الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأخرج أحمد عن ابن بُريدة عن أبيه نحوه، وفيه: نزل بنا ونحن قريب من ألف راكبٍ، ولم يذكر نزول الآية. وفي رواية الطبرانيّ من هذا الوجه: لما قدم مكة أتى رسم قبرٍ، وعن فضيل بن مرزوق عن عطية: لما قدم مكة وقف على قبر أُمه، حتى سخنت عليه الشمس، رجاءَ أن يؤذَن له، فيستغفر لها، فنزلت.
وللطبرانيّ عن عكرمة عن ابن عباس نحو حديث ابن سعود، وفيه: لما هبط من ثنية عَسفان. وفيه نزول الآية في ذلك، فهذه طرق يعضَّد بعضها بعضًا. وفيها دلالة على تأخير نزول الآية عن وفاة أبي طالب: ويؤيده أيضًا أنه عليه الصلاة والسلام قال يوم أُحُد، بعد أن شج وجهه الشريف:"اللهم اغفر لقومي، فإنهم لا يعلمون". لكن يحتمل في هذا أن يكون الاستغفار خاصًا بالأحياء، وليس البحث فيه.
ويحتمل أن يكون نزول الآية تأخر، وأنْ كان سببها تقدم، ويكون لنزولها سببان: متقدم، وهو أمر أبي طالب، ومتأخر وهو أمر آمنة. ويؤيد تأخير النزول ما جاء في تفسير "براءة" من استغفاره صلى الله عليه وسلم للمنافقين، حتى نزل النهي عن ذلك، فإن ذلك يقتضي تأخير النزول وإنْ تقدم السبب. ويشير إلى ذلك قوله في حديث الباب، في رواية القصص: وأنزل الله في أبي طالب: {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ} لأنه يُشعر بأن الآية الأُولى نزلت في أبي طالب وغيره، والثانية نزلت فيه وحده.
ويؤيد تعدد السبب ما أخرجه أحمد عن عليّ قال: سمعت رجلًا يستغفر لوالديه وهما مشركان، فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم، فأنزل الله:{مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ} الآية. وروى الطبريّ عن مجاهد قال: قال المؤمنون: ألا نستغفر لآبائنا كما استغفر إبراهيم لأبيه؟ فنزلت.
وعن قتادة قال: ذكرنا له أنَّ رجالًا فذكر نحوه، وفي الحديث: أن من لم يعمل خيرًا قطُّ، إذا ختم عمره بشهادة أن لا إله إلا الله حكم بإسلامه، وأُجريت عليه أحكام المسلمين، فإن قارن نطقُ لسانه عَقْدَ قلبه نفعه ذلك عند الله تعالى، بشرط أن لا يكون وصل إلى حد انقطاع الأمل من الحياة، وعجز عن فهم الخطاب، ورد الجواب، وهو وقت المعاينة، وإليه الإشارة بقوله تعالى:{وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ} . ومرت زيادة لهذا عند الترجمة.
رجاله سبعة:
قد مرّوا، إلا المسيب، وفيه ذكر أبي طالب وعبد الله بن أبي أُمية، إسحاق، إما ابن راهويه، وقد مرّ في تعليق بعد الحادي والعشرين من العلم، وإما ابن منصور، وقد مرَّ في الخامس والثلاثين من الإيمان، ومرَّ يعقوب بن إبراهيم في السادس عشر من العلم، ومرَّ أبوه إبراهيم بن سعد في السادس عشر من الإيمان، وسعيد بن المسيب في التاسع عشر منه، ومرَّ صالح بن كيسان في السابع من بدء الوحي، وابن شهاب في الثالث منه.
والسابع: المُسَيّب بن حَزْن بن أبي وهب بن عمرو بن عائذ بن عِمران بن مخزوم، القرشي، المخزوميّ، له ولأبيه حَزْن صحبة، وهو والد سعيد، وكان ممن بايع تحت الشجرة، وكان رجلًا تاجرًا، وقد شهد فتوح الشام، له سبعة أحاديث، اتفقا على حديثين، وانفرد البخاري بواحد. روى عنه ابنه سعيد، قال في الإصابة: لم يتحرر لي وقت موته.
ومرَّ أبو طالب في الرابع من الاستسقاء، وعبد الله بن أبي أُمية، واسم أبي أُمية حُذيفة، وقيل سَهل بن المُغيرة بن عبد الله بن عمرو بن مخزوم المخزوميّ، أُمه عاتكة بنت عبد المطلب، عمة النبي صلى الله عليه وسلم، أخو زوجته أُم سلمة، كان أبوه أبو أُمية يسمى "زادَ الراكب"، سمي بذلك لأنه كان إذا سافر معه أحد كان زاده عليه، وزعم ابن الكلبي أن أزواد الركب ثلاثة، زَمْعَة بن الأسود بن المطلب بن عبد مناف، قُتل يوم بدر كافرًا، ومسافر بن أبي عمرو بن أمية، وأبو أُمية بن المغيرة، وهو أشهرهم. وقال مصعب: لا تعرف قريش زادَ الركبِ إلا أبا أُمية وحده.
قال مصعب الزبيريّ: كان عبد الله بن أبي أُمية شديدًا على المسلمين، شديد العداوة للنبي صلى الله عليه وسلم، وهو الذي قال له عليه الصلاة والسلام:{لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعًا} إلخ الآية. ثم هداه الله إلى الإِسلام، وهاجر قبل الفتح، ولقي النبي صلى الله عليه وسلم بطريق مكة، هو وأبو سفيان بن الحارث، قال ابن إسحاق: فالتمسا الدخول عليه، فمنعهما، فكلمته أُم سلمة، فقالت: يا رسول الله صلى الله عليك وسلم، ابن عمك، تعني أبا سفيان، وابن عمتك، تعني عبد الله. فقال: لا حاجة لي بهما، أما ابن عمي فهتك عرضي، وأما ابن عمتي فقال لي بمكة ما قال. ثم أذن لهما فدخلا وأسلما.
وقال الزبير بن بكَّار: كان شديدًا على المسلمين، ثم خرج مهاجرًا فلقي النبي صلى الله عليه وسلم، بين السقيا والعرج، هو وأبو سفيان بن الحارث، فأعرض عنهما، فقالت أُم سلمة: لا تجعل ابن عمك وابن عمتك أشقى الناس بك. وقال عليٌّ لأبي سفيان: ائتِ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم من قِبَل وجهه، وقيل له ما قال أُخوة يوسف ليوسف، ففعل، فقال: لا تثريب عليكم اليوم، وقبل منهما وأسلما، وشهد عبد الله الفتحَ وحنينًا واستشهد بالطائف. له ذكر في الصحيحين في حديث المخنث الذي قال له عند أُم سلمة: "يا عبد الله، إن فتح الله عليكم الطائف غدًا فعليك بابنة غيلان، فإنها تُقْبل في أربع وتدبر في ثمان
…
" الحديث.
وزَعْمُ مسلم أن عروة بن الزبير، رُوي عنه، أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم في بيت أُم سلمة يصلي في ثوب واحد ملتحفًا به، مخالفًا بين طرفيه - غَلَطٌ صُراح، لأنه مات قبل أن يولد عروة بكثير، وإنما الذي روى عروة عن عبد الله بن عبد الله بن أبي أُمية، ولهم عبد الله بن أبي أُمية بن وهب، حليف بني أسد، وابن أخيهم استشهد بخيبر، ولهم عبد الله بن أمية اثنان: أحدهما بدريّ.
وفي الحديث ذكر عدو الله، أبي جهل، يكنى أبا الحكم، واسمه عمرو بن هشام بن المُغيرة