الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب خرص التمر
أي: مشروعيته، والخَرْص بفتح المعجمة، وحكي كسرُها، وبسكون الراء بعدها مهملة، هو حَزْر ما على النخل من الرُّطب تمرًا. حكى التِّرمذي عن بعض أهل العلم أن تفسيره أن الثمار إذا أدركت من الرطب والعنب، مما تجب فيه الزكاة، بعث السلطان خارصًا ينظر فيقول: يخرج من هذا كذا وكذا زبيبًا، وكذا وكذا تمرًا، فيحصيه وينظر مبلغ العُشر، فيثبته عليهم. ويخلّي بينهم وبين الثمار، فإذا جاء وقت الجذاذ أُخذ منهم العشر.
وفائدة الخرص التوسعة على أرباب الثمار في التناول منها، والبيع من زهوها وإيثار الأهل والجيران والفقراء، لأن في منعهم منها تضييقًا لا يخفى، وقال الخطابيّ: أنكر أصحاب الرأي الخَرْص. وقال بعضهم: إنما كان يفعل تخويفًا للمزارعين، لئلا يخونوا، لا ليلزم به الحكم، لأنه تخمين وغرور، أو كان يجوز قبل تحريم الربا والقمار. وتعقبه الخطابيّ بأن تحريم الربا والميسر متقدم، والخرص عمل به في حياة النبي صلى الله عليه وسلم حتى مات، ثم أبو بكر وعمر، فمن بعدهم، ولم ينقل عن أحد منهم، ولا من التابعين تركه إلا عن الشعبيّ قال: وأما قولهم إنه تخمين وغرور، فليس كذلك، بل هو اجتهاد في معرفة مقدار التمر، وإدراكه بالخرص الذي هو نوع من المقادير.
حكى أبو عبيد عن قوم منهم أن الخرص كان خاصًا بالنبي صلى الله عليه وسلم، لأنه كان يوفق من الصواب ما لا يوفق غيره، تعقبه بأنه لا يلزم من كون غيره لا يسدد لما كان يسدد له، سواء إن تثبت بذلك الخصوصية وإن كان المرء لا يجب عليه الاتباع إلا فيما يعلم أنه يسدد فيه كتسديد الأنبياء، لسقط الاتباع وترد هذه الحجة أيضًا بإرسال النبي صلى الله عليه وسلم الخُرَّاص في زمانه، واعتل الطحاويّ بأنه يجوز أن يحصل للتمرة آفة فتتلفها، فيكون ما يؤخذ من صاحبها مأخوذا بدلًا مما لم يسلم، وأجيب بأن القائلين به لا يضمنون أرباب الأموال ما تلف بعد الخرص. قال ابن المنذر: أجمع من يحفظ عنه العلم، أن المخروص إذا أصابته جائحة قبل الجذاذ، فلا ضمان.
الحديث الرابع والثمانون
حَدَّثَنَا سَهْلُ بْنُ بَكَّارٍ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ عَنْ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى عَنْ عَبَّاسٍ السَّاعِدِيِّ عَنْ أَبِي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ قَالَ: غَزَوْنَا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم غَزْوَةَ تَبُوكَ فَلَمَّا جَاءَ وَادِيَ الْقُرَى إِذَا امْرَأَةٌ فِي حَدِيقَةٍ لَهَا فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لأَصْحَابِهِ اخْرُصُوا. وَخَرَصَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَشَرَةَ