الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أمام مهدها
كتبها ولي الدين في طفلة له رآها تحتضر وهي في الشهر الثالث من عمرها
أَقصرتْ عنكِ وسائلُ العناية ، وخابت في استبقائكِ آمال القلبين المشفقين اللذين طال خفوقها عليكِ في الليالي الطويلة. وها أنتِ اليوم على وشك التوديع. لم تتعلمي ما يقولُ المودّعون ، لأنكِ لم تبلغي سنَّ القول. ولستِ تفهمين ما يُقال فيكِ ، لأنكِ لم تصلي إلى زمن الفهم. أشفقتُ عليكِ من أُوجاع تُحسّين بها ولا تُدركينها. ثلاثةُ أشهرٍ ، كثلاثِ طرفاتٍ بالجفن ، مضت وكأنها لم تكن. ليت الشفاهَ التي لامست قبلاتها تينك الوجنتين الذابلتين جفّت قبلَ أن تكونَ ممرّاً للتأوُّهِ. . .! وليت تلك الأنفاس التي سرتْ على وجهكِ الغضّ التهبت في أحشائنا قبل أن تنقلب زفرات. . .!
أعددتك ذخراً ، وإذا بكِ مسلوبة. ظننتكِ لي ، فإذا بكِ للثرى. لهفي عليكِ إذ تذهبين ، ولم تري من سطوري ما يكون لكِ عظةً من بعدي! بل لهفي علىَّ إذْ أَستندي عيونَ النيّرات بمصراعٍ ارتجلهُ ، وأنا أطلبُ اليومَ فيكِ كلامَ الرثاءِ ، فلا تساعفني المعاني. إن يخطئكِ الحمام ، وهيهات ما أظنهُ فاعلاً! فقد أبقى لي الدهرُ أملاً كاد يزمع الرحيل. وإنْ يأخذكِ كما أخذ أجدادَكِ وجدَّاتكِ من قبل ، فقد أسرعتِ في قطع طريق يتظالع في قطعها الخلائق.