الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
في رياض الشعر
وعشنا على بؤسٍ
ليالي ، أبلي من همومي وجدّدي
…
لكِ الأمرُ ، لا تَقوى على ردّه يَدِي
فما أرتجي والأربعون تصرَّمت
…
ولا عيشَ إلَاّ ينتهي حيثُ يبتدي
سكتُّ سكوتاً لا يَربكِ امتدادُهُ
…
فلا خاطري باقِ ولا الشعر مُسعدي
ولا فيَّ من روح الشبابِ بقيةٌ
…
ولستُ بمشتاق ولستُ بموجدِ
حزنتُ على الماضي ضلالاً ومنْ يَعشْ
…
كما عشتُ لم يحزنْ ولم يتجلَّدِ
وماليَ منهُ خاطرٌ غير أنني
…
عدلتُ فلم أفتكْ ولم أتعبَّد
سقى الله داراتِ القرافةِ ديمةٍ
…
ترفُّ على قوم هنالك هُجَّدِ
تعوَّدَ كلٌّ بؤسها ونعيمَها
…
وعشنا على بؤسٍ ولم نتعوَّدِ
أحنُّ إلى تلك المراقدِ في الثرى
…
ولو استطيعُ اليومَ لاخترتُ مرقدي
فأنزلتُ جسمي منزلاً لا يملّهُ
…
يكونُ بعيداً عن أعادٍ وحُسَّدِ
وما يتمنّى الحرُّ في ظلّ عيشةٍ
…
تمرُّ لأحزارٍ وتحلو لأعبُدِ
كأنَّ بها وقراً على كلّ كاهلٍ
…
فمن يتكبَّدْ حمَلهُ يتكبدٍ
لقد أتعبني ، والمتاعب جمةٌ
…
مسيرةُ يومي بين أمسَي والغدِ
ألما يئنْ أن يستريح مجاهِدٌ
…
ألما يئنْ أن يبلغَ المنهلَ الصَّدِي
تزهدتُ في وصل المعالي جميعها
…
ومن يَطَّلبِها كاطلابيَ يزهدِ
وبتُّ تساوت في فوأدي مناهجٌ
…
تُؤدّي لخفض أو تؤدي لسؤدُد
وإنيَ في بيتٍ صغيرٍ مهدَّمٍ
…
كأنيَ في قصرٍ كبيرِ مشيَّدِ
عنا اللهُ عن قومٍ أتانيَ غَدْرُهم
…
فربَّ مسيءِ لم يُسئ عن تعمُّدِ
وكم من نفوسٍ يستطيلُ ضلالُها
…
ولكن متى ما تُبصرِ النورَ تهتدِ
فزعتُ من الآمالِ باليأس عائداً
…
فإِن تَدْنني منها اللُباناتُ أبعدِ
فلا ترتعي مني بقلبٍ معذَّبٍ
…
ولا تنجلي مني لطرفٍ مسهَّدِ
فيا ريحُ إن يعصفْ بيَ الشجو سكّني
…
ويا غيثُ إن يُضرْمنيَ الوجدُ أخمد
ويا ساكناتِ الطير في دولة الدُّجى
…
أرى ، إن دعاكِ الصبحُ ، أن لا تغّردي
لديَّ شكاياتٌ وأنتِ شجيَّةٌ
…
فإِن تستطيبيها لشجوكِ أنشدي
ولا تحسَبي التقليدَ يذهبُ حسنَها
…
فكم حسناتٍ قد أتت من مقلّدِ
تركتُ الغنى لا عاجزاً عن طلابهِ
…
وأنزلْتُ نفسي من منازلِ محتدي
وهذي بحمدِ الله مني براَءةٌ
…
فيا أفقُ سجّلها ويا أنجمُ اشهدي
وليّ الدين يكن
إلى الله
يا ربِّ أين تُرى تقامُ جهنَّمُ
…
للظللين غداً وللأشرارِ
لم يُبقِ عفوُكَ في السماواتِ العلى
…
والأرضِ شبراً خالياً للنار
يا ربّ أهلْني لفضلك واكفني
…
شَطَطَ العقولِ وفتنةَ الأفكارِ
ومرِ الوجود يشفَّ عنك لكي أرى
…
غضبَ اللطيف ورحمةَ الجبَّارِ
يا عالِمَ الأسرارِ حسبيَ محنةً
…
علمي بأنك عالمُ الأسرارِ
أخلقْ برحمتك التي تسَعُ الورى
…
ألَاّ تضيقَ بأعظمِ الأوزارِ
إسماعيل صبري
لكنَّ مصراً
ناظم هذه القصيدة شاعر مطبوع ، عرفته مصر يوم كان ينشر في صحفها باكورة ثمار قريحته. ثم نشر هنا ديوانه ، فتوسمنا فيه سليقة شعرية ما زالت تنجلي في كل ما نظمه بعدئذ. وقد أرسل إلينا من الولايات المتحدة - حيث هو يقيم الآن - القصيدة الآتية يحيي بها مصر ويحن إلى وادي النيل:
أشقى البرية نفساً صاحب الهمم
…
وأتعسُ الخلق حظاً صاحبُ القلمِ
عافَ الزمانُ بني الدنيا وقيّدَهُ
…
والطيرُ يُحبَسُ منها جيّدُ النغَمِ
وحكّمت يدُه الأٌلامَ في دمِه
…
فلم تصنهُ ولم يعدل إلى حكمِ
لكلّ ذي همةٍ في دهرهِ أملٌ
…
وكلُّ ذي أمل في الدهرِ ذو ألمِِ
ويلُ الليالي لقد قلّدنني ذرياً
…
أدنى إلى مهجتي من مهجةِ الخصمِ
ما حدثتني نفسي أن أحطّمَهُ
…
إلَاّ خشيتُ على نفسي من الندمِ
فكلما قلتُ زهدي طارد كلَفني
…
رجعتُ والوجدُ فيهِ طاردٌ سأميِ
يأبى الشقاءُ الذي يدعونهُ أدباً
…
أن يضحكَ الطرسُ إلا إن سفكتُ دمي
لقد صحبتُ شبابي واليراع معاً
…
أودي شبابي. . . فهل أبقي على قلمي؟
كأنما الشعراتُ البيضُ طالعةً
…
في مفرقي أنجمٌ أشرقنَ في الظُلمِ
تضاحك الشيبُ في رأسي فعرّض بي
…
ذو الشيب عند الغواني موِضعُ التُهمِ
فكلُّ بيضاء عند الغيدِ فاحمةٌ
…
وكل بيضاء عندي ثغرُ مبتسمِ
قل للتي ضحكت من لَّمتي عجباً
…
هل كان ثمَّ شبابٌ غير منصرمِ
قد صرتُ أنحلَ من طيفٍ وأحير من
…
ضيفٍ واسهرَ من راعٍ على غنمِ
وليلةٍ بتُّ أجني من كواكبها
…
عقداً كأني أنالُ الشْهبَ من أمّمِ
لا ذقَ طرفي الكرى حتى تظلَ يدي
…
ما لا يفوزُ به غيري من الحلُم
ليس الوقوفُ على الأطلال من خُلُقي
…
ولا البكاءُ على ما فاتَ من شيَمي
لكنّ مصراً وما نفسي بناسيةِ
…
ملكية الشرق ذات النيلَ والهرمِ
صرفت شطرَ الصبي فيها فما خشيت
…
رجلي العثارَ ولا نفسي من الوصمِ
في فتيةٍ كالنجومِ الزُهر أوجهُهم
…
ما فيهمَ غير مطبوعٍ على الكرمِ
لا يقبضونَ مع اللأواء أيدَيهمُ
…
وقلما جادَ ذو وَفر مع الأزمِ
في ذمة الغربِ مشتاقٌ ينازعهُ
…
شوقٌ إلى منهبطِ الآياتِ والحِكَمِ
ما تغرب الشمسُ إلا أدمعي شفقٌ
…
تنسى العيونُ لديهِ حمرةَ الغيمِ
وما سرت نسماتٌ نحوها سحراً
…
ألا وددتُ لو أني كنت في النسمِ
ما حالُ تلك المغاني بعد عاشقها
…
فإِنني بعدها للسُهد والسقمِ
بين الجوانحِ همٌّ ما يخامرُني
…
ألا وأشرقني بالباردِ الشمِ
جادَ الكنانة عني وابلٌ غَدِقٌ
…
وإن يكُ النيل يغنيها عن الديمِ
الشرقُ تاجٌ ومصرٌ منه درَّتهُ
…
والشرقُ جيشٌ ومصر حاملُ العلَمِ
هيهات تطرفُ فيها عينُ زائرها
…
بغير ذي أدبٍ أو غير ذي شمم
أحنى على الحرّ من أمٍّ على ولدٍ
…
فالحرُّ في مصرَ كالورقاء في الحَرمِ
ما زلتُ والدهرُ تنبو عن يدي يدُهُ
…
حتى نبتْ ضلةً عن أرضها قدمي
الولايات المتحدة
إيليا أبو ماضي
مكارم الأخلاق
سلوتُ بحمد اللهِ عنها وأصبحت
…
دواعي الهوى من نحوِها لا أجيبها
على أنني لا شامتٌ إن أصابها
…
بلاءٌ ولا راضٍ بوجهٍ يعيبها
شيخ النحاة