الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
العدد 38
- بتاريخ: 1 - 11 - 1913
نابوليون أول
والمقابلة بينه وبين أعظم مشاهير الرجال
وهو فصل من كتاب تاريخ الإمبراطورية لموسيقو تيارس الفرنسوي
بقلم حضرة الشيخ سليم خطار الدحداح
ترجمة المؤلف
نبدأُ بترجمة المؤلف وقد أخذناها ملخصةً عن أشهر المعجمات التاريخية وأحدثها عهداً: هو المسيو لويس أدولف تياريس من أشهر الكتَبةِ في جبل الفرنسيس لهذا العهد ، ومن أعلامِ ساستها العظام. ولِدَ في مدينة مرسيليا في الخامس عشر من نيسان أبريل سنة 1797 لأبوين فقيرَين. وكان أبوه أحدَ فعلةِ إدارة المرفأ في تلك المدينة. وكانت أمهُ مولودة الشرق في بيتٍ فرنسوي النجار ولها صلة قربى مع عائلة شينيه التي نبغ منها في تلك المدة الشاعران المشهوران. ويظهر أنَّ والدَ المسيو تياريس توفي وهو في حال الصغر ، فأخذتهُ عائلةُ أمهِ ورتبهُ عندها ، وكانت مع فقرها أحسنَ حالاً من أبي صاحب الترجمة. وكانت لا تخلو عن بعض علاقاتٍ مع أُلي الوجاهةِ والنفوذ في تلك المدينة ، فأتيحَ لها نظم لويس في
عداد طلبة المدرسة الرسمية المسماة ليسه مارساييل بلا مُقابل ولا عوَض. فمكثَ فيها مدةً طويلةً ، حتى أتمَّ دروسه الثانويَّة ، وحاز قَصَب السبقِ في أكثر المراتب والحلقات المدرسية - وكثيراً ما يَقعُ مثلُ ذلك للتلاميذ الفقراء في بيوت العلم ، لما يُكثرون من الجّد والاجتهاد مُكتبين على التحصيل رجاء المصيرِ إلى غاية تترقىَّ بها حالتهمُ الوضعية وفي حالِ خروجهِ من المدرسةِ المذكورة دخل كلية مدينة اكس حيثُ تلقّى فنَّ القوانين والحقوق. وحصل في سنة 1819 على شهادة المحاماة. وفي هذه المدرسة الكليّة تعرَّف بالمسيو مينيه واستمرَّا صديقين عزيزين إلى آخر حياتهما. وقد ظهر تيارس ، وهو تلميذٌ ، كما عُرِفَ في سائرِ حياتهِ مجتهداً محبّاً للعلوم والمعارف ، ميَّالاً إلى عدم الاقتصار على إتّباع خطةٍ واحدةٍ ، شأنَ من طُبعِ على مساماةِ الأمور الجسام ، وتوقد الذهن والحماسة. وفي سنة 1821 قَدِم تيارس مدينة باريس ، وكانت حينئذٍ فرنسا في قبضةِ المملكة ، ومصيرها إلى الهون ، بعد انكسارات نابوليون الأول وتقهقُرِ الدولةِ بعد عظمتها ، ولشمول شدَّة القلقِ قلوبَ الشعبِ ، وتوزُّع خواطرِ الفرنسيس بين حبّ الملكيين وبغضهم ، والميل إلى الجمهورية أو الأسف
على الإمبراطورية. فجاءَ تيارس ملتجئاًُ إلى مانويل وهو إذ ذاك أحدُ نوَّاب مجلس الأمة المعاكسين للبوربون ، فمضى بهِ إلى المثري لافيت وعرَّفهُ بهِ وقدَّمهُ لهُ ، وكانا كلاهما من أصدقاءِ الدوق دورليان رتيس الفرع الآخر الملكي وهو الذي ملك فيما بعد باسم لويس فيليب من سنة 1830 إلى سنة 1848 وهكذا توصل تيارس دفعةً واحدة إلى أعلى المراجع ، وتعرَّف بأشهرِ رجالِ الأمة وأخذ يجتهد ويسعى حتى أحرز ذكراً متشاهراً. وقد أُشرب في قلبهِ لأول وهلةٍ بغض الأسرة المالكة ، وجعل همَّهُ السعيَ لقلبها وإركاسها؛ وأخذ يُساعد في إنشاءِ جريدةٍ شهيرة مدعوة كونستيتوسيونل أي الدستوريّ واتّفق أن دخل صديقهُ مينيه في
تحرير جريدة كوريه فرانسه وشرع تيارس منذ سنة 1823 في وضع تاريخ الثورة الفرنسوية فأكملهُ سنة 1827. فجاءِ تأليفاً كبيراً ذا عشرةِ أجزاءِ بحثَ فيها عن أسباب الثورة وحوادثها ونتائجها ، وأعمال دولة فرنسا في خلال السنوات العشر المنقبضة بين سنة 1789 وسنة 1799 ، منذ أُخذَت قلعةُ الباستيل إلى أن أستأثر بونابرت بالسلطة. ولكن يؤخذ على المؤلف في هذا التأليف فرطُ تشيُّعهِ لدعوة أهل الثورة ، وشدَّة استسلامه للتقادير ، واضطرار الرجال والناس إلى التسليم بهذا المعتقَد القدَريّ غير أن هذا التاريخ ، على علاّتهِ ، قد جعل لصاحبهِ منزلةً رفيعة بين أدباء فرنسا وأوربا بأسرها حتى صار يُحتسب من رجال الدنيا المعدودين. وفي غرَّة عام 1830 أنشأ هو ومينيه وأرمان كارول جريدةً سياسيةً ، دعوها الناسيونال وكان لها شأنٌ كبير في هبوط شارل العاشر من عُلاه آخر تموز يوليو من تلك السنة. ثم أنَّ تياريس وبعض أصحابهِ هم الذين زيّنوا لويس فيليب للشعب؛ وكان تزيينهم إياه أقوى سببٍِ في صيرورته ملكاً على فرنسا. فأخذ هذا يقرّب إليه تيارس مكأفأة لهُ على خدمة. وكان من ثمرات تقرُّبهِ أنهُ عاضد وزارة لافيت ثم لمّا انقلبت هذه الوزارة ، عمد تيارس إلى تعزيز وزارة كزيمير برّبي الشهير. ومن بعد موت هذا السياسي ، انتظم تيارس في سلك الوزراء إذ سُمّيَ ناظراً للداخلية ، وذلك في 11 تشرين الأول أكتوبر سنة 1832 وأشهر ما كان لهُ في عهد وزارتهِ توصّلهُ إلى إلقاءِ القبض على الدوقة دي برّي ، والدة الكونت دي شامبور ، التي كانت ساعيةً لإيقاظ راقدِ الفتنة ، وإيقاد نار الثورة ، مُطالبةً بحقوق ملكِ ابنها الأرثية على فرنسا ولكن يُخذ على وزيرنا الوسائط الغير الشريفة التي استعملها مع آلتهِ دوتز الإسرائيلي طلباً لهذه الدوقة
الأسيرة. ومنذ 11 تشرين الأول أكتوبر سنة 1832 إلى 29 من تشرين الأول
سنة 1840 أي في مدة ثماني سنين كاملة تولى تيارس منصة الوزارة عدة مرارٍ ، فكان تارةً في وزارة الخارجية وأخرى في الداخلية ، وأحياناً في وزارة المعارف ، وكثيراً ما تولى كلاًّ منها على حدةٍ ، أو إحداها منضمةً إلى رئاسة الوزراءِ وأظهر في جميعها قوَّة جنان ، ورباطة جأش نادرتين غريبتين. واشتهر بمحافظتهِ على كل ما يؤُولُ على مجد فرنسا ، وبنزعته إلى إضعاف سلطه الملك الذاتية. وهو الذي حدَّد القوانين الدستورية بهذه الكلمات الشهيرة امَلِكُ بملكُ ولا يحكم. وفي 15 تموز يوليو سنة 1840 حدث أن اللَورد بلمرستون السياسي الانكليزي تمكن من عقد محالفة أوربية دون إدخال فرنسا فيها ، قصدَ طرد رجال حكومةِ مصر من سوريا والأناضول. فبلغ ذلك الموسيو تيارس ، وكان حينئذٍ رئيساً للوزارة وناظراً للخارجية ، وابتدر إنكار هذا العمل محتجّاً على صاحبهِ ، وحمل المَلك على إظهار الاستياءِ ممّا كان ، ومازال بهِ حتى اضطّرهُ إلى تحصين باريس ، وتعبئة جيوش فرنسا ، وتسليح صنف الرديف والجند الاحتياطي ، طلباً لشرف فرنسا. وتأهَّبَ للحرب ولكنَّ الملكَ تخوَّف من هذه الاستعدادات ، واوجبَ على وزيرهِ أن يدَعَ المنصب مستقيلاً ففعل. وكان تيارس في مدَّةِ وزارتهِ قد حَصَل من لَدُن الانكليز على الرخصة بنقل رفات نابوليون الأول إلى فرنسا. ثمَّ خلف تيارس على الوزارة مناظرهُ المؤرّخ غيزو الشهير ، وكان جانحاً إلى السلم ومُطاوَعَةِ الملك. أمَّا تياريس فإنهُ بهذين العملين الأخيرين ، وهما نقلُ بقايا نابوليون واستعدادهُ لمحاربة أوربا ، قد استمال الشعب إليهِ وحصل على محبتهِ وثقتهِ ، واستمرَّ تيارس مدَّةَ السنوات الثماني التي مضت على زوال وزارته وسقوطه من منزلته إلى حين خلع الملك لويس فيليب ، رئيساً لجميع المناوثين الذين حاولوا اهباط غيزو. . . وفي الـ 24 من شباط فبراير سنة 1848 خُلع لويس فيليب من تخت الملك ، فانحاز تيارس إلى الجمهورية ، وكان قد شرع بتأليفِ تاريخ لحكومة نابوليون الأول سمَّاهُ الحكومة القنصلية والإمبراطوريَّة
وفي عهد الجمهورية الثانية من سنة 1848 إلى سنة 1852 كان عضداً للجمهورية ونائباً في المجلس. ولما تولىَّ لويس نابوليون رئاسة الجمهورية ، كان تيارس في عداد خصومهِ. وبالجملة فقد آل الأمر بتيارس إلى أخذهِ مع من سيقوا إلى السجون بحادثة ثاني كانون الأول سنة 1851 ووضع في سجن قلعة مزاس بضعة أيام ثم
أبعد عن فرنسا وفي شهر آب سنة 1852 إذن له في الرجوع إلى وطنهِ فعاش فيهِ مدة إحدى عشرة سنة بعيداً عن السياسة والحكومة ملازماً الوحدة والانفراد منقطعاً إلى التأليف فأكمل في سنة 1857 انتخب نائباً في مجلس الأمة وكان من أعظم معاكسي نابوليون الثالث وقد اشتهرت خطبُهُ سنة 1870 مخالفة للرأي في شبوب الحرب على بروسيا. وبعد أن شبَّت نارها واشتدَّ أوارها ودارت على فرنسا الدوائر وأسر نابوليون الثالث كان تيارس في عداد الداعين إلى تشييد الحكومة الجمهوريّة وذهب من قبل الحكومة الجديدة معتمداً إلى لندرة ففيانا فبطرسبورج ففلورنسا سعياً وراء الحصول على مساعدة واحدة من انكلترا أو النمسا أو الروسية أو إيطالية ضد دولة بروسيا المنتصرة فلم يحل بأقلّ نتيجة وقد أتمَّ هذه الرحلة الشاسعة بمدة لا تزيد على عشرين يوماً على كثرة تقدُّمهِ في السن وفي الـ 30 من تشرين الأول حصل بواسطة الروسية على الإذن بدخول باريس ليستجير الحكومة في مخاطبة بروسيا عقداً للصلح. وبعد عقد الهدنة وتسليم باريس شرع الفرنساويون بتنظيم الحكومة وتجديد الانتخابات فانتخب تيارس نائباً من قبل ثلاثين ولاية فاختار النيابة عن ولاية السين على نيابات سائر الولايات وذلك في 8 شباط سنة 1871 وفي 17 منهُ سمي رئيساً للحكومة الإجرائية ولمَّا شبت نار الثورة المعروفة بالكومونية أو الاشتراكية واستولى دُعاتها على باريس سلّم تيارس قيادة جيش لحكومة إلى الماريشال دي مكماهون
ونال من بروسيا الإذن بزيادة الجيش فافتتح مكماهون باريس بعد حرب شهر ونصف آخر وحصار أسبوع كامل. ثم أن مسيو تيارس تمكن بحكمتهِ وجدّه وتعويل الدول عليهِ من تجديد قوة أدبية لفرنسا على أثر حطمتها الهائلة وبعث المتموّلين على تأدية أموال الغرامة الباهظة. وفي 12 ىب سنة 1871 انتخب رئيساً على الجمهورية وتأتي لهُ بعد ذلك عقد مقاولات جديدة مع ألمانيا لتقريب آجال الغرامة الحربية وخروج جنود ألمانيا من فرنسا وفي 5 آذار سنة 1873 أعلن للمجلس ، والناس يغبرون مهللين مصفقين بالأيدي ، أن خامس أيلول عامئذٍ هو موعد خروج آخر جندي ألماني من أرض الجمهورية. فقرَّرت ندوتا النواب والشيوخ أن المسيو تيارس قد استحق معرفة جميل الوطن. . . بيدَ أنهُ لم يستطع طول المكث والاستمرار في منصبه ، إذ كان معظم النواب ضد الجمهورية؛ وبدا له عندئذٍ ، فهوَّل على الهيئة النيابية بالاستقالة ، فأقيل في الـ 23 من أيار سنة 1873 ، وأديل منهُ
الماريشال دي مكماهون رئيساً للجمهورية. فاعتزل تيارس مظاهر السياسة ، إلاّ أنهُ بقي رئيساً فخريّاً لحزب الجمهورية ولمناوئي حكومة الماريشال وفي 30 كانون الثاني سنة 1876 انتخب عضواً لمجلس الشيوخ نائباً عن ولاية بلفور. وفي خلال سنة 1877 توفي في مدينة سان جرمان وقد تجاوز الثمانين سنة من عنره فأقام له الفرنساويون مأتماً عظيماً يندر مثله. ومن آثاره الجليلة عدَّة تأليف نخصّ منها بالذكر تاريخ لأس وأعماله المالية ، طُبع في سنة 1826 و 1858 ، وحقوق التملك طبع في سنة 1848 ومذهب الاشتراكيين سنة 1849 والقديسة هيلانة سنة 1862 وهي جزيرة منفى نابوليون الأول ، وواترلو آخر مواقع نابوليون الأول سنة 1863. وأشهر مؤلفاتهِ كلها التأليفان اللذان ذكرناهما أولاً في سياق ترجمته ، وهما تاريخ الثورة ، وتاريخ الحكومة القنصلية والإمبراطورية. وقد ختم الموسيو تيارس هذا التأليف الأخير بوضع مقابلة أو موازنة بين أعظم مشاهير الرجال - يريد بهم أشهر من جاء
ذكرهم في التواريخ الغربية من فاتحين وملوك وقوَّد - وهم بحسب تواريخ مجيئهم: الإسكندر المكدوني. وانّيبال القرطجني. ويوليوس قيصر الرومانيز وشارلمان الفرنكي أو الفرنساوي. وفريدريك الثاني الكبير البروسياني. ونابوليون الأوَّل. ولما رأيت طول باع المؤلّف المشار إليهِ في وضع هذه الموازنة وبيان منزلة كل واحد من هؤلاء الرجال الأَعاظم خلوّاً عن ضلع أو تشبُّع أحببت نقلها إلى اللغة العربية حبّاً بالإفادة:
الإسكندر
هو الإسكندر المكدوني المعروف بالكبير الملقب عند العامة بذي القرنين. ولد سنة 356 قبل المسيح وخلف أباه قيليبس على ملك مكدونية سنة 336 أي في السنة العشرين من سنيه وتوفي سنة 323 أي في السنة الثالثة عشرة من ملكه.
نشأ الإسكندر على آداب اليونان ، وتشرَّب أميالهم ونزعاتهم إلى الزهو والخيلاء ، وورث عن أبيهِ فيلبس جيشاً حسن الدربة والانتظام. فما لبث بعد استوائه على عرش الملك أن نهض للفتوح ، فسطا على آسيا ودخلها إذ لم يجد إلاّ مملكة الفرس الهابطة الساقطة ومضى قدماً في غزاوتهِ حتى انتهى إلى أقاصي حدود المعمور وقتئذ. ولو لم تثبطه جنودهُ عن مزيد إقدام في التوغل والاستقصاءِ ، لداوم الزحف إلى البحر المحيط الهندي. ولما اضطَّر إلى القفول لم يبقَ له إلاّ أمنّية واحدة وهي تجديد غاراته واستئناف غزاوته. ولا تحسبنّ
أيها القارئ اللبيب أن الإسكندر كان يقصد بالفتوح نفعاً أو خيراً لوطنهِ الذي لم يكن ليقوى على الاستئثار بتلك المظاهر ، وإنما كن أقصى مرادهِ بذلك تمهيد مهيع عظيم في وجه رائد مطامعه وأمانيه؛ فغاية متناه بُعدُ الصيت وطائر السمعة والأبهة الخيالية وتحرّي مرضاة شعب أثينا. وقد ذكر المؤرَّخون شهرته بالكرم والحلم والرحمة والعدل ، إلاّ أنهُ أقدم على
قتل أشهر قوَّاد عساكره برمنيون وفيلوتاس وصديقه كليتوس لأنهم أطالوا ألسنتهم تنقُّصاَ لأعمالهِ الممجدة. وهذه البغية وإضرابها كانت ضالّته المنشودة في جميع آماله وأعماله - وما أجيبه قصداً وما أعقمها غايةً ، فهي أسفل غايات عظام الرجال ، وأخس شيء في مطامعهم - وبين هو يلتمس لأخر مرة قسطاً من الراحة لجيشه ، أملاً في استئناف زحفاته وحملاته مطبقاً بها الأرض من أقاصيها إلى أقاصيها ، وقد تبسَّط ملاءَة بموارد الخير والترف والغبطة والهناء في أكتاف آسيا ، داهمته المنيّة فقضى وهو على الأرجوان مفرطاً في تعاطي الخمور والمسكرات ، منغمساً في المنكرات والملاهي والملاذ الدنوية. . . أجل إن الإسكندر قد بهر عقول كل الأجيال والشعوب ببسالتهِ وسطوته ، ولكن لا حياة في هذه الدنيا أعقم وأشأم وأبلغ في الإسراف وقلة الحيطة والصلاح من حياته؛ فإنهُ لم يجاوز بالتمدن اليوناني إلى ما وراء أيونيا وهي قسم برّ الأناضول المشتمل على أزمير إلى حدود القسطنطينة وسوريَّة؛ وقد كنتا قبله على نحو من ذلك؛ فذهب مغادراً جيل اليونان والديار التي داسها بالفتوح في حالة الفوضى شاغبة شاغرة برجلها ، حتى كأنهُ أعدَّها وجعلها بأطرافها عرضة لمستحوذة الرومان: وبالحق قد فضل الفيلسوف على هذه الأعمال الفارغة أعمالَ فيلبومن ذلك القائد الحكيم الذي توصل ، مع عدم اشتهاره بمثل هذه الشهرة العظيمة ، إلى أن أطال حياة بلاد اليونان واستقلالها مدة بضع سنوات.
للكلام صلة