الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
آخره من زيادة "فإياك وكرائم أموالهم .. " الخ. وقوله: كرائم أموالهم، منصوب بفعل مضمر لا يجوز إظهاره. قال ابن قُتيبة: ولا يجوز حذف الواو. والكرائم جمع كَريمة، أي نفيسة، ففيه ترك أخذ خيار المال، والنكتة فيه أن الزكاة لمواساة الفقراء، فلا يناسب ذلك الإجحاف بمال الأغنياء، إلا إن رَضُوا بذلك.
وقوله: واتقِ دعوةَ المظلوم، أي تجنب الظلم، لئلا يدعو عليك المظلوم، وفيه تنبيه على المنع من جميع أنواع الظلم، والنكتة في ذكره عقب المنع من أخذ الكرائم الإشارةُ إلى أن أخذها ظلمٌ. وقال بعضهم: عطف "واتقِ" على عامل إياك المحذوف وجوبًا، والتقدير اتق نفسك إن تتعرض للكرائم، وأشار بالعطف إلى أن أخذ الكرائم ظلم، ولكنه عمم، إشارة إلى التحرز عن الظلم مطلقًا. وقوله: حجاب، أي: ليس لها صارت يصرفها، ولا مانع. والمراد أنها مقبولة وإن كان عاصيًا، كما جاء عن أبي هريرة عند أحمد مرفوعًا "دعوة المظلوم مستجابة، وإن كان فاجرًا" ففجوره على نفسه، وليس المراد أن لله تعالى حجابًا يحجبه عن الناس.
وقال الطيبيُّ: قوله واتقِ دعوةَ المظلوم، تذييلٌ، لاشتماله عل الظلم الخامس من أخذ الكرائم، وعلى غيره. وقوله: فإنه ليس بينها وبين الله حجاب، تعليلٌ للاتقاء، وتمثيلٌ للدعاء، كمن يقصد دار السلطان متظلمًا فلا يحجب. قال ابن العَرَبيّ: إلا أنه، وإن كان مطلقًا، فهو مقيَّد بالحديث الآخر "إن الداعي على ثلاث مراتب؛ إمّا أن يعجَّل له ما طلب، وإما أن يُدّخر له أفضل منه، وإما أن يدفع عنه من السوء مثله". وهذا كما قيد مطلق قوله تعالى {فَيَكْشِفُ مَا تَدْعُونَ إِلَيْهِ إِنْ شَاءَ} .
وقال ابن بطال في الكلام على رفع الحجاب عن المؤمنين في كلامهم مع ربهم تعالى يوم القيامة: معنى رفع الحجاب إزالة الآفة من أبصار المؤمنين، المانعةُ لهم من الرؤية، فيرونه لارتفاعها عنهم بخلق ضدها فيهم. ويشير إليه قوله تعالى في حق الكفار {كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ} ، ويأتي، إنْ شاء الله تعالى، استيفاءُ الكلام على هذا الحجاب عند محله في كتاب التوحيد، لأنّ الحجابَ المذكور في معرض رؤية الباري جل جلاله، ليس هو المراد بالحجاب المذكور هنا، وقد استوفينا الكلام عليه في كتاب "استحالة المعية بالذات".
وفي الحديث الدعاء إلى التوحيد قبل القتال، وتوصية الإمام عامله فيما يحتاج إليه من الأحكام وغيرها. وفيه بعث السعاة لأخذ الزكاة، وقبول خير الواحد، ووجوب العمل به، وأن الزكاة لا تدفع إلى الكافر، لعود الضمير في "فقرائهم" إلى المسلمين، سواء قلنا بخصوص البلد أو العموم. وأن الفقير لا زكاة عليه، وقد مرت بقية مباحثه في المحل المذكور آنفًا.
رجاله ستة:
وفيه ذكر معاذ، وقد مرّ الجميع، مرّ محمد بن مقاتِل في السابع من العلم، ومرّ عبد الله بن المبارك في السادس من بدء الوحي، ومرّ ابن عباس في الخامس منه، ومرّ زكرياء بن إسحاق في
السادس عشر من كتاب الصلاة، ومرَّ يحيى بن صيفيّ في الأول من هذا الكتاب، ومرّ أبو معبد في الثامن من كتاب صفة الصلاة، ومرَّ معاذ بن جبل في أثر أولَ كتاب الإيمان، قبل ذكر حديث منه. ثم قال المصنف: