الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
نَذْرًا بِلَا إذْنِ) مَالِكِهِ (لَمْ يَضْمَنْ) لِوُقُوعِهِ.
(وَلَا يَأْكُلُ مِنْ كُلِّ وَاجِبٍ) مِنْ الْهَدَايَا (وَلَوْ) كَانَ إيجَابُهُ (بِالنَّذْرِ أَوْ بِالتَّعْيِينِ، إلَّا مِنْ دَمِ مُتْعَةٍ وَقِرَانٍ) نَصَّ عَلَى ذَلِكَ؛ لِأَنَّ سَبَبَهُمَا غَيْرُ مَحْظُورٍ، فَأَشْبَهَا هَدْيَ التَّطَوُّعِ؛ وَلِأَنَّ أَزْوَاجَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم " تَمَتَّعْنَ مَعَهُ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ وَأَدْخَلَتْ عَائِشَةُ الْحَجَّ عَلَى الْعُمْرَةِ فَصَارَتْ قَارِنَةً ثُمَّ ذَبَحَ عَنْهُنَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الْبَقَرَ، فَأَكَلْنَ مِنْ لُحُومِهَا " قَالَ أَحْمَدُ قَدْ أَكَلَ مِنْ الْبَقَرِ أَزْوَاجُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ خَاصَّةً (وَمَا جَازَ لَهُ أَكْلُهُ) كَأَكْثَرِ هَدْيِ التَّطَوُّعِ (فَلَهُ هَدِيَّتُهُ) لِغَيْرِهِ، لِقِيَامِ الْمُهْدَى لَهُ مَقَامَهُ (وَمَا لَا) يَمْلِكُ أَكْلَهُ، كَالْهَدْيِ الْوَاجِبِ غَيْرِ دَمِ تَمَتُّعٍ وَقِرَانٍ (فَلَا) يَمْلِكُ هَدِيَّتَهُ، بَلْ يَجِبُ صَرْفُهُ لِفُقَرَاءِ الْحَرَمِ لِتَعَلُّقِ حَقِّهِمْ بِهِ (فَإِنْ فَعَلَ) أَيْ: أَكَلَ مِمَّا لَا يَجُوزُ لَهُ الْأَكْلُ مِنْهُ أَوْ أَهْدَى مِنْهُ (ضَمِنَهُ بِمِثْلِهِ لَحْمًا) ؛ لِأَنَّ الْجَمِيعَ مَضْمُونٌ عَلَيْهِ بِمِثْلِهِ فَكَذَلِكَ أَبْعَاضُهُ.
وَكَذَلِكَ إنْ أَعْطَى الْجَزَّارَ بِأُجْرَتِهِ شَيْئًا مِنْهَا (كَبَيْعِهِ وَإِتْلَافِهِ) أَيْ: كَمَا لَوْ بَاعَ شَيْئًا مِنْ الْهَدْيِ أَوْ أَتْلَفَهُ فَإِنَّهُ يَضْمَنُهُ بِمِثْلِهِ لَحْمًا، وَإِنْ أَطْعَمَ مِنْهُ غَنِيًّا عَلَى سَبِيلِ الْهَدِيَّةِ جَازَ كَالْأُضْحِيَّةِ (وَيَضْمَنُهُ) أَيْ: الْمُتْلَفَ مِنْ الْهَدْيِ (أَجْنَبِيٌّ بِقِيمَتِهِ) قَالَ فِي الشَّرْحِ: لِأَنَّ اللَّحْمَ مِنْ غَيْرِ ذَوَاتِ الْأَمْثَالِ فَضَمِنَهُ بِقِيمَتِهِ كَمَا لَوْ أَتْلَفَ لَحْمًا لِآدَمِيٍّ مُعَيَّنٍ اهـ وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ مَوْزُونٌ لَا صِنَاعَةَ فِيهِ، يَصِحُّ فِيهِ السَّلَمُ، فَهُوَ مِثْلِيٌّ.
(وَفِي الْفُصُولِ: لَوْ مَنَعَهُ الْفُقَرَاءَ حَتَّى أَنْتَنَ فَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ) أَيْ: إنْ لَمْ يَبْقَ فِيهِ نَفْعٌ وَإِلَّا ضَمِنَ نَقْصَهُ كَمَا فِي الْمُنْتَهَى.
[فَصْلٌ الْأُضْحِيَّةُ مَشْرُوعَةٌ إجْمَاعًا]
(فَصْلٌ وَالْأُضْحِيَّةُ) مَشْرُوعَةٌ.
إجْمَاعًا وَسَنَدُهُ: قَوْله تَعَالَى {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} [الكوثر: 2] قَالَ جَمَاعَةٌ مِنْ الْمُفَسِّرِينَ: الْمُرَادُ بِذَلِكَ التَّضْحِيَةُ بَعْدَ صَلَاةِ الْعِيدِ وَمَا رُوِيَ «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم ضَحَّى بِكَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ أَقْرَنَيْنِ، ذَبَحَهُمَا بِيَدِهِ، وَسَمَّى وَكَبَّرَ وَوَضَعَ رِجْلَهُ
عَلَى صِفَاحِهِمَا» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَهِيَ (سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ لِمُسْلِمٍ) تَامِّ الْمِلْكِ لِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «ثَلَاثٌ كُتِبَتْ عَلَيَّ وَهُنَّ لَكُمْ تَطَوُّعٌ» - وَفِي رِوَايَةٍ - الْوِتْرُ، وَالنَّحْرُ، وَرَكْعَتَا الْفَجْرِ " رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ.
وَقَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم «مَنْ أَرَادَ أَنْ يُضَحِّيَ فَدَخَلَ الْعَشْرُ، فَلَا يَأْخُذُ مِنْ شَعْرِهِ وَلَا بَشَرَتِهِ شَيْئًا» رَوَاهُ مُسْلِمٌ فَعَلَّقَهُ عَلَى الْإِرَادَةِ وَالْوَاجِبُ لَا يُعَلَّقُ عَلَيْهَا؛ وَلِأَنَّ الْأُضْحِيَّةَ ذَبِيحَةٌ لَا يَجِبُ تَفْرِيقُ لَحْمُهَا فَلَمْ تَكُنْ وَاجِبَةً كَالْعَقِيقَةِ وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَنْ كَانَ لَهُ سَعَةٌ وَلَمْ يُضَحِّ، فَلَا يَقْرَبَنَّ مُصَلَّانَا» وَحَدِيثُ «يَا أَيُّهَا النَّاسُ إنَّ عَلَى أَهْلِ كُلِّ عَامٍ أَضْحَاةٍ وَعَتِيرَةٌ» فَقَدْ ضَعَّفَهُ أَصْحَابُ الْحَدِيثِ ثُمَّ يُحْمَلُ عَلَى تَأَكُّدِ الِاسْتِحْبَابِ، جَمْعًا بَيْنَ الْأَحَادِيثِ كَحَدِيثِ «غُسْلُ الْجُمُعَةِ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُحْتَلِمٍ» «وَمَنْ أَكَلَ مِنْ هَاتَيْنِ الشَّجَرَتَيْنِ، فَلَا يَقْرَبَنَّ مُصَلَّانَا» (وَلَوْ) كَانَ الْمُسْلِمُ (مُكَاتَبًا بِإِذْنِ سَيِّدِهِ) ؛ لِأَنَّ مَنْعَهُ مِنْ التَّبَرُّعِ لِحَقِّ سَيِّدِهِ فَإِذَا أَذِنَ فَقَدْ أَسْقَطَ حَقَّهُ (وَبِغَيْرِ إذْنِهِ) أَيْ: سَيِّدِ الْمُكَاتَبِ (فَلَا) تُسَنُّ لِلْمُكَاتَبِ (لِنُقْصَانِ مِلْكِهِ) .
(وَيُكْرَهُ تَرْكُهَا) أَيْ: الْأُضْحِيَّةُ (لِقَادِرٍ عَلَيْهَا) لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ السَّابِقِ وَمَنْ عَدِمَ مَا يُضَحِّي بِهِ اقْتَرَضَ، وَضَحَّى مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْوَفَاءِ ذَكَرَهُ فِي الِاخْتِيَارَاتِ وَهُوَ قِيَاسُ مَا يَأْتِي فِي الْعَقِيقَةِ.
(وَلَيْسَتْ) الْأُضْحِيَّةُ (وَاجِبَةٌ) لِمَا سَبَقَ (إلَّا أَنْ يَنْذِرَهَا) فَتَجِبُ بِالنَّذْرِ لِحَدِيثِ «مَنْ نَذَرَ أَنْ يُطِيعَ اللَّهَ فَلْيُطِعْهُ» (وَكَانَتْ) الْأُضْحِيَّةُ (وَاجِبَةً عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم) لِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ السَّابِقِ (وَذَبْحُهَا) أَيْ: الْأُضْحِيَّةِ (وَلَوْ عَنْ مَيِّتٍ) وَيُفْعَلُ بِهَا كَعَنْ حَيٍّ.
(وَذَبْحُ الْعَقِيقَةِ أَفْضَلُ مِنْ الصَّدَقَةِ بِثَمَنِهَا) وَكَذَا الْهَدْيُ صَرَّحَ بِهِ ابْنُ الْقَيِّمِ فِي تُحْفَةِ الْوَدُودِ وَابْنُ نَصْرِ اللَّهِ فِي حَوَاشِيهِ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم ضَحَّى وَالْخُلَفَاءُ، وَلَوْ كَانَتْ الصَّدَقَةُ أَفْضَلُ لَعَدَلُوا إلَيْهَا وَلِحَدِيثِ عَائِشَةَ مَرْفُوعًا «مَا عَمِلَ ابْنُ آدَمَ يَوْمَ النَّحْرِ عَمَلًا أَحَبَّ إلَى اللَّهِ مِنْ إرَاقَةِ دَمٍ، وَإِنَّهَا لَتَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِقُرُونِهَا وَأَظْلَافِهَا وَأَشْعَارِهَا وَإِنَّ الدَّمَ لَيَقَعُ مِنْ اللَّهِ عز وجل بِمَكَانٍ قَبْلَ أَنْ يَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ فَطِيبُوا بِهَا نَفْسًا» رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ؛ وَلِأَنَّ إيثَارَ الصَّدَقَةِ عَلَى الْأُضْحِيَّةِ يُفْضِي إلَى تَرْكِ سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ فِي الشَّرْحِ وَشَرْحِ الْمُنْتَهَى: وَمَا رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ مِنْ قَوْلِهَا " لَأَنْ أَتَصَدَّقَ بِخَاتَمِي
هَذَا أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ أَنْ أُهْدِيَ إلَى الْبَيْتِ أَلْفًا " فَهُوَ فِي الْهَدْيِ لَا فِي الْأُضْحِيَّةِ اهـ وَفِيهِ نَظَرٌ إذْ الْهَدْيُ كَالْأُضْحِيَّةِ كَمَا تَقَدَّمَ عَنْ ابْنِ الْقَيِّمِ وَغَيْرِهِ فَالْأَوْلَى أَنْ يُجَابَ عَنْ الْأَثَرِ بِأَنَّ الْمَوْقُوفَ لَا يُعَارِضُ الْمَرْفُوعَ.
(وَلَا يُضَحَّى عَمَّا فِي الْبَطْنِ) رُوِيَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ؛ لِأَنَّهُ لَا تَثْبُتُ لَهُ أَحْكَامُ الدُّنْيَا، إلَّا فِي الْإِرْثِ وَالْوَصِيَّةِ لَكِنْ يُقَالُ: قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ قَدْ يُسَنُّ إخْرَاجُ الْفِطْرَةِ عَنْهُ إلَّا أَنْ يُقَالَ ذَلِكَ لِفِعْلِ عُثْمَانَ؛ وَلِأَنَّ الْقَصْدَ مِنْ زَكَاةِ الْفِطْرَةِ: الطُّهْرَةُ، وَمَا هُنَا عَلَى الْأَصْلِ.
(وَمَنْ بَعْضُهُ حُرٌّ إذَا مَلَكَ بِجُزْئِهِ الْحُرِّ) مَا يُضَحِّي بِهِ (فَلَهُ أَنْ يُضَحِّيَ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ) ؛ لِأَنَّ مِلْكَهُ تَامٌّ عَلَى مَا مَلَكَهُ بِجُزْئِهِ الْحُرِّ.
(وَالسُّنَّةُ: أَكْلُ ثُلُثِهَا وَإِهْدَاءُ ثُلُثِهَا ثُلُثِهَا وَلَوْ لِغَنِيٍّ وَلَا يَجِبَانِ) أَيْ: الْأَكْلُ وَالْإِهْدَاءُ «؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم نَحَرَ خَمْسَ بَدَنَاتٍ وَقَالَ: مَنْ شَاءَ فَلْيَقْتَطِعْ، وَلَمْ يَأْكُلْ مِنْهُنَّ شَيْئًا» ؛ وَلِأَنَّهَا ذَبِيحَةٌ يُتَقَرَّبُ بِهَا إلَى اللَّهِ فَلَمْ يَجِبْ الْأَكْلُ مِنْهَا كَالْعَقِيقَةِ، فَيَكُونُ الْأَمْرُ لِلِاسْتِحْبَابِ.
(وَيَجُوزُ الْإِهْدَاءُ مِنْهَا) أَيْ: الْأُضْحِيَّةِ (لِكَافِرٍ، إنْ كَانَتْ تَطَوُّعًا) قَالَ أَحْمَدُ نَحْنُ نَذْهَبُ إلَى حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ " يَأْكُلُ هُوَ الثُّلُثُ، وَيُطْعِمُ مَنْ أَرَادَ الثُّلُثَ، وَيَتَصَدَّقُ بِالثُّلُثِ عَلَى الْمَسَاكِينِ " قَالَ عَلْقَمَةُ " بَعَثَ مَعِي عَبْدُ اللَّهِ بِهَدْيِهِ، فَأَمَرَنِي أَنْ آكُلَ ثُلُثًا وَأَنْ أُرْسِلَ ثُلُثًا إلَى أَهْلِ أَخِيهِ وَأَنْ أَتَصَدَّقَ بِثُلُثٍ " فَإِنْ كَانَتْ وَاجِبَةً لَمْ يُعْطِ مِنْهَا الْكَافِرَ شَيْئًا كَالزَّكَاةِ وَالْكَفَّارَةِ (وَالصَّدَقَةِ بِثُلُثِهَا، وَلَوْ كَانَتْ) الْأُضْحِيَّةُ (مَنْذُورَةً أَوْ مُعَيَّنَةً) لِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي صِفَةِ أُضْحِيَّةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ «وَيُطْعِمُ أَهْلَ بَيْتِهِ الثُّلُثَ، وَيُطْعِمُ فُقَرَاءَ جِيرَانِهِ الثُّلُثَ، وَيَتَصَدَّقُ عَلَى السُّؤَالِ بِالثُّلُثِ» رَوَاهُ الْحَافِظُ أَبُو مُوسَى فِي الْوَظَائِفِ وَقَالَ حَدِيثٌ حَسَنٌ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ مَسْعُودٍ وَابْنِ عُمَرَ وَلَا يُعْرَفُ لَهُمَا مُخَالِفٌ مِنْ الصَّحَابَةِ وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ} [الحج: 36] وَالْقَانِعُ: السَّائِلُ، يُقَالُ: قَنَعَ قُنُوعًا إذَا سَأَلَ وَالْمُعْتَرُّ: الَّذِي يَعْتَرِيك، أَيْ: يَتَعَرَّضُ لَك لِتُطْعِمَهُ، وَلَا يَسْأَلُ فَذَكَرَ ثَلَاثَةَ أَصْنَافٍ وَمُطْلَقُ الْإِضَافَةِ يَقْتَضِي التَّسْوِيَةَ، فَيَنْبَغِي أَنْ يَقْسِمَ بَيْنَهُمْ أَثْلَاثًا.
(وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِأَفْضَلِهَا) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ} [البقرة: 267] .
(وَ) أَنْ (يُهْدِيَ الْوَسَطَ، وَ) أَنْ (يَأْكُلَ الْأَدْوَنَ)
ذَكَرُهُ بَعْضُهُمْ (وَكَانَ مِنْ شِعَارِ الصَّالِحِينَ: تَنَاوُلُ لُقْمَةٍ مِنْ الْأُضْحِيَّةِ مِنْ كَبِدِهَا أَوْ غَيْرِهَا تَبَرُّكًا) وَخُرُوجًا مِنْ الْخِلَافِ مِنْ وَاجِبِ الْأَكْلِ.
(وَإِنْ كَانَتْ) الْأُضْحِيَّةُ (لِيَتِيمٍ، فَلَا يَتَصَدَّقُ الْوَلِيُّ عَنْهُ) مِنْهَا بِشَيْءٍ (وَلَا يُهْدِي مِنْهَا شَيْئًا، وَيَأْتِي فِي الْحَجْرِ وَيُوَفِّرُهَا لَهُ) ؛ لِأَنَّهُ مَمْنُوعٌ مِنْ التَّبَرُّعِ مِنْ مَالِهِ (وَكَذَا الْمُكَاتَبُ لَا يَتَبَرَّعُ مِنْهَا بِشَيْءٍ) إلَّا بِإِذْنِ سَيِّدِهِ لِمَا سَبَقَ.
(فَإِنْ أَكَلَ أَكْثَرَ) الْأُضْحِيَّةِ أَوْ أَهْدَى أَكْثَرَهَا (أَوْ أَكَلَهَا كُلَّهَا) إلَّا أُوقِيَّةً تَصَدَّقَ بِهَا جَازَ (أَوْ أَهْدَاهَا كُلَّهَا إلَّا أُوقِيَّةً تَصَدَّقَ بِهَا جَازَ؛ لِأَنَّهُ يَجِبُ الصَّدَقَةُ بِبَعْضِهَا) نِيئًا عَلَى فَقِيرِ مُسْلِمٍ لِعُمُومِ {وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ} [الحج: 36](فَإِنْ لَمْ يَتَصَدَّقْ بِشَيْءٍ) نِيءٍ مِنْهَا (ضَمِنَ أَقَلَّ مَا يَقَعُ عَلَيْهِ الِاسْمُ) كَالْأُوقِيَّةِ (بِمِثْلِهِ لَحْمًا) ؛ لِأَنَّ مَا أُبِيحَ لَهُ أَكْلُهُ لَا تَلْزَمُهُ غَرَامَتُهُ، وَيَلْزَمُهُ غُرْمُ مَا وَجَبَتْ الصَّدَقَةُ بِهِ؛ لِأَنَّهُ حَقٌّ يَجِبُ عَلَيْهِ أَدَاؤُهُ مَعَ بَقَائِهِ فَلَزِمَتْهُ غَرَامَتُهُ إذَا أَتْلَفَهُ كَالْوَدِيعَةِ.
(وَيُعْتَبَرُ تَمْلِيكُ الْفَقِيرِ) كَالزَّكَاةِ وَالْكَفَّارَةِ (فَلَا يَكْفِي إطْعَامُهُ) ؛ لِأَنَّهُ إبَاحَةٌ.
(وَمَنْ أَرَادَ التَّضْحِيَةَ) أَيْ: ذَبْحَ الْأُضْحِيَّةِ (فَدَخَلَ الْعَشْرُ، حَرُمَ عَلَيْهِ وَعَلَى مَنْ يُضَحِّي عَنْهُ أَخْذُ شَيْءٍ مِنْ شَعْرِهِ وَظُفْرِهِ وَبَشَرَتِهِ إلَى الذَّبْحِ، وَلَوْ بِوَاحِدَةٍ لِمَنْ يُضَحِّي بِأَكْثَرَ) لِحَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ مَرْفُوعًا «إذَا دَخَلَ الْعَشْرُ وَأَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ يُضَحِّيَ، فَلَا يَأْخُذْ مِنْ شَعْرِهِ، وَلَا مِنْ أَظْفَارِهِ شَيْئًا حَتَّى يُضَحِّيَ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَفِي رِوَايَةٍ لَهُ " وَلَا مِنْ بَشَرِهِ ".
وَأَمَّا حَدِيثُ عَائِشَةَ «كُنْت أَفْتِلُ قَلَائِدَ هَدْيِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ يُقَلِّدُهَا بِيَدِهِ، ثُمَّ يَبْعَثُ بِهَا وَلَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ شَيْءٌ أَحَلَّهُ اللَّهُ لَهُ، حَتَّى يَنْحَرَ الْهَدْيَ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ فَأُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّهُ فِي إرْسَالِ الْهَدْيِ لَا فِي التَّضْحِيَةِ وَأَيْضًا فَحَدِيثُ عَائِشَةَ عَامٌّ وَحَدِيثُ أُمِّ سَلَمَةَ خَاصٌّ فَيُحْمَلُ الْعَامُّ عَلَيْهِ وَأَيْضًا فَحَدِيثُ أُمِّ سَلَمَةَ مِنْ قَوْلِهِ، وَحَدِيثُ عَائِشَةَ مِنْ فِعْلِهِ وَقَوْلُهُ مُقَدَّمٌ عَلَى فِعْلِهِ لِاحْتِمَالِ الْخُصُوصِيَّةِ (فَإِنْ فَعَلَ) أَيْ: أَخَذَ شَيْئًا مِنْ شَعْرِهِ أَوْ ظُفْرِهِ أَوْ بَشَرَتِهِ (تَابَ) إلَى اللَّهِ تَعَالَى لِوُجُوبِ التَّوْبَةِ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ قُلْت: وَهَذَا إذَا كَانَ لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ وَإِلَّا، فَلَا إثْمَ كَالْمُحْرِمِ وَأَوْلَى (وَلَا فِدْيَةَ عَلَيْهِ) إجْمَاعًا سَوَاءٌ فَعَلَهُ عَمْدًا أَوْ سَهْوًا (وَيُسْتَحَبُّ حَلْقُهُ بَعْدَ الذَّبْحِ) قَالَ أَحْمَدُ: عَلَى مَا فَعَلَ ابْنُ عُمَرَ تَعْظِيمًا لِذَلِكَ الْيَوْمِ؛ وَلِأَنَّهُ كَانَ مَمْنُوعًا مِنْ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يُضَحِّيَ، فَاسْتُحِبَّ لَهُ ذَلِكَ بَعْدَهُ كَالْمُحْرِمِ.
(وَلَوْ أَوْجَبَهَا) بِنَذْرٍ أَوْ تَعْيِينٍ (ثُمَّ مَاتَ قَبْلَ الذَّبْحِ أَوْ بَعْدَهُ قَامَ وَارِثُهُ مَقَامَهُ) فِي الْأَكْلِ وَالْإِهْدَاءِ وَالصَّدَقَةِ كَسَائِرِ حُقُوقِهِ (وَلَا تُبَاعُ فِي دَيْنِهِ،