الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الضعفاء والمساكين الذين لم يستجيبوا للحق؛ طلبوا من الأنبياء والرسل طرد المؤمنين من الضعفاء والمساكين الذين آمنوا بما أرسل إليهم وصدقوا المرسلين، هؤلاء الكفار جهلهم وخبثهم ونجاستهم هي التي جعلتهم يطلبون مثل هذه الطلبات، وعدم علمهم ومعرفتهم بالله وبرسل الله وبشرع الله؛ جعلهم يفكرون بهذه الطريقة التي تنم عن استعلاء وتكبر، لكن وصفهم بأنهم (قوم يجهلون) له دلالته، بل هذا الوصف مطابق للحقيقة بدليل ما طلبوه وتمحلوا فيه. .
المبحث الثالث: قوم لوط الذين كانوا يأتون الرجال شهوة من دون النساء قوم جهلاء عادون نجس
.
قال تعالى: {وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ} (1){أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّسَاءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ} (2){فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ} (3){فَأَنْجَيْنَاهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ قَدَّرْنَاهَا مِنَ الْغَابِرِينَ} (4){وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ مَطَرًا فَسَاءَ مَطَرُ الْمُنْذَرِينَ} (5).
قال ابن كثير: يخبر تعالى عن عبده لوط عليه السلام: أنه أنذر قومه نقمة الله بهم، في فعلهم الفاحشة التي لم يسبقهم إليها أحد من بني آدم، وهي إتيان الذكور دون الإناث، وذلك فاحشة عظيمة؛ استغنى الرجال بالرجال، والنساء بالنساء، قال: 134 {أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ} (6)
(1) سورة النمل الآية 54
(2)
سورة النمل الآية 55
(3)
سورة النمل الآية 56
(4)
سورة النمل الآية 57
(5)
سورة النمل الآية 58
(6)
سورة النمل الآية 54
أي: يرى بعضكم بعضا، وتأتون في ناديكم المنكر؟ {أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّسَاءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ} (1) أي: لا تعرفون شيئا لا طبعا ولا شرعا. . . (2)
قال ابن سعدي: {أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ} (3) أي: الفعلة الشنعاء، التي تستفحشها العقول والفطر، وتستقبحها الشرائع {وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ} (4) ذلك، وتعملون قبحه، فعاندتم، وارتكبتم ذلك، ظلما منكم، وجرأة على الله.
ثم فسر تلك الفاحشة فقال: {أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّسَاءِ} (5) أي: كيف توصلتم إلى هذه الحال، فصارت شهوتكم للرجال، وأدبارهم، محل الغائط والنجو، والخبث، وتركتم ما خلق الله لكم من النساء من المحال الطيبة، التي جبلت النفوس على الميل إليها. وأنتم انقلب عليكم الأمر، فاستحسنتم القبيح، واستقبحتم الحسن. {بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ} (6) متجاوزون لحدود الله، متجرئون على محارمه. . . (7) هذا النجس وهذه النجاسة، وهذا الخبث وهذه الخبائث؛ لا تصدر إلا من الجهلاء الأنجاس، العادون، الذين قد مسخت فطرهم، فأصبح الحق عندهم باطلا، والباطل حقا، وأصبحت الرذيلة عندهم فضيلة، والفضيلة رذيلة، والطهر نجسا،
(1) سورة النمل الآية 55
(2)
تفسير ابن كثير ج 6 ص 209.
(3)
سورة النمل الآية 54
(4)
سورة النمل الآية 54
(5)
سورة النمل الآية 55
(6)
سورة النمل الآية 55
(7)
تيسير الكريم الرحمن ج 5 ص 587.