الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب موت الفجأة البغتة
قال ابن رشيد: هو مضبوط بالكسر على البدل، ويجوز الرفع على أنه خبر مبتدأ محذوف، أي هي البغتة. وفي رواية الكشميهني "بغتةً" والفجاءة، بضم الفاء وبعد الجيم مَدّ ثم همز، ويروى بفتح ثم سكون بغير مد، وهي الهجوم على مَنْ لم يشعر به، وموت الفجاة وقوعه بغير سبب من مرض وغيره. قال ابن رشيد: مقصود المصنف الإشارة إلى أنه ليس بمكروه؛ لأنه صلى الله عليه وسلم لم يظهر منه كراهيته، لمّا أخبره الرجل بأن أمه افتلتت نفسها، وأشار إلى ما رواه أبو داود بلفظ:"موت الفجأة أخذة أسف" وفي إسناده مقال، فجرى على عادته في الترجمة بما لم يوافق شرطه، وإدخال ما يومىء إلى ذلك، ولو من طرفٍ خفي.
والحديث المذكور أخرجه أبو داود عن عبيد بن خالد السلميّ، إلا أن راويه رفعه تارةً، ووقفه أخرى. وقوله: أَسَفَ، أي: غَضَب، وزناً ومعنى، وروي بوزن فاعل، أي غضبان، ولأحمد عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم مرَّ بجدار مائل، فأسرع وقال أكره موت الفَوات. قال ابن بطال: وكأن ذلك، والله أعلم لما في موت الفجأة من خوف حرمان الوصية، وترك الاستعداد للمعاد، بالتوبة وغيرها من الأعمال.
وقد روى ابن أبي الدنيا في كتاب الموت عن أنس نحو حديث عبيد بن خالد، وزاد فيه "المحروم من حرم وصيته" وفي مصنف ابن أبي شيبة عن عائشة وابن مسعود "موت الفجأة راحة للمؤمن، وأسف على الفاجر" وقال ابن المنير: لعل البخاري أراد بهذه الترجمة أن مَنْ مات فجأةً فليستدرك ولده من أعمال البر ما أمكنه، مما يقبل النيابة، كما وقع في حديث الباب. وقد نقل عن أحمد وبعض الشافعية كراهية موت الفجأة، ونقل النوويّ عن بعض القدماء أن جماعة من الأنبياء والصالحين ماتوا كذلك. قال النووي: وهو محبوب للمراقبين، قال في "الفتح": وبهذا يجمع بين القولين.
الحديث الخامس والأربعون والمئة
حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي هِشَامٌ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها. أَنَّ رَجُلاً قَالَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: إِنَّ أُمِّي افْتُلِتَتْ نَفْسُهَا، وَأَظُنُّهَا لَوْ تَكَلَّمَتْ تَصَدَّقَتْ، فَهَلْ لَهَا أَجْرٌ إِنْ تَصَدَّقْتُ عَنْهَا قَالَ:"نَعَمْ".