الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مَلَكُوهَا بِالْحِيَازَةِ لَمْ يَزُلْ مِلْكُ الْكُفَّارِ بِأَخْذِهَا.
(أَوْ مَاتَ أَحَدٌ مِنْ الْعَسْكَرِ أَوْ انْصَرَفَ قَبْلَ الْإِحْرَازِ) لِلْغَنِيمَةِ (فَلَا) شَيْءَ لَهُ هَذَا مُقْتَضَى كَلَامِ الْخِرَقِيِّ؛ لِأَنَّهُ مَاتَ قَبْلَ ثُبُوتِ مِلْكِ الْمُسْلِمِينَ عَلَيْهَا، وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ الزَّرْكَشِيّ، وَقَدَّمَهُ فِي الشَّرْحِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي وَنَصَرَهُ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْمُقْنِعِ أَنَّ الْمَيِّتَ يَسْتَحِقُّ سَهْمَهُ بِمُجَرَّدِ انْقِضَاءِ الْحَرْبِ، سَوَاءٌ أُحْرِزَتْ الْغَنِيمَةِ أَوْ لَا، وَيَقْتَضِيهِ كَلَامُ الْقَاضِي قَالَهُ فِي الشَّرْحِ وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ وَجَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ فِيمَا يَأْتِي (وَكَذَا لَوْ أُسِرَ فِي أَثْنَائِهَا) أَيْ: أَثْنَاءِ الْوَقْعَةِ، فَلَا شَيْءَ لَهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَشْهَدْ الْوَقْعَةَ.
[فَصْلٌ إذَا أَرَادَ الْقِسْمَةَ بَدَأَ بِالْأَسْلَابِ]
فَصْلٌ وَإِذَا أَرَادَ الْقِسْمَةَ بَدَأَ بِالْأَسْلَابِ فَدَفَعَهَا إلَى أَهْلِهَا؛ لِأَنَّ الْقَاتِلَ يَسْتَحِقُّهَا غَيْرَ مَخْمُوسَةٍ (فَإِنْ كَانَ فِي الْغَنِيمَةِ مَالٌ لِمُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ دُفِعَ إلَيْهِ) ؛ لِأَنَّ صَاحِبَهُ مُتَعَيَّنٌ (ثُمَّ) يَبْدَأُ (بِمُؤْنَةِ الْغَنِيمَةِ مِنْ أُجْرَةِ نَقَّالٍ، وَحَمَّالٍ، وَحَافِظٍ، وَمُخَزِّنٍ، وَحَاسِبٍ) ؛ لِأَنَّهُ مِنْ مَصْلَحَةِ الْغَنِيمَةِ.
(وَإِعْطَاءِ جَعْلِ مَنْ دَلَّهُ عَلَى مَصْلَحَةٍ) كَطَرِيقٍ أَوْ قَلْعَةٍ (إنْ شَرَطَهُ مِنْ) مَالِ (الْعَدُوِّ) قَالَ فِي الشَّرْحِ:؛ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى السَّلَبِ لَكِنْ يَأْتِي فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ بَعْدَ الْخُمْسِ (ثُمَّ يُخَمِّسُ الْبَاقِي)، فَيَجْعَلُهُ خَمْسَةَ أَقْسَامٍ مُتَسَاوِيَةٍ (فَيُقَسِّمُ خُمُسَهُ عَلَى خَمْسَةِ أَسْهُمٍ) نَصَّ عَلَيْهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ} [الأنفال: 41]- الْآيَةَ وَإِنَّمَا يُقَسَّمُ عَلَى سِتَّةِ أَسْهُمٍ؛ لِأَنَّ سَهْمَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ شَيْءٌ وَاحِدٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ} [التوبة: 62] وَأَنَّ الْجِهَةَ جِهَةُ مَصْلَحَةِ (سَهْمِ اللَّهِ) تَعَالَى.
(وَرَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم) وَذِكْرُ اسْمِهِ تَعَالَى لِلتَّبَرُّكِ؛ لِأَنَّ الدُّنْيَا، وَالْآخِرَةَ لَهُ، وَكَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم " يَصْنَعُ بِهَذَا السَّهْمِ مَا شَاءَ " ذَكَرَهُ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ (وَلَمْ يَسْقُطْ بِمَوْتِهِ) صلى الله عليه وسلم بَلْ هُوَ بَاقٍ (يُصْرَفُ مَصْرِفَ الْفَيْءِ) لِلْمَصَالِحِ لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «لَيْسَ لِي مِنْ الْفَيْءِ إلَّا الْخُمُسُ، وَهُوَ مَرْدُودٌ عَلَيْكُمْ» رَوَاهُ سَعِيدٌ، وَلَا يَكُونُ مَرْدُودًا عَلَيْنَا إلَّا إذَا صُرِفَ فِي مَصَالِحِنَا، وَفِي الِانْتِصَارِ: هُوَ لِمَنْ يَلِي الْخِلَافَةَ بَعْدَهُ.
(وَخُصَّ) النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم (أَيْضًا مِنْ الْمَغْنَمِ
بِالصَّفِيِّ، وَهُوَ شَيْءٌ يَخْتَارُهُ قَبْلَ الْقِسْمَةِ كَجَارِيَةٍ، وَعَبْدٍ، وَثَوْبٍ، وَسَيْفٍ، وَنَحْوِهِ) ، وَمِنْهُ كَانَتْ صَفِيَّةُ أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ رضي الله عنها قَالَ فِي الْمُبْدِعِ: وَانْقَطَعَ ذَلِكَ بِمَوْتِهِ بِغَيْرِ خِلَافٍ نَعْلَمُهُ إلَّا أَبَا ثَوْرٍ فَإِنَّهُ زَعَمَ أَنَّهُ بَاقٍ لِلْأَئِمَّةِ بَعْدَهُ.
(وَسَهْمٌ لِذَوِي الْقُرْبَى) لِلْآيَةِ، وَهُوَ ثَابِتٌ بَعْدَ مَوْتِهِ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَنْقَطِعْ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْتِ نَاسِخٌ، وَلَا مُغَيِّرٌ (وَهُمْ بَنُو هَاشِمٍ وَبَنُو الْمُطَّلِبِ ابْنَيْ عَبْدِ مَنَافٍ) لِمَا رَوَى جُبَيْرُ بْنُ مُطْعِمٍ قَالَ «قَسَّمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم سَهْمَ ذَوِي الْقُرْبَى بَيْنَ هَاشِمٍ وَبَنِي الْمُطَّلِبِ. وَقَالَ: إنَّمَا بَنُو هَاشِمٍ وَبَنُو الْمُطَّلِبِ شَيْءٌ وَاحِدٌ» .
وَفِي رِوَايَةٍ «لَمْ يُفَارِقُونِي فِي جَاهِلِيَّةٍ، وَلَا إسْلَامٍ» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالْبُخَارِيُّ بِمَعْنَاهُ فَرَعَى لَهُمْ نُصْرَتَهُمْ، وَمُوَافَقَتَهُمْ لِبَنِي هَاشِمٍ (وَيَجِبُ تَعْمِيمُهُمْ، وَتَفْرِقَتُهُ بَيْنَهُمْ، لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ، حَيْثُ كَانُوا حَسْبَ الْإِمْكَانِ) ؛ لِأَنَّهُ مَالٌ مُسْتَحَقٌّ بِالْقَرَابَةِ فَوَجَبَ فِيهِ ذَلِكَ كَالتَّرِكَةِ؛ وَلِأَنَّهُ اُسْتُحِقَّ بِقَرَابَةِ الْأَبِ، فَفَضَّلَ فِيهِ الذَّكَرَ عَلَى الْأُنْثَى كَالْمِيرَاثِ، وَيُسَوَّى فِيهِ بَيْنَ الْكَبِيرِ، وَالصَّغِيرِ (غَنِيُّهُمْ، وَفَقِيرُهُمْ فِيهِ سَوَاءٌ) ؛ لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَخُصَّ فُقَرَاءَ قَرَابَتِهِ، بَلْ أَعْطَى الْغَنِيَّ كَالْعَبَّاسِ، وَغَيْرِهِ مَعَ أَنَّ شَرْطَ الْفَقْرِ يُنَافِي ظَاهِرَ الْآيَةَ؛ وَلِأَنَّهُ يُؤْخَذُ بِالْقَرَابَةِ فَاسْتَوَيَا فِيهِ كَالْمِيرَاثِ (جَاهَدُوا أَوْ لَا) لِعُمُومِ الْآيَةِ (فَيَبْعَثُ الْإِمَامُ إلَى عُمَّالِهِ فِي الْأَقَالِيمِ يَنْظُرُوا مَا حَصَلَ مِنْ ذَلِكَ) أَيْ: مِنْ خُمْسِ الْخُمْسِ، الْمُتَعَلِّقِ بِذَوِي الْقُرْبَى (فَإِنْ اسْتَوَتْ الْأَخْمَاسُ) الْمُتَحَصِّلَةُ مِنْ الْأَقَالِيمِ (فَرَّقَ كُلَّ خُمْسٍ فِيمَا قَارَبَهُ) أَيْ: فِي ذَلِكَ الْإِقْلِيمِ الْحَاصِلِ مِنْهُ، وَمَا قَارَبَهُ.
(وَإِنْ اخْتَلَفَتْ) الْأَخْمَاسُ (أَمَرَ بِحَمْلِ الْفَاضِلِ لِيَدْفَعَهُ إلَى مُسْتَحِقِّهِ) لِيَحْصُلَ التَّعْدِيلُ بَيْنَهُمْ.
(فَإِنْ لَمْ يَأْخُذُوا) أَيْ: بَنُو هَاشِمٍ وَبَنُو الْمُطَّلِبِ سَهْمَهُمْ (رُدَّ فِي سِلَاحٍ، وَكُرَاعٍ) أَيْ: خَيْلِ عُدَّةٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لِفِعْلِ أَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - ذَكَرَهُ أَبُو بَكْرٍ (وَلَا شَيْءَ لِمَوَالِيهِمْ) ؛ لِأَنَّهُمْ لَيْسُوا مِنْهُمْ (وَلَا) شَيْءَ (لِأَوْلَادِ بَنَاتِهِمْ) مِنْ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَدْفَعْ إلَى أَقَارِبِ أُمِّهِ مِنْ بَنِي زُهْرَةَ، وَلَا إلَى بَنِي عَمَّاتِهِ كَالزُّبَيْرِ.
(وَلَا) شَيْءَ (لِغَيْرِهِمْ) أَيْ: غَيْرِ بَنِي هَاشِمٍ، وَبَنِي الْمُطَّلِبِ (مِنْ قُرَيْشٍ) لِمَا تَقَدَّمَ.
(مَثَلًا وَسَهْمٌ لِلْيَتَامَى) لِلْآيَةِ (الْفُقَرَاءِ) ؛ لِأَنَّ اسْمَ الْيَتِيمِ فِي الْعُرْفِ لِلرَّحْمَةِ، وَمَنْ أُعْطِيَ لِذَلِكَ اُعْتُبِرَتْ فِيهِ الْحَاجَةُ بِخِلَافِ الْقَرَابَةِ (وَالْيَتِيمُ مَنْ لَا أَبَ لَهُ، وَلَمْ يَبْلُغْ) لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «لَا يُتْمَ بَعْدَ احْتِلَامٍ، وَلَا يَدْخُلُ فِيهِ وَلَدُ الزِّنَا» ، وَيَأْتِي فِي الْوَصَايَا (وَلَوْ كَانَ لَهُ أُمٌّ، وَيَسْتَوِي فِيهِ الذَّكَرُ، وَالْأُنْثَى) لِظَاهِرِ الْآيَةِ.
(وَسَهْمٌ لِلْمَسَاكِينِ) لِلْآيَةِ، وَهُمْ مَنْ لَا يَجِدُ تَمَامَ كِفَايَتِهِ (فَيَدْخُلُ فِيهِمْ
الْفُقَرَاءُ، فَهُمَا صِنْفَانِ فِي الزَّكَاةِ فَقَطْ، وَفِي سَائِرِ الْأَحْكَامِ صِنْفٌ وَاحِدٌ وَسَهْمٌ لِأَبْنَاءِ السَّبِيلِ) لِلْآيَةِ.
(لِلْآيَةِ وَيُشْتَرَطُ فِي ذَوِي قُرْبَى وَيَتَامَى وَمَسَاكِينِ وَأَبْنَاءِ سَبِيلٍ كَوْنُهُمْ مُسْلِمِينَ) ؛ لِأَنَّ الْخُمْسَ عَطِيَّةٌ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى فَلَمْ يَكُنْ لِكَافِرٍ فِيهَا حَقٌّ كَالزَّكَاةِ.
(وَ) يَجِبُ (أَنْ يُعْطَوْا كَالزَّكَاةِ) أَيْ: يُعْطَى هَؤُلَاءِ الْخُمْسَ كَمَا يُعْطَوْنَ مِنْ الزَّكَاةِ فَيُعْطَى الْمِسْكِينُ تَمَامَ كِفَايَتِهِ مَعَ عَائِلَتِهِ سَنَةً، وَكَذَا الْيَتِيمُ، وَيُعْطَى ابْنُ السَّبِيلِ مَا يُوَصِّلُهُ إلَى بَلَدِهِ (وَيَعُمُّ بِسِهَامِهِمْ جَمِيعَ الْبِلَادِ حَسْبَ الْإِمْكَانِ) ؛ لِأَنَّ كُلَّ سَهْمٍ مِنْهَا مُسْتَحَقٌّ بِوَصْفٍ مُوجِبٍ دَفْعَةً إلَى كُلِّ مُسْتَحِقِّيهِ كَالْمِيرَاثِ، فَيَبْعَثُ الْإِمَامُ إلَى عُمَّالِهِ بِالْأَقَالِيمِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي ذَوِي الْقُرْبَى.
(وَإِنْ اجْتَمَعَ فِي وَاحِدٍ أَسْبَابٌ كَالْمِسْكِينِ الْيَتِيمِ ابْنِ السَّبِيلِ اسْتَحَقَّ بِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهَا) ؛ لِأَنَّهَا أَسْبَابٌ لِأَحْكَامٍ، فَوَجَبَ أَنْ تَثْبُتَ أَحْكَامُهَا مَعَ الِاجْتِمَاعِ كَالِانْفِرَادِ (لَكِنْ لَوْ أَعْطَاهُ لِيُتْمِهِ فَزَالَ فَقْرُهُ) بِأَنْ اسْتَغْنَى بِمَا أُعْطِيَهُ لِيُتْمِهِ (لَمْ يُعْطَ لِفَقْرِهِ شَيْئًا) ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ فَقِيرًا (وَلَا حَقَّ فِي الْخُمْسِ لِكَافِرٍ) لِمَا تَقَدَّمَ (وَلَا لِقِنٍّ) ؛ لِأَنَّهُ لَوْ أُعْطِيَ لَكَانَ لِسَيِّدِهِ؛ لِأَنَّ الْقِنَّ لَا يَمْلِكُ.
(وَإِنْ أَسْقَطَ بَعْضُ الْغَانِمِينَ وَلَوْ مُفْلِسًا حَقَّهُ) مِنْ الْغَنِيمَةِ (فَهُوَ لِلْبَاقِينَ) مِنْ أَهْلِ الْغَنِيمَةِ لِضَعْفِ الْمِلْكِ؛ وَلِأَنَّ اشْتِرَاكَهُمْ فِي الْغَنِيمَةِ اشْتِرَاكُ تَزَاحُمٍ فَإِذَا أَسْقَطَ أَحَدُهُمْ حَقَّهُ كَانَ لِلْبَاقِينَ بِخِلَافِ الْمِيرَاثِ لِقُوتِهِ.
(وَإِنْ أَسْقَطَ الْكُلُّ) أَيْ: كُلُّ الْغَانِمِينَ حَقَّهُمْ مِنْ الْغَنِيمَةِ (فَ) هِيَ (فَيْءٌ) أَيْ: صَارَتْ فَيْئًا، فَتُصْرَفُ مَصْرِفَهُ.
(ثُمَّ يُعْطِي) الْإِمَامُ أَوْ الْأَمِيرُ (النَّفَلَ بَعْدَ ذَلِكَ) أَيْ: بَعْدَ الْخُمْسِ، لِمَا رَوَى مَعْنُ بْنُ زَائِدَةَ مَرْفُوعًا «لَا نَفْلَ إلَّا بَعْدَ الْخُمْسِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد؛ وَلِأَنَّهُ مَالٌ اُسْتُحِقَّ بِالتَّحْرِيضِ عَلَى الْقِتَالِ، فَكَانَ (مِنْ أَرْبَعَةِ أَخْمَاسِ الْغَنِيمَةِ) ، وَقُدِّمَ عَلَى الْقِسْمَةِ؛ لِأَنَّهُ حَقٌّ يَنْفَرِدُ بِهِ بَعْضُ الْغَانِمِينَ، فَأَشْبَهَ الْأَسْلَابَ (وَهُوَ) أَيْ: النَّفَلُ (الزِّيَادَةُ عَلَى السَّهْمِ لِمَصْلَحَةٍ، وَهُوَ الْمَجْعُولُ لِمَنْ عَمِلَ عَمَلًا، كَتَنَفُّلِ السَّرَايَا الثُّلُثَ، وَالرُّبْعَ، وَنَحْوَهُ، وَقَوْلِ الْأَمِيرِ مَنْ طَلَعَ حِصْنًا أَوْ نَقَبَهُ) فَلَهُ كَذَا.
(وَ) قَوْلِهِ (مَنْ جَاءَ بِأَسِيرٍ، وَنَحْوِهِ فَلَهُ كَذَا) ، وَكَذَا مَنْ دَلَّ عَلَى قَلْعَةٍ أَوْ مَاءٍ أَوْ مَا فِيهِ غَنَاءٌ (وَيَرْضَخُ لِمَنْ لَا سَهْمَ لَهُ) ؛ لِأَنَّهُ اسْتَحَقَّ بِحُضُورِ الْوَقْعَةِ فَكَانَ بَعْدَ الْخُمْسِ كَسِهَامِ الْغَانِمِينَ (وَهُمْ الْعُبَيْدُ) لِحَدِيثِ عُمَيْرٍ مَوْلَى آبِي اللَّحْمِ قَالَ «شَهِدْتُ خَيْبَرَ مَعَ سَادَتِي، فَكَلَّمُوا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأُخْبِرَ أَنِّي مَمْلُوكٌ، فَأَمَرَ لِي بِشَيْءٍ مِنْ خُرْثِيِّ الْمَتَاعِ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَاحْتَجَّ بِهِ، وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ؛ وَلِأَنَّهُمْ لَيْسُوا مِنْ أَهْلِ
وُجُوبِ الْقِتَالِ كَالصَّبِيِّ.
(كَالصَّبِيٍّ وَلِمُعْتَقٍ بَعْضُهُ بِحِسَابٍ مِنْ رَضْخٍ وَسِهَامٍ) كَالْحَدِّ (كَالْحَدِّ وَالنِّسَاءِ) لِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ «كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَغْزُو بِالنِّسَاءِ، فَيُدَاوِينَ الْجَرْحَى، وَيُحْذَيْنَ مِنْ الْغَنِيمَةِ، وَلَمْ يَضْرِبْ لَهُنَّ بِسَهْمٍ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَمَا رُوِيَ أَنَّهُ أَسْهَمَ لِامْرَأَةٍ فَيُحْتَمَلُ أَنَّ الرَّاوِي سَمَّى الرَّضْخَ سَهْمًا (وَالصِّبْيَانُ الْمُمَيِّزُونَ) لِمَا رَوَى سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ قَالَ " كَانَ الصِّبْيَانُ يَحْذُونَ مِنْ الْغَنِيمَةِ إذَا حَضَرُوا الْغَزْوَ "، وَيَكُونُ الرَّضْخُ لِلْمَذْكُورِينَ (عَلَى مَا يَرَاهُ الْإِمَامُ مِنْ التَّسْوِيَةِ بَيْنَهُمْ، وَالْفَضْلُ عَلَى قَدْرِ غِنَائِهِمْ، وَنَفْعِهِمْ) بِخِلَافِ السَّهْمِ؛ لِأَنَّهُ مَنْصُوصٌ عَلَيْهِ غَيْرُ مَوْكُولٍ إلَى اجْتِهَادِهِ فَلَمْ يَخْتَلِفْ كَالْحُدُودِ بِخِلَافِ الرَّضْخِ (وَمُدَبَّرٌ، وَمُكَاتَبٌ كَقِنٍّ، وَخُنْثَى مُشْكِلٌ كَامْرَأَةٍ) ؛ لِأَنَّهُ الْمُتَيَقِّنُ (فَإِنْ انْكَشَفَ حَالُهُ قَبْلَ تَقَضِّي الْحَرْبِ مَثَلًا وَالْقِسْمَةِ أَوْ بَعْدَهُمَا فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ رَجُلٌ أَتَمَّ لَهُ سَهْمَ رَجُلٍ) كَغَيْرِهِ مِنْ الرِّجَالِ.
(وَيُسْهَمُ لَكَافِرٍ أَذِنَ لَهُ الْإِمَامُ) لِمَا رَوَى سَعِيدٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم اسْتَعَانَ بِنَاسٍ مِنْ الْيَهُودِ فَأَسْهَمَ لَهُمْ» ؛ وَلِأَنَّ الْكُفْرَ نَقْصٌ فِي الدِّينِ فَلَمْ يَمْنَعْ اسْتِحْقَاقَ السَّهْمِ كَالْفِسْقِ، بِخِلَافِ الرِّقِّ فَإِنَّهُ نَقْصٌ فِي الدُّنْيَا، وَالْأَحْكَامِ (وَلَا يَبْلُغُ بِرَضْخِ الرَّاجِلِ سَهْمَ) رَاجِلٍ، وَلَا بِرَضْخِ (الْفَارِسِ سَهْمَ فَارِسٍ) ؛ لِأَنَّ السَّهْمَ أَكْمَلُ مِنْ الرَّضْخِ فَلَمْ يَبْلُغْ بِهِ إلَيْهِ كَمَا لَا يَبْلُغُ بِالتَّعْزِيرِ الْحَدَّ، وَلَا بِالْحُكُومَةِ دِيَةَ الْعُضْوِ، وَيَكُونُ الرَّضْخُ لَهُ، وَلِفَرَسِهِ (فِي ظَاهِرِ كَلَامِهِمْ) قَالَ فِي شَرْحِ الْمُنْتَهَى: إنْ غَزَا الصَّبِيُّ عَلَى فَرَسٍ لَهُ، وَالْمَرْأَةُ عَلَى فَرَسٍ لَهَا، رَضَخَ لِلْفَرَسِ، وَلِرَاكِبِهَا مِنْ غَيْرِ إسْهَامٍ لِلْفَرَسِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ أَسْهَمَ لِلْفَرَسِ كَانَ سَهْمًا لِمَالِكِهَا فَإِذَا لَمْ يَسْتَحِقَّ مَالِكُهَا السَّهْمَ بِحُضُورِهِ لِلْقِتَالِ فَبِفَرَسِهِ أَوْلَى، بِخِلَافِ الْعَبْدِ إذَا غَزَا عَلَى فَرَسِ سَيِّدِهِ فَإِنَّ سَهْمهَا لِغَيْرِ رَاكِبهَا، وَهُوَ سَيِّدُهُ.
(فَإِنْ غَزَا الْعَبْدُ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ لَمْ يُرْضَخْ لَهُ مَثَلًا وَلَا لِفَرَسِهِ) لِعِصْيَانِهِ.
(وَإِنْ كَانَ) غَزْوُ الْعَبْدِ (بِإِذْنِهِ) أَيْ: بِإِذْنِ سَيِّدِهِ (عَلَى فَرَسٍ لِسَيِّدِهِ) رَضَخَ لِلْعَبْدِ، وَأَسْهَمَ لِلْفَرَسِ (فَيُؤْخَذُ لِلْفَرَسِ) الْعَرَبِيِّ (سَهْمَانِ) كَفَرَسِ الْحُرِّ؛ لِأَنَّهُ فَرَسٌ شَهِدَ الْوَقْعَةَ، وَقُوتِلَ عَلَيْهِ، فَأَسْهَمَ لَهُ، كَمَا لَوْ كَانَ السَّيِّدُ رَاكِبَهُ، وَتَقَدَّمَ الْفَرْقُ بَيْنَهُ، وَبَيْنَ فَرَسِ الصَّبِيِّ، وَنَحْوِهِ (إنْ لَمْ يَكُنْ مَعَ سَيِّدِهِ فَرَسٌ غَيْرُ فَرَسِ الْعَبْدِ فَإِنْ كَانَ) مَعَ السَّيِّدِ فَرَسٌ غَيْرُ فَرَسِ الْعَبْدِ (لَمْ يُسْهَمْ لِفَرَسِ الْعَبْدِ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يُقْسَمُ لِأَكْثَرِ مِنْ فَرَسَيْنِ عَلَى مَا يَأْتِي، وَإِنْ كَانَ مَعَ الْعَبْدِ فَرَسَانِ قَسَمَ لَهُمَا إذَا لَمْ يَكُنْ مَعَ سَيِّدِهِ غَيْرُهُمَا، وَرَضَخَ لِلْعَبْدِ، وَسَهْمُ الْفَرَسَيْنِ لِمَالِكِهِمَا، وَيُعَايَى بِهَا فَيُقَالُ: يَسْتَحِقُّ الرَّضْخَ، وَالسَّهْمَ.
(وَإِنْ انْفَرَدَ بِالْغَنِيمَةِ مَنْ لَا سَهْمَ لَهُ، كَعَبِيدٍ، وَصِبْيَانٍ دَخَلُوا دَارَ الْحَرْبِ) بِالْإِذْنِ (فَغَنِمُوا أَخَذَ) الْإِمَامُ (خُمُسَهُ، وَمَا بَقِيَ لَهُمْ)