الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المضادَّة فرأوا أن الخير كل الخير في اللذات وإنالة النفس كل ما تشتهيه. وكذلك لا يعجب من قد وصفنا حظه من الإطلاع لأَقوام يبكون ، لكثرة ما يضحك الناس ، وآخرين يضحكون من كثرة ما يبكون ، فسبحان من خلق بين هؤلاء البشر جذور الائتلاف والاختلاف ، وجعل هذا التباين في الأفكار ، آيةً خالدة قاضية بمزيد التبصر والاعتبار.
عبد الحميد الزهراوي
الحب
بين شوقي ووليّ الدين
تراءَت لهُ على مستشرف حجرتها صبحاً ، حين لم يلقِ عن أعطافهِ ثيابَ الكرى ، والصبحُ كبسمةِ الرضي على الثغر الألمى ، والروضُ كالأمل الغضّ في الفؤاد الفتيّ. فلمَّا اعتدلت في نظرهِ جانست محاسنُها محاسن الوجد بين الروحين على أجنحة الزفرات تبعثُ حنيناً وأنيناً وهياماً شديداً؛ فذلك حيث يقول شاعر الشرق شوقي بك:
نظرةٌ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ثم توالى كرورُ الإصباح ، وكما تكبُر الأجسادُ تكبُر الأرواح ، وكما تكبُر الصبابات؛ واللواعجُ ثمارٌ تُسقي مغارسُها بالدموع ، والسبابُ خضبُ تنضج به اللواعجُ ، ونسائم السَحر تُغري الأشواق ،
ووجهُ الربيع يزيد الجرأة على الفتنة. وإذ طال تعارُضْ الوجهين ، وتقابُلُ النظرَين ، جاءَت طمأنينةٌ تمسكُ الروح ساعة اضطرابها ، فتألّقَ لها على الشفتين بارقٌ افترَّ عن مثل الدرّ المنظم؛ فذلك حيث يقول شاعر الجمال:
. . . . فابتسامةٌ. . . . . . . . . . . . . . . . .
ثم استمرَّ الغرامُ ، وتراضي القلبان ، وإذنَ كلٌّ لصاحبهِ بما أذن ، فكانت حاجة إلى الإِعلان ، فارتفعت يمينٌ كورَقة الآس ، أُمرَّتْ على جبين كنفس الطفل ، وإذا في الوجهةِ المقابلةِ رأسٌ ينخفضُ إجلالاً وخشوعاً وكذلك يضرع المطيعُ للمطَاع؛ فذلك حيث يقول شاعر الخيال:
. . . . . . . فسلامٌ. . . . . . . . . . . . . . .
ثم نما الهوى وارباهُ التراضي ، فاشتاقت الأذانْ إلى مثل حظّ الأعين ، ولا بدَّ لما يُسَرُّ من الإِعلان؛ فتَساجلَ الشكايةَ صريعاها ، وقام اللسانان سفيرَين عن القلبين. هنالك حلاوةٌ تمازجُها المرارةُ ، وراحةٌ يتخللها التعب ، وللوجدِ بيانٌ لا تركّبهُ ألفاظٌ ، ولا تؤديه عبارة فبهما فاض ماء النفسِ من الثغرين المتباعدَين؛ فذلك حيث يقول شاعر البيان:
. . . . . . . . . . فكلامٌ. . . . . . . .
ثم تعارضت في الروحين قوَّتان من السلب والإيجاب ، وقعت شرارتهما على الحسّ فاضطرَم. غير أن الحكمة أطفأت ذاك الأُوار ، والصبرُ في أوائل الصبابة يغلُبُ عليها ،
فتعالَجَ المحبَّانِ بالأمانيّ وما زالا يتواصيان بالرأي حتى غلبا عليه ، فاستثار الشوق كمينَ النفسين ، فاتفقتا