المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ رأي الشافعية والحنابلة - مجلة البحوث الإسلامية - جـ ٧٠

[مجموعة من المؤلفين]

فهرس الكتاب

- ‌المحتويات

- ‌ تناول المريض حقنة تستمر أربع ساعات أو خمس

- ‌لا يجمع بين الظهر والعصر للبرد

- ‌(الجمع بين الظهرين)

- ‌وجوب الجمعة على العمال في الشركات

- ‌الجمعة لا تقام في السجن

- ‌إقامة جمعة في محطة ضخ مياه تبعد ثمانية كيلو والطريق رمال وجبال

- ‌صلاة الجمعة في الباخرة

- ‌ فتاوى سماحه الشيخعبد العزيز بن عبد الله بن باز

- ‌حكم البناء على القبور

- ‌الكيفية الشرعية لترميم القبر إذا تهدم

- ‌لا يجوز دفن الميت في المسجد

- ‌دفن الموتى في المساجد إحدى وسائل الشرك

- ‌حكم بناء المساجد قريبا من القبور

- ‌حكم الصلاة في المساجد التي فيها قبور

- ‌الصلاة في مسجد فيه قبر كالصلاة في مسجد فيه قبران أو أكثر

- ‌لا يصلى في المسجد الذي فيه قبر ولو كان الوحيد في البلد

- ‌شبهة لمن أجاز الصلاة في المساجد التي فيها قبور والجواب عليها

- ‌حكم تحويل مصلى العيد إلى مقبرة

- ‌حكم الكتابة على القبر

- ‌حكم كتابة دعاء دخول المقبرة عند البوابة

- ‌حكم إضاءة المقابر والطرق التي بين القبور

- ‌ما يجوز وما لا يجوز إهداؤه من القرب للميت

- ‌الدليل على تخصيص انتفاع الميت ببعض الأعمال دون بعض

- ‌حكم الصدقة والحج عمن كان يذبح لغير الله

- ‌عشاء الوالدين

- ‌تحديد وقت معين للإطعام عن الميت من البدع المحدثة

- ‌من يذبح لأبيه وجده كل سنة

- ‌إهداء ثواب الطواف للغير لا يجوز

- ‌ فتاوى سماحةالشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن محمد آل الشيخ

- ‌ كيف تتم صلاة رجل أدرك الركعة الأخيرة من صلاة العشاء

- ‌ هل مساجد مكة كلها حرم

- ‌ طواف الوداع

- ‌ صبغ اللحية بالسواد

- ‌ نغمات الجوال في المساجد

- ‌ هل لأهل مكة طواف وداع في الحج والعمرة

- ‌ المسافر إذا صلى خلف مقيم

- ‌ السفر والإقامة في بلاد الكفار من أجل العمل

- ‌ قراءة سورة الفاتحة مائة وعشر مرات لتلبية وقضاء الحوائج

- ‌ هل جميع الأنبياء من العرب

- ‌ الواجب على المرأة المسلمة عند خروجها من بيتها

- ‌ الصلوات في الجمع والقصر

- ‌ الغش في الامتحانات الدراسية

- ‌ هل الحسنات تضعف في مكة وكذلك السيئات

- ‌ فتاوى اللجنة الدائمةللبحوث العلمية والإفتاء

- ‌ نام أو نسي صلاة واحدة من الصلوات الخمس

- ‌ تؤخر الصلوات عن أوقاتها، وتشجع بناتها الكبيرات والصغيرات على ذلك

- ‌ رجل تارك فروض الصلاة، أو متهاون فيها ما عدا يوم الجمعة

- ‌ دخل رجل الإسلام وعمره أربعون سنة هل يقضي ما فاته من الصلاة

- ‌ رجل ترك الصلاة عدة شهور أو سنوات فهل يجب عليه قضاءها

- ‌مصطلح الإرهاب:

- ‌أسباب الإرهاب:

- ‌علاج الإرهاب

- ‌خلاصة البحث وأهم النتائج:

- ‌الجهل

- ‌توطئة

- ‌تعريف الجهل:

- ‌المبحث الأول المشرك جاهل:

- ‌المبحث الثاني الذين طلبوا من النبي أن يطرد المؤمنين:

- ‌المبحث الثالث: قوم لوط الذين كانوا يأتون الرجال شهوة من دون النساء قوم جهلاء عادون نجس

- ‌المبحث الرابع: القوم الذين لم يستجيبوا لدعوة نبيهم قوم يجهلون ولا يعقلون ولا يفهمون

- ‌المبحث الخامس: ما فعله إخوة يوسف دليل على جهلهم

- ‌المبحث السادس: من صفات عباد الرحمن أنهم إذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما

- ‌المبحث السابع من جهل المشركين أن دعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عبادة آلهتهم

- ‌المبحث الثامن نهى الله تبارك وتعالى نبيه أن يكون من الجاهلين؛ لجزعه، وحزنه، وتحسره؛ على كفرهم

- ‌المبحث التاسع أمر الله بالإعراض عمن تمادى في ضلاله واستعصى في جهله وغيه

- ‌المبحث العاشر: وعظ الله نبيه نوحا أن يكون من الجاهلين

- ‌المبحث الحادي عشر: إذا لم يعصم الله الإنسان من الوقوع في المعصية فإنه يكون من الجاهلين

- ‌المبحث الثاني عشر: حمل الإنسان للأمانة دليل على ظلمه وجهله

- ‌المبحث الثالث عشر: كل من عصى الله خطأ أو عمدا فهو جاهل حتى ينزع عن الذنب

- ‌المبحث الرابع عشر: المنافقون كانوا يعتقدون في الله اعتقاد أهل الجاهلية

- ‌المبحث الخامس عشر: الذي يحكم بغير ما أنزل الله؛ فهو يحكم بحكم الجاهلية

- ‌المبحث السادس عشر: اختلاط النساء بالرجال، وترك الحجاب، والتبرج: من أمور الجاهلية

- ‌المبحث الثامن عشر: السب، والشتم، والكلام الفاحش، والسفه، والمقاتلة: من أفعال أهل الجاهلية

- ‌المبحث التاسع عشر: علمنا رسول الله أن نستعيذ بالله أن نفعل بالناس أو يفعل بنا فعل الجهال

- ‌المبحث العشرون: حذر رسول الله من اتخاذ رؤساء جهالا يستفتون فيفتون برأيهم، فيضلون ويضلون

- ‌المبحث الواحد والعشرون: سؤال النبي صلى الله عليه وسلم الله أن يغفر له جهله

- ‌المبحث الثاني والعشرون: من خرج من الطاعة، وفارق الجماعة، فمات أو قتل تحت راية عمية مات ميتة جاهلية

- ‌المبحث الثالث والعشرون: الدعوى والنصرة عصبية: دعوى جاهلية

- ‌المبحث الرابع والعشرون: المعاصي من أمر الجاهلية

- ‌المبحث الخامس والعشرون: التفاخر بالأحساب من عبية الجاهلية

- ‌المبحث السادس والعشرون: ما وضعه رسول الله في حجة الوداع من أمور الجاهلية

- ‌المبحث السابع والعشرون: خيار الناس في الإسلام خيارهم في الجاهلية إذا فقهوا

- ‌المبحث الثامن والعشرون: فضل العلم وقبح الجهل

- ‌المبحث التاسع والعشرون: الجهل له ظلمة تأتي بالحزن وتذهب بالسرور

- ‌المبحث الثلاثون: كفر النصارى نشأ من جهلهم بالحق وضلالهم فيه

- ‌المبحث الواحد والثلاثون: سمى الله العلم نورا، وسمى الجهل ظلمة

- ‌المبحث الثاني والثلاثون: من أسباب فتنة القبر: الجهل؛ حيث يجيب" بلا أدري

- ‌المبحث الثالث والثلاثون: من نواقض الإسلام: الجهل بدين الله وذلك؛ بالإعراض عنه تعلما وعملا

- ‌المبحث الرابع والثلاثون: الجهل يمنع تحقيق معنى " لا إله إلا الله

- ‌المبحث الخامس والثلاثون: هل الجهل يؤثر على صحة الإسلام أو فساده وبطلانه

- ‌المبحث السادس والثلاثون: احذروا فتنة العابد الجاهل

- ‌المبحث السابع والثلاثون: الإنسان تعترضه الآفات فيخلف علمه الجهل

- ‌المبحث الثامن والثلاثون: من مسائل الجاهلية الاقتداء بالعالم الفاسق، أو العابد الجاهل

- ‌فقه التعامل مع غير المسلمين

- ‌تقديم

- ‌الفصل الأول: فيما ينبغي للمسلم عمله مع الوافدين

- ‌المقدمة: في فضل العلم والتحذير من الفتيا بغير علم

- ‌المبحث الأول: كثرة الوافدين للمملكة

- ‌المبحث الثاني وجوب الدعوة إلى الله

- ‌المبحث الثالث: الأخلاق التي ينبغي أن يكون عليها المسلم في دعوته

- ‌المبحث الرابع: النصيحة لمن ذهب إلى بلاد الكفر

- ‌الفصل الثاني: فقه التعامل مع غير المسلمين

- ‌المقدمة:

- ‌المبحث الأول: تعريف فقه التعامل مع غير المسلمين:

- ‌المبحث الثاني: حكم استقدام غير المسلمين للعمل في جزيرة العرب

- ‌المبحث الرابع: استئجار أهل الذمة وتأجير المسلم نفسه منهم

- ‌المبحث الخامس: حكم تأجير الدور على أهل الذمة

- ‌المبحث السادس: معاملة أهل الذمة في البيع والشراء

- ‌المبحث السابع: طعام أهل الكتاب

- ‌المبحث الثامن: حكم نكاح نساء أهل الكتاب

- ‌الفصل الثالث: في الأخلاق التي ينبغي أن تكون معهم

- ‌المبحث الأول: معاملة الكفار عند اللقاء وكراهية أن يبدؤوا بالسلام. وكيف يرد عليهم

- ‌المبحث الثاني: معنى السلام

- ‌المبحث الثالث: حكم التحية بغير السلام لغير المسلمين ومخالطتهم والعمل معهم:

- ‌المبحث الرابع: حكم تهنئتهم بالأفراح

- ‌المبحث الخامس: حكم صلة الكفار والإحسان إليهم

- ‌المبحث السادس: عيادة المرضى من غير المسلمين

- ‌المبحث السابع: حكم تعزية غير المسلمين واتباع جنائزهم

- ‌المبحث الثامن: حكم التخاطب بلفظ صديق أو رفيق أو أخ

- ‌الخاتمة:

- ‌مسؤولية الجاني عنعلاج المجني عليه وضمانتعطله عن العمل

- ‌المبحث الأول: مسؤولية الجاني عن علاج المجني عليه فيما سببه الجناية:

- ‌المطلب الأول: إذا أوجبت الجناية قصاصا:

- ‌المطلب الثاني: إذا أوجبت الجناية دية مقدرة:

- ‌المطلب الثالث: إذا أوجبت الجناية حكومة:

- ‌المبحث الثاني: مسؤولية الجاني عن ضمان تعطل المجني عليه عن العمل

- ‌ رأي الحنفية:

- ‌ رأي المالكية:

- ‌ رأي الشافعية والحنابلة

- ‌الفصل الأول: صفات المقرئ والقارئ:

- ‌المبحث الأول: المقرئ آدابه وصفاته

- ‌المبحث الثاني: القارئ آدابه وصفاته

- ‌الفصل الثاني: طرق الأخذ والتحمل عند القراء

- ‌المبحث الأول: العرض على الشيخ

- ‌المبحث الثاني: السماع من لفظ الشيخ

- ‌المبحث الثالث: الإجازة

- ‌المبحث الرابع: الوجادة

- ‌الخاتمة:

- ‌حديث شريف

الفصل: ‌ رأي الشافعية والحنابلة

منافع العبد وغيرها من الأموال فتضمن بمجرد الفوات - أي التعطيل

ص: 321

ج -‌

‌ رأي الشافعية والحنابلة

وأما الشافعية والحنابلة فيمكن تخريج أقوالهم في المسألة على مسألة ضمان منافع الحر والمغصوب بجامع أن كلا من الغصب والجناية تعد ترتب عليه حبس الشخص عن الكسب، وإذا كان الحبس في الأول واقعا بصورة مباشرة وهي وضع

ص: 321

اليد، وفي الثاني بصورة غير مباشرة وهي الجناية التي أدت إلى قعود المجني عليه وتعطله عن العمل فإن ذلك لا يؤثر؛ لأن القاعدة عندهم أن الحر لا يدخل تحت اليد. ويمكن تلخيص آراءهم فيما يأتي:

القول الأول: أن منافع الحر لا تضمن إلا بالاستغلال فإن لم تستغل فلا يجب ضمانها وهو الأصح عند الشافعية ووجه عند الحنابلة.

قال الغزالي: " وأما منفعة بدن الحر إن استخدامه إنسان ضمنه، وإن حبسه وعطله فوجهان أحدهما: بلى؛ للتفويت، والثاني: لا؛ لأنه فات تحت يد الحر المحبوس "(1).

وفى البيان شرح المهذب للعمراني: " وإن حبس رجل حرا ومات عنده من غير أن يمنعه الطعام والشراب فلا يجب عليه ضمانه. . وإن أقام في يده مدة لمثلها أجرة فإن استوفى الغاصب منافعه وجب عليه أجرته؛ لأنه أتلف عليه منافعه فهو كما لو أتلف عليه ماله، وإن لم يستوفها الغاصب ففيه

(1) الوسيط 3/ 393، 394.

ص: 322

وجهان. . والثاني: لا يجب عليه شيء؛ لأن منافعه تلفت تحت يده " (1).

وجاء في روضة الطالبين للنووي: " ومنها منفعة بدن الحر وهي مضمونة بالتفويت، فإذا قهر حرا وسخره في عمل ضمن أجرته. وإن حبسه وعطل منافعه لم يضمنها على الأصح؛ لأن الحر لا يدخل تحت اليد فمنافعه تفوت تحت يده بخلاف المال "(2).

وفي مغني المحتاج للخطيب الشربيني: " وكذا لا تضمن منفعة بدن الحر إلا بالتفويت في الأصح، فإن حبسه ولم يستوف منفعته لم يستحق شيئا وإن كان صغيرا؛ لأن الحر لا يدخل تحت اليد فمنافعه تفوت تحت يده "(3).

وفي المغني لابن قدامة: " وإن استعمله كرها لزمه أجر مثله؛ لأنه استوفى منافعه وهي متقومة فلزمه ضمانها كمنافع العبد، وإن حبسه مدة لمثلها أجر ففيه وجهان. . والثاني: لا

(1) 7/ 80.

(2)

5/ 14.

(3)

2/ 286.

ص: 323

يلزمه؛ لأنها تابعة لما لا يصح غصبه فأشبهت ثيابه إذا بليت عليه وأطرافه، ولأنها تلفت تحت يديه فلم يجب ضمانها " (1).

وفي الكافي لابن قدامة أيضا: " وإن استعمل الكبير مدة كرها فعليه أجرته؛ لأنه أتلف عليه ما يتقوم فلزمه ضمانه كإتلاف ماله، وإن حبسه مدة لمثلها أجرة ففيه وجهان. . والثاني: لا تلزمه؛ لأنها تلفت تحت يده فلم تضمن كأطرافه "(2).

وفى الإنصاف للمرداوي: " قوله: وإن استعمل الحر كرها فعليه أجرته هذا المذهب وعليه الأصحاب وقطعوا به. . قوله: وإن حبسه مدة فهل تلزمه أجرته؟ على وجهين. . والوجه الثاني: لا تلزمه. صححه الناظم قال الحارثي: وهو الأصح وعليه دل نصه "(3).

ويستدل لهذا بأن المنفعة تابعة لما لا يصح غصبه وهو الحر نفسه؛ لأن القاعدة أن الحر لا يدخل تحت اليد ومن ثم فأشبهت ثيابه إذا بليت عليه وأطرافه فلم يجب ضمانها، ولأنها

(1) 7/ 429، 430.

(2)

3/ 521.

(3)

15/ 125، 126.

ص: 324

تلفت تحت يديه فلم يجب ضمانها.

القول الثاني: أن منافع الحر تضمن وإن لم تستغل وهو الصحيح عند الحنابلة وأحد الوجهين عند الشافعية.

قال الغزالي: " وأما منفعة بدن الحر إن استخدمه إنسان ضمنه وإن حبسه وعطله فوجهان: أحدهما بلى؛ للتفويت "(1).

وجاء في البيان شرح المهذب للعمراني: " وإن لم يستوفها الغاصب ففيه وجهان: أحدهما يجب عليه أجرته؛ لأن ما ضمن بالبدل في العقد الصحيح ضمن بالبدل في الغصب كالمال "(2).

وفي مغني المحتاج للخطيب الشربيني: " والثاني: أنها تضمن بالفوات أيضا؛ لأن منافعه تقوم في الإجازة الفاسدة فأشبهت منافع الأموال "(3).

وجاء في المغني لابن قدامة: " وإن حبسه مدة لمثلها أجر ففيه وجهان: أحدهما: يلزمه أجر تلك المدة؛ لأنه فوت

(1) الوسيط 3/ 393، 394.

(2)

7/ 80.

(3)

2/ 286.

ص: 325

منفعته وهي مال يجوز أخذ العوض عنها فضمنت بالغصب كمنافع العبد " (1).

وفي الكافي لابن قدامة أيضا: " وإن حبسه مدة لمثلها أجرة ففيه وجهان: أحدهما تلزمه الأجرة؛ لأنها منفعة تضمن بالإجارة فضمنت بالغصب كنفع المال "(2).

وفي الإنصاف للمرداوي: " قوله: وإن حبسه مدة فهل تلزمه أجرته؟ على وجهين. . أحدهما: تلزمه وهو الصحيح، صححه في التصحيح وجزم به في الوجيز وغيره، وقدمه ابن رزين في شرحه "(3).

وفي كشاف القناع: " وإن استعمله أي الحر كبيرا كان أو صغيرا كرها أو حبسه مدة فعليه أجرته؛ لأن منفعته مال يجوز أخذ العوض عنها فضمنت بالغصب كمنافع العبد "(4).

ويستدل لهذا بأن منفعته مال يجوز أخذ العوض عنها وتضمن بالإجارة فضمنت بالغصب كمنافع العبد أي قياسا على منافع العبد.

(1) 7/ 429، 430.

(2)

3/ 521.

(3)

15/ 126.

(4)

4/ 78.

ص: 326

وإذا ثبت هذا فعلى الأصح عند الشافعية، وأحد الوجهين عند الحنابلة لا يتحمل الجاني ما نتج عن الجناية من تعطل المجني عليه عن الكسب؛ لأن هذه المنافع لم يستغلها الجاني ولم يستوفها. وعلى الصحيح عند الحنابلة وأحد الوجهين عند الشافعية يمكن القول بجواز تحمل الجاني لتعطل المجني عليه عن الكسب مدة انتظار البرء والحكم بالأرش أو الحكومة. ولكن يبقى عدد من التساؤلات عند القول بهذا الرأي:

1 -

هل تحمل الجاني لذلك مطلق فيلزم به سواء كان المجني عليه فقيرا أم غنيا؟

2 -

وما مدى ما يتحمله الجاني؟ هل هو كامل ما كان المجني عليه يكتسبه قبل تعطله بسبب الجناية، أو يكون بمقدار نفقة المجني عليه، أو يكون مرجع ذلك إلى تقدير القاضي؟

3 -

هل يحسب ذلك من الدية أو الحكومة عندما يحكم بها أم لا؟

ص: 327

صفحة فارغة

ص: 328

الأخذ والتحمل عند القراء

لفضيلة الدكتور / محمد بن سيدي محمد الأمين (1)

المقدمة: - إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له.

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له {أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجَا} (2){قَيِّمًا لِيُنْذِرَ بَأْسًا شَدِيدًا مِنْ لَدُنْهُ وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا حَسَنًا} (3){مَاكِثِينَ فِيهِ أَبَدًا} (4).

وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبد الله ورسوله خاتم الأنبياء وسيد الأتقياء، بلغ الرسالة وأدى الأمانة، ونصح الأمة، لا خير إلا

(1) الأستاذ المشارك في كلية القرآن الكريم بالجامعة الإسلامية.

(2)

سورة الكهف الآية 1

(3)

سورة الكهف الآية 2

(4)

سورة الكهف الآية 3

ص: 329

دل عليه ولا شر إلا حذر منه. تركنا على المحجة البيضاء، نقية صافية ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك.

صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وصحبه الذين تلقوا القرآن من فيه غضا وواظبوا على قراءته تلاوة وعرضا، حتى أدوه إلينا خالصا محضا. ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

وبعد: فإن من تكريم الله للعبد أن يجعله من حملة كتابه التالين له العاملين به القائمين عليه المحافظين لحدوده قال تعالى: {ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ} (1). فقرأة القرآن حملة سر الله المكنون، وحفظة علمه المخزون وخلفاء أنبيائه، وهم أهله وخاصته، وخيرته وأصفياؤه، فالخير كل الخير في تعلمه والعمل به، والشر كل الشر في هجره والابتعاد عنه وترك العمل بما فيه، من استظل بظله فهو من الله في حمى، ومن أعرض عنه فهو في غي وعمى ولقد أحسن من قال:

إن العلوم وإن جلت محاسنها

فتاجها ما به الإيمان قد وجبا

هو الكتاب العزيز الله يحفظه

وبعد ذلك علم فرج الكربا

فذاك فاعلم حديث المصطفى فبه

نور النبوة سن الشرع والأدبا

وبعد هذا علوم لا انتهاء لها

فاختر لنفسك يا من آثر الطلبا

(1) سورة فاطر الآية 32

ص: 330

والعلم كنز تجده في معادنه

يا أيها الطالب ابحث وانظر الكتبا

واتل بفهم كتاب الله فيه أتت

كل العلوم تدبره ترى العجبا

واقرأ هديت حديث المصطفى وسل

مولاك ما تشتهي يقض لك الأربا

من ذاق طعما لعلم الدين سر به

إذا تزيد منه قال واطربا (1)

لقد كان السلف الصالح لهذه الأمة من أشد الناس حرصا على الاهتمام بكتاب الله تلاوة وتعليما بعد سماعهم الأحاديث الدالة على الترغيب في تعلمه واستظهاره من نحو قوله صلى الله عليه وسلم: «خيركم من تعلم القرآن وعلمه (2)» فلا يقدمون على تعلمه شيئا من العلوم، فما أن يعقل الطفل حتى يبدأ في تعليمه حروف أبي جاد ثم قصار السور من المفصل ويلقن ذلك تلقينا خمس آيات أو عشر آيات حتى يتم حفظ كتاب الله أو ما تيسر منه بحسب همته وسعة حفظه وجودة ذهنه، قال ابن عباس رضي الله عنهما: توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا ابن عشر سنين وقد قرأت المحكم.

وعنه: «جمعت المحكم في عهد النبي صلى الله عليه وسلم.

فقيل له: ما المحكم؟ قال: " المفصل (3)».

(1) الوجيز في فضائل الكتاب العزيز: 139.

(2)

صحيح البخاري فضائل القرآن (5027)، سنن الترمذي فضائل القرآن (2907)، سنن أبو داود الصلاة (1452)، سنن ابن ماجه المقدمة (211)، مسند أحمد بن حنبل (1/ 69)، سنن الدارمي فضائل القرآن (3338).

(3)

فتح الباري: 9/ 83.

ص: 331

قال ابن كثير: فيه دلالة على جواز تعليم الصبيان القرآن لأن ابن عباس أخبر عن سنه حين موت رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد كان جمع المفصل، وهو من الحجرات، وعمره إذ ذاك عشر سنين (1).

وكان بعض الشيوخ من المحدثين لا يقبل في حلقة درسه من الطلاب إلا من درس القرآن أولا.

قال حفص بن غياث: أتيت الأعمش فقلت حدثني.

قال: أتحفظ القرآن؟ قلت: لا.

قال: اذهب فاحفظ القرآن ثم هلم أحدثك.

قال: فذهبت فحفظت القرآن ثم جئته فاستقرأني فقرأته فحدثني (2).

(1) فضائل القرآن لابن كثير: 255

(2)

أصول الحديث لمحمد عجاج الخطيب: 107.

ص: 332

وحيث إن القرآن الكريم لا يؤخذ إلا بالتلقي والمشافهة من الشيوخ العدول الضابطين كما نبه على ذلك العلماء فقد عقدت هذا البحث لبيان تلك الوسائل والطرق التي اتبعها علماء القراءات في الأخذ والتحميل واهتمامهم البالغ بطرفي العملية التعليمية وهما القارئ والمقرئ، وما يجب أن يتوفر في كل منهما من شروط وآداب تتفق مع حامل القرآن وما يجب أن يتصف به.

خطة البحث:

المقدمة.

الفصل الأول: صفات المقرئ والقارئ. وفيه مبحثان:

المبحث الأول: المقرئ آدابه وصفاته.

المبحث الثاني: القارئ آدابه وصفاته.

الفصل الثاني: طرق الأخذ والتحمل عند القراء وفيه أربعة مباحث:

المبحث الأول: العرض على الشيخ.

المبحث الثاني: السماع من لفظ الشيخ.

المبحث الثالث: الإجازة من الشيخ.

المبحث الرابع: الوجادة.

الخاتمة.

ص: 333