُ عَلَيْهِ مُسْكِرًا، وَلَا) بَيْعُ (أَقْدَاحٍ وَنَحْوِهَا لِمَنْ يَشْرَبُهُ) أَيْ الْمُسْكِرَ (بِهَا وَ) لَا بَيْعُ (بَيْضٍ وَجَوْزٍ وَنَحْوِهِمَا لِقِمَارٍ، وَلَا بَيْعُ غُلَامٍ وَأَمَةٍ لِمَنْ عُرِفَ بِوَطْءِ دُبُرٍ أَوْ لِلْغِنَاءِ وَكَذَا إجَارَتُهُمَا) ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ إثْمٌ وَعُدْوَانٌ.
(وَمَنْ اُتُّهِمَ بِغُلَامِهِ فَدَبَّرَهُ وَهُوَ) أَيْ الْمُتَّهَمُ (فَاجِرٌ مُعْلِنٌ) لِفُجُورِهِ (أُحِيلَ بَيْنَهُمَا) أَيْ بَيْنَ الرَّجُلِ وَغُلَامِهِ خَوْفًا مِنْ إتْيَانِهِ لَهُ، كَمَا لَوْ لَمْ يُدَبِّرْهُ، وَ (كَمَجُوسِيٍّ تَسَلَّمَ أُخْتَهُ) أَوْ نَحْوَهَا.
(وَيُخَافُ أَنْ يَأْتِيَهَا) فَيُحَالُ بَيْنَهُمَا دَفْعًا لِذَلِكَ (وَلَا يَجُوزُ شِرَاءُ الْبَيْضِ وَالْجَوْزِ الَّذِي اكْتَسَبُوهُ مِنْ الْقِمَارِ، وَلَا أَكْلُهُ) ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَنْتَقِلْ إلَى مِلْكِ الْمُكْتَسِبِ (وَيَصِحُّ الْبَيْعُ مِمَّنْ قَصَدَ أَنْ لَا يُسَلِّمَ الْمَبِيعَ) لِصُدُورِهِ مِنْ أَهْلِهِ فِي مَحَلِّهِ وَيَلْزَمُهُ تَسْلِيمُهُ (أَوْ ثَمَنُهُ) أَيْ وَيَصِحُّ الشِّرَاءُ مِمَّنْ قَصَدَ أَنْ لَا يُسَلِّمَ الثَّمَنَ وَيَلْزَمُهُ تَسْلِيمُهُ.
(وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ عَبْدٍ مُسْلِمٍ لِكَافِرٍ) ؛ لِأَنَّهُ يَمْنَعُ مِنْ اسْتِدَامَةِ الْمِلْكِ عَلَيْهِ فَمُنِعَ مِنْ ابْتِدَائِهِ كَالنِّكَاحِ (وَلَوْ كَانَ) الْكَافِرُ (وَكِيلًا لِمُسْلِمٍ) فِي شِرَاءِ الْعَبْدِ الْمُسْلِمِ لَمْ يَصِحَّ؛ لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ أَنْ يَشْتَرِيَهُ لِنَفْسِهِ فَلَمْ يَصِحَّ أَنْ يَتَوَكَّلَ فِيهِ (إلَّا أَنْ يُعْتَقَ) الْعَبْدُ الْمُسْلِمُ (عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْكَافِرِ الْمُشْتَرِي لَهُ (بِمِلْكِهِ) إيَّاهُ لِقَرَابَةٍ أَوْ تَعْلِيقٍ فَيَصِحُّ الشِّرَاءُ؛ لِأَنَّ مِلْكَهُ لَا يَسْتَقِرُّ عَلَيْهِ وَلِأَنَّهُ وَسِيلَةٌ إلَى تَحْصِيلِ حُرِّيَّةِ الْمُسْلِمِ.
(وَإِنْ أَسْلَمَ عَبْدُ الذِّمِّيِّ) أَوْ عَبْدُ الْمُسْتَأْمَنِ بِيَدِهِ، أَوْ بِيَدِ مُشْتَرِيهِ، ثُمَّ رَدَّهُ عَلَيْهِ لِنَحْوِ عَيْبٍ (أُجْبَرَ) الذِّمِّيُّ عَلَى إزَالَةِ مِلْكِهِ عَنْهُ أَيْ عَنْ الْعَبْدِ الْمُسْلِمِ، بِنَحْوِ بَيْعٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ عِتْقٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلا} [النساء: 141] وَ (لَا تَكْفِي كِتَابَتُهُ) لِأَنَّ الْكِتَابَةَ لَا تُزِيلُ مِلْكَ السَّيِّدِ عَنْهُ بَلْ يَبْقَى إلَى الْأَدَاءِ (وَكَذَا بَيْعُهُ بِشَرْطِ خِيَارٍ) لَا يَكْفِي، لِعَدَمِ انْقِطَاعِ مِلْكِهِ عَنْهُ (وَيَدْخُلُ الْعَبْدُ) أَيْ الرَّقِيقُ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى (الْمُسْلِمُ فِي مِلْكِ الْكَافِرِ ابْتِدَاءً بِالْإِرْثِ) مِنْ قَرِيبٍ أَوْ مَوْلًى أَوْ زَوْجٍ.
(وَ) بِ (اسْتِرْجَاعِهِ بِإِفْلَاسِ الْمُشْتَرِي) بِأَنْ اشْتَرَى كَافِرٌ عَبْدًا كَافِرًا مِنْ كَافِرٍ ثُمَّ أَسْلَمَ الْعَبْدُ وَأَفْلَسَ الْمُشْتَرِي وَحُجِرَ عَلَيْهِ فَفَسَخَ الْبَائِعُ الْبَيْعَ (وَإِذَا رَجَعَ فِي هِبَتِهِ لِوَلَدِهِ) بِأَنْ وَهَبَ الْكَافِرُ عَبْدَهُ
الْكَافِرَ لِوَلَدِهِ ثُمَّ أَسْلَمَ الْعَبْدُ وَرَجَعَ الْأَبُ فِي هِبَتِهِ (وَإِذَا رُدَّ عَلَيْهِ بِعَيْبٍ) أَيْ بَاعَهُ كَافِرًا ثُمَّ أَسْلَمَ وَظَهَرَ بِهِ عَيْبٌ فَرَدَّهُ وَكَذَا لَوْ رُدَّ بِغَبْنٍ أَوْ تَدْلِيسٍ أَوْ خِيَارِ مَجْلِسٍ (وَإِذَا اشْتَرَى مَنْ يُعْتَقُ عَلَيْهِ كَمَا تَقَدَّمَ) قَرِيبًا.
(وَإِذَا بَاعَهُ بِشَرْطِ الْخِيَارِ مُدَّةً) مَعْلُومَةً (وَأَسْلَمَ الْعَبْدُ فِيهَا) وَفَسَخَ الْبَائِعُ الْبَيْعَ (وَإِذَا وَجَدَ) الْبَائِعُ (الثَّمَنَ الْمُعَيَّنَ مَعِيبًا فَرَدَّهُ) أَيْ الثَّمَنَ وَاسْتَرْجَعَ الْعَبْدَ (وَكَانَ قَدْ أَسْلَمَ الْعَبْدُ، فِيمَا إذَا مَلَكَهُ الْحَرْبِيُّ) بِأَنْ اسْتَوْلَى عَلَيْهِ مِنْ مُسْلِمٍ قَهْرًا.
(وَفِيمَا إذَا قَالَ الْكَافِرُ لِشَخْصٍ: أَعْتِقْ عَبْدَكَ الْمُسْلِمَ عَنِّي وَعَلَيَّ ثَمَنُهُ فَفَعَلَ) الْمُسْلِمُ بِأَنْ أَعْتَقَهُ عَنْهُ (كَمَا يَأْتِي فِي بَابِ الْوَلَاءِ) فَهَذِهِ تِسْعُ مَسَائِلَ يَدْخُلُ فِيهَا الْعَبْدُ الْمُسْلِمُ فِي مِلْكِ الْكَافِرِ ابْتِدَاءً وَيُزَادُ عَلَيْهَا عَاشِرَةٌ، وَهِيَ إذَا اسْتَوْلَدَ الْكَافِرُ أَمَةً مُسْلِمَةً لِوَلَدِهِ وَيَدْخُلُ الْمُصْحَفُ فِي مِلْكِ الْكَافِرِ ابْتِدَاءً بِالْإِرْثِ وَلِرَدٍّ عَلَيْهِ لِنَحْوِ عَيْبٍ وَبِالْقَهْرِ وَذَكَرَهُ ابْنُ رَجَبٍ.
(وَيَحْرُمُ سَوْمُهُ عَلَى سَوْمِ أَخِيهِ) أَيْ عَلَى سَوْمِ الْمُسْلِم (مَعَ رِضَا الْبَائِعِ صَرِيحًا) لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ «لَا يَسُمْ الرَّجُلُ عَلَى سَوْمِ أَخِيهِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَهُوَ أَيْ: السَّوْمُ الَّذِي يَحْرُمُ مَعَهُ السَّوْمُ مِنْ الثَّانِي (أَنْ يَتَسَاوَمَا فِي غَيْرِ) حَالِ (الْمُنَادَاةِ) حَتَّى يَحْصُلَ الرِّضَا مِنْ الْبَائِعِ (فَأَمَّا الْمُزَايَدَةُ فِي الْمُنَادَاةِ فَجَائِزَةٌ) إجْمَاعًا فَإِنَّ الْمُسْلِمِينَ لَمْ يَزَالُوا يَتَبَايَعُونَ فِي أَسْوَاقِهِمْ بِالْمُزَايَدَةِ.
(وَيَصِحُّ الْبَيْعُ) مَعَ سَوْمِهِ عَلَى سَوْمِ أَخِيهِ؛ لِأَنَّ النَّهْي إنَّمَا وَرَدَ عَنْ السَّوْمِ إذَنْ وَهُوَ خَارِجٌ عَنْ الْبَيْعِ (وَكَذَا سَوْمُ إجَارَةٍ يَحْرُمُ بَعْدَ سَوْمِ أَخِيهِ وَالرِّضَا لَهُ صَرِيحًا) وَتَصِحُّ الْإِجَارَةُ.
(وَكَذَا اسْتِئْجَارُهُ عَلَى إجَارَةِ أَخِيهِ فِي مُدَّةِ خِيَارِ) مَجْلِسٍ أَوْ شَرْطٍ إذَا كَانَتْ الْمُدَّةُ لَا تَلِي الْعَقْدَ كَمَا يَأْتِي فَيَحْرُمُ وَلَا يَصِحُّ وَلَوْ أَخَّرَ هَذِهِ عَنْ الشِّرَاءِ عَلَى شِرَاءِ أَخِيهِ كَانَ أَنْسَبَ لِأَنَّهَا مُلْحَقَةٌ بِهَا.
(وَيَحْرُمُ وَلَا يَصِحُّ بَيْعُهُ عَلَى بَيْعِ أَخِيهِ زَمَنَ الْخِيَارَيْنِ) أَيْ خِيَارِ الْمَجْلِسِ وَخِيَارِ الشَّرْطِ (وَهُوَ) أَيْ بَيْعُهُ عَلَى بَيْعِ أَخِيهِ (أَنْ يَقُولَ) شَخْصٌ (لِمَنْ اشْتَرَى سِلْعَةً بِعَشَرَةٍ: أَمَا أُعْطِيكَ خَيْرًا مِنْهَا بِثَمَنِهَا، أَوْ أُعْطِيكَ مِثْلَهَا بِتِسْعَةٍ أَوْ يَعْرِضُ عَلَيْهِ سِلْعَةً يَرْغَبُ فِيهَا الْمُشْتَرِي لِيَنْفَسِخَ الْبَيْعُ وَيَعْقِدَ مَعَهُ) فَلَا يَصِحُّ الْبَيْعُ لِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ يَرْفَعُهُ «لَا يَبِعْ الرَّجُلُ عَلَى بَيْعِ أَخِيهِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَالنَّهْيُ يَقْتَضِي الْفَسَادَ وَعُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ: زَمَنَ الْخِيَارَيْنِ أَنَّهُ لَوْ قَالَ لَهُ ذَلِكَ بَعْدَ مُضِيِّ الْخِيَارِ وَلُزُومِ الْبَيْعِ، لَا يَحْرُمُ لِعَدَمِ تَمَكُّنِ الْمُشْتَرِي مِنْ الْفَسْخِ إذَنْ.
(وَ) يَحْرُمُ، وَ (لَا) يَصِحُّ (شِرَاؤُهُ عَلَى شِرَائِهِ وَهُوَ أَنْ يَقُولَ) زَمَنَ الْخِيَارَيْنِ (لِمَنْ بَاعَ سِلْعَةً بِتِسْعَةٍ: عِنْدِي فِيهَا
عَشَرَةٌ لِيَفْسَخَ) الْبَيْعَ (وَيَعْقِدَ مَعَهُ) قِيَاسًا عَلَى الْبَيْعِ وَلِأَنَّ الشِّرَاءَ يُسَمَّى بَيْعًا فَيَدْخُلُ فِي عُمُومِ النَّهْيِ (وَكَذَا اقْتِرَاضُهُ) بِأَنْ يَعْقِدَ الْقَرْضَ مَعَهُ فَيَقُولُ لَهُ آخَرُ أَقْرِضْنِي ذَلِكَ قَبْلَ تَقْبِيضِهِ لِلْأَوَّلِ فَيَفْسَخُهُ وَيَدْفَعُهُ لِلثَّانِي.
(وَ) كَذَا (اتِّهَابُهُ عَلَى اتِّهَابِهِ وَكَذَا افْتِرَاضُهُ - بِالْفَاءِ - فِي الدِّيوَانِ) عَلَى افْتِرَاضِهِ (وَ) كَذَا (طَلَبُهُ الْعَمَلَ مِنْ الْوِلَايَاتِ) بَعْدَ طَلَبِ غَيْرِهِ (وَنَحْوُ ذَلِكَ وَكَذَا الْمُسَاقَاةُ وَالْمُزَارِعَةُ وَالْجَعَالَةُ، وَنَحْوُ ذَلِكَ) كُلُّهَا كَالْبَيْعِ فَتَحْرُمُ وَلَا تَصِحُّ إذَا سَبَقَتْ لِلْغَيْرِ، قِيَاسًا عَلَى الْبَيْعِ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ الْإِيذَاءِ.
(وَكَذَا بَيْعُ حَاضِرٍ لِبَادٍ) بِأَنْ يَكُونَ سِمْسَارًا لَهُ وَلَوْ رَضِيَ النَّاسُ فَيَحْرُمُ وَلَا يَصِحُّ (لِبَقَاءِ النَّهْيِ عَنْهُ) لِقَوْلِ أَنَسٍ «نُهِينَا أَنْ يَبِيعَ حَاضِرٌ لِبَادٍ، وَإِنْ كَانَ أَخَاهُ لِأَبِيهِ وَأُمِّهِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَالْمَعْنَى فِيهِ: أَنَّهُ لَوْ تُرِكَ الْقَادِمُ يَبِيعُ سِلْعَتَهُ اشْتَرَاهَا النَّاسُ مِنْهُ بِرُخْصٍ فَإِذَا تَوَلَّى الْحَاضِرُ بَيْعَهَا لَمْ يَبِعْهَا إلَّا بِغَلَاءٍ فَيَحْصُلُ الضَّرَرُ لِلنَّاسِ (بِخَمْسَةِ شُرُوطٍ) .
أَحَدُهَا (أَنْ يَحْضُرَ الْبَادِي، وَهُوَ) الْمُقِيمُ فِي الْبَادِيَةِ وَالْمُرَادُ هُنَا (مَنْ يَدْخُلُ الْبَلَدَ مِنْ غَيْرِ أَهْلِهَا، وَلَوْ غَيْرَ بَدْوِيٍّ) ؛ لِأَنَّهُ مَتَى لَمْ يَقْدَمْ إلَى بَلَدٍ آخَرَ لَمْ يَكُنْ بَادِيًا (لِبَيْعِ سِلْعَتِهِ) مُتَعَلِّقٌ بِيَحْضُرَ؛ لِأَنَّهُ إذَا حَضَرَ لِخَزْنِهَا أَوْ أَكْلِهَا فَقَصْدَهُ الْحَاضِرُ وَحَضَّهُ عَلَى بَيْعِهَا كَانَ تَوْسِعَةً لَا تَضْيِيقًا الثَّانِي أَنْ يُرِيدَ بَيْعَهَا (بِسِعْرِ يَوْمِهَا) ؛ لِأَنَّهُ إذَا قَصَدَ أَنْ لَا يَبِيعَهَا رَخِيصَةً كَانَ الْمَنْعُ مِنْ جِهَتِهِ لَا مِنْ جِهَةِ الْحَاضِرِ الثَّالِثُ أَنْ يَكُونَ (جَاهِلًا بِالسِّعْرِ) ؛ لِأَنَّهُ إذَا عَلِمَهُ لَمْ يَزِدْهُ الْحَاضِرُ عَلَى مَا عِنْدَهُ.
(وَ) الرَّابِعُ أَنْ (يَقْصِدَهُ حَاضِرٌ عَارِفٌ بِالسِّعْرِ) فَإِنْ قَصَدَهُ الْبَادِي لَمْ يَكُنْ لِلْحَاضِرِ أَثَرٌ فِي عَدَمِ التَّوْسِعَةِ.
(وَ) الْخَامِسُ: أَنْ يَكُونَ (بِالنَّاسِ إلَيْهَا حَاجَةٌ) ؛ لِأَنَّهُمْ إذَا لَمْ يَكُونُوا مُحْتَاجِينَ لَمْ يُوجَدْ الْمَعْنَى الَّذِي نَهَى الشَّرْعُ لِأَجْلِهِ (فَإِنْ اخْتَلَّ شَرْطٌ مِنْهَا) أَيْ مِنْ هَذِهِ الشُّرُوطِ الْخَمْسَةِ (صَحَّ الْبَيْعُ) مِنْ الْحَاضِرِ لِلْبَادِي وَلَمْ يَحْرُمْ لِمَا تَقَدَّمَ.
(وَيَصِحُّ شِرَاؤُهُ) أَيْ شِرَاءُ الْحَاضِرِ (لَهُ) أَيْ لِلْبَادِي؛ لِأَنَّ النَّهْيَ إنَّمَا وَرَدَ عَنْ الْبَيْعِ لِمَعْنًى يَخْتَصُّ بِهِ وَهُوَ الرِّفْقُ بِأَهْلِ الْحَضَرِ وَهَذَا غَيْرُ مَوْجُودٍ فِي الشِّرَاءِ لِلْبَادِي.
(وَإِنْ أَشَارَ حَاضِرٌ عَلَى بَادٍ وَلَمْ يُبَاشِرْ) الْحَاضِرُ (لَهُ) أَيْ لِلْبَادِي (بَيْعًا لَمْ يُكْرَهْ) ذَلِكَ؛ لِأَنَّ النَّهْيَ كَمَا تَقَدَّمَ إنَّمَا وَرَدَ فِي بَيْعِهِ لَهُ وَهُنَا لَمْ يَبِعْ لَهُ (وَإِنْ اسْتَشَارَهُ) أَيْ اسْتَشَارَ (الْبَادِي) الْحَاضِرَ.
(وَهُوَ) أَيْ الْبَادِي (جَاهِلٌ بِالسِّعْرِ لَزِمَهُ) أَيْ الْحَاضِرَ (بَيَانُهُ لَهُ) أَيْ لِلْبَادِي (لِوُجُوبِ النُّصْحِ) لِحَدِيثِ «الدِّينُ النَّصِيحَةُ» وَإِنْ لَمْ يَسْتَشِرْهُ فَفِي وُجُوبِ إعْلَامِهِ إنْ اعْتَقَدَ جَهْلَهُ بِهِ: نَظَرٌ