الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
العدد 35
- بتاريخ: 1 - 6 - 1913
معاهد التعليم
في مصر
وقعت إلينا نسخةٌ من كتاب الإحصاء السنوي العام للقطر المصري وهو الكتابُ الذي أخذتْ تنشرهُ منذ أربع سنوات إدارة الإحصاءِ الأميرية. فوقفنا فيهِ عند الفصل الذي يبحث في المدارس وما يتعلَّقُ بها ، لأنَّ الأذهان منصرفة في الآونةِ الحاضرة إلى معاهد التعليم؛ وأفكار التلاميذ ووالديهم حائمةٌ حولَ الامتحانات التي جرت أخيراً لنيل الشهادتين الابتدائية والثانوي؛ والجميع يتسقَّطون أخبار النتيجة النهائية ، إذ أن مستقبل الفريق الكبير من الناشئة متوقفٌ على تلك النتيجة. طالعنا الفصل المذكور مرتاحين إلى ما أظهرتهُ لنا الأرقام الموجودة فيهِ من دلائل التقدُّم والتحسين المستمرّ في معاهدنا العلمية ، من حيث ترقيها وازدياد عددها ، وتكاثر الطلَاّب المقبلين عليها. وقد طالما سمعنا في المدَّة الأخيرة إطناباً جماً في ارتقاءِ المعارف في ربوعنا ، وثناءً وافراً على
النهضة الأدبية في مصر ، على أننا لم نرَ ، للدلالة على هذه النهضة وذلك الارتقاء ، أبلغ برهاناً وأنصع بياناً من الأرقام التي جمعناها عن مدارسنا وعددها وعدد أساتذتها وتلاميذها؛ وها نحن نعرض على القراء نتيجة بحثنا على الصورة الآتية:
نوع المدارس عددها عدد أساتذتها تلاميذها مجموع التلاميذ
مدارس الحكومة 70 1014 14222 751 14973
مدارس الأوقاف 19 977 17877 182 18059
مدارس مجالس المديريات ومدارس تساعدها الحكومة 74 646 7501 1741 9242
مدارس حرّة 428 2510 45996 10527 56523
كتاتيب الحكومة 146 507 9901 5268 15169
كتاتيب حرّة 3556 7414 191687 18758 210445
مدارس أجنبية 479 2769 33591 21074 54665
المجموع 4772 15837 320775 58301 379076
فيؤخذ من هذا الجدول أن عدد المدارس في القطر المصري بين أميرية وحرّة ، وأهلية وأجنبية ، يبلغ 4772. وفيها الكتَّابُ والمدرسة الثانوية والابتدائية ، والمدارس الصناعية ،
والمدارس العالية للطب والحقوق والزراعة والتجارة الخ. ويبلغ عدد المختلفين إليها 379. 076 تلميذاً وشاباً يردون فيها موارد العلم الصافية ، ويستقون منها مناهل الآداب العذبة ، حتى تنمو في صدورهم ثمار المعارف والفضيلة ، فيكونوا لبلادهم وأمتهم فخراً ومجداً.
هذا عدا الذين يتلقون العلم في جامعات أوربا وكلياتها الكبرى سواء كان في أرساليات الحكومة ، أو على نفقتهم الخاصة ، وليس هؤلاء بالعدد القليل. وبمثل هذا الجيش من الطلبة والشبيبة المتعلمة يتعزّز مقام الأمم ، وترفع رايتها ، ويزداد عمرانها وفلاحها. أما عدد الأساتذة فقد بلغ 15. 837. وكفانا لبيان خطورة المهمة الملقاة على عاتقهم أبراد ما قالهُ بسمرك داهية الألمان أثر انتصارهِ على فرنسا في حرب السبعين: أننا غلبنا جارتنا بمعلم المدرسة. فعلى الحكومة والحالة هذه أن تمهد لبلادها سبل الانتصار في معترك هذه الحياة بانتقاء أساتذة المدارس الأميرية من نخبة الرجال أدباً وفضلاً وعلماً ، وأن تعني بوضع قانونٍ يضمن توفر هذه الشروط في أساتذة المدارس الحرَّة. ومما يراهُ القارئ أيضاً في الجدول الذي قدّمناهُ أن للأجانب 479 مدرسة في القطر المصري يدرس فيها 54. 665 طالباً وطالبة. وهذا العدد هو تقريباً سُبْعُ مجموع التلاميذ في مصر ، وهي مأثرةٌ تذكر للأجانب مع الشكر الوافر. أما إحصاءُ هذه المدارس الأجنبية من حيث عددها ، فأن للأميريكان منها 188 مدرسة ، وللفرنسويين 152 ، وللإيطاليين 49 ، ولليونان 42 ، وللانكليز 30 ، وللنمسويين 8 ، وللهولنديين 2 ، و3 لأمم مختلفة. وأما من حيث عدد التلاميذ فإن المدارس الفرنسوية تأتي في مقدَّمة المدارس
الأجنبية ، إذ أن عدد تلاميذها 21. 019 ، وتليها مدارس الأميريكان وعدد تلاميذها 14. 749.
هذه حالة معاهدنا العلمية مثبتة بالأرقام المأخوذة من أوثق المصادر. وقد رأينا تكلمةً للفائدة أن نقارن بينها وبين ما جمعنا من الأرقام عن حالة تلك المدارس منذ أربع سنوات ليتبين القارئ درجةَ الترقي والتقدُّم التي بلغتها في هذه المدّة من الزمن. وإليك المقابلة بينَ الحالتين:
السنة المدرسية عدد المدارس عدد التلاميذ ذكور أُناث
1907 -
19084094294. 937 253. 923 41. 014
1911 -
1912 4772 379. 076 329. 076 320. 775 85. 301
ومن هذا الجدول يُستدلُّ أنَّ عدد المدارس زاد في أربع سنوات 678 مدرسة ، بمعدَّل 169 أو 170 مدرسة جديدة في السنة. وهذه نتيجة تبهج وتسرّ. ومن المعلوم أن من يفتح مدرسة يقفل سجناً. أما مجموع عدد التلاميذ ، فقد زاد في المدة نفسها 84. 139 أي بمعدَّل 21. 035 تلميذاً في السنة وهو عددٌ لا يستهانُ بهِ ترك جيوش الجهل لينضمّ إلى جيش النور والعرفان. وإذا أخذنا عدد التلاميذ منذ أربع سنوات نجد أن نسبة الطالبين إلى المجموع هي نسبة 13. 91 إلى 100. أما في السنة المدرسية 1911 - 1912 فإن نسبة الطالبين هي 84. 62 إلى 100 ونسبة الطالبات هي 15. 38 إلى 100. فيظهر من هذه المقابلة أن
نسبة التلميذات إلى مجموع التلاميذ قد زادت بعض الزيادة. على أنها لا تزال قليلة جدّاً؛ فكأنهُ ليس عندنا مقابل كل 85 تلميذاً على وجه التقريب إلَاّ 15 تلميذة. وهذا نقصٌ في إدارة التعليم عندنا يجب التذرّع بأنجع الوسائل لملافاتهِ ، لأنه لا يخفي ما يترتب على هذا الفرق البّين من الأضرار. فإننا إذا أعددنا فتياناً متعلمين ، يجب أن نهيئَ لهم فتياتٍ متعلمات يفهمنَ أفكارَهم ، ويُدركنَ عواطفهم ، فيشاركنهم في الحياةِ مشاركة حقيقية. وشأن المرأة في تدبير المنزل وتربية العائلة معروف لا حاجة بنا إلى تفصيله في هذا المقام. ولا شكَّ في أن هذا لتقصير في تعليم البنات هو السبب الأكبر لإعراض شباننا عن الزواج أو للبحث عن شريكة حياتهم بين الأجنبيات. والنساءُ نصف الأمة. فهل تُعَدُّ الأمة متعلمةً راقيةً إذا علّمنا نصفها ، وأهملنا - أو كدنا - النصف الآخر. هذا ، وإذا ظلَّ التقدّم في معهدنا مطّرداً على هذه النسبة ، أي بزيادة 170 مدرسة و 21. 035 تلميذاً في السنة ، فأنَّهُ لا يمضي على مصر زمنٌ طويل حتى تصبحَ في مصاف البلاد الراقية في آدابها ومعارفها وعلومها ، ولاسيما إذا لاحظنا العناية بتنقيح برنامج الدروس شيئاً فشيئاً وتطبيقهِ على حاجات الزمان والمكان. وقد رأينا من وزير معارفنا المفضال أحمد للوصول إل هذه الغاية الجليلة في هذا العصر ، عصر المنافسة في مضمار العلوم والآداب.