المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

لأن اللورد سولسبري وهو يومئذٍ وزير الانكليز عدَّ فعل الرئيس - مجلة «الزهور» المصرية - جـ ٤

[أنطون الجميل]

فهرس الكتاب

- ‌العدد 32

- ‌السنة الرابعة

- ‌القسطنطينية

- ‌مدينة المصريون الأقدمين

- ‌انتقام النسيم

- ‌أقوال في المرأة

- ‌الأدب في العراق

- ‌الزهور

- ‌أي الرجال تفضله النساء

- ‌الرسميات

- ‌يوسف شكور باشا

- ‌النهر

- ‌ثمرات المطابع

- ‌أزهار وأشواك

- ‌العدد 33

- ‌أدرنه

- ‌الجريحة الأبدية

- ‌أقوال مأثورة

- ‌روسيا وبنو رومانوف

- ‌المرء ودنياه

- ‌في رياض الشعر

- ‌مصارع الأدباء

- ‌تأثير الدين في المدينة

- ‌في جنائن الغرب

- ‌الصداقة

- ‌في حدائق العرب

- ‌خواطر

- ‌أندية الأدباء الحرة

- ‌ثمرات المطابع

- ‌أزهار وأشواك

- ‌ثروة هائلة

- ‌دروس

- ‌وصايا الحكماء

- ‌العدد 34

- ‌شاعرية خليل مطران

- ‌اليمين

- ‌خواطر

- ‌الحب

- ‌الزهر

- ‌أقوال مأثورة

- ‌في رياض الشعر

- ‌الإنشاء المترهل

- ‌نهضة اللغتين

- ‌عهود الغادات

- ‌ثمرات المطابع

- ‌الحفلة الإكرامية

- ‌من كل حديقة زهرة

- ‌العدد 35

- ‌معاهد التعليم

- ‌أمام مهدها

- ‌الأغاني في الحروب

- ‌الجامعة المصرية

- ‌في رياض الشعر

- ‌مجدلية أخرى

- ‌أسباب الحرب البلقانية

- ‌سفراء الدول

- ‌الأندلس الجديدة

- ‌أزهار وأشواك

- ‌ثمرات المطابع

- ‌العدد 36

- ‌الرئيس بوانكاره

- ‌عطلة الصيف

- ‌زواج ابنة غليوم الثاني

- ‌حكمة قاضٍ

- ‌الحركة الصهوينة

- ‌أثر عرابي ثمين

- ‌في رياض الشعر

- ‌عشرون عاماً

- ‌صاحب البرق

- ‌ثمرات المطابع

- ‌جناية شبرا

- ‌العدد 37

- ‌فردي

- ‌إلى القراء

- ‌تجاه البحر

- ‌أين أقام في مصر

- ‌عظة الحسون

- ‌الفضيلة

- ‌في رياض الشعر

- ‌الصحافة

- ‌الحرب والسلم

- ‌أفكار وآراء

- ‌من كل حديقة زهرة

- ‌أزهار وأشواك

- ‌ثمرات المطابع

- ‌مسز لوتي

- ‌الثعلب والعوسجة

- ‌العدد 38

- ‌نابوليون أول

- ‌التدبير المنزلي

- ‌الضمير

- ‌الشرق وأُبناؤه

- ‌الرقص المصري

- ‌حكم

- ‌متاحف الآثار في مصر

- ‌في رياض الشعر

- ‌التدواي بالثمار

- ‌في حدائق العرب

- ‌أبو العلاء المعري

- ‌ضرب زيدٌ عمراً

- ‌حِكَم للإِمام علي

- ‌فكاهة

- ‌أزهار وأشواك

- ‌ثمرات المطابع

- ‌العدد 39

- ‌الأوقاف في القطر المصري

- ‌رحلة صيف

- ‌الإِنتقاد

- ‌انيبال

- ‌يوليوس قيصر

- ‌الأناشيد الوطنية

- ‌في رياض الشعر

- ‌اللينوتيب العربية

- ‌أفضل الوسائل

- ‌الممرضة

- ‌العذول والخيال

- ‌في أي شهر وُلدت

- ‌ثمرات المطابع

- ‌مختارات الزهور

- ‌إسماعيل صبري باشا

- ‌فرعون وقومه

- ‌رثاء المرحوم بطرس باشا غالي

- ‌رثاء المرحوم إسماعيل ماهر بك

- ‌راحة القبر

- ‌إلى الأميرعمر باشا طوسون

- ‌إلى سابا باشاتعزية بفقد ولده

- ‌الشباب والمشيب

- ‌فؤادي

- ‌عبد بلا ثمن

- ‌ساعة الودع

- ‌إلى الله

- ‌يا آسىَ الحيّ

- ‌الوفاء

- ‌ذكرى الشباب

- ‌يا موت

- ‌بين الشريف وصبري

- ‌أحمد شوقي بك

- ‌الأندلس الجديدة

- ‌على قبري

- ‌نكبة بيروت

- ‌العصر والعصفور

- ‌آية العصرفي سماء مصر

- ‌كرمة ابن هاني

- ‌الرق والحرية

- ‌خليل مطران

- ‌تحية الشام لمصر

- ‌الأسد الباكي

- ‌إقرار ومنابأوتذكارات الطفولة

- ‌إلى أبنائنارجال الغد

- ‌قطرة دم

- ‌الفلّ

- ‌في قينة تنشر

- ‌دموع الحبيب

- ‌إلى سابا باشاتعزية بفقد ولدهِ

- ‌هل للهموم قلوب

- ‌الزهرات الثلاثاء

- ‌وليّ الدين بك يكن

- ‌شكوى المنفي

- ‌لؤلؤ الدمع

- ‌وعشنا على بؤس

- ‌ما كان

- ‌الشاعر والليل والطيف

- ‌نظرة

- ‌أنتِ والدَّهرُ

- ‌نفسٌ مكرَّمة ونفس تزوري

- ‌شاعرة تهاجرُ شاعراً

- ‌إذا ذهب الربيع

- ‌الفتاة العمياء

- ‌الملك المظلوم

- ‌حافظ بك إبراهيم

- ‌الأم مدرسة

- ‌خيبة الأمل

- ‌شكوى المتيم

- ‌لوعة وأنين

- ‌لا فتى إلَاّ على

- ‌فؤاد حافظ

- ‌داود بك همون

- ‌الملك والشعب

- ‌حنين إلى لبنان

- ‌يوم فلادمير

- ‌أحمد محرَّم

- ‌أبو العلاء المعري

- ‌الشباب والمشيب

- ‌النفس الأبية

- ‌حفني بك ناصف

- ‌على البحيرة

- ‌عيون وعيون

- ‌إلى إسماعيل باشا صبري

- ‌مرآة القلب

- ‌وصف قنا

- ‌أبناء الحكماء

- ‌أمين بك ناصر الدين

- ‌صدى اليأس

- ‌النحو في الشعر

- ‌مناجاة صورة

- ‌الابتسام

- ‌نقولا رزق الله

- ‌الشعر والشعراء

- ‌كرامة المرأة

- ‌أنتِ وهنَّ

- ‌إلياس فياض

- ‌النسيم العاشق

- ‌صدَّ عني

- ‌ليالي الصيف في مصر

- ‌النجومِ

- ‌الدكتور نقولا فياض

- ‌زهرة بنفسج

- ‌اذكريني

- ‌أصابع العاج

- ‌تامر بك ملاط

- ‌الشاعر المريض

- ‌شبلي بك ملاط

- ‌مطوقة القطرين

- ‌طانيوس عبده

- ‌حديث قديم

- ‌بنتي ودوائي

- ‌بشارة الخوري

- ‌البلبل والبوم

- ‌إلى لبنان

- ‌دواء الهموم

- ‌اللؤم

- ‌محمد توفيق علي

- ‌السيف والقلم والمحراث

- ‌النيل السعيد

- ‌عبد الحميد بك الرافعي

- ‌المشيب

- ‌مناجاة شاعر

- ‌محمد رضا الشبيبي

- ‌في سبيل الشرق

- ‌إيليا أبو ماضي

- ‌القوة والضعف

- ‌حنين إلى مصر

- ‌محمود سامي باشا البارودي

- ‌الأمير شكيب أرسلان

- ‌‌‌المراسلات السامية

- ‌المراسلات السامية

- ‌بعلبك

- ‌بين حافظ وعمون

- ‌النهود

- ‌عيد الفداء

- ‌قصيدة صبري باشا

- ‌قصيدة شوقي بك

- ‌قصيدة حافظ بك إبراهيم

- ‌يا ليل الصب

- ‌ الأبيات الأصلية

- ‌أبيات شوقي بك

- ‌أبيات صبري باشا

- ‌أبيات ولي الدين بك يكن

- ‌أبيات الأمير نسيب أرسلان

الفصل: لأن اللورد سولسبري وهو يومئذٍ وزير الانكليز عدَّ فعل الرئيس

لأن اللورد سولسبري وهو يومئذٍ وزير الانكليز عدَّ فعل الرئيس إهانة لسفيره فلم يعيّن سفيراً بدله حتى انتهت الانتخابات الأميركية وخرج كليفلاند من منصب الرئاسة. هذا الذي لا يجوز للسفراء وأما الذي يجوز فأكثر منهُ كما رأيت وليس في الأرض فئة أخرى تتنعم بكل هذه النعمة وهذا الامتياز في ديار المتدنين.

اسكندر شاهين

‌الأندلس الجديدة

ننشر لقراء الزهور في الصفحات التالية قصيدة عصماء في رثاء مقدونيا وخروجها من يد الدولة العثمانية بعد عقد الصلح في مؤتمر لندرا. وهذه القصيدة من أبدع ما جاءت به قريحة شاعر عربي ، فقد جمعت من جزالة اللفظ ومتانة السبك وسمو الخيال وبلاغة الإرشاد ما يستغفر القارئ طرباً عند كل بيت من أبياتها ، ويستوقفه معجباً بكل معنى من نعانيها. أما ناظم دررها الغوالي فيحق له أن يجلس على عرش دولة البيان ويلقب بأمير الشعر في هذا العصر ، كما يسلم بذلك كل من يطالع هذه القصيدة النفسية ، وإن كان يؤاخذ شاعرها بأنه مزج الدين بالسياسة ولا دين للسياسة. فها هي الدول التي كانت معادية لتركيا بالأمس تكاد اليوم تشهر بعضها على بعض حرباً طاحنة وهي على دين واحد ومعتقد واحد:

يا أختَ أندَلسُ عليكِ سلامُ

هوَتِ الخلافةُ عنكِ والإِسلامُ

نزلَ الهلالُ عن السماءِ فليتَها

طُويت وعمَّ العالمينَ ظلامُ

أزرى بهِ وأزالَهُ عن أوجهِ

قَدَرٌ يحطُّ البدرَ وهو تَمامُ

جرحان تمضي الأمَّتانِ عليهما

هذا يسيلُ وذاك لا يَلتامُ

بكما أُصيبَ المسلمون َ وفيكما

دُفنَ اليراعُ وغيّبَ الصمصامُ

لم يُطو مأتمُها وهذا مأتمٌ

لبُسوا السوادَ عليكِ فيهِ وقاموا

ما بين مصرعها ومصرعكِ انقضت

فيما نحبُّ ونكرهُ الأيَّامُ

ص: 211

خلَت لقرونُ كلَيلةٍ وتصرَّمت

دولُ الفتوحِ كأنها أحلامُ

والدهرُ لا يألو الممالكَ منذراً

فإذا غفلنّ فما عليهِ مَلامُ

مقدونيا ، والمسلمونَ عشيرةٌ

كيف الخؤولةُ فيكِ والأعمامُ؟

أتراهموا هانوا وكانَ بعزّهم

وعلوِّهم يتخايلُ الإسلاُم؟

إذ أنتِ نابُ الليثِ ، كلُّ كتيبةٍ

طلعت عليكِ فريسةٌ وطعامُ

ما زالتِ الأيامُ حتى بُدّلت

وتغيَّر الساقي وحالَ الجامُ

أرأيتِ كيف أُديلَ من أسُدِ الشرى

وشهدتِ كيف أُبيحت الآجامُ

زعموكِ همّاً للخلافة ناصباً

وهلِ الممالكُ راحةٌ ومنامُ

ويقولُ قومٌ كنتِ أشأمَ موردٍ

وأراكِ سائغةً عليكِ زحامُ

ويراكِ داَء المُلك ناسُ جهالة

بالمُلكِ منهم علّةٌ وسقامُ

لو آثروا الإصلاحَ كنتِ لعرشهم

ركناً على هامِ النجومِ يقامُ

وهمٌ يقيّدُ بعضُهم بعضاً بهِ

وقيودُ هذا العالمِ الأوهامُ

صُوَرُ العَمى شتى وأقبحُها إذا

نظرتْ بغير عيونهنَّ الهامُ

ولقد يقامُ من السيوفِ وليسَ من

عثراتِ أخلاقِ الشعوبِ قيامُ

ومبشّرٍ بالصلح قلتُ لعلَّهُ

خيرٌ عسى أن تصدقَ الأحلامُ

تركَ الفريقان القتالَ وهذهِ

سلمٌ أمرُّ من القتالِ عقامُ

ينعي إلينا المُلكَ ناعٍ لم يطأ

أرضاً ولا انتقلت بهِ أقدامُ

برقٌ جوائبهُ صواعقُ كلُّها

ومن البروقِ صواعقٌ وغمامُ

إن كان شرٌّ ، زارَ غير مفارقٍ ،

أو كان خيرٌ ، فالمزارُ لمامُ

بالأمس أفريقا تولَّت وانقضى

مُلكٌ على جيد الخضّمِ جسامُ

ص: 212

نظم الهلالُ بهِ ممالكَ أربعاً

أصبحنَ ليس لِعقدهنَّ نظامُ

من فيتحِ هاشم أو أميَّة لم يضعْ

أساسَها تترٌ ولا أعجامُ

واليوم حُكمُ الله في مقدونيا

لا نقضَ فيه لنا ولا إبرامُ

كانت من الغربِ البقيةُ فانقضت

فعلى بني عثمانَ فيهِ سلامُ

أخذَ المدائنَ والقرى بخناقها

جيشٌ من المتحالفينَ لهامُ

غطَّت بهِ الأرضُ الفضاءُ وجوهَها

وكست مناكبَها بهِ الآكامُ

تمشي المناكرُ بين أيدي خيلهِ

أنَّى مشَى والبغيُ والإجرامُ

ويحثّه باسم الكتابِ أقسّةٌ

نشطوا لما هو في الكتاب حَرامُ

ومسيطرون على الممالكِ سُخّرت

لهم الشعوبُ كأنها أنعامُ

من كلِّ جزّارٍ يرومُ الصدرَ في

نادي الملوكِ وجدّهُ غنَّامُ

سكّينهُ ويمينهُ وحزامهُ

والصولجانُ جميعُها آثامُ

عيسَى سبيلُك رحمةٌ ومحبةٌ

في العالمينَ وعصمةٌ وسلامُ

ما كنتَ سفَّاك الدماءِ ولا امرأً

هانَ الضعافُ عليهِ والأيتامُ

يا حاملَ الآلامِ عن هذا الورى

كُرت عليهِ باسمكَ الآلامُ

أنت الذي جعلَ العبادَ جميعَهم

رَحماً وباسمكَ تُقطع الرحامُ

أنتِ القيامةُ في ولاية يوسفٍ

واليومَ باسمكَ مرتين تقامُ

كم هاجَهُ صيدُ الملوكِ وهاجَهم

وتكافأَ الفرسانُ والأعلامُ

البغيُ في دينِ الجميعِ دنّيةٌ

والسلم عهدٌ والقتالُ ذمامُ

واليومَ يهتف بالصليبِ عصائبٌ

همُ للإله وروحهِ ظُلَاّمُ

ص: 213

خلطوا صليَبك والخناجرَ والمُدى

كلٌّ أداةٌ للأذى وحِمامُ

أوَ ما تراهم ذبَّحوا جيرانَهم

بين البيوتِ كأنهم أغنامُ

كم مُرضَعٍ في حجر نعمتهِ غدا

ولهُ على حدِّ السيوفِ فطامُ

وصبيةٍ هُتكت خميلةُ طهرها

وتناثرت عن نَورهِ الأكمامُ

وأخي ثمانينَ استبيح وقارُهُ

لم يُغنِ عنهُ الضعفُ والأعوامُ

وجريحِ حربٍ طامي وأدُوهُ لم

يعطفهمو جرحُ دمٍ وأوامُ

ومهاجرينَ تنكَّرت أوطانُهم

ضلّوا السبيلَ من الذهولِ وهاموا

السيفُ إن ركبوا الفرارَ سبيلُهم

والنطعُ إن طلبوا القرار مقامُ

يتلفَّتون مودّعينَ ديارَهم

واللحظُ ماءٌ والديارُ ضرامُ

يا امةً بفروقَ فرَّقَ بينهم

قَدرٌ تطيشُ إذا أتى الأحلامُ

فيما التخاذلُ بينكم ووراءكم

أممٌ تُضاعُ حقوقُها وتضامُ

الله يشهد لم أكن متحزّباً

في الرزءِ لا شيَعٌ ولا أحزامُ

وإذا دعوتُ إلى الوثام فشاعرٌ

أقصى مناه محبةٌ ووئامُ

من تُضجرُ البلوى فغايةُ جهدهِ

رُجْعَى إلى الأقدار واستسلامُ

لا يأخذنَّ على العواقب بعضكم

بعضاً فقِدْماً جارتِ الأحكامُ

تقضي على المرءِ الليالي أو لهُ

فالحمد من سلطانها والذامُ

من عادةِ التأريخ ملءُ قضائهِ

عدلٌ وملءُ كنانتَيهِ سهامُ

ما ليس يدفعهُ المهنَّدُ مصلَتاً

لا الكتْبُ تدفعهُ ولا الأقلامُ

إنَّ الآُلي فتحوا الفتوح جلائلاً

دخلوا على الأسُدِ الغياضَ وناموا

هذا جناه عليكمو آباؤُكم

صبراً وصفحاً فالجناة كرامُ

ص: 214

رفعوا على السيف البناء فلم يَدُمْ

ما للبناءِ على السيوف دوامُ

أبقي الممالكِ ما المعارف أسُّهُ

والعدل فيهِ حائطٌ ودعامُ

فإذا جرى رشداً ويمناً أمرُكم

فامشوا بنور العلم فهو زمامُ

ودعوا التفاخرَ بالتراث وإن غلا

فالمجد كسبٌ والزمان عصامُ

إن الغرور إذا تملَّك أمةً

كالزهر يُخفي الموت وهو زؤامُ

لا يعدلنَّ المُلك في شهواتكم

عَرَضٌ من الدنيا بدا وحُطامُ

ومناصبٌ في غير موضعها كما

حلَّت محلَّ القدرة الأصنامُ

الملكُ مرتبة الشعوبِ فإن يفتْ

عزَّ السيادة فالشعوب سوامُ

ومن البهائم مُشبَعٌ ودلَّلٌ

ومن الحرير شكيمةٌ ولجامُ

وقف الزمانُ بكم كموقف طارقِ

اليأس خلفٌ والرجاءُ أمامُ

الصبر والإِقدام فيهِ إذا هما

قَتلَا فأقتلُ منهما الإِحجامُ

يُحصي الذليلُ مدى مطالبهِ ولا

يُحصي مدى المستقبَلِ المقدامُ

هذه البقية لو حرصتم دولةٌ

صال الرشيد بها وطال هشامُ

قِسمُ الأئمةِ والخلائف قبلكم

في الأرض لمن تُعدَل بهِ الأقسامُ

سرَت النبوَّة في طهورِ فضائهِ

ومشى عليهِ الوحيُ والإِلهامُ

وتدفَّقَ النهرانِ فيهِ وأزهرت

بَغداد تحت ظلالهِ والشامُ

أثرتْ سواحله وطابت أرضهُ

فالدرّ لجٌ والنُضار رغامُ

شرَفاً أدِرنَهُ هكذا يقف الحمى

للغاصبين وتثبت الأقدامُ

وتردُّ بالدمِ بقعةٌ أُخذت بهِ

ويموت دون عرينهِ الضرغامُ

والمُلك يؤخذُ أو يُرَدُّ ولم يزل

يرث الحسامَ على البلاد حُسامُ

عِرضُ الخلافةِ ذاد عنهُ مجاهدٌ

في الله غازٍ في الرسول همامُ

ص: 215

نستعِصمُ الأوطانُ خلف ظباتهِ

وتعزُّ حول قناتهِ الأعلامُ

عثمان في بردَيه يمنع جيشهُ

وابن الوليد على الحمى قوَّامُ

علم الزمان مكان شكري وانتهى

شكر الزمان إليه والإِعظامُ

صبراً أدرْنهُ كل ملكٍ زائل

يوماً ويبقى المالك العلَاّمُ

خفَتَ الأذانُ فما عليكِ موحّدٌ

يسعى ولا الجُمَع الحسان تقامُ

وخبت مساجدُ كنَّ نوراً جامعاً

تمشي إليهِ الأسد والآرامُ

يدرجنَ في حرم الصلاة قوانتاً

بيضَ الإزار كأنهنَّ حمامُ

وعفَت قبور الفاتحين وفُضَّ عن

حفرِ الخلائف جندل ورجامُ

نُبشت على قعساء عزَّتها كما

نُبشت على استعلائها الأهرامُ

في ذمة التاريخ خمسةُ أشهر

طالت عليكِ فكل يوم عامُ

السيف عار والوباءُ مسلطُ

والسبل خوفٌ والثلوج ركامُ

والجوع فتَّاكٌ وفيكِ صحابةٌ

لو لم يجوعوا في الجهاد لصاموا

ضنُّوا بعرضِكِ أن يباعَ ويُشتري

عِرضُ الحرائر ليس فيهِ سوام

ضاق الحصارُ كأنما حلقاتهُ

فلكٌ ومقذوفاتها أجرامُ

ورمى العدى ورميتِهم بجهنَّمٍ

مما يصبُّ الله لا الأقوامُ

بعتِ العدوَّ بكل شبرٍ مهجةً

وكذا يباع المُلك حين يرامُ

ما زال بينك في الحصار وبينهُ

شمُّ الحصون ومثلهنَّ عظامُ

حتى حواكِ مقابراً وحويتهِ

جثثاً فلا غبنٌ ولا استذمامُ

ص: 216