الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الله صلى الله عليه وسلم قال له. (1). وهذا غاية الجهل والحماقة وهو من التنابز بالألقاب ولا يجوز للنهي عن التنابز بالألقاب {وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ} (2)، فهذا إثمه عظيم وذنبه كبير، نسأل الله العافية والسلامة والفقه في الدين والله أعلم.
(1) تفسير ابن كثير ج 4 ص 232.
(2)
سورة الحجرات الآية 11
الخاتمة:
بعد استعراض كلام العلماء رحمهم الله في بعض مواضيع فقه التعامل مع غير المسلمين فإنني أوصي نفسي وجميع المسلمين بتقوى الله، وحسن الخلق في المعاملة، والدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة، والتفقه في الدين، والتبصر فيما يدعون إليه، والتلطف بالجاهل حتى يعلم، وليعلموا أن الظلم محرم بين العباد، وأن على المسلم أن لا يظلم البشر من مسلمين أو غيرهم لا في مال ولا في عرض ولا في نفس، ألا وإن هناك شرائح من البشر لا تبالي بالمخالفات مهما كان نوعها من دينية أو خلقية.
قال سماحة المفتي رحمه الله: الواجب على المسلم أن لا يظلم غير المسلمين في مال ولا عرض إذا كان ذميا أو مستأمنا أو معاهدا فإنه يؤدي إليه حقه، فلا يظلمه في ماله بالسرقة، ولا بالخيانة، ولا بالغش، ولا يظلمه في البدن بالضرب ولا بالقتل، لأن كونه معاهدا
أو ذميا أو مستأمنا يعصمه، وليدعه إلى الله ويدله على الخير، كما قال صلى الله عليه وسلم:«من دل على خير كان له مثل أجر فاعله (1)» ، وقوله صلى الله عليه وسلم:«من دعا إلى الهدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص من أجورهم شيئا (2)» .
فدعوته وتبليغه الإسلام ونصيحته في ذلك من أفضل القربات. ألا ومن الظلم جلب العمال غير المسلمين لجزيرة العرب مع وجود المسلمين الذين يمكنهم القيام بالذي يقوم به غيرهم في إجادة وحسن أداء، ويعلل المستقدم أنه لا يريد ظلم المسلمين، وكأن ظلم غير المسلمين مباح، وربما علل استقدام غير المسلمين أن المسلم يريد وقتا للصلاة، ووقتا للصوم بخلاف الكافر، وما عرف المسكين أنه باستقدام المسلم قد يبارك الله له في عمله وماله ووقته، وغير المسلم قد يضر به في دينه الذي من الواجب المحافظة عليه، والدعوة إليه، والترغيب فيه، كما قد يضر بدنياه، وكم من قضايا تعرض في المحاكم من اختلاس وسرقة وغيرها من عمال غير مسلمين.
ثم لا يبالي من ضعف عنده الوازع الديني " المستقدم " بظلم العمال والإضرار بهم والمماطلة بأجورهم، بل واقتطاع جزء كبير منها، وإهانتهم وغشهم، بل يصل الأمر أحيانا إلى ضربهم، مخالفا
(1) مسلم ج 7 ص 45 ط آل مكتوم.
(2)
مسلم ج8 ص480 ط آل مكتوم.
بذلك أمر ربه، وطاعة نبيه، ظالم لنفسه، مطيع للهوى، عابد للمادة دون أي اعتبار سواها. نسأل الله العافية.
ونسي قول الله سبحانه وتعالى في الحديث القدسي: «يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا (1)» .
وقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «واتق دعوة المظلوم فإنه ليس بينها وبين الله حجاب (2)» ، وقوله صلى الله عليه وسلم:«دعوة المظلوم لا ترد (3)» ، وقال الله تبارك وتعالى في الحديث القدسي:«لأنصرنك ولو بعد حين (4)» ، وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن مسعود:«اعلم أبا مسعود لله أقدر عليك منك على هذا الغلام (5)» وفي رواية: «لله أقدر عليك منك عليه: قال فالتفت فإذا هو رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت يا
(1) أخرجه مسلم بشرح النووي ج8 ص375. ط آل مكتوم وصحيح ابن حبان ج2 ص8 حديث 618.
(2)
البخاري ج2، كتاب المظالم، باب الاتقاء والحذر من دعوة المظلوم حديث 2448 ج5 ص100 فتح الباري.
(3)
صحيح ابن خزيمة، كتاب الصيام، باب ذكر استجابة الله عز وجل حديث 1901.
(4)
صحيح ابن حبان، كتاب أخباره صلى الله عليه وسلم عن مناقب الصحابة باب وصف الجنة وأهلها رقم الحديث 7344 ج9 ص240، وسنن الترمذي بشرحه تحفة الأحوذي ج7 ص194.
(5)
صحيح مسلم الأيمان (1659)، سنن الترمذي البر والصلة (1948)، سنن أبو داود الأدب (5159)، مسند أحمد بن حنبل (5/ 274).
رسول الله هو حر لوجه الله، فقال: أما لو لم تفعل للفحتك النار أو قال: لمستك النار (1)».
والنصيحة لهؤلاء أن يتقوا الله في أنفسهم، ولا يستقدموا لهذه الجزيرة إلا من كان مسلما، من خدم أو سواقين أو عمال أو خلافهم، ويراعوا الأمثل فالأمثل من المسلمين أيضا، وأن يؤدوا إليهم حقوقهم التي التزموا لهم بها، وليعلموا أن الظلم محرم للمسلم وغير المسلم، ويؤدوا إليهم أجورهم فقد قال نبي الهدى والرحمة:«أد الأجير أجره قبل أن يجف عرقه (2)» .
وليخف عقوبة الله ولا يكون الله خصمه، فمن كان الله خصمه خصمه، يقول الله في الحديث القدسي:«ثلاثة أنا خصمهم وذكر منهم رجلا استأجر أجيرا فاستوفى منه العمل ولم يعطه أجره (3)» . ألا وكم من مشتك من العمال إن لم يكن غالبهم من عدم الوفاء لهم بأجورهم. فلا حول ولا قوة إلا بالله.
والبعض يشكو من كفيله أنه يؤجره لمستأجر آخر فيأخذ الكفيل الجزء الأكبر من أجره ويعطيه الأقل، وهذا لا يجوز ويحرم المبلغ الذي يأخذه المستقدم وقد صدر قرار هيئة كبار العلماء بمنعه
(1) مسلم بشرح النووي ج11 ص 130.
(2)
سنن ابن ماجه ج2 ص 817.
(3)
فتح الباري ج4 ص 417.
والتحذير منه بموجب القرار المعمم على المحاكم رقم 86/ 12 / ت في 28/ 5 / 1403 هـ وعلى هذا فالمبلغ الذي يأخذه الكفيل من أجرة العامل محرم
عليه. بنص كلامهم والبعض الآخر يطلق العمال يبحثون لأنفسهم عن أعمال لقاء مبلغ يدفعونه له في آخر الشهر سواء حصل العامل على عمل أم لا، وفي حالة عدم الحصول على عمل يضطر العامل إلى ارتكاب أي مخالفة من سرقة أو صنع الخمور أو خلافها حتى يسدد ما عليه من التزام لكفيله، والكفيل قرير العين جذلان يأتيه معاشه آخر الشهر من عرق هذا العامل دون مبالاة بحله أو حرمته، نسأل الله العافية.
وهذا مع مخالفته الشرعية مخالف لتعليمات وتنظيمات ولي الأمر، ومن المعلوم أن طاعة ولي الأمر واجبة ما لم يأمر بمعصية. وليس في هذا معصية وهو قول هيئة كبار العلماء انظر التعليق السابق (1).
ولا أجمل ولا أفضل من العمل بالشريعة الإسلامية وتعاليمها، فإذا كنت بحاجة إلى عمالة ومنحك ولي الأمر الحق في استقدام عمال، فاستقدم من المسلمين فإذا انتهت حاجتك فإما أن تعطيهم للمحتاج بنقل كفالتهم إليه إن سمح ولي الأمر بهذا، أو تعيده إلى بلده حسب عقد الإيجار معه، وليكن صنيعك جميلا وفعلك جميلا داعيا إلى الله بالقول والعمل. مجتنبا كل طمع أو جشع أو ظلم للبشر.
(1) والتصنيف الموضوعي لتعاميم وزارة العدل ج1 ص 69 برقم 86/ 12 / ت.
اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا اتباعه، والباطل باطلا وارزقنا اجتنابه، وفقهنا في الدين، واجعلنا هداة مهتدين، غير ضالين ولا مضلين، وألحقنا اللهم بالصالحين، وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وسلم.