الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لهم فإن كان على سبيل الخدمة بأن يكون يخدمهم في بيتهم ونحوه فلا ينبغي. بل وقد ذكر فقهاؤنا كراهة ذلك، وإن كان على غير هذا الوجه. مثل أن تقدمه لهم من بيتك فلا حرج فيه؛ لأن الحاجة داعية له (1).
قلت: ومعلوم الفرق بين الأمرين فإن تقديم الطعام لهم لا إذلال فيه؛ لأن المقدم صاحب الفضل والمعروف بخلاف الخدمة لهم في المنازل، فإن فيها إذلالا وإهانة للمسلم، قال تعالى:{وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا} (2)، ومن ذلك نأخذ أنه لا ينبغي للمسلم أن يأجر نفسه على الكافر في خدمة المنازل كالكنس والطبخ والغسيل والكوي داخل المنازل، وكل ما فيه ذلة، وما عدا ذلك جائز إن شاء الله، والله أعلم.
(1) مجموع فتاوى ورسائل ج3 ص41 جمع وترتيب فهد السليمان.
(2)
سورة النساء الآية 141
المبحث الخامس: حكم تأجير الدور على أهل الذمة
رأينا فيما سبق جواز استقدام غير المسلمين للحاجة والضرورة لغير الأماكن المحذورة؛ وعندها لا بد لهم من سكن يئويهم، وهم لا يحق لهم الإقامة الدائمة؛ فلا بد أن نعرف حكم تأجير الدور عليهم. ذهب جمهور العلماء رحمهم الله إلى جواز التأجير عليهم، وتوقف الإمام أحمد.
وقال ابن تيمية رحمه الله: نقل إبراهيم بن الحارث والأثرم عن الإمام أحمد رحمه الله أنه كان إذا سئل عن إجار الدار من الذمي الذي يشرب المسكر فيها ويزني فيها يذكر لهم أن ابن عون كان لا يكري إلا من أهل الذمة، قال إبراهيم: وجعل أبو عبد الله يعجب لهذا من ابن عون فيما رأيت. قال: وقال ابن عون: إنه يكره أن يرعب المسلم إذا جاء يطلب منه الإيجار، فإذا كان ذميا كان أهون عنده، ونقل عن بعض العلماء الكراهية قياسا على البيع، حيث كان الإمام أحمد يكره البيع عليهم وذكر رحمه الله كلاما كثيرا لا يتسع له المقام (1).
وقال ابن القيم رحمه الله: إذا تبين أو غلب على الظن أن المستأجر ينتفع بها في محرم حرمت الإجارة عليه كجعلها كنيسة أو جعلها لصنع الخمر أو خلاف ذلك (2).
وسيأتي كلام الشيخ ابن باز في معاملتهم بالبيع والشراء والتأجير عليهم.
قلت: ويظهر لي جواز التأجير عليهم ما لم يتبين أو يغلب الظن استعمال الدار لمحرم كالكنيسة أو صنع الخمور أو الدعارة أو بيع المخدرات أو لأي عمل فيه فساد، فإن التأجير عليهم والحال ما ذكر لا يجوز، ويحرم التأجير عليهم كما ذكر ابن القيم رحمه الله أما لمجرد
(1) اقتضاء الصراط المستقيم مخالفة أصحاب الجحيم ص232.
(2)
أحكام أهل الذمة ج1 ص284.