الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قبله: ما قام به الدليل، وعلامته بعده: رفع الجهل، وبهذا يتضح فضل العلم وقبح الجهل (1).
(1) أنظر مدارج السالكين ج 2 ص 469 - 471 بتصرف.
المبحث التاسع والعشرون: الجهل له ظلمة تأتي بالحزن وتذهب بالسرور
الجهل نوعان:
1 -
جهل علم ومعرفة.
2 -
جهل عمل وغي.
وكلاهما له ظلمة ووحشة في القلب، وكما أن العلم يوجب نورا وأنسا فضده يوجب ظلمة ويوقع وحشة، وقد سمى الله سبحانه وتعالى " العلم " الذي بعث به رسوله نورا، وهدى وحياة. وسمى ضده: ظلمة وموتا وضلالا.
قال الله تعالى: {اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ} (1).
(1) سورة البقرة الآية 257
(2)
سورة الأنعام الآية 122
وقال تعالى {قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ} (1){يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} (2).
وقال تعالى {يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمْ بُرْهَانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُبِينًا} (3).
وقال تعالى: {فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} (4).
فجعله " روحا " لما يحصل به حياة القلوب والأرواح، و " نورا " لما يحصل به من الهدى والرشاد. . . (6)
ومثل هذا النور في قلب المؤمن: {كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لَا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ} (7).
(1) سورة المائدة الآية 15
(2)
سورة المائدة الآية 16
(3)
سورة النساء الآية 174
(4)
سورة الأعراف الآية 157
(5)
سورة الشورى الآية 52
(6)
مدارج السالكين لابن القيم ج 3 ص 162 بتصرف بسيط
(7)
سورة النور الآية 35
ومثل حال من فقد هذا النور: بمن هو في {كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ سَحَابٌ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ} (1)(2).
وقال ابن القيم: الجهل موت لأصحابه كما قيل:
وفي الجاهل- قبل الموت- موت لأهله
…
وأجسامهم قبل القبور قبور
وأرواحهم في وحشة من جسومهم
…
فليس لهم حتى النشور نشور
فإن الجاهل ميت القلب والروح، وإن كان حي البدن، فجسده قبر يمشي به على وجه الأرض قال تعالى:{إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُبِينٌ} (3){لِيُنْذِرَ مَنْ كَانَ حَيًّا وَيَحِقَّ الْقَوْلُ عَلَى الْكَافِرِينَ} (4). وقال تعالى {فَإِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى وَلَا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَاءَ} (5). وقال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يُسْمِعُ مَنْ يَشَاءُ وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ} (6). وشبههم - في موت قلوبهم - بأهل القبور؛ فإنهم قد ماتت
(1) سورة النور الآية 40
(2)
مدارج السالكين لابن القيم ج3 ص 163.
(3)
سورة يس الآية 69
(4)
سورة يس الآية 70
(5)
سورة الروم الآية 52
(6)
سورة فاطر الآية 22