الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
في رياض الشعر
ذكرت الهوى
ذكرتُ الهوى أيامَ يصفو فنحتسي
…
ويضفوا لصبى عن جانبَيهِ فنكتسي
نقضّي مُنانا من رياض وأوجهٍ
…
ونشفي صَدانا من شفاهٍ وأكؤسِ
لذاذاتُ عيشٍ صالحٍ كُنَّ أنعماً
…
فأعقبنَ من حدثانِ دهرٍ بأبوسِ
طوينا بقاياها ففاضت من الأسى
…
بقايا قلوبٍ جازعاتٍ وأنفسِ
خلت أرُبع الأهواءِ إلاّ من البلى
…
يعّفي بها آثارَ ملهى ومجلسِ
تعوّضتُ عنها بالياً بعد مُونقٍ
…
وبُدّلتُ منها موحشاً بعد مؤنسِ
ألا هل لأيامِ الشبيبةِ رجعةٌ
…
فأطمعَ في ماضٍ من العيشِ موئسِ
تمتعتُ من دهري بظبيٍ مرتبٍ
…
فقد عاد يرميني بسيدٍ عمَلَّسِ
أقول لنفسي والأسى يستثيرُها
…
مكانكِ أن النفسَ بالنفسِ تأتسي
ألم تعلمي أنَّ الزمانَ بأهله
…
يدورُ وأنَّ الصفوَ نغبةُ محتسِ؟
متى تطلبي ما ليسَ للدهر شيمةٌ
…
تُعاقي عن الأمر المرومِ وتحُسبي
أجدّك هل تقضين كلَّ لُبانةٍ
…
بطول التمّني أو بطولِ التلمُّسِ
إذا الحاجُ لم تُقدَرْ فليس بنافعٍ
…
تقحّمُ أصليتٍ وإقدامُ مُدعسِ
صرفتُ رَجائي عن مطالبَ جمّةٍ
…
وليس الذي يرجو المحالَ بكتسِ
وعفتُ الدنايا فاحتفظتُ بمنصبي
…
وأبقيتُ عرضي طاهراً لم يدنسِ
سجيّةُ حرِّ النفسِ لا متعرّضٍ
…
لعوراَء يبغيها ولا متمرّسِ
كريمٍ متى ما يَعْدُ كفّيه منفسٌ
…
يُدلَّ بأغلى منهُ قدراً وأنفَسِ
وما فاتني غُنمٌ إذا عفَّ مطمعي
…
وعُرّيَ من سوءِ الأحاديثِ ملبسي
إذا ضرّس اللؤمُ الوجوهَ فشأنَها
…
بقيتُ ووجهي وافرٌ لم يضرَّسِ
وما راعني إلاّ حسودٌ يعيبني
…
على ما يرى من طيبِ عودي ومغرسي
لقد عجمتني الحادثاتُ فلم يلنْ
…
مجسّي على بؤسِ الحياةِ وملمسي
أخوضُ الخطوبَ السودَ غير منكّبٍ
…
وألقى المنايا الحمرَ غير معبّسِ
وأسمو إلى العاني أُفرّجُ همَّهُ
…
إذا ما عنتهُ كريةٌ لم تنفّسِ
ولم تُخزني في مشهد ألمعيَّتي
…
ولا خانني رأيي وصدقُ تفرّسي
ولست كساعٍ بالأباطيلِ والرَّقى
…
إلى الناسِ يُزجيها بضاعةَ مفلسِ
متى أقلْ قولاً فلستُ بكاذبٍ
…
أصادي بهِ نفعاً ، ولا بمدلّسِ
تعوَّدَ مني الدهرُ شيمةً فاضلٍ
…
وما اعتدتُ منهُ غير شيمة مومسِ
كلانا على ما آستنَّ جارٍ ومن يُقَدْ
…
إلى الشيمةِ العسراءِ يُعصَ ويشمسِ
وأعلمُ أني ما حييتُ مقلّبٌ
…
فؤادي وعيني في ضياءِ وحندسِ
أحمد محرم
فؤاد حافظ
يا خافقاً قُلْ لي متى تسكنُ
…
للهِ ما تُخفي وما تُعلنُ
يا ليتَ شعري عنك في أضلعي
…
ماذا تقاسي أيُّها المُثخَنُ
وما الذي أبقاهُ من مهجتي
…
ومن حياتي داؤكَ المزمنُ
يا ثغرَهُ من ذا الذي يحتسي
…
بَرد ثناياك ولا يؤمنُ
يا قدَّه هذي قلوبُ الورى
…
معروضةً طوبى لمن تطعنُ
يا لحظهُ مُرْنا بما تشتهي
…
كلّ محالٍ في الهوى ممكنُ
حافظ إبراهيم
زهرة ورد
أممتُ الحديقةَ عند السحَرْ
…
أشمُّ نسيمَ الصبَّا والزهَرْ
وقد نشرَ الفجرُ أسلاكَهُ
…
فدبَّ بجفنِ النيامِ الشررْ
وأنشدَتِ الطيرُ آيَ الصباحِ
…
فأيقظتِ الزهرَ مثل البشرْ
ومرَّ النسيم بيقظي الرُّبي
…
فبشَّ بهِ كلُ ثغرٍ عطِرْ
وكانت إلى جانبي زهرةٌ
…
بثوبِ الكرى والندى المنهمِرْ
فأيقظتُها وهي في كِمتها
…
كبكرٍ ببُرد الحيا تستترْ
فهبَّت ، وفي جفنها فترةٌ
…
وفي خدّها حمرةٌ ، تعتذرْ
وفي شفتَيها الندى مالكٌ
…
عليها الكلام كثغرٍ حصرْ
فمالت إليَّ كأني بها
…
تسائلُ عن حالتي والخبرْ
فقلتُ: أراكِ بأسر الكرى
…
كأنكِ مغرمةٌ بالسَّمرْ
فهل أنتِ مثليَ مفتونةٌ
…
بَما في الطبيعة يَسبي البصرْ
فقالت: وقد طار عنها الندى ،
…
أيُعذَلُ صبٌّ يُطيل السهرْ
فما أنتَ منا بأسمى شعوراً
…
وليس الهوى فيكمُ محتكرْ
فقلتُ: وأنّى لمثلكِ قلبٌ
…
خفوقٌ بنار الجوى يستعرْ
نشدتكِ لا تدَّعي بالغرامِ
…
ففاهِمُ أسرارهِ قد ندَرْ
يضنّون في حبّهم بالقشورِ
…
ولبُّ الهوى عنهمُ مستترْ
وهل يتمشى الهوى في النباتِ
…
وبعضُ قلوبِ الورى كالحجرْ
فقالت: أما زنتَ صدر حبيبِ
…
فؤادك في باقةٍ كالزُهُرْ
أنا زهرةُ الوردِ رمزُ الغرامِ
…
حياةِ النفوسِ وروحِ الفِكَرْ
عشقتُ الطبيعة روحَ الجمال
…
وحسبيَ في شمسِها والقمرْ
تبثُّ الحياةَ بهذا الوجودِ
…
فتُقرأُ آياتُها في الصوَرْ
وأما الغرامَ فلا ندَّعي
…
وليس لنا منطقٌ للهذَرْ
وأنّا علِمنا من الحكماه
…
بأنَّ السكوتَ وعاءُ الدُررْ
فنحن سُكوتٌ وفي صمتنِا
…
لَننطقُ في معجزات السوَرْ
وإذا جاَء دوري الجوابِ
…
أتت هندُ في الموعد المنتظرْ
فعرَّفتُ بينهما ناشراً
…
لِطيِّ حديثٍ شذاهُ انتشرْ
وحكَّمتُها بيننا بالرضي
…
فقالت وقد بادلتني النظرْ
هي الجاذبيّةُ بين النفوسِ
…
تدسُّ الغرامَ بسلكِ البصرْ
هي الجاذبية بين العناصرِ
…
إن تَعْدُ منظومها ينتثرْ
وفي عالم الزهرِ تمشي الحياةُ
…
وما من شعورِ لها أو وطرْ
فقلتُ: وأتى لها مثلَنا
…
شعورٌ نغذّيه منذُ الصِغَرْ
عشقتكِ ما فتنتني العيونُ
…
ولا ثغركِ الممتلي بالدُرَرْ
ولكن بنفسكِ لي جاذبٌ
…
هو الكهرباءُ فأين المفرْ
هو الحبُّ يحيا بروحِ الجمال
…
ولا تستبيهِ الحِلي والحِبَرْ
وأنتِ الجمالُ فمَنْ عاذري
…
إذا لم أكن فيهِ ممن شَعَرْ
فجودي على شاعرٍ بهواكِ
…
بآي السني حليةً للفكَرْ
فما الشعرُ دونكِ مهما علا
…
بأكثر من طَللٍ مندثِرْ
وذي زهرة الورد رمزُ الهوى
…
أزفُّ إلى صدركِ المزدهرْ
فكلٌّ تلفَّتَ بي شاكراً
…
وبشَّ بصاحبهِ وافتخرْ
وجاَء الضحى ناثراً عقدَنا
…
إلى الملتقى في رياضِ السحرْ
لبنان
أحمد تقي الدين
إذا ذهب الربيع
أطلتِ تدلُّلاً وأطلتُ صبراً
…
كلانا باذلٌ ما يستطيعُ
لقد أودعتِ قلبكِ ما بقلبي
…
فضاعَ وكنتُ أحسبُ لا يضيعُ
رددتِ تضرُّعي ورددتِ دمعي
…
فليس يُجاب عندكِ لي شفيعُ
فيا ويلاهُ من قلبٍ عصيٍّ
…
يذوبُ بحبهِ قلبٌ مطيعُ
ويا لهفي على أملٍ مباح
…
يدافع دونه يأسٌ منيعُ
ويا حزني على هذه الأغاني
…
أردّدُها وليس لها سميعُ
أسيدتي الرفيعةَ إنَّ روحي
…
يقرّبها إليكِ هوى رفيعُ
وأيام الصفاءِ وإن توانت
…
يُطاردُ ركبها نأيٌ سريعُ
إذا ذهب الربيعُ ولم أُمتَّعْ
…
بنضرتهِ فلا عاد الربيعُ
ولي الدين يكن
شاعر يسلو
مَن مبلغُ الغيدِ عني قصةً عجباً
…
تَبكي وتَضحكُ منها الغيد في حينِ
إني سلوتُ فلا هجرْ فيهدمني
…
بهِ الغرامُ ولا وصل فيبنيني
فلتلبسِ الغيد من نسج الضحى حُللاً
…
ولتعلم اليوم أني غير مفتونِ
وليُمتعِ النفسَ غيري في خمائلها
…
وليقطفِ الورد من تلك البساتينِ
وليَهتَصِرْها أفانيناً مُهدَّلةً
…
وليجنِ رمَّانَ هاتيكَ الأفانينِ
تلك الغصونُ وكم لوَّيتها بيدي
…
وبتُّ أحصي جناها بالموازينِ
حين المحبةُ تحت الكرم تُرضعنا
…
والسحبُ ترضعُ أولادَ الرياحينِ
عبد الحليم المصري