الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الَّذِينَ مَالَ مَعَ غَيْرِهِمْ (فَيَخْذُلُوهُ) عِنْدَ الْحَاجَةِ؛ وَلِأَنَّهُ يُفْسِدُ الْقُلُوبَ وَيُشَتِّتْ الْكَلِمَةَ (وَيُرَاعِي أَصْحَابَهُ، وَيَرْزُقُ كُلَّ وَاحِدٍ بِقَدْرِ حَاجَتِهِ) وَحَاجَةِ مَنْ مَعَهُ.
[فَصْلٌ يُقَاتِلُ أَهْلَ الْكِتَابِ وَالْمَجُوسَ حَتَّى يُسْلِمُوا أَوْ يُعْطُوا الْجِزْيَةَ]
فَصْلٌ وَيُقَاتِلُ أَهْلَ الْكِتَابِ وَالْمَجُوسَ حَتَّى يُسْلِمُوا أَوْ يُعْطُوا الْجِزْيَةَ (وَلَا يَقْبَلُ مِنْ غَيْرِهِمْ إلَّا الْإِسْلَامَ) وَتَقَدَّمَ مُوَضَّحًا (وَيَجُوزُ أَنْ يَبْذُلَ) الْإِمَامُ أَوْ الْأَمِيرُ (جَعْلًا لِمَنْ يَعْمَلُ مَا فِيهِ غَنَاءٌ) بِفَتْحِ الْغَيْنِ وَالْمَدِّ، أَيْ: كِفَايَةٌ أَوْ نَفْعٌ (كَمَنْ يَدُلُّهُ عَلَى مَا فِيهِ مَصْلَحَةٌ لِلْمُسْلِمِينَ، كَطَرِيقٍ سَهْلٍ أَوْ مَا فِيهِ مَفَازَةٌ أَوْ قَلْعَةٌ يَفْتَحُهَا أَوْ مَالٌ يَأْخُذُهُ، أَوْ عَدُوٌّ يُغِيرُ عَلَيْهِ، أَوْ ثُغْرَةٌ يَدْخُلُ مِنْهَا، وَ) يَجْعَلُهُ (لِمَنْ يَنْقِبُ نَقَبًا أَوْ يَصْعَدُ هَذَا الْمَكَانَ، أَوْ) يَجْعَلُ (لِمَنْ جَاءَ بِكَذَا مِنْ الْغَنِيمَةِ) شَيْئًا (مِنْ الَّذِي جَاءَ بِهِ وَنَحْوِهِ) ؛ لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم وَأَبَا بَكْرٍ «اسْتَأْجَرَا فِي الْهِجْرَةِ مَنْ دَلَّهُمْ عَلَى الطَّرِيقِ» ؛ وَلِأَنَّهُ مِنْ الْمَصَالِح أَشْبَهَ أُجْرَةَ الْوَكِيلِ.
(وَيَسْتَحِقُّ الْجَعْلَ بِفِعْلِ مَا جُعِلَ لَهُ) الْجَعْلُ (فِيهِ) كَسَائِرِ الْجِعَالَاتِ (مُسْلِمًا كَانَ) الْمُجَاعَلُ (أَوْ كَافِرًا، مِنْ الْجَيْشِ أَوْ غَيْرِهِ بِشَرْطِ أَنْ لَا يُجَاوِزَ) الْجَعْلُ (ثُلُثَ الْغَنِيمَةِ بَعْدَ الْخُمْسِ، فِي هَذَا وَفِي النَّفَلِ كُلِّهِ) ؛ لِأَنَّهُ أَكْثَرُ مَا جَعَلَهُ صلى الله عليه وسلم لِلسَّرِيَّةِ (، وَيَأْتِي فِي الْبَابِ بَعْدَهُ، وَلَهُ) أَيْ: الْأَمِيرِ (إعْطَاءُ ذَلِكَ) الْعَطَاءِ لِمَنْ عَمِلَ مَا فِيهِ غَنَاءً (وَلَوْ بِغَيْرِ شَرْطٍ) تَقْوِيَةً لِقُلُوبِهِمْ عَلَى فِعْلِ مَا فِيهِ الْمَصْلَحَةُ.
(وَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْجَعْلُ مَعْلُومًا إنْ كَانَ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ) كَالْجُعْلِ فِي الْمُسَابَقَةِ وَالضَّالَّةِ وَغَيْرِهِمَا (وَإِنْ كَانَ) الْجُعْلُ (مِنْ مَالِ الْكُفَّارِ جَازَ) أَنْ يَكُونَ (مَجْهُولًا) ؛ لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم «جَعَلَ لِلسَّرِيَّةِ الثُّلُثَ وَالرُّبْعَ مِمَّا غَنِمُوا وَلِلْقَاتِلِ سَلْبُ الْمَقْتُولِ» وَهُوَ مَجْهُولٌ؛ لِأَنَّ الْغَنِيمَةَ كُلَّهَا مَجْهُولَةٌ؛ وَلِأَنَّهُ مِمَّا تَدْعُو الْحَاجَةُ إلَيْهِ.
(وَهُوَ) أَيْ: الْجَعْلُ مِنْ مَالِ الْكُفَّارِ (لَهُ) أَيْ: لِلْمُجَاعَلِ (إذَا فُتِحَ) الْحِصْنُ لَهُ ذَلِكَ مِنْ غَنِيمَتِهِ (فَإِنْ اُحْتِيجَ إلَى) جَعْلٍ (أَكْثَرَ مِنْ الثُّلُثِ لِمَصْلَحَةٍ، مِثْلُ أَنْ لَا تَنْهَضَ السَّرِيَّةُ وَلَا تَرْضَى بِدُونِ النِّصْفِ وَهُوَ مُحْتَاجٌ إلَيْهَا، جَعَلَهُ مِنْ مَالِ الْمَصَالِحِ) أَيْ: مِنْ مَالِ الْفَيْءِ الْمُعَدِّ لِلْمَصَالِحِ لِيَحْصُلَ الْغَرَضُ مَعَ عَدَمِ مُخَالَفَةِ النَّصِّ.
(وَإِنْ جَعَلَ لَهُ امْرَأَةً مِنْهُمْ) مُعَيَّنَةً (أَوْ) جَعَلَ لَهُ (رَجُلًا) مِنْهُمْ مُعَيَّنًا (مِثْلُ أَنْ يَقُولَ: بِنْتُ فُلَانٍ مِنْ أَهْلِ الْحِصْنِ أَوْ الْقَلْعَةِ) لَمْ يَسْتَحِقَّ شَيْئًا حَتَّى تُفْتَحَ الْقَلْعَةُ فَإِنْ فُتِحَتْ عَنْوَةً سُلِّمَتْ إلَيْهِ (فَ) إنْ (مَاتَتْ قَبْلَ الْفَتْحِ أَوْ
بَعْدَهُ أَوْ لَمْ يُفْتَحْ) مَا ذَكَرَ مِنْ الْحِصْنِ أَوْ الْقَلْعَةِ (أَوْ فُتِحَ وَلَمْ تُوجَدْ) الْجَارِيَةُ (فَلَا شَيْءَ لَهُ، إنْ مَاتَتْ) حُرَّةً كَانَتْ أَوْ أَمَةً؛ لِأَنَّ حَقَّهُ مُتَعَلِّقٌ بِعَيْنِهَا، فَيَسْقُطُ بِفَوَاتِهَا مِنْ غَيْرِ تَفْرِيطٍ كَالْوَدِيعَةِ.
(وَإِنْ أَسْلَمَتْ قَبْلَ الْفَتْحِ عَنْوَةً وَهِيَ حُرَّةٌ فَلَهُ قِيمَتُهَا) ؛ لِأَنَّهَا عَصَمَتْ نَفْسَهَا بِإِسْلَامِهَا فَتَعَذَّرَ دَفْعُهَا إلَيْهِ فَاسْتَحَقَّ الْقِيمَةَ كَمَا لَوْ أَتْلَفَ مَالَ غَيْرِهِ الَّذِي لَا مِثْلَ لَهُ.
(وَإِنْ أَسْلَمَتْ بَعْدَهُ) أَيْ: بَعْدَ الْفَتْحِ عَنْوَةً سُلِّمَتْ إلَيْهِ حُرَّةً كَانَتْ أَوْ أَمَةً إذَا كَانَ مُسْلِمًا؛ لِأَنَّهُ أَمْكَنَ الْوَفَاءُ بِشَرْطِهِ فَكَانَ وَاجِبًا؛ وَلِأَنَّ الْإِسْلَامَ بَعْدَ الْأَسْرِ، فَكَانَتْ رَقِيقَةً (أَوْ) أَسْلَمَتْ (قَبْلَهُ) أَيْ: قَبْلَ الْفَتْحِ (وَهِيَ أَمَةٌ سُلِّمَتْ إلَيْهِ) وَفَاءً بِشَرْطِهِ (إلَّا أَنْ يَكُونَ كَافِرًا فَلَهُ قِيمَتُهَا) لِتَعَذُّرِ تَسْلِيمِهَا إلَيْهِ لِكُفْرِهِ ثُمَّ إنْ أَسْلَمَ فَفِي أَخْذِهَا احْتِمَالَانِ.
(فَإِنْ فُتِّحَتْ صُلْحًا وَلَمْ يَشْتَرِطُوا الْجَارِيَةَ فَلَهُ قِيمَتُهَا) إنْ رَضِيَ بِهَا؛ لِأَنَّ تَسْلِيمَهَا مُتَعَذِّرٌ لِدُخُولِهَا تَحْتَ الصُّلْحِ، وَحِينَئِذٍ تَتَعَيَّنُ قِيمَتُهَا؛ لِأَنَّهَا بَدَلُهَا فَإِنْ شَرَطَ فِي الصُّلْحِ تُسْلِمَهُمْ عَيْنَهَا لَزِمَ تَسْلِيمُ عَيْنِهَا لِمَا فِيهِ مِنْ الْوَفَاءِ بِالشَّرْطِ (فَإِنْ أَبَى إلَّا الْجَارِيَةَ وَامْتَنَعُوا مِنْ بَذْلِهَا فُسِخَ الصُّلْحُ) لِتَعَذُّرِ إمْضَائِهِ؛ لِأَنَّ حَقَّ صَاحِبِ الْجَعْلِ سَابِقٌ وَلَمْ يُمْكِنْ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا فَعَلَى هَذَا: لِصَاحِبِ الْقَلْعَةِ أَنْ يُحَصِّنَهَا كَمَا كَانَتْ مِنْ غَيْرِ زِيَادَةِ وَظَاهِرُ مَا نَقَلَهُ ابْنُ هَانِئٍ أَنَّهَا لَهُ لِسَبْقِ حَقِّهِ وَلِرَبِّ الْحِصْنِ الْقِيمَةُ (وَإِنْ بَذَلُوهَا) أَيْ: الْجَارِيَةَ (مَجَّانًا لَزِمَ أَخْذُهَا وَدَفْعُهَا إلَيْهِ وَكَذَا لَوْ بَذَلُوهَا بِالْقِيمَةِ كَمَا فِي الْمُبْدِعِ نَقْلًا عَنْ الْأَصْحَابِ؛ لِأَنَّهُ أَمْكَنَ إيصَالُ حَقِّهِ إلَيْهِ مِنْ غَيْرِ ضَرَرٍ قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَالْمُرَادُ غَيْرُ حُرَّةِ الْأَصْلِ وَإِلَّا) وَجَبَتْ (قِيمَتُهَا) ؛ لِأَنَّ حُرَّةَ الْأَصْلِ غَيْرُ مَمْلُوكَةٍ؛ لِأَنَّ الصُّلْحَ جَرَى عَلَيْهَا، فَلَا تُمْلَكُ كَالذِّمِّيَّةِ، وَلَمْ يَجُزْ تَسْلِيمُهَا كَالْمُسْلِمَةِ بِخِلَافِ الْأَمَةِ، فَيَأْخُذُهَا؛ لِأَنَّهَا مَالٌ كَمَا لَوْ شَرَطَ دَابَّةً أَوْ مَتَاعًا هَذَا مَعْنَى كَلَامِ الْمَجْدِ، كَمَا حَكَاهُ عَنْهُ فِي الْمُبْدِعِ قَالَ: وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْجَارِيَةَ لَوْلَا عَقْدُ الصُّلْحِ، لَكَانَتْ أَمَةً وَجَازَ تَسْلِيمُهَا إلَيْهِ فَإِذَا رَضِيَ أَهْلُ الْحِصْنِ بِإِخْرَاجِهَا مِنْ الصُّلْحِ بِتَسْلِيمِهَا إلَيْهِ فَتَكُونُ غَنِيمَةً لِلْمُسْلِمِينَ وَتَصِيرُ رَقِيقَةً.
(وَكُلُّ مَوْضِعٍ أَوْجَبْنَا الْقِيمَةَ وَلَمْ يَغْنَمْ) الْجَيْشُ (شَيْئًا) فَإِنَّهَا تُعْطَى مِنْ بَيْتِ الْمَالِ؛ لِأَنَّهُ مَالُ الْمَصَالِحِ (وَلَهُ) أَيْ: لِلْإِمَامِ أَوْ الْأَمِيرِ (أَنْ يَنْفُلَ) مِنْ النَّفَلِ، وَهُوَ الزِّيَادَةُ عَلَى السَّهْمِ الْمُسْتَحَقِّ وَمِنْهُ نَفْلُ الصَّلَاةِ (فِي الْبُدَاءَةِ: الرُّبُعُ، فَأَقَلُّ بَعْدَ الْخُمْسِ، وَفِي الرَّجْعَةِ: الثُّلُثُ فَأَقَلُّ بَعْدَهُ) لِحَدِيثِ حَبِيبِ بْنِ مَسْلَمَةَ الْفِهْرِيِّ قَالَ «شَهِدْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم نَفَلَ الرُّبُعَ فِي