الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
التدواي بالثمار
العنب العنبُ ثمرٌ لذيذٌ ومفيد للصحة إفادة عظيمة ، لأنهُ يحوي كثيراً من الأملاح المعدنية كالبوتاس والكلس والمنيزيا والحديد. وعلى ذلك يكون العنب عبارة من مزيج مياه معدنية مفيدة. ويُعَدُّ العنبُ من الأغذية المهمة ، فهو يقوي العضلات ويسهل الهضم ويكثر الدم ويُنّقيه. ويستَعملُ العنب في أوروبا علاجاً لمن يُصابُ بسوء الهضم وتلبُّكٍ في المعدة أو احتراق في الأمعاء ، كما يستَعملُ بنوعٍ خاصّ ضّد المغص والإِسهال والباسور ، وغير ذلك. وقد قال بعض الأطباء الفرنسويين: إنّ العنب يُستعمَلُ كدواءٍ لالتهابِ الخصيتين ، ولإفراز السموم ، حتى أن الفُرْسَ إلى اليوم يصفونهُ للمسموم كعلاج نافع ، كما يستعمله للغاية نفسها بعضُ أقوام الهندِ الصينية. ويقسم العنب إلى قسمين: العنب الأبيض ، والعني الأسود وينضم إليهِ العنب الأحمر وتكثر الموادُّ المعدنية في العنب الأحمر والأسود ، كما أن هذا الأخير يُنَبّهُ الأعصاب أكثر من الأبيض ، ولذلك يُوصَفُ لمن أُصيب بفقر الدم وضعف القوى العضلية ، في طوِر النَقَه ، ويستعمَلُ العنبُ الأبيض لتسهيلِ الهضم والأدوار. أمَّا التداوي بالعنب فمدَّتُهُ لا تقلُّ عن ثلاثة أيامٍ ، ولا تزيد عن سنة: ففي اليوم الأول يؤكل مقدار كيلو منه ، ثم تزادُ هذه الكمّيةُ بالتدريج يومياً ، إلى أن يكونَ مقدار التناول في اليوم الأخير خمسة كيلوغرامات. ويجبُ إجراءُ الرياشة البدنية في هذه المدة بواسةِ المشي لا أقلَّ من ساعة في الفلوات والحدائق لاستنشاق الهواء النقي الذي يكسب الصحة جودة. والمهم في هذا أن يكون العنب جديداً ، كما يُشترَط أن يُغسَلَ جيداً حذراً ممَّا يعلق بهِ من الغبار والأوساخ التي لا تخلو منها حوانيت البائعين ، فضلاً عن أن
قشر العنب قابلٌ لتخمُّرِ الميكروبات المتنوعة. ويجبُ طرح بزوره وقشوره عند الأكل. أمَّا إذا كان جديداً نظيفاً فلا حاجة لتقشيره إلا إذا القصد من تناوله تسهيل الهضم؛ فحينئذٍ يؤكل ببزوره وتطرح قشوره. وأكثر البلاد تعويلاً على المعالجة بالعنب ، بلاد ألمانيا المشهورة بترقي فن الطب. ويُقال إنَّ اليونانَ والرومان الأقدمين استعملوا العنب علاجاً. وفي سويسرا وأوستريا مستشيفات خصوصية للمداوة بالعنب ويزداد عددُ المرضى الذين يَفِدون كلَّ سنةٍ إليها. ويجب ألَاّ ننسى أنَّ الفائدَة المطلوبة من التداوي بالعنب لا تتمُّ ولا تكمل إلا بالتنزّه واستنشاقِ الهواء النقي. ويقول بعض الأطباء إن لعصيرِ العنب أو شرابه في مداواة العلل هذا التأثيرَ عينهُ. ويجب شرب هذا الشراب قبل تناول القهوة بقليل. ويقولون إنَّ
تناولَ قدَحٍ من شراب العنبِ يعدل أكل 200 - 400 غرام منهُ. ويجب حفظ هذا الشراب في آنية نظيفة تحفظ في أماكن خاليةٍ من الرطوبة ويرتئي بعضُ الأطباء أن يُسَّخنَ هذا الشرابُ في حمام مريم قبل شربهِ ، فيكون تأثيرهُ أشدَّ وأعظم. وقد عم استعمال هذا الدواء في أوربا كلها ، والكثيرون يستعملونه علاجاً شافياً لكثير من الأمراض المزمنة.
حب التوت الشامي اكتشف الأطباءُ مؤخراً علاجاً الأوروبيون أعظم علاج وجد من الثمار وهو حب التوت الشامي وقد جرَّبهُ مكتشفه لمداواة المسلولين ، فكان النجاحُ إليفه. وهو يقول: إنّ لشرابِ التوت هذا التأثيرَ نفسه. وقد بيَّنَ ذلك المسيو بورت والمسيو رمولن الكيماويان الشهيران بتحليلهما حب التوت تحليلاً كيماوياً ، فوجدا أن في هذا الثمر المفيد قليلاً من حمض السالسيليك الذي يجعلُ لهُ رائحةً لطيفةً عند نضجه. ويفيد حبُّ التوت لمداواة الأمراض الروماتيزمية؛ ويُستعملُ أيضاً في أوربا نوع من حبّ التوت يأتي من
جبال سافوى لمن أصيبوا بهذا الداء. والسببُ في انتخابهِ من تلك الجبال أنّ التوتَ هنالك يحوي كثيراً من حمض الساليسيليك بدليل جودة رائحتهِ ولذة طعمهِ. ويؤكدُ كثير من الأطباء أنّ حبَّ التوتِ يُفيدُ النزلة الصدرية كما يشفي المصابين بالسلّ الرئوي على ما المعنا سابقاً. وما السلُّ الرئويُّ إلاّ نزلةٌ صدرية تفاقم أمرها. وقد شهد أمهرُ الأطباء في هذا العصر بفائدةِ هذا الثمر ومثل هذه الأمراض ، وقالوا إنهُ الترياقُ الشافي. وقد نقل لنا التاريخ عن المحقق فونتل أنّهُ كان يُحبُّ حَبَّ التوتِ كثيراً فكان لا يمرُّ بهِ يومٌ دون أن يتناولَ بقدرِ ما يتيسَّرُ لهُ. وقد قيل إنّهُ كان مريضاً ذات يومٍ ، فزارهُ بعضُ أصدقائه ، وسأله أحدهم قائلاً: كيف صحتك اليوم يا فونتل؟ فأجابهُ هذا على الفور: ليست جيدة يا عزيزي. إن آلام الأمراضِ قبل حلول أوان الصيف ومجيء موسم حب التوت. وكان يعتقد أن حب التوت سبب تعافيه وطول حياتهِ. أما التداوي بحب التوت فهو يُشبه التداوي ببقية الثمار. ويُشترطُ في أكلهِ أن يكونَ ، والمِعدَةُ فارغةٌ ، لئلاّ يضرَّ ويُسبّبَ سوء هضم لبرودته. ووقت الصباح أحسن الأوقات لتناوله لأَن المعدة تكونُ فارغةً. وهو لا يغسل بالماءِ لئلاّ تذهب رائحتهُ للطيفة ، غير أنهُ يجب الاعتناءُ بقطفه وأن يكون نظيفاً ويترك بعقبه. أما المصابون بالأمراض الجلدية كالجرب والزهري الخ فليتجنبوا حبَّ التوت كلَّ التجنُّبِ ، لأنّهُ يزيدُ الداءَ شدةً بتكثيره المادة في الجلد.
الليمون الحامض وما قلناه عن حبّ التوت نقولُهُ عن الليمون ، فهو يُفيد في أمراض الحلق والنوبات العصبية الخفيفة والإِغماءِ. والليمونُ أكبرُ مضادّ لتعفُّنِ
الأمعاءِ ، كما أنهُ يفيدُ المصابين بالهيضة الكوليرا والصفراء والبلغم وأمراض الكَبِد وقد شهد طبيبٌ شهيرٌ أنَّ الليمون علاجٌ مفيدٌ للمُصابِ بعلة هي من نوع علل الروماتيزم وانتشر استعمال الليمون علاجاً لهذه الأمراض في ألمانيا وسويسرا ونتج عن استعمالهِ نتائج مفيدة نافعة. واقتصر المُصاب على تناول 175 - 200 ليمونة بك المدة. والتداوي بالليمون يجري على طريقة التداوي بالعنب ، أي أن يُخذَ في اليوم الأول مقدارٌ قليل ، فيزداد يوماً فيوماً؛ ثم متى حصل الشفاء التامُّ يتناقص رويداً رويداً. ولقائل أن يقولَ: ألا يحصل ضررٌ من أكل مقدار كثير كهذا من الليمونَ لا يؤثِّر في الهضم ِإلا تأثيراً خفيفاً نافعاً وأما تأثيره في الأسنان فقليلٌ جدّاً لا يُعتَدُّ بهِ ، فضلاً عن أنَّ الوسائط اللازمة في ذاك الوقت تمنع كل ضرر.
أما طريقة المداواة فإليك بيانها:
يأكل المصاب في اليوم الأَول ليمونةً واحدةً ، ويشرب في اليوم الثاني عصيرَ ليمونتين ، وفي اليوم الثالث أربع ليمونات وفي اليوم الرابع ست ، وفي الخامس ثماني ، وفي السادس إحدى عشرة ، وهلم جراً حتى اليوم العاشر فيشرب عصير خمس وعشرين ليمونة على دفعات متوالية ، ثم تنقص الكمية كما تزايدت ، ولا بأس من مزج عصيره بقليل من السكر لتسهيل تناوله. وسنعودُ في فرصة قريبة إن شاء الله إلى ذكر فوائد غير ما تقدم من الأثمار.
أنطاكية
نقولا كي عبد المسيح شكري