الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْإِلْقَاءِ وَالْإِرَاقَةِ مُبَاشَرَةُ النَّجَاسَةِ، إذْ إلْقَاءُ الْمَيْتَةِ وَإِرَاقَةُ الْخَمْرِ لَا مُبَاشَرَةَ فِيهِ لِلنَّجَاسَةِ غَالِبًا بِخِلَافِ كَسْحِ الْكَنِيفِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(وَلَوْ اسْتَأْجَرَهُ عَلَى سَلْخِ بَهِيمَةٍ بِجِلْدِهَا) لَمْ يَصِحَّ؛؛ لِأَنَّهُ لَا يُعْلَمُ هَلْ يَخْرُجُ سَلِيمًا أَوْ لَا؟ وَهَلْ هُوَ ثَخِينٌ أَوْ رَقِيقٌ؟ وَ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ عِوَضًا فِي الْبَيْعِ، فَكَذَا هُنَا.
(أَوْ) اسْتَأْجَرَهُ (عَلَى إلْقَاءِ مَيْتَةٍ بِجِلْدِهَا لَمْ يَصِحَّ) ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَالٍ وَإِنْ قِيلَ إنَّهُ مَالٌ فَلِمَا تَقَدَّمَ (وَلَهُ) أَيْ الْأَجِيرِ عَلَى سَلْخِ الْبَهِيمَةِ بِجِلْدِهَا أَوْ إلْقَاءِ الْمَيْتَةِ بِجِلْدِهَا (أُجْرَةُ مِثْلِهِ؛) ؛ لِأَنَّهُ عَمَلٌ بِعِوَضٍ لَمْ يُسَلَّمْ مِنْهُ وَيَصِحُّ الِاسْتِئْجَارُ لِإِلْقَاءِ الْمَيْتَةِ بِالشَّعْرِ الَّذِي عَلَى جِلْدِهَا إنْ كَانَ مَحْكُومًا بِطَهَارَتِهِ ذَكَرَهُ فِي الْفُصُولِ وَمَنْ أَعْطَى صَيَّادًا أُجْرَةً لِيَصِيدَ لَهُ سَمَكًا لِيَخْتَبِرَ بَخْتَهُ، فَقَدْ اسْتَأْجَرَهُ لِيَعْمَلَ بِشَبَكَتِهِ، قَالَهُ أَبُو الْبَقَاءِ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي الْفُرُوعِ.
(وَمِثْلُهُ) أَيْ مِثْلُ اسْتِئْجَارِهِ عَلَى سَلْخِ بَهِيمَةٍ بِجِلْدِهَا فِي عَدَمِ الصِّحَّةِ اسْتِئْجَارُهُ (لِطَحْنِ قَمْحٍ بِنُخَالَتِهِ، وَعَمَلُ السِّمْسِمِ شَيْرَجًا بِالْكُسْبِ) الْخَارِجِ مِنْهُ (وَالْحَلْجُ) أَيْ حَلْجِ الْقُطْنِ (بِالْحَبِّ) الَّذِي يَخْرُجُ مِنْهُ فَلَا يَصِحُّ لِلْجَهَالَةِ بِالْأُجْرَةِ؛؛ لِأَنَّهُ لَا يُعْلَمُ مَا يَخْرُجُ مِنْهُ.
(وَتَجُوزُ إجَارَةُ الْمُسْلِمِ) حُرًّا كَانَ أَوْ عَبْدًا (لِلذِّمِّيِّ إذَا كَانَتْ الْإِجَارَةُ) عَلَى عَمَلٍ مُعَيَّنٍ (فِي الذِّمَّةِ) كَخِيَاطَةٍ وَبِنَاءٍ وَطَحْنٍ، وَحَصْدٍ وَصَبْغٍ، وَقَصْرٍ (وَكَذَا) تَجُوزُ إجَارَةُ الْمُسْلِمِ لِذِمِّيٍّ لِعَمَلٍ غَيْرِ (خِدْمَةٍ) مُدَّةً مَعْلُومَةً بِأَنْ يُسْتَأْجَرَ لِيَسْتَقِيَ، أَوْ يَقْصُرَ لَهُ أَيَّامًا مَعْلُومَةً؛؛ لِأَنَّهُ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ لَا يَتَضَمَّنُ إذْلَالَ الْمُسْلِمِ وَلَا اسْتِخْدَامَهُ أَشْبَهَ مُبَايَعَتَهُ، وَأَمَّا إجَارَتُهُ لَهُ لِلْخِدْمَةِ فَلَا تَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ عَقْدٌ يَتَضَمَّنُ حَبْسَ الْمُسْلِمِ عِنْدَ الْكَافِرِ وَإِذْلَالَهُ وَاسْتِخْدَامَهُ مُدَّةَ الْإِجَارَةِ، أَشْبَهَ بَيْعَ الْمُسْلِمِ لِكَافِرٍ.
(وَلَا) تَجُوزُ (إعَارَةُ الرَّقِيقِ الْمُسْلِمِ لَهُ) أَيْ لِلذِّمِّيِّ لِلْخِدْمَةِ وَيَجُوزُ لِغَيْرِهَا لِمَا تَقَدَّمَ (وَلَا بَأْسَ أَنْ يَحْفِرَ لِلذِّمِّيِّ قَبْرًا بِالْأُجْرَةِ) كَبِنَاءِ بَيْتٍ لَهُ بِالْأُجْرَةِ.
(وَيُكْرَهُ) دَفْنُ الْمُسْلِمِ لِلذِّمِّيِّ (إنْ كَانَ) الْمَدْفُونُ فِيهِ (نَاوُوسًا) ؛؛ لِأَنَّ فِيهِ إعَانَةً عَلَى مَكْرُوهٍ وَالنَّاوُوسُ: حَجَرٌ يُنْقَرُ وَيُوضَعُ فِيهِ الْمَيِّتُ.
[فَصْلٌ الْإِجَارَةُ عَلَى ضَرْبَيْنِ]
(فَصْلٌ وَالْإِجَارَةُ عَلَى ضَرْبَيْنِ أَحَدُهُمَا إجَارَةُ عَيْنٍ) وَلَهُ صُورَتَانِ: إحْدَاهُمَا أَنْ تَكُونَ إلَى أَمَدٍ مَعْلُومٍ الثَّانِيَةُ: أَنْ تَكُونَ لِعَمَلٍ مَعْلُومٍ وَسَيَأْتِيَانِ ثُمَّ الْعَيْنُ تَارَةً تَكُونُ مُعَيَّنَةً، كَاسْتَأْجَرْت مِنْ هَذَا الْعَبْدَ لِيَخْدُمَنِي سَنَةً بِكَذَا (
أَوْ لِيَخِيطَ لِي هَذَا الثَّوْبَ بِكَذَا وَتَارَةً تَكُونُ مَوْصُوفَةً فِي الذِّمَّةِ، كَحِمَارٍ صِفَتُهُ كَذَا لِيَرْكَبَهُ سَنَةً إلَى مَوْضِعِ كَذَا بِكَذَا (فَمَا حَرُمَ بَيْعُهُ فَإِجَارَتُهُ مِثْلُهُ) تَحْرُمُ؛ لِأَنَّهَا نَوْعٌ مِنْ الْبَيْعِ (إلَّا الْحُرَّ وَالْحُرَّةَ) فَتَصِحُّ إجَارَتُهُمَا؛ لِأَنَّ مَنَافِعَهُمَا مَضْمُونَةٌ بِالْغَصْبِ فَجَازَتْ إجَارَتُهَا كَمَنَافِعِ الْقِنِّ (وَ) إلَّا (الْوَقْفَ) فَتَصِحُّ إجَارَتُهُ؛ لِأَنَّ مَنَافِعَهُ مَمْلُوكَةٌ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ، فَجَازَتْ إجَارَتُهُ مِمَّنْ لَهُ الْوَلَايَةُ عَلَيْهِ كَالْمُؤَجِّرِ (و) إلَّا (أُمَّ الْوَلَدِ) فَتَصِحُّ إجَارَتُهَا؛ لِأَنَّ مَنَافِعَهَا مَمْلُوكَةٌ لِسَيِّدِهَا فَجَازَ لَهُ إجَارَتُهَا كَإِعَارَتِهَا.
(وَتَصِحُّ إجَارَةُ كُلِّ عَيْنٍ يُمْكِنُ اسْتِيفَاءُ الْمَنْفَعَةِ الْمُبَاحَةِ مِنْهَا مَعَ بَقَائِهَا) أَيْ الْعَيْنِ كَالْأَرْضِ وَالدُّورِ وَالْبَهَائِمِ وَالثِّيَابِ وَنَحْوِهَا (وَلَا تَصِحُّ إجَارَةُ مَا لَا يُمْكِنُ اسْتِيفَاؤُهَا) أَيْ الْمَنْفَعَةِ (مِنْهَا، كَأَرْضٍ سَبِخَةٍ لَا تُنْبِتُ) إذَا أُجِّرَتْ (لِلزَّرْعِ) ؛؛ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ عَقْدٌ عَلَى الْمَنْفَعَةِ وَلَا يُمْكِنُ تَسْلِيمُ هَذِهِ الْمَنْفَعَةِ فِي هَذِهِ الْعَيْنِ (أَوْ) أَرْضٍ (لَا مَاءَ لَهَا) بِحَيْثُ لَا يُمْكِنُ زَرْعُهَا (أَوْ) أَرْضٍ (لَهَا مَاءٌ لَا يَدُومُ) لِمُدَّةِ الزَّرْعِ (فَلَا تَصِحُّ إجَارَتُهَا لِلزَّرْعِ) لِمَا تَقَدَّمَ.
(وَلَا) إجَارَةَ (دِيكٍ لِيُوقِظَهُ لِوَقْتِ الصَّلَاةِ) وَلَا طَائِرٍ لِيَسْمَعَ صَوْتَهُ؛؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْمَنْفَعَةَ لَيْسَتْ مُتَقَوَّمَةً وَلَا مَقْدُورًا عَلَى تَسْلِيمِهَا؛؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَصِحْ وَقَدْ لَا يَصِحْ.
(وَلَا) إجَارَةَ (مَا لَا يُنْتَفَعُ بِهِ مَعَ بَقَاءِ عَيْنِهِ كَ) إجَارَةِ (الْمَطْعُومِ وَالْمَشْرُوبِ وَنَحْوِهِ) كَالْمَشْمُومِ مِنْ الرَّيَاحِينِ وَمَاءِ الْوَرْدِ.
(وَيَصِحُّ اسْتِئْجَارُ دَارٍ يَجْعَلُهَا مَسْجِدًا) يُصَلِّي فِيهِ؛؛ لِأَنَّهَا مَنْفَعَةٌ مُبَاحَةٌ يُمْكِنُ اسْتِيفَاؤُهَا مِنْ الدَّارِ مَعَ بَقَائِهَا.
(أَوْ) اسْتِئْجَارُ (حَائِطٍ لِيَضَعَ عَلَيْهِ أَطْرَافَ خَشَبِهِ إذَا كَانَ الْخَشَبُ مَعْلُومًا) وَالْمُدَّةُ مَعْلُومَةً وَكَذَا لَوْ اسْتَأْجَرَهَا لِيَبْنِيَ عَلَيْهَا بِنَاءً مَعْلُومًا؛ لِأَنَّهَا مُبَاحَةٌ، فَتُسْتَوْفَى مَعَ بَقَاءِ الْعَيْنِ.
(وَ) يَصِحُّ (اسْتِئْجَارُ فَهْدٍ وَهِرٍّ وَصَقْرٍ وَبَازٍ وَنَحْوِهِ) مِمَّا يَصْلُحُ (لِلصَّيْدِ) ؛ لِأَنَّ فِيهِ نَفْعًا مُبَاحًا وَكَذَا يَصِحُّ اسْتِئْجَارُ حَيَوَانٍ لِلْحِرَاسَةِ وَ (لَا) يَصِحُّ اسْتِئْجَارُ (سِبَاعِ الْبَهَائِمِ الَّتِي لَا تَصْلُحُ لَهَا) أَيْ لِلصَّيْدِ؛ لِأَنَّهَا لَا تَنْفَعُ فِيهَا.
(وَلَا) يَصِحُّ اسْتِئْجَارُ (خِنْزِيرٍ وَلَا كَلْبٍ وَلَوْ كَانَ يَصِيدُ أَوْ يَحْرُسُ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ بَيْعُهُ.
(وَيَصِحُّ اسْتِئْجَارُ كِتَابٍ لِلْقِرَاءَةِ) فِيهِ (وَالنَّظَرِ فِيهِ) أَيْ مُرَاجَعَةِ الْمَسَائِلِ (أَوْ فِيهِ) أَيْ الْكِتَابِ (خَطٌّ حَسَنٌ يُجَوِّدُ خَطَّهُ عَلَيْهِ) ؛؛ لِأَنَّ نَفْعَهُ مُبَاحٌ مَقْصُودٌ يُسْتَوْفَى مَعَ بَقَاءِ الْكِتَابِ (إلَّا الْمُصْحَفَ، فَلَا تَصِحُّ) إجَارَتُهُ وَإِنْ صَحَّحْنَا بَيْعَهُ تَعْظِيمًا لَهُ (وَيَجُوزُ نَسْخُهُ) أَيْ الْمُصْحَفِ (بِأُجْرَةٍ) ؛ لِأَنَّهُ عَمَلٌ مُبَاحٌ مَقْصُودٌ (وَتَقَدَّمَ) ذَلِكَ (فِي كِتَابِ الْبَيْعِ وَ) فِي غَيْرِهِ مُفَصَّلًا.
(وَيَصِحُّ اسْتِئْجَارُ نَقْدٍ) أَيْ دَرَاهِمَ وَدَنَانِيرَ (لِلتَّحَلِّي وَالْوَزْنِ) مُدَّةً مَعْلُومَةً؛ لِأَنَّ نَفْعَهُ مُبَاحٌ يُسْتَوْفَى مَعَ بَقَاءِ الْعَيْنِ، وَكَالْحُلِيِّ (
(وَ) كَذَا (مَا اُحْتِيجَ إلَيْهِ كَالْأَنْفِ) مِنْ ذَهَبٍ.
(وَرَبْطِ الْأَسْنَانِ بِهِ) مُدَّةً مَعْلُومَةً، فَتَصِحُّ إجَارَتُهُ لِذَلِكَ، لِمَا مَرَّ (فَإِنْ أَطْلَقَ الْإِجَارَةَ) عَلَى النَّقْدِ بِأَنْ لَمْ يَذْكُرْ وَزْنًا وَلَا تَحَلِّيًا وَنَحْوَهُ (لَمْ تَصِحَّ) الْإِجَارَةُ، وَتَكُونُ قَرْضًا فِي ذِمَّةِ الْقَابِضِ؛؛ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ تَقْتَضِي الِانْتِفَاعَ، وَالِانْتِفَاعُ الْمُعْتَادُ بِالدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ إنَّمَا هُوَ بِأَعْيَانِهَا فَإِذَا أُطْلِقَ الِانْتِفَاعُ حُمِلَ عَلَى الْمُعْتَادِ.
(وَلَوْ أَجَّرَهُ مَكِيلًا أَوْ مَوْزُونًا أَوْ فُلُوسًا) لِيُعَايِرَ عَلَيْهَا، صَحَّتْ كَالنَّقْدِ لِلْوَزْنِ وَإِنْ أَطْلَقَ (لَمْ تَصِحَّ) الْإِجَارَةُ وَعَلَى قِيَاسِ مَا سَبَقَ تَكُونُ قَرْضًا.
(وَيَجُوزُ اسْتِئْجَارُ الشَّجَرَةِ لِيُجَفِّفَ عَلَيْهَا الثِّيَابَ أَوْ) لِ (بَسْطِهَا) أَيْ الثِّيَابِ (عَلَيْهَا) أَيْ الشَّجَرَةِ (لِيَسْتَظِلَّ بِظِلِّهَا) ؛؛ لِأَنَّهُ مَنْفَعَةٌ مُبَاحَةٌ مَقْصُودَةٌ يُمْكِنُ اسْتِيفَاؤُهَا مَعَ بَقَاءِ الْعَيْنِ فَجَازَ اسْتِئْجَارُهَا لَهَا كَالْحِبَالِ وَالْخَشَبِ وَالشَّجَرِ الْمَقْطُوعِ.
(وَ) يَجُوزُ اسْتِئْجَارُ (مَا يَبْقَى مِنْ الطِّيبِ) كَالْعَنْبَرِ (وَالصَّنْدَلِ وَقِطَعِ الْكَافُورِ وَنَحْوِهِ) كَمِسْكٍ (لِلشَّمِّ) مُدَّةً مُعَيَّنَةً ثُمَّ يَرُدُّهُ؛ لِأَنَّهَا مَنْفَعَةٌ مُبَاحَةٌ أَشْبَهَتْ اسْتِئْجَارَ الثَّوْبِ لِلُّبْسِ، مَعَ أَنَّهُ لَا يَنْفَكُّ مِنْ إخْلَاقٍ.
(وَيَصِحُّ اسْتِئْجَارُ وَلَدِهِ) لِخِدْمَتِهِ (وَوَالِدِهِ لِخِدْمَتِهِ) كَأَجْنَبِيٍّ.
(وَيُكْرَهُ) الِاسْتِئْجَارُ لِلْخِدْمَةِ (فِي وَالِدَيْهِ) وَإِنْ عَلَوَا، لِمَا فِيهِ مِنْ إذْلَالِ الْوَالِدَيْنِ بِالْحَبْسِ عَلَى خِدْمَةِ الْوَلَدِ.
(وَيَصِحُّ اسْتِئْجَارُ امْرَأَتِهِ لِرَضَاعِ وَلَدِهِ) سَوَاءٌ كَانَ (مِنْهَا أَوْ مِنْ غَيْرِهَا، وَ) يَصِحُّ أَيْضًا اسْتِئْجَارُهَا عَلَى (حَضَانَتِهِ، بَائِنًا كَانَتْ) الْمَرْأَةُ (أَوْ فِي حِبَالِهِ) ؛؛ لِأَنَّ كُلَّ عَقْدٍ يَصِحُّ أَنْ تَعْقِدَهُ مَعَ غَيْرِ الزَّوْجِ يَصِحُّ أَنْ تَعْقِدَهُ مَعَ الزَّوْجِ كَالْبَيْعِ، وَ؛ لِأَنَّ مَنَافِعَهَا مِنْ الرَّضَاعِ وَالْحَضَانَةِ غَيْرُ مُسْتَحَقَّةٍ لِلزَّوْجِ، بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُ إجْبَارَهَا عَلَى حَضَانَةِ وَلَدِهَا وَلَا عَلَى إرْضَاعِهِ وَيَجُوزُ لَهَا أَنْ تَأْخُذَ عَلَيْهَا الْعِوَضَ مِنْ غَيْرِهِ فَجَازَ لَهَا أَخْذُهُ مِنْهُ كَثُمُنِ مَالِهَا، وَاسْتِحْقَاقُهُ لِمَنْفَعَتِهَا مِنْ جِهَةِ الِاسْتِمْتَاعِ لَا يَمْنَعُ اسْتِحْقَاقَ مَنْفَعَةٍ سِوَاهَا بِعِوَضٍ آخَرَ.
(وَلَا تَصِحُّ إجَارَةُ الْعَيْنِ إلَّا بِشُرُوطٍ خَمْسَةٍ أَحَدُهَا: أَنْ يَعْقِدَ عَلَى نَفْعِ الْعَيْنِ) الَّذِي يُسْتَوْفَى (دُونَ أَجْزَائِهَا فَلَا تَصِحُّ إجَارَةُ الطَّعَامِ لِلْأَكْلِ، كَمَا تَقَدَّمَ وَلَا) إجَارَةُ (الشَّمْعِ لِيُشْعِلَهُ) وَلَا الصَّابُونِ لِيَغْسِلَ بِهِ (وَلَا) أَنْ يَسْتَأْجِرَ (حَيَوَانًا لِيَأْخُذَ لَبَنَهُ وَلَا) حَيَوَانًا لِ (يُرْضِعَهُ وَلَدَهُ وَنَحْوَهُ) كَقِنِّهِ.
(وَلَا) أَنْ يَسْتَأْجِرَ حَيَوَانًا (لِيَأْخُذَ صُوفَهُ وَشَعْرَهُ وَنَحْوَهُ) كَوَبَرِهِ أَوْ وَلَدِهِ؛ لِأَنَّ مَوْرِدَ عَقْدِ الْإِجَارَةِ النَّفْعُ وَالْمَقْصُودُ هَهُنَا الْعَيْنُ، وَهِيَ لَا تُمْلَكُ وَلَا تُسْتَحَقُّ بِإِجَارَةٍ.
وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: تَجُوزُ إجَارَةُ حَيَوَانٍ لِأَخْذِ لَبَنِهِ وَالْمَذْهَبُ لَا يَصِحُّ ذَلِكَ فِي حَيَوَانٍ (إلَّا فِي الظِّئْرِ) أَيْ آدَمِيَّةٍ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ} [الطلاق: 6] (
وَالْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْبَهَائِمِ: أَنَّهُ يَحْصُلُ مِنْهَا عَمَلٌ مِنْ وَضْعِ الثَّدْيِ فِي فَمِ الْمُرْتَضِعِ وَنَحْوِهِ، بِخِلَافِ الْبَهِيمَةِ وَلِلضَّرُورَةِ.
(وَلَا) يَصِحُّ (اسْتِئْجَارُ شَجَرَةٍ لِيَأْخُذَ ثَمَرَهَا أَوْ شَيْئًا مِنْ عَيْنِهَا) كَالْحَيَوَانِ لِأَخْذِ لَبَنِهِ.
(وَنَقْعُ الْبِئْرِ) فِي الدَّارِ وَالْأَرْضِ وَنَحْوِهَا (يَدْخُلُ تَبَعًا لِلدَّارِ وَنَحْوِهَا) لَا أَصَالَةً قَالَ فِي الِانْتِصَارِ: قَالَ أَصْحَابُنَا لَوْ غَارَ مَاءُ دَارٍ مُؤَجَّرَةٍ فَلَا فَسْخَ لِعَدَمِ دُخُولِهِ فِي الْإِجَارَةِ.
وَفِي الْفُصُولِ: لَا يُسْتَحَقُّ بِالْإِجَارَةِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يُمْلَكُ بِالْحِيَازَةِ.
(قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ يَجُوزُ اسْتِئْجَارُ الْبِئْرِ لِيَسْتَقِيَ مِنْهُ أَيَّامًا مَعْلُومَةً، أَوْ) يَسْتَقِيَ مِنْهَا (دِلَاءً مَعْلُومَةً؛ لِأَنَّ هَوَاءَ الْبِئْرِ وَعُمْقَهَا فِيهِ نَوْعُ انْتِفَاعٍ بِمُرُورِ الدَّلْوِ فِيهِ، فَأَمَّا الْمَاءُ فَيُؤْخَذُ عَلَى الْإِبَاحَةِ انْتَهَى) ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يُمْلَكُ بِالْحِيَازَةِ كَمَا تَقَدَّمَ قَالَ فِي الْمُغْنِي: وَهَذَا التَّعْلِيلُ يَقْتَضِي أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَسْتَأْجِرَ مِنْهُ بِرْكَتَهُ لِيَصْطَادَ مِنْهَا السَّمَكَ مُدَّةً مَعْلُومَةً انْتَهَى وَهُوَ وَاضِحٌ إذَا لَمْ تُعْمَلْ لِلسَّمَكِ؛؛ لِأَنَّ هَوَاءَ الْبِرْكَةِ وَعُمْقَهَا فِيهِ نَوْعُ انْتِفَاعٍ بِمُرُورِ آلَةِ الصَّيْدِ وَالسَّمَكُ يُؤْخَذُ عَلَى الْإِبَاحَةِ وَأَمَّا إذَا عُمِلَتْ لِلسَّمَكِ فَإِنَّهُ يُمْلَكُ بِحُصُولِهِ فِيهَا كَمَا يَأْتِي فِي الصَّيْدِ فَلَا تَصِحُّ الْإِجَارَةُ لِأَخْذِهِ لَكِنْ إنْ أَجَّرَهَا قَبْلَ حُصُولِ السَّمَكِ بِهَا لِمَنْ يَصْطَادُهُ مِنْهَا مُدَّةً مَعْلُومَةً صَحَّ فَإِذَا حَصَلَ فِيهَا فَلَهُ صَيْدُهُ (وَيَدْخُلُ أَيْضًا تَبَعًا حِبْرُ نَاسِخٍ) وَأَقْلَامُهُ فِي اسْتِئْجَارٍ عَلَى نَسْخٍ (وَخُيُوطُ خَيَّاطٍ) فِي اسْتِئْجَارٍ عَلَى خِيَاطَةٍ (وَكُحْلُ كَحَّالٍ) فِي اسْتِئْجَارٍ عَلَى كُحْلٍ (وَمَرْهَمُ طَبِيبٍ) فِي اسْتِئْجَارِهِ لِمُدَاوَاةٍ مُدَّةً مَعْلُومَةً (وَصِبْغُ صَبَّاغٍ) فِي إجَارَةٍ لِصَبْغٍ (وَنَحْوِهِ) كَقَلْيِ قَصَّارٍ وَقَرَظِ دَبَّاغٍ، وَلِصَاقِ لَصَّاقٍ، وَمَاءِ عَجَّانٍ.
(وَسُئِلَ) الْإِمَامُ (أَحْمَدُ عَنْ إجَارَةِ بَيْتِ الرَّحَى الَّذِي يُدِيرُهُ الْمَاءُ؟ فَقَالَ: الْإِجَارَةُ عَلَى الْبَيْتِ وَالْأَحْجَارِ وَالْحَدِيدِ وَالْخَشَبِ، فَأَمَّا الْمَاءُ فَإِنَّهُ يَزِيدُ وَيَنْقُصُ وَيَنْضَبُ) أَيْ يَغُورُ (وَيَذْهَبُ فَلَا يَقَعُ عَلَيْهِ إجَارَةٌ) لِعَدَمِ انْضِبَاطِهِ.
(وَلَا يَجُوزُ اسْتِئْجَارُ الْفَحْلِ لِلضِّرَابِ)«لِنَهْيِهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ عَسْبِ الْفَحْلِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَالْعَسْبُ إعْطَاءُ الْكِرَاءِ عَلَى الضِّرَابِ عَلَى أَحَدِ التَّفَاسِيرِ وَ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ الْمَاءُ وَهُوَ مُحَرَّمٌ لَا قِيمَةَ لَهُ، فَلَمْ يَجُزْ أَخْذُهُ الْعِوَضَ عَنْهُ كَالْمَيْتَةِ (فَإِنْ احْتَاجَ) إنْسَانٌ (إلَى ذَلِكَ وَلَمْ يَجِدْ مِنْ يَطْرُقُ لَهُ) دَابَّتَهُ مَجَّانًا (جَازَ لَهُ) أَيْ لِرَبِّ الدَّابَّةِ (أَنْ يَبْذُلَ الْكِرَاءَ) ؛؛ لِأَنَّهُ بَذْلٌ لِتَحْصِيلِ مَنْفَعَةٍ مُبَاحَةٍ تَدْعُو الْحَاجَةُ إلَيْهَا، فَجَازَ (كَشِرَاءِ الْأَسِيرِ وَرِشْوَةِ الظَّالِمِ لِيَدْفَعَ ظُلْمَهُ وَيَحْرُمُ عَلَى الْمُطْرِقِ) وَهُوَ رَبُّ الْفَحْلِ (أَخْذُهُ) أَيْ الْعِوَضِ لِلنَّهْيِ السَّابِقِ، (وَإِنْ أَطْرَقَ إنْسَانٌ فَحْلَهُ بِغَيْرِ إجَارَةٍ وَلَا شَرْطٍ فَأُهْدِيَتْ لَهُ هَدِيَّةٌ أَوْ أُكْرِمَ بِكَرَامَةٍ لِذَلِكَ، فَلَا بَأْسَ) ؛؛ لِأَنَّهُ فَعَلَ مَعْرُوفًا فَجَازَتْ مُجَازَاتُهُ (
عَلَيْهِ قَالَ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ: وَنَقَلَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَمْ يَبْلُغْنَا أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَعْطَى شَيْئًا كَالْحَمَّامِ، فَحَمَلَهُ الْقَاضِي عَلَى ظَاهِرِهِ وَإِنَّهُ مُقْتَضَى النَّظَرِ وَحَمَلَهُ فِي الْمُغْنِي عَلَى الْوَرَعِ وَهُوَ ظَاهِرٌ قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: فَلَوْ أَنَزَاهُ عَلَى فَرَسِهِ فَنَقَصَ ضَمِنَ النَّقْصَ، قَالَهُ فِي الْمُبْدِعِ.
الشَّرْطُ (الثَّانِي مَعْرِفَةُ الْعَيْنِ) الْمُؤَجَّرَةِ (بِرُؤْيَةٍ) إنْ كَانَتْ تَنْضَبِطُ بِالصِّفَاتِ، كَالدَّارِ وَالْحَمَّامِ (أَوْ صِفَةٍ يَحْصُلُ بِهَا مَعْرِفَتُهُ) أَيْ الْمُؤَجَّرِ (كَمَبِيعٍ) ؛ لِأَنَّ الْغَرَضَ يَخْتَلِفُ وَإِنْ جَرَتْ الْإِجَارَةُ فِي الْمَوْصُوفَةِ فِي الذِّمَّةِ بِلَفْظِ سَلَمٍ اُعْتُبِرَ قَبْضُ أُجْرَةٍ بِمَجْلِسِ عَقْدٍ وَتَأْجِيلُ نَفْعٍ، فَيَجْرِي السَّلَمُ فِي الْمَنَافِعِ كَالْأَعْيَانِ، (فَإِنْ لَمْ تَحْصُلْ) الْمَعْرِفَةُ (بِهَا) أَيْ الصِّفَةِ بِأَنْ لَمْ يَذْكُرْ مِنْ صِفَاتِهِ مَا يَكْفِي فِي السَّلَمِ (أَوْ كَانَتْ) الصِّفَةُ (لَا تَأْتِي فِيهَا) أَيْ الْمُؤَجَّرَةِ (كَالدَّارِ وَالْعَقَارِ) مِنْ بَسَاتِينَ وَنَخِيلٍ وَأَرْضٍ وَعَطْفُهُ عَلَى الدَّارِ مِنْ عَطْفِ الْعَامِّ عَلَى الْخَاصِّ (فَتُشْتَرَطُ مُشَاهَدَتُهُ وَتَحْدِيدُهُ، وَمُشَاهَدَةُ قَدْرِ الْحَمَّامِ، وَمَعْرِفَةُ مَائِهِ، وَ) مَعْرِفَةُ (مَصْرِفِهِ) أَيْ الْمَاءِ (وَمُشَاهَدَةُ الْإِيوَانِ، وَمَطْرَحِ الرَّمَادِ، وَمَوْضِعِ الزِّبْلِ) وَمَا رُوِيَ مِنْ أَنَّ الْإِمَامَ كَرِهَ كِرَاءَ الْحَمَّامِ؛؛ لِأَنَّهُ يَدْخُلُهُ مَنْ تَنْكَشِفُ عَوْرَتُهُ فِيهِ، حَمَلَهُ ابْنُ حَامِدٍ عَلَى التَّنْزِيهِ، وَالْعَقْدُ صَحِيحٌ حَكَاهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ إجْمَاعًا حَيْثُ حَدَّدَهُ، وَذَكَرَ جَمِيعَ آلَتِهِ شُهُورًا مُسَمَّاةً.
الشَّرْطُ (الثَّالِثُ الْقُدْرَةُ عَلَى التَّسْلِيمِ) ؛ لِأَنَّهَا بَيْعٌ لِمَنَافِعَ أَشْبَهَتْ بَيْعَ الْأَعْيَانِ (فَلَا تَصِحُّ إجَارَةُ) الْعَبْدِ (الْآبِقِ، وَ) لَا الْجَمَلِ (الشَّارِدِ) وَقِيَاسُ الْبَيْعِ وَلَوْ مِنْ قَادِرٍ عَلَى تَحْصِيلِهِمَا.
(وَ) لَا إجَارَةُ (الْمَغْصُوبِ مِمَّنْ لَا يَقْدِرُ عَلَى أَخْذِهِ مِنْهُ) أَيْ الْغَاصِبِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ تَسْلِيمُ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ، فَلَا تَصِحُّ إجَارَتُهُ كَبَيْعِهِ وَكَذَا الطَّيْرُ فِي الْهَوَاءِ.
(وَلَا) تَصِحُّ (إجَارَةُ مُشَاعٍ مُفْرَدٍ لِغَيْرِ شَرِيكِهِ؛ لِأَنَّهُ) أَيْ الْمُؤَجِّرَ (لَا يَقْدِرُ عَلَى تَسْلِيمِهِ) إلَّا بِتَسْلِيمِ نَصِيبِ شَرِيكِهِ، وَلَا وَلَايَةَ عَلَيْهِ، فَلَمْ يَصِحَّ كَالْمَغْصُوبِ.
(وَإِنْ كَانَتْ) الْعَيْنُ (لِوَاحِدٍ فَأَجَّرَ) رَبُّ الْعَيْنِ (نِصْفَهُ) أَيْ نِصْفَ الْمُؤَجَّرِ (صَحَّ؛؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُهُ تَسْلِيمُهُ) إذْ الْعَيْنُ كُلُّهَا لَهُ، فَيُسَلِّمُهَا لِلْمُسْتَأْجِرِ، ثُمَّ إنْ أَجَّرَ النِّصْفَ الْآخَرَ لِلْأَوَّلِ صَحَّ، وَإِنْ كَانَ لِغَيْرِهِ فَوَجْهَانِ (إلَّا أَنَّهُ يُؤْجِرَ الشَّرِيكَانِ) الْمُشْتَرَكَ (مَعًا) لِوَاحِدٍ، فَيَصِحُّ لِعَدَمِ الْمَانِعِ (أَوْ) يُؤَجِّرَ أَحَدُهُمَا لِلْآخَرِ أَوْ لِغَيْرِهِ (بِإِذْنِهِ) أَيْ شَرِيكِهِ.
(قَالَهُ فِي الْفَائِقِ وَهُوَ مُقْتَضَى تَعْلِيلِهِمْ) بِكَوْنِهِ لَا يَقْدِرُ عَلَى تَسْلِيمِهِ؛ لِأَنَّهُ إذَا أَذِنَ لَهُ فَقَدْ قَدَرَ عَلَى التَّسْلِيمِ وَقَدْ يُمْنَعُ إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ الْإِذْنِ فِي الْإِجَارَةِ الْإِذْنُ فِي التَّسْلِيمِ وَأَيْضًا الْإِذْنُ لَيْسَ بِلَازِمٍ، فَإِذَا أَذِنَ ثُمَّ رَجَعَ صَحَّ رُجُوعُهُ، فَلَا يَتَأَتَّى التَّسْلِيمُ وَمُقْتَضَى التَّعْلِيلِ أَنَّ الْعَيْنَ لَوْ كَانَتْ (
لِجَمْعٍ فَأَجَّرَ أَحَدُهُمْ نَصِيبَهُ لِوَاحِدٍ مِنْهُمْ بِغَيْرِ إذْنِ الْبَاقِينَ لَمْ تَصِحَّ قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: لَا تَصِحُّ إلَّا لِشَرِيكِهِ بِالْبَاقِي أَوْ مَعَهُ لِثَالِثٍ.
(وَلَا) تَصِحُّ إجَارَةُ (عَيْنٍ لِاثْنَيْنِ فَأَكْثَرَ، وَهِيَ) أَيْ الْعَيْنُ (لِوَاحِدٍ؛) ؛ لِأَنَّهُ يُشْبِهُ إجَارَةَ الْمُشَاعِ.
(وَعَنْهُ) أَيْ الْإِمَامِ بَلَى تَصِحُّ إجَارَةُ الْمُشَاعِ لِغَيْرِ الشَّرِيكِ (اخْتَارَهُ جَمْعٌ) مِنْهُمْ أَبُو حَفْصٍ وَأَبُو الْخَطَّابِ وَالْحَلْوَانِيُّ وَصَاحِبُ الْفَائِقِ، وَابْنُ عَبْدِ الْهَادِي قَالَ فِي التَّنْقِيحِ وَهُوَ أَظْهَرُ، وَعَلَيْهِ الْعَمَلُ، انْتَهَى وَعَلَيْهِ، فَتَصِحُّ إجَارَةُ الْعَيْنِ لِاثْنَيْنِ فَأَكْثَرَ وَهِيَ لِوَاحِدٍ.
وَإِنْ أَجَّرَ اثْنَانِ دَارَهُمَا مِنْ وَاحِدٍ صَفْقَةً وَاحِدَةً عَلَى أَنَّ نَصِيبَ أَحَدِهِمَا بِعَشَرَةٍ وَالْآخَرَ بِعِشْرِينَ صَحَّ.
وَإِنْ أَجَّرَ اثْنَانِ دَارَهُمَا مِنْ رَجُلٍ وَاحِدٍ ثُمَّ أَقَالَهُ أَحَدٌ صَحَّ، وَبَقِيَ الْعَقْدُ فِي نَصِيبِ الْآخَرِ ذَكَرَهُ الْقَاضِي ثُمَّ قَالَ: وَلَا يَمْتَنِعُ أَنْ نَقُولَ بِفَسْخِ الْعَقْدِ فِي الْكُلِّ.
الشَّرْطُ (الرَّابِعُ اشْتِمَالُهَا عَلَى الْمَنْفَعَةِ) الْمَعْقُودِ عَلَيْهَا (فَلَا تَصِحُّ إجَارَةُ بَهِيمَةٍ زَمِنَةٍ لِلْحَمْلِ) أَوْ الرُّكُوبِ (وَلَا) إجَارَةُ (أَخْرَسَ عَلَى تَعْلِيمِ مَنْطُوقٍ، وَلَا) إجَارَةُ (أَعْمَى لِلْحِفْظِ) أَيْ لِيَحْفَظَ شَيْئًا يَحْتَاجُ إلَى رُؤْيَةٍ؛؛ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ عَقْدٌ عَلَى الْمَنْفَعَةِ وَلَا يُمْكِنُ تَسْلِيمُ هَذِهِ الْمَنْفَعَةِ مِنْ هَذِهِ الْعَيْنِ.
(وَلَا) تَصِحُّ إجَارَةُ (كَافِرٍ لِعَمَلٍ فِي الْحَرَمِ) ؛؛ لِأَنَّ الْمَنْعَ الشَّرْعِيَّ كَالْحِسِّيِّ، (وَلَا) إجَارَةُ (لِقَلْعِ سِنٍّ سَلِيمَةٍ أَوْ قَطْعِ يَدٍ سَلِيمَةٍ) وَكَذَا سَائِرُ الْأَعْضَاءِ.
(وَلَا الْحَائِضِ وَالنُّفَسَاءِ عَلَى كَنْسِ الْمَسْجِدِ فِي حَالَةٍ لَا تَأْمَنُ فِيهَا تَلْوِيثَهُ) قُلْتُ: وَكَذَا مَنْ بِهِ نَجَاسَةٌ تَتَعَدَّى، (وَلَا عَلَى تَعْلِيمِ الْكَافِرِ الْقُرْآنَ) قُلْتُ: وَيَنْبَغِي مِثْلُهُ التَّفْسِيرُ وَالْحَدِيثُ وَكِتَابُ نَحْوٍ يَشْتَمِلُ عَلَى آيَاتٍ وَأَحَادِيثَ (وَلَا) إجَارَةٌ (عَلَى تَعْلِيمِ السِّحْرِ وَالْفُحْشِ وَالْخِنَاءِ) بِكَسْرِ الْخَاءِ وَالْمَدِّ (أَوْ عَلَى تَعْلِيمِ التَّوْرَاةِ وَالْكُتُبِ الْمَنْسُوخَةِ) قُلْتُ: أَوْ الْعُلُومِ الْمُحَرَّمَةِ؛ لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّ الْمَنْعَ الشَّرْعِيَّ كَالْحِسِّيِّ.
(وَلَا) تَصِحُّ (إجَارَةُ أَرْضٍ لَا تُنْبِتُ لِلزَّرْعِ كَمَا تَقَدَّمَ، وَلَا حَمَامٍ لِحَمْلِ كُتُبٍ) لِتَعْذِيبِهِ قَالَهُ فِي الْمُوجَزِ وَفِيهِ احْتِمَالٌ قَالَ فِي التَّبْصِرَةِ: هُوَ أَوْلَى.
وَالشَّرْطُ (الْخَامِسُ: كَوْنُ الْمَنْفَعَةِ مَمْلُوكَةً لِلْمُؤَجِّرِ أَوْ مَأْذُونًا لَهُ فِيهَا) ؛؛ لِأَنَّهَا بَيْعُ الْمَنَافِعِ فَاشْتُرِطَ فِيهَا ذَلِكَ كَالْبَيْعِ فَلَوْ أَجَّرَ مَا لَا يَمْلِكُهُ وَلَا أُذِنَ لَهُ فِيهِ لَمْ يَصِحَّ كَبَيْعِهِ.
(وَتَصِحُّ إجَارَةُ مُسْتَأْجَرِ) الْعَيْنِ الْمُؤَجَّرَةِ (لِمَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ) فِي اسْتِيفَاءِ النَّفْعِ (أَوْ) لِمَنْ (دُونَهُ فِي الضَّرَرِ) ؛؛ لِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ لَمَّا كَانَتْ مَمْلُوكَةً لَهُ، جَازَ لَهُ أَنْ يَسْتَوْفِيَهَا بِنَفْسِهِ وَنَائِبِهِ.
(وَلَا يَجُوزُ) لِلْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يُؤْجِرَهَا (لِمَنْ هُوَ أَكْثَرُ ضَرَرًا مِنْهُ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّهُ، (وَلَا) إجَارَتُهَا (لِمَنْ يُخَالِفُ ضَرَرُهُ ضَرَرَهُ) لِمَا مَرَّ (مَا لَمْ يَكُنْ الْمَأْجُورُ (
حُرًّا كَبِيرًا) كَانَ (أَوْ صَغِيرًا) خِلَافًا لِلتَّنْقِيحِ، حَيْثُ قَيَّدَ بِالْكَبِيرِ (فَإِنَّهُ لَيْسَ لِمُسْتَأْجِرٍ أَنْ يُؤَجِّرَهُ) ؛ لِأَنَّهُ لَا تَثْبُتُ يَدُ غَيْرِهِ عَلَيْهِ وَإِنَّمَا هُوَ يُسَلِّمُ نَفْسَهُ إنْ كَانَ كَبِيرًا، (أَوْ يُسَلِّمُهُ وَلِيُّهُ) إنْ كَانَ صَغِيرًا.
(وَتَصِحُّ) إجَارَةُ الْعَيْنِ الْمُؤَجَّرَةِ (لِغَيْرِ مُؤَجِّرِهَا وَ) تَصِحُّ (لِمُؤَجِّرِهَا بِمِثْلِ الْأُجْرَةِ، وَ) بِ (زِيَادَةٍ) عَلَى الْأُجْرَةِ الَّتِي اسْتَأْجَرَ بِهَا؛ لِأَنَّهُ عَقْدٌ يَجُوزُ بِرَأْسِ الْمَالِ، فَجَازَ بِزِيَادَةٍ (وَلَوْ لَمْ يَقْبِضْ) الْمُسْتَأْجِرُ (الْمَأْجُورَ) سَوَاءٌ أَجَّرَهُ لِمُؤْجِرِهِ أَوْ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّ قَبْضَ الْعَيْنِ لَا يَنْتَقِلُ بِهِ الضَّمَانُ إلَيْهِ فَلَمْ يَقِفْ جَوَازُ التَّصَرُّفِ عَلَيْهِ بِخِلَافِ بَيْعِ الْمَكِيلِ وَنَحْوِهِ قَبْلَ قَبْضِهِ (مَا لَمْ تَكُنْ) إجَارَتُهُ لِمُؤَجِّرِهِ بِزِيَادَةٍ (حِيلَةً) كَعِينَةٍ بِأَنْ أَجَّرَهَا بِأُجْرَةٍ حَالَّةً نَقْدًا ثُمَّ أَجَّرَهَا بِأَكْثَرَ مِنْهُ مُؤَجَّلًا، فَلَا يَصِحُّ لِمَا سَبَقَ فِي مَسْأَلَةِ الْعِينَةِ.
(وَلَيْسَ لِلْمُؤَجِّرِ) الْأَوَّلِ (مُطَالَبَةُ الْمُؤَجِّرِ الثَّانِي بِالْأُجْرَةِ) ؛؛ لِأَنَّ غَرِيمَ الْغَرِيمِ لَيْسَ بِغَرِيمٍ قُلْتُ: إنْ غَابَ الْمُسْتَأْجِرُ الْأَوَّلُ أَوْ امْتَنَعَ فَلِلْمُؤْجِرِ رَفْعُ الْأَمْرِ لِلْحَاكِمِ فَيَأْخُذُ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ الثَّانِي وَيُوَفِّيهِ أُجْرَتَهُ، أَوْ مِنْ مَالِ الْمُسْتَأْجِرِ الْأَوَّلِ إنْ كَانَ وَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ حَفِظَهُ لِلْمُسْتَأْجِرِ وَإِنْ بَقِيَ لَهُ شَيْءٌ فَمَتَى وُجِدَ لَهُ مَالٌ وَفَّاهُ مِنْهُ كَمَا يَأْتِي فِي الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ.
(وَإِذَا تَقَبَّلَ) الْأَجِيرُ (عَمَلًا فِي ذِمَّتِهِ بِأُجْرَةٍ كَخِيَاطَةٍ أَوْ غَيْرِهَا فَلَا بَأْسَ أَنْ يَقْبَلَهُ غَيْرُهُ بِأَقَلَّ مِنْهَا) أَيْ أُجْرَتِهِ (وَلَوْ لَمْ يُعَيِّنْ فِيهِ بِشَيْءٍ) مِنْ الْعَمَلِ؛ لِأَنَّهُ إذَا جَازَ أَنْ يَقْبَلَهُ بِمِثْلِ الْأَجْرِ الْأَوَّلِ أَوْ أَكْثَرَ جَازَ بِدُونِهِ كَالْبَيْعِ، وَكَإِجَارَةِ الْعَيْنِ.
(وَلِمُسْتَعِيرٍ إجَارَتُهَا) أَيْ الْعَيْنِ الْمُعَارَةِ (إنْ أَذِنَ لَهُ مُعِيرٌ فِيهَا) أَيْ فِي إجَارَتِهَا؛ لِأَنَّهُ لَوْ أَذِنَ لَهُ فِي بَيْعِهَا لَجَازَ فَكَذَا فِي إجَارَتِهَا وَ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُ فَجَازَ بِإِذْنِهِ وَقَوْلُهُ (مُدَّةً يُعَيِّنُهَا) مُتَعَلِّقٌ بِإِجَارَتِهَا؛ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ عَقْدٌ لَازِمٌ لَا يَجُوزُ إلَّا فِي مُدَّةٍ مُعَيَّنَةٍ، ثُمَّ إنْ عَيَّنَ لَهُ رَبُّهَا مُدَّةً تَقَيَّدَ بِهَا وَإِلَّا فَكَوَكِيلٍ مُطْلَقٍ يُؤَجِّرُ الْعُرْفَ كَمَا يَأْتِي (وَالْأُجْرَةُ لِرَبِّهَا) دُونَ الْمُسْتَعِيرِ لِانْفِسَاخِ الْعَارِيَّةِ بِوُرُودِ الْإِجَارَةِ عَلَيْهَا؛ لِكَوْنِ الْإِجَارَةِ أَقْوَى لِلُزُومِهَا.
(وَلَا يَضْمَنُ مُسْتَأْجِرٌ) مِنْ مُسْتَعِيرٍ وَيَأْتِي فِي الْعَارِيَّةِ.
(وَتَصِحُّ إجَارَةُ وَقْفٍ؛) ؛ لِأَنَّ مَنَافِعَهُ مَمْلُوكَةٌ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ، فَجَازَ لَهُ إجَارَتُهَا كَالْمُسْتَأْجِرِ (فَإِنْ مَاتَ الْمُؤَجِّرُ انْفَسَخَتْ) الْإِجَارَةُ (إنْ كَانَ الْمُؤَجِّرُ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ نَاظِرًا بِأَصْلِ الِاسْتِحْقَاقِ، وَهُوَ مَنْ يَسْتَحِقُّ النَّظَرَ لِكَوْنِهِ مَوْقُوفًا عَلَيْهِ وَلَمْ يَشْرِطْ الْوَاقِفُ نَاظِرًا، بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمَوْقُوفَ عَلَيْهِ يَكُونُ لَهُ النَّظَرُ إذَا لَمْ يَشْرِطْ الْوَاقِفُ نَاظِرًا) وَهُوَ الْمَذْهَبُ وَوَجْهُ انْفِسَاخِهَا إذَنْ أَنَّ الْبَطْنَ الثَّانِيَ يَسْتَحِقُّ الْعَيْنَ بِجَمِيعِ مَنَافِعِهَا تَلَقِّيًا مِنْ الْوَاقِفِ بِانْقِرَاضِ الْأَوَّلِ، بِخِلَافِ الْمُطْلَقِ فَإِنَّ الْوَارِثَ يَمْلِكُهُ مِنْ جِهَةِ الْمَوْرُوثِ فَلَا يَمْلِكُ إلَّا (
مَا خَلَّفَهُ وَحَقُّ الْمُوَرِّثِ لَمْ يَنْقَطِعْ عَنْ مِيرَاثِهِ بِالْكُلِّيَّةِ، بَلْ آثَارُهُ بَاقِيَةٌ فِيهِ؛ لِهَذَا تُقْضَى مِنْهُ دُيُونُهُ وَتُنَفَّذُ وَصَايَاهُ (وَإِنْ جَعَلَ لَهُ) أَيْ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ (الْوَاقِفُ النَّظَرَ) بِأَنْ قَالَ: النَّظَرُ لِزَيْدٍ أَوْ لِلْأَرْشَدِ، فَالْأَرْشَدِ وَنَحْوِهِ (أَوْ تَكَلَّمَ بِكَلَامٍ يَدُلُّ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى جَعْلِ النَّظَرِ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ (فَلَهُ النَّظَرُ بِالِاسْتِحْقَاقِ وَالشَّرْطِ وَلَا تَبْطُلُ الْإِجَارَةُ بِمَوْتِهِ) ؛؛ لِأَنَّ إيجَارَهُ هُنَا بِطَرِيقِ الْوَلَايَةِ وَمَنْ يَلِي بَعْدَهُ إنَّمَا يَمْلِكُ التَّصَرُّفَ فِيمَا لَمْ يَتَصَرَّفْ فِيهِ الْأَوَّلُ (فَيَرْجِعُ مُسْتَأْجِرٌ) عَجَّلَ الْأُجْرَةَ (عَلَى مُؤَجِّرٍ قَابِضٍ) لِلْأُجْرَةِ (فِي تَرِكَتِهِ حَيْثُ قُلْنَا: تَنْفَسِخُ) الْإِجَارَةُ بِمَوْتِهِ كَالْمَسْأَلَةِ الْأَوْلَى؛؛ لِأَنَّهُ تَبَيَّنَ عَدَمُ اسْتِحْقَاقِهِ لَهَا، فَإِنْ تَعَذَّرَ أَخْذُهَا فَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهَا تَسْقُط قَالَهُ فِي الْمُبْدِعِ.
(وَمِثْلُهُ) أَيْ مِثْلُ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ (مُقْطَعٌ) أَرْضًا ارْتِفَاقًا إذَا (أَجَّرَ إقْطَاعَهُ انْتَقَلَ) مَا أَجَّرَهُ (إلَى غَيْرِهِ بِإِقْطَاعٍ آخَرَ) فَتَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ وَيَأْخُذُ الْمُنْتَقَلُ إلَيْهِ مَا يُقَابِلُ زَمَنَ اسْتِحْقَاقِهِ مِنْ مُسْتَأْجِرٍ، وَيَرْجِعُ مُسْتَأْجِرٌ عَلَى قَابِضٍ.
(وَإِنْ كَانَ الْمُؤَجِّرُ) لِلْوَقْفِ (النَّاظِرَ الْعَامَّ) وَهُوَ الْحَاكِمُ (أَوْ مَنْ شَرَطَ لَهُ الْوَاقِفُ النَّظَرَ، وَكَانَ أَجْنَبِيًّا أَوْ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ لَمْ تَنْفَسِخْ) الْإِجَارَةُ (بِمَوْتِهِ وَلَا بِعَزْلِهِ) فِي أَثْنَاءِ الْمُدَّةِ أَوْ قَبْلَهَا، كَمَا لَوْ أَجَّرَ سَنَةَ خَمْسٍ فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَمَاتَ، أَوْ عُزِلَ قَبْلَ دُخُولِ سَنَةِ خَمْسٍ لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ أَجَّرَ بِطَرِيقِ الْوَلَايَةِ وَمَنْ يَلِي النَّظَرَ بَعْدَهُ إنَّمَا يَمْلِكُ التَّصَرُّفَ فِيمَا لَمْ يَتَصَرَّفْ هُوَ فِيهِ وَ (كَمِلْكِهِ الْمُطْلَقِ) إذَا أَجَّرَهُ ثُمَّ مَاتَ، فَإِنَّ الْإِجَارَةَ لَا تَبْطُلُ بِمَوْتِهِ لِمَا تَقَدَّمَ (وَاَلَّذِي يَتَوَجَّهُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ أَنْ يَسْتَسْلِفُوا الْأُجْرَةَ؛؛ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَمْلِكُوا الْمَنْفَعَةَ الْمُسْتَقْبَلَةَ، وَلَا الْإِجَارَةَ عَلَيْهَا) أَيْ عَلَى الْمَنْفَعَةِ الْمُسْتَقْبَلَةِ (فَالتَّسَلُّفُ لَهُمْ قَبْضُ مَا لَا يَسْتَحِقُّونَهُ بِخِلَافِ الْمَالِكِ وَعَلَى هَذَا فَلِلْبَطْنِ الثَّانِي أَنْ يُطَالِبَ بِالْأُجْرَةِ الْمُسْتَأْجِرَ الَّذِي سَلَّفَ الْمُسْتَحِقِّينَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ التَّسْلِيفُ، وَلَهُمْ أَنْ يُطَالِبُوا النَّاظِرَ إنْ كَانَ هُوَ الْمُسَلِّفَ) ذَكَرَهُ فِي الِاخْتِيَارَاتِ (وَكَمَوْتِ الْمُسْتَأْجِرِ) عَطْفٌ عَلَى كَمِلْكِهِ الْمُطْلَقِ، أَيْ وَكَمَا لَا تَبْطُلُ الْإِجَارَةُ بِمَوْتِ مُسْتَأْجِرٍ.
(وَإِذَا أَجَّرَ الْوَلِيُّ الْيَتِيمَ) مُدَّةً (أَوْ) أَجَّرَ (مَالَهُ) مُدَّةً (أَوْ) أَجَّرَ (السَّيِّدُ الْعَبْدَ مُدَّةً) مَعْلُومَةً (ثُمَّ بَلَغَ الصَّبِيُّ وَرَشَدَ وَعَتَقَ الْعَبْدُ) قَبْلَ انْقِضَاءِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ (فَإِنْ كَانَ) الْوَلِيُّ (يَعْلَمُ بُلُوغَ الصَّبِيِّ فِيهَا) أَيْ فِي الْمُدَّةِ بِأَنْ أَجَّرَهُ سَنَتَيْنِ وَهُوَ ابْنُ أَرْبَعَ عَشْرَةَ سَنَةً (أَوْ) كَانَ السَّيِّدُ يَعْلَمُ (عِتْقَ الْعَبْدِ) فِيهَا (بِأَنْ كَانَ) عِتْقُهُ (مُعَلَّقًا) عَلَى شَيْءٍ يُوجَدُ فِيهَا (انْفَسَخَتْ) الْإِجَارَةُ (وَقْتَ عِتْقِهِ) أَيْ الْعَبْدِ.
(وَ) وَقْتَ (بُلُوغِهِ) أَيْ الْيَتِيمِ؛ لِئَلَّا يُفْضِيَ إلَى أَنْ تَصِحَّ عَلَى جَمِيعِ مَنَافِعِهِمَا طُولَ عُمُرِهِمَا وَإِلَى أَنْ يَتَصَرَّفَ كُلٌّ (
مِنْهُمَا فِي غَيْرِ زَمَنِ وِلَايَتِهِ عَلَى الْمَأْجُورِ.
(وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ) الْوَلِيُّ بُلُوغَ الْيَتِيمِ فِي أَثْنَاءِ الْمُدَّةِ وَلَمْ يَعْلَمْ السَّيِّدُ عِتْقَهُ فِي أَثْنَائِهَا (لَمْ تَنْفَسِخْ) الْإِجَارَةُ؛؛ لِأَنَّهُ تَصَرُّفٌ لَازِمٌ يَمْلِكُهُ الْمُتَصَرِّفُ كَمَا لَوْ زَوَّجَ أَمَتَهُ ثُمَّ بَاعَهَا أَوْ أَعْتَقَهَا.
(وَلَا تَنْفَسِخُ) إجَارَةُ الْيَتِيمِ أَوْ مَالِهِ (بِمَوْتِ) الْوَلِيِّ (الْمُؤَجِّرِ وَلَا عَزْلِهِ) ؛؛ لِأَنَّهُ تَصَرَّفَ وَهُوَ مِنْ أَهْلِ التَّصَرُّفِ فِيمَا الْوِلَايَةُ عَلَيْهِ، فَلَمْ يَبْطُلْ تَصَرُّفُهُ، كَمَا لَوْ مَاتَ نَاظِرُ الْوَقْفِ أَوْ عُزِلَ هُوَ أَوْ الْحَاكِمُ (وَلَا يَرْجِعُ الْعَتِيقُ عَلَى سَيِّدِهِ بِشَيْءٍ مِنْ الْأُجْرَةِ) الَّتِي قَبَضَهَا سَيِّدُهُ حِينَ أَجَّرَهُ وَهُوَ رَقِيقٌ؛ لِأَنَّهُ مَلَكَهَا بِالْعَقْدِ (لَكِنَّ نَفَقَتَهُ) أَيْ الْعَتِيقِ (فِي مُدَّةِ بَاقِي الْإِجَارَةِ عَلَى سَيِّدِهِ) ؛ لِأَنَّهُ كَالْبَاقِي فِي مِلْكِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ عِوَضَ نَفْعِهِ (إنْ لَمْ تَكُنْ) نَفَقَتُهُ (مَشْرُوطَةً عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ) فَإِنْ شُرِطَتْ عَلَيْهِ لَزِمَتْهُ.
(وَلَوْ وُرِثَ الْمَأْجُورُ) بِأَنْ مَاتَ مَالِكُهُ وَانْتَقَلَ إلَى وَرَثَتِهِ (أَوْ اُشْتُرِيَ) الْمَأْجُورُ (أَوْ اُتُّهِبَ) الْمَأْجُورُ (أَوْ وَصَّى لَهُ) أَيْ لِإِنْسَانٍ (بِالْعَيْنِ) الْمُؤَجَّرَةِ (أَوْ أُخِذَ) الْمَأْجُورُ (صَدَاقًا) بِأَنْ تَزَوَّجَ مَالِكُهُ عَلَيْهِ امْرَأَةً (أَوْ أَخَذَهُ الزَّوْجُ عِوَضًا عَنْ خُلْعٍ) أَوْ طَلَاقٍ (أَوْ) أُخِذَ (صُلْحًا أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ) بِأَنْ جُعِلَ عِوَضًا فِي عِتْقٍ أَوْ جَعَالَةٍ أَوْ إجَارَةٍ وَنَحْوِهَا (فَالْإِجَارَةُ بِحَالِهَا) لَا تَبْطُلُ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا عَقْدٌ لَازِمٌ، وَيَكُونُ الْمَأْجُورُ مِلْكًا لِلْمُنْتَقِلِ إلَيْهِ مَسْلُوبَ الِانْتِفَاعِ إلَى انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ.
(وَتَجُوزُ إجَارَةُ الْإِقْطَاعِ) ؛ لِأَنَّ الْمُقْطَعَ يَمْلِكُ مَنْفَعَتَهُ (كَالْوَقْفِ فَلَوْ أَجَّرَهُ) الْمُقْطَعُ (ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ الْأَقْطَاعُ لِآخَرَ فَالصَّحِيحُ) أَنَّ الْإِجَارَةَ (تَنْفَسِخُ) بِانْتِقَالِهِ عَنْهُ (كَمَا تَقَدَّمَ) قَرِيبًا.
(وَإِنْ كَانَتْ الْأَقْطَاعُ عُشْرًا) قُلْتُ: أَوْ خَرَاجًا، بِأَنْ أَقْطَعَهُ عُشْرَ الْخَارِجِ مِنْ الْأَرْضِ أَوْ خَرَاجَهَا دُونَ الْأَرْضِ (لَمْ تَصِحَّ إجَارَتُهَا) ؛؛ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ الْأَرْضَ وَلَا مَنْفَعَتَهَا (كَتَضْمِينِهِ) أَيْ كَمَا أَنَّ تَضَمُّنَهُ الْعُشْرَ وَالْخَرَاجَ بِقَدْرٍ مَعْلُومٍ بَاطِلٌ وَتَقَدَّمَ فِي الزَّكَاةِ.