الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قلت: وقد ذكر ابن قدامة في المغني: أن عمر رضي الله عنه كان يسمح لليهود والنصارى بدخول المدينة لبيع بضائعهم بعد أن أجلاهم من جزيرة العرب. ويشتري منهم المسلمون، غير أنهم لا يقيمون بها (1).
ومما تقدم من أقوال العلماء القدامى والمعاصرين يتضح لنا جواز التعامل مع الكفار والمشركين في البيع والشراء والرهن والاقتراض والقرض، وهو منطوق الأحاديث الواردة في ذلك، وفي هذا التوسيع على المسلمين في جواز التعامل معهم، والله أعلم.
(1) المغني لابن قدامة ج13 ص244.
المبحث السابع: طعام أهل الكتاب
اتفق العلماء رحمهم الله على إباحة طعام أهل الكتاب وذبائحهم كما نص القرآن الكريم والسنة المطهرة على حل وإباحة طعام أهل الكتاب. ولا خلاف بين أهل السنة بحمد الله في ذلك؛ لقول الله سبحانه وتعالى: {وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ} (1)، قال عبد الله بن أحمد قال أبي: لا بأس بذبائح أهل الحرب إذا كانوا من أهل الكتاب.
وقال ابن المنذر: أجمع على هذا كل من يحفظ عنه من أهل العلم (2).
(1) سورة المائدة الآية 5
(2)
أحكام أهل الذمة ج1 ص245.
وفي صحيح البخاري «أن يهود خيبر أهدوا إلى رسول الله - عليه وآله وسلم - شاة مشوية فيها سم فأكل منها (1)» قال في الفتح: إن الشاة أهدتها امرأة من اليهود تسمى زينب بنت الحارث امرأة سلام بن مشكم.
قلت: وفي الحديث: سألهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: أردنا إن كنت كاذبا نستريح منك، وإن كنت نبيا لم يضرك.
قال ابن باز رحمه الله: قال ابن كثير رحمه الله: ثبت في الصحيح أن أهل خيبر أهدوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم شاة مصلية وقد سموا ذراعها، وكان صلى الله عليه وسلم يعجبه الذراع، فتناوله فنهش منه نهشة فأخبره الذراع أنه مسموم فلفظه، وأثر ذلك في ثناياه وأبهره، وأكل معه منها بشر بن البراء بن معرور فمات. فقتل
(1) صحيح البخاري كتاب الجزية (3169)، مسند أحمد بن حنبل (2/ 451)، سنن الدارمي كتاب المقدمة (69).
اليهودية التي سمتها به. قال: وفي الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أضافه يهودي على خبز شعير وإهالة سنخة (1).
انتهى.
وقال العلامة محمد ابن عثيمين: يجوز الأكل مما مسته أيديهم؛ لأن نجاستهم معنوية لا حسية. قلت: «وثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه صلى الله عليه وسلم توضأ من مزادة امرأة مشركة (2)» . أخرجه البيهقي، والدارقطني.
قلت: وثبت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد تناول من لحم هذه الشاة التي أهداها اليهود وكانوا قد تولوا ذبحها وسلخها وطبخها وباشرتها أيديهم، وأكل من خبز اليهودي وإهالته السنخة
(1) فتاوى ابن باز ج4 ص269.
(2)
قصة مزادتي المرأة المشركة رواها البخاري في الصحيح. انظر الفتح ج1، باب الصعيد الطيب من كتاب التيمم ص477 ومسلم بشرح النووي 3/ 199ط آل مكتوم، والبيهقي ج1 ص432، والدارقطني ج1 ص201 باب الوضوء والتيمم من آنية الكفار. وهي بألفاظ مختلفة وكلها عن عمران بن حصين الخزاعي. قال المعلق على الدارقطني: فيه دليل على طهارة آنية المشركين، ويدل أيضا على طهارة جلد الميتة بالدباغ؛ لأن المزادتين من جلود ذبائح المشركين وذبائحهم ميتة، ويدل على طهارة رطوبة المشركين، فإن المرأة المشركة قد باشرت الماء.