الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لهم هم إلا إقامة دين الله، ورضا الله ورسوله، ومصلحة إخوانهم المسلمين. وأما الطائفة الأخرى الذين {قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ} (1) فليس لهم هم في غيرها، لنفاقهم، أو ضعف إيمانهم، فلهذا لم يصبهم من النعاس، ما أصاب غيرهم {يَقُولُونَ هَلْ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ مِنْ شَيْءٍ} (2) وهذا استفهام إنكاري، أي: مالنا من الأمر أي: النصر والظهور شيء، فأساءوا الظن بربهم، وبدينه، وبنبيه، وظنوا أن الله لا يتم أمر رسوله، وأن هذه الهزيمة هي الفيصلة والقاضية على دين الله. . . (3) نعم المنافق خائف؛ خائف من الفضيحة، وخائف من الموت، وخائف من كل شيء، ولذلك لم يؤمنوا بالنعاس، ولم تثق نفوسهم، وتطمئن قلوبهم بوعد الله؛ ولذلك ذهبوا كل مذهب، وقالوا ما قالوا من الكلام الذي يحمل سوء الظن بالله، بل كانوا يعتقدون أن الله لن ينصر المؤمنين، وأن المشركين سيبيدون المؤمنين وأنها النهاية لهم وهذا الجهل بعينه.
(1) سورة آل عمران الآية 154
(2)
سورة آل عمران الآية 154
(3)
تيسير الكريم الرحمن لابن سعدي ج 1/ 439.
المبحث الخامس عشر: الذي يحكم بغير ما أنزل الله؛ فهو يحكم بحكم الجاهلية
قال تعالى: {وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ} (1){أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ} (2).
(1) سورة المائدة الآية 49
(2)
سورة المائدة الآية 50
قال ابن كثير: ينكر تعالى على من خرج عن حكم الله المحكم المشتمل على كل خير، الناهي عن كل شر وعدل إلى ما سواه من الآراء والأهواء والاصطلاحات، التي وضعها الرجال بلا مستند من شريعة الله، كما كان أهل الجاهلية يحكمون به من الضلالات والجهالات، مما يضعونها بآرائهم وأهوائهم. . . قال الله تعالى:{أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ} (1) أي: يبتغون ويريدون، وعن حكم الله يعدلون. {وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ} (2) أي: ومن أعدل من الله في حكمه لمن عقل عن الله شرعه، وآمن به وأيقن وعلم أنه تعالى أحكم الحاكمين، وأرحم بخلقه من الوالدة بولدها، فإنه تعالى هو العالم بكل شيء، القادر على كل شيء، العادل في كل شيء. قال الحسن: من حكم بغير حكم الله، فحكم الجاهلية.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أبغض الناس إلى الله ثلاثة: ملحد في الحرم، ومبتغ في الإسلام سنة الجاهلية، ومطلب دم امرئ بغير حق ليهريق دمه (3)» .
(1) سورة المائدة الآية 50
(2)
سورة المائدة الآية 50
(3)
تفسير ابن كثير ج 3 ص 122، 123.