الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
في حدائق العرب
حبُّ الوطن
قال عُمر بنُ الخطّاب: لولا حبُّ الوطن لخرب بلدُ السوءِ. وكان يُقال بحب الأوطان ، عمرت البلدان
وقال جالينوس: يتروَّحُ العليل بنسيم أرضهِ ، كما تتروَّحُ الأرضُ الجدية ببلّ المطر
وقال بقراط: يداوي كلُّ عليلٍ بعقاقير أرضهِ ، فإن الطبيعة تنزعُ إلى غذائها. ومما يؤكد ذلك قول إعرابي وقد مرض بالحضر ، فقيل لهُ: ما تشتهي؟ - فقال: مخيضاً رويّاً ، وضبّاً مشويّاً
وقيل: أحفظ أرضاً أرسخك رضاعّها ، وأصلحك غذاؤها ، وارعَ حمى اكتنفك فناؤه
وقيل: من علامة الرشد أن تكون النفس إلى أوطانها مشتاقة ، وإلى مولدها توَّاقة وحدّث بعض بين هاشم ، قال: قلت لإعرابي: من أين أقبلت؟ - قال من هذه البادية. قلت: وأين تسكنُ منها؟ قال: بساقط الحمى ، حمى ضرّية ، ما إن لعمر اللهِ أُريد بها بديلاً ، ولا ابتغي عنها حولاً ، حفّتها الفلوات ، فلا يملولحُ ماؤها ، ولا تحمى تربتها ، ليس فيها أذى ولا قذى ولا وعكٌ ولا موم؛ ونحن بأرفه عيشٍ ، وأوسع معيشة ، وأسبغ نعمة؟ قلتُ: مما طعامكم؟ قال: بخ بخ الهبيد والضباب والبرابيع مع القنافذ والحيَّات ، وربما واللهِ أكلنا القد ، واشتوينا الجلد ، فلا نعلم أحداً أخصب منا عيشاً؛ فالحمدُ للهِ على ما رزق من السعة ، وبسط من حسن الدعة.