الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فِيهِمَا) لِحَدِيثِ «هَدَايَا الْعُمَّالِ غُلُولٌ» (، وَيَأْتِي فِي) بَابْ أَدَبِ الْقَاضِي بِأَوْسَعَ مِنْ هَذَا.
(وَمَنْ ظُلِمَ فِي خَرَاجِهِ لَمْ يَحْتَسِبْهُ مِنْ عُشْرِهِ) الْوَاجِبِ عَلَيْهِ فِي زَرْعِهِ أَوْ ثَمَرِهِ قَالَ أَحْمَدُ؛ لِأَنَّهُ غَصْبٌ، وَعَنْهُ بَلَى اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ.
(وَإِنْ رَأَى الْإِمَامُ الْمَصْلَحَةَ فِي إسْقَاطِ الْخَرَاجِ عَنْ إنْسَانٍ) أَوْ فِي (تَخْفِيفِهِ جَازَ) ؛ لِأَنَّهُ لَوْ أَخَذَ الْخَرَاجَ، وَصَارَ فِي يَدِهِ جَازَ لَهُ أَنْ يَخُصَّ بِهِ شَخْصًا إذَا رَأَى الْمَصْلَحَةَ فِيهِ، فَجَازَ لَهُ تَرْكُهُ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى.
(وَيَجُوزُ لِلْإِمَامِ إقْطَاعُ الْأَرَاضِي، وَالْمَعَادِنِ، وَالدُّورِ) الَّتِي لِبَيْتِ الْمَالِ (، وَيَأْتِي بَعْضُهُ فِي) بَابِ (إحْيَاءِ الْمَوَاتِ) مُوَضَّحًا (مُوَضَّحًا وَالْكُلَفُ الَّتِي تُطْلَبُ مِنْ الْبَلَدِ بِحَقٍّ أَوْ غَيْرِهِ يَحْرُمُ تَوْفِيرُ بَعْضِهِمْ وَجَعْلُ قِسْطِهِ عَلَى غَيْرِهِ، وَمَنْ قَامَ فِيهَا بِنِيَّةِ الْعَدْلِ، وَتَقْلِيلِ الظُّلْمِ مَهْمَا أَمْكَنَ لِلَّهِ) تَعَالَى (فَكَالْمُجَاهِدِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ) تَعَالَى (ذَكَره الشَّيْخُ) لِقِيَامِهِ بِالْقِسْطِ، وَالْإِنْصَافِ.
(وَيَأْتِي فِي) بَابِ (الْمُسَاقَاةِ بَعْضُهُ) ، وَلَيْسَ لِأَحَدٍ تَفْرِقَةُ خَرَاجٍ عَلَيْهِ بِنَفْسِهِ بِنَفْسِهِ وَمَصْرَفُ الْخَرَاجِ كَفَيْءٍ؛ لِأَنَّهُ مِنْهُ كَمَا يَأْتِي.
[بَابُ الْفَيْءِ]
ِ أَصْلُهُ مِنْ الرُّجُوعِ يُقَالُ فَاءَ الظِّلُّ إذَا رَجَعَ نَحْو الْمَشْرِقِ، وَسُمِّيَ الْمَالُ الْحَاصِلُ عَلَى مَا يَذْكُرهُ فَيْئًا؛ لِأَنَّهُ رَجَعَ مِنْ الْمُشْرِكِينَ إلَيْهِمْ، وَالْأَصْلُ فِيهِ قَوْله تَعَالَى {وَمَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلا رِكَابٍ} [الحشر: 6] الْآيَتَيْنِ (وَهُوَ مَا أُخِذَ مِنْ مَالِ كَافِرٍ بِحَقِّ الْكُفْرِ) احْتِرَازًا عَمَّا أُخِذَ مِنْ ذِمِّيّ غَصْبًا، وَنَحْوه أَوْ بَيْعٍ، وَنَحْوه (بِلَا قِتَالٍ) خَرْجَ الْغَنِيمَةِ (كَجِزْيَةٍ، وَخَرَاجٍ، وَزَكَاةٍ تَغْلِبِيٍّ، وَعُشْرِ مَالِ تِجَارَةِ حَرْبِيٍّ) اتَّجَرَ بِهِ إلَيْنَا.
(وَنِصْفُهُ) أَيْ: نِصْفَ عُشْرِ مَالِ تِجَارَةٍ مِنْ ذِمِّيٍّ اتَّجَرَ إلَى غَيْرِ بَلَدِهِ، (وَمَا تَرَكُوهُ) فَزَعًا (وَهَرَبُوا أَوْ بَذَلُوهُ فَزَعًا مِنَّا فِي الْهُدْنَةِ، وَغَيْرِهَا، وَخُمْسُ خُمْسِ الْغَنِيمَةِ) ، وَمَالُ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ، وَلَا وَارِثَ لَهُ يُسْتَغْرَقُ (وَمَالُ الْمُرْتَدِّ إذَا مَاتَ عَلَى رِدَّتِهِ) بِقَتْلٍ أَوْ غَيْرِهِ (فَيُصْرَفُ فِي مَصَالِحِ) أَهْلِ (الْإِسْلَامِ) لِلْآيَتَيْنِ.
، وَلِهَذَا لَمَّا قَرَأَ عُمَرُ {مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ} [الحشر: 7] حَتَّى بَلَغَ - {وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ} [الحشر: 10] قَالَ هَذِهِ اسْتَوْعَبَتْ الْمُسْلِمِينَ. وَقَالَ أَيْضًا " " مَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ
إلَّا لَهُ فِي هَذَا الْمَالِ نَصِيبٌ إلَّا الْعَبِيدَ وَذَكَرَ أَحْمَدُ الْفَيْءَ فَقَالَ: فِيهِ حَقٌّ لِكُلِّ الْمُسْلِمِينَ وَهُوَ بَيْن الْغَنِيِّ وَالْفَقِيرِ، وَلِأَنَّ الْمَصَالِحَ نَفْعُهَا عَامٌّ وَالْحَاجَةُ دَاعِيَةٌ إلَى فِعْلِهَا تَحْصِيلًا لَهَا.
(وَيَبْدَأُ بِالْأَهَمِّ فَالْأَهَمِّ) مِنْ الْمَصَالِحِ الْعَامَّةِ لِأَهْلِ الدَّارِ الَّتِي بِهَا حِفْظُ الْمُسْلِمِينَ فَيَبْدَأُ (بِجُنْدِ الْمُسْلِمِينَ) الَّذِينَ يَذُبُّونَ عَنْهُمْ (ثُمَّ بِالْأَهَمِّ فَالْأَهَمِّ مِنْ عِمَارَةِ الثُّغُورِ بِمَنْ فِيهِ كِفَايَةٌ) وَهُمْ أَهْلُ الْقُوَّةِ مِنْ الرِّجَالِ الَّذِينَ لَهُمْ مَنَعَةٌ وَأَسْلِحَةٌ.
(وَكِفَايَةِ أَهْلِهَا) أَيْ: الْقِيَامِ بِكِفَايَةِ أَهْلِ الثُّغُورِ (وَمَا يُحْتَاجُ إلَيْهِ مَنْ يَدْفَعُ عَنْ الْمُسْلِمِينَ مِنْ غَيْرِ أَهْلِ السِّلَاحِ وَالْكُرَاعِ) أَيْ: الْخَيْلِ (ثُمَّ الْأَهَمُّ فَالْأَهَمُّ مِنْ سَدِّ الْبُثُوقِ جَمْعُ بَثْقٍ) بِتَقْدِيمِ الْمُوَحَّدَة (وَهُوَ الْخَرْقُ فِي أَحَدِ حَافَتَيْ النَّهْرِ) وَهُوَ حَرْفُ الْجُسُورِ لِحُصُولِ النَّفْعِ بِعُلُوِّ الْمَاءِ بِسَبَبِ ذَلِكَ (وَكَرْيُ الْأَنْهَارِ أَيْ: حَفْرُهَا وَتَنْظِيفُهَا وَعَمَلُ الْقَنَاطِرِ أَيْ: الْجُسُورِ وَ) إصْلَاحُ (الطَّرِيقِ وَالْمَسَاجِدِ وَأَرْزَاقِ الْقُضَاةِ وَالْأَئِمَّةِ وَالْمُؤَذِّنِينَ وَالْفُقَهَاءِ وَمَنْ يَحْتَاجُ إلَيْهِ الْمُسْلِمُونَ وَكُلُّ مَا يَعُودُ نَفْعُهُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ) لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ
الْمَصَالِحِ الْعَامَّةِ
أَشْبَهَ الْأَوَّلَ (وَلَا يُخَمَّسُ) لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَضَافَهُ إلَى أَهْلِ الْخُمُسِ كَمَا أَضَافَ خُمُسَ الْغَنِيمَةِ فَإِيجَابُ الْخُمُسِ فِيهِ لِأَهْلِهِ دُونَ بَاقِيهِ مَنْعٌ لِمَا جَعَلَهُ اللَّهُ تَعَالَى لَهُمْ بِغَيْرِ دَلِيلٍ، وَلَوْ أُرِيدَ الْخُمُسُ مِنْهُ لَذَكَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى كَمَا ذَكَرَهُ فِي خُمُسِ الْغَنِيمَةِ، فَلَمَّا لَمْ يَذْكُرْهُ ظَهَرَ إرَادَةُ الِاسْتِيعَابِ.
(وَإِنْ فَضَلَ عَنْ الْمَصَالِحِ مِنْهُ أَيْ: مِنْ الْفَيْءِ فَضْلٌ قُسِمَ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ غَنِيِّهِمْ وَفَقِيرِهِمْ) لِلْآيَةِ وَلِأَنَّهُ مَالٌ فَضَلَ عَنْ حَاجَتِهِمْ، فَقُسِمَ بَيْنَهُمْ كَذَلِكَ، وَيَسْتَوُونَ فِيهِ كَالْمِيرَاثِ (إلَّا عَبِيدَهُمْ فَلَا يُفْرَدُ الْعَبْدُ بِالْعَطَاءِ) نَصَّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ مَالٌ فَلَا حَظَّ لَهُ فِيهِ كَالْبَهَائِمِ (بَلْ يُزَادُ سَيِّدُهُ) لِأَجْلِهِ ذَكَرَ الْخَطَّابِيُّ أَنَّ الصِّدِّيقَ أَعْطَى الْعَبِيدَ.
(وَعَنْهُ يُقَدَّمُ الْمُحْتَاجُ قَالَ الشَّيْخُ وَهُوَ أَصَحُّ عَنْ أَحْمَدَ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {لِلْفُقَرَاءِ} [الحشر: 8] وَلِأَنَّ الْمَصْلَحَةَ فِي حَقِّهِ أَعْظَمُ مِنْهَا فِي حَقِّ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ حِفْظِ نَفْسِهِ مِنْ الْعَدُوِّ بِالْعُدَّةِ وَلَا بِالْهَرَبِ لِفَقْرِهِ بِخِلَافِ الْغَنِيِّ (وَاخْتَارَ أَبُو حَكِيمٍ وَالشَّيْخُ لَا حَظَّ لِلرَّافِضَةِ فِيهِ، وَذَكَرَهُ فِي الْهَدْيِ عَنْ مَالِكٍ وَأَحْمَدَ) وَقِيلَ: يَخْتَصُّ بِالْمُقَاتِلَةِ، لِأَنَّهُ كَانَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي حَيَاتِهِ لِحُصُولِ النُّصْرَةِ فَلَمَّا مَاتَ صَارَتْ بِالْخَيْلِ وَمَنْ يَحْتَاجُ إلَيْهِ الْمُسْلِمُونَ.
(وَيَكُونُ الْعَطَاءُ كُلَّ عَامٍ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ) وَلَا يُجْعَلُ فِي أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ، لِئَلَّا يَشْغَلَهُمْ عَنْ الْغَزْوِ.
(وَيُفْرَضُ لِلْمُقَاتِلَةِ قَدْرُ كِفَايَتِهِمْ وَكِفَايَةِ عِيَالِهِمْ) لِيَتَفَرَّغُوا لِلْجِهَادِ.
(وَتُسَنُّ الْبُدَاءَةُ بِأَوْلَادِ الْمُهَاجِرِينَ) جَمْعُ مُهَاجِرٍ اسْمُ فَاعِلٍ مِنْ هَاجَرَ بِمَعْنَى هَجَرَ ثُمَّ غَلَبَ عَلَى الْخُرُوجِ مِنْ أَرْضٍ إلَى
أُخْرَى وَتُطْلَقُ الْهِجْرَةُ بِأَنْ يَتْرُكَ الرَّجُلُ أَهْلَهُ وَمَالَهُ، وَيَنْقَطِعَ بِنَفْسِهِ إلَى مُهَاجِرَةٍ.
وَلَا يَرْجِعُ مِنْ ذَلِكَ بِشَيْءٍ، وَهِجْرَةُ الْأَعْرَابِ وَهِيَ أَنْ يَدَعَ الْبَادِيَةَ وَيَغْزُوَ مَعَ الْمُسْلِمِينَ وَهِيَ دُونَ الْأَوَّلِ فِي الْأَجْرِ وَالْمُرَادُ هُنَا أَوَّلًا: الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ هَجَرُوا أَوْطَانَهُمْ وَخَرَجُوا إلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُمْ جَمَاعَةٌ مَخْصُوصُونَ فَيُقَدَّمُ مِنْهُمْ (الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم) لِمَا رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ قَالَ " قَدِمَتْ عَلَى عُمَرَ ثَمَانِيَةُ آلَافِ دِرْهَمٍ فَلَمَّا أَصْبَحَ أَرْسَلَ إلَى نَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ لَهُمْ: قَدْ جَاءَ النَّاسَ مَا لَمْ يَأْتِهِمْ مِثْلُهُ مُذْ كَانَ الْإِسْلَامُ، أَشِيرُوا عَلَيَّ بِمَنْ أَبْدَأُ؟ قَالُوا: بِك يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إنَّك وَلِيُّ ذَلِكَ قَالَ لَا وَلَكِنْ أَبْدَأُ بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْأَقْرَبَ فَالْأَقْرَبَ فَوَضَعَ الدِّيوَانَ عَلَى ذَلِكَ "(فَيَبْدَأُ مِنْ قُرَيْشٍ بِبَنِي هَاشِمٍ) لِأَنَّهُمْ أَقْرَبُهُمْ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم (ثُمَّ بَنِي الْمُطَّلِبِ) لِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام «إنَّمَا بَنُو هَاشِمٍ وَبَنُو الْمُطَّلِبِ شَيْءٌ وَاحِدٌ وَشَبَّكَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ» (ثُمَّ بَنِي عَبْدِ شَمْسٍ) لِأَنَّهُ هُوَ وَهَاشِمٌ أَخَوَانِ لِأَبٍ وَأُمٍّ (ثُمَّ بَنِي نَوْفَلٍ) لِأَنَّهُ أَخُو هَاشِمٍ لِأَبِيهِ (ثُمَّ يُعْطَى بَنُو عَبْدِ الْعُزَّى) ؛ لِأَنَّ فِيهِمْ أَصْهَارَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَإِنَّ خَدِيجَةَ مِنْهُمْ (ثُمَّ بَنِي عَبْدِ الدَّارِ) ثُمَّ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ (حَتَّى تَنْقَضِيَ قُرَيْشٌ) لِمَا تَقَدَّمَ عَنْ عُمَرَ (وَقُرَيْشُ بَنُو النَّضْرِ بْنِ كِنَانَةَ وَقِيلَ بَنُو فِهْرِ بْنِ مَالكِ بْنِ النَّضْرِ بْنِ كِنَانَةَ) قَالَهُ فِي الشَّرْحِ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي الْمُبْدِعِ: وَقَالَ الْمُوَفَّقُ فِي التَّبْيِينِ: هُمْ بَنُو النَّضْرِ بْنِ كِنَانَةَ عَلَى مَا قَالَ صلى الله عليه وسلم «نَحْنُ بَنُو النَّضْرِ بْنِ كِنَانَةَ» وَأَطْلَقَ الْقَوْلَيْنِ فِي الْمُنْتَهَى (ثُمَّ أَوْلَادُ الْأَنْصَارِ) وَهُمْ الْحَيَّانِ الْأَوْسُ وَالْخَزْرَجُ وَقُدِّمُوا عَلَى غَيْرِهِمْ لِسَابِقَتِهِمْ وَآثَارِهِمْ الْجَمِيلَةِ (ثُمَّ سَائِرُ الْعَرَبِ) لِفَضْلِهِمْ عَلَى مَنْ سِوَاهُمْ (ثُمَّ الْعَجَمُ ثُمَّ الْمَوَالِي) أَيْ: الْعُتَقَاءُ لِيَحْصُلَ التَّعْمِيمُ بِالدَّفْعِ (وَلِلْإِمَامِ أَنْ يُفَاضِلَ بَيْنَهُمْ بِحَسَبِ الْمُسَابَقَةِ) فِي الْإِسْلَامِ (وَنَحْوِهَا) كَالشَّجَاعَةِ وَحُسْنِ الرَّأْيِ.
وَهَذَا قَوْلُ عُمَرَ وَعُثْمَانَ قَالَ عُمَرُ: " لَا أَجْعَلُ مَنْ قَاتَلَ عَلَى الْإِسْلَامِ كَمَنْ قُوتِلَ عَلَيْهِ " وَلِأَنَّهُ قَسَمَ النَّفَلَ بَيْنَ أَهْلِهِ مُتَفَاضِلًا عَلَى قَدْرِ غِنَائِهِمْ وَهَذَا مَعْنَاهُ " وَقَدْ فَرَضَ عُمَرُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ مِنْ أَهْلِ بَدْرٍ خَمْسَةَ آلَافٍ وَلِأَهْلِ بَدْرٍ مِنْ الْأَنْصَارِ أَرْبَعَةَ آلَافٍ أَرْبَعَةَ آلَافٍ، وَفَرَضَ لِأَهْلِ الْحُدَيْبِيَةِ ثَلَاثَةَ آلَافٍ ثَلَاثَةَ آلَافٍ، وَلِأَهْلِ الْفَتْحِ أَلْفَيْنِ أَلْفَيْنِ " وَلَمْ يُفَضِّلْ أَبُو بَكْرٍ وَعَلِيٌّ.
(وَإِنْ اسْتَوَى اثْنَانِ مِنْ أَهْلِ الْفَيْءِ) فِيمَا تَقَدَّمَ (فِي دَرَجَةٍ قُدِّمَ أَسْبَقُهُمَا إسْلَامًا) فَإِنْ اسْتَوَيَا فِيهِ (فَأَسَنُّ) فَإِنْ اسْتَوَيَا فِيهِ (فَأَقْدَمُ هِجْرَةً وَسَابِقَةً ثُمَّ) إنْ اسْتَوَوْا فِي جَمِيعِ ذَلِكَ فَ (وَلِيُّ الْأَمْرِ مُخَيَّرٌ إنْ شَاءَ أَقْرَعَ بَيْنَهُمَا وَإِنْ شَاءَ رَتَّبَهُمَا عَلَى رَأْيِهِ) أَيْ: اجْتِهَادِهِ.
(وَيَنْبَغِي لِلْإِمَامِ أَنْ يَضَعَ دِيوَانًا يَكْتُبُ فِيهِ أَسْمَاءَ الْمُقَاتِلَةَ، وَ) يَكْتُبُ فِيهِ (قَدْرَ أَرْزَاقِهِمْ) ضَبْطًا لَهُمْ وَلِمَا قَدَّرَ لَهُمْ (وَيَجْعَلُ لِكُلِّ طَائِفَةٍ عَرِيفًا يَقُومُ بِأَمْرِهِمْ وَيَجْمَعُهُمْ وَقْتَ الْعَطَاءِ وَوَقْتَ الْغَزْوِ) لِيَسْهُلَ الْأَمْرُ عَلَى الْإِمَامِ.
(وَالْعَطَاءُ الْوَاجِبُ: لَا يَكُونُ إلَّا لِبَالِغٍ عَاقِلٍ حُرٍّ بَصِيرٍ صَحِيحٍ يُطِيقُ الْقِتَالَ) وَيَتَعَرَّفُ قَدْرَ حَاجَةِ أَهْلِ الْعَطَاءِ وَكِفَايَتِهِمْ وَيَزِيدُ ذَا الْوَلَدِ مِنْ أَجْلِ وَلَدِهِ، وَذَا الْفَرَسِ مِنْ أَجْلِ فَرَسِهِ وَإِنْ كَانَ لَهُ عَبِيدٌ فِي مَصَالِحِ الْحَرْبِ حَسَبَ مُؤْنَتِهِمْ فِي كِفَايَتِهِ، وَإِنْ كَانُوا لِتِجَارَةٍ أَوْ زِينَةٍ لَمْ يَحْتَسِبْ مُؤْنَتَهُمْ وَيَنْظُرُ فِي أَسْعَارِ بِلَادِهِمْ لِأَنَّ الْأَسْعَارَ تَخْتَلِفُ، وَالْغَرَضُ الْكِفَايَةُ، وَلِهَذَا تُعْتَبَرُ الذُّرِّيَّةُ قَالَ الشَّيْخُ وَهَذَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ عَلَى قَوْلِ مَنْ رَأَى التَّسْوِيَةَ فَأَمَّا مَنْ رَأَى التَّفْضِيلَ فَإِنَّهُ يُفَضِّلُ أَهْلَ السَّوَابِقِ وَالْغِنَاءِ فِي الْإِسْلَامِ عَلَى غَيْرِهِمْ بِحَسْبِ مَا يَرَاهُ كَمَا فَعَلَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَلَمْ يُقَدِّرْ ذَلِكَ بِالْكِفَايَةِ.
(فَإِنْ مَرِضَ مَرَضًا غَيْرَ مَرْجُوِّ الزَّوَالِ كَزَمَانَةٍ وَنَحْوِهَا) كَالسُّلِّ وَالْفَالِجِ (خَرَجَ مِنْ الْمُقَاتِلَةِ وَسَقَطَ سَهْمُهُ) لِخُرُوجِهِ عَنْ أَهْلِيَّةِ الْقِتَالِ بِخِلَافِ مَا يُرْجَى زَوَالُهُ كَالْحُمَّى وَالصُّدَاعِ.
(وَمَنْ مَاتَ بَعْدَ حُلُولِ وَقْتِ الْعَطَاءِ دُفِعَ إلَى وَرَثَتِهِ حَقُّهُ) لِأَنَّهُ مَاتَ بَعْدَ الِاسْتِحْقَاقِ فَانْتَقَلَ حَقُّهُ إلَى وَرَثَتِهِ كَسَائِرِ الْحُقُوقِ قُلْتُ: وَقِيَاسُهُ جِهَاتُ الْأَوْقَافِ إذَا مَاتَ بَعْدَ مُضِيّ زَمَنِ اسْتِحْقَاقِهِ يُعْطَى لِوَرَثَتِهِ.
(وَمَنْ مَاتَ مِنْ أَجْنَادِ الْمُسْلِمِينَ دَفَعَ إلَى امْرَأَتِهِ وَأَوْلَادِهِ الصِّغَارِ قَدْرَ كِفَايَتِهِمْ) لِتَطِيبَ قُلُوبُ الْمُجَاهِدِينَ، لِأَنَّهُمْ إذَا عَلِمُوا أَنَّ عِيَالَهُمْ يُكْفَوْنَ الْمُؤْنَةَ بَعْد مَوْتِهِمْ تُوَفَّرُوا عَلَى الْجِهَادِ بِخِلَافِ عَكْسِهِ (فَإِذَا بَلَغَ ذُكُورُهُمْ أَهْلًا لِلْقِتَالِ وَاخْتَارُوا أَنْ يَكُونُوا مُقَاتِلَةً فَرَضَ لَهُمْ بِطَلَبِهِمْ) لِأَهْلِيَّتِهِمْ لِذَلِكَ كَآبَائِهِمْ.
وَفِي الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ: مَعَ الْحَاجَةِ إلَيْهِمْ (وَإِلَّا) أَيْ: وَإِنْ لَمْ يَبْلُغُوا أَهْلًا لِلْقِتَالِ، أَوْ بَلَغُوا كَذَلِكَ، وَلَمْ يَخْتَارُوا أَنْ يَكُونُوا مُقَاتِلَةً (قَطَعَ فَرَضَهُمْ) لِعَدَمِ أَهْلِيَّتِهِمْ فِي الْأَوَّلِ وَعَدَمِ اخْتِيَارِهِمْ فِي الثَّانِي (وَيَسْقُطُ فَرْضُ الْمَرْأَةِ وَالْبَنَاتِ بِالتَّزْوِيجِ) لِحُصُولِ الْغِنَى بِهِ.
(وَبَيْتُ الْمَالِ مِلْكٌ لِلْمُسْلِمِينَ يَضْمَنُهُ مُتْلِفُهُ وَيَحْرُمُ الْأَخْذُ مِنْهُ) وَالتَّصَرُّفُ فِيهِ (بِلَا إذْنِ الْإِمَامِ) ذَكَرَهُ فِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ وَالِانْتِصَارِ وَذَكَرَ الْقَاضِي وَابْنُهُ أَنَّ الْمَالِكَ غَيْرُ مُعَيَّنٍ (وَيَأْتِي) فِي بَابِ ذَوِي الْأَرْحَامِ (أَنَّهُ غَيْرُ وَارِثٍ) وَإِنَّمَا هُوَ جِهَةٌ وَمَصْلَحَةٌ.