الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والنجس طهرا، بل انقلبت عندهم الموازين رأسا على عقب ولا حول ولا قوة إلا بالله.
المبحث الرابع: القوم الذين لم يستجيبوا لدعوة نبيهم قوم يجهلون ولا يعقلون ولا يفهمون
قال تعالى: {وَاذْكُرْ أَخَا عَادٍ إِذْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ بِالْأَحْقَافِ وَقَدْ خَلَتِ النُّذُرُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ} (1){قَالُوا أَجِئْتَنَا لِتَأْفِكَنَا عَنْ آلِهَتِنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ} (2){قَالَ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ وَأُبَلِّغُكُمْ مَا أُرْسِلْتُ بِهِ وَلَكِنِّي أَرَاكُمْ قَوْمًا تَجْهَلُونَ} (3){فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ} (4){تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا فَأَصْبَحُوا لَا يُرَى إِلَّا مَسَاكِنُهُمْ كَذَلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ} (5).
قال ابن كثير: يقول تعالى مسليا لنبيه في تكذيب من كذبه من قومه: {وَاذْكُرْ أَخَا عَادٍ} (6) وهو هود عليه السلام بعثه الله إلى عاد الأولى، وكانوا يسكنون الأحقاف وهو واد بحضرموت مشرف على البحر بأرض يقال لها الشحر. . . استعجلوا عذاب الله وعقوبته، استبعادا منهم وقوعه، كقوله:{يَسْتَعْجِلُ بِهَا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِهَا} (7){قَالَ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ} (8) أي: الله أعلم بكم إن كنتم مستحقين لتعجيل العذاب فيفعل ذلك بكم، وأما أنا فمن
(1) سورة الأحقاف الآية 21
(2)
سورة الأحقاف الآية 22
(3)
سورة الأحقاف الآية 23
(4)
سورة الأحقاف الآية 24
(5)
سورة الأحقاف الآية 25
(6)
سورة الأحقاف الآية 21
(7)
سورة الشورى الآية 18
(8)
سورة الأحقاف الآية 23
شأني أني أبلغكم ما أرسلت به، {وَلَكِنِّي أَرَاكُمْ قَوْمًا تَجْهَلُونَ} (1) أي: لا تعقلون ولا تفهمون (2).
قال ابن سعدي: {فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ} (3) وهذا غاية الجهل والعناد {قَالَ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ} (4) فهو الذي بيده أزمة الأمور ومقاليدها، وهو الذي يأتيكم بالعذاب إن شاء {وَأُبَلِّغُكُمْ مَا أُرْسِلْتُ بِهِ} (5) أي ليس علي إلا البلاغ المبين {وَلَكِنِّي أَرَاكُمْ قَوْمًا تَجْهَلُونَ} (6) أي: ولكنكم تجهلون ما تبعث به الرسل، لأن الرسل بعثوا منذرين لا مقترحين، ولا سائلين غير ما أذن لهم فيه، وليس من وظيفتهم الإتيان بالعذاب، ولا تعيين وقت نزوله، ولذلك صدر منكم ما صدر من هذه الجرأة الشديدة (7).
وهكذا كانت خاتمة المكذبين المعاندين الجهلة بالله، وآياته وسننه؛ الدمار الشامل، نعوذ بالله من الجهل وما يترتب عليه من عذاب ونكال وشقاء.
(1) سورة الأحقاف الآية 23
(2)
تفسير ابن كثير ج 7 ص 268 - 269.
(3)
سورة الأحقاف الآية 22
(4)
سورة الأحقاف الآية 23
(5)
سورة الأحقاف الآية 23
(6)
سورة الأحقاف الآية 23
(7)
تيسير الكريم الرحمن ج 7 ص 53 ط السعيدية.
(8)
سورة الأنعام الآية 111
يقول ابن كثير: يقول تعالى: ولو أننا أجبنا سؤال هؤلاء الذين أقسموا بالله جهد أيمانهم لئن جاءتهم آية ليؤمنن بها فنزلنا عليهم الملائكة، أي: تخبرهم بالرسالة من الله بتصديق الرسل، كما سألوا فقالوا:{أَوْ تَأْتِيَ بِاللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ قَبِيلًا} (1) و {قَالُوا لَنْ نُؤْمِنَ حَتَّى نُؤْتَى مِثْلَ مَا أُوتِيَ رُسُلُ اللَّهِ} (2){وَقَالَ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْمَلَائِكَةُ أَوْ نَرَى رَبَّنَا لَقَدِ اسْتَكْبَرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ وَعَتَوْا عُتُوًّا كَبِيرًا} (3).
{وَكَلَّمَهُمُ الْمَوْتَى} (4) أي: فأخبروهم بصدق ما جاءتهم به الرسل {وَحَشَرْنَا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلًا} (5) من المقابلة والمعاينة. . . قال مجاهد: {قُبُلًا} (6) أفواجا، قبيلا قبيلا، تعرض عليهم كل أمة بعد أمة فنخبرهم بصدق الرسل فيما جاءوهم به {مَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} (7) أي: إن الهداية إليه، لا إليهم. بل يهدي من يشاء ويضل من يشاء، وهو الفعال لما يريد، ولا يسأل عما يفعل وهم يسألون، لعلمه وحكمته، وسلطانه وقهره وغلبته، وهذه الآية كقوله:{إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَتُ رَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ} (8){وَلَوْ جَاءَتْهُمْ كُلُّ آيَةٍ حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ} (9)، (10).
(1) سورة الإسراء الآية 92
(2)
سورة الأنعام الآية 124
(3)
سورة الفرقان الآية 21
(4)
سورة الأنعام الآية 111
(5)
سورة الأنعام الآية 111
(6)
سورة الأنعام الآية 111
(7)
سورة الأنعام الآية 111
(8)
سورة يونس الآية 96
(9)
سورة يونس الآية 97
(10)
تفسير ابن كثير ج 3 ص 311.