الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب قول الله تعالى {وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ}
قال الزين بن المنير: اقتطع البخاري هذه الآية من التفسير، للاحتياج إليها في بيان مصارف الزكاة. واختلف في المراد بقوله تعالى {وَفِي الرِّقَابِ} فقيل: المراد شراء الرقبة لتعتق، وهو رواية ابن القاسم عن مالك، واختيار أبي عبيد وأبي ثَوْر وقول إسحاق، ومال إليه البخاريّ. وقال أبو عبيد: أعلى ما جاء فيه قول ابن عباس، وهو أولى بالاتباع، وأعلم بالتأويل. وروى ابن وهب عن مالك أنها في المُكاتب، وهو قول الشافعيّ والليث وأبي حنيفة وأكثر أهل العلم، ورجحه الطبريّ، وفيه قول ثالث أن سهم الرقاب يُجعل نصفين: نصف لكل مُكاتِب يدَّعي الإسْلام، ونصف يشتري به رقاب من صلى وصام. أخرجه ابن أبي حاتم وأبو عبيد بإسناد صحيح، عن الزهريّ، أنه كتب ذلك لعمر بن عبد العزيز.
واحتج للأول بأنها لو اختصت بالمكاتب لدخل في حكم الغارمين، لأنه غارم، وبأن شراء الرقيق ليعتق أولى من إعانة المكاتب، لأنه قد يعان ولا يعتق، ولأن المكاتب عبد ما بقي عليه درهم، والزكاة لا تصرف للعبد، ولأن الشراء يتيسر في كل وقت بخلاف الكتابة، ولأن ولاءه يرجع إلى السيد، فيأخذ المال، والولاء بخلاف ذلك، فإن عتقه يتنجز ويصير ولاؤه للمسلمين، وهذا الأخير على طريق مالك في ذلك. وقال أحمد وإسحاق يرد ولاؤه في شراء الرقاب للمعتِق أيضًا. وقال عُبيد الله العنبريّ: يجعل في بيت المال.
وأما سبيل الله فالأكثر على أنه يختص بالغازي غنيًا كان أو فقيرًا، إلا أن أبا حنيفة قال: يختص بالغازي المحتاج. وقال أحمد وإسحاق: الحج من سبيل الله. وقال ابن عمر: أمَا إنّ الحج من سبيل الله. أخرجه أبو عبيد بإسناد صحيح وقال ابن المنذر: إن ثبت حديث أبي لاس، يعني الآتي في هذا الباب، قلت، بذلك. وتُعُقب بأنه يحتمل أنهم كانوا فقراء وحملوا عليها خاصة، ولم يتملكوها.
ثم قال: ويذكر عن ابن عباس "يعتق من زكاة ماله ويعطي في الحج"، وصله أبو عُبيد عن مجاهد عنه، أنه كان لا يرى بأسًا أن يعطي الرجل من زكاة ماله في الحج، وأن يعتق منه الرقبة. وقال الميمونيّ: قلت لأبي عبد الله: يشتري الرجل من زكاة ماله الرقاب فيعتق ويجعل في ابن السبيل؟ قال: نعم، ابن عباس يقول ذلك، ولا أعلم شيئًا يدفعه. وقال الخلال: قال أحمد كنت أرى أن يعتق من الزكاة، ثم كففت عن ذلك، لأني لم أره يصح، قال حرب: فاحتج عليه بحديث